أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رائد قاسم - مارثون القطيف .. كرنفال للحرية !















المزيد.....

مارثون القطيف .. كرنفال للحرية !


رائد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2942 - 2010 / 3 / 12 - 17:01
المحور: المجتمع المدني
    



لا شك إن مهرجان مارثون القطيف كان خطوة رمزية صاحبه تفاعل جماهيري رمزي من قبل مجتمع متعطش للتغيير ، أكثر من 300 سيدة وفتاة تجمعن محتفلات في مناسبة غير دينية، لا تخضع لسلطة الكهنوت الديني التقليدي، إلا انه بطبيعة الحال وفي ظل نظام اجتماعي يتصف بالجلافة والغلظة خرجت الأصوات المنددة بالمارثون ، باعتباره أقيم من دون موافقة ضمنية من قبل السلطة الدينية التولتارية ، ومن دون الخضوع لضوابطها وتعاليمها الدوغماتية ، وهنا تكمن الإشكالية العويصة ويبرز واقع الترهل والانهيار في أسس وقواعد النظام الاجتماعي السعودي ، فالمجتمعات الخليجية الأخرى تقام بين ظهرانيها احتفالات ومهرجانات خاصة بمناسبات عديدة طوال العام ، ورغم ذلك فان المجتمع الوطني المتسم بالمحافظة والالتزام بالتقاليد والقيم الموروثة لا يلتفت إلى ما يجري فيها من مخالفات جوهرية لنظمه وقيمه ، سواء مورست من قبل أفراد من نفس المجتمع أو من المجتمعات الوافدة، ويعتبرها من ضمن الحريات الشخصية والاجتماعية التي يكفلها القانون ، فعلى سبيل المثال ذهبت إلى البحرين في أيام عاشوراء وهي المناسبة الأهم والأبرز في الفلكلور الديني والاجتماعي لدى الشيعة، وشاهدت كيف إن حدود أجواء عاشوراء التراجيدية محصورة في منطقة معينة من السوق ، إلا انه على بعد أمتار منها فقط تعود الأجواء الطبيعية مرة أخرى، حيث السوق المكتظ بالمرتادين الذين يمارسون العديد من السلوكيات المتضاربة في إطار كفالة وحماية القانون ، وقد اعتاد الجميع على ذلك ، ولم يعد يشكل مصدر لأي توتر ، وكنت أيضا في زيارة لبلدة جد حفص في نفس المناسبة، ورأيت شبان بحرينيين وهم يقومون ببعض الإصلاحات في احد المساجد ومرت عليهم مجموعة من النساء الفلبينيات من الأتي يعملن في المحلات التجارية القريبة ، وكن يرتدين ملابسهن التقليدية الاعتيادية، ولم ينكر عليهن احد ذلك، حيث تجاوز المجتمع البحريني هذه الإشكالية منذ زمن بعيد ، حيث كانت البحرين وما زالت من أكثر الدول انفتاحا اجتماعيا في الخليج ، إلا إن المجتمع البحريني يعتبر في نفس الوقت من المجتمعات التقليدية والمحافظة ، ولكن ذلك لم يمنعه من تقبل الأنماط الاجتماعية الأخرى .
كنت في حوار مع احد شباب المنطقة الشرقية فقال لي إن المنطقة بها الكثير من المعالم الأثرية التي من الممكن أن تكون منطقة جذب سياحي رائع ، فقلت له إن هؤلاء السياح سيمارسون حياتهم الاعتيادية فلن ترتدي نسائهم العباءة أو الحجاب ، وربما يرتدي رجالهم الشورت! وهذا يعني أنهم سيؤثرون بشكل سلبي على مجتمع الفضيلة وربما تتحول مدن المنطقة إلى مدن تمارس فيها الكثير من المحرمات كبعض مدن الخليج سيئة الصيت ! فتغير لونه واضطربت ملامح وجهه ولم يعطي جوابا !!!
ثمة نقطة في غاية الأهمية ، فالمحافظة على النمط الاجتماعي وتطويره وفقا لهويته الحضارية ، وبما ينسجم مع معطيات العصر وانجازات الفكر البشري ليس بالأمر المستحيل، فمجتمعات مثل دبي وكوالالمبور ما تزال مجتمعات محافظة على شخصيتها الحضارية وهويتها الدينية والأخلاقية والقيمية ، ورغم ذلك لم تمتنع عن اللحاق بركب الحداثة، مما يعني إن وصم مجتمع ما بأنه محافظ لا يعني انه متخلف أو رجعي ، فالسويد مثلا مجتمع محافظ ، وقد اقر البرلمان في الأعوام السابقة حظر الدعارة وعرض الأفلام الجنسية وإعلانات التبغ والخمور ، في التزام واضح بالتعاليم الدينية والأخلاقية ، مع إتاحة الفرصة لممارستها من خلال تحويلها إلى جزء من الحريات الشخصية والأنماط الاجتماعية الفرعية ، وفي استفتاء اجري في بريطانيا في العقد الماضي رفضت الأغلبية الساحقة من البريطانيين النظام الجمهوري رغم انه أكثر حداثة وعدالة من النظام الملكي ، ورفضوا تغيير مكانة الملكة وصلاحيات مجلس اللوردات ، ورغم ذلك فان كلا المملكتين ( بريطانيا والسويد) من أكثر الدول احترام وتقديسا لحقوق وحريات الإنسان ومن أكثر الدول تقدما ورقيا .
في بعض المجتمعات كالمجتمع السعودي فان النفط ساعد على إبقاءه محافظا على نظمه ، بل ووفرت له فرصة الانعزال والانغلاق وعدم الحاجة للانفتاح على العالم ، إلا إن ذلك جعل منه مجتمعا استهلاكيا من الطراز الأول، حيث إن بناء اقتصاد حقيقي لا بد أن يقوم على الإنتاج والمعرفة والمشاركة والانفتاح الفعلي على العالم الخارجي ، وتطوير عميق في الأسس الاجتماعية والثقافية والسياسية والقانونية والتشريعية ، إلا إن ذلك لم يحدث ، ونظرا للتطور الإنساني الهائل فان البترول لم يعد يكفي لازدهار المجتمع اقتصاديا فتعقدت سبل الحياة وسادت التناقضات وعانى المجتمع من إشكاليات ومشاكل عميقة ، لم يجد لها حلا حتى الان وما زالت تنخر ببط في الكيان الاجتماعي، منذرة بانفجار وشيك.
مارثون القطيف واجه اعتراضات واسعة النطاق من قبل القوى الدينية الاستبدادية ، التي وجدت فيه بادرة خطر على سلطتها ونفوذها ، يدعمهم في ذلك دعم عريض من قبل جماهير غوغائية متسمة بالغباء الفكري والتخلف الذهني والنكوص الإنساني والرداءة البشرية ، إلا إن حجم المشاركة ونوعيتها ليس سوى دليلا أيضا على رغبة وطنية ، وطموح شعبي ، ووعي جماهيري ، واسع النطاق في الانفكاك من العزلة القهرية ، والسلطة الدينية الاستبدادية ، والنظم الاجتماعية القهرية ، والتعاليم الأخلاقية الطاغوتية، والبدء بالانفتاح والأخذ بمسببات وأسباب التقدم والازدهار والحداثة .
إن المسالة مسالة وقت فقط ، وان الأمور بذات تخرج عن نطاق سيطرة القوى التقليدية ، فالشعب السعودي أشبه بقافلة متوقفة بالقرب من واحة بوسط الصحراء ولم تحدد أي الطريق تسلك ، إلا أنها سئمت البقاء في الواحة وتريد الوصول إلى بر الأمان وشاطئ السكينة ، وبسبب بقائها الطويل في الواحة فقد أغلقت أمامها كافة الطرق ولم يبقى إلا طريق واحد فقط ، أو تبقى في مكانها حتى يجف ماء الواحة ويموت زرعها لتموت معه!!
على السعوديين بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم أن يتذكروا العالمة الجليلة السيدة حياة سندي وكيف أنها ملتزمة بهويتها الشرقية ولم تواجه أي تمييز أو اضطهاد فأبدعت وأنتجت وأصبحت عالمة مشهورة.
وعليهم أن يتذكروا العالمة الجليلة السيدة غادة المطيري وكيف أنها لم تقبل في برنامج الابتعاث الحكومي! فاتجهت للدراسة على حسابها فأبدعت وأصبحت من اللاتي يشار لهن بالبنان، ولم يمنعها عدم التزامها بالحجاب من أن تكون مفخرة لشعبها وأمتها ومجتمعها.
لم أنسى ذلك البر فيسير الهندي الذي يدهن وجهه كل يوم ببول البقرة قبل توجهه لمقر عمله في مركز أبحاث الفضاء الوطني، قائلا البقرة هي أمي بل هي أفضل من أمي!! ، وبعد أداءه لواجبه الديني يذهب لعمله بكل جد واجتهاد ، ويتعامل بكل إنسانية ووطنية مع زملائه من دون أي تمييز أو انعزال .
على السعوديين أن يختاروا ما بين إن يبقوا في الصحراء وحيدين أو أن يسيروا في طريق إخوتهم في الإنسانية والانتماء البشري، واجزم بان الجيل السعودي الجديد من مختلف انتماءاته الدينية والثقافية لن يختار سوى الحرية بكل ما تحمله من نور وسعادة وضياء ، بيد انه حتى ذلك اليوم فان ذاكرة الحرية تكون قد سجلت بان مارثون القطيف كان كرنفال رائع للحرية التي سيتذوقها شعبنا يوم لا محال .



#رائد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة بين المجتمع الديني والمجتمع المدني
- المرأة السعودية .. القانون أولى بأمري
- الطوائف الدينية وجدلية الولاء الوطني (1)
- الليبرالية في عام 2009 ..مكاسب وانجازات
- الشباب السعودي: اعطني حريتي اطلق يدي !
- شريفة الكويتية وشريفة السعودية!!
- الافعى ( قصة قصيرة)
- زواج الأطفال بين الشرع والقانون والطب
- جمهورية السراب
- آهات قاتلة
- الانترنت الديني..... قمع الحرف واضطهاد الكلمة
- وطني .. آه يا وطني!
- المتمردة ( قصة قصيرة)
- اعتقال في محراب الصلاة
- المعمم الشيعي ضحية وجلاد
- الفن وفتاوى الفقهاء ( السيد السيستاني نموذجا)


المزيد.....




- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رائد قاسم - مارثون القطيف .. كرنفال للحرية !