أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهير كاظم عبود - محاكمة المتهم صدام وأعوانه - القسم الأول - من يختص بالتحقيق القضائي مع المتهم صدام















المزيد.....


محاكمة المتهم صدام وأعوانه - القسم الأول - من يختص بالتحقيق القضائي مع المتهم صدام


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 894 - 2004 / 7 / 14 - 07:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كاتب وقاضي عراقي سابق

تواجه القضاء العراقي مهمة جديدة في مواجهة صفحة المحاكمات القانونية لرئيس النظام البائد في العراق وأركان حكمه المخلوع وعائلته المتهمة بشتى الاتهامات الشخصية والوطنية .
وبالرغم مما حصل من شرخ وتهميش للقضاء العراقي خلال العهد الصدامي البغيض ، فأن القضاء العراقي يجد في نفسه الأمكانية في التصدي لمثل هذه المهمة بجدارة ليصدر قراره العادل ويقوم بالإجراءات القانونية في مجالي التحقيق والمحاكمة وبالأساليب القانونية وبالمنظار المدني الطبيعي في مسار المحاكمات العراقية ووفقاً لنصوص قانون العقوبات العراقي النافذ وعلى أساس العقوبات الجنائية المقترنة بهذه النصوص القانونية ، وذلك لأسباب عديدة لامجال لسردها في هذا المقال .
وتشكل صفحة التحقيقات الأولية والأبتدائية والقضائية والأحالة والمحاكمات التي ستجري لصدام ولبقية رموز العهد الدكتاتوري البائد أهمية في التاريخ العراقي ، وملحمة من ملاحم العدالة العراقية ، أرى أن القضاة العراقيين جديرين بالتصدي لها والخوض فيها بالنظر لما يتمتع به القضاة في العراق من ثروة قانونية وخبرة وتاريخ مشهود في المجال القانوني والقضائي وفي تطوير القواعد القانونية والسوابق القضائية .

تم القبض على الدكتاتور العراقي البائد وأنتهت عمليات التحري والتنقيب والبحث المستمر عنه في مناطق متعددة من العراق ، وتم أيداعه في مكان أمين للتحفظ عليه وللمحافظة على حياته ، ولم تتدخل السلطات التحقيقية في شكل المتهم الذي كان قد أختاره طواعية أو في أهانته بأي شكل من الأشكال فقد كان المتهم صدام حسين يرتدي تلك الملابس أصلاً عند القبض عليه ، كما كان أشعث الشعر وطليق اللحية التي يبدو أنه تركها لغرض التمويه والتضليل الذي كان يعتمده في حركته في المنطقة بالشكل الذي كان عليه قبل ان تتم عملية حلق لحيته ( بموافقته ) .
وبعد القبض عليه تولت جهات تحقيقية الأستيضاح منه عن بعض المسائل والأمور الهامة ، وحسب مانقل عنه أنه تعاون مع السلطات التحقيقية وقد أبدى تعاون ملحوظ مع القوات الأمريكية حين كان بنفس الوقت يشعر بالأستفزاز من العراقيين ، وقد جرت مقابلة بعض أعضاء مجلس الحكم الأنتقالي السابق مع المتهم المذكور ، وهذه المقابلة لاقيمة لها في مجال التحقيق الأبتدائي لأنها تجري من قبل أشخاص غير مخولين بالتحقيق أولاً ، أذ لايمكن أعتبارهم أعضاء للضبط القضائي أو مخولين بأستجواب المتهم ، كما أن الحديث كان مجرد مواجهة بين الأعضاء وبيبن المتهم لاعلاقة لها بالتحقيق الذي يعني تمحيص الأدلة التي تم جمعها في مرحلة الأستدلالات وتقديرها من قبل قاضي التحقيق المختص ن بالأضافة الى عدم أعتمادها تحريرياً ضمن محاضر التحقيق في اضبارة القضية .
ومما يمكن ملاحظته في هذا الحال أن التعليقات التي تصدرمن بعض السياسيين أو المسؤولين في السلطة الجديدة السابقة منها أو المؤقتة من أن المتهم صدام ينبغي الحكم عليه بالأعدام أو انه يسجن مدى الحياة أو ان المحكمة تقوم في ساحة من ساحات بغداد ، فأن كل هذه الأمور مخالفة ليس فقط للمنطق ولحقوق الأنسان ، وأنما لمباديء العدالة والقانون العراقي النافذ التي كان المتهم صدام نفسه يستكثرها على الناس فيحرمهم منها ، وهي أقوال للأسف سابقة لأوانها وتدخل في باب التخمينات والتوقعات والأنفعالات والتصورات الشخصية وليس لها علاقة بالواقع وما سيتوصل له القرار القضائي مهما كانت نتيجته ومهما كانت بشاعة الجرائم المرتكبة وحجمها وسعتها وتعدد المجني عليهم في القضايا التي ستثار ضد المتهم . .
في التحقيق الأولي الذي يجري والذي سيكون من قبل جهة قضائية عراقية مختصة بقضايا التحقيق الأصولي وفقاً لنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية ووفقاً لقانون التنظيم القضائي ، وهذا التحقيق يجري بأشراف من قاضي تحقيق مختص .
التحقيق يعني البحث عن الحقيقة و هو عبارة عن الأجراءات التي يتخذها شخص مخول قانوناً ضمن نطاق أحكام القوانين الشكلية في ضوء ظروف القضية والمقدرة والخبرة الشخصية له لأثبات وقوع الجريمة وتنسيب فعلها الى فاعلها لأحالته على المحكمة المختصة لمعاقبته وفق احكام القوانين الموضوعية المرعية .
وأجراءات التحقيق من أهم الأجراءات التي تتخذ بعد وقوع الجريمة أو اسناد التهمة للمتهم ، و تقع على عاتق سلطة التحقيق مهمة جمع الأدلة والتثبت من حقيقة الجرائم المرتكبة وأقامة الاسناد المادي على المرتكب بجميع أدلة الأثبات .
ولابد خلال هذه المرحلة من أحترام كرامة المتهم وتطبيق مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت أدانته ، ووفق هذا المبدأ يتم أحترام أنسانية المتهم وكفالة حقوقه المشروعة التي يكفلها الدستور المؤقت وقانون أصول المحاكمات الجزائية .
والتحقيق الأبتدائي منوط حصراً بقاضي التحقيق أو الهيئة التحقيقية المكلفة بالقضية ، ويعمل تحت آمرة قاضي التحقيق عدد من المحققين العدليين أو محققي الشرطة تحت أشراف قضاة التحقيق وفقاً لما نصت علية الفقرة ( آ ) من المادة ( 52 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، وللقاضي أن ينيب المحققين أو احد اعضاء الضبط القضائي لأتخاذ أجراء معين .
وبهذا فأن التحقيقات الأبتدائية محصورة في قاضي التحقيق والمحقق حيث لايجوز لسواهما القيام بها ، كما أن التحقيق الأبتدائي من الوظائف القضائية التي تختص بها سلطة التحقيق المكونة من رجال القانون الذين هم أدرى من غيرهم بأحكام القانون وبفن التحقيق وأساليب التحقيق مع المتهمين .
ومن بين أهم الأسس والقواعد التحقيقية بالأضافة الى أناطة التحقيق بجهة قضائية فأن التحقيق ينبغي أن يكون مكتوباً وفق محاضر أصولية موقعة من قبل قاضي التحقيق أو المحقق والمتهم حتى تكون حجة على الناس كافة ويجب المحافظة على سرية التحقيق والأسراع بأنجازه والهدف من سرية التحقيق الأبتدائي المحافظة على أدلة الجريمة من أن تعبث بها عناصر تستهدف طمس معالمها أو بعثرة أدلتها ، فاّذا انتهى التحقيق بالكشف عن معالم الجريمة وتثبيت أدلتها انتفت معها الضروريات التي تستلزم السرية .
وأن المحافظة على السرية توجب الكتمان على اخبار التحقيق بانتهاءه وأحالة القضية الى المحاكمة التي غالباً ماتكون جلساتها علنية مفتوحة للجمهور مالم تقرر المحكمة أن تكون جميع الجلسات أو بعضها سرية لايحضرها غير ذوي العلاقة بالدعوى مراعاة للأمن أو المحافظة على الأداب ... الخ . .. ( المادة 152 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ) .
وفي مرحلة التحقيق يتم جمع الأدلة وأجراء الكشف على محل الحادث وسماع الشهود وأجراء التفتيش وضبط الرسائل والمبرزات والوثائق وأستجواب المتهم ومناقشته ، ومن جملة الوسائل التي قررها المشرع العراقي حجز أموال المتهم أذا كانت الجريمة قد وقعت على مال الدولة .
وبعد أكتمال الأجراءات التحقيقية يقوم قاضي التحقيق بتدقيق الأدلة التي توفرت لديه فأن وجد أن الأدلة التي توفرت لاتكفي للأحالة على المحكمة فيقرر حينها الأفراج عن المتهم لعدم كفاية الأدلة للأحالة وفق المادة 130 الفقرة ج من الأصول الجزائية وغلق الدعوى ( مؤقتاً ) وهذا الغلق المؤقت مرتبط بظهور أدلة جديدة خلال مدة سنتين من تاريخ صدور القرار ، حيث لم تجوز الفقرة ج من المادة 302 من الأصول أتخاذ أي اجراء ضد المتهم بعد انتهاء المدة المقررة حتى لو ظهرت أدلة جديدة .
أما اذا وجد القاضي أن الأدلة المتوفرة في القضية التحقيقية كافية لأحالة المتهم على المحكمة المختصة فيقوم بأصدار قرار بالأحالة وفق المادة القانونية المتناسبة مع فعل المتهم .
هذا مايتطلبه في أجراء التحقيق مع المتهم صدام حسين ولايمكن أن يتم أعلان أحد عن حكم دون أجراء تحقيق أصولي ، ولايمكن لأية جهة غير مختصة أن تقوم بأجراء التحقيق ، كما أن القضاء العراقي فقط هو الجهة المختصة بحسم القضايا التي يتهم بها المتهم صدام سواء ماتعلق منها بالحق العام أو القضايا الخاصة .
كما أن نصوص قانون العقوبات يتضمن العديد من النصوص المتعلقة بالعقوبات العامة أو الخاصة مما يجعل النصوص النافذة تفي بالمطلوب أثناء عمليات الأتهام والتحقيق والأحالة من عدمها .
والقضاء العراقي والمواطن العراقي أمام محنة أن يلتزم بأثبات العكس مما كان يقوم المتهم نفسه وسلطته البائدة فيما يخص عدم ألتزامه بالأجراءات القانونية في محاكمات الناس وأتباعه وسيلة المحاكم التي لاترتبط بالقضاء العراقي ولاتطبق النصوص القانونية ، وأعتماد أساليب تخرج عن الوصف البشري أو الحيواني من قبل أجهزة الأمن والمخابرات والأستخبارات في أجراء التحقيقات أو المحاكمات الشكلية والصورية للناس ، أذ ليس من المعقول أن يتم التعامل معه بنفس عقليته الطاغية ودكتاتوريته وظلمه وتعسفه ، وعلى هذا الأساس فسيستفاد المتهم من توفر أحترام حقوق الأنسان له وأجراء التحقيق معه بشكل أصولي ووفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية وسيتم توفير محامين عراقيين للدفاع عنه وستقوم المحكمة بأنتداب من تراه من المحامين للدفاع عنه أذا لم يوافق أحد على التوكل للدفاع عنه ، وتتحمل الخزينة أتعاب المحاماة للمحامي المنتدب .
وفي ظاهرة متناقضة بين العقلية التي كان ينهجها المتهم في محاكمه ودوائره التحقيقية وبين سلطة الشعب العراقي المتطلع نحو دولة عراقية يسودها القانون والدستور وتحكمها قيم الخير والمحبة وأحترام حقوق الأنسان ودولة تتمتع بقيم وأسس المجتمع المدني سيثبت أهل العراق أنهم أكثر أنسانية وألتزاماً في القيم والسلوك من رئيسهم البائد المتهم حين لم يكن يلتزم بأدنى درجات الاخلاق والقيم العراقية .








القسم الثاني
جمع الأدلـــــــة


نقلت صحيفة التايمز عن مصدر رسمي بريطاني قوله ان المدعين المكلفين اعداد ملف الاتهام ضد صدام حسين يواجهون نقص الشهود والادلة لاثبات مسؤولية الديكتاتور العراقي السابق عن الاعمال الوحشية اثناء حكمه. واضاف المصدر ان ايا من المسؤولين الاربعين في النظام السابق الذين اعتقلهم التحالف ليس مستعدا للادلاء بشهادة ضد الرئيس المخلوع.
وقال هذا المسؤول طالبا عدم الكشف عن هويته ان "صدام في السجن لكن المعتقلين الاخرين يعرفون من خلال التجربة انهم اذا كانوا شهود اثبات، فان الانتقام سيشمل افراد عائلاتهم". واوضح مصدر اوردته التايمز ان صدام حسين اخفى جميع الادلة الخطية حول مسؤوليته المباشرة عن جرائم الحرب وضد الانسانية.
( انتهى الخبر ) .
الأدلة التي يوجبها التحقيق الأبتدائي أو القضائي لاتقتصر على الشهود الذين تم القبض عليهم بصفة متهمين مشاركين في جرائم ضد الأنسانية بالأضافة الى جرائم وطنية ضد العراقيين ، مع أن القانون يجيز أن يكون المتهم شاهداً على متهم آخر ، حيث يصار الى تفريق قضيته عن قضية المتهم الذي يقوم بالشهادة ضده .
أن من بين الأدلة التي يتم اعتمادها للعمل في هيئات التحقيق عملية الأستجواب ، ولما يفيد به المتهم من أجابات على الأسئلة التي يوجهها المتهم أهمية كبيرة ، والأستجواب بمعناه أن تتم مسائلة المتهم ومناقشته من قبل المحقق أو قاضي التحقيق المختص عن الأتهامات الموجهة اليه وكذلك مواجهته بالأدلة التي أستطاع المحقق أن يجمعها في دور التحقيق والأستماع الى أقوال المتهم بصدد ماتم عرضه ومناقشته عليه ، ويعد استجواب المتهم من اخطر الأجراءات في مرحلة التحقيق الابتدائي التي تستهدف جمع الادلة ، وفي هذا الأجراء قد يؤدي الأمر الى أقرار المتهم بصحة الأدلة المتوفرة ضده كلها أو جزء منها ، كما قد يعترف بأرتكاب بعض الجرائم المتهم بها أو بقسم منها فيكون هذا الأعتراف دليلاً كافياً للأحالة على المحكمة المختصة ، بالأضافة الى وجود أجراءات في مرحلة جمع الأدلة لاتقل أهمية عن كل ماذكر ، منها الأنتقال والمعاينة على محل الحادث أي بمعنى أجراءات الكشف من قبل السلطة التحقيقية على محل الحادث ، والأستعانة بالخبرة في بعض الأمور والمسائل الفنية التي يحتاج فيها المحقق الى رأي جهة مختصة في قضية معينة ، بالأضافة الى أعتبار السندات الكتابية والمراسيم والأوامر التي لاتستند على نصوص قانونية أو دستورية والرسائل والأوامرالتحريرية أو الشفاهية أدلة مادية يمكن مناقشتها وأستجواب المتهم بدلالتها في دور التحقيق ، كما أن للتفتيش في الأماكن التي كان المتهم يسكنها أو يختبيء بها أو أي مكان له علاقة بالمتهم أو بالجرائم المرتكبة يكون مهماً ومنتجاً في قضية جمع الأدلة ، بالأضافة الى شهادات الشهود وفي قضية المتهم الدكتاتور البائد صدام حسين لايتم تحديد الشهود ضمن العداد التي تم القبض عليها من الزمرة التي كانت تعمل تحت قيادته وجلهم من الشخصيات المهزوزة والمرعوبة منه مدى الحياة .
ان من الممكن ان تقوم سلطات التحقيق بأجراء المواجهة بين المتهمين والتركيز على ما ادليا به من اقوال يعتريها التناقض مما يؤدي بالنتيجة الى التوصل الى صحة أو عدم صحة اقوال احدهما ،
وبالتأكيد أن من بين أعداد المتهمين من ستؤدي اقواله الى أدلة تصب في خانة أدلة الأتهام ضد متهم آخر .
أن مهمة أكتشاف الجرائم والعثور على الأدلة التي تؤدي الى أثبات أرتكابها من قبل المتهم عملية غاية في الدقة والأهمية ، أذ أن الكثير من الجرائم يتم أرتكابها في الخفاء أو بطرق يعمد المتهم لما خبره من عقليه أجلاامية أن يخفي العديد من الأدلة التي توصل اليه ، وغالباً مايجعل الأدلة ضعيفة وغير سهلة المنال ويرتبط كل هذا بفطنة المحقق وذكاءه وأنتباهه ومعرفته بعلم النفس الجنائي أو علم التحقيق الأجرامي ، بالأضافة الى حسن التقدير والكفاءة العالية والأستقلال والنزاهة .
وليس صحيحاً أن المحققين في قضية المتهم صدام البائد يواجهون مشكلة في الشهادات لغرض جمع الأدلة فليس أسهل من أن تجد متهماً بجرائم متعددة من الكثرة بحيث تجد أن المدعين بالحق الشخصي أو أطراف القضية يضعون أنفسهم في خدمة المحقق والاجراءا الأولية التي تمهد لعملية جمع الأدلة .
أذ أن الخوض في توضيح ظروف وملابسات الجرائم ، والأسلوب الذي تم ارتكابها بها ، بالأَضافة الى مايتوفر لهيئة التحقيق من معلومات تتضمنها محاضر التحقيق مما يحفزها على المتابعة وأنجاز القضايا التحقيقية المناطة بها .
ومع أن الخبر الذي أوردته الصحيفة الأنكليزية يشير الى طرف خفي قدرة العصابات الصدامية التي لم تزل غير متأثرة الى حد ما بسقوط الطاغية والقبض عليه ، ولم تزل غير مرعوبة من العراقيين وخشية انتقامهم ، بل العكس فأنها لم تزل تؤثر سلباً في الشارع العراقي فتنشر الجريمة وتزرع الموت وتتحالف مع الشيطان ، مثلما تشير صحيفة التايمز من كون الأنتقام يطال عائلات الشهود أذا أقدموا على الشهادة ضد الطاغية .
أن قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 المعدل حدد اعمال اعضاء الضبط القضائي في المادة 39 منه ، ويعتبر عضو الضبط القضائي مساهم فعال في البحث عن الجرائم ومعرفة فاعلها وجمع المعلومات التي تفيد التحقيق .
والشهادة لاتتحدد في شهادة المتهمين مع الطاغية المتهم ، بل تعني أدلاء أي شخص بالمعلومات التي تتوفر لديه عن الجريمة التي ادركها بحواسه ، سواء اكانت تلك المعلومات لها علاقة بأثبات الجريمة أو ظروف وقوعها أو الملابسات التي أحاطت بها ، والشهادة قانوناً تقوم على أخبار شفوي يدلي به الشاهد ويتم تسجيله في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها ، وتعتبر الشهادة من الأدلة الرئيسية في الأثبات ذلك لأنها تقع بصورة عامة على مسائل مادية لتثبت بالسندات كما هو الحال في الأمور المدنية ، ولأهمية الشهادة في المسائل الجنائية فقد جوز الشارع لكل شخص ان يكون شاهدا مهما كان جنسه او سنه ( باستثناء من يعتبره القانون غير مؤهل للشهادة ) أو وجود مانع لايجيز له أدائها ، وأذا ماقورنت الشهادة بالادلة الاخرى فانه يمكن القول هي الغالبة في الامور الجنائية . وللشهادة موانع تؤدي الى عدم سماعها او عدم الاعتداد بها تكاد تنحصر في الروابط العائلية حددتها المادة 68 من قانون اصول المحاكمات الجزائية .
وعليه فأن امام المحقق أو قاضي التحقيق المختص في هذه القضية مهمة كبيرة وجرائم عديدة بالأضافة الى أمكانيات عديدة للتوصل الى الأدلة التي تثبت أو تنفي الأفعال المسندة للمتهم ، كما أن اعداد الشكاوى والأتهامات المتهم بها موضوع بحثنا من العدد مايعجز عن تصفيته القاضي أو المحقق في فترة زمنية قصيرة ، كما أن الأدلة المتوفرة والتي ستخضع للتمحيص والتدقيق والمناقشة كثيرة ومتشعبة ومرهونة بفطنة المحقق أو المختص بالتحقيق ليستل منها مايفيد القضية سواء منها أدلة الأتهام والأثبات أو أدلة نفي التهمة عن المتهم .
أن الأدلة التي ستتوفر للمحقق وقاضي التحقيق في الأتهامات المسندة الى الطاغية البائد لايمكن أن يتم حصرها ، ومن غير الأنصاف أن يتم الأعتقاد بأن الأدلة قليلة أو أنها تنحصر وتعتمد على عناصر السوء التي تتبع الطاغية القابع في التوقيف بأنتظار محاكمته العادلة ، والتي لم يوفر جزء صغير منها لمواطن عراقي ضمن المحاكم الخاصة البعيدة عن تطبيق العدالة والقانون ، وأن الأيحاء بأن صعوبة ستواجه القضاء العراقي أو هيئة التحقيق الأبتدائي لموازنة الأدلة التي ستتراكم في التحقيق ، والتي ستقررها من ناحية كفاية الأدلة المتوفرة ضد المتهم أو عدم كفايتها للأحالة على المحكمة المختصة .
لذا فأن مايثار من أرهاصات لاتعدو الا تخمينات لغرض الأثارة الصحفية ، أو لأبهار القراء من ناحية الخبر والمعلومة المثيرة ، غير أن الخبر بعيد عن الواقع العملي وماتقوم به الهيئة العراقية المكلفة بالتحقيق مع الطاغية وجمع الأدلة القانونية وموازنتها أستناداً لأحكام فقرات المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ .
أن احالة المتهم الى محكمة الجنايات لاتعني بالضرورة الإدانة ، وأنما هناك إجراءات قضائية للتوصل الى الحقيقة ويتم خلال هذا أعمال مبدأ أن المتهم بريْ حتى تثبت أدانته ، وأن هذه المحاكمات ستخفف من نزعات الانتقام وإخماد نزعة العنف المتقدة في نفوس من تم ذبح أولادهم وأخوتهم وأحبتهم من قبل زمرة النظام البائد .
أن وجود المحاكم العراقية والقضاء العراقي يشكل صمام الأمان الوقائي من إفلات المجرم من العقاب ، أضافة الى تفرد القضاء العراقي بعمليات التحقيق والمحاكمة في جميع القضايا التي تكون من اختصاصه بعد إلغاء المحاكم والتشكيلات الاستثنائية والخاصة التي درج النظام البائد على العمل بها مهمشاً القضاء العراقي ومتجاوزاً على مكانته واختصاصه ومتجاوزاً على نصوص القوانين والدستور ومستخفاً بالأعراف والتقاليد القضائية العريقة .
ومادامت قضية الثأر ترتبط بمدى قناعة الناس بأن دم أولادها وحقوقها محفوظ ولن تضيع وبأن العدالة ستأخذ مجراها ، لذا يجب التركيز على هذا الجانب بديلاً عن الحل العشوائي أو المفرط بالعواطف والمنفعل ، وبما يخدم عملية أستقرار الأوضاع والخلاص وعودة الحياة الطبيعية وسيادة القانون في الحياة العراقية .
أن الأساس الذي تقوم عليه العدالة في العراق الجديد هو عدم أفلات أحد من المتهمين من رموز النظام البائد من المحاكمة والعقاب .
وعلى هذا الأساس فأن المحاكمات القانونية في العراق والتي سيأخذها القضاء العراقي على عاتقه مستنداً على نصوص قانون العقوبات وسالكاً الطريق القانوني المرسوم في متن قانون أصول المحاكمات الجزائية ، سيحدد الإطار القانوني السليم في التحقيق والمحاكمة وضمان محاكمة عادلة وعلنية للمتهمين أضافة الى خلق حالة من الاطمئنان واليقين عند المجني عليهم أو ممن يمثلهم شرعاً أو قانوناً .
لقد عرضت مشروعات المحاضرين في مؤتمر واشنطن الأخير2003والذي حضرته نخبة من القضاة العراقيين من بينهم القاضي فؤاد جواد رضا والقاضي زهير كاظم عبود والقاضي محسن الريسان والقاضي رياض الغبان والمدعي العام شاهين محمد يونس ومجموعة من الحقوقيين العراقيين ، عرضت رؤية قانونية تتناسب مع المستقبل العراقي ، ولابد من التمسك بها والاستفادة منها في المستقبل بعد صدور الدستور العراقي وأرساء قواعد العدالة والقضاء المستقل عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كون المتهم بحاجة الى محام في دور التحقيق تتحمل الدولة أتعابه أذا كان ممن لا يملكون المقدرة على تسديد الأتعاب أو كان ممن لا يتوكل عنه محام ، وأن تكون هذه الأجور تتناسب مع جهده وحجم القضية التي يتوكل عنها ، كما يصار الى تعويض المتهم الذي يتم الأفراج عنه لثبوت براءته أن كان قد تضرر من جراء هذا التوقيف مادياً أو معنوياً .
أن الأدلة والوثائق والشهادات المتوفرة في العراق والتي ستفيد التحقيق والمحاكمة ، يمكن أن تساعد المحقق في إكمال المهمة القضائية والاستعجال بالتحقيق خلال فترة زمنية قصيرة ، كما أن وجود الكوادر القضائية من التي بقيت محتفظة بنقائها وسمعتها في العراق أو تلك التي هاجرت وهربت من جور النظام البائد ، إضافة الى وجود نظام قضائي مستقل ، يمكن أن يشكل دعامة قوية في إرساء أسس محاكمات عراقية علنية عادلة تتوفر فيها كل المستلزمات التي يتطلبها العمل القانوني والقضائي الدولي والعربي .
المحكمة العراقية ستكون بأنتظار صدام ، وهومتهما بالعديد الذي لايحصى من الجرائم الشخصية والوطنية ، وكما نعرف أن الجريمة الجنائية لاتنتهي عقوبتها بالتقادم المسقط .
أن صدام متهماً عراقياً في جرائم قل نظيرها في التاريخ بحق شعب العراق ، وصدام متهم بتضييع مستقبل الأنسان في بلد حوله من بلاد زاهية وتنعم بالخير الوفير والثراء الى بلد فقير يستجدي ابناءه لقمة الخبز ويخاطرون من اجل فرصة العيش ، وعمل بأصرار وبمعرفة في سبيل تخريب كل قيم المنظومة الأنسانية التي بناها أهل العراق مئات السنين ، قبل أن يكون مطلوباً لدول الجوار أو منتهكاً لحقوق الأنسان أو مطلوب دولياً كمجرم من المجرمين الدوليين ، ولهذا سيتوجب عليها محاكمته وفق القانون وأمام محاكم وقضاة عراقيون وهذا ماتطالب به الجماهير العراقية على أختلاف أفكارها وعقائدها وأديانها .
وسيكون القرار الفصل للقضاء العراقي الذي طالما استخف به صدام وطالما أحال العراقيين على محاكم أستثنائية ليس لها علاقة بالقضاء ، ولم يكن من بين قضائها من القضاة الحقيقيين ، وبقرار المحكمة العراقية التي سيكون حكمها خاضعاً للتمييز والتدقيق وفق الأصول وسيكون قرار محكمة التمييز القرار الفصل في أيقاع العقوبة بحق ليس فقط صدام ، وانما أدواته ومنفذي أفعاله الأجرامية أذا ثبت فعلهم الأجرامي .
أن على أجراءات التحقيق والمحاكمة تأثير أيجابي كبير في الكشف على مآسي الشعب العراقي وتثبيت الحقيقة للأجيال القادمة ، بالأضافة الى كون هذه المحاكمات لاترتبط بالنتيجة في أصدار قرار الحكم بحق الطاغية ، بقدر ما أنها ستشكل سفراً قضائياً وتراثاً يراجعه أهل القانون والعاملين في مجال القضاء والعدالة .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيدرالية واللعبة السياسية
- الجميع مدعو دون أستثناء
- ابو حمزة المصري يقع في المصيدة
- أين سيقف السيد حسن نصر الله ؟
- الأكراد سبب بلاء الدنيا
- ذكريات عبقة من الديوانية
- الكلمة حين تقاتل عبد المنعم الأعسم
- توفير العدالة لضحايا الجريمة
- المشروع السياسي الخيالي العربي
- لنحترم حرمة بيوت الله !!
- التعذيب والقسوة في التحقيق
- التحريض في جرائم الأرهاب
- أنتحال أسم الحزب الشيوعي
- تغيير القومية
- الأسماءالمستباحة
- سبايا يزيد العصر
- اما آن لنا
- المستجير من الرمضاء بالنار
- سبايا يزيد العصر
- الشهيد الدكتور محمد زغير الأيدامي


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهير كاظم عبود - محاكمة المتهم صدام وأعوانه - القسم الأول - من يختص بالتحقيق القضائي مع المتهم صدام