أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد القاضي - الشعر الجاهلي ام القرآن الجاهلي















المزيد.....

الشعر الجاهلي ام القرآن الجاهلي


احمد القاضي

الحوار المتمدن-العدد: 2902 - 2010 / 1 / 29 - 13:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مجتمع كالمجتمع المصري متخم بالافيون الديني و لايزدهر فيه الا كل ما له علاقة بالغيبيات والدين يعد صدور كتاب ( في الشعر الجاهلي ) للدكتور طه حسين ومضة عقلية نادرة تم اخمادها في مهدها قبل ان تتسع دائرتها...و لم يسلم الكتاب الذي سيق الي المحكمة من سيوف محاكم التفتيش الاسلامية المسلطة دومآ علي كل فكر عقلاني حر يتجرأ علي النصوص القرون اوسطية المقدسة..كما لم يسلم كاتبه من التهجمات والاتهام بان افكاره الاساسية مسروقة من بعض المستشرقين. ..والدكتور طه لا يخفي اعجابه بمناهج المستشرقين وادواتهم النقدية والبحثية وقد ابدى هذا الاعجاب والتأّثر بصراحة ووضوح في كتابه ( تجديد ذكري ابي العلاء ) حيث اشار في مقدمته الي الآثار التي تركتها في نفسه دروس قدمتها مجموعة من الاساتذة المستشرقين استضيفت في قسم الآداب بالجامعة بحيث غيرت مذهبه في النقد تغييرآ كاملآ.

يعلن المؤلف في هذا الكتاب انه اتخذ من منهج الشك الديكارتي سبيلآ لاثبات شكه في ان جل الشعر المسمي بالشعر الجاهلي هو شعر منتحل تم انتحاله بعد ان استعرت العصبية القبلية من جديد بعد وفاة محمد وعلي وجه التحديد في العصر الاموي وان ظهرت بوادرها في حقبة الخلفاء ....واسباب ذلك الانتحال عديدة في رأيه، منها ان كل قبيلة عربية اخذت تنتحل اشعارآ وتنسبها الي شعراء جاهليين لتفاخر بانه كان لها مجدآ وسؤددآ منذ الماضي القديم قبل ظهور الاسلام.......والموالي بدورهم انتحلوا اشعارآ ونسبوها لشعراء جاهليين تحكي كيف ان الفرس قد سبقوا الي المجد التليد والملك والسلطان وكيف ان الشعراء العرب كانوا يمدحون ملوك الفرس طمعآ في العطايا والحماية..... وانتحل اليهود والنصاري بدورهم الشعر لنفس الاغراض... والي جانب ذلك كانت هناك اسباب دينية لانتحال الشعر ونسبته الي شعراء جاهليين منها محاولة اثبات ان نبوة محمد كانت مترقبة بين العرب واحبار اليهود والنصاري وان الافئدة كانت متلهفه لقدومه..وكذلك لاثبات ان الفاظ القرآن مطابقة للفصيح من لغة العرب في الشعر الجاهلي.

يخلص الدكتور طه حسين الي اطروحة مؤداها ان ما يسمي بالشعر الجاهلي او بالاحرى كثرته المطلقة ( ليست من الجاهلية في شئ، انما هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الاسلام، فهي اسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم واهواءهم اكثر مما تمثل حياة الجاهليين ) ..ويلاحظ الدكتور طه ان هذا الشعر لا يعكس شيئآ من حياة العرب العقلية والدينية آنذاك رغم هيمنة الدين هيمنة كاملة علي حياتهم وانما يعكس ( حياة غامضة جافة برئية اوكالبرئية من الشعور الديني )..وينتهي الي القول بان القرآن هو المرآة الحقيقية لما يسمى بالحقبة الجاهلية وعلي من يريد ان يعرف تفاصيلها باساطيرها وحياتها الدينية والعقلية وعلاقات العرب فيها بجيرانهم ان يلتمس القرآن وليس شيئآ آخر..فالقرآن اذن هو كتاب العصر الجاهلي بامتياز..ويرفض طه حسين مصطلح ( العصر الجاهلي ) ويذهب الي القول بان العرب كانوا ينقسمون حينئذ الي طبقتين طبقة الملأ الاعلى وهي الطبقة المستنيرة الثرية التي تصدت لمحمد وجادلته جدالآ شهد له القرآن نفسه بالمهارة وحاورته حوارآ عقليآ قويآ لم يحسمه الا السيف ولم يكن خافيآ عليها مصادر القصص التي اتي بها محمد....والطبقة الاخري هي طبقة العامة التي لم يكن لها حظ من المال او الاستنارة..وهي الطبقة التي كانت موضوع النزاع بين الملأ الأعلى ومحمد....اولئك يريدون ابقاءهم علي ما هم عليه من دين وهذا يريد ان يجرهم الي دينه الجديد.

وفي مجري بحثه الخطير وعلي وجه التحديد في الفصل الرابع من الكتاب الاول وعنوانه ( الشعر الجاهلي واللغة ) ينسف الدكتور طه حسين صدقية الآيات القرآنية التي تبنت اسطورة ان ابراهيم وابنه اسماعيل شيدا الكعبة في مكة..واكثر من هذا ينفي اية صلة بين العدنانية وهي الجذور القبلية لمحمد وبين اسماعيل....ويشكك اصلآ في الوجود التاريخي لشخص اسمه ابراهيم وآخر اسمه اسماعيل ويقول بالحرف الواحد ( للتوراة ان تحدثنا عن ابراهيم واسماعيل، وللقرآن ان ان يحدثنا عنهما ايضآ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لاثبات وجودهما التاريخي )...ويري انه ليس مضطرآ لتصديق الاحداث التاريخية التي رواها القرآن لمجرد انها جاءت في القرآن...اما قصة بناء ابراهيم وابنه اسماعيل للكعبة ونشأة العرب المستعربة بزواج اسماعيل من قبيلة جرهم هي محض اسطورة في قول الدكتور طه اراد بها القرشيون اعلاء شأنهم وتحقيق مطمعهم في بسط سيادتهم ونفوذهم علي سائر الحجاز وعلي طرق التجارة وعلي باقي القبائل العربية وخاصة ان قريش كانت في القرن السابع الميلادي علي ابواب نهضة سياسية واقتصادية..وكانت اسطورة بناء الكعبة علي يد ابراهيم وابنه اسماعيل تخدم تلك الاغراض السياسية والاقتصادية لتكون مكة قبلة العرب ومكان حجهم وتجارتهم.....ويمضي الدكتور طه في جرأته الفكرية ليقول ان الاسلام جاء واستغل هذه الاسطورة لسبب ديني وسياسي.

يذهب الدكتور طه حسين في الفصل الثاني من الكتاب الثاني وهو بعنوان ( السياسة وانتحال الشعر ) الي تأكيد ان اهم مؤثرين طبعتا حياة العرب بطابع لا يمكن محوه هما الدين والسياسة....وانهما المفتاح والاساس لدراسة اي فرع من فروع التاريخ العربي..ويلاحظ في هذا المنحي كيف ان الصراع بين محمد والقرشيين كان صراعآ دينيآ بحتآ في مكة وبانتقاله الي يثرب تحول الصراع الي ديني وسياسي بالدرجة الاولي، حيث اصبحت القضية لمن تكون الغلبة ليسيطر علي الطرق التجارية ويتحكم في الاقتصاد وخاصة بعد ان قطع محمد الطريق علي قافلة ابي سفيان الامر الذي ادي بدوره الي معركة بدر…ويقول الدكتور طه ان العلاقة بين القرشيين في مكة والاوس والخزرج في يثرب كانت علاقة ودية حميمة ولكنها انقلبت الي علاقة عداوة بالدم وصراع وقتال بعد ان هاجر اليها محمد بدعوته.

وفي سياق الاسطرة التي صاحبت انتحال الشعر في العصر الاموي والعباسي ونسبته الي شعراء جاهليين لاغراض مختلفة كما اسلفنا نقف عند الفصل الثالث من الكتاب الثاني وعنوانه ( الدين وانتحال الشعر ) حيث ينهض الدكتور طه بايراد الاسباب التي ادت الي اسطرة محمد بن عبد الله في قصص واشعار منتحلة...ويقول ان الهدف منها كان يرمي الي اثبات صحة نبوته واقناع العامة بان (علماء العرب وكهانهم واحبار اليهود ورهبان النصارى كانوا ينتظرون بعثة نبي عربي يخرج من قريش اومكة ) فاخترعت الاساطير والقصص لتأكيد صحة ما جاء في القرآن بان النبي محمدآ مكتوب مجئه في التوراة والانجيل ( وان المخلصين من الاحبار والرهبان كانوا يتوقعون بعثة النبي ويدعون الي الايمان به حتي قبل ان يظلّ الناس زمانه )..ويشير الدكتور طه الي ان كتاب ( سيرة ابن هشام ) يمتلئ بمثل هذه الاشعار المنتحلة....ويضيف ان الانتحال رمى ايضآ الي اعلاء وتعظيم شأن محمد في ما يتعلق باسرته ونسبه وقبيلته قريش..ويقول انه لسبب ما اقتنع الناس بان ( النبي يجب ان يكون من صفوة بني هاشم، وان يكون بنوهاشم صفوة بني عبد مناف، وان يكون بنو عبد مناف صفوة بني قصي، وان تكون قصي صفوة قريش، وقريش صفوة مضر، ومضر صفوة عدنان، وعدنان صفوة العرب، والعرب صفوة الانسانية ) وفي اطار عملية ( التصفية والتنقية ) هذه، قام القصاصون مستعينين بالشعر المنتحل ايراد قصص واخبار ترفع من شأن عبد الله وعبد المطلب وهاشم وعبد مناف وتجعل لهم مجدآ ورفعة في الجاهلية...وعلاوة علي ما تقدم، يتناول الدكتور طه شعر الشعراء المتحنفين ويقول انها محمولة عليهم حملآ لاثبات( ان للاسلام قدمة وسابقة في البلاد العربية ) لان ( من احاديثهم ما يشبه الاسلام ).ويدعو الدكتور طه في مجري تحليله الي الا نقبل ما يسمى بشعر الشعراء المتحنفين الا مع الاحتياط و ( الشك غير القليل )

يرفض الدكتور طه حسين نظرية الماضي الجميل او الذهبي ويرفض كل الاساطير التي سطرت لاضفاء المهابة والتقديس علي الماضي القديم كالقول بانهم كانوا ضخام الاجسام واصحاء واطول باعآ في الصدق والاخلاق الحميدة والذكاء ويقول انه يجب ان ننظر الي الاقدمين نظرتنا الي المحدثين مع اختلاف الظروف التاريخية التي احاطت بهم....ويرى ان مصدر هذا التفضيل للقديم هو تلك ( الفكرة التي تسيطر علي نفوس العامة في جميع الامم وفي جميع العصور، وهي ان القديم خير من الجديد، وان الزمان صائر الي الشر لا الي الخير، وان الدهر يسير بالناس القهقري، يرجع بهم الي الوراء ولا يمضي الي الامام ) ..وينتهي الي القول بان الامم المتقدمة صاحبة الحضارة المدنية والتي نالت من العلم حظآ لا يؤمنون بمثل هذا الامر.

وما نخرج به من كتاب ( في الشعر الجاهلي ) ان القرآن هو كتاب العصر الجاهلي...اوكما يقول الدكتور طه حسين هو المرآة التي تعكس حياة العرب الدينية والعقلية والسياسية والتجارية والاجتماعية في ذلك الزمان، وهو الامر الذي لا تجده في الشعر المسمى بالجاهلي....ففيه تتعرف علي رحلتي الشتاء والصيف التجارتين وعلي قصة حرق النصاري في نجران في الاخدود والاساطير عن عاد وثمود وماالي ذلك من القصص والاساطير التي راجت حينئذ..وتتعرف علي آلهة العرب من اللات والعزى ومناة الثالثة الاخري... وعلي علاقة العرب بجيرانهم في سورة الروم وفي قصة اصحاب الفيل والكعبة وغير ذلك من الاشياء التي تجعل من القرآن بحق ديوان الحياة الجاهلية.

وكما قيل ابصر الدكتور طه حسين ما لم يبصره المبصرون..ونستطيع ان نزعم انه هو الوحيد في زمانه الذي فهم الحداثة بمعناها الصحيح فلا مكان للحداثة ان لم تقم علي جثة الاساطير والخرافات والخزعبلات الدينية.ولذا فان اجيالآ من مواطنيه المصريين لم تقرأ كتابه هذا الذي ما يزال رغم مرور اكثر من ثمانين عامآ علي صدوره من المحرمات رسميآ بامر من المؤسسة الكهنوتية الازهرية وكان من الطبيعي ان تفشل الحداثة في وطنه مصر.



#احمد_القاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اول صوت في صندوق عمر البشير الانتخابي
- الكوميديا الالهية علي الطريقة المحمدية
- البيدوفيل واعتساف عائشة
- نبي يضاجع في الخلاء !
- سويسرا افضل حالآ دون مآذن
- لا شئ تم في الخفاء ايها الحالم بعرش اليونسكو
- عودة الي الدكتور القمني
- الدكتور القمني.....ليته سكت!
- واخيرآ...تم تشييع مايكل جاكسون علي الترانيم المسيحية والسنة ...
- البشير والمارستان العربي
- الرد علي برهان غليون في امر توقيف البشير هادر القانون
- بالروح بالدم نفديك يا بشير
- الروائي الطيب صالح في مدح الحاكم بأمر الله عمر حسن البشير


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد القاضي - الشعر الجاهلي ام القرآن الجاهلي