أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - الم سهرا الافعال غير المبررة والتزاوج الفني المفتعل















المزيد.....

الم سهرا الافعال غير المبررة والتزاوج الفني المفتعل


صباح هرمز الشاني

الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 23:34
المحور: الادب والفن
    


هذه هي المرة الثالثة التي يتعرض فيها الفنان رفيق نوري لموضوغي الهجرة ، والدكتاتورية وذلك ضمن العدد نفسه من الاعمال الفنية التي ساهم بتاليفها واخراجها وتصويرها موزعة بين الدراما والمسرح ،وباللغة السريانية على مدى ثلاثة عشر عاما ابتداء من عام 1993 حيث العمل الدرامي الاول له (وطني والاغتراب ) الذي يتناول فيه موضوع الهجرة، مرورا بمسرحية( شموني الشجاعة وابناؤها الثلاثة) عام 1996 الذي يتناول فيها موضوع الدكتاتورية ، وانتهاء بالعرض الذي نحن بصدده (الم سهرا) الذي يتناول فيه كلا الموضوعين اي الهجرة والدكتاتورية في ان.
وهذان الموضوعان المهمان لجملة اسباب موضوعية منها ما يقترن بزوال النظام البائد ومنها ما له صلة بوطأة ظاهرة الهجرة مقارنة ببداية الحرب الايرانية- العراقية وحرب الخليج بالاضافة الى تحسن الوضع الاقتصادي للمواطن العراقي وبعد سقوط بغداد قد استهلكا ولم يعد لهما المفعول السابق لذا فان اثارتهما في الظرف الراهن والتشبث بهما باصرار والحاح غريبين تبدو مسألة عقيمة وغير مجدية وتدل على ان صاحبهما لا يتناول الا تجربته بالرغم من وجود عشرات النصوص المسرحية العالمية التي تتسم بمضامين جادة ورصينة ومحايثة لواقعنا واثبتت تجربة المسارح المبتدئة كمسرحنا السرياني مثلا انها لا تنهض (وهذا الموضوع بحاجة الى وقفة طويلة ) الا من خلال النصوص العالمية وليس المحلية ، ولو رجعنا الى دليل عرض (الم سهرا) تأليف واخراج وتصوير رفيق نوري لوجدنا انه يطلق مصطلح اسلوب (السينما والمسرح ) على عرضه هذا بينما في الحقيقة هو ليس كذلك بقدر ما هو ادعاء لتمويه المتلقي بقصد تغطية المثالب التي تعتوره ،ذلك ان مثل هذا الاسلوب له مميزاته وعندما لا تتضح هذه المميزات في العرض تنتفي مسوغات تقديمه، وتتمثل هذه المسوغات في المسرحيات التاريخية والملحمية التي يصعب تجسيد احداثها على الشاشة وبعكس ذلك باستثناء بعض الضرورات الفنية للمقارنة بين مشهد ولقطة كلا الفنين فان استخدام هذا (الاسلوب)ليس الا من باب ابهار المتلقي ولفت انتباهه الى غرائبية ما يشاهده والانبهار والغرائبية لا ينبعان عن فراغ، وانما عن هدف معين مرسوم ومحدد وكل المشاهد المعروضة على الشاشة افتقرت الى هذه المسوغات وكان بالامكان تجسيدها على خشبة المسرح.
ولعل ما ضاعف في سوء استخدام السينما بالاضافة الى اشكالية الافتقار الى المسوغات المقنعة عدم التمايز بين المسرحية التي تعتمد على ابتكار المفردات والعناصر الفنية لتشكيل تكوينات جمالية بالدرجة الاولى والسينما التي تعتمد على الصور بنفس الدرجة ،فبدلا من الاشتغال كذلك بهدف اختزال الحوار في المسرح وحذف التفاصيل الموجودة على الشاشة او على اقل تقدير الضغط عليها، للأستعانة بالصورة او حركة الفلم بالطريقة الايمائية (البانتوميم) لجأالى استخدام الحوارات الطويلة والوعظية والخطابية المملة في كلا الفنين .
مما ادى الى اقتران فعليهما بمجرد تصوير للكلمات وليس للحدث الدرامي بالنسبة للمسرح والصورة(للسينما) وهذا ما ينطبق ايضا على الاغنيتين اللتين حاول توظيفهما لتصوير مشاهد الانفال في حلبجة والجنوب وسميل اذ فاق فحوى مضامينها الحدث الدرامي ،للصراع القائم بين قوى الخير والشر (هيلين سهرا من جهة وازلام النظام=الاشباح من جهة اخرى ) وسارت بموازاة الاغنيتين , الافلام الوثائقية , على نفس النهج . لتعمق من فجوة سقوط الحدث في شرك الميلودراما عن طريق الكلمة الفارعة و الوثيقة الاكبر من الحدث .
و فضلاً عن ذلك , ان نظريات المسرح الحديثة لا تميل الى جعل المسرح حقلاً لتجارب الفنون الاخرى ( المسرح الشامل )، اذ ان المسرح من وجهة نظر هؤلاء المنظرين وفي مقدمتهم ارتو , كلما كان خالصاً , اي قائماً بحد ذاته و خالياً من شوائب الفنون الاخرى , ارتقى بمستواه وبعكسه قل منه .
على حد زعمه كما جاء في كلمته انه قدم ( اسلوباً جديداً ) مبنياً هذا الزعم على عملية المزج المصطنعة التي قام بها في هذا العرض و على اساس انه يقدم لاول مرة في كردستان .
ان التزاوج بين فنين بشكل قسري , و بدون مبرر او فهم خصائص ومقومات كل منهما لا يولد ( اسلوباً جديداً ), وانما خليطاً غير متجانس و بلا اسلوب و عندما لا يتحلى الفن بأسلوب معين يتجرد من قيمته و لا يبقى له وزن , وسواء كان المخرج واقعياً او حداثوياً فأن الاختلافات بين التمثيل السينمائي و المسرحي تبقى اساسية , اما ان يغض الطرف عن هذه الاختلافات بالأداء المسرحي في كلا الفنين و عدم مراعاة كيفية توظيف مشاهد المسرح المهمة على الشاشة بأعتبار ان الاول يعتمد على المشاهد البعيدة و الثاني على اللقطات القريبة . لتوضيح هذه المشاهد و التأكيد عليها لجذب انتباه المتلقي فهذا يعني انه اما يستخف بثقافة المتلقي او لا يلم بهذه العيوب و النواقص او انه ملم بها و لا يستطيع تجاوزها لأمكاناته الفنية الضيقة و المحدودة . كما ان هذا ( الاسلوب ) سبق و ان تم تقديمه في مدينة اربيل عام 1983 من قبل الفنان ( صباح عبد الرحمن ) في مسرحية ( لاس وخه زال ) وليس كما يدعي انه يقدم لاول مرة .
ومثلما يتكرر موضوعا الدكتاتورية و الهجرة في اعماله الثلاثة لثلاث مرات كذلك تتكرر مفردة ( سرقوه ) فيها بنفس العدد و ذات الصيغة ذلك تحت ذريعة ( وهذا ما ادلى به في الجلسة النقدية لجمعية الثقافة الكلدانية ) بحثاً عن اسلوب يميز عروضه .
العرض المسرحي لا يتشكل من عنصر واحد او مجموعة مفردات لتفجير و تثوير العملية الفنية لاكسابها اسلوبها الخاص , انما هو بوتقة متماسكة تجتمع و تنصهر فيه كل العناصر و المفردات الفنبة بما في ذلك النص و التمثيل و الاخراج و السينوغرافيا و الجمهور , وان الأخلال بأي عنصر ومفردة يؤدي الى تخلخل هذه البوتقة بأتجاه تفريغها من تماسكها الموظف بشكل نشاز في هذا العرض .
توحي مفردة (سرقوه ) الى تعرض (هيلين ) الى عملية اغتصاب من قبل ازلام النظام البائد وكشخصية مسرحية ترمز الى الوطن المغتصب، و الوطن عندما يغتصب لا يستسلم و من الخطأ جره الى هذا الموقف اللا موقف و اذا كانت هيلين انموذج الوطن و الحال هذا فكل المنتمين اليه بلا موقف .
ولعل ما يعزز قيادة توجيه فكرة العرض في هذا الاتجاه او ان ما جعل ان يأخذ هذا المسار هو التركيز على اصابة هيلين بالعقدة النفسية و العودة الى ماضي سهرا ( المؤلم ) وربطه بالحاضر , تمهيدا لهجرة سهرا والتحاق هيلين به دون التفكير بأستحداث شخصيات اخرى تحمل بمقابل النظرة التشاؤمية للحياة قدراً من التفاؤل . لموازنة كفتي المعادلة , تبريراً لزواجهما في النهاية و عودتهما الى ارض الوطن .
و بدون ادنى شك ان الوطن الذي يتعرض للأغتصاب و للعقد النفسية يعجز عن اداء نشاطه و يشل تفكيره عن اتخاذ القرارات بشكل صائب و سليم عكس شخصية هيلين التي تصرفت بحكمة , واقصد ( حكمة المخرج ) عندما اتخذت قرار السفر الى السويد و عادت بسهرا الى ارض الوطن , ولكن ..... اي وطن ؟ ... هذا هو السؤال المهم و الاجابة عنه اهم .... هو الوطن الذي يحكمه الكتاتور مطبقاً المثل الشعبي العراقي ( تي تي تي تي , مثل مارحتي مثل ماجيتي ) اي ان المخرج بدون ان يدري وضع علامة ( اكس ) امام عرضه و الغاه من بدايته الى نهايته .
قد لايكون المخرج ملماً بالنتائج التي افضت اليه توظيف هذا الرمز بشكل سيء ولعل عدم الالمام هذا قاده في استخدام اللازمة ( سرقوه ) بعشوائية وترديدها بمناسبة ودون مناسبة , مما دفع الى انحسار الفعل الدرامي و عدم نموه اتساقاً وتصاعداً مع الرمز ضمن رقعة وحدود الموضوع الاول وهو الدكتاتورية , من حالة الاغتصاب الى حالات اخرى و اتخاذ مواقف مناهضة للأشباح بدلاً من الاستسلام لها و تطوير هذا الموقف الى مواقف اخرى عبر الانتقال من فعل الى اخر , وهكذا مجموعة افعال متلاحقة حيث تصل ذروة الحدث الجوهري لتثوير مضمونه وتفجير شكله الفني في بوتقة العرض المسرحي الهادفة الى تعرية هذا النظام لا الى الاستسلام و الخضوع والخنوع له عبر عقدة هيلين و فرار سهرا .
و الغريب بأعتبار ان لازمته مشحونة بالدراما , الا يفرغها من محتوها في المشاهد الدرامية الا انه يعمل عكس ذلك , عندما تنقلب هذه المشاهد الى مشاهد كوميدية لأضحاك الجمهور بدون سبب ومبرر كما في مشهد تغطية سهرا جسمه بقطعة القماش البيضاء مازحاً مع هيلين لتخويفها و مشهد جلوس الاثنين و ظهرهما للأخر , و مشهد سرقة حبيبها و غنائه للفقراء دون الاغنياء بربطه ب ( قيقعة ) و مشهد تقليد الاشباح اثناء اغتصابها في طريقة كلامهم ومشهد سرقة كتاب ( دولة الخوف ) غير المقنع .
اما لو اخذنا شخصية هيلين من المنظور الطبقي الذي رسمه لها المخرج , انطلاقاً من انحدارها البورجوازي , فهي لا تمثل الوطن و لا ترمز اليه و اغتصابها ينم عن غبائها و لم يأت نتيجة موقف من النظام و انما بفعل اعتكازها على هذا الانحدار المشوب بالعاطفة ( لانها زارت حبيبها بولا في السجن و هي ترتدي افخر الثياب و تتزين بالحلى و الجواهر ) كما هو معروف لسجون النظام ان الشخص السوي يتجنب زيارتها , لا بل يخشى المرور في اقرب شارع اليها فكيف بفتاة جميلة مثل هيلين و اذا كانت هيلين لا تعرف هذه الحقيقة , فالخلل لا يكمن فيها و انما بمن رسم ابعاد شخصيتها القلقة و المضطربة وغير المستقرة و انطلاقاً من هذا الفهم لشخصيتها ان العقدة النفسية التي كانت تعاني منها لم تأت وليدة الاغتصاب و انما جاءت نتيجة العزلة بدليل جهلها لما يدور في سجون النظام , ولكن لان المخرج يريد ان تغتصب هيلين بأي وسيلة كانت لتلتقي ب سهرا الهارب من السجن , للربط بينهما , تبريراً للأتيان بهذه الشخصية و تمهيداً لهروبه الى الخارج فأن انتقالات كل هذه الافعال لا تستند الى ما يسوغها ان تستقر في الحدث .
و للتأكيد على ان سهرا شخصية طارئة على العرض بالرغم من ان عنوان العرض اقترن بأسمه ( وهذا ما سأتناوله فيما بعد ) هو انها بالاضافة الى غياب دورها في تضييق الحدث في الموضوع الاول فقد اساءت بشكل كبير الى هذا العمل بأستحداث موضوع اخر لاصلة له بالموضوع الاول و هو الهجرة , ذلك الانتقال الى هذا الموضوع , انقطع الخيط المشترك بينهما و نسي المتلقي احداث الموضوع الاول .
اقول ان ( سهرا ) شخصية طارئة ذلك انها بالاضافة الى عدم مساهمتها في حصر الحدث في الموضوع الاول , فقد اعتقلت بالتهمة المنسوبة الى ابن عمها السياسي . وليس بفعل موقف ما لها ازاء النظام , لذا فهي بريئة وتتوقع اطلاق سراحها في اية لحظة ومثل هذه النماذج اي التي تثق ببراءتها ولم تخض معترك العمل السياسي , غالباً ما تتجنب اتخاذ القرارات الصعبة كالهروب من السجن وهي محقة في ذلك لانها تفقه سلفاً عواقب نتائجه .
و اذا كان هروب ( سهرا ) من السجن هروباً قسرياً و غير مقنع وبصمات المخرج واضحة فيه , فأن هذه البصمات في مشهد التقاء هيلين ب سهرا في نفس القرية اكثر وضوحاً ذلك ان هيلين بعد اغتصابها رميت بالقرب من قمامة وبعدها سارت على مسافة ومن الحكمة ان تلجأ الى اقرب قرية تصادفها في طريقها وليس ابعد قرية كونها مرهقة وبحاجة الى احتماء و التقت هناك ب ( سهرا ) الهارب من السجن ومن المنطق ان يكون قد هرب من نفس السجن الذي اغتصبت فيه هيلين , لعدم وجود سجن اخر في هذه الصحراء , الاشكالية القائمة هنا هو انه من الطبيعي ان تلجأ هيلين الى اقرب قرية من السجن لانه بعد اغتصابها افرج عنها , اما ان يلجأ سهرا كذلك الى نفس القرية وهو الهارب من السجن فهذا امر غير طبيعي ومقنع لاحتمال تفتيش القرية من قبل ازلام النظام , بأعتبارها اقرب ملجأ للسجن والقاء القبض عليه , لذلك فالمقنع هو التجاؤه الى ابعد قرية وهذا الحل لا يرضي المخرج لانه يفضي الى عدم لقاء هيلين بسهرا وبالتالي اقتصار العرض على الموضوع الاول دون الثاني , واختصار مدة استغراقه من ساعتين الى ساعة واحدة .
ولعل اقتران عنوان العرض ب سهرا هو الاخر امتداد لسلسلة من الهفوات المار ذكرها لان الشخصية الرئيسية هي هيلين وليس سهرا , وان المحور الجوهري للحدث يدور حولها , وهو الاغتصاب فضلاً عن اتخاذه رمزاً للوطن ومنقذ لسهرا من الغربة و الامها , لكل هذه الاسباب وكون , كما نوهت سابقاً , سهرا شخصية طارئة ومقحمة على الحدث فأن اقتران عنوان العرض بهيلين كان اقرب منه الى سهرا .
و في محاولة يائسة منه لأضفاء الغرابة و اللامألوفية على هذا العرض , لم يدع سبيلاً الا و ناشده ( طبعاً على حساب مستوى العرض ) سواءاً كان عن طريق تكرار المعنى او استحداث المشهد او ايحاء الى المكان و الشخصيات كمشهد المطار الزائد لاحاطة المتلقى بهجرة سهرا في مشهد الباخرة السابق له ومشهد كوكب الممل الذي كانت تتدلى منه الاسلاك الكهربائية ومشهد ( الطبيب ) النفساني , الذي من المفترض ان يبادر هو الاتصال ب سهرا لأبلاغه بوجود هيلين بالسويد , ( لانها التقت به وسألت عنه ) تأتي المبادرة بشكل معاكس من سهرا , عن طريق الصدفة لمعالجة حالته الكئيبة ومشهد سهرا في احد فنادق السويد مع ان المكان معروف للملتقي وهو فندق شيراتون – اربيل , شأن الوجوه التي تظهر في الكادر و خاصة ( ابو اللحية ) العازف .
و اذا كان من مفردة بوسعه توظيفها بشكل فني وتتسم بجمالية توحي لاكثر من دلالة هي مفردة ( السلم ) كأداة للرسم من جهة و التعبير عن حالات الشخصيات من جهة اخرى بأعتبارها رمزاً لحالتي السمو و الاحباط صعوداً ونزولاً منها , الا انه وهنا الغرابة فبدلاً من ان يعبر عن حالات السمو من خلال الحوارات التي تدعو الى التفاؤل في اعلى درجات السلم , عمل العكس , فقد جاء في اسفل درجات السلم و هكذا بالنسبة لحالات الاحباط اي في اعلى درجات السلم .
ام في مشهد قطعة القماش الرامز الى الباخرة وهي تمخر عباب البحر ( الهجرة ) بالرغم من الجمالية التي يتسم به فقد سبق ان شاهدته في مسرحيتين كرديتين الاولى هي ( طائر البحر ) لتشيخوف اخراج الفنان المبدع كامران رؤوف والثانية من اخراج الفنان الشاب صديق حسين ( الطائر الذي يرقص لألمه ) , وقد عرضت المسرحيتان في اربيل الاولى في بداية الانتفاضة و الثانية في عام 1999 . لذا فأن هذا المشهد ليس من ابتكاره بل ويعد مسروقاً . ولو عدنا ثانية الى كلمة المخرج لوجدنا فجوة عميقة وبونا شاسعاً بين ما يدلي به من مصطلحات كبيرة و خطيرة و بين مستوى هذا العرض , عندما يشير الى ان هذا العرض يخاطب عقل المتلقي بالصوت و الصورة و الجسد , موحياً بذلك الى تقديم اسلوب حداثوي , بينما في الحقيقة هو ليس الا عرضاً تقليدياً باهتاً و فضفاضاً و انا شخصياً لم اشاهد لا صورة و لا جسداً على خشبة المسرح , بالمفهوم الفني لهذين المصطلحين , بقدر ماسمعت زعيقاً يصم الاذان ,( و توضيح الصورة و الجسد بحاجة الى وقفة طويلة ) , ويأمل ان يلقي الضوء على الطريق المؤدي الى توضيح الملامح الخاصة للمسرح السرياني , بمعنى انه في هذا العرض يسعى الى استثمار المضمون الفكري لملاحم و بطولات شعبنا الكلدواشوري عبر تراثه و فولكلوره و صياغتهما في قالب فني جديد , وبعبارة اوضح ايجاد هوية للمسرح السرياني .
بقدر ما يعد هذا الامل مشروعاً لكل فنان من ابناء شعبنا الا انه ينطوي على قدر كبير من المبالغة لسبب بسيط و واضح جداً و هو بالرغم من التقدم الذي احرزهما المسرح العربي و العراقي و تطورهما الكبير على المسرح السرياني , لم تتوضح و تتبلور لحد الان ملامح مسرحهما ولم يستطيعا ايجاد هوية خاصة لهما مع ان منظري المسرح العربي و مخرجيه ومؤلفيه الكبار يحاولون من نكبة حزيران 1967 تحقيق هذا الهدف .
و ايجاد هوية للمسرح لا تأتي عبر عروض متدنية المستوى , شأن هذا العرض و لا في وسط فني وثقافي شبه ميت و معدوم وانما يأتي ذلك من خلال العروض الجيدة و الحركة الثقافية و الفنية الجيدة ووجود تنظيرات مسرحية وتيارات واتجاهات متعددة و مختلفة في الحركة المسرحية .
بألاضافة الى انه قد تناول موضوعاً او بألاحرى موضوعين لا علاقة لهما لا بمضمون تراث و تاريخ شعبنا و لا بشكله الفني .
ومن غير اللائق لمخرج يدعي باتباع اساليب الاخراج الحديثة , استخدام كلمات و جمل وعبارات لاتعبر عن معناها الحقيقي في العرض , عندما يقول في الدليل : حلمنا في هذا النتاج المسرحي ان نعبر عن الام رجل وامرأة بلغة جديدة ممتعة ومثيرة سيما الكلمتين الاخيرتين اللتين لا نجدهما سوى في قاموس المسرح التجاري .. اما عن الام رجل و امرأة , فحدث ولا حرج لان سهرا كان ........ بلا ألم .....
و النقطة الايجابية الوحيدة التي يمكن تسجيلها لصالح العرض هي اداء الممثلة جاكلين (هيلين) و الشجاعة التي تحلت بها في تجسيد دورها مع ملاحظة عدم تحررها من سلطة المخرج لتقليد ادائه حرفياً.



#صباح_هرمز_الشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية قشور الباذنجان -بين بناء الشخصية - والنظام السابق والح ...
- رواية بابا سارتر.. بين وصف المكان.. والاسلوب الواقعي الساخر. ...
- من يخرج المسرح في عنكاوا من عنق الزجاجة..؟
- الاخراج.. في اغنية التم


المزيد.....




- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - الم سهرا الافعال غير المبررة والتزاوج الفني المفتعل