أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم خليل العلاف - ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع الاجيال















المزيد.....

ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع الاجيال


ابراهيم خليل العلاف

الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 19:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فسرت ثورة 14 تموز 1958 بعدة عوامل ، وكتب عن دوافعها الكثير، ولسنا هنا بصدد الآنيان بهذه العوامل والتفاسير، بل نحن معنيون في هذه العجالة بتسليط الضوء على نظرية مهمة اعتمدها بعض الباحثين والمؤرخين في دراستهم للدوافع الحقيقية التي كانت وراء نشوب ثورة 14 تموز 1958 في العراق. ويطلق على هذه النظرية اسم ( نظرية صراع الأجيال) . وبالتأكيد فهي ليست نظرية جديدة، ذلك أن علماء الاجتماع تحدثوا عنها بإسهاب ولكن المؤرخين جاؤوا ليستندوا أليها في تفسيرهم لبعض الأحداث ومن هذه الإحداث ماوقع في العراق صبيحة يوم 14 تموز 1958 حين خرجت طلائع الجيش ، متمثلة بتنظيم الضباط الأحرار المتعاونين مع قادة جبهة الاتحاد الوطني، لتسقط النظام الملكي الرجعي المتعاون مع الاستعمار البريطاني وتقيم جمهورية العراق.
لقد كان السياسي والمحامي العراقي حسين جميل، وهو أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي من أوائل الذين انتبهوا الى أن ثورة 14 تموز 1958 هي ((ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم)) ، وذلك من خلال كتابه الموسوم:( العراق الجديد) والذي هو بالأصل محاضرة ألقاها في نيودلهي بالهند حيث كان يعمل سفيرا للعراق هناك بتاريخ 29 أيلول 1958 أي بعد اندلاع الثورة بوقت قصير بدعوة من المعهد الهندي للدراسات الدولية التابع لجامعة دلهي. ويعد هذا الكتاب -في اعتقادي- أول دراسة عراقية عن ثورة 14 تموز، وفيها درس المؤلف الثورة ولماذا حدثت؟ وذلك في محاولة منه لوضع وتثبيت الحدود بين ماأسماه ( عراق ماقبل الثورة)و( عراق مابعد الثورة). وقد ركز المؤلف على موضوعين أساسيين، الأول: أوضاع العراق قبل الثورة، وابتداء بالاحتلال البريطاني 1914- 1918، والثورة العراقية الكبرى في 1920، ووقف عند أساليب ووسائل الحكم الملكي، واستقصى تلك الوسائل، ومهد للموضوع المهم الثاني وهو( أسباب ثورة 14 تموز) قائلا: (( أن الطبقة الحاكمة في العراق، لم تستطع أن تدرك أن المجتمع العراقي كان قد تحول ، بالرغم من محاولتها المحافظة على الأوضاع فيه)). وأضاف : (( أن السلطة الحاكمة استخدمت القمع لمنع انتقال الحكم الى الشعب عن طريق ممثليه الحقيقيين الذين يعملون لصالحه))، ووصل المؤلف الى نتيجة مهمة مؤداها: (( أن ثورة 14تموز 1958 كانت انطلاقا للقوى الاجتماعية المتطورة اقتصاديا، والتي منعها النظام القديم من أن تشغل المركز الذي يؤهلها له ذلك التطور الاقتصادي)).
لقد أدرك المستعمرون البريطانيون، طبيعة التحولات التي كانت تجري في المجتمع العراقي ، لكن السلطة الملكية أتذاك ظلت عاجزة عن أن تستوعب هذه التحولات، وتفسح المجال لأجراء بعض الإصلاحات التي كانت تطالب بها القوى السياسية المعارضة، وخاصة الأحزاب البرلمانية التي تؤمن بالوصول الى السلطة عن طريق البرلمان والتطور التدريجي . ويذكر المؤرخ العراقي الدكتور فاضل حسين في كتابه الموسوم: ( تاريخ الحزب الوطني الديمقراطي) أن الانكليز دأبوا على إرسال صحفيين ونواب انكليز لمعرفة اتجاهات الرأي العام العراقي ، وكان هؤلاء يتصلون بزعماء المعارضة ثم يقدمون التقارير الى حكومتهم لاتخاذ مايلزم. وأضاف في كتابه :( سقوط النظام الملكي) أن( صموئيل فول) السكرتير الشرقي في السفارة استطلع سنة 1957 رأي بعض الشباب المثقف المعارضين للحكم الملكي ورغب في معرفة أسباب معارضيهم، فهاجموا الانكليز لمساندتهم ذلك الحكم. وذكر الدكتور مجيد خدوري، المؤرخ العراقي المغترب أن( صموئيل فول) قدم مذكرة الى حكومته اقترح فيها أن تضغط على الحكومة العراقية وتدعوها لأجراء إصلاحات قبل أن يفلت الأمر من أيديها وأيديهم. وأضاف أن( السير مايكل رأيت) السفير البريطاني في العراق قابل عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي قبل الثورة بفترة قصيرة، وحاول أن يقنعه بضرورة أجراء أصلاح اجتماعي واقتصادي وذلك بالتقليل من نفوذ شيوخ العشائر، فأجابه عبد الله بكر أن هؤلاء يعدون العمود الفقري للنظام الملكي.
لقد طور الدكتور مجيد خدوري نظرية صراع الأجيال وذلك بعد فترة طويلة من إصدار كتابه( العراق الجمهوري)، ففي شباط سنة 1987 أجرت معه مجلة أفاق عربية (العراقية )حوارا حول الثورة قال فيه: (( أن الجيل الجديد في العراق شعر بالهوة التي تفصله عن الجيل القديم .. وحاول الجيل الجديد، أن يؤثر على الجيل القديم، فسعى الى الاشتراك في السلطة .. فلم يجد المجال ، بل العكس كان مضطهدا، فبدأت روح التذمر من الأسفل الى الأعلى، وعدم الاكتفاء وفي الوقت ذاته ، كان ها الجيل الجديد يشعر بقوته وقابلياته ،للمشاركة في الحياة العامة ، وعندما لم يجد مجالا للاشتراك حصل الضغط الاجتماعي . وقد حصل في تجربة العراق، أن الضباط استجابوا لمطامح هذا الجيل، لأنهم يشتركون معهم في المعاناة نفسها، فهم أبناء مرحلة واحدة، لهم أمالهم وطموحاتهم المتشابهة وكان ذلك يعني أن الضباط يقوون بثورة على الجيل القديم، ومن ثم يأتي الجيل الجديد ليبدأ مسيرته)).
وبغض النظر عما حدث بعد نجاح الثورة من صراعات بين القائدين العسكريين الزعيم (العميد )الركن عبد الكريم قاسم و العقيد الركن عبد السلام محمد عارف وما تركته تلك الصراعات من أثار سلبية ، فان الذي حدث هو ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم، ونقصد هنا بالجيل القديم، أولئك الذين تسلموا مقاليد الحكم في العراق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية1918 وظهور الكيانات السياسية العربية على أنقاضها ، ومن ذلك كيان العراق السياسي الحديث وأبرز هؤلاء نورى السعيد، وجميل المدفعي، وتوفيق السويدي، وعلى جودت الأيوبي، وارشد العمري، واحمد مختار بابان، وعبد الوهاب مرجان ، وغيرهم من الذين تخرجوا من المدارس والمعاهد العسكرية والمدنية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. أما الجيل الجديد فهم الذين ولدوا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى1918 وتشكيل الدولة العراقية 1921 .
وقد يكون من المناسب هنا الإشارة الى أن بعض السياسيين البارزين في العهد الملكي، قد أكدوا في مذكراتهم التي نشروها بعد سقوط الحكم الملكي على حقيقة الصراع بين الأجيال وأشاروا الى تجاهل السلطة الحاكمة هذه الحقيقة ، ولعل من ابرز هؤلاء خليل كنه ، وهو من المحسوبين على جماعة نوري السعيد، مع انه كان في مطلع حياته السياسية من شباب حزب الاستقلال ،عمل وزيرا للمعارف والمالية وكان نائبا في مجلس النواب ، واصدر بعد الثورة كتابه ( العراق: أمسه وغده) والذي يذكر فيه أن نوري السعيد (( أهمل الشباب، واخفق في تقدير دورهم الفعال في توجيه الرأي العام ، مما حملهم على اليأس من الإصلاح)) وأضاف: أن الناس ، في العراق، قد سئموا وجوه القائمين بالحكم ، وأساليبهم الروتينية التي يسيرون بها البلاد، وكان الشعب يتطلع الى وجوه جديدة تأتي بالإصلاحات المنشودة ولم تتمكن السلطات القائمة آنذاك أن تجاري التطورات الثوري التي اجتاحت بعض البلاد العربية كسوريا ومصر .. فصاروا يتطلعون الى اليوم السعيد الذي تقع فيه الثورة)).
وهكذا كانت الثورة المجيدة التي وقعت صبيحة يوم 14 تموز 1958 نقطة تحول في تاريخ العراق الحديث، وهي لم تأت من فراغ، بل جاءت ضمن سياق حتمي تاريخي في تطور المجتمع العراقي، وحصيلة نضال طويل وشاق من اجل التحرر والاستقلال والتخلص من الظلم والعبودية.
*المصدر :مدونة الدكتور ابراهيم خليل العلاف ورابطها : wwwallafblogspotcom.blogspot.com



#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فائق السامرائي وجهاده الوطني والقومي
- صديق الياس 1928-2000 ..المربي والانسان
- (تاريخ العراق الثقافي ) :كتاب جديد للاستاذ الدكتور ابراهيم خ ...
- عادل نجم عبو والاثار الاسلامية
- الدكتور عمر الطالب وتجربته في جريدة الحدباء (الموصلية )
- محمد طلعت حرب في الموصل
- مقاهي نجيب محفوظ !!
- الشيخ والشاعر محمد عبد الله الحسو وقصيدته الحنين الى شهر سوق ...
- عبد الرزاق السنهوري .. رجل القانون المدني العربي الكبير
- احمد عزت عبد الكريم ودوره في تطوير المدرسة التاريخية العربية ...
- توفيق السمعاني وجريدة الزمان 1937-1963
- خالد العسلي واسهاماته في خدمة التاريخ العربي والاسلامي
- الدكتور عمر الطالب في ضيافة جريدة فتى العراق
- أحمد أمين في بغداد
- مؤسسة الحوار المتمدن ..مؤسسة الواقع والمستقبل
- جمعية المؤرخين والاثاريين العراقيين فرع نينوى : النشأة والدو ...
- رحيل رائد الصحافة الموصلية محمود الجلبي 1927-2009
- المطران سليمان صايغ 1886-1961 وجهوده في توثيق تاريخ الموصل
- حين عرضت مسرحية المروءة المقنعة في الموصل 1950
- المدرسة التاريخية العراقية وتوجهها الوطني


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم خليل العلاف - ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع الاجيال