أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - الوعد الاميركي والقشة الاوروبية















المزيد.....

الوعد الاميركي والقشة الاوروبية


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2850 - 2009 / 12 / 6 - 20:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


تخضع لعبتا التوازنات وعض الاصابع لذات القوانين ، وان كانت الاولى اكثر تجريدا عند الحديث حولها كمصطلح ، والثانية تفوق الاولى من حيث ايغالها في دراماتيكيتها ، لا سيما وانها تعبر عن فعل ملموس .

ولا يخلو الامر من صعوبة الفصل بين اللعبتين في بعض الاحيان، فالفوز والخسارة ، في لعبة عض الاصابع ، محكومان بتوازنات الضعف والقوة .

قد تكون تداعيات الحالة الفلسطينية ـ مع تسارع التحركات السياسية لقيادة السلطة الوطنية ـ من اكثر الحالات تعبيرا عن هذا التداخل ، وان لم تكن الوحيدة ، في منطقة تتعايش مع صراع الارادات ، وغياب القدرة على الوصول الى حلول وسط للقضايا المستعصية ، كمنطقتنا .

ولعل ملامح الاصطفافات ، التي اعقبت هبة السلام الفلسطينية ، وحساسية العامل الزمني ، المرتبط دوما بالمحاولات الاسرائيلية لفرض واقع جديد على الارض ابرز عوامل تقديم الوضع الفلسطيني على صراع الارادات في بؤر ملتهبة اخرى كالعراق ولبنان ، لدى معاينة تداخلات مفهومي التوازنات وعض الاصابع في صراعات المنطقة .

كما تدخل عوامل مثل التعقيدات الممتدة الى اغوار التاريخ السحيقة ـ كالمفاهيم ذات البعد العقائدي ، التي تنطوي على اصداء الروايتين ،الفلسطينية والاسرائيلية للصراع والحق التاريخي ـ والعوامل الموضوعية كالتداخل الديموغرافي ، والتأثير الدولي الناجم عن الاطماع والمصالح ، واتساع حضور اللوبيات العابرة للقارات في تقديم الملف الفلسطيني ، وتنحية ملفات يضفي عليها الصراع الطائفي والمذهبي شيئا من المحلية ، رغم تحولها الى ساحات لتصفية الحسابات .

وعند التطرق للمتغيرات المحتملة في التوازنات الدولية ومستجدات لعبة عض الاصابع التي لم تتوقف بين القيادة الفلسطينية واسرائيل على مدى العقود الماضية ـ سواء اخذت شكل المواجهة الميدانية او المفاوضات ـ يطفو على السطح الجدل الدائر حول ما يمكن ان تصل اليه تطورات الموقف الاوروبي .

ففي بدايات الصراع العربي ـ الاسرائيلي ، ومختلف مراحله ، اخذ التنافس على كسب القارة المشاطئة للدول العربية الواقعة على المتوسط طابعا مختلفا عن السباق غير المتكافئ لاستمالة مراكز صنع القرار الامريكي .

ووفر الاختلاف اعتقادا رسميا وشعبيا عربيا بتفهم العواصم الاوروبية للرؤية والحق العربيين ، وظنونا برغبة عواصم القارة العجوز في اتخاذ مواقف اكثر توازنا من الموقف الاميركي ، المتهم على الدوام بالانحياز لاسرائيل .

لكن الاعتقاد العربي بتباين الموقفين الاميركي والاوروبي لم يصل الى الحد الذي يتيح تصور خروج الاوروبيين عن دور " الحافظة المالية " او " مانع الصواعق " في احسن الظروف .

وفي جميع الاحوال احتفظت النظرة العربية لاوروبا بشكوكها في قدرة القارة على الذهاب بعيدا في تجاوزها للسياسة الاميركية .

فقد بقيت المصالح عاملا مؤثرا في البعد الاخلاقي و النظرة الانسانية للصراع المزمن .

وتركت الرؤية العربية الملتبسة للمواقف الاوروبية ظلالا واضحة على آليات فهم وتحليل التسريبات الاسرائيلية حول مشروع اعدته السويد للتعاطي مع تطورات الملف الفلسطيني .

فهناك من يتلبسه اعتقاد بان الذهنية الاوروبية ـ ولا سيما الالمانية ـ لم تزل مثقلة برهاب "الهولوكوست" مما يبقي اصحابها محكومين بعقدة التكفير عن ذنوب الماضي ، وعاجزين عن مغادرة دائرة التأثير الاسرائيلي ، وان اثبتت الحقائق اقتراب الممارسات الاسرائيلية الراهنة من ممارسات النازيين .

لكن الامر لم يخل من حماسة اوصلت اصحابها الى تخوم التعامل مع التحرك الاوروبي باعتباره معيارا واداة لمحاسبة التقصير العربي .

وكما هي العادة ترك غموض ردود الفعل الاوروبية على التسريبات الاسرائيلية ما يكفي للتردد في تكوين وجهة نظر يمكن البناء عليها .

فالمؤشرات الاوروبية المتضاربة لا تساعد على وضعها في سياقات محددة ، والتسريبات جاءت بها صحيفة اسرائيلية وليست على لسان ناطق رسمي اوروبي ، ولا يوجد ما يمنع عواصم القارة الاوروبية من اخذ ردود فعل حكومة اليمين الاسرائيلي ـ المحذرة من الدعوة الى تقسيم القدس ـ في عين الاعتبار .

الا ان البلبلة التي اثارتها صحيفة هآرتس لدى نشرها التسريبات الاوروبية لم تكن بفعل اللبس الاوروبي او الارتباك العربي بقدر ما هي نتيجة لحالة الانكفاء الاميركي .

فقد انقلب الاندفاع الذي اظهره الرئيس باراك اوباما لدى وصوله البيت الابيض الى حالة من الضعف ، تبخرت معها وعوده بحل القضية الفلسطينية على اساس الدولتين ، وموجة الدفء التي احدثها خطابه في جامعة القاهرة بين العرب والمسلمين .

وعجز الادارة الاميركية عن تحقيق الوعود لا يقتصر على الملف الفلسطيني فهو ممتد الى بؤر توتر اخرى كافغانستان وايران والعراق وكوريا .

لكن الازمات الداخلية والخارجية التي تواجهها الولايات المتحدة لا تعني ارتخاء قبضتها عن مجريات الاحداث في مناطق حساسة من العالم كالمنطقة العربية .

وحاجة واشنطن الى تفعيل الدور الاوروبي في مناطق الازمات لا تعني بالضرورة قبولها بالاوروبيين شركاء كاملي الاهلية في ادارة بؤر التوتر .

فالانتقال الاوروبي من المقاعد الخلفية الى مقاعد امامية لا يعني باي حال من الاحوال تولي دفة القيادة .

ويفسر التردد الاوروبي المختلف عليه، والانكفاء الاميركي ـ الذي بات واضحا للعقلانيين ، وارضية خصبة لتحريضات قوى العدم السياسي التي تحقق ذاتها في خصومة الآخر ـ هامش المناورة الواسع الذي تتحرك فيه حكومة اليمين الاسرائيلي .

فالسقف الذي قدمه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما اعلن ما وصف بانه مبادرة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين لا يتعدى الهدنة الجزئية التي لا تلزم صاحبها باي شئ وتضع أي تصرف يقوم به الطرف الاخر في سياق الاجراءات الاحادية الجانب .

وبمحاولته اخراج قضايا القدس و اللاجئين من اجندة المفاوضات التي دعا اليها لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي يسعى نتنياهو لتغييرات في البنية الفوقية الفلسطينية توازى المتغيرات التي تحدثها عمليات الاستيطان ومصادرة الاراضي في الضفة الغربية .

فالمطلوب اسرائيليا من الجانب الفلسطيني في اية مفاوضات مقبلة خفض الطموح الوطني الى حد التسليم بالامر الواقع الاسرائيلي .

والنتيجة الوحيدة للتجاوب مع مثل هذه المناورات دخول الفلسطينيين في متاهات جديدة وكسب مزيد من الوقت بضمان سكوتهم عن الاستيطان ، الامر الذي تدركه القيادة الفلسطينية ، وعلى ارضية ادراكها تمسكت بموقفها الرافض للعودة الى التفاوض دون وقف الاستيطان .

الا ان الوسيط الاميركي اظهر مرونة لافتة للنظر تجاه محاولة التهرب الاسرائيلية رغم ابتعادها عن الخطوات المفترض ان تقوم بها الاطراف المختلفة للاقتراب من رؤيته المعلنة للحل .

فقد تعاملت الادارة الاميركية مع المناورة الاسرائيلية باعتبارها القاء للكرة في الملعب الفلسطيني .

وتتيح مثل هذه النظرة للوسيط الاميركي استثمار الحدث في اثارة الزوابع بحثا عن مخارج للتراجع عن وعود اوباما في اقامة الدولة الفلسطينية وربما التخلي عن رؤية حل الدولتين التي طرحها الرئيس السابق جورج بوش الابن واعتبرت نقلة نوعية في سياسة البيت الابيض تجاه القضية الفلسطينية .

فالتطمينات الاميركية المعلنة منذ اعفاء واشنطن لنتنياهو من شرط الالتزام بوقف الاستيطان ـ واعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن رفضه لهذا التطور ـ لا تقلل من احتمالات الايغال الاميركي في الانحياز للجانب الاسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية .

وهبة السلام الفلسطينية التي كسرت حاجز الصمت تبقى محدودة القدرة على التغيير بافتقارها للوحدة الوطنية والحاضنة العربية الفاعلة .

ففي الوقت الذي يجوب الرئيس عباس العواصم لجلب التاييد والبحث عن اليات ضغط جديدة على الولايات المتحدة واسرائيل تلوح حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى " حماس " بتصورات ومشاريع بديلة لما تطرحه السلطة الوطنية .

كما يهدد وصول النظام الرسمي العربي الى مراحل متقدمة من الغرق في ازماته الداخلية بمزيد من العجز عن تحمله لاعباء الدولة القطرية وبالتالي الحد من القيام بدور اقليمي اكثر فاعلية .

وبالتالي تندرج المراهنة العربية على الدور الاوروبي في سياقات تصدير الازمات البنيوية ، التي تطفو مظاهرها على السطح ، بشكل قد يكون غير مسبوق منذ نشوء الدولة القطرية ، والمآزق السياسية التي تهدد برسم خرائط سياسية جديدة .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك
- الخيارات الصعبة
- ظاهرة الافلاس السياسي
- حاضنة عربية للمزاج العراقي
- عقدة وادي عربة !!
- ملكيرت يطرق جدران الضمير العالمي
- ازمة التمثيل تقلص هامش المناورة الفلسطينية
- المصالحة المستحيلة
- ما تبقى من خطاب حكومة المالكي
- مقامرة - حمساوية - بالذخيرة الحية
- الانكشاف الكوني يضع المنطقة على حافة المواجهة
- غطاء اميركي للاستيطان الاسرائيلي
- انكفاء عربي عن المشهد الاقليمي
- عبث اميركي في حقل الالغام الشرق اوسطي
- الاخوان يتسلقون العملية السلمية
- مشارف الحسم الفلسطيني
- مفاتيح جديدة لقراءة المرحلة المقبلة
- فتح تستعيد زمام المبادرة
- سلام الخريف !!
- تغريبة القدومي تعري الاعلام العربي


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - الوعد الاميركي والقشة الاوروبية