أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - نعمة الملل















المزيد.....

نعمة الملل


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 06:02
المحور: الادب والفن
    


يستحثني‮ ‬عدد من قرائي‮ ‬الكرام برسائل ومكالمات على مواصلة الكتابة في‮ ‬الشأن الثقافي‮ ‬وما‮ ‬يتخلله من تبسيط لبعض ظواهر الكتابة أو الشؤون التي‮ ‬تدخل في‮ ‬إطار المعلومات الخاصة التي‮ ‬لا تخلو من طرافة أو فائدة،‮ ‬وكأنني‮ ‬أرمي‮ ‬لهم بحبل‮ ‬ينقذهم،‮ ‬ولو لحين،‮ ‬من زحمة القيل والقال والكلام الفارغ‮ ‬المكرور الذي‮ ‬يأخذ بخناقنا من‮ (‬طقّة الإبريق إلى حَلّة الهوش‮) ‬كما‮ ‬يقول المثل العراقي؛ ومعناه‮ (‬من وضوء الفجر إلى عودة الرعيان عند الغروب)؛ وكأن ما أكتبه تسللٌ‮ ‬مما‮ ‬يحيق بنا من هموم ومشاكل‮. ‬وتمييع لمواقف نحن مطالبون بالإنتباه إلى ما ترمي‮ ‬إليه،‮ ‬والتوقّي‮ ‬من إساءة الفهم،‮ ‬وخلط الأسود بالأبيض لتضبيب ما نحتاج إليه من صفاء الرؤية ودقّة الرصد وتحديد الموقف،‮ ‬في‮ ‬هذه البيئة السياسية المتلاطمة الأمواج‮.‬

توقفت عن الكتابة في‮ ‬الشأن السياسي‮ (‬العراقي‮ ‬خاصة‮) ‬لجريدة عربية بعد قرابة السنة من المواكبة،‮ ‬لأنني‮ ‬أحسست بمجّانية الكلام وقلة جدواه من ناحية،‮ ‬ولكوني‮ ‬استنفدتُ‮ ‬ما في‮ ‬جعبتي،‮ ‬وخشيت من ملل القراء،‮ ‬كما مللتُ‮ ‬أنا‮.‬

وقد‮ ‬يُظن أن في‮ ‬اتساع قاموس الكاتب وقدرته على التعامل مع أدواته اللغوية والبلاغية منفذاً‮ ‬للهروب من الإعادة والتكرار المثير للملل،‮ ‬وهو ما قد‮ ‬يصح في‮ ‬حالات معيّنة ولدى بعض الكتّاب،‮ ‬ولكن للملل مسببات لا تقهرها اللغة وفنونها،‮ ‬لأنه ذو علاقة بنوازع النفس ورقة المشاعر ورهافة الحس،‮ ‬ورفض ما هو مناقض لطبيعة الأمور وأبعاد الحقيقة‮. ‬وقد نكسر،‮ ‬نحن الكتاب،‮ ‬ملل القراء،‮ ‬بتطرية كتاباتنا ببعض‮ (‬الإحماض‮)‬،‮ ‬وهو ما‮ ‬يؤنس من الحديث،‮ ‬لكي‮ ‬تسلك كتاباتنا الجافة طريقها إلى أفهامهم‮. ‬ولكن ذلك لا‮ ‬يدرأ الملل دائما‮. ‬ذلك أن للملل قوّة لا تُقهر،‮ ‬ولا تنفع معها المغالطات‮.‬

وفي‮ ‬أيامنا نجد بعض الكتاب الذين‮ ‬يرهقوننا‮ ‬يومياً‮ ‬بما‮ ‬يهرفون من الكلام الجاهز والمفردات المكرورة‮ ‬مما لا رابط لأفكاره،‮ ‬ولا طائل وراءه،‮ ‬معزّزاً‮ ‬بصورهم الباسمة أو المتأملة كصورة احمد شوقي‮ ‬المعروفة،‮ ‬دون ملل مما‮ ‬يكررونه كل‮ ‬يوم في‮ ‬أكثر من صحيفة وأكثر من موقع‮.‬

ولست مستغرباً‮ ‬من هذا،‮ ‬فالدائرة المعرفية،‮ ‬والثقافية بوجه عام عند هؤلاء،‮ ‬محدودة من حيث ما تيسر لهم من‮ (‬علم‮) ‬محدود‮. ‬ولكن الموجع في‮ ‬الأمر أن لا‮ ‬يفكّر هؤلاء بمقدار الملل الذي‮ ‬يسببونه للقاريء أو المتابع في‮ ‬وسائل الإعلام التي‮ ‬يستأثرون بالكثير منها‮.‬

تصوّروا؛ أن إذاعة عربية في‮ ‬پاريس تذيع‮ ‬يومياً،‮ ‬كل ربع ساعة،‮ ‬مقتطفات من أقوال أحد أعلامنا في‮ ‬لبنان؛ كل ربع ساعة تعاد الأقوال نفسها،‮ ‬على مدى خمس سنوات،‮ ‬دون أن‮ ‬يمل المذيع والمبرمج والمشرف السياسي‮ ‬والفني‮ ‬والمموّل،‮ ‬وعلينا،‮ ‬نحن المستمعين أن نتشبث بالدماثة ونصغي‮. ‬

هذا الملل الذي‮ ‬يسببه التكرار والإعادة دون معنى مضاف،‮ ‬يخثّر المشاعر،‮ ‬ويبلّد الذهن ويعطل إمكانية التعامل مع الحقيقة‮.‬
‮ ‬
والذين‮ ‬يغالطوننا بمعارفهم المحدودة ولهاثهم وراء موسوعة‮ ‬غينيس التي‮ (‬رفعت رؤوسنا‮) ‬بطبق الحمص والتبولة،‮ ‬بعد أن أحنت رؤوسنا في‮ ‬الوصول إلى حكومة لبنانية وطنية بعد خمسة شهور،‮ ‬مع الحرص على تكرار عبارة‮ (‬الموعد الحاسم بعد‮ ‬يومين‮).‬
‮ ‬دع عنك ما أذاقنا المر والسهد في‮ ‬انتظار قانون الإنتخابات،‮ ‬والتوكيد بلا ملل على وعود مكرورة،‮ ‬خُتمت،‮ ‬بحمد الله بما قاله‮ ‬صديقي‮ ‬عبد الحق البغدادي‮:‬

‮« ‬من فرط ما حاصرنا الشك نسينا لذّة اليقين »

والتساؤل المشروع هنا،‮ ‬هو هل أبقى لنا الملل شيئاً‮ ‬من الأمل؟

‮ ‬الملل عافية،‮ ‬ونحن بحاجة إليه لكي‮ ‬نفسح للعقل أن‮ ‬يتمدد ويتجدد‮. ‬وليت كل نلك المؤسسات السياسية‮ ‬تفرد في‮ ‬برامجها مجالاً‮ ‬للملل ووسائل التعامل معه،‮ ‬وتحويله إلى قيمة فاعلة،‮ ‬فهو مفتاح للوصول إلى حقائق الأمور من خلال ما‮ ‬يفصح عنه من مواقف الناس والتعبير عن مشاعرهم بعد أن‮ ‬غصّوا بالوعود،‮ ‬وضاقوا بالتعابير الجاهزة‮.‬

أما كيف‮ ‬يتحصن الناس من الملل،‮ ‬ففي‮ ‬سعة الإطلاع،‮ ‬والتزوّد بكل ما هو متاح من معارف وثقافات واستقراء وجوه المعرفة،‮ ‬واعتبارها منطلقاً‮ ‬لتحويل الملل إلى قيمة فاعلة؛ فرصيد المعلومات العامة والخاصة للكاتب تمنحه حرية التنقل بين حقول المعرفة التي‮ ‬تأتيه بالجميل والبارع والمؤثر،‮ ‬وهي‮ ‬من الكثرة بحيث صارت تملأ الآلاف المؤلفة من الصفحات المقروءة على الإنترنيت،‮ ‬والتي‮ ‬جمعت معلومات بالعربية تفوق التصور والإستقصاء،‮ ‬بحجم نصف سيكارة‮ !‬

يبقى الملل مقياساً‮ ‬لقيمة ما نقرأ ونسمع ونرى‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق الكتابة
- محمد شرارة الشجرة الوارفة
- مجسّات القلم
- رجلان ... أي رجلين!
- يوسف العاني يلاطف حيرتي
- اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
- أهي عناوين وهمية ؟
- ليس براءة ذمّة
- تحية إلى قمر البصرة
- بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
- أهذا هو الوفاء؟


المزيد.....




- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -
- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - نعمة الملل