أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نزار حمود - أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون














المزيد.....

أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 2748 - 2009 / 8 / 24 - 07:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حديثٌ تناهى إلى سمعي دون غرض ٍ مني أو قـصدْ. صباح الأحد الماضي كنت جالساً على طاولة في مقهى صغير في أحد أسواق مونتريال المغلقة، أتمتع ببرود المكيفات و احتساء فنجان القهوة الذي أنعمت علي به يدا النادلة. في الواقع، لم يخطر ببالي أبداً وأنا محاط بهذا الهدوء الحالم الناعس أن أستمع لمثـل هذا الحديث الذي سمعت والذي لم يصدمني أو يفاجأني بقدر ما أحزنني وجعلني أشعر بالعجز والإحباط والعبثية بخاصة وأنا على بعد آلاف الكيلومترات من بلدي سوريا.
على الطاولة المقابلة جلست مجموعة من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسين ربما، وأخذوا بتجاذب أطراف الحديث إلى أن تبلورت الفكرة الأهم التي كان يود زعيم الجلسة طرحها على جمهوره الصغير.. الفكرة التي تتمثل بشرح وإيضاح، لمن لـَـبُس عليه الأمر وغَـمـُضْ، كيف أن سوريا وطن ٌ محتل وأن المُسـلمين الذين أتوا من الجنوب احتلوها وجعلوا أهلها السريان ضيوفاً في بلدهم عاجزين عن التمتع بحقوق المواطنة الحقة. يبدو أن هذا الواقع الأليم قد حــزَّ بنفس صاحبنا وآلـمَهُ لدرجة أنه قرر الهجرة لـكـندا تاركاً الجَمَـلَ بما حَـمَـلْ للمحتل الغاصب الذي حرمه من هدوء البال وراحة النفس في وطنه الأم. لم أتدخل بالحديث ولم أكن مدعواً للمشاركة به على أية حــال، إلا أنني وجدت نفسي أفتح دفاتري لأخرج ما بها من حوادث مشابهة وما أكثرها.
في إحدى مدارس دائرة سان لوران الابتدائية، والحديث دائماً في مونتريال، عادت ابنتي في أحد الأيام لتطرح علي أسئلة غريبة عجيبة وهي مهتاجة الأعصاب، مضطربة الحال. يتلخص موضوع هذه الأسئلة بطلب معرفة الفرق بين المسلم والمسيحي، وهـل إله المسيحيين مختلف عن إلهنا نحن الإسلام؟ ثم... هل يجب أن ننظر للمسيحي السوري بعـين الريبة والحذر كونه مثل الأمريكان الذين يفعلون ويفتعلون؟؟ وإذا كان المسيحـيون كذلك، فماذا عن أصدقائي وصديقاتي المسيحيين والمسيحيات الذيـــن أحبهم هنا وفي دمشق؟؟؟ والأدهى من ذلك كله ماهو الموقف من أولاد عمي الـذين أمهم مسيحية؟؟؟؟ أما مركز العاصفة فكان أن الفتاة صادقت زميلة لها في المدرسة، مسلمة تنعت المسيحيات بما يليق و لايليق من الصفات، بدءً من الفلتان الأخلاقي إلى الانحراف الديني وصولاً حتى التشكيك بثوابت وبداهات الدين المسـيحي.
في مـوقعِ آخر وتاريخ آخر، حاولت إحدى دور الحضانة المحلية الكندية أن تضع مبدأ احترام الأديان والاختلاف بين الناس موضع التنفيذ، وبالتالي وجدت أنه لزاماً عليها تأمين اللحــم الحلال لزبائنها الصغار، انطلاقاً من أنه لحم مستساغ أكله من قبل الجميع. فما كان من أحد السادة اللبنانيين إلا أن رفض وبشدة المبدأ، محاولاً بكل نشاط وحيوية وحماس منع ذلك. وقد وصل به الأمر أن اشتكى إدارة المؤسسة قائلا ً إنه لايريد لطفله أن يأكل لحماً قـُـرأ عليه اسم الله، الله المسلم وليس إلهه هو المسيحي.
أستطيع إن شئت أن أورد العشرات من هذه الحوادث التي يتناوب بها أفراد الأطراف الدينية المختلفة تبادل وتقاذف الجهل والغباء فيما بينهم. إلا أنني أتساءل... في النهاية.. نهاية المطاف.. إلامَ يرمي أخونا السرياني آنف الذكر من خلال كلامه هذا؟؟ هل هو جاد ٌ فعلاً؟؟ وإذا كان كذلك، ترى هل يريد تحرير بلاده السورية السريانية من وطأة الاستعمار والاستبداد الإسلامي الذي غزاها منذ مايقارب الآن الخمسة عشر قرناً؟؟ ترى هل يريد إعادة الحق الضائع لأصحابه وتوحيد السريان تحت لواء ٍ واحد كي ينهضوا نهضة رجل واحد ويدحروا المستعمر المسلم المتخلف القادم من الجنوب؟؟؟ ثم ما أثر مثل هذا الطرح إن حــُمّل مَـحْمـَل الجـِـدْ على أهله في سـوريا؟؟ وما أثر ذلك على المجتمع السوري ككل؟؟ وأخيراً هل بالإمـكان تحقيق أحلام هذا الطرزان على أرض الواقع؟؟ وإذا كان الجواب لا.. فلماذا الكلام إذا ً؟؟
من جهة ٍ أخرى، ماذا يريد من يُـرضع أولاده الكره والحقد على كل من ليس مشابه له، أي على الآخر، الذي طالما هو ليس مثلي فهو مختلف عني وبالتالي فهو الشر كله وأنا، أنــــــــا( ما أجملني أنا ) الخير كله. ثم إلام تؤول الأمور لو فعلت ذلك كل الطوائف وتفتتاتها وتشعباتها؟؟ هل بالإمكان تخيل نهاية المطاف؟؟ أما آن لنا أن نفهم أن هذا هو بالذات وتر أخيل فينا؟ هل يتطلب الأمر حربا ً جديدة ً، على الطراز اللبناني، كي نفهم أنه ما هكذا تؤكل الكتف! ألا نستطيع أن نضع هذه الترهات جانباً ونلتفت للجوهـر؟؟ أما زلنا واقفين عند مفهوم الإسلام والعروبة، غير قادرين على استيعاب مكنوناته حتى الآن؟؟ هل هذه المهزلة هي الطريق نحو وطن مؤسساتي ديمقراطي؟؟ أننسى كل العيوب والمظالم والتشوهات في بلادنا التي لابد لها من حل سريع وناجع ونلتفت إلى متاهات لامخرج منها سوى الدم والمزيد من الدم؟؟
** أنا أدعي أنني مسلم ٌ مؤمن ٌ عشت ونشأت في سوريا دون أن ألتفت لدين فلان وطائفة فلان
** أنا أدعي أن أصدقائي كانوا ومايزالون، جوقة ً من أمثالي الذين يعتقدون أن الله محبة وأن الوطن محبة
** أنا أدعي أنني أستطيع أن أكون مواطناً ســوريا ً أولا ً، هـمي هـو سـوريا وديني هـو سوريا وأخوتي في هذا الهم هم السوريون أجمعين
** أنا أدعي أننا يجب أن نقاوم بكل ما أوتينا من عزم مثل هذه الممارسات الهرطوقية حيث وجدناها
** أنا أعترف بأني وأمثالي مقـصرين للغاية بحق مبادئنـا. فنحن بصمتنا وسلبيتنا نسمح لقـصيري النظر والمغرضين والمدسـوسين والمدفـوع لهم أن يفعلوا ويقولوا ما يشاؤون
كفانا لعنا ً للظلام وإطفاء ً للشموع في آن ٍ معا ً. طريقنا واضح نحو أوطان تقدمية ومؤسساتية وحضارية وهي، أي هذه الطريق، بعيدة كل البعد عن مستنقعات التعصب من كافة الأشـكال والألوان. كفانا هـُراء ً ولنلتفـت لما يجمع بيننا عوضا ً عما يفرق. فما يجمع بيننا أكبـر بكثير وأجمــل بكثير.
أغفر لنا يا أبتاه لأننا لاندري ما نفعل بأنفسنا





#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر يامّه يا بهية
- العرب أذكياء بالمفرق وأغبياء بالجملة
- الأنا الأعلى
- حدود الفيزياء
- غزة حتما
- الأحزاب والحزب
- إنهم عنصريون ... أليس كذلك ؟
- الذاكرة
- أنا مش كافر
- التدين البديل
- إذا لم تستح فاصنع ماشئت
- دبي... نهاية مدن الملح؟
- مدن الملح
- حلم


المزيد.....




- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نزار حمود - أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون