أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - وحدانيةُ الله من المنظور البهائي















المزيد.....

وحدانيةُ الله من المنظور البهائي


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 04:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مبدأ الوحدانية هو أهم وأعظم مبدأ جاءت به الرسل على تعاقب الأدوار والأعصار، فهو قاعدة الديانات ومحورها الأساسي، وهو أصل العقيدة في كافة المناهج والشرائع السماوية منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا. وليس من المغالاة في شيء قولنا بأن الدين والتوحيد مترادفان، فكل دين سماوي مبني أساساً على مبدأ الوحدانية المحضة لله عز وجل، وهذا أمر متفق عليه، تقره الخاصة والعامة.
ولكن ماهو التوحيد؟ التوحيد أو وحدانية الله هو الاعتقاد القلبي الجازم بأن الله هو الخالق الباري الأحد الصمد، لا شريك ولا نظير، ولا سبيل لمعرفة هويته ولا أمل في اكتناه ذاته." تقدّست ذاته أن تُحاط، وتقدّست كينونته أن تُدرك"(مكاتيب عبد البهاء ج1). ولا يستثنى أحد من العجز عن بلوغ جوهره وحقيقته "إن جميع الأنبياء والأوصياء والعلماء والعرفاء والحكماء قد أقرّوا بعدم بلوغ معرفة ذلك الجوهر الذي هو جوهر الجواهر، وأذعنوا بالعجز عن العرفان والوصول إلى تلك الحقيقة التي هى حقيقة الحقائق"(كتاب الإيقان)-كما أنه من الثابت "أن غيب الهوية وذات الأحدية كان مقدساً عن البروز والظهور والصعود والنزول والدخول والخروج ومتعالياً عن وصف كل واصف وإدراك كل مدرك...لأن جميع من في السموات والأرض قد وجدوا بكلمة أمره وبُعثوا من العدم البحت والفناء الصرف إلى عرصة الشهود والحياة بإرادته....".(كتاب الإيقان)-فالإيمان بالله على هذا النحو هو قمة العقائد في الأديان السماوية. أما بالنسبة لما نجده لدى بعض معتنقي الأديان من انحراف عن جادة التوحيد فهو نتيجة حتمية ومنطقية لتقادم الزمن، وبُعد أصحاب الأديان عن نبع العقيدة الصافي. وفسادهم بفعل الأفكار الطارئة المضلة، وما يترتب على ذلك من سوء فهم للدلالات الموجودة في الكتب المقدسة مما أدى تدريجياً إلى طمس الكثير من الحقائق وتحوير المفاهيم والمعتقدات، لا سيما تلك التي تتعلق بموضوع وحدانية الله. كما لعبت التعصبات والخصومات العقيمة بين معتقدي الأديان المختلفة دوراً بارزاً في محاولة تشويه معتقدات بعضها البعض بحيث يرمي أصحاب كل دين أتباع سائر الأديان بالانحراف والشرك بل وحتى الكفر، في حين أن مبدأ الوحدانية كان ومايزال العامل المشترك الأصلي الموّحَّد بين جميع الرسالات الإلهية.

صحيح أن قابلية العقول عن استيعاب الحقائق والأمور تتطور عبر الأزمنة المتتالية والأجيال المتلاحقة، فما استعصى فهمه على عقول كبار العلماء في القرون الماضية يستوعبه أطفال اليوم بمنتهى السهولة واليسر، لكن ذلك لا يعني بأن ثمة تغيير يجب أن يطرأ على مبدأ الوحدانية، لأن الحقائق ثابتة لا تتغير، إنما المراد هو مايطرأ على مفهوم الناس عن هذه الحقيقة الثابتة الأزلية من تطور نحو الأكمل يتناسب مع تطور العقول والافهام.

وقد يتبادر إلى الذهن سؤال هو: كيف نؤمن بإله لا سبيل لنا إليه ولا أمل في معرفة حقيقته وكنه ذاته؟! الجواب باختصار هو أن الله قد أودع في الإنسان القابلية الفطرية على الاستشعار الغريزي والادراك العقلي المنطقي لوحدانية الخالق، وذلك من خلال الآثار والدلالات المودعة في نفسه وفي الآفاق من حوله " فقد أودع الله في كل شيء آيات عظمته واقتداره"(أبواب الملكوت)-وقد ثبت أن وحدانية الله المتمثلة في وجود مشيئة مطلقة عليا، خارجة عن حيطة الادراك البشري هى علة الخلق، والمدبر لشئون الكون والمتحكم في مصائر الناس؛ أمرٌ أقرته العقول السوية وإذعنت له الفطرة السليمة قديماً وحديثاً لدرجة أن بعض المفكرين يرى أن الايمان بوجود الله هو ثمرة من ثمرات مواهب الإنسان العقلية وفطرته الإنسانية.
لكن الاستشعار الفطري الغريزي والادراك العقلي لا يفيان بالغرض على النحو المطلوب، ذلك لأن الإنسان في الحياة الدنيا يتعرض إلى العديد من العوامل والمؤثرات التى من شأنها أن تحجب بصيرته وتعصف بذائقته الفطرية، فتنتابه الهواجس والشكوك، ويكون فريسة سهلة للانحراف والضياع.
فكان من مقتضى الحكمة الإلهية ارسال الرسل تباعاً لهداية الناس إلى معرفة الخالق والإيمان به، وارشادهم إلى نهجه القويم وصراطه المستقيم. هؤلاء الرسل ينطقون باسمه، ويحكون عنه، ويتكلمون بإذنه، ويتصرفون وفق مشيئته وإرادته، ويصفونه لنا بأجل وأسمى مايمكن للإدراك البشري أن يعي أو يتصور في عالم الوجود من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وهم في نفس الوقت يقدمون لنا المثل الأعلى في التحلي بهذه الصفات من جلال وجمال وقوة وقدرة ورحمة وحكمة وعدل وما إلى ذلك، فيصح تسميتهم بالمظاهر الكلّية الإلهية بما يبدون لنا من الكمالات الربانيّة.
وحيثُ أنه من الحقائق المتفق عليها في هذا المجال أن ذاته تعالى فوق الإدراك البشري ووراء التصور الامكاني" لا تشار بإشارة ولا تعبر بعبارة" فهى إذن مقدسة عن أى وصف ونعت يمكن أن يستوعبه العقل والاحساس البشري في عالم الكيان والوجود ، بدليل أن المجرد لا يدرك بالحواس، والمطلق خارج عن حيز الادراك، لهذا فإنَّ مرد جميع الأسماء والصفات هم مهابط وحيه ومطالع نوره الذين يدلّون عليه، ويقومون مقامه في هذا العالم، وتتحقق معرفته بمعرفتهم، فبتوجهنا إلى هؤلاء الرسل وإيماننا بهم وحبنا وطاعتنا لهم، إنما نتوجه إلى الله ونؤمن به ونحبه ونطيعه من خلال هذه الكينونات المقدسة النورانية التي تسري فيهم روح واحدة وحقيقة مقتبسة من الواحد الأحد. نعم إننا نوحّد الله الفرد الصمد من خلال حَمَلة رسالاته إلينا ونُحملَهم بدورنا رسالة حبنا وولائنا واخلاصنا لله عزّ وجلّ، فهم الواسطة الوحيدة بيننا وبينه.
ولهذا فقد أوجب الله في كل عصر وزمان معرفة رسول ذلك العصر والإيمان به ومبايعته وجعله"أولى بالمؤمنين من أنفسهم"(قرآن كريم-سورة الأحزاب-آية6) . ولا يستطيع أحد أن يدّعي معرفة الله إلا بمعرفته، ولايكتمل إيمان فرد إلا بالإيمان بهذا الرسول وأتباعه، في هذا الخصوص يقول بهاءالله في مستهل الكتاب الأقدس" إن أول ماكتب الله على العباد معرفة مشرق وحيه ومطلع أمره الذي كان مقام نفسه في عالم الأمر والخلق"(الكتاب الأقدس)-وقد أسهب حضرة بهاءالله في بيان مقام مظاهر أمر الله في مواضع شتى من آثاره المقدسة، مؤكداً بأن" من عرفهم فقد عرف الله ومن سمع كلماتهم فقد سمع كلمات الله ومن أقرّ بهم فقد أقرّ بالله، ومن أعرض عنهم فقد أعرض عن الله ومن كفر بهم فقد كفر بالله. وهم صراط الله بين السموات والأرض، وميزان الله في ملكوت الأمر والخلق، وهم ظهور الله وحججه بين عباده ودلائله بين بريته"(من ألواح حضرة بهاءالله)-ومن قبل جاء في القرآن الكريم" إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله"(قرآن كريم-سورة الفتح-آية 10)-وورد قوله تعالى:" ومن يطع الرسول فقد أطاع الله"(سورة النساء-آية80)-وقوله تعالى:" قل ان تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"(سورة آل عمران-آية31)-ومن هنا فإن حبنا واخلاصنا وتجليلنا لصاحب الرسالة الأوحد وهو الله لا إله إلا هو.
في هذا الإطار وبهذا الاعتقاد يستكمل إيماننا بالله سبحانه، ويتجرّد من أدنى شائبة الانحراف والشرك. ومن الخطأ أن نطلق العنان لعقولنا القاصرة وأفكارنا المحدودة في تصور الخالق-أياً كان هذا التصور-ذلك لأن أذهاننا كبشر مخلوق محدود بحدود الزمان والمكان. ومقيدة بقيود التعينات والتشخصات. ونحن في هذه الحال أشبه بعبدة الأصنام مع فارق أن الأصنام لها وجود في عالم الكيان، وأما الحقيقة الالوهية المتصورة في العقول والأذهان ليست إلا وهم وبهتان.لأن الحقيقة الكلية الإلهية المقدسة عن كل نعت وأوصاف.لا تدخل في حيز العقول والافكار حتى يتصورها الإنسان.(مكاتيب عبد البهاء)-وقد لا نجد ما ندفع به تهمة تعدد الآلهة عن أنفسنا. باعتبار أن العقول المختلفة تصدر عنها تصورات متباينة عن الخالق، بحيثُ يكون واحداً على الألسنة، متعدداً في الأذهان والأفئدة!! وعند هذه النقطة بالذات تظهر لنا أهمية الإيمان برسول الوقت باعتباره مظهر وحدانية الله الذي به تظهر سلطنة الله واقتداره وعظمة الله وكبرياؤه".(مناجاة لحضرة بهاءالله)- ففي الإيمان به،والالتفاف حوله والامتثال لتعاليمه وأحكامه توحيد لله الأحد، وتوحيد لصفوف أبناء البشر في التوجه إلى وجهة واحدة، والنظر إلى منظر واحد، والاجتماع إلى"الكلمة السواء" وعبادة معبود واحد هو الله لا إله إلا هو. وذلك هو كمال التوحيد من المنظور البهائي.



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى أهل العالم من صغيره إلى كبيره
- الأدب والدين
- نحو مجتمعات متآزرة في عالم عناصره متفاعلة متحدة
- ماهو الدين ؟؟؟؟
- ما هو الدين؟؟؟؟؟
- فليسقط الخلاف ولنُبعد الاختلاف-فلا خلاف ولا اختلاف
- الوصيّة في البهائية وأهميتها-الجزء الثالث والأخير-(3)
- الوصيّة في البهائية وأهميتها-(2)
- الوصيّة في البهائية وأهميتها
- الزواج فى التشريع البهائى
- حقائق وبراهين للعاشقين
- الرؤية البهائية للمجتمعات المتماسكة
- دلائل الالوهية وبراهينها واثبات لزوم المربي للإنسان منذ الأز ...
- اصحاب الكهف
- من يخط طريق المستقبل-(2)
- من يخط طريق المستقبل؟-(1)
- الأمل في السلام العالمي الذي هو وعد حق
- النظام العالمي القادم والعولمة
- أركان النظم العالمي
- نداءٌ إلى قادةِ العالمِ-تفهُّم مغزى أحداثِ التّاريخ


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - وحدانيةُ الله من المنظور البهائي