أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى الكمري - الرحيل دون عودة














المزيد.....

الرحيل دون عودة


مصطفى الكمري

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 08:22
المحور: حقوق الانسان
    


طلال شاب مغربي يقيم في الولايات المتحدة، حيث حصل على جنسيتها مؤخرا. خلال الأيام الماضية، عاد الى المغرب بعد طول غياب، من أجل زيارة والديه، شأنه في ذلك شأن كل المهاجرين المغاربة الذين يقولون أنه لولا الوالدين و العائلة لانقطع ما يربطهم بالمغرب، لأنهم وجدوا عنه وطنا بديلا يمنحهم الكثير من الحقوق قبل أن يطالبهم بالواجبات، و يجعلهم متساوين مع باقي الناس ينعمون بالكرامة و الحرية في ظل سيادة القانون.

ذهب طلال الى مركز الشرطة من أجل الحصول على البطاقة الوطنية... منزل متسخ في شارع أكثر وساخة، تعلوه راية قديمة ممزقة مال لونها الأحمر الى البياض. ضحك طلال و هو يقارن هذا المركز بمراكز الشرطة في ولاية كاليفورنيا حيث يعيش منذ سبع سنوات، لكنه قال مع نفسه أن الأمر عادي فالمغرب بلد قليل الامكانيات، و من الاجحاف مقارنته مع الولايات المتحدة الأمريكية أقوى دولة في العالم. لكنه عاد ليقول لنفسه أن قلة الامكانيات لا تبرر الوساخة و الاهمال، و أن علما نظيفا بثوب جديد لن يكلف شيئا يذكر، اللهم اهتماما من قبل المسؤولين و حبا خالصا للوطن.

في باب مركز الشرطة تحلق العشرات من النساء و الرجال في شبه فوضى، تلحفهم أشعة الشمس و تعلو في وجوههم بين الفينة و الأخرى صرخات الموظفين، كأنهم متسولون ينتظرون الصدقة لا مواطنون أتوا لقضاء مصلحة ادارية. سأل طلال بعض المنتظرين فمنهم من أخبره أنه ينتظر منذ ساعة دون جدوى، و منهم من جاء بالأمس دون فائدة فعاد اليوم على أمل أن لا يكون مطالبا بالعودة غذا... لأن الموظفين لا يأتون الا بعد التاسعة و النصف، و عندما يحضرون يتركون الناس دون أن يهتموا بقضاء حوائجهم، و يعاملوهم بتعال و عجرفة لا مبرر لها.

تساءل طلال لماذا لا توجد قاعة انتظار تحترم آدمية المواطنين بدل الوقوف كقطيع الأغنام على قارعة الطريق؟ هل الأمر مقصود من أجل اذلال الناس و تمريغ كرامتهم في التراب؟ أم أن وزارة الداخلية بجلالة قدرها لا تملك من المال ما يكفي لشراء بضع كراس، و هي التي تنفق عشرات الملايين من الدراهم لشراء الهراوات و العصي التي تقمع بها المحتجين، و تكسر بها ضلوع العاطلين المطالبين بالعمل؟

عاد طلال أدراجه خاوي الوفاض، بعد أن وقف نصف ساعة ذهبت هباء منثورا، و احساس بالاهانة يغمره من رأسه حتى أخمص قدميه. عاد بعد أن رأى كيف تقضى مصالح البعض بالرشوة أو المعارف حتى لو جاؤوا متأخرين عن كل الناس. و في طريق عودته تذكر كلام المسؤول الأمريكي يوم أخذ الجنسية الأمريكية بأن السفارات الأمريكية حول العالم في خدمته متى ما طلب المعونة أو وقع في مشكلة ما... و تساءل عن جدوى البطاقة الوطنية المغربية و الجواز الأخضر الذي لا يخلق سوى المشاكل دون أن يمنح أي امتياز. و بدأ يتذكر كل ما رآه و حكي له منذ وطأت قدماه المغرب... رشوة الدرك في طريق المطار، ابن خالته الذي وقعت له حادثة سير، و عندما نقل الى المستشفى و هو فاقد الوعي في حالة خطيرة تستوجب التدخل السريع، ربطه الممرضون الى كرسي متحرك حتى لا يحرك رأسه المصاب لأنه كان ينتفض دون وعي، و ترك عند الباب لأن العلاج يستوجب المال... و لولا علم عائلته و قدومها في الوقت المناسب و عمره الذي مازال فيه بقية، لمات دون أن يبذل في سبيل انقاذه ما يستحقه الانسان بل و حتى الحيوان.

أخرج طلال هاتفه المحمول و اتصل بسمسار المنازل ليخبره أنه لم يعد مهتما بشراء بيت. و أسرع في خطاه و قذ اتخذ قرار الرحيل فورا... دون عودة.




#مصطفى_الكمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقة المفقودة واستحالة التقدم
- كثير من الظلم... قليل من العدل
- محرقة من أجل الانتخابات


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى الكمري - الرحيل دون عودة