أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى الكمري - كثير من الظلم... قليل من العدل














المزيد.....

كثير من الظلم... قليل من العدل


مصطفى الكمري

الحوار المتمدن-العدد: 2533 - 2009 / 1 / 21 - 00:52
المحور: حقوق الانسان
    


بعيد الحرب العالمية الثانية، اجتمع الساسة الإنكليز بمهندس السياسة البريطانية ونستون تشرشل، في وقت عصيب جدا من حياة الامبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس: ملايين القتلى واقتصاد منهك وبنية تحتية مدمرة ومآس اجتماعية وإنسانية أدت لشلل في مفاصل الحياة المدنية. كانوا خائفين من المستقبل، و كانوا يرجون نصح القائد، الذي ألهمهم خلال الحرب حتى حققوا النصر الذي كان يراه بعضهم بعيدا. سألهم بهدوئه المعتاد عن حال قطاع العدل و القضاء في البلاد، فكان أن اتفقوا أنه الشيء الوحيد الذي ما زال صالحا في وطنهم و أن القضاة الانجليز مشهود لهم من العدو قبل الصديق بالكفاءة و النزاهة و نظافة اليد، و أن قضاء بلادهم جهاز مستقل بذاته عن السلطة التنفيذية و أنه سلطة فوق كل السلط. ابتسم تشرشل و نفث دخان سيجاره في الهواء، و قال لهم بيقين: اذا لا تخافوا، فانجلترا بخير.

وصدق تشرشل، فها هي انجلترا اليوم واقفة بشموخ، بعد أن نفضت عن نفسها بسرعة قياسية غبار الدمار و مآسي الحرب. و لم تتخلف عن ركب الدول المتقدمة قيد أنملة. بل ما زالت تمتلك من أسباب الحضارة و الرقي و التقدم الانساني، ما يجعلنا ندرك بكل يقين أنه متى ما ساد القانون، و تساوى الناس فعليا في الحقوق كما الواجبات، و تمتع القضاء بالاستقلال الذي يجعله سلطة قائمة الذات بعيدة عن تأثيرات السياسة و المال و النفوذ، فان كل المشاكل يهون حلها و يصير التقدم و رقي الدول تحصيل حاصل و مسألة بضع سنين فقط.

في المغرب و بعد مرور أزيد 50 سنة على استقلال البلاد، هناك من لا يزال يضع العصا في عجلة عدالة الوطن، حيث يعترف كل الفاعلين سياسيين كانوا ام اقتصاديين ام جمعويين ام مثقفين تزكيهم في ذلك جل الدراسات و التقارير الوطنية و الدولية التي همت قطاع القضاء المغربي، انه قضاء مريض يفتقد للمصداقية و النزاهة، و تنخر مفاصله الرشوة، و انه بعيد كل البعد عن الاستقلالية.

إن تناسل الفضائح في قطاع هو بمثابة القلب بالنسبة لجسد الدولة، و تداول الناس فيما بينهم لحكايات من قبيل القاتل الذي اشترى براءته بضيعة فلاحية، أو الأب الذي اشترى براءة ابنه من تهمة الاغتصاب ببعض الملايين، أو ذاك الذي استولى على ميراث اليتامى برشوة قذرة، أو قصة حسن اليعقوبي، زوج عمة الملك محمد السادس، و الذي أطلق النار على شرطي المرور هشام محب دون أن تحرك في حقه المساطر القانونية اللازم اتباعها في هكذا ظروف، أو قصة ابن والي كلميم الذي كان قتل مواطنا بريئا و فر من عناصر الشرطة و هو يقود سيارته سكرانا، ليخرج في الأخير من القضية كالشعرة من العجين، بعد أن قدم محاموه شواهد تتثبت مرضه النفسي... تجعل الحديث عن دولة الحق و القانون مجرد ضحك على الذقون.

لقد حرم الله الظلم على نفسه و أمر الناس أن لا يتظالموا، و أوصى الحاكمين بينهم أن يحكموا بالعدل، لعلمه الذي يحيط كل شيء، أنه أساس الملك. فلا تقوم قائمة الدولة، ولا يعم الرخاء أبناءها ولا تنعم جهاتها و أقاليمها بالأمن و الأمان في وقت يسود فيه الظلم و يصبح فيه القانون سلعة معروضة للبيع في المزاد العلني لا يستطيع شراءها إلا الأغنياء و النافذون.

كثير من المستثمرين يمتنعون عن المغامرة بأموالهم في بلدنا لمعرفتهم المسبقة بعدم نزاهة قضاءنا، و كثير من المغاربة من أطر و مثقفين و شباب يهاجرون لعدم إحساسهم بالطمأنينة ويبحثون في الخارج عن العدالة التي يفتقدونها في وطنهم، و كثير من المجرمين و الإرهابيين ما كانوا لينحرفوا عن الطريق لولا ظلم أو حكم جائر لحقهم أو طال أحد أحبائهم... فليس كل من فقد عدل الدولة ينتظر عدل السماء، بل هناك من يبحث عنه بنفسه، و عندها فصفوف الارهابيين تستقبله بالأحضان، و النتيجة: انفجار يتبعه انفجار يتبعه انفجار.



#مصطفى_الكمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محرقة من أجل الانتخابات


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مصطفى الكمري - كثير من الظلم... قليل من العدل