أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم البوسعيدي - ثقافة الألم وولادة الإبداع














المزيد.....

ثقافة الألم وولادة الإبداع


هيثم البوسعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2682 - 2009 / 6 / 19 - 06:19
المحور: الادب والفن
    


الألم هو الدافع الحقيقي للإبداع والعامل المشترك في حياة الموهوبين، والألم مصدر الإلهام والخيال، بإمكانه تحويل الموهبة إلى طاقة كبرى تحرك الأفكار، وقوة عليا تستقطب الأحاسيس، لتنثر بين أيادي البشر في النهاية أرقى القصص وأروع الأشعار.

والألم بما يفعله بالجسد والروح من أفاعيل يؤدي إلى خلق نوع من النقص في نفسية الموهوب، فيحاول قهر الألم وتفجير الأوجاع بالتحليق في سماوات واسعة وتوظيف قدراته الخاصة بطريقة فنية تستوعب الحزن وتجسد المعاناة، فينزف القلم المحروم، ويبحث القلب المكلوم عن الملاذ الآمن والفضاء الرحب حتى يفرغ ما يدور بذاته من هموم وعذابات.

والنتيجة روائع تحارب الاضطهاد وتتشبث بالحياة، وإبداعات تحاول إثبات وجود المحرومين في هذا العالم، وملاحم تعصر تجارب الكادحين، وأعمال ترسم زفرات المغيبين وأنات المتشردين.

وليس كل إنسان تخضبت حياته بالآلام بمقدوره صنع الإبداع، لأن الأمر يتعلق بصاحب الموهبة وصاحب الملكات الفطرية الغائرة في النفس، ولكن حينما تصطدم حياة الموهوب بالآلام والظروف القاهرة كالمرض ، والفراق ، والفقر، والقهر، والظلم، عندئذ يصبح الألم الوقود الذي يلهب المشاعر والنيران التي تشعل الأحاسيس حتى تصل بصاحبها إلى ذروة الإبداع وقمة التميز، وهذا معناه إن الإبداع يولد ويترعرع في رحم المعاناة، وإن المبدع يسعى بكل ما أوتي من قوة لتكوين العمل الإبداعي في حين تتمزق روحه بين أنياب الفاقة وذل الحياة.

وما سبق ذكره مدعوم بالكثير من الأمثلة، فما سر إبداع السياب ومحمود درويش و دينكنز وحنا مينا وبيتهوفن، إنها كمية الآلام والأحزان التي أضاءت دروبهم وأشعلت مواهبهم، فقدموا للناس روائع تتصف في عالم اليوم بالنبوغ والخلود والتميز بل لا زالت الكتب والمحافل الثقافية تتحدث عن إبداعاتهم وإنجازاتهم ليومنا هذا، أما ما يقال أن ثمة نوابغ أبدعوا نثراً وشعراً دون أن يعرفوا شيئاً عن المعاناة، فقد يكون هذا القول نسبيا صحيح ولكن كم نسبة هؤلاء المبدعين؟ إنها نسبة ضعيفة ولنتسائل معا: هل بإمكان من نام على الحرير وغرف من بحر النعيم أن يصور أوجاعا لم يراها أو ينسب لنفسه لدغات الزمن أو ينسج خياله روايات تحاكي جروح الفقراء والمشردين؟ طبعا لا.

ومن ناحية أخرى فإن الألم يحمل وجهين لعملة واحدة فهو البلاء الذي يواجهه المبدع بمزيد من الصبر والتضحية والغرق في عوالم الكتابة ليستطيع التعبير عن الصرخات المكبوتة والأنات المتزاحمة في ثنايا القلوب، وهو أيضا عالم جميل وممتع للمتلقين والقراء الذين يتلذذون بمشاهدة الجمال وقراءة الإبداع المعجون بتربة الآلام والصادر من ركام الجروح، بل يقابلون المبدع بنظرات الإعجاب وكلمات الإطراء دون أن يدركون حجم معاناته .

أخيرا الألم في حياة المبدع ليس فقط أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما الألم هو ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع....فهل يدرك البشر قيمة المبدع؟ وما ينفقه من جهد ذهني لإيصال أفكاره وما يعانيه من جهد عاطفي لتفريغ مشاعره في زمن لم يعد للمبدع أي قيمة أو مقدار.




#هيثم_البوسعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة الوطنية في مهب الريح
- السفيه والمسؤوليه
- قلم المثقف وعصا السلطة
- القدس في وجدان الإنسان العربي
- شهوة الكتابة
- المجلس
- صناعة الحب
- قصة : جراح بغداد
- إدارة الانسان : مفهوم غائب في عالمنا العربي
- القراءة والكتابة ....علاقة ترابط وتفاعل دائم
- رؤية نقدية : أهل الدين تحت المجهر


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم البوسعيدي - ثقافة الألم وولادة الإبداع