أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - متاهة الوطن البديل















المزيد.....

متاهة الوطن البديل


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2672 - 2009 / 6 / 9 - 05:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


فرصة اخرى لاعادة النظر في تجليات تكوين الخطاب السياسي المحلي توفرها اجتهادات مواجهة الدعوات الاسرائيلية المتجددة لخيار الوطن البديل .

فالتباينات التي تكشف عن تعددية الرؤى ووجهات النظر لم تخل من لقاء بعض الوان الطيف السياسي الاردني عند نقاط معينة تعبر في مجملها عن نمطية التفكير الدائري الذي يدفع باتجاه تفجير ازمات موازية للازمة القائمة بدلا من توفير حلول لها .

القاسم المشترك الابرز بين الوان طيف الخطاب الذي تستخدمه بعض الاوساط السياسية المؤثرة يتمثل في النزوع المستتر لاعادة انتاج شعارات ووصفات لم تعد صالحة للاستهلاك .

ولا يخلو امر بعض النخب من رغبة في الاستمرار بخطاب يغازل شارع سياسي لم يخرج بعد من دائرة التفكير بردات الفعل .

كما وجد اخرون فرصتهم لتنفيس احتقاناتهم بتحميل المسؤولية لاطراف لا علاقة لها من قريب او بعيد بفكرة الوطن البديل التي تقف وراءها حكومة اليمين الاسرائيلي .

واظهر البعض غيابا لافتا للنظر عن قراءة مشهد دولي محكوم بحركة دائمة لا تعرف التوقف .

الا ان حالة اللاتوازن وسقوط الاقنعة الايديولوجية كانت الافراز الاخطر للجدل الدائر حول فكرة الوطن البديل .

استحضار معاهدة السلام الاردنية ـ الاسرائيلية التي اشبعت شتما منذ توقيعها يكشف عن خلل في بعض مرتكزات خطاب مواجهة مشروع النائب الليكودي ارييه الداد المتدحرج ككرة الثلج .

فقد جرت العادة على التعامل مع معاهدة السلام باعتبارها مكسبا اسرائيليا خالصا لم يستفد منه الاردن .

وللتدليل على هذه الفكرة جرت العادة الى الاشارة لبعض الظواهر ، مثل عدم الحصول على الحصة الاردنية من المياه ، وغزو البضائع الاسرائيلية للاردن ، وجدوى المناطق الصناعية المؤهلة ، وغموض مصير اللاجئين الفلسطينيين .

كما بقي ارث العداء الشعبي الاردني لاسرائيل حاضرا على الدوام في الخطاب السياسي المناهض لمعاهدة السلام .

وفي هذه الحجج ما يظهر حيوية المجتمع الاردني ، وقلقه المبني على وعيه بمراحل تطور المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية ، ونظرة نقدية للتطورات السياسية .

الا ان الدعوة الى الغاء المعاهدة بعد التصويت على مشروع الوطن البديل في الكنيست تحتاج الى بعض التريث .

ففي معاهدة السلام عناصر قوة يحتاجها الاردن في مواجهته المقبلة مع حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف .

احدى هذه العناصر ، التي يجري تجاهلها عن عمد ، الاعتراف الاسرائيلي الموثق بحدود الاردن وكينونته السياسية .

وكان بامكان القوى السياسية التي تدعي تمثيل الشارع والتعبير عن الاغلبية الصامتة ادراك هذه المسألة لو ابتعدت عن منطق المزايدة الذي لا تترتب عليه اية مسؤولية .

في موازاة الخطاب الصدامي مع مشروع الداد ـ ومن ضمنه الدعوات لالغاء المعاهدة ـ ظهر خطاب ينسجم الى حد كبير مع الحيل الحمائية التي تستخدمها النعامة عندما تدفن رأسها في الرمال .

اصحاب هذا الخطاب عملوا على التقليل من اهمية طرح مشروع الوطن البديل والتصويت عليه في الكنيست .

وشارك مسؤولون حكوميون واحزاب وصحف في هذه الحملة التي ضلت طريقها بتعاملها مع تصويت الكنيست باعتباره هلوسات يمينية رغم وقوف قيادات من خارج اليمين التقليدي الاسرائيلي الى جانب المشروع .

وكان بامكان الذين وصلوا الى هذه النتيجة تجاوز المطب الذي وقعوا فيه لو قراوا تفاعلات المشهد السياسي الاسرائيلي بشئ من العناية .

فاليمين الاسرائيلي الذي اوصله شارعه الى الكنيست بقوة اهلته لتشكيل الحكومة يبني سياساته على الغاء خيار الدولتين الامر الذي لاتخفيه الاقطاب الحكومية الاسرائيلية ويتجسد على ارض الواقع في مصادرة اراضي الضفة الغربية وتوسيع المستعمرات .

كما يتفق اليمين واليسار في اسرائيل على رفض قيام دولة ثنائية القومية تتيح للفلسطينيين حقوقهم كمواطنين فوق ارضهم .

واستنادا الى طرح يهودية الدولة تعمل الحكومة الاسرائيلية على التخلص من فلسطينيي الـ 48 الذين حافظوا على بقائهم فوق ارضهم رغم صعوبة ظروفهم الحياتية .

مثل هذه المقدمات السياسية تقود الى نتيجة واحدة وهي بحث الجانب الاسرائيلي عن مخرج سياسي يتيح الافلات من اي ضغط اميركي حقيقي لتحريك عملية السلام في المنطقة .

وبالتالي ياخذ مشروع الداد المتجذر في التفكير السياسي الاسرائيلي طابع عملية الاستكشاف التي تسبق الهجوم .

بعض الاصوات التي حددت خياراتها سلفا وجدت في مشروع الداد فرصتها لتجديد دعوات الخروج من محور الاعتدال الى محور الممانعة التي اطلقتها في وقت سابق واظهرت التجربة استحالة تحقيقها .

وتأخذ استحالة تحول هذه الرغبة الى واقع عدة اشكال تتعلق بتركيبة النظام السياسي ، ورؤيته ، وطريقة تفكيره ، وادارته للازمات ، وتحالفاته التاريخية ، وطبيعة الخارطة الاقليمية ، والتوازنات الكونية .

فقد اختار النظام السياسي الاردني منذ بدايات تكوينه علاقة تصالحية مع مختلف فئات وقوى الشعب ، ولم تتغير هذه العلاقة على امتداد العقود الماضية ، وان شابها بعض التوتر ، وخروج عن القاعدة بين الحين والاخر بفعل تقلبات المناخات الاقليمية .

هذه الطبيعة التصالحية يصعب تعايشها مع منظومة تحالفات يغلب عليها الطابع الامني كما هو حال علاقات محور الممانعة .

و يعني الانضمام الى مثل هذا المحور ـ من بين ما يعنيه ـ التحول الى رقم جديد بين انظمة وقوى المنطقة الدائرة في الفلك الايراني .

فالمعروف عن ايران الغاءها اية خصوصية للدائرين في فلكها وهناك امثلة كثيرة على ذلك بدءا من سوريا وانتهاء بحماس وحزب الله .

كما اعتادت دمشق على التعامل مع مكونات شركاء الهوية الشامية ـ الاردن وفلسطين ولبنان ـ باعتبارهم اوراق يمكن الاستقواء بها .

وبالتالي لن يكون الاردن في حال دخوله في مثل هذا المحور اكثر استقلالية من حزب الله اللبناني في المنظور الايراني وورقة يساوم بها النظام السوري في مفاوضاته المقبلة مع اسرائيل .

من جانب اخر سيجد الاردن نفسه في حال الانضمام الى مثل هذا المحور خاضعا لمعادلة العلاقة بين ما يسمى بدول الممانعة والمجتمع الدولي وهي معادلة معقدة يصعب التعاطي معها .

بعض خطاب الازمة اخذ منحى توزيع الاتهامات المجانية في جميع الاتجاهات ودون اية اسس منطقية او روادع اخلاقية .

ونتيجة لحسابات المتساقطين من تيارات يسارية وقومية ودينية ، والتئامهم في تحالفات غير متجانسة ، لا توجد لها ارضية مشتركة ، سوى الشعور بفقدان الدور ، والبحث عن موقع في خارطة الجدل الدائر حول الازمة ، لم تسلم مؤسسة الحكم الاردنية ، ورئاسة السلطة الفلسطينية من هذه الاتهامات ، رغم انهما المعني الاول بمواجهة المشروع المتصادم مع مشروعيهما .

السقوط المدوي لاصحاب هذا الخطاب البائس والمنطق المثير للريبة لم يقف عند هذا الحد.

فالعلم والمنطق يتفقان على استحالة انتهاء فعل السقوط عند النقطة التي بدأ منها مهما اختلفت المسافات بين البدايات والنهايات .

ومن مظاهر السقوط الذي يغلفه صخب الشعارات اندفاع المبتلين به لافقاد الشعب الاردني تماسكه عبر دعوات لعمليات فرز جديدة تقلل من مناعة المجتمع وقدرته على مواجهة مشاريع اليمين الاسرائيلي وتدخله الى اجواء من التناحر توفر غطاء نموذجيا لتنفيذ طرح الداد الذي حظي بتأييد اغلبية اصوات اعضاء الكنيست .

في ظل محدودية الخيارات الناجمة عن اختلال الموازين الاقليمية والدولية يسجل للموقف الرسمي الاردني تقدمه على رؤى النخب الغارقة في ازماتها والعاجزة عن تحديد اولوياتها واتجاهات بوصلتها وقراءة المعادلات الكونية وعناصر القوة والضعف .

ويتمثل هذا الموقف ـ كما هو واضح من خلال التعامل الرسمي مع الازمة والتسريبات المصاحبة له ـ في التعاطي مع معاهدة السلام باعتبارها منجزا اردنيا ينطوي على اعتراف اسرائيلي بالكيانية الاردنية والبناء عليها لحشر اليمين الاسرائيلي في الزاوية واظهاره بصورة الحالة المارقة والمتمردة على المعاهدات والالتزامات الدولية .

فالتخلي عن المعاهدة يعني من بين ما يعنيه اظهار الاردن بصورة الدولة المتنصلة من المعاهدات والمتنكرة للسلام وبالتالي اهداء اليمين الاسرائيلي سلاحا جديدا يواجهنا به .

والازمات لا تواجه بهوج تعبر عنه التصريحات العنترية والشعارات الفارغة و اتهامات لا اساس لها وخلق البلبلة في الشارع ، ومواجهة طرح اليمين الاسرائيلي بحاجة الى تماسك مجتمعي وتصليب الجبهة الداخلية بدلا من توتيرها .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سباق شرق اوسطي في المتاهة الاميركية !!
- اوباما في دائرة الشك العربي
- معادلات جديدة ... لمرحلة مختلفة
- موسم الهجرة الى واشنطن
- قمة -العوالم- العربية
- مصالحات الوقت الضائع
- بوابة السلام الاقتصادي
- تسونامي الغموض الاميركي
- قبل اطلاق رصاصة الرحمة على خيار الدولتين
- سلام مشوه ... وازمات برسم التصدير
- ايران تخطف القطار الفلسطيني
- ازمة الخيارات الفلسطينية مع تلاشي حل الدولتين
- ضيق الخيال الايراني
- في نهج الاقصاء الحمساوي
- افق عربي ... لعراق مختلف
- حول صورة العربي في فضائية العالم
- ازمات المركز ...ومأزق الاطراف
- قلة الاستيعاب في صحافة الاعراب
- عار الصحافة العربية
- حماس تواجه الواقع باختزال التاريخ


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - متاهة الوطن البديل