أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابحة الزيرة - شرنقة الغش تخنق أنفاس الإصلاح














المزيد.....

شرنقة الغش تخنق أنفاس الإصلاح


رابحة الزيرة

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



جمعية التجديد الثقافية
مرّ رسول الله (ص) على بائع، فسأله كيف تبيع، ثم أدخل يده في صرة طعام فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال له: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس .. من غشّ فليس منّي".

"من غشّ فليس منّي" حديث يؤثر عن رسول الله (ص) وتروج سوقه كثيراً أيام امتحانات الطلبة في المدارس، فتراه مكتوباً بالبنط العريض في أروقة المدارس المكتظة بالطلبة الممتحنين، وفي قاعات الامتحان، على أمل أن يردعهم عن سرقة المعلومات من أقرانهم أو يمنعهم من استخدام أساليب أخرى متطورة للغش، ولكن حتى من صرف وقته ليكتب ويزيّن ويعلّق هذا الحديث يعلم أن هذا الأسلوب في الوعظ والتربية لم يعد مجدياً، فمثله مثل قوله تعالى "وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ" المزيّنة به جدران محاكم أوطاننا العربية ويفوح من زواياها روائح الظلم .. فربما قام هذا المعلم المسكين بما يسمى بـ"جهد العاجز" إرضاءً لضميره وإسكاتاً لنداء الواجب الذي يضرب على قلبه.

الشعور بالعجز وبضآلة التأثير الفردي أمام تشابك وتداخل منظومة اللاقيم المتمثّلة في (الكذب والخداع والغش والخيانة والتمويه والتمثيل والادّعاء والتحايل)، والصادرة من أكثر العاملين في معظم مؤسسات القطاع العام والخاص التجارية والتعليمية والبحثية والتربوية والقضائية والإعلامية والسياسية والاجتماعية والدينية حتى تحوّل (الفساد) إلى دستور غير مكتوب، من يخالفه يجد نفس – لا محالة – خارج تلك المؤسسات، ولكنه يبقى في أحضان منظومة الفساد هذه الملتفّة حوله كالشرنقة التي تكاد تخنقه إن لم يبذل كل ما في وسعه للخروج منها في الوقت المناسب، بإرادة حديدية تؤمن يقيناً بـ"إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً".

كنت أنوي التركيز على الغش في الامتحانات بمناسبة حلول موعدها، فوجدتني تشرنقت في مجموعة من الأفكار أخذتني بعيداً عن أمانة الطالب في تحقيق نجاح نزيه يشرّفه أمام نفسه أوّلاً، ثم أمام أقرانه، ومعلّميه، وإدارة مدرسته .. بحثت عن دراسات حول هذه الظاهرة ومدى تفشّيها، والنتائج المترتّبة عليها، فكانت النتائج شحيحة وقديمة، وعلى أية حال، فليس هناك من ينكر انتشار الغش كظاهرة في المدارس، ولكن السؤال الأهم، ماذا فعل المعنيّون للتقليل منها عدا عن الزعيق والتهديد في قاعات الامتحان، وتخويف الطلبة واختيار كبش فداء لتُسحب ورقته أو ما إلى ذلك من إجراءات لا تردع بقية الغشّاشين بل تعلّمهم ليكونوا أكثر ذكاء وحذراً لتسلم جرّتهم في كلّ مرّة.

ليس أزكى لنماء الأفراد والمجتمعات - على حدّ سواء - من عملية النقد الذاتي القائمة على أسس علمية وموضوعية، فإلى أن تؤمن وزارة التربية والتعليم بذلك وبضرورة القيام بدراسات ترصد فيها الممارسات الخاطئة واللاأخلاقية في المدارس في المجالات الحساسة كالتحرّش الجنسي، أو محاولات الاعتداء على الأطفال أو ضربهم وإهانتهم، أو تعاطي المخدّرات أو التدخين، أو الهروب من المدرسة، أو الغش في الامتحان، خوفاً من صدمة النتائج التي قد تنجم عنها، وما يترتب على ذلك من مساءلة قانونية، ومسئولية إعداد برامج للقضاء على هذه الظواهر، لما لا تبدأ بعض المدارس التي يديرها مدراء مخلصون، وكادر تعليمي أمين على رسالة تربية الأجيال، بإعداد دراسة لرصد ظاهرة الغش – مثلاً - لا لنشر الغسيل بل للاسترشاد بنتائجها لوضع حلول للمشكلة ومن ثم قياس مدى نجاعة هذه الحلول، على أن تتكاتف جهود الكادر التعليمي والإداري والطلبة الجادّين للتصدي لهذه الظاهرة ومحاولة الحدّ منها أولاً، تمهيداً للتخلص منها، ثم يُرفع كمشروع ناجز لصاحبة السعادة "وزارة التربية والتعليم" بعد أن يؤتي ثماره يوم حصاده لتُعمّم التجربة شيئاً فشيئاً على بقية المدارس.

ثمة من يتساءل ولماذا البدء بالمدارس، والفساد يعمّ العالم؟ لأن في المدرسة يتربى الرئيس، والوزير، والبرلماني، والمعلم، والمهندس والطبيب، والتاجر، والموظف، والعامل، فإذا غُرست في جيل كامل - الآن - بذرة الأمانة، وآمن بها، وتدرّب على ممارستها، وكوفئ عليها، وعوقب على التفريط فيها، فسيتبوّأ غداً مجموعة من "الأمناء" مجالس أمناء المدارس والشركات والوزارات والجمعيات والمنظمات، فإذا صلح الرأس صلح الجسد، وبما أن هذه المهمة أُهملت عقوداً ظنّاً بأن الغش في المدارس لا يترتب عليه كبير أثر في شخصية الطفل في المستقبل، فصعد الغشّاشون دون وجه حق، وصار الفساد يحكم العالم، ويُلفظ الأخيار.

يُذكر أن موظّفاً في الجمارك السعودية فوجئ بإعطائه شيكاً قدره (ريال واحد وعشرون هلله) نظير كشفه عن عملية تهريب كانت ستتم أثناء قيامه بوظيفته، ما حمله على تقديم استقالته للحفاظ على استقامته، مع الاحتفاظ بالشيك (وسام) أمانته ليورثه لأبنائه وأحفاده.

وآخر غرق بين الأوراق وغاص ..
يا سيدي المدير هذا الملف، فيه تجاوزات!
شكراً، ضعه على الطاولة ..
وقبل نهاية الدوام نُقل إلى مرتبة أدنى في السلّم الوظيفي، ولكنه قرّر أن يستمر .. وعاود الكرّة:
يا سيدي الكبير، هذا ملف فيه تجاوزات كثيرة .. وشدّ السيد الكبير على يده، وقال أحسنت ..
وبعد أيام كان خارج الوظيفة!
[email protected]



#رابحة_الزيرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والرجل .. عدالة أو تماثل
- الخوف من البوح بالحقيقة أو من ضياعها؟
- دروس النيروز والأم وزهرة النرجس البرّي
- وليذهب الفقراء إلى الجحيم
- المؤسسة الدينية .. من يعلّق جرس الإصلاح؟
- الوثب العالي على التاريخ والجغرافيا
- شفاه أطفال غزّة ترتّل مزامير الرجولة
- الملك العضوض حين يُعضّ عليه بالنواجذ
- إعلان حقوق الإنسان في عامه الستين
- القانون نصير الحقوق أو سوط الاستبداد
- عيد التضحية عيد التحرّر من الموبقات
- الحبّ الزوجي .. كاستحواذ وكعنفٍ مخملي
- رحيل بوش .. فرْحةٌ في ذاتها
- التسامح والسلام ثقافة وممارسة
- فتاوى نوادر لكن للنوادر!
- في ذكرى استشهاد أبي اليتامى والمساكين
- تنويم غير مغناطيسي لسرقة الجيوب
- الارتقاء بمستوى الوعي


المزيد.....




- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابحة الزيرة - شرنقة الغش تخنق أنفاس الإصلاح