أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - .. لكن المجتمعات هي الخالدة














المزيد.....

.. لكن المجتمعات هي الخالدة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 2585 - 2009 / 3 / 14 - 08:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أخطر ما في المنازعات الأهليّة في مجتمعات الدّول، كما في الدّول على إختلاف مكوّنات مجتمعاتها، أنّها تنحطّ بالإنسان إلى مستويات من الوحشيّة المرافقة لإنحطاط الرّوح الفئوي، دونما رادع من قيم أو إطار أو مرجعيّة. التّنازع وأشكاله وجوهرانيّته البرّانيّة والجوّانيّة هو القيمة الوحيدة، قيمة التّواجد في قلب المقتلة أو المقاتل المفتعلة أو المصطنعة فتنويّا، تلك التّي أمست نقطة التّمركز الوحيدة لدى المتنازعين. كلّ يعلي من شأن ذاته في مواجهة الحطّ من الآخر وتسفيه وتتفيه ما يقوله "الواحد" عن "آخره".

المشكلة أنّ "الآخر" هنا ليس العدو، حيث يرتقي الصّراع معه إلى مصاف التناقض الرّئيس، بل هو "عدو – شقيق" يفترض أنّه شريك في الوطن وتبادل قيم المواطنة، شريك في مجتمع يفترض أن يكون واحدا موحّدا لا مجتمعات متناحرة ومتنافرة، شريك في همّ أو هموم الإقتصاد والإجتماع، أو هموم السّيادة والإستقلال الحقيقي عن خارج/عدو، وداخلا أمسى ينقسم هو الآخر أيضا كعدو؛ نوجّه إليه كلّ سهام حقدنا وننزع عنه صفات المواطنة، كونه يختلف أو نختلف معه في السّياسة، أي في الإدارة العامّة لشؤوننا العامّة.

ليس من شأن خاص أو فضاء خصوصي للسلطة، هي ليست خاصّة بفريق "أكثري" أو "أقلّوي"، السّلطة شأن عام, ليست خصيصة مشاعيّة خاصّة، عموميّتها تقبع في كليانيّتها الدّولتيّة، وإلا لما كان هناك دولة، ولا مجتمع لدولة تفتقد فيه السّلطة حسّ إجتماعها العام، وحسّ إنتظامها كطليعة لمجتمع يتمادى في صيرورته واحدا موحّدا، ولكن متعدّدا ومتنوّعا في داخله ومن داخله، ودون الغرق في أتون المنازعات المدمّرة؛ العامدة إلى إنقسام المجتمعات وتفتيتها وتشظيتها، بحيث تصير السّلطة داخلها سلطات، والسّياسة مجموعة من السّياسات المتناحرة، تشهد إنقطاعا في إجتماعها المجتمعي كما السّياسي، وهذا هو حال المجتمعات المأزومة لأسباب تكوينية تخليقيّة؛ مجتمعات ضيّعت إجتماعها ومجتمعاتها، كما ضيّعت السّلطة فيها دروب تماسكها كسلطة موحّدة لتنقسم إلى سلطات، فيما المجتمع كان قبلها قد إنقسم إلى مجتمعات، والدّيموغرافيا إلى أشتات هنا وهناك، كلّ ينازع الآخر على البقاء في الواجهة.. وفي المواجهة من أجل سلطة لا يقرّ لها قرار.

من هنا يبدو أنّ العوامل التي أدامت حكم سلطة ما، هي ذاتها ربّما العوامل التي قد تطيح بسلطة مماثلة في بلد آخر، فما الّذي أدام ويديم حتّى الآن سلطة الحزب الشّيوعي الصّيني على مجتمع لشعب هو الأكبر والأفقر في العالم؟ بينما لم تستمر السّلطة السّوفيتيّة أكثر من 37 عاما؟ هذا على سبيل المثال لا الحصر.

إنّ سلطة إستبداديّة أو ديكتاتوريّة؛ عسكريّة أو مدنيّة، تساهم في تحلّل وإضمحلال مجتمعها، لا يمكن لها أن تستمر أو تواصل حكمها إلى الأبد –أبدها هي – ذلك أنّ سلطة كهذه تفتقد حاضنة ضروريّة لقيام وإستمرار والحفاظ على الدّولة. المجتمع هو الشّكل الجنيني للدّولة في إنتصابها جوهرا متحوّلا للإجتماع البشري. إنّ سلطة بلا مجتمع لا يمكنها التّحوّل أو الإنتقال إلى مرحلة البناء الدّولتي، على أنّ أيّ دولة بلا مجتمع أو دولة تذيب مجتمعها في مصهر إستبداديّتها لن تبقي لذاتها حتّى مبرّرات وجودها الأوّلي/البدائي.

الوطن ليس دولة أو سلطة، هو مجتمع ينمو، وإلاّ فإنّ إجهاض تنميته، إنّما هي عمليّة إجهاض لنموّه كذلك، وبالتالي لا وطن بلا مواطنة، لا دولة بلا وطن تحترم فيه قيم المواطنة، على إختلاف مكوّنات هذه المواطنة في تعدّدها وتنوّعها الخلاّق. المواطنة متعدّدة بالضّرورة، العقد السّياسي والإجتماعي والمواطني ليس نتاج إستبداد أو ديكتاتوريّة وسلطويّة الفرد أو الفئة أو المجموعة المصطفاة، أو "الأمّة الخالدة"، قيم المواطنة وعقدها ليست عرقيّة أو تميل لمصلحة الأغلبيّة العدديّة، ولا هي ذات نزوع بيسماركي في توجّهها لأقليّة أخرى، هي مجتمعيّة أولا، ومجتمعيّة أخيرا، أي وهي تتحوّل إلى جزء من نسيج لوحة فسيفسائيّة هي المعادل الموضوعي للدّولة، الدّولة التي لا تقوم قيامتها دون إنجازها للوحة إجتماعها المتحرّكة غير الثّابتة في عنادها لخلود مزعوم، المجتمع هو الخالد المتغيّر الدّائم في تحوّلاته.

لهذا تبدو رطانة الدّفاع عن الدّولة (في لبنان) وعن السّلطة (في فلسطين) أو العراق أو الصّومال أو السّودان أو تشاد أو زيمبابوي أو أي بلد آخر تماثل أوضاعه مع ما أمسى "النّموذج الحصري " لـ "سلطة الأبد" الشّخصانيّة والفرديّة، رطانة دفاع مهين عن رغبات مكبوتة عمادها الإحتفاظ بلعبة السّلطة أو السّلطة/ اللعبة، كما تتبدّى للطفل الأناني أو النّرجسي في دفاعه عن لعبته المفضّلة، في مواجهة أي طفل آخر يريد مشاركته اللعب بها، وليس الإستيلاء عليها بالطبع. إنّ مجرّد المشاركة أو التّفكير فيها إشهار لعداء ما؛ قد يكون معلنا أو مضمرا، لمركز السّلطة أو لمركز العالم الذّي يقف الطّفل في "دائرته الكونيّة"، فما حال التّفكير بالإستيلاء على السّلطة أو اللّعبة؟.

نحن هنا في مواجهة الإشكاليّة المتوسّعة بإضّطراد، في عالم يتعولم بلا ضوابط، إشكالية تستثيرها عقدة الصّراع من أجل الإستيلاء على السّلطة /اللعبة، أو الإستيلاء على لعبة السّلطة الرّمزيّة، حتّى وهي هنا تتقلّب بين طرفين أو أكثر، كلّ يستبعد الآخر من "جنّة" اللّعب السّلطوي المملوء نزقا وكراهيّة؛ لآخر لا يقلّ في إمتلائه نزقا أكثر، وكراهيّة لا تقلّ في مفاعيلها التّحريضيّة التّنازعيّة، عن نزعات أو نزوعات التّشبّث باللعبة السّلطويّة، أو سلطويّات اللعب مع "الكبار" الّذين لا يستقيلون أو يقالون أو يتخلّون عن سلطة قدريّة "إلهية" وصلت إليهم في غفلة من المجتمعات، وذلك ما أضحى عليه حال سلطات "التّحرّر الوطني" سابقا، "التّوريثيّة" أو "الأبديّة" في سماتها العامّة راهنا في بلادنا هنا.. كما وفي بعض الأمصار والمجاهل الإفريقية.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة هي الغائب الأعظم!
- -جنة- السلطة الأبدية .. وجنونها!
- هل سقطت ايديولوجيا الأسواق المفتوحة؟
- نحو نقض الميح التدجيني / التبجيلي لنشيد السلطة
- اي مستقبل لاسرائيل واي هوية؟
- أي حوار مع -عقل- لا يقبل الحوار مع مختلف
- المطلق المعرفي ومحنة العلمنة المعرفية
- ضروة تخليق وتفاعل الثقافات وتحاورها
- الجمهوريات الملكية.. او خاصيات السلطة القدرية
- مأزق الرأسمالية المالية
- بوحداتها تنتصر الشعوب
- الشعب المزعوم والامة الموهومة
- في شرط بناء دولة الحداثة والمواطنة


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - .. لكن المجتمعات هي الخالدة