أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - نصيحة غير مجانية للمثقف الظاهرة، طارق حجي















المزيد.....

نصيحة غير مجانية للمثقف الظاهرة، طارق حجي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2574 - 2009 / 3 / 3 - 09:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كنت أظن قبل اليوم أن المثقف الظاهرة، طارق حجي، يطل على العالم من شرفة ليبرالية عالية وليس من شرفة أميركية كما يفصح خطابه (نصيحة مجانية للرئيس ابن الرئيس) ولذلك لم تفتني مقالة له إلا وقرأتها بإعجاب كبير في الغالب . اليوم تمنيت لو لم أره يطل من شرفة أميركية آيلة للسقوط ـ بل قد سقطت فعلاً من قبل ـ لم تعد تتحمل مثقفاً بوزن طارق حجي . وعليه أنصحه بأن يغيرّ سريعاً مثل هذه الشرفة . لكن لماذا لا يرى من الشرفة الأميركية التي يسميها " العالم الحر " مثلما يرى من الشرفة الليبرالية العالية ؟

أتفق مع حجي على أن الدول التي كانت تقع في أطراف الثورة الإشتراكية العالمية، مشروع لينين، من مثل سوريا، وحتى كوبا وفيتنام، قد انتهت صلاحيتها ليس منذ انهيار 1991 فقط بل منذ رحيل ستالين وبالتالي صعود المنحرف خروشتشوف في العام 1954 . أما السادات فلم يكن صاحب مشروع تحرري مثل عبد الناصر ؛ فعندما لم ينفعه السوفييت انتقل سريعاً إلى حضن الولايات المتحدة . كان السادات قد رضخ للضغوط السوفياتية وأمر قواته بالتقدم إلى ما وراء الخطوط المرسومة في الخطة الحربية (أكتوبر 73) بالرغم من معارضة غرفة العمليات وذلك من أجل تخفيف الضغط العسكري على سوريا، التي كان يعتبرها أندروبوف، مدير الكي جي بي آنذاك قاعدة له، فكانت النتيجة خسارة الحرب بصورة عامة . اكتوى السادات بنار الهزيمة المرة فاضطر إلى الإنتقال إلى الحضن الأميركي (مرغم أخوك لا بطلاً) بالعكس تماماً من عبد الناصر الذي تجرّع هزيمة ساحقة في حزيران 67 دون أن يتراجع في مواجهة المخططات الأميركية الإمبريالية، متمسكاً بلاءات الخرطوم الشهيرة .

وددت لو لم أكتشف نقصاً أساسياً في ثقافة طارق حجي وهو جهله الفاضح بمجريات الحرب العالمية الثانية . وفي هذا السياق أود أن أؤكد أن الثقافة العامة بصورة عامة والثقافة السياسية بصورة خاصة لن تكتمل إطلاقاً بدون الإلمام الكامل بكافة التفاصيل الدقيقة لمجريات تلك الحرب اللعينة التي دون شك شكلت العالم الذي تعيش البشرية في كنفه منذ العام 1945 . لدى المثقف طارق جهل تام بمجريات تلك الحرب . فها هو يقول في نصيحته للرئيس ابن الرئيس .. " في أغسطس 1945 أنهى العالم الحر الجزء الأول من الحرب العالمية الثانية، أي الجزء المتعلق بالفاشية والنازية . بعد نهاية هذا الجزء تبقى أمام العالم الحر العدو الأكبر له (أي الإتحاد السوفياتي) التي اضطر العالم الحر لأن تحمله خلال سني الحرب (1939 ـ 1945) على كتفها " . وهنا أسأل المثقف طارق حجي .. هل تعلم يا طارق حجم القوات الألمانية التي كانت تحارب ضد التحالف الغربي الذي ضم " عالمك الحر " ، أميركا وبريطانيا وفرنسا، وتلك التي كانت تحارب الإتحاد السوفياتي وحيداً ؟ حاربت على الجبهة الغربية ضد عالمك " الحر " 20 فرقة ألمانية فقط أما على الجبهة الشرقية فقد حاربت 200 فرقة ضد عالمي " غير الحر "، الإتحاد السوفياتي . فمن هو الذي حمل الآخر على كتفه ؟ ومن هو الحر وغير الحر ؟ في ليلة عيد الميلاد 25 ديسمبر 1944 وبينما كان قادة الجيوش البريطانية والأميركية المتواجدة في مرتفعات الجاردنز في شمال شرق فرنسا يحتفلون بالعيد قامت القوات الألماني (20 فرقة) بتطويق تلك الجيوش بقصد إبادتها بالكامل . عبثاً حاربت تلك الجيوش لتفك الطوق خلال الأيام العشرة التالية حتى تبدت الإبادة أو التسليم أمراً لا بد منه . في ليلة الخامس من يناير اتصل ونستون تشرتشل بستالين مستنجداً المساعدة في فك الطوق وعندما اعتذر ستالين بسبب ضيق الوقت بكى تشرتشل على التلفون مما دفع بستالين إلى إصدار الأمر بفتح أكبر جبهة حربية في الثاني عشر من يناير بدل الثامن والعشرين منه رغم المعارضة الشديدة من كافة ضباط غرفة قيادة العمليات . النار التي فتحها الجيش الأحمر ليلة الثاني عشر أضاءت شرق أوروبا بأكمله من بحر البلطيق شمالاً وحتى جبال الكرابات جنوباً وبذلك تمكنت جيوش العالم " الحر " من فك الطوق . فمن حمل الآخر على كتفه، يا طارق ؟ وهل كان بإمكان الجيوش الأميركية أو البريطانية أن تحتل برلين ؟ الخسائر التي تكبدها الجيش الأحمر في معركة برلين تزيد عن مجموع الجيوش الغربية المشاركة في الحرب !! فمن حمل الآخر على كتفه يا طارق ؟ وفي محادثات بوتسدام طلب تشرتشل من ترومان الضغط على ستالين بتهديده بالقنبلة الذرية وقد تم تصنيعها خلال المؤتمر إلا أن ترومان اعترف لتشرتشل بأن الولايات المتحدة ما زالت بحاجة لستالين لمساعدتها في مواجهة اليابان . وفعلاً لم يهزم اليابان سوى الجيش الأحمر وليس قنبلة هيروشيما أو ناغازاكي اللتين لم تصيبا إلا المدنيين، فمن حمل الآخر على كتفه يا طارق ؟ وفي العام 1952 خرج تقرير من دائرة السي آي أي يقول أن الجيش الأحمر لو لم يتوقف عند برلين واستمر متجهاً إلى الغرب لاحتل فرنسا وبريطانيا ومن ثم الولايات المتحدة إذ لم تكن هناك قوة قادرة على مواجهته . لعل بعضنا يلوم ستالين لأنه لم يفعلها، لكن ستالين كان المخلص أبداً إلى تحالفاته وكان يؤمن بالسلم وأن المباراة السلمية مع الغرب الرأسمالي ستنتهي سريعاً إلى انتصار الإشتراكية . لم يحسب أن منحرفاً وغبياً مثل خروشتشوف سيخلفه ليخرب الحزب أولاً ثم الثورة الإشتراكية من بعد . إن من كنس النازية والفاشية من القارة الأوروبية هو الجيش الأحمر بينما كان تشرتشل يعيش تحت الأرض في لندن ولا يقوى على مواجهة طائرات هتلر تقصف لندن مستنزفة كل قواها قبل الهجوم النازي على الاتحاد السوفياتي، ولم يكن روزفلت يجروء على الدخول في الحرب قبل هجوم بيرل هاربر في السابع من ديسمبر 1941 . صحيح أن مشروع لينين انهار أخيراً في العام 1991 لكن المنتصر ليس هو الولايات المتحدة التي انهار نظامها في العام 1971 بل هو هتلر . ما كان الإتحاد السوفياتي لينهار في العام 1991 لولا الحرب العظمى ومواجهته للعدوان الهتلري في العام 1941 .

ويقول طارق حجي أيضاً .. " إن العالم الحر في معركته مع العدو الكبير المتبقي وخلال ست وأربعين سنة قد اعتمد على أن يدمر هذا العدو عن طريق تفعيل تآكله الداخلي " . السيد حجي هنا يتجاوز المواقف المعلنة من قبل عالمه " الحر " . جميع قادة العالم الغربي عبروا عن مفاجأتهم بانهيار الإتحاد السوفياتي وهو الدولة العظمى التي انهارت بفعل مظاهرة مدنية متوسطة الحجم قتل فيها شخص واحد !! بعضهم وصفه بالبركان وآخرون وصفوه بالهزة الأرضية وهو ما يعني مباشرة أنه لم يكن لديهم مخططات تعمل على انهيار المعسكر الإشتراكي . وما يؤكد ذلك هو صدوع أميركا للإنذار السوفياتي في 27 مارس 91 بوقف الحرب على العراق، عندما هاتف غورباتشوف بوش الأب مؤكداً له أنه سوف يوجه له إنذاراً جدياً خلال ساعة فقط إذا لم تعلن الولايات المتحدة حالاً وقف إطلاق النار . بل لعلي أؤكد في هذا السياق أن السياسات الإمبريالية التي مارستها الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل خاص خلال النصف الثاني من القرن العشرين عملت على إطالة عمر الإتحاد السوفياتي من خلال إعاقتها لمجرى انحرافات القادة السوفييت من مثل المحاولة على القضاء على حليفهم حافظ الأسد قبل نهاية حرب أكتوبر 73 واستعداد الجيوش السوفياتية للتحرك لحماية سوريا .

ما هو صحيح فيما قاله طارق حجي هو أن الإتحاد السوفياتي " تآكل من الداخل " أي أنه انهار بفعل التناقضات الداخلية المتمثلة بالصراع الطبقي، الصراع بين البورجوازية الوضيعة المتمثلة بالفلاحين والعسكر ومحترفي السياسة مثل القادة في الكرملين من جهة، وبين العمال من جهة أخرى . انتصارات البورجوازية الوضيعة في معركة الصراع المستمرة كانت تتبلور وتتجسد بالتسلح وهو الصناعة المعادية لكل ما هو اشتراكي وتنمية اشتراكية . كانت الإدارة الأميركية ومنذ الخمسينيات تصرخ عالياً احتجاجاً ضد الإنفاق العسكري في الإتحاد السوفياتي لكن قادة الكرملين كانوا يكذبون زاعمين أن صراخ الأمريكان إنما يهدف إلى تغطية إنفاقهم على التسلح لصالح مجمع الصناعات الحربية . الاحتجاجات الأميركية المتعالية عاماً بعد عام كانت تصب أخيراً في مصلحة البروليتاريا السوفياتية والإشتراكية دون أن تعي ذلك بالطبع . ومن هنا يمكن أن نقول أن السياسات الأميركية أطالت بعمر الإتحاد السوفياتي عكس ما ادعى الحجي .

ولا أدري علام استند السيد حجي كي يقول .. " إن كل دولة من هذه الدول (الاشتراكية سابقاً) هي عضو في الإتحاد الأوروبي وتعيش في ظل مُناخ عام سياسي واقتصادي واجتماعي وتعليمي أعلى وأرقى وأزهى مما كانت عليه في زمن الثوابت " . الاستطلاعات المختلفة حتى تلك المشوبة بالأغراض المعادية تشير إلى عامة الناس يقولون أنهم كانوا أسعد حالاً قبل الإنهيار . علماً بأن كافة القيادات في دول ما كان يسمى بالمعسكر الإشتراكي ومنها القيادة السوفياتية لم تكن لتهتم بتطوير مجتمعاتها الرازحة تحت العزلة الخانقة . ما حاجة العمال السوفييت لمائتين وأربعين قمراً سابحة في الفضاء بينما يصطفون في مائتين وأربعين مدينة سوفياتية في طوابير طويلة بانتظار الحصول على حصة من البطاطا أو من اللحم ؟

وقبل أن أختم، يجب ألا يفوتني الثناء على تمسك المثقف الظاهرة، طارق حجي، بثابته الوحيد وهو أنه .. " في عالم السياسة لا يعمل الناس إلا من أجل مصالحهم " وهو نفس الثابت الذي قال به ماركس وشكل أساس الماركسية . كما يجب التأكيد على أنني هنا لا أدافع عن معتقداتي أو عما يمكن أن يوصف بالإيديولوجيا، بل أتوقف أمام وقائع عيانية لأستنتج ما يستوجب الإستنتاج .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراث ماونسي تونغ
- ما العمل ؟
- لا حرية مع الإستلاب الديني (دولة الإسلام إنما هي دولة غزاة)
- لا حرية مع الإستلاب الديني (2)
- لا حرية مع الإستلاب الديني (1) (أسطورة إبراهيم أبي الأنبياء)
- محاكمة عادلة لحدة خطابي
- عدمية حماس أعدمت القضية الفلسطينية
- -مقاومة الإحتلال - راية بالية ومستهلكة
- إلى أين ينعطف العالم اليوم ؟
- أيتام خروشتشوف ما زالوا يحاربون البروليتاريا
- يهاجمون التزييف لأجل أن يزيّفوا ماركس
- لا اشتراكية بغير دولة دكتاتورية البروليتاريا
- الحرية في - الحوار المتمدن -
- الماركسية ليست من الإيديولوجيا
- الفوضويون (الأناركيون) ما زالوا يضلّون
- شيوعيون شلحوا الشيوعية
- نعذر الرثاثة ولا نعذر التطفل!
- منتقدو الماركسية وكارهو الشيوعية
- حتى الشيوعيين من العربان لا يقرؤون
- الأزمة المالية الماثلة ليست أزمة الرأسمالية


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - نصيحة غير مجانية للمثقف الظاهرة، طارق حجي