أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبد الإله بوحمالة - العالم العربي: من الزعامة المصرية إلى زعامات أخرى















المزيد.....

العالم العربي: من الزعامة المصرية إلى زعامات أخرى


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 08:11
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


سلاحان اثنان خولا لمصر طيلة العقود الأخيرة من القرن العشرين دورا قياديا اضطلعت به حيال لباقي الشعوب العربية الأخرى من المحيط إلى الخليج:
السلاح الأول، سلاح الثقافة الذي مكنها من ريادة على مستوى نشر الفكر والإبداع الأدبي والفني وتيسير الوصول إلى منابع العلم والمعرفة من خلال دعم حركة التأليف والترجمة وتنشيط طباعة الكتب وتداولها.
والسلاح الثاني، سلاح الإعلام، بأنواعه المكتوبة والمسموعة والمرئية، والذي ظل ينقل كل ما كانت تمور به الساحة السياسية والإيديولوجية والثقافية من أفكار ونقاشات على أرض الكنانة ويضخه إلى باقي الدول العربية.
تحت ظل هذين السلاحين الفعالين، حاولت مصر في مرحلة ما من عهدها الملكي أن تشيد شرعية قيادية سياسية على أساس المشترك الديني والدور الطلائعي لجامع الأزهر، وصلت هذه المحاولة إلى الترويج لإحياء فكرة الخلافة الإسلامية وإمارة المؤمنين لكنها أحبطت.
ثم شيدت مصر الثورة على عهد جمال عبد الناصر شرعية قيادية أخرى على أساس المشترك العرقي والقومية العربية.
وتأتى لمصر فعلا بفضل سبقها في هذا المجال وحسن استخدامها لهذين السلاحين، أن تقود شتات الدول العربية التي تركها الاستعمار الأوربي منقسمة وضعيفة.
لكن مصر بعد كل هاته العقود من التحولات والتراجعات والخيبات فقدت زمام هذا الدور تدريجيا ولم يعد بمستطاعها الاستمرار في تكريس هذه الزعامة ولا الحفاظ عليها فقط من خلال التفوق الثقافي أو عبر الهيمنة الإعلامية دون أن يقترن ذلك على أرض الواقع:
ـ إما بحضور سياسي مقنع يبرر هذه الزعامة زمن السلم؛
ـ أو بقوة عسكرية رادعة تؤكد استحقاقها لهذه الزعامة بجني انتصارات ميدانية واضحة زمن الحرب.
الشيء الذي أضحى بالنسبة لمصر في الحالتين بعيد المنال، ليس فقط بعد نكباتها وهزائمها العسكرية المتوالية أمام إسرائيل، ولا لأنها غيرت استراتيجياتها تماما نحو الداخل، ولكن، وهذا هو الأخطر، لأن هذه الهزائم والنكبات أدت إلى تجذر نوع من سيكولوجية الهزيمة والوعي المأزوم تغلغل عميقا في عقل ووجدان الساسة وصناع القرار أولا ثم امتد إلى فكر وإبداع المثقف المصري (الشاعر والقصاص والروائي والصحفي والمخرج السينمائي والفيلسوف والمفكر..)، الذي ظل يجتر هذه الهزائم إلى أن حولها من حدث موضوعي مرحلي طارئ إلى أزمة فكرية ذاتية وحالة نفسية قارة أصابته بحالة تشبه الشلل والتوقف، حيث لم يستطع هذا الأخير أن يستوعب واقع الانهزام ولا أن يفهم أسبابه ومسبباته، وبالتالي عجز عن تجاوز مقام الشك وجلد الذات وطرح الأسئلة إلى محاولة للاستدراك والنهوض والتبشير بأفق مغاير ورؤية واضحة كما حدث ويحدث عادة مع مثقفي شعوب وحضارات أخرى عاشت هزائم مماثلة في فترة من فتراتها التاريخية.
هناك إذن أمور ومستجدات عديدة فعلت فعلها في سحب سلاح الثقافة من بين يدي مصر، وأهم هذه المستجدات وأكثرها تأثيرا على الإطلاق الثورة الرقمية المعلوماتية التي غيرت الكثير من المعطيات والمداخل وأعادت النظر في الكثير من المفاهيم والأفكار وصاغت خرائط جديدة لما كان يعرف بمركز القوة الثقافي وما يحيط به من هوامش.
ولم يعد الكتاب الورقي هو الوسيلة الوحيدة الممكنة لنشر الثقافة والفكر، كما لم يعد لمركزية الطبع والنشر دور بارز في المكانة الاعتبارية التي قد تحتكرها دولة من الدول بناء على وزن حضورها ورواج سلعها في السوق الثقافية والفكرية.
ثم هناك التنامي المتزايد لمقولات الخصوصية الثقافية المبنية على أساس قطري ضيق، في مقابل ما كان سائدا من قبل من مقولات التكامل الحضاري والوحدة الثقافية المبنية على أساس قومي أو ديني موسع.
وبالتالي فإن ما أصبح يحدث في مصر اليوم وما بات ينتجه المثقف المصري سواء تحت يافطة قومية أو قطرية لم يعد يجد له ذلك الصدى الكبير الذي كان يحظى به فيما قبل خارج حدود مصر بل وحتى على تخومها المجاورة.
هذا بالنسبة للمستوى الثقافي، أما بالنسبة للمستوى الإعلامي، فالأمر أوضح، إذ يبدو جليا اليوم أن النظام الإعلامي المعولم والتطور التكنولوجي المتسارع لعبا دورهما الحاسم في تجريد مصر من سلاح هيمنتها الإعلامية على باقي الأطراف الأخرى من الأقطار العربية. ويكفي أن نتأمل على سبيل المثال الفضائيات العربية، لنجد أن إنشاء قناة فضائية ما، سواء إخبارية أو فنية، عامة أو متخصصة، لم يعد بالأمر الصعب أو المعجز بالنسبة لكل الدول العربية على اختلاف قوتها وإمكاناتها الاقتصادية. وبالتالي فلو اقتصرنا على القنوات التي تحقق انتشارا كبيرا وتتميز بنصيب من الجودة التقنية والمهنية وتحترم عقل وثقافة المواطن العربي نجد أنها أصبحت توجد بالفعل خارج حدود مصر فنتيجة لهذا الخروج لم يعد استقطاب وتشكيل الرأي العام العربي حول فكرة ما خاضعا لجهة رسمية أو إعلامية أو ثقافية واحدة، بل أصبح للخبر في حدث واحد أكثر من رواية يمكن اعتمادها، كما أصبح للرأي في موضوع واحد أكثر من زاوية يمكن النظر من خلالها.
المعنى هنا أن ما قلناه على انهيار مركزية الثقافة، على مستوى الكم، يصح بلا شك بالنسبة للإعلام، وأمامنا النموذج العراقي كآخر مثال معبر في هذا الباب وهو يجسد الحد المتطرف لانفكاك الهامش من المركز والخاص من العام والمستقل من الرسمي.
أما على مستوى الكيف، فيكفي أن نذكر على سبيل المثال للمشروع الإعلامي القطري ممثلا في قناة الجزيرة، وبعض المشاريع السعودية والإماراتية المشابهة، ثم الصعود اللافت للدراما السورية وللإنتاجات الفنية الخليجية واللبنانية لنتبين ملامح هذا الواقع الجديد ولندرك أن الاتجاه يسير نحو آفاق أخرى بإيقاعات ونبرات أخرى ليست لمصر فيها تلك المساحة الوضحة التي كانت تضع فيه القدم فيما قبل.
مجمل القول إذن أنه إذا كانت أمثلة زعامة مصر السياسية والعسكرية للدول العربية اختصرت في هزائم مريرة لا تخرج في محصلتها النهائية عن نكبة ونكسة وانتصار منقوص في كل من سنوات 48 و67 و73 من القرن الماضي.
وإذا كانت ريادتها الثقافية والإعلامية التي ظلت تخدم هذا الغرض تآكلت أمام العرب نسبيا وقد تتلاشى نهائيا في المستقبل، فإن الواقع ـ واقع الضعف المستحكم والمستديم ـ قد يجعل الدول العربية، بغياب الدور المصري، أمام خيارين صعبين للغاية:
ـ تأسيس قوة عربية بالتحالف والتضامن فيما بينها والاعتماد على الإمكانات الذاتية في صراعها الوجودي المفتوح؛
ـ أو أخذ الموضوع من آصره والارتماء السهل في حضن القوى الإقليمية التي تعرض نفسها كبديل للدور المصري المنكفئ، وفي هذه الحالة ليس أمامها سوى بديلين اثنين: مشروع إيراني غامض ومشروع تركي متردد علما أن لهذين المشروعين أجندتهما المختلفة وحساباتهما الخاصة في قيادة العرب لن تصل مهما كان الحال إلى خوض حروب بالنيابة عنهم كما فعلت مصر أكثر من مرة في تاريخها.



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا
- رسالة.. إلى من لا يهمهم الأمر
- لَوْلاَ التَّشهُّدُ لكَانَتْ لاؤُهُمْ نَعَمُ
- صبْراً آلَ غزَّةَ.. فأُمُّ الجُبْنِ فِينَا مَا وَلَدَتْ غيْر ...
- إلا الأمن..(!)
- الأحزاب المغربية.. تراجيديا السقوط نحو قمة الحكومة
- انتخابات 2009 للجواب على رسالة الناخب الغاضب
- الهيبهوب ظاهرة صوتية.. لا غير
- أبا الخيزران.. إنهم يطرقون الجدران فعلا (!)
- أبا الخيزران.. هاهم يطرقون الجدران فعلا (!)
- جرح العنوسة.. الطوق والأسئلة
- اللغة والمعنى.. القوالب التي تحكمنا
- القضية تهمنا أيضا
- الجار والمجرور والنكرة والمعرفة: درس في قواعد الاستوزار
- موسم الهجرة نحو الوسط
- في الحاجة إلى معارضة حزبية قوية
- ملاحظات على هامش انتخابات سبتمبر
- البذور المنتقاة لديمقراطية بوش
- الانتخابات والأمية بالمغرب: -إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب-( ...
- التعليم في المغرب: صانع السم لا يذوقه


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبد الإله بوحمالة - العالم العربي: من الزعامة المصرية إلى زعامات أخرى