أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - موعد على الجليد ...قصة قصيرة














المزيد.....

موعد على الجليد ...قصة قصيرة


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 2551 - 2009 / 2 / 8 - 05:54
المحور: الادب والفن
    



لم تكن رشقات المطر الخفيفة على زجاج نافذتها , المطلة على الشارع العام , سببا في مغادرتها السرير , بل لم يكن عواء الريح الذي يشبه اختلاط نشيج الغابة بعويل ذئابها , هو الذي أقض مضجعها , ولاحتى صوت مؤذن الفجر من المسجد المجاور , بحشرجته وحباله المتقطعة

لاهذا ولا ذاك فهي أساسا لم تغمض الجفن منذ أن ودعت آخر خيط للشمس حتى استقبلت أول خيوطها , أعلنت الحرب على النوم , فليل الشتاء بطوله لم يكن كافيا لمستلزمات اللحظة الحاسمة المنتظرة , وجبة العشاء مع الأسرة ليست أمرا مهما , التلفاز برامجه تافهة مكررة , جلها لخطابات القائد , مباراة الشطرنج مع الوالد ألغيت



رغم أن الساعات مرت ثقيلة , كضيف ثقيل يجثم على صدرك في لحظة أنت فيها بانتظار من تحب , إلا أنها استطاعت أن تنجز فيها الكثير مما خططت له , جربت

في شعرها أشكال التسريحات حتى استوقفتها واحدة طويلا أمام المرآة , عشرات الفساتين آخرها باللون الأحمر موشح بالأسود قد لف الجسد الفارع , الذي زاده بهاء طوق ذهبي عانق أخيه , وأساور , وأقراط تراقصت حول المعصمين , رشات عطر

تذيب قلوب الرجال المتجبرين



جيئة وذهابا تقطع الغرفة , كواحدة من مستعرضات الأزياء , ما أن تصل الباب حتى تستدير بسرعة نحو المرآة , كتفيها تهز مرة , وردفيها مرة أخرى , أنغام أغنية أعادت سماعها للمرة العشرين , العالم أجمع في قبضتها اليوم , ملكة سلطت على نساء الأرض

جنون هو الحب ما بعده جنون , شلال هادر يفتت الصخور , ويبعث الحياة ْْوالأمل , طائر محلق في الفضاء لاتحده مخافر ولا عساكر , أتعلمون لماذا تصنع المدافع ؟ لماذا يجوع الفقراء ؟ لماذا ترسم الحدود بين البشر؟ ... عندما يحبس الحب تحل الكوارث , وعندما يختفي يفنى الكون , كل شيء جميل هو الحب

لا أدري من أين يأتي بالكلام الجميل , أيخرجه من حقيبته ؟ كانت تلك آخر ما قال في محاضرة علم الأسلوب , حين قصدت إحراجه بسؤالي التافه : ما علاقة الحب بعلم الأسلوب ؟ ويومها أدركت كل الأسرار , العالم ما زال قائما لأن نبع الحب لم ينضب بعد



لله دركم أيها العراقيون , أهكذا تفهمون الحياة وتفهمون الآخر ؟ , وهل يصدق عاقل

أن بعضكم يذبح بعض ؟ مستحيل , لا أصدق , مستحيل , قرأنا في كتب التأريخ عنكم , وكيف صنعتم الحياة , واليوم إلينا أقدامكم ساقتكم , هاجرتم , هئنذا في شخص أستاذي أراكم

أحبكم , أحبكم , وأنت أيها الأستاذ العراقي العنيد , المكابر , ملء جوارحي أهواك , وأعشقك

مهما عنك قالوا : أجنبي وقومي لا يصاهرون الأجنبي , طالبة أنا وأنت أستاذي , تكبرني كثيرا في السن , قاس أحيانا عند الجد , لا يهم ... أهواه , أهواه , أهوااااه



بلا استئذان تفتحين الباب يا دلال ؟ معذرة أختاه فقد جلب انتباهنا صراخك , لاعليك , لاعليك , فهذا مشهد من مسرحية : عاش الحب , أسنده لي الأستاذ العراقي , ستعرض في مهرجان الجامعة الثقافي , وحفل التخرج , مفهوم , مفهوم يا أنوار , مطت شفتيها وهزت يدها , كتفيها , مفضوح أمركم , مفضوح أيها العشاق المساكين , تكتمون أسراركم , لكن , تفضحكم هفواتكم



لم تأبه لحركات أختها الاستفزازية , فقد أسمعتها من قبل مثل هذا التلميح , كأنها سبرت أغوارها , طز فيكم , قالتها وهي تقلب ألبوم صور خلدت أحداث مناقشة مشروع تخرجها , بإصرار وعناد لإرادة ورغبة رئيس قسم اللغة العربية , ابن البلد , اختارته , هو لاغيره , مشرفا عليه , خمسون صورة تجمعها وإياه , وإن كان أقصر منها , لكنهما كزوج حمام يبدوان



آه , كم تألمت , آه , كم من ليال سهرت , من يومها , السنة لأولى , اليوم الأول , المحاضرة الأولى , بدأ المشوار , من يومها كان نصيبي الامتياز , لأني أحببت , صدقوني , هذا هو الحب , كتبت عنه قصائد , وخواطر , ألم يراجعها معي على أنفراد , علاماته لايفقهها إلا الراسخون في الحب , ارتخاء الجفون , ارتجاف الشفتين , اهتزاز الجسد , دوران الأرض تحت القدمين , نسيان الكلام , وأشياء أخرى



أزاحت ما بيدها دون اكتراث , هرولت بلا شعور نحو النافذة , كان دوي تصادم مركبتين قويا جدا , يا ألله , احفظه من كل مكروه , أبعد عنه الشر , وعدا قطع اليوم , وأقسم , أنه سوف يبوح , اليوم , لي بسر عظيم , سر طواه , منذ عرفته طالبة خجولة , وهئنذا اليوم - بإشرافه - معيدة في القسم

اليوم , أخيرا سينحني , صاغرا ,معترفا بحبه لي , وسوف أحتمي بالقاضي , فمذهبنا يشترط حضور ولي الأمر في عقد الزواج , وإن تجاوزت الفتاة الرشد , ألم يقلها هو : كل رهان خاسر إلا الحب , ألم يضرب مثلا دجلة والفرات , وكيف تعانقا بعد فراق



الشباك ظل مشرعا , سيأتي ملاكا طائرا , يحطم الأسوار , ويحملها , إلى هناك , لأرض الرافدين , إنه الحلم تحقق اليوم , رن المنبه , الثامنة , ساعة الصفر , حملت حقيبتها , هرولت , الباب ظل مشرعا ,لم تلتفت , هاهي على الرصيف , هاهو قادم , سيارته بالمحاذاة , سيفتح الباب , وننطلق , وتبدأ الحياة , تسقط الحدود , تحرق الكراسي , ألم أجزم أن الحب هو الباقي , الحقائب فوق السيارة رصفت , لابد أن تذكرتين إلى بغداد قد حجزت



يداه ترتجفان , فتح الباب مترددا , الرباط نفسه الذي أهدته إياه يوم التخرج , نفس البدلة السماوية التي رأته فيها أول وهلة , لم يفتح الباب - كحلمها -, لتركب , ناولها مسودة ديوانه - قصة مجنونين-

الصفحة الأولى - الإهداء

أهدي نبضاتي إليها ...تلك المجنونة

التي أيقضت في داخلي شيطان الشعر

فكان أجمل حلم في حياتي



أحببتك - أقسم - حد الموت , لكن

ماذا سأفعل , بالدرفش , والكنز العظيم



ليبيا -2007




#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفن الحرير الهندي ... قصة قصيرة
- غن ...يسقط هولاكو
- ألا شلت يمينك يازيدي ... فقد أهنت الحذاءا
- والله العظيم ...لإنه استعمار
- كلا الأخوين ضر ...ولكن شهاب الدين أضر ...من أخيه رجاءنشر هذا ...
- في كل عراقي..وجدت مندائيا


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - موعد على الجليد ...قصة قصيرة