أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد جميل - قراءة في سفر التكوين















المزيد.....

قراءة في سفر التكوين


سعد جميل

الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 07:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سفر التكوين هو اول اسفار التوراة في اليهودية كما انه اول اسفار العهد القديم في المسيحية. تم كتابة هذا السفر لاول مرة في حوالي القرن الثالث عشر قبل الميلاد في عهد موسى. وفي روايات اخرى تم تكملة كتابته في القرن السادس قبل الميلاد اثناء السبي البابلي لليهود.
يتناول هذا السفر احداث تبدأ مع خلق الله للكون والانسان وخروج الانسان من الجنة الى الارض. كذلك يتناول سيرة حياة بعض الانبياء وقصة الطوفان المعروفة وينتهي هذا السفر بفترة نهاية حياة يوسف.
ولمن لم يقرأ هذا السفر يستطيع الاطلاع عليه في هذا الرابط:
http://www.enjeel.com/bible.php?op=read&bk=1
الهدف من هذه القراءة هو الوقوف عند بعض الاخطاء العلمية والاخلاقية وكذلك الفهم الخاطئ لطبيعة حياة البشر. ويطرح هذا السفر العديد من التساءلات عن مصداقية ما مكتوبٌ فيه على انه من عند الهٍ قادرٍ على كل شئ.

يبدأ الاصحاح الاول من سفر التكوين بالحديث عن اليوم الاول للخليقة بالاية الاولى التي تقول [في البدء خلق الله السموات والارض] وتساءلي هنا هو عن معنى السموات في هذه الاية فهل تعني الشمس والقمر والكواكب الاخرى في مجموعتنا الشمسية ام هي تعني المجرة التي نحن فيها ام ربما تعني الكون كله. ففي كل هذه الحالات فان الارض صغيرة جدا بل انها لاتساوي شئ بالنسبة للكون وبالتالي لاتستحق ان تذكر مع السموات الكبيرة جدا. لكن لو عرفنا إن مؤلفي الكتب الدينية في ذلك الزمان كانوا يعتقدون بان الارض كبيرة ككبر السماء وهي مسطحة وممتدة حيثما امتدت السماء, عندها سنفهم الاية بشكل افضل وهي ان الله خلق السموات والارض وكلاهما كبيران.
يُكمل بعدها على ان الارض كانت خالية ومظلمة, لذلك يقول في الاية الثالثة من نفس الاصحاح [وقال الله ليكن نور فكان نور]. ولعله يقصد بالنور الشمس (بالرغم من ذكرها مرة اخرى في الاية 14) وهي مغالطة علمية كبيرة جدا, حيث ان ما هو ثابت علميا ان الشمس هي التي تكونت اولا ومن ثم الكواكب ومنها الارض ولذلك هم يدورون حول الشمس. واعود واقول مرة اخرى بان الانسان اعتقد في ذلك الوقت بان كل شئ في السماء يدور حول الارض, ولذلك اعتقدوا بان الارض الثابتة الكبيرة هي التي خُلقت اولا ومن ثم الشمس والقمر والنجوم ليدوروا حولها.
وفي اليوم الثاني للخليقة في الايات من السادسة الى الثامنة يخلق الله اليابسة والبحار على طريقته, طريقة كن فيكون. ثم يستمر في عمله في اليوم الثالث ويخلق الاعشاب والاشجار وبالطريقة الالهية ذاتها. ويعود من جديد في اليوم الرابع وفي الايات من 14 الى 19 ليخلق الشمس والقمر والنجوم وهي مغالطة علمية كبيرة كما اسلفنا. وفي الايات من 20 الى 23 يخلق الله الحيوانات, وكان ذلك في اليوم الخامس.
وفي اليوم السادس وهو اخر ايام الخليقة يخلق الله الانسان على صورته وهذا ما نجده في الاية 27. ثم يأمر الانسان بان يتكاثروا ويملأوا الارض وبان يتسلطوا على الحيوانات والنباتات الموجودة على سطحها. وهنا نلاحظ بان الله احتاج الى يوم كامل لخلق الانسان كحال السموات والارض, فهل الانسان بهذه الصعوبة والتعقيد. واذا كان هكذا فكيف استطاع الله ان يخلق جميع الحيوانات في يوم واحد, ولدى الحيوانات من الصعوبة والتعقيد ما لدى الانسان ايضا.
ينتهي الاصحاح الاول بانتهاء ايام الخليقة الستة. ولدي هنا تسائل بسيط قبل ان ننتقل الى الاصحاح الثاني, ماذا كان يفعل الله قبل اليوم الاول للخليقة?

في بداية الاصحاح الثاني يبارك الله اليوم السابع ويقدسه لان فيه استراح من عمله. وفي الاية السابعة من نفس الاصحاح يخلق الله آدم من تراب الارض ويضعه في جنة عدن ويضع ايضا في وسط الجنة شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر. ثم يسترسل بعد ذلك في وصف انهار الجنة وهم فيشون وجيحون وحداقل والفرات, وفي رواية اخرى يُذكر اسم دجلة بدل حداقل ولذلك يُعتقد بان الجنة كانت تقع في المنطقة الواقعة اليوم بين العراق وسوريا وتركيا.
في الاية 17 يأمر الله ادم ان لاياكل من شجرة معرفة الخير والشر وإلا فسيموت. ثم يخلق الله معينا لآدم ويأخذ ضلع من اضلاعه ويصنع منها امرأة. وعندها يقول آدم في الاية 23 [فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي.هذه تدعى امرأة لانها من امرء اخذت]. وتعليقي هنا على النظرة الدينية الذكورية التي تعتبر ان خلق المرأة هي فقط لاعانة الرجل, واضيف ايضا ان هذه النظرة الدونية للمراة تتعدى كونها معينة للرجل الى الطريقة المذلّة التي خُلقت فيها حيث انها اُخذت من ضلع الرجل لتكن تابع له. ألم يكن بمقدور الله ان يخلقها بطريقة اخرى كطريقة التراب او طريقة كن فيكون او اي طريقة اخرى من الطرق الالهية العجيبة.

يبدأ الاصحاح الثالث بالاية التي تقول [وكانت الحيّة أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله …]. ثم تسرد الايات اللاحقة الحوار الذي جرى بين الحيّة والمرأة التي هي حواء وكيف ان الحيّة اغوت المرأة ان تاكل من شجرة الخير والشر التي نهى الله عن اكلها. فاكلت المرأة واعطت لرجلها ايضا فانفتحت اعينهما. فغضب الله وجاء ليسأل آدم ان كان قد اكل من هذه الشجرة, فاعترف آدم بانه قد فعل ذلك والقى باللائمة على حواء التي اعطته التفاحة, اما حواء فقد القت باللائمة على الحيّة التي اغوتها. فلعن الله الحيّة وجعلها تمشي على بطنها وتاكل ترابا كل ايام حياتها. ثم عاقب الله حواء وآدم في الايات من 16 الى 19 [16 وقال للمرأة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك.بالوجع تلدين اولادا.والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك. 17 وقال لآدم لانك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الارض بسببك.بالتعب تأكل منها كل ايام حياتك. 18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل. 19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود الى الارض التي أخذت منها.لانك تراب والى تراب تعود].
ولان الانسان اكل من هذه الشجرة واصبح يعرف الخير والشر وحتى لا ياكل من شجرة الحياة ويحي في الجنة الى الابد, طرد الله الانسان من الجنة ليقيم شرق جنة عدن. وهنا ينتهي الاصحاح الثالث.
يفتح هذا الاصحاح الباب على تساؤلات عديدة يبدأ معضمها بلماذا, فلماذا خلق الله الحيّة أحيل جميع الحيوانات, ولماذا احتاج الله لهذه الطريقة الملتوية ليُخرج الانسان من الجنة في حين كان بمقدوره ان يُخرجه بطريقة سلسة كسلاسة خلقه للسماوات والارض! ولماذا اصلا وضع الله شجرة الخير والشر في الجنة, أفليس الله من نصب الكمين للانسان وعندما وقع الانسان فيه عاقبه الله. ثم لماذا دائما نلاحظ وجود العقاب الإلاهي عند قراءتنا للكتب الدينية ألا يبعث هذا لعدم الراحة والاطمئنان, وكان بمقدور الله تجنب مبدأ العقاب لو لم يخلق الشيطان والشر والكذب و و الخ. فالانسان بالتالي هو صنيعة الله, والله على دراية مسبقة بما سيقوم به الانسان من اعمال “شرّانية”. وكان بمقدور الله ان يصنع الانسان كصناعتنا لجهاز الكمبيوتر, فهذه الالة تنفذ ما نريده منها بالحرف الواحد لااكثر ولااقل.
ثم لنناقش سوية الايات التي عاقب الله فيها الانسان والتي على اساسها طُرد الانسان من الجنة. ففي الاية 16 يعاقب الله المرأة بالوجع عند الولادة. وهذا خطأ جديد وقع فيه كتّاب هذا السفر حيث اعتبروا ان وجع الولادة هو عقاب الهي في حين تناسوا ان هذه هي طبيعة الانثى عند كل الحيوانات وليس عند الانسان فقط. فأنا عندما كنت صغيرا كان لدينا دجاج في البيت وكانت الواحدة منهم تصيح لدقائق عديدة عند وضعها للبيضة من شدة الالم. فهل هذا عقاب من الله ايضا على الرغم من اني لم اسمع في حياتي عن ان الدجاجة قد اغوت ديكها ان ياكل من شجرة أَنها الههم عن اكلها!
وفي نفس الاية 16 يعاقب الله المرأة بان تشتاق الى رجلها. فاذا كان الاشتياق هنا بمعنى ان تحب المراة رجلها فهذا شئ جيد والحب يجب ان يكون من الطرفين وليس من طرف واحد. ولكن ولأن الله لم يعاقب الرجل بان يشتاق لإمرأته في الاية التي بعدها, يكون لاشتياق المراة للرجل معنى اخر وخاصة ان قرءنا تكملة الاية التي تقول [وهو يسود عليك]. فالله هنا اراد ان يعاقب المراة بانها على الدوام تتمنى ان لاتفقد او تخسر معيلها وسيدها, فكلمة يسود عليها تعني ان الرجل هو السيد وهو صاحب الامر والنهي وما المراة إلا عبدٌ لذلك السيد. وانا لا اجد في هذه الاية الا حلقة اخرى في مسلسل الظلم الالهي للمراة, او بمعنى اخر الظلم الذكوري الذي يكتب نيابة عن الله.
في الايات الثلاثة التي تعقب الاية 16 يعاقب الله الرجل بأن لاياكل الا من تعبه ومن عرق جبينه. وهذا هو خطأ اخر لفهم طبيعة الكائنات الحية نباتية كانت ام حيوانية, فالاشجار التي لاتنتج ثمرا (اي لاتعمل بمعنى اخر) تُقطع , والحيوانات التي يدجنها الانسان يجب ان تنتج وإلا ذُبحت. حتى حيوانات الغابة تقضي ساعات طويلة كل يوم من اجل الفوز بفريسة تُشبع بها نفسها الجائعة والا ماتت وانقرضت. والانسان حاله حال اي كائن حي اخر يجب ان يعمل حتى يعيش, واذا كان العمل هو عقاب الهي فمعنى هذا ان الله قد عاقب بقية الكائنات الحية ايضا.
تعليقي الاخير على هذا الاصحاح ان آدم وحواء “اخطئا” عندما اكلا من شجرة الخير والشر بعد فترة وجيزة من خلقهما فما بالك بالانسان الذي سيأتي بعد الف والفين وعشرة الاف سنة. وهل اخذ الله هذا في حساباته عندما خلق الطبيعة البشرية, تساءل بسيط.

يسرد الاصحاح الرابع اسماء ابناء آدم وهم قايين وهابيل وشيث وقصة قتل قايين لهابيل. كما يذكر الاصحاح الخامس اسماء ابناء واحفاد شيث حتى مجيء نوح واولاده.
اما الاصحاح السادس والسابع والثامن فيروي قصة الطوفان المعروفة والتي حدثت لنوح. وحسب هذه القصة فان الله رأى ان الشر كثر في الارض, وامر نوح ان يبني قاربا كبيرا وياخذ معه اهله وزوجين من كل الحيوانات لانه سيغرق الارض بطوفان عظيم. لن اسرد اكثر في تفاصيل هذه القصة فالقصة معروفة للجميع, ولن اعلق كثيرا وانما اكتفي بالقول ان هذه الرواية بتفاصيلها نراها مكتوبة في ميثولوجيات السومريين ومن بعدهم البابليين قبل ان تُكتب في التوراة. حيث تشير دراسة المتحجرات إلى حدوث سلسلة من الفيضانات المدمرة بين عامي 4000 إلى 2000 قبل الميلاد في ما كانت تسمى سابقا بلاد ما بين النهرين. كذلك من المعلوم ان النتاج الفكري لأي انسان يتاثر بالبيئة التي يعيش فيها لذلك دخلت هذه الحادثة الطبيعية في الاساطير التي انتجها انسان تلك البقعة من الارض. وبما ان ابراهيم الخليل هو من منطقة جنوب وادي الرافدين فهو متاثر بها لامحال بل انه اعتقد بها على انها قصة حقيقية وإلا ما نقلها الى ابناءه من بعده حتى وصلت الى موسى الذي بدأ بكتابة التوراة.

واذا انتقلنا الى الاصحاح 12 حيث يبدأ الحديث عن ابرام وزوجته ساراي (ابراهيم وسارة). كلّم الله ابراهيم ان يترك عشيرته ويذهب الى الارض التي ستكون له فيها امة عظيمة. فرحل ابراهيم ومعه زوجته وابن اخيه لوط الى ارض الكنعانيين التي وعده الله ان تكون له ولنسله. ولابد من التعليق هنا انه كان من الواجب على الله ان يدع هذه البقعة من الارض خالية من اي بشر اذا كان في نيته ان يعطيها الى ابراهيم ونسله حتى لايحدث تصادمات بين سكان الارض من الكنعانيين والمهاجرين الجدد, فالله لايحب الصدامات والحروب واراقة الدماء كما يقولون لنا ناهيك عن ان السكان الاصليين هم من البشر الذين خلقهم الله. او كان باستطاعة الله ان يجد لهم حل اخر كأن يخلق لابراهيم ونسله جزيرة بطريقة كن فيكون ولتكن هذه الجزيرة قرب فلسطين (ارض الكنعانيين) وبذلك يكون السلام بينهم وليس الاقتتال من اجل السيطرة على الارض.
وبالعودة الى نفس الاصحاح 12 يغادر ابراهيم ارض الكنعانيين لحدوث مجاعة فيها ويدخل ارض مصر وهناك يرتكب ابراهيم جريمة اخلاقية, لنقرأ الايات اولا قبل التعليق عليها [ 11 وحدث لما قرب ان يدخل مصر انه قال لساراي امرأته اني قد علمت انك امرأة حسنة المنظر. 12 فيكون اذا رآك المصريون انهم يقولون هذه امرأته.فيقتلونني ويستبقونك. 13 قولي انك اختي.ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من اجلك 14 فحدث لما دخل ابرام الى مصر ان المصريين رأوا المرأة انها حسنة جدا. 15 ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون.فأخذت المرأة الى بيت فرعون. 16 فصنع الى ابرام خيرا بسببها.وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد واماء وأتن وجمال. 17 فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة ابرام. 18 فدعا فرعون ابرام وقال ما هذا الذي صنعت بي.لماذا لم تخبرني انها امرأتك. 19 لماذا قلت هي اختي حتى اخذتها لي لتكون زوجتي.والآن هوذا امرأتك.خذها واذهب].
اي ان ابراهيم كذب عندما قال انها اخته وليست زوجته وارتضى ان تكون لفرعون مقابل ان يحصل على الاغنام والابقار والإماء ايضا. ففي الاية 13 يأمر ابراهيم سارة ان تقول انها اخته لكي يكون له خيرا بسببها, ولااعرف لماذا لايطلب من ربه ان يكون له خيرا. وأُخذت سارة الى فرعون وحصل ابراهيم على المال والحلال. لااعرف ماذا اسمي هذه الحالة ان يعطي رجل امرأته لرجل اخر مقابل المال.
كيف ارتضت اخلاق ابراهيم وهو “نبيّ” ان يقوم بهذه الفاحشة, وما هي اصلا مقاييس “النبيّ الصالح” قد تكون هذه واحدة من المقاييس فالانبياء يحللون لانفسهم ما يحرمونه على الاخرين.
وبعد كل هذا يعاقب الله فرعون ويضربه ضربات عظيمة بسبب هذه الحادثة كما هو مذكور في الاية 17. وانا في رأيي ان فرعون لم يُخطئ وكان المفروض على الله ان يعاقب ابراهيم لفعلته الدنيئة هذه.
يعود ابراهيم بعد ذلك الى ارض الكنعانيين وهو غنيا جدا في المواشي والذهب والفضة كما هو مذكور في بداية الاصحاح 13. ولم يكن هو وحده الذي اغتنى من (عمله الشريف جدا) في مصر وانما ابن اخيه لوط ايضا. ومن كثر ما كانوا يملكون لم تسعهما الارض وقررا ان يفترقا, فرحل لوط شرقا وبقي ابراهيم في الارض التي وعده الله ان تكون له.
تعليق اخير على هذه الحادثة, ما هي الحكمة الالهية من رحلة ابراهيم من فلسطين الى مصر والعودة مرة اخرى الى فلسطين? فاذا كان هذا بسبب المجاعة التي ضربت فلسطين في تلك الفترة فان الله خالق السماوات والارض كان بمقدوره ان يحل مشكلة المجاعة. واذا كان الله قد اراد من هذه الرحلة ان يغني ابراهيم فكان بمقدوره ايضا ان يقول له كن غنيا فيكون غنيا بدلا من هذه الطريقة الملتوية.

في الاصحاح 16 تطلب سارة او ساراي من ابراهيم ان يتزوج من جاريتها هاجر لانها كانت لاتنجب. ففعل ابراهيم هذا وحبلت هاجر, عندها تندم سارة وتقرر ان تطرد هاجر بعد ان اخذت موافقة زوجها ابراهيم. تعليق, ان الله طرد آدم من الجنة لانه سمع كلام زوجته واكل من شجرة الخير والشر لكنه لم يعاقب ابراهيم عندما سمع كلام زوجته وتزوج ومن ثم طرد هذه الجارية المغلوب على امرها وهي حامل منه. الم يستطع الله ان يأمر ابراهيم ان يبقي هاجر معه وخاصة وهي حامل, ثم لماذا اصلا يسمح الله بوجود فوارق اجتماعية بين مخلوقاته كالعبد وسيده والجارية ومولاتها اليس في ذلك ظلم وتجني على فئة معينة دون غيرها. وفي الاصحاح 17 يوعد الله ابراهيم بانه سيقيم عهدا مع نسله من سارة وليس من هاجر رغم ان اسماعيل ابن هاجر هو الاكبر لكن الله ينظر الى هاجر على انها جارية لااكثر!

وبالانتقال الى الاصحاح 22 حيث نقرأ عن امتحان الله لإبراهيم ان يقدم ابنه ذبيحة لله. ياخذ ابراهيم ابنه اسحاق وياخذ معه حطب وسكين ويصعدان الى الجبل. يربط ابراهيم ابنه على المذبح فوق الجبل ويشرع باخراج السكين ليذبحه, وفي تلك اللحظة يسمع ابراهيم صوتا من السماء يطالبه بان لايمد يده الى الغلام وان لايفعل شيئا لان الله علم إن ابراهيم لا يمانع ان يقدم اي شئ لله حتى ابنه. فيسمع ابراهيم كلام الله ويحل ابنه من المذبح وياخذ بدلا عنه كبشا كان واقفا وراءه, وهنا ينتهي الامتحان.
تعليق, بغض النظر عما اذا كان الابن هو اسحاق ام اسماعيل (كما مذكور في القرآن) فان السبب المعلن من هذا الامتحان هو التأكد من اطاعة ابراهيم لربه, لكن وكما مكتوب في هذا السفر فأن ابراهيم كان يطيع وينفذ اوامر ربه على الدوام ودون اي مناقشة فلماذا الامتحان الان وخاصة وإن ابراهيم كان يعيش ايامه الاخيرة. ثم الا يعرف الله ما في القلوب ام إن هذا الامتحان هو دليل على عدم معرفة الله عما يدور في خواطر البشر. ولماذا لم يطلب الله من ابراهيم ان يضحي بنفسه بدلا من ان يضحي بإبنه الشاب الذي لاعلاقة له بالذي يجري بين ابيه والله . وهل اخذ الله في حساباته ما الذي سيحل بابراهيم اثناء وبعد هذه الحادثة من امراض نفسية وازمات قلبية لانه سيظل يتذكر تلك اللحظة التي رفع فيها السكين ليذبح ابنه. لايمكن ان يكون هذا الاله هو من خلق البشر لاراد لهم على الاقل الخير وليس الشر.

ساكتفي بهذا القدر من التعليق على سفر التكوين ولكم ان تطلعوا على الاجزاء المتبقية منه والتي تتحدث عن حياة اسحاق ويعقوب ويوسف وهي لاتخلو من الاثارة والمتعة عند قراءتها!

كان لكل شعب من الشعوب القديمة قصة خلق خاصة به يروون فيها حسب معتقداتهم طريقة خلق الارض والانسان وغير ذلك. بعض هذه القصص كقصة الخلق السومرية والبابلية قريبة بشكل او باخر من قصة الخلق في سفر التكوين. ومع هذا فان اصحاب الديانات “السماوية” يصفون جميع تلك القصص بانها خرافات واساطير وانها نتاج فكر الانسان لاغير. ويدّعون ان قصتهم او قصصهم وكل ما مكتوب في كتبهم هي من عند الاله الحقيقي. فلو ادّعوا ان كتبهم هي من نتاجهم ايضا لقرءتها كما اقرأ ملحمة كلكامش مثلا. ولكن بادعائهم على انها من عند الهٍ قادرٍ على كل شئ يكون لزاما عليّ ان اتأكد من حقيقة هذا الاله. وبما ان كتبهم مليئة بالمغالطات التي لايقع بها اله عارف وخالق لكل شئ يكون اله الديانات السماوية مزيفا ولا اساس له من الصحة.




#سعد_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيعة هي التي خلقت الانسان
- لماذا لا يبعث الله نبيا كل خمسين عام
- لماذا خلق الانسان الله 2/2
- لماذا خلق الانسان الله 1


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد جميل - قراءة في سفر التكوين