أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد جميل - الطبيعة هي التي خلقت الانسان















المزيد.....

الطبيعة هي التي خلقت الانسان


سعد جميل

الحوار المتمدن-العدد: 2508 - 2008 / 12 / 27 - 09:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تدعي الاديان ان الله قد خلق الانسان من التراب او الطين. وبينما خلق الله كل شئ بطريقة كن فيكون (الارض والسماء والكون كله وحتى النباتات والحيوانات) فانه اختار ان يخلق الانسان بطريقة خاصة فاخذ حفنة من تراب وقال لها كن فكانت انسان. اي انه ايضا خلق الانسان بطريقة كن فيكون لكن مع وضع بعض التراب (البهارات) عليها, وكل ذلك على ما يبدو لكي يخصه في طريقة الخلق وبالتالي يخصه في ابداعه عن كل المخلوقات التي خلقها.

وهنا يتبادر الى الذهن سؤالان, اولهما ما قيمة الانسان من كل هذا الكون اللامحدود وثانيهما هل فعلا يتميز الانسان عن باقي المخلوقات. اما عن السؤال الاول فأن حجم الانسان بالنسبة لحجم الكون هو اقل من نقطة في بحر, فحتى البحر يمكن حساب حجمه اما الكون فمن الصعب تحديد حافاته الخارجية لكبر حجمه. وكل ما نراه من نجوم من حولنا يقعون في مجرتنا مجرة درب التبانة وتقع المجموعة الشمسية ومن ضمنها الارض في الثلث الخارجي من المجرة اي ليست في المركز. اما اقرب المجرات الى مجرتنا فيمكن مشاهدتها بالعين المجردة في الليالي الصافية على شكل سحب صغيرة خافتة الاضاءة ولايمكن تحديد نجم بحد ذاته في تلك المجرات لبعدها عنا فما بالك بوجود مئات الالاف بل ربما الملايين من المجرات في هذا الكون.
اما عن ذلك الانسان الذي كتب روايات خلق الكون وخلق الانسان فهو كان يعتقد ان الارض هي مركز الكون وان كل شئ يدور حول الارض ولذلك آمن بأن وجوده اي وجود الانسان في مركز الكون له حكمة الهية, وهو بذلك بنى اعتقاده هذا على اعتقاد خاطئ وهو مركزية الارض. ولو اكدت الاكتشافات العلمية بأننا فعلا في مركز الكون لتسائلنا جميعا عن الحكمة من وجودنا في هذا المركز, ولكن تجري رياح العلم دائما بما لاتشتهي سفن الدين.

اما عن التسائل الثاني بخصوص تميز الانسان عن بقية المخلوقات فأن اكتشاف الحامض النووي ال DNA وما يحمله من جينات تصف التطور البايولوجي للكائنات الحية كفيل بأن يجيب على هذا التسائل. ان هذا الاكتشاف العظيم بين لنا ان اكثر من (98%) من التركيب البروتيني في جزيئات الحامض النووي عند الانسان تشابه مثيلاتها عند بعض انواع الشمبانزي, وان هذه النسبة تقل بقليل بالمقارنة بين الانسان والغوريلا. وحسب هذا الاكتشاف فأن التشابه بين الانسان والشمبانزي والغوريلا اكبر من التشابه بين الحصان والحمار مثلا.
فلماذا خلقنا الله(وهو الذي خلقنا على صورته) بهذا التشابه الكبير مع حيوان اخر. الم يستطع الله ان يخلقنا بشكل فريد لانظير له وهو الذي خصنا في طريقة خلقه عن كل شئ في هذا الكون. وما هو هدف حفنة التراب إذا التي خلقنا منها وهو الذي كما رأينا قد استنسخنا من حيوان اخر, فهل هي من اجل هذه النسبتين المؤيتين التي تفصلنا عن الشمبانزي. وهل فعل الله نفس الشئ مع الحيوانات الاخرة ام ان كله ضحك على الذقون حاله حال الاديان على مر التاريخ فإن جميعها اخذ واستنسخ من الافكار والمعتقدات والاديان التي سبقتها واضافت عليها الشئ القليل (قد يصل الى نسبتين مؤيتين في افضل الحالات) وطرحتها على الناس على شكل دين جديد لامثيل له.

لو اخذنا مثلا صناعة الانسان للعربة ومن ثم السيارة فيما بعد فسنجد ان الانسان ابدع في هذا المجال وخلق شيئا لم يكن له وجود في الطبيعة. فعندما صنع الانسان العربة وضع لها عجلات وليس ارجل كأرجل الفرس او الجمل, وجعل ظهر العربة مسطح حتى يحمل اكبر عدد من البضائع و الاغراض وهو اختلاف كبير عن ظهر الدابة. وعندما وصل الانسان الى صناعة السيارة لكي يستخدمها بدل الدابة التي تجر العربة, صنع لها محركا وليس عضلات حتى تسير وجعل لها وقودا خاصا وليس دما وصنع لها باب ومقود والخ.
فما اروعك من خالق يا ايها الانسان فقد صنعت لنا السيارة وكل الاجهزة والادوات التي نستخدمها في حياتنا اليومية من العدم اي ليس لها اي وجود من حولنا وانما موجودة فقط في عقل الانسان الخلاب. فما بالك ياالله لاتتعلم طريقة الخلق الحقيقية من الانسان بدلا من ان تخلقنا “بأحسن تقويم” ولنا خمسة اصابع في الكف الواحد حالنا حال بقية الحيوانات ولنا ايضا جهاز هضمي ودموي وعصبي يشبه ما لدى الحيوانات الثدية الاخرى. فصناعتك يا الله كالصناعة التايوانية كلها تقليد.

لكن كيف تطورت الاحياء ومنها الانسان على وجه الارض من الناحية العلمية. حسب المختصون فإن الاحياء المعقدة بدأت بالظهور على وجه الارض قبل حوالي خمسمئة مليون سنة من الان, الاحياء المعقدة هي احياء ليست بدائية اي ليست ذوات الخلية الواحدة. لعبت التغيرات المناخية والبيئية والجيولوجية وتأثيرات خارجية اخرى على تطور الحياة على وجه الارض, كيف? خلال الخمسمئة مليون سنة هذه تعرضت الكرة الارضية الى عدة تغيرات وكوارث طبيعية كبيرة جدا اثرت على كل الاحياء على وجه الارض. منها كان تغيرات مناخية ودخلت الارض خلالها في عصور جليدية طويلة امتدت لملايين السنين. ومنها كان تغيرات بيئية ازدادت فيها نسبة غازات معينة في الغلاف الجوي بنسبة كبيرة بسبب النشاطات البركانية التي رافقت التغيرات الجيولوجية في القشرة الارضية, واحتاجت الارض في وقتها الى ملايين السنين قبل ان تستعيد عافيتها. وكوارث اخرى حدثت بسبب تأثير خارجي مثل الذي حدث قبل حوالي 65 مليون سنة عندما ارتطم جرم سماوي كبير بالارض ولد انفجارا عادل تأثيره تأثير الاف القنابل النووية واحتاجت الحياة على وجه الارض في وقتها الى الاف السنين قبل ان تستعيد نشاطها. وبالمناسبة فأن تأثير هذا الانفجار على الاحياء كان الاقل بالمقارنة مع بقية الكوارث لكنه الاكثر اهتماما لدى الباحثين لانه الاخير الذي حدث.
كل كارثة من هذه الكوارث الكبيرة التي حلت على الكرة الارضية كانت تقضي على غالبية الاصناف الحية على سطح الارض. والاصناف التي نجت من الكارثة هي ايضا كانت قد تأثرت بها لكنها استطاعت ان تتكيف بايولوجيا مع الحدث كأن يكون تكيف الجهاز التنفسي للنسب الجديدة للغازات الموجودة في الهواء مثلا. والانواع التي لاتستطيع ان تتكيف تموت وتنقرض بعد سنين قليلة من بدء الكارثة. وبعد انتهاء الكارثة تبدأ الاصناف الناجية بالتكاثر بسرعة لتعويض الخسارة ولوجود ارض خالية من كائنات اخرى منافسة حتى ان ملؤا الارض جاءت كارثة اخرى وهكذا. فبالرغم من المصائب الكبرى للكوارث فإن لها فائدة كبيرة في تطور الاصناف الناجية, والمثل يقول مصائب قوم عند قوم فوائد وهو قانون الطبيعة وليس فقط مثلا شعبيا.
وفي تجربة قام بها الباحثون لدراسة تطور جهاز المناعة عند نوع من الحشرات, تم تحضيرمبيد كيميائي على درجة معينة من التأثير ورشه على نوع من الحشرات في بحيرة صغيرة. تم ابادة اكبر عدد من الحشرات والعدد القليل المتبقي تبين انه قد طور جهاز المناعة لديه ليقاوم هذا التأثير الجديد. تم ترك هذا العدد القليل للتكاثر لفترة معينة وتم ملاحظة ان كل الحشرات الجديدة لها جهاز مناعة متطور. اعيدت التجربة مرة اخرى ولكن بتأثير كيميائي اقوى وتم الحصول على نفس النتائج تقريبا اي ان العدد القليل المتبقي من الحشرات كان له جهاز مناعة اكثر تطورا. هذه التجربة تثبت ان للكائنات الحية القابلية على التطور في حال تعرضت لتأثير خارجي يهدد وجودها.

ان التغيرات والكوارث الطبيعية لاتقف عند هذا العدد القليل الذي حل بالكرة الارضية وانما هو مستمر ويحدث بشكل دائمي لكن بشكل محدود اي على مناطق معينة من هذا العالم, كأن يكون تصحر منطقة معينة صغيرة نسبيا دون باقي المناطق. ان مثل هذه التغيرات المناخية المناطقية تلعب دور كبير في تقسيم صنف معين من اصناف الكائنات الحية الى مجاميع متفرقة تعيش بعيدة عن بعضها البعض وبالتالي فان نمط حياتها وتطورها يختلف عن بقية المجاميع الاخرى والتي كانت بالاصل صنف واحد.
فمثلا لو فرضنا ان صنف معين من اصناف الكائنات الحية يعيش في قارة استراليا ولو فرضنا ايضا ان قارة استراليا قارة خضراء وتغطيها الغابات. ثم حدث تغير مناخي ادى الى ان التصحر بدأ يظهر في وسط القارة. سينقسم هذا الصنف الى مجموعتين شرقية وغربية تفصل بينهما الصحراء. كذلك فان هذه التغيرات المناخية تجبر هذا الصنف والذي هو منقسم الى مجموعتين الان الى العيش في ظروف بيئية قاسية لم يعهدوها من قبل. فهم الان امام خيارين اماالموت والانقراض واما التكيف مع الحياة الجديدة اي بمعنى التطور. فإن تغلبوا على هذه البيئة الجديدة وتطوروا فإن تطورهم سيكون في الغالب بخطين غير متشابهين لان الظروف البيئية والجغرافية في المنطقة الشرقية لاتشبه بالتمام والكمال ما هي عليه في المنطقة الغربية. وعلى هذا الاساس فإن المجموعتين سيتحولان الى فصيلين جيدين يختلفان عن بعضهما البعض بنسبة تعتمد على الاختلاف بين البيئتين. طبعا كل هذا يحتاج الى ملايين من السنين قبل ان يستقل كل صنف بحد ذاته عن بقية الاصناف.
ولو فرضنا مجددا ان هذه الصحراء بدأت بالتوسع بإتجاه الشرق مما ادى الى انقسام الصنف الشرقي الى مجموعتين, مجموعة شرقية شمالية ومجموعة شرقية جنوبية. ويعاد السيناريو اعلاه مرة اخرى وينتهي الصنف الشرقي ويتحول الى صنفين شرقي شمالي وشرقي جنوبي. لكن وهنا المهم ان التشابه بين هذين الصنفين اكبر من التشابه بين هذين الصنفين من جهة والصنف الغربي من جهة اخرى بالرغم من انهم جميعا من اصل واحد. وهذا ما يعرف بنظرية التطور الطبيعي للكائنات الحية.

ومن خلال دراسة سلم التطور للكائنات الحية وجد المختصون ان اقرب صنف موجود على سطح الارض الان للانسان هو الشمبانزي. وقد تكون علاقة الصلة بين الانسان والشمبانزي كالعلاقة بين الصنف الشرقي الشمالي والصنف الشرقي الجنوبي في المثال اعلاه. او قد تكون كالعلاقة بين الصنف الشرقي الشمالي والصنف الغربي وان الصنف الشرقي الجنوبي قد انقرض في وقت ما لسبب ما. او قد تكون ابعد او اقرب من هذا المهم ان لكلا الصنفين اصل واحد. وبالرجوع الى الوراء اكثر في سلم التطور نجد ان صنف الغوريلا قد انفصل عن الصنف الذي اتى منه فيما بعد الانسان والشمبانزي وهكذا.
وللاطلاع اكثر على سلم التطور للانسان يمكن الدخول الى هذا الرابط ومن خلاله يمكن الدخول الى روابط اخرى ذات صلة من خلال الضغط على الكلمات ذات اللون الازرق.
http://en.wikipedia.org/wiki/Human

فالطبيعة إذا بتغيراتها هي التي خلقت هذا الكائن الحي الذي اسمه انسان. وبعد موت الانسان تتفسخ خلاياه الحية وتتحلل الى العناصر الاولية المتكونة منها. وقد تدخل هذه العناصر فيما بعد في تركيبة خلايا حية جديدة نباتية كانت ام حيوانية.
واخيرا اقول إنا (بتشديد النون) من الطبيعة وإنا اليها لراجعون.



#سعد_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يبعث الله نبيا كل خمسين عام
- لماذا خلق الانسان الله 2/2
- لماذا خلق الانسان الله 1


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد جميل - الطبيعة هي التي خلقت الانسان