أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - المفهوم الماركسي لتحرير المرأة















المزيد.....



المفهوم الماركسي لتحرير المرأة


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2541 - 2009 / 1 / 29 - 10:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المحتويات:
1- الماركسية وتحرير المرأة
2- الماركسية ومفهوم الحل التلقائي لقضية المرأة.
3- الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة

- الماركسية وتحرير المرأة1
نظرت الماركسية الي قضية تحرير المرأة في ارتباط وثيق مع تحرير المجتمع من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والديني، وكما هو معلوم، فان اول بحث رائد في الماركسية حول قضية المرأة هو الذي قدمه انجلز في مؤلفه( اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة)، والذي نشر لأول مرة عام 1884م، استند انجلز في مؤلفه علي بحث عالم الاجتماع الامريكي مورغان الذي عاش لفترة عشرين سنة وسط القبائل البدائية للهنود الحمر.
انطلق انجلز من الفهم المادي للتاريخ الذي يقول أن التحول في اسلوب الانتاج يؤثر علي الوجود الانساني باسره، بما في ذلك شكل العلاقات بين الرجال والنساء، ولايمكن الفصل بين الانتاج وتجديد النوع البشري في تطور المجتمع.
وكانت اهم استنتاجات انجلز تتلخص في الآتي:
1- النظرة الي دونية المرأة هي نتاج تطور تاريخي اجتماعي، لاتتعلق بالفروق البيولوجية بين المرأة والرجل.
2- المجتمعات البدائية شهدت المساواة بين المرأة والرجل، وكانت العلاقات الجنسية تقوم علي الاختيار الحر من الطرفين ، كما شهدت تلك المجتمعات حق الأم ، كان الابناء ينسبون الي الأم.
3- مع ظهور المجتمعات الزراعية والرعوية والفروق الطبقية والدولة، وتركز الثروة في يد الرجال( ملكية الاراضي الزراعية وقطعان الماشية)، بدأت تظهر عدم المساواة بين المرأة والرجل ، واصبحت الوراثة من جهة الاب لاستمرار سيطرة الرجل.
4- أشار انجلز الي أن الاطاحة بحق الأم كان الهزيمة التاريخية العالمية لجنس النساء، ومن هنا بدأت سيطرة الرجل وهيمنته في المجتمع ، وتراجع دور المرأة الي المنزل.وهذه الهزيمة ارتبطت بانقسام المجتمع الي طبقات مسنغلة(بكسر الغين) ومستغلة(بفتح الغين)، وبالتالي يستحيل فصل النساء عن تحرير المجتمع ككل من الاضطهاد الطبقي وكل أشكال القمع والاضطهاد الأخري.
اضافة لمساهمة انجلز التي كانت رائدة بحق في البحث عن الجذور الحقيقية لاضطهاد المرأة والتي شكلت سلاحا هاما في الحركة النسوية في نضالها من اجل التحرر، أشار ماركس في مؤلفات متفرقة الي قضية المرأة علي النحو التالي:
1- ان تطور المجتمع يقاس بتقدم المرأة.
2- خروج المرأة للعمل مع الرجل، لابد أن يصبح بالضرورة مصدرا للتقدم الانساني، ويخلق أساس اقتصاديا جديدا لشكل أعلي من الأسرة وللعلاقات بين الجنسين ، مكان العمل يقتح أمام النساء أوسع الفرص للنضال والتنظيم.
3- النضال ضد اضطهاد المرأة مهمة الرجال والنساء في الحزب ، وليس مهمة النساء وحدهن، لأن تحسين احوال العاملات تفيد المجتمع وكل العاملين ( رياض الاطفال، المساواة في الأجر، الاجازة مدفوعة الاجر في حالة الولادة، الحضانات المجانية، .. الخ).
4- وكان من رأي ماركس وانجلز أن تحرير المرأة يتطلب ليس فقط دخولها الي مجال الانتاج الاجتماعي ، انما كذلك احالة الخدمات من امثال العناية بالاطفال والمسنين والعجزة الي المجتمع. كما يمثل ازالة الفوارق الطبقية وتقسيم العمل بين الجنسين شرطا مسبقا لبلوغ النساء المساواة التامة.
الشق الثقافي لتحرير المرأة
علي أنه من الخطأ التصور ان الماركسية نظرت الي تحرر المرأة في مستوي العلاقات الاقتصادية والانتاجية فقط ، ولكن للمسألة شقها الثقافي الذي يتعلق بالبنية الفوقية للمجتمع ،فبمجرد تحرير المجتمع كله من الاضطهاد الطبقي ومساواة المرأة مع الرجل في الأجر وبقية الحقوق ، لايعني ذلك أن قضية المرأة قد تم حلها. ذلك أن لقضية المرأة شقها الثقافي والذي يتعلق بالصراع ضد الايديولوجية التي تكرس اضطهاد المرأة ودونيتها ، والتي هي نتاج قرون طويلة من قمع واضطهاد المرأة ، وبالتالي لابد من مواصلة الصراع في الجبهة الثقافية أو البنية الفوقية للمجتمع، ضد الافكار والمعتقدات التي تكرس دونية المراة والتي كرستها مجتمعات الرق والاقطاع وحتي الرأسمالية التي تعيد انتاج عدم المساواة في توزيع الثروة وبين البلدان المتخلفة والرأسمالية، وتعيد انتاج عدم المساواة بين المرأة والرجل وتجعل منها سلعة واداة للمتعة الدعارة واداة للاعلان الدعاية، اضافة للقهر الطبقي والثقافي والاثني والجنسي.
فلا يكفي فقط التحرر الاقتصادي وزوال المجتمع الطبقي ، بل لابد من خوض صراع فكري وثقافي طويل النفس ضد البنية العلوية التي تكرس اضطهاد ودونية المرأة.
اذن قضية المرأة ننظر لها نظرة شاملة وفي ابعادها المتعددة ومن زاوية: تحررها كجنس ومن الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والنفسي والأبوي، وفي مستوي البنية الثقافية للمجتمع التي تكرس اضطهاد المراة والتي هي نتاج قرون من مجتمعات الرق والاقطاع ولاتزول بين يوم وليلة، بل تحتاج الي نضال ثقافي وفكري شاق.
أشار ماركس وانجلز الي أن الاشتراكية توفر الظروف المادية والحقوقية الضرورية للمرأة ، الا أن الاوهام في ان تؤدي الاشتراكية الي هذا التحرر تلقائيا لم يدر بخلد مؤسسي الماركسية ، ولم يتصور ماركس وانجلز: أنه مع انتصار الاشتراكية ستسود المساواة فورا بين المرأة والرجل ، فقد تناول ماركس الاشتراكية بصورة واقعية مشيرا الي أن الحديث يدور حول تشكيلة اشتراكية تخرج من احشاء الرأسمالية، ولذا سوف تحتفظ بسماتها، التي تعيد انتاج عدم المساواة لفترة طويلة، ولاسيما البنية العلوية التي تكرس اضطهاد المرأة.
كما كان لينين يشير الي أن( المساواة في القانون لايعني المساواة في الحياة) ، وكان لينين يدرك تماما أن عدم المساواة بين الجنسين سيبقي في المجتمع الجديد ، واسطع مثال علي ذلك هو العمل المنزلي يقول لينين(حتى في ظل المساواة التامة في الحقوق يبقي علي كل حال ذلك التقييد الفعلي للمرأة لأنه يلقى علي كاهلها أعباء كل الشئون المنزلية وهذه الشئون المنزلية هي في غالبية الحالات أقل الأعمال التي تقوم بها المرأة انتاجية واكثرها وحشية واشدها وطأة وارهاقا ، وهذا العمل في منتهى الحقارة والصغر ولا ينطوى على شئ من شأنه أن يسهم بقدرما في تطوير المرأة)( لينين المؤلفات الكاملة مجلد 40، ص 157).
كما كان لينين يشير الي (أن الطبقة العاملة لاتستطيع احراز حريتها الكاملة اذا لم تحرز الحرية الكاملة للنساء).
مثال من تجربة الثورة الروسية:
كانت الثورة الروسية نقطة تحول حرجة في حقوق المرأة حيث اعطت الثورة المرأة الحقوق التالية، علي سبيل المثال لاالحصر:-
1- الحق الكامل في الاقتراع.
2- حق الطلاق وطوعية علاقة الزواج.
3- المساواة في الاجور وحقوق النساء والرجال في العمل.
4- المساواة الكاملة في الحقوق بين الزوج والزوجة.
5- الغاء التمييز بين الاطفال الشرعيين وغير الشرعيين.
6- حق الاجهاض
7- الحق في اختيار اسم الزوج أو الزوجة.
9- التعليم المختلط.
10- منع الدعارة ..الخ
أى أن الثورة الروسية حققت بضربة واحدة كل الشعارات التي كانت تطالب بها الحركة النسوية في اوربا منذ الثورة الانجليزية والثورة الفرنسية، ولكن القوانين شئ والواقع الروسي شئ آخر، فقد كان الواقع الروسي متخلفا، اضافة الي حروب التدخل والفقر والبطالة، كل ذلك جعل حق الطلاق للمرأة مستحيل، كما تجلى التدهور في اوضاع النساء الي عودة الدعارة، كما أشار توني كليف في مؤلفه :( نقد الحركة النسوية)، حيث أوضحت الاحصاءات الرسمية عام 1921: عدد العاهرات في بتروغراد 17 ألف والي 10ألف في موسكو، وانتشرت بيوت الدعارة والقوادين.
- اللجوء الي الصناعة الثقيلة كان علي حساب سلع الاستهلاك مثل الأدوات المنزلية التي تخفف اعباء النساء اضافة لعمل النساء في الصناعات الثقيلة الضارة بصحتهن.
- في عام 1936 ، تم الغاء الاجهاض القانوني، فيما عدا الحالات التي تهدد الحياة أو الصحة أو احتمالات وجود مرض وراثي خطير.
- فرضت قوانين عامى 1935، 1936 عقوبات علي الطلاق ، وهي رسوم خمسين روبل علي أول طلاق وخمسين علي الطلاق الثاني وثلاثمائة علي الطلاق الثالث، الي الي تسجيل واقعة الطلاق في الوثائق الرسمية.
- تم الغاء التعليم المختلط عام 1943م.
- صدور قانون في 4/يوليو/1942م، يحدد عقوبات شديدة علي الطلاق بزيادة الرسوم ( تتراوح بين خمسمائة والفي روبل)، وهى مبالغ تجعل الطلاق مستحيلا الا علي الميسورين.
ويخلص تونى كليف الي أن هذا التراجع ارتبط بالقهر والتسلط والبروقراطية الضخمة ذات الامتيازات الواسعة ، اضافة الي نزع ملكية ملايين الفلاحين الذين ارغموا علي العمل في مزارع تعاونية .
وكان اخضاع النساء واحدا من وجوه الثورة المضادة الستاليتية.
اضافة الي أن مساواة المراة مع الرجل في الأجر وحق المرأة في العمل لم يغير عقلية الرجل الشرقي والتي نتاج قرون من النظرة الدونية للمرأة والتي تقوم بكل اعباء الواجبات المنزلية، رغم التحولات الاشتراكية التي تمت.
لقد كان لمصادرة الديمقراطية والقمع الستاليني اضافة لتخلف الواقع الروسي نفسه الدور الرئيسي في اجهاض مكتسبات المرأة التي حققتها في بداية الثورة الروسية ، وكان هذا من اسباب انهيار التجربة الاشتراكية( قمع نصف المجتمع). ولأن المرأة التي تتمتع بحقوقها كاملة هي الأقدر علي الدفاع عن النظام الجديد ، وأن قضية تحرير المجتمع من القمع والاضطهاد هي مهمة الرجال والنساء، وكما أشار لينين: أن المرأة الشيوعية لها الواجبات والحقوق نفسها للرجل الشيوعي، ولاتنظيمات منفصلة للنساء.
الحركات والمدرس النسوية الجديدة:
في الغرب الرأسمالي ظهرت مدارس نسوية جديدة قامت علي نقد واقع المرأة في المجتمعات الرأسمالية المتطورة ونقد التجرية الاشتراكية الستالينية، باعتبارها كانت مخيبة للآمال فيما يتعلق بتحرير المرأة، ومهما كانت الخلافات حول هذه المدارس الا أنها أسهمت في رفع الوعي بقضية المرأة ، وظهرت المراكز المتعددة التي تدافع عن حقوق المرأة من زوايا ومداخل متعددة، تناولت ابعاد جديدة حول قضية المرأة، أفرزها تطور المجتمع الرأسمالي المعاصر وان كان من المهم ربط الجزء بالكل، وضرورة النظرة الديالكتيكية الشاملة، والتي تتنتاقض مع النظرة الاحادية الجانب:
- فهناك الحركات النسوية الليبرالية والتي تطالب بالحقوق السياسية والمعاملة المتساوية مع الرجال، ولكن من الزاوية الطبقية تدافع هذه الحركات عن نمط الانتاج الرأسمالي، وتصور قضية المرأة وكأنها نسبة(كوتة)، أو تمثيل شكلي لها في المؤسسات البرلمانية، دون استكمال تلك الحقوق بالمحتوي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وتحرير المجتمع ككل من الاضطهاد الطبقي والثقافي.
- وهناك الحركات النسوية الراديكالية التي توجه سهام نقدها للمعايير الابوية الذكورية، وكأن الذكوريمثلون طبقة اجتماعية واحدة، علما أن بعض الذكور يدافعون عن قضية المرأة وتحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد، وبعض الذكور له مصلحة في تكريس المجتمع الرأسمالي الذي يعيد انتاج عدم المساواة في الثروة وفي النوع، كما أن هناك بعض النساء يدافعن بشراسة عن مصالحهن الطبقية في المجتمع الرأسمالي.
- وهناك الحركات التي تسهم في تقديم خدمات خاصة مثل المراكز النسائية لتقديم العون لضحايا الاغتصاب والعناية بامراض النساء والاستشارة النفسية أو العناية بالطفل.
- كما أن هناك حركات نسوية تفتقد النظرة الشاملة لقضية المرأة وتصور أن العدو هو الرجل باعتباره القوى التي تضطهد المراة وسيطرته في الدور الذكوري، ولاترى أن الرأسمالية أو أى نظام آخر هو السبب وراء اضطهاد النساء( توني كليف: المصدر السابق، ص 262).
- وهناك الاتجاه النسوي الذي يرجع اضطهاد المرأة الي عامل نفسي وجنسي ، والي أن التناقضات الطبقية نبحث عنها في اللامساواة بين الرجال والنساء ، وبالتالي، فان الدعوة للاضراب في سرير الزوجية سيسدد ضربة ليس فقط الي التعالي الجنسي ونواتجه الثانوية من مجتمع طبقي وعنصرية ، كما يري أن المرأة الغنية عمياء عن ظروف النساء من بنات جنسها، كما يري عدم اختلاط الرجال بالنساء( المساحقات)، وأن الحل هو امة المساحقات.
ولكن التجربة اكدت أن تلك الاتجاهات لم تحل قضية المرأة، بسبب عدم النظرة الشاملة ، وأن القضية ما زالت تكمن في نضال المرأة والرجل من التحرر من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والجنسي والثقافي.كما يؤكد خصوصية وضع المرأة وضرورة العمل المشترك بين النساء غض النظر عن منطلقاتهن الفكرية لتحرير المرأة بتحقيق المطالب العامة التي تهم المرأة كجنس.كما تؤكد تلك الاتجاهات أن الرجل نفسه يحتاج الي تحرير من البنية الفوقية للمجتمع التي تكرس دونية المرأة.
خصوصية واقع المرأة السودانية
علي أن منهج الماركسية لابد أن يغوص بنا لمعرفة واقع وخصوصية تطور المرأة السودانية ، وذلك أن دراسة واقع المرأة السودانية وتطورها لاينفصل عن تطور المجتمع السوداني، لأن التقدم الاجتماعي يقاس بتقدم النساء ودرجة اسهامهن في تطور ورقي المجتمع، كما أن دراسة تطور المرأة السودانية لاينفصل عن تحليل المجتمع ودراسة التفاوت الطبقي والاجتماعي والتنوع في سبل كسب العيش وتطور قوى الانتاج وعلاقات الانتاج ، وتوضيح التقسيم الاجتماعي للعمل بين الرجال والنساء ، والنظر في الجذور التاريخية لتهميش المرأة ، ومتابعة الأشكال الثقافية التي تكرس التمايز بين الرجال والنساء، فلا يكفي ، أن نشير فقط الي العوامل الاقتصادية لاستغلال المرأة واضطهادها ، بل لابد من الاشارة للعوامل المكملة الثقافية والاجتماعية التي تسهم في اعادة انتاج اضطهاد المرأة.
بدون التقليل من أهمية وحصاد الفكر النظري الذي درس الجذور التاريخية لتطور واضطهاد المرأة مثل مؤلف انجلز( أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة)، وكذلك ماتوصل اليه علم الانثروبولوجيا المعاصر وما اكده علي أهمية الدراسة المستقلة لكل مجتمع ، وكذلك ظهور الحركات النسوية بمدارسها المختلفة ، وما توصلت اليه الدراسات المتخصصة حول المرأة وقضايا النوع ، كل ذلك مفيد ، ويوضح لنا الزوايا المختلفة لقضية المرأة، ويشكل لنا خلفية ضرورية ، ولكن ذلك لايعفينا من بذل الجهد المستقل للتعرف علي خصوصية تطور المرأة السودانية ، وبهدف الاسهام في الفكر النظري العالمي من خلال تجربتنا المحلية وفي تفاعل واخذ وعطاء متبادل ، فدراسة حصاد الفكر النظري ليس بديلا لدراسة خصوصية وتاريخية تطور المرأة السودانية ، وبذل الجهد المستقل الذي يشكل جوهر الفهم المادي للتاريخ لمعرفة الاوضاع التاريخية التي تجلت فيها تهميش واضطهاد المرأة السودانية ودرجة اسهامها في تطور المجتمع. وهذا الموضوع يحتاج لمزيد من تسليط الضوء عليه، لأن دراسة ومعرفة الواقع والجذور التاريخية لاضطهاد المرأة هو شرط لاغني عنه لتغييره، في صراع ثقافي طويل النفس.
بنظرة عامة لتطور المرأة السودانية، نلاحظ الآتي:
- السودان كغيره من اقطار العالم مر بالفترات التاريخية نفسها التي بدأت بالعصور الحجرية ، كما أوضحت الحفريات التي قام بها علماء الآثار ، وبالتالي عرف المجتمعات المشاعية البدائية التي كانت تقوم علي الصيد واتقاط الثمار، وكان التقسيم الاجتماعي للعمل ، كما اوضحت تجارب معظم الشعوب يقوم علي الآتي:
- الرجال ينصرفون الي الصيد أو القنص. والنساء ينصرفن الي التقاط الثمار والحيوانات الصغيرة غير المؤذية ، اضافة للاعمال المنزلية وتربية الاطفال وصناعة الفخار والاواني المنزلية وصناعة النسيج أو الملابس من الصوف أو جلود الحيوانات.
وباكتشاف الزراعة وتربية الحيوانات في حضارة المجموعة(أ)،(ج)، ظهرت الحضارة وعرفت القبائل السودانية القديمة ظاهرة تقديس الأم ، كما عرفت نظام الأمومة الذي عرفته شعوب أخري وأديان كانت قائمة علي عبادة الهات الخصب ، وهو نظام ارتبط بالدور الذي لعبته النساء في اكتشاف الزراعة.
وكانت البنية الاجتماعية في المجتمعات البدائية تقوم علي الملكية الجماعية لوسائل الانتاج، ولم تعرف الفوارق الطبقية والفوارق بين الرجال والنساء، ولم تعرف الدولة ولا الجيش.
كانت مملكة كرمة علامة فارقة في تطور الحضارة السودانية، فقد قامت أول دولة سودانية، ونشأ جهاز دولة يتكون من : الكهنة، الموظفين، السياسيين، وظهر أول انقسام طبقي يتلخص في طبقة الحكام والكهنة والموظفين والملاك، وطبقة اصحاب الحرف ، المزارعين، الرقيق.
وبظهور مملكة كرمة بدأت تنحسر أو تتقلص الملكية المشاعية للارض التي كانت سائدة في حضارتي المجموعة(أ)،(ج)، ومنذ تلك اللحظة بدأت تظهر عدم المساواة بين الرجال والنساء ، وبدأ الرجل يتفوق علي المراة من زاوية التفاوت في ملكية القطعان وملكية المحصول ، وأصبح دور المرأة يقل تدريجيا في النشاط الاقتصادي في المجتمع ، واستمر هذا الاتجاه يتعمق مع تطور الدولة والانقسام الطبقي في حضارات نبته ومروى والنوبة المسيحية والممالك الاسلامية(الفونج، دارفور، المسبعات، تقلى..)حتي يومنا هذا من تاريخنا الحديث.
كما عرفت المرأة العادات الثقافية الضارة منذ السودان القديم، مثل: الخفاض الفرعوني، الشلوخ،.... الخ.
كما كان للمرأة دور هام في الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية والحربية منذ مملكة مروى(الكنداكه)، وفي المراحل التاريخية المختلفة.
وفي مجتمعات الرق مثل السلطنة الزرقاء ، عرفت المرأة نوعين من الاضطهاد: اضطهادها كعاملة، واجبارها علي المضاجعة القسرية.
كما تطور زى المرأة في تلك الفترة من الرحط لغير المتزوجين الي الثوب الذي ترجع جذوره الي تلك الفترة ، والذي نبع من البيئة السودانية . هذا اضافة الي ظهور مؤسسة البغاء التي اشار اليها انجلز في مؤلفه( أصل العائلة...)، والتي ترتبط بخروج المرأة من الانتاج المادي ، وكان معظم تجار الرقيق في تلك الفترة يقومون بتأجير الجوارى للبغاء .
كما شهدت تلك الفترة التحول لنظام الابوة .
كما كانت المرأة في سلطنة دارفور وما زالت حتي الآن تلعب دورا هاما في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والديني.
وفي فترة الحكم التركي ارتبط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي من خلال تصدير العاج والصمغ ، وبدأ يظهر التعليم المدني الحديث والقضاء المدني، كما شهدت البلاد دخول خدمات التلغراف وادخال البواخر النيلية. وكان لهذه الاوضاع الجديدة انعكاسها علي تطور المرأة، فقد شهدت الفتاة السودانية بذورالتعليم الحديث من خلال مدارس الارساليات التي فتحها المطران كمبوني للبنين والبنات ، اضافة الي تعليم فن الطبخ والخياطة والتطريز.
كما ظهر في هذه الفترة نظام الحريم (الحجاب) الذي كان سائدا في الدولة العثمانية والبلاد التي كانت تتبع لها ، والذي كان يرى في المرأة اداة لمتعة الرجل وراحته الجسمانية واداة لحفظ النسل(حاجة كاشف:الحركة النسائية في السودان،1984م).
كما استمرت العادات السابقة( الخفاض، الزآر، غلاء المهور،... الخ). كما انتشرت بيوت الدعارة والبغاء التي كان يديرها بعض التجار والذين كانوا يحققون ارباحا كثيرة منها ويتهربون من تسديد الضرائب، كما أشار سلاطين باشا في مؤلفه: السيف والنار في السودان. وفي هذه الفترة تم ضم الجنوب ( المديريات الجنوبية) الي السودان، والتي كان بها عادات واعراف واحوال شخصية تختلف عن احوال المسلمين والمسيحيين. كما عرف الجنوب تعدد الزوجات (بدون تحديد)، مع التفاوت في نظم العائلة، والتقسيم الاجتماعي للعمل بين الرجال والنساء والدور الكبير الذي تقوم به المرأة في العمليات الزراعية والاعمال المنزلية وقطع الغابات واعداد الطعام ورعاية الاطفال .
وفي جبال النوبا كان للمرأة دور كبير في التقسيم الاجتماعي للعمل: النسيج، الزراعة، كما تشارك في العمل التعاوني (النفير) سواء باعداد الطعام أو صنع المريسة أو بالمشاركة في العمليات الزراعية في تنظيف الأرض وعمليات البذور والحصاد... الخ.وكذلك الحال في منطقة الانقسنا.
فترة المهدية: جاءت فترة المهدية التي اصدرت قوانين منع خروج المرأة للشارع(حجر النساء)، حجاب النساء، جلد النساء اللائي يخرجن كاشفات الرؤؤس. كما اصدرت قوانين . لتخفيض نفقات الأعراس ، كما تم منع الرقص والحفلات والغناء،..الخ، ولكن المهدية فشلت في حجر النساء ، فقد خرجت المرأة للنشاط التجاري ، فالمرأة اصلا كانت عاملة في: الزراعة، التجارة، بناء المساكن، الغزل والنسيج، وكانت الضرورات الاقتصادية تفرض علي المرأة خروج المرأة للعمل، وقام الخليفة عبد الله بتنظيم مكان للنساء في سوق ام درمان، والمدن الأخرى. كما لعبت المرأة دورا هاما في الثورة المهدية.
فترة الحكم الانجليزي- المصري: ثم بعد ذلك جاءت فترة الحكم الثنائي التي تميزت بظهور حركة تعليم المرأة(الحديث)،وخروج المرأة للعمل في النظام الحديث(في البداية: مجال التعليم والصحة، ثم اتسعت مجالات عمل المرأة فيما بعد). كما ظهرت التنظيمات النسائية ( الاتحاد النسائي عام 1952م). ساهمت المرأة في الاحزاب السياسية والنقابات. طرح الاتحاد النسائي في أول برنامج له: حقوق المرأة في التعليم والتثقيف ومحاربة الخرافة و العادات الضارة والمطالبة بالحقوق السياسية والاجر المتساوي للعمل المتساوى(كان مرتب المرأة يساوى اربعة اخماس مرتب الرجل)، والاهتمام بالطفل.كما نجح الاتحاد النسائي في عام 1954م، في الحصول علي حق النساء في التصويت للبرلمان وشاركت في انتخابات 1954م، خريجات الثانوى والجامعة والمعاهد.كما طرح الاتحاد النسائي ضرورة اخذ رأى الفتاة في الزواج، وصدرت صحيفة صوت المرأة لسان حال الاتحاد النسائي التي كانت تحارب العادات الضارة مثل: الخفاض الفرعوني والمشاط ولبس ملابس الحداد وغلاء المهور،...الخ. كما شارك الاتحاد النسائي في مقاومة قانون النشاط الهدام ومصادرة الحقوق الديمقراطية عام 1953م. اسهم الاتحاد النسائي في انشاء عدد من المدارس الأولية للبنات ومدارس اوسطى وقامت فروعه في مدن السودان المختلفة . كما تقدمت المرأة في الحياة الاجتماعية وساهمت في النشاط الثقافي والفني والأدبي.
بعد الاستقلال: شاركت المرأة في ثورة اكتوبر 1964م، كما انتزعت المرأة حق الانتخاب الذي قررته أول وزارة بعد الثورة وفازت فاطمة احمد ابراهيم كأول امراة سودانية تدخل البرلمان في دوائر الخريجين. وفي عام 1965م، تم تشكيل لجنة لمراجعة اجور ومرتبات العمال والموظفين ، ما يهمنا هنا ، أن تلك اللجنة أوصت بتطبيق مبدأ الأجر المتساوى للعمل المتساوى للرجل والمرأة علي حد سواء( طبق في مجالات الطب والتمريض والتدريس)، ولم يطبق في جميع الوظائف الا في عام 1972م، واستمر الوضع حتي اشتراك المرأة في القوات النظامية والسلك القضائي والدبلوماسي والتوسع في التعليم العالي(الاحفاد، الجامعة الاسلامية،..الخ). ارتفاع عدد الطالبات في الجامعات ( علي سبيل المثال كانت نسبة الطالبات في الجامعات عام 2000م 48%)، وفي بعض الكليات مثل الطب والهنديه جامعة الخرطوم بلغت النسبة65%. ارتفعت مساهمة المرأة في النشاط السياسي والثقافي والفني والمسرحي والدبي والرياضي. قاومت المرأة المرأة الانظمة الديكتاتورية(عبود، نميري، الانقاذ)، وتعرضت للقمع والاعتقال والتعذيب والفصل التعسفي من العمل، والهجرة للخارج.
كما شهدت تلك الفترة اهتماما عالميا بقضية المرأة( المواثيق الدولية)مثل: الاجر المتساوى، التمييز في التعليم، الحقوق السياسية لمرأة، سيداو1979م، مؤتمر بكين، سيداو الاختياري 1999م.
صارعت المرأة ضد النفوذ السلفي لتجريد المرأة من مكاسبها التاريخيةمثل محاولة فرض الحجاب عليها والعودة بها لعصر الحريم ، ..الخ).كما عانت من مشاكل الحروب والنزوح والاغتصاب ولاسيما في حرب دارفور، اضافة لمعاناتها في المهن الهامشية( الشاى، الاطعمة..الخ)من المطاردة والقمع. كما عانت النساء من التجنيد الاجباري لابناءهن . اضافة للقهر والجلد. كما صدر قانون الاحوال الشخصية لعام 1991م لتكريس اوضاع التخلف للمرأة. ولكن رغم قهر الانقاذ الا أن المرأة شقت طريقها في مختلف الميادين. كما دفعت ظروف الحرب والفقر والتشريد باكثير من النساء للعمل، كما كثرت حالات الطلاق للاعسار ، واتسعت ظاهرة سجن النساء والولادة داخل السجون(اطفال مواليد السجون).كما اتسعت اعداد المراكز ومنظمات المجتمع المدني التي سلطت الاضواء المختلفة علي قضايا المرأة من زوايا مختلفة وتعددت اشكال تنظيمات المراة وكانت الحصيلة اهتمام واسع ومتنوع بقضية المرأة وهذا يشكل معلما بارزا في مسيرة المرأة السودانية.
ويؤكد واقع وخصوصية تطور المرأة السودانية أن الصراع والثقافي مازال شاقا، لأنه من الصعب تغيير تقاليد وثقل التكوينات الاجتماعية التي تكونت لالاف السنين بين يوم وليلة، وكما يقول ماركس : (ان تقاليد كل الاجيال الميته تجثم مثل كابوس على دماغ الاحياء)، وعلى سبيل المثال لابد من تنمية عادات ثقافية طويلة النفس ، نواجه بها عادات مثل الخفاض الفرعوني والذي اكدت التجربة أنه من المستحيل ازالته بقرارات بين يوم وليلة.كما ان عملية تحرير النساء يقوم بها النساء انفسهن، وعملية تحرير المجتمع كله بنساءه ورجاله من الاضطهاد الطبقي والاثني والثقافي ، هو طريق شاق طويل تشترك في تحقيقه المرأة والرجل ، كما أن حركة تحرير المرأة ليست ضد الرجل. علي انه مازات هناك تحديات كثيرة ومطالب يجب تلبيتها لتحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في السودان.
أهم المصادر والمراجع
1- انجلز: أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، موسكو، 1972م.
2- الاشتراكية المرأة(مجموعة من الكتاب) ، ترجمة جورج طرابيشي 1971م.
3- تونى كليف:نقد الحركة النسوانية ، ترجمة أروى صالح، تقديم فريدة النقاش، كتاب الاهالي، ديسمبر 1991م.
4- تاج السرعثمان: تطور المرأة السودانية وخصوصيتها، دار عزة،2007م.
5- حاجة كاشف بدري:الحركة النسائية في السودان، الخرطوم، 1984م.
6- فاطمه احمد ابراهيم:حصادنا في عشرين عاما( بدون تاريخ).
7- فاطمه بابكر محمود:المرأة الافريقية بين الارث والحداثة ، 2002م.


2- الماركسية والحل الئلقائي لقضية المرأة
كثير من الناشطات في حركة حقوق المرأة، وفي عرضهن للماركسية وقضية المرأة يصورن أن الماركسية بشرت بالحل التلقائي لقضية المرأة بمجرد تحقيق المجتمع الاشتراكي أو تحرير المجتمع من الاستغلال الرأسمالي والاضطهاد الطبقي، علي سبيل المثال الاستاذة نعمات كوكو أشارت في ورقة اعدتها بعنوان(قضايا المرأة بين النظرية والواقع، الجزء الاول، الي أن(التحديات التي تواجه مختلف المدارس النسوية لاتعفي المدرسة الماركسية من اعادة السؤال حول تلقائية الحل لكل أنواع اضطهاد المرأة بمجرد تطبيق البرنامج الاقتصادي الذي يؤدي الي زوال الأساس المادي لعدم (المساواة الاجتماعية))(ص 15)..
وفي عرض الكاتبة للمدرسة الماركسية فيما يختص بقضية المرأة ، أشارت الي أن المدرسة الماركسية تركز على قضايا الصراع الاجتماعي والطبقي الذي يرتكز علي البنية الاقتصادية وعلى الانتاج المادي والاجتماعي وتربط بين قضايا الانسان رجلا كان أم امرأة بمنظومة الانتاج وعلاقة الانتاج وتراكم رأس المال من فائض القيمة الناتج عن علاقات الانتاج تلك، وترى أن قضايا المرأة جزء من هذه المنظومة ، هذا علي المستوى العام .. وحتى على المستوى الشخصي ( النوعي)، فانها ترى أن القضايا ذات الارتباط بعلاقة المرأة والرجل على المستوى الشخصي مرتبطة بحل القضايا علي المستوى العام . الا أن التجارب العملية خاصة في الدول الاشتراكية(الاتحاد السوفيتي سابقا) وبعض دول اوربا الشرقية اثبتت عدم صحة هذا الطرح علي الاقل علي المستوى العملي مما يستدعى أن نتعامل مع ( قضايا المرأة) علي المستويين العام والشخصي بنفس القدر من الاهتمام من حيث الدراسة والبحث والحلول..)(ص، 4).
كما أشارت د. أمال جبر الله في مقال لها بعنوان(معالجة العمي النوعي في رؤية برنامج الحزب)( الميدان: 19/11/2008م)الي أن(الرؤية الاختزالية داخل الماركسية تري أن اضطهاد المراة هو نتاج للصراع الطبقي وحده وأن سيادة الرجل داخل مؤسسة الزواج والاسرة هو مجرد نتيجة لتفوقه الاقتصادي ، وبالتالي وبمجرد المساواة في العمل والاجر تنتفي دونية المرأة وسيادة الرجل).
تواصل د. امال وتقول(ظلت مسألة المرأة ثانوية لدي الكثير من الماركسسين والاحزاب الشيوعية لأنها كما يرون تنتهي تلقائيا عندما يقضي علي الاسباب الاقتصادية).
واود هنا مناقشة هذه الاطروحات وهل صحيح أن قضية المراة تحل تلقائيا بمجرد التغير في الاوضاع الاقتصادية أو بمجرد المساواة في العمل بين المرأة والرجل؟ وهل هذا مفهوم ماركسي صحيح ام اختزال للماركسية؟
علي المستوى الفلسفي كما هو معلوم، تناولت الماركسية العلاقة الديالكتيكية بين المادة والوعي (أو الواقع والفكر)، وأشارت الي أنه صحيح أن المادة سابقة للوعي ولكن للوعي استقلاله النسبي والذي يؤثر بدوره في المادة ويعيد تشكيلها ، فالعلاقة ليست ميكانيكية ميته جامدة ، بل هي علاقة انعكاس ديالكتيكي معقدة لايجوز التبسيط فيها.وفي الفهم المادي للتاريخ تناول ماركس العلاقة المعقدة بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي، وأشار الي أن الوجود الاجتماعي يحدد الوعي الاجتماعي ، ولكن للوعي الاجتماعي تأثيره علي الوجود الاجتماعي ويعمل علي اعادة تشكيله، فالعلاقة ديالكتيكية معقدة، ولذلك أشار ماركس الي أن الافكار تتحول الي قوة مادية عندما تتملكها الجماهير. علي أنه بمجرد التغير في الوجود الاجتماعي(البنية التحتية للمجتمع)، لايعني ذلك أن الوعي الاجتماعي(أو البنية الفوقية) يتغير تلقائيا.كما أشار انجلز في كتاباته ألأخيرة الي خطأ اعتبار الاقتصاد كعامل وحيد في التغيير، ورغم دور الاقتصاد الحاسم ، الا انه هناك عوامل متداخلة ومتشابكة تسهم في التغيير تتكون من قومية وسياسية ودينية وتقاليد البلد المعين وتاريخها وخصوصيتها الثقافية، كل ذلك نأخذه في الاعتبار عند معالجة مسألة التحولات الحاسمة في المجتمع، اضافة للمنهج الديالكتيكي الذي ينظر للظواهر في شمولها وحركتها وتغيرها وتبدلها الدائم، وبالتالي، لايمكن التصور، ان الماركسية نظرت لحل قضية المرأة تلقائيا بمجرد زوال الاوضاع الاقتصادية والطبقية التي تكرس استغلال الانسان للانسان.صحيح أن ماركس في كتاباته الأولي كان منكبا علي نقد المجتمع الرأسمالي، وتابع تطوره الباطني في دراسته للرأسمالية في بريطانيا والتي وصلت فيها درجة متطورة مقارنة بالبلدان الرأسمالية الأخري يومئذ، وتوصل في مؤلفه رأس المال الي القانون الاساسي للمجتمع الرأسمالي وهو فائض القيمة، وتوصل الي التناقض الرئيسي للمجتمع الرأسمالي وهو التناقض بين الطابع الاجتماعي للانتاج والتملك الفردي لوسائل الانتاج، وأنه من احشاء المجتمع الرأسمالي سوف يبرز مجتمع جديد اشتراكي، سوف يحمل في اطواره الاولي عناصر عدم المساواة، وأن قانون القيمة الخاص بحركة السلع في المجتمع الرأسمالي سوف يفعل فعله ، وبالتالي سوف يظل الحق البورجوازي مستمرا، ويأخذ الانسان في المرحلة الأولي من الشيوعية(الاشتراكية) حسب عملة، وطالما كان الناس يتفاوتون في قدراتهم الجسدية والعقلية فان دخولهم تكون غير متساوية، وبالتالي، فان ماركس كان واقعيا، ولم يتصور الحل التلقائي للتناقضات الطبقية بمجرد تطبيق البرنامج الاشتراكي، وبالتالي، فان عدم المساواة سوف يستمر لفترة طويلة في المرحلة الانتقالية.بما في ذلك عدم المساواة بين المرأة والرجل والذي سوف يستمر رغم زوال المجتمع الطبقي ، لأن ذلك يتعلق بالبنية الفوقية التي كرست دونية المرأة لقرون طويلة ، وبالتالي من المستحيل أن تزول بين يوم وليلة أو تلقائيا، هذ فهم آلي وميكانيكي وغير ماركسي، فبمجرد تحرير المجتمع من الاضطهاد الطبقي ومساواة المرأة والرجل في القانون وبقية الحقوق ، لايعني ذلك أن قضية المرأة سوف تحل تلقائيا، ذلك أن لقضية المرأة شقها الثقافي والذي يتعلق بالصراع ضد الايديولوجية التي تكرس دونية المرأة، وهذا الصراع سوف يستمر لفترة طويلة في مرحلة البناء الاشتراكي.
واذا كان الأمر كذلك، فانه لم يدر بخلد ماركس وانجلز ولينين، أن قضية المرأة سوف تحل تلقائيا، بمجرد قيام المجتمع الاشتراكي.
وعند معالجة فشل التجربة الاشتراكية في بلدان الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا، مهم أن نوضح الاسباب الموضوعية الذاتية التي ادت لفشلها، باعتبار أن فشل هذه التجربة كان الهزيمة الثانية لجنس النساء بعد خروجهن من الانتاج المادي بعد ظهور الطبقات والمجتمع الطبقي. لقد حققت التجربة الاشتراكية في روسيا بضربة واحدة كل المطالب التي كانت ترفعها الحركة النسوية في اوربا منذ الثورة الانجليزية والثورة الفرنسية، فقد تم تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في العمل والاجور(الاجر المتساوى للعمل المتساوى)، المساواة بين الزوج والزوجة، حق الطلاق، الحق الكامل في الاقتراع، التعليم المختلط...الخ.ولكن هذه الحقوق شئ والواقع شئ آخر، فعندما قامت الثورة الروسية، كانت روسيا متخلفة، نسبة الامية فيها، كانت 70%، كما واجهت الحصار الاقتصادي والحروب الاهلية والحرب العالمية الثانية، مما ادى للفقر والمجاعة واصبح عمليا في ظل هذه الاوضاع أن يتم تنفيذ حق المرأة في الطلاق، كما استمرت البنية الفوقية التي تكرس دونية المرأة والتي هي نتاج قرون، ومن المستحيل أن تزول بين يوم وليلة وتحتاج لسنوات طويلة للكفاح والصراع ضدها في الجبهة الثقافية. وبالتالي واجهت المرأة عقلية الرجل الشرقي والذي هو نفسه ضحية لها، الذي لايساهم معها في العمل المنزلي الذي تتحمل المرأة اعبائه وحدها، بعد وصولهما الاثنين من العمل في وقت واحد ، هذه اضافة للتقاليد الاقطاعية التي كانت سائدة في الجمهوريات السوفيتية الآسيوية، والتي تكرس دونية المرأة والتقاليد البالية والتي تحط من قدر المراة رغم التحولات الاقتصادية التي تمت والحقوق الواسعة التي نالتها المرأة، وكما كان لينين يقول( المساواة في الحقوق لايعني المساواة في الواقع)، فقد كانت المكاسب التي حققتها المرأة شئ والواقع شيئا آخر. هذا اضافة للجمود في النظرية الذي كرسه ستالين والذي كان يبسط من الاشياء ولايضعها في حجمها الحقيقي، مثل الحل التلقائي لقضية المرأة بمجرد انتصار الاشتراكية، اضافة للنظام الشمولي الذي فرضه، وتراجعه عن الكثير من الحقوق التي نالتها المرأة مثل التوجه للصناعة الثقيلة، والتي كانت علي حساب السلع الاستهلاكية الخفيفة والتي تساعد المرأة في العمل المنزلي، كما ادى انتشار الفقر الي اتشار الدعارة رغم الغاءها بالقانون..الخ، المهم في الأمر، ضرورة التقويم الموضوعي لتلك التجربة الاشتراكية والتي رغم فشلها، فانها دفعت حركة تحرير المرأة خطوات الي الامام.واهم دروس تلك التجربة : أن مصادرة الديمقراطية والقمع الستاليني اضافة لتخلف الواقع الروسي نفسه، كان له الدور الرئيسي في اجهاض مكتسبات المرأة التي حققتها في بداية الثورة الروسية، وكان هذا من اسباب انهيار التجربة الاشتراكية(قمع نصف المجتمع)، ولآن المرأة التي تتمتع بحقوقها كاملة هي الاقدر عن الدفاع عن النظام الجديد.
والواقع أن ماركس وانجلز لم يكتفيا بالاساس المادي والاقتصادي لقضية المرأة، بعد نقد المجتمع الرأسمالي باعتباره الذي يعيد انتاج عدم المساواة في الدخل وبين المرأة والرجل وبين الامم، ولكن كان ماركس وانجلز منفتحين علي الدراسات الميدانية حول قضية المرأة ومتابعة المستجدات، ولذلك تابع ماركس ابحاث عالم الاحياء دارون ونظريته التي جاءت نتيجة لدراسة ميدانية شاقة حول تطور الانواع بالانتخاب الطبيعي،كما تابع عالم الاجتماع الامريكي مورغان ودراسته الميدانية حول قبائل الهنود لفترة عشرين عاما، والتي خرج فيها بنتائج حول المجتمعات البدائية اسهمت في ترسيخ الفهم المادي للتاريخ وتابعت الجذور التاريخية لعدم المساواة بين المرأة والرجل وكيف تراجعت المرأة من النشاط الانتاجي الي العمل المنزلي في مجتمعات الرق والاقطاع التي كرست دونية المرأة وكانها منذ الازل وليست نتاج تطور تاريخي، وكيف ظهرت مؤسسة البغاء كشكل من اشكال استعباد المرأة.. الخ.وكان ماركس ينوى عمل دراسة استنادا علي انجازات مورغان، ولكن المنية عاجلته، وانجز انجلز هذه المهمة في مؤلفه( أصل العائلة والدولة والملكية الخاصة)، فالماركسية اصلا كانت منفتحة علي نتاج الفكر الانساني في مختلف العلوم الطبيعية والاجتماعية والانسانية وحول قضية المرأة، قبل أن تصاب بفيروس الجمود.
وحتى بعد ماركس وانجلز انجز علماء الاجتماع دراسات ميدانية كثيرة لمجتمعات بدائية اغنت الماركسية وعلم الاجتماع واكدت الدور الذي لعبته النساء في اكتشاف الزراعة ويشير ماندل في مؤلفه(النظرية الاقتصادية الماركسية، الطبعة العربية1973 م)، وبعد متابعة لدراسات ميدانية كثيرة انجزها علماء اجتماع، الي أنه كان للنساء الفضل في التقدم الحاسم ، ذلك الذي حققنه في ممارسة الزراعة ، حيث نلاحظ في عدة مجتمعات بدائية أن المرأة التي تنقطع في المجتمع البدائي الي التقاط الثمار وتبقي في اغلب الاحيان بجوار المسكن هي أول من بدأ يزرع بذور الثمار الملتقطة تسهيلا لتموين القبيلة ، ولقد كانت نساء قبيلة وينباغو الهندية مرغمات علي اخفاء الارز والذرة المخصص للزراعة والا اكلهما الرجال، كما يشير ماندل: الي أن هناك ارتباط وثيق مع تطور الزراعة علي يد النساء وظهور اديان جديدة قائمة علي عبادة آلهة الخصب، وان نظام الامومة الذي يمكن البرهان على وجوده لدى شعوب شتى سابقة مستوى واحدا من التطور الاجتماعي مرتبط بالدور الذي لعبته النساء في اكتشاف الزراعة(ماندل: ص، 31).
وبالتالي، فان جوهر الماركسية هو منهجها وانفتاحها علي المدارس والتيارات والدراسات الميدانية حول قضية المرأة ،وتناولها الناقد لتلك التيارات، وبذلك تتطور النظرية وتغتني ويتم اثراء منهجها، الذي يتعارض مع الجمود.كما أنه من المهم النظرة الشاملة لقضية المرأة والتي تأخذ ابعادها المختلفة: الطبقية والنوعية والثقافية.
وبعد الحرب العالمية الثانية في السودان وبأثر الفكر الماركسي تأسست الحركة السودانية للتحرر الوطني عام 1946م، واسهمت هذه الحركة في طرح قضية المرأة ، وتم تأسيس رابطة النساء الشيوعيات عام 1947م،والتي تم حلها بعد ثورة اكتوبر1964م، واصبح فرع الحزب الموحد هو الذي يضم الزملاء من الجنسين بدلا من شكل الرابطة الذي كان يضم النساء الشيوعيات في تنظيم منفصل عن الرجال، وتم ترسيخ مفهوم أن المرأة الشيوعية مساوية للرجل الشيوعي في الاعباء والواجبات في التنظيم، وكانت د. خالدة زاهر أول امرأة تدخل الحزب الشيوعي عام 1946م، كما أسهم الحزب الشيوعي في تأسيس الاتحاد النسائي عام 1952م، كتحالف واسع ديمقراطي بين الشيوعيات والديمقراطيات والوطنيات في الحركة النسائية السودانية، واصل الاتحاد النسائي النضال من اجل حقوق المرأة في التعليم والاجر المتساوي للعمل المتساوي والحقوق السياسية للمرأة ، وقوانين ديمقراطية للاحوال الشخصية، حتي استطاعت الحركة النسائية السودانية تحقيق مكاسب كبيرة في هذا الجانب ، ولازال النضال مستمرا من اجل حقوق المرأة،كما صارع الاتحاد النسائي من اجل استقلاله ضد النظام المايوي الذي ربط الحركة النسائية بالدولة، اى ان الحزب الشيوعي لم ينتظر حتي الاشتراكية ليتم الحل التلقائي لقضية المرأة، وحتي في المرحلة الاشتراكية سوف يستمر النضال من اجل المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل.كما طرح الحزب ضرورة تنوع اشكال نشاط الحركة النسائية في حركة نضالية متصلة متعددة الاشكال والمنابر، لاستيعاب الاهتمامات المتنوعة والمتسعة للنساء، كما طرح قضايا ومطالب المرأة كجنس ، واشكال تنظيمها الموحد مع الرجال في الحركة النقابية ودور فرع الحزب في بناء الحركة النسائية في مجالات الاحياء.
في كل الاحوال يظل ذهننا مفتوحا للدراسات النوعية الجديدة والميدانية حول قضية المرأة، والنضال ضد كل مستويات واشكال الاضطهاد التي تتعرض لها المرأة في مختلف الجبهات السياسية والاقتصادية والثقافية.
مع تحياتي وتقديري للناشطتين في الدفاع عن حقوق المرأة الاستاذة نعمات كوكو ود. أمال جبرالله.


3 - الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة

تناولت أدبيات الحزب الشيوعي السوداني قضية المرأة في مناسبات عديدة باعتبارها من القضايا المركزية في الثورة الوطنية الديمقراطية وترتبط بتحرير نصف المجتمع من ظلام الجهل والتخلف وأن قضية تحرير المراة تهم الرجل والمراة معا، ومن اهم الوثائق التي ناقشت قضية المرأة في ادبيات الحزب الشيوعي السوداني:
1- مقال الزميلة هاجر والذي صدر في مجلة الكادر(الشيوعي فيما بعد) العدد 62 الصادر بتاريخ: ابريل 1954م، والذي لخص تجربة سبع سنوات من تأسيس رابطة النساء الشيوعيات التي تأسست عام 1947م، وتجربة نضال المراة السودانية واهمها تجربة الاتحاد النسائي الذي تأسس عام 1952م، أشار المقال الي أنه في تلك السنوات الباكرة من تأسيس الحركة النسائية كانت المراة مضطهدة ومحرومة من أبسط حقوقها الاجتماعية والسياسية، ولم تعط حق الانتخاب، اعطي دستور الحكم الذاتي خريجات الثانوي اللائي لا يتعدي عددهن الخمسة والعشرين حق الانتخاب ليوهم الشعوب الأخري ان المرأة السودانية قد نالت حقوقها السياسية، كما طرح المقال مهام رابطة النساء الشيوعيات التي تتلخص في استنهاض المرأة السودانية لانتزاع حقوقها في توسيع تعليم المرأة بكل درجاته، وتحقيق الأجر المتساوي للعمل المتساوي بين المرأة والرجل، ورفع مستوي معيشة الجماهير وانتزاع الحقوق الديمقراطية للشعب، وتوسيع الحركة الجماهيرية والاهتمام بالنساء العاملات في المدينة والريف وتنظيم ربات البيوت، والاهتمام بالجانب الفكري بالتسلح بالنظرية الماركسية ومحاربة الافكار الاقطاعية والرجعية التي تكرس دونية المراة، والعادات الضارة، وخلق اوسع تجمع نسائي من اجل: قيام المدارس المسائية ومحو الامية، وتنظيم النساء العاملات في نقابات للدفاع عن حقوقهن بمساعدة حركة الطبقة العاملة والحركة النقابية، ورفع وعي النساء بحقوقهن، وان مطالب النساء المشار اليها سابقا لايمكن ان تتحقق مالم تؤمن النساء بعدالة قضيتهن، وضرورة أن تضع الرابطة والاتحاد النسائي اهم مطالب النساء كواجب عاجل يجب العمل علي تحقيقه.
2- كما تناولت دورة اللجنة المركزية(14/يناير/ 1965م) المنشورة في مجلة الشيوعي العدد(121) الصادر بتاريخ 25/3/1965م، الانعطاف الكبير الذي حدث في حركة المرأة السودانية بعد ثورة اكتوبر 1964م، بعد أن نالت حقوقها السياسية وفازت أول أمراة سودانية في البرلمان السوداني الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم عن دوائر الخريجين عن الحزب الشيوعي، وكان ذلك يعبر عن اتساع دور المرأة السودانية ونضالها ضد الديكتاتورية العسكرية ومشاركتها الفاعلة في ثورة اكتوبر وقدمت الشهيدات مثل: بخيتة الحفيان.
أشارت دورة ل.م في يناير 1965م الي ان (بين النساء تطلع حركة ثورية بعد ان نلن حقوقهن السياسية، والرجعيون لايريدون ذلك بالطبع، فموقفهم من المرأة وحقوقها السياسية واضح بالطبع، فعلي حزبنا ان يفضح تلك المواقف ، وأن يبدأ باكتشاف الوسائل لجذبهن للعمل الوطني الشريف. وتساءلت الدورة (نبدأ برابطة النساء الشيوعيات ووضعها في الظروف الجديدة، وهل هي تتلاءم فعلا مع منح المرأة حقوقها السياسية؟). تواصل الدورة وتقول: ( ان العمل بين جماهير النساء معقد في ظروف بلادنا، ولكن المعركة الانتخابية يمكن ان تكون وسيلة لتطوير حركتهن والارتفاع بمستوي الوعي بهن، وفي هذه المعركة علينا ان نهتم بالنساء العاملات في القري ، فهن يعملن بالانتاج ولديهن امكانيات التقدم وكذلك النساء العاملات في المكاتب اضافة لربات البيوت)( الدورة ص 18).
كما أشارت الدورة الي ان الاحزاب التقليدية التي كانت دائما تقف ضد نشاط المراة تتكالب اليوم لاحتكار حركتهن بدافع الكسب السياسي بعد أن منحت المراة حقها في التصويت، ان علينا مساعدة المرأة في التحرر واستخدام حقوقها السياسية لمصلحة تطورها ونشر حركتها لتضم المرأة العاملة والعاملات في الريف وربات البيوت(ص 34- 35).
ومواكبة للتطورات الجديدة ونتيجة لاتساع دور المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، رأت اللجنة المركزية أن وجود تنظيم منفصل للشيوعيات باسم رابطة النساء الشيوعيات لم يعد ملائما للفترة الجديدة التي دخلتها البلاد بعد ثورة اكتوبر 1964م، وقررت اللجنة في تلك الدورة (يناير 1965م) حل رابطة النساء الشيوعيات علي أن تعمل الزميلات مع الزملاء في فروع الاحياء ومجالات العمل والدراسة، وكان ذلك في اتجاه أن قضية المرأة لاتهم المرأة فقط بل تهم الرجل ايضا، وفي اتجاه توسيع مشاركة النساء في العمل الحزبي وفي العمل القيادي، و هذا الاتجاه جاء تكوين اللجنة المركزية في المؤتمر الرابع في اكتوبر 1967م ليضم أربع زميلات هن: فاطمة احمد ابراهيم، محاسن عبد العال، سعاد ابراهيم احمد، نعيمة بابكر.
3- ومن أهم الوثائق التي ناقشت قضية المرأة في ادب الحزب الشيوعي السوداني بعد المؤتمر الرابع مقال عبد الخالق محجوب بعنوان(الماركسية وتحرير المرأة) والذي نشر في مجلة الشيوعي العدد(131) بتاريخ يناير 1968م، ودارت حوله مناقشات في عدد الشيوعي(132): مقال هاجر وفي مجلة الشيوعي العدد 133: مقال ملكة والذي تم تلخيص له في العدد نفسه. أشار مقال عبد الخالق محجوب الي أن( الحزب الشيوعي أول تنظيم سياسي في السودان يعمل بشكل منظم بين جماهير النساء، وكان في كثير من الأحيان- وفي النطاق الذي يؤثر- معبرا عن التقدم بين تلك الأوساط، ولكن رغم هذا العمل المتواصل الذي ظل لأكثر من اربعة عشر عاما – في شكل رابطة النساء الشيوعيات بداية – فان الحزب الشيوعي بعيد جدا عن تلبية الحاجات التاريخية لحركة النساء السودانيات وينعكس هذا الجدب في شح العضوية النسوية التي لاتزيد عن 3% من مجموع عضويته(ص 47 احصاء المؤتمر الرابع). كان من المفروض أن يجري بحث عميق خلال التحضير للمؤتمر الرابع لهذه القضية، ولكن حالت دون ذلك ظروف المؤتمر الرابع نفسها وتشعب عمل اللجنة التحضيرية.
كما أشار الكاتب الي تصور الماركسية لقضية المرأة وخلص الي أن: الماركسية تنظر لقضية المرأة كجزء من تحرير العمل، وخلافا لنظرة البورجوازية تخترق المراة ستار المؤسسات القائمة علي امتياز الرجل علي المراة وتحلله من زاوية التطور التاريخي وترجع اصول التفاوت بين الجنسين الي القوانين التي ادت الي تطور المجتمع من باطنه.
كما أشار عبد الخالق الي محصول نضال الحزب الشيوعي السوداني في الاتي:
- قضايا الثورة لايحلها الرجال وحدهم، علي نظرية تبعد المراة نهائيا عن هذا الميدان.
- تم تقديم عموميات الماركسية بعد عام 1947م لنفر من النساء باعتبار أن الاقتراب من النساء لايتم الا بواسطة المراة الشيوعية، تعرفن علي حقيقة قضية المراة كجزء من الصراع الطبقي والاصول التاريخية للتفاوت بين المراة والرجل، وان حل هذه القضايا يتحقق في المجتمع الاشتراكي.
يواصل المقال ويشير الي ضرورة اسهام المرأة في الثورة الديمقراطية والنضال من اجل حقوق المراة كمواطن علي قدم المساواة مع المواطنين الآخرين ووضعها في مقدمة النضال الديمقراطي، اضافة الي قضية تحرير المراة تعني اشتراكها في الانتاج واكتسابها لحقوق تستهدف تقريب الشقة بينها وبين الرجل (ص 63). كما أشار الكاتب الي ان الاشتراك في الانتاج كان يهم نساء المدن، ولكن المرأة في الريف ايضا كانت عاملة وتعاني من التقاليد البالية والعمل غير المنتج، ولكن المراة في الريف ايضا تعاني من الحرمان من حقوقها الديمقراطية: في وضعها العائلي، في فرصها للتعليم، في الارهاق الشنيع تحت وطأة العادات البالية المضرة بالصحة عموما وكيانها كانسان.
يواصل عبد الخالق ويقول في ص 66 (المرأة السودانية المتحررة من التقاليد البالية والمذلة لكيانها والمشتركة في الحياة الاجتماعية المثمرة والمتمتعة بحقوق طيبة في ميدان الاحوال الشخصية هي قوة تهئ جيش النساء المنتج وعنصر فعّال في جلب دوائر اوسع من النساء في حركة النضال السياسي والاجتماعي).
يواصل ويقول:(علي رغم الحدود الفاصلة بين وجهة نظر الشيوعيين في تحرير المرأة ووجهة نظر البورجوازيين، الا انه في حركة النضال من اجل حقوق المرأة يوجد منبر مشترك لهذا العمل ولفترة طويلة، وأن الاتحاد النسائي عبر عن جبهة واسعة هدفها النضال من اجل اعلان حقوق المرأة في حيز الحقوق الديمقراطية البورجوازية).
يواصل المقال ويقول: ( ان ظهور المرأة السودانية في المدن والقري المتقدمة في حقل النشاط السياسي بجرأة بعد اكتوبر قافزة فوق سور التقاليد البالية، لم يات فجاة، بل هو وليد تغيرات كثيرة كانت تجري في بطن المجتمع السوداني: من تغير في الوضع الاجتماعي للمرأة، الي تحسن نسبي من وضع المجتمع المنفصل انفصالا تاما..الخ، ولكن كل هذه العوامل وغيرها لم تنعكس في تنظيمات الحزب الشيوعي، ولا في أساليب عمله واشكال تنظيم الحزب للطلائع ولا في الاقتراب من الطلائع الجديدة(ص 69). يواصل ويقول : لم نلتفت بالقدر الكافي الي مشاكل المرأة كجنس والتناقض القائم بين وضعها ووضع الرجل في بلادنا، وحقيقة أن النضال من اجل حقوق المراة يتجه ضد الوضع الممتاز الذي يتمتع به الرجل، اضافة الي انه من المهم اعلان موقف مبدئي من حقوق المرأة ثم النضال المتواصل لايقاظ جماهير النساء للنضال من اجل تلك الحقوق.
يواصل عبد الخالق ويقول: اعتقد أن الدفاع المبدئي عن حقوق المرأة الديمقراطية هو مانثبت عليه، وهذا طبيعي بالنسبة لمهام الثورة الديمقراطية وطبيعتها وجوهرها القائم علي مستوي الحقوق الديمقراطية للجماهير، ومثل هذا الموقف من شأنه أن يدفع بعوامل الاصلاح في ميدان الأحوال الشخصية وفي دفع الدين في مجري التقدم ومصالح الجماهير(ص 73).
يواصل ويقول: ان تنظيم النساء في حقل النشاط السياسي والاجتماعي يأخذ اشكالا مختلفة بدءا من الجمعيات التعاونية الي مستويات النضال السياسي والاجتماعي من اجل الحقوق الديمقراطية للمرأة، وانه من غير الملائم تنظيم جامد ووحيد للعمل الديمقراطي بين النساء).
ويشير الكاتب الي قول لينين: اننا نستمد افكارنا التنظيمية من مفاهيمنا الايديولوجية، نحن لانريد تنظيمات منفصلة للنساء الشيوعيات، ان المرأة الشيوعية تنتمي كعضو في الحزب علي قدم المساواة مع الرجل الشيوعي، لها نفس الحقوق والواجبات، لايمكن ان يكون هناك خلاف في الرأي حول هذه القضية. كما أشار الكاتب الي ضرورة توحيد اعضاء فروع الحزب من النساء في مجال السكن لعمل بين جماهير نساء الحي.
ويختتم الكاتب بقوله: ان جماهير النساء عبرت عن تأييدها للحزب الشيوعي اكثر من تأييدها للاحزاب الأخري، وان النقائص الذاتية في عمل الحزب الشيوعي يمكن أن تؤدي الي اندثار هذا المعلم، مالم ينظر الحزب الشيوعي في هذا الميدان بجدية وجرأة وحكمة(ص 83).

2
4- ثم بعد ذلك جاء انقلاب 25 /5/1969م الذي صادر الحقوق والحريات الديمقراطية وفرض نظام الحزب الواحد وحل الأحزاب والتنظيمات الديمقراطية والجماهيرية مثل اتحاد الشباب السوداني والاتحاد النسائي واتحادات الطلاب والروابط القبلية في المدن...الخ، وفرض تنظيمات فوقية سلطوية للشباب والنساء كانت معزولة. وبعد احداث 22 يوليو 1971 حدثت الردة الشاملة وانحسرت حركة النساء الديمقراطية وواصلت المقاومة السرية للنظام، وفي ظروف السرية كان الحزب الشيوعي يواصل تجميع النساء الشيوعيات لمواصلة النشاط في ظروف السرية لاستنهاض مقاومة المرأة ضد النظام وتنظيم الشيوعيات في فروع الحزب ، وعلي سبيل المثال صدر خطاب داخلي من سكرتارية اللجنة المركزية بتاريخ مارس 1980م حول العمل وسط النساء، أشار الخطاب الي اضرورة تنظيم الشيوعيات في فروع الحزب كيما يمارسن عضويتهن كشرط أولي واساسي لايستقيم بغيره أي حديث عن نشاط الحزب بين جماهير النساء، اضافة الي تجنيد عضوات جدد. كما أشار الخطاب الي المتغيرات بعد ثورة اكتوبر 1964م، ومشاركة المرأة في كل المجالات السياسية ومواقع المسئولية الشعبية وعلي مستوي الأحزاب والدولة، ويشهد علي ذلك الاهتمام المتواصل الذي تبديه الاحزاب اليمينية واحزاب البورجوازية الصغيرة والاحزاب الدينية النتعصبة كالخوان المسلمين بكسب المرأة لصفها بعد ان فزعت من انعطاف المراة نحو الحزب الشيوعي بعد ثورة اكتوبر، فتراجع الأخوان المسلمون عن معاييرهم السلفية المتزمتة وسمحوا بعقد الاجتماع المختلط للاخوان والاخوات، وتعرضت نساء الجبهة الوطنية(أحزاب:الامة، الاتحادي، الاخوان المسلمين.) للاعتقال والارهاب قبل المصالحة الوطنية التي تمت بين نظام مايو واحزاب الجبهة الوطنية في يوليو 1977م. كما يمارس الجمهوريون(انصار الاستاذ محمود محمد طه) نشاطهم الحزبي والجماهيري دون حاجز بين المرأة الجمهورية والرجل الجمهوري، وتبذل الأحزاب الجنوبية جهدا منظما لكسب المراة الجنوبية في كل المستويات الرسمية في الحكم الاقليمي، وتزاود سلطة مايو كل يوم بشعارات تحرير المرأة وتخصيص 25% من مقاعد الحكم المحلي لها وتخصيص مقاعد فئوية للنساء في مجلس الشعب والمجلس الاقليمي وفي الاتحاد الاشتراكي والوزارة..الخ.
يواصل الخطاب ويشير الي ضرورة الانعتمد علي رصيد وتاريخ الحزب وللاتحاد النسائي وهذا لا يكفي، العمل المنظم والواعي واليومي من جانب الحزب في المركز والمناطق والقري، هذا هو السبيل الوحيد والذي لابديل له لكسب حركة النساء لصف الثورة الديمقراطية وتجنيد طلائعها للحزب وبعث حركة النساء الديمقراطية.
أشار الخطاب: علينا ان نؤكد ونحن علي اقتناع كامل أن منطلقنا الفكري الشيوعي هو ان الزميلات يتمتعن بعضوية الحزب كمناضلات طليعيات اسوة بالزملاء يشاركن في النشاط اليومي والمسئولية ولسن منخصصات فقط في تنظيم فروع الاتحاد النسائي، من علي هامش الحزب، فقد تحملت الزميلات الاعتقال والتشريد والارهاب واقتسمن مع ازواجهن واخواتهن تضحيات النضال الثوري، وصمدن امام الارهاب الدموي للردة. كما أشار الخطاب الي أمثلة لنشاط النساء مثل:مواكب أسر المعتقلين في العاصمة والاقاليم، مواكب الغلاء في العاصمة، مشاركة المراة العاملة في النشاط النقابي والاضرابات، تنظيم عدد من الندوات والاحتفال بعام الطفل في بعض احياء العاصمة والمعاهد العليا بمشاركة العناصر القيادية للاتحاد النسائي من الديمقراطيات والشيوعيات، وبالتالي فان اتساع مشاركة المراة في النشاط السياسي والنقابي والاجتماعي يفرض علينا ان نرتقي بتجنيد المراة من مواقع النضال السياسي والنقابي والاجتماعي ومن وسط الطلائع بدلا من الطريقة القديمة: تجنيد الأخت والزوجة. وتعليم المرشحة(العضو الجديد) أن تصبح عضو حزب باستقلال عن الزوج او الأخ او الأب(علي سيبل المثال زميلات في انقسام 1970 انقسمن مع ازواجهن). كما أشار الخطاب الي انه لاتراجع عن العمل بين النساء الأميات، أي أغلبية النساء في بلادنا واستبدال ذلك بالعمل فقط في الاتحادات والنقابات. كما أشار الخطاب للضعف العددي للعضوية واهمال النشاط الجماهيري بين النساء. كما أشار الخطاب الي توسيع عملنا وسط النساء في الأحياء والجامعات والشبيبة النسوية وفي الخارج(الفروع).
أشار الخطاب الي المتغيرات الجديدة في فترة مايو التي لاتنحصر فقط في مصادرة الديمقراطية وسيادة الارهاب، بل والتغييرات الاجتماعية والطبقية والفكرية التي حدثت بين النساء، وبصفة خاصة بين طلائع الفئات النسوية التي كانت من الناحية العامة تقف مع الحركة الديمقراطية، وفي المقابل ظهور جيل جديد من النساء يتفتح بطريقته الخاصة علي قضية المراة ويستقي ثقافته ومعارفه عنها من مصادر متعددة محلية واجنبية لم تكن متوفرة قبل عشرة اعوام.كما أشار الخطاب الي ضرورة التركيز في جبهة عمل محددة في الاحياء ، في الجامعات: الجبهة الديمقراطية وتفادي خلق الواجهات الكثيرة.
كما أشار الخطاب الي الاهتمام بتقديم الدراسات الماركسية لمجموعة الزميلات اللائي يتم تنظيمهن: البرنامج، اللائحة، وثائق اللجنة المركزية، وهذا واجب مقدم لمواجهة النقص الحاد في استقرار التعليم الحزبي وضعف التكوين النظري الماركسي في مجموع الحزب وبين الزميلات بصورة خاصة.
واخيرا حدد الخطاب واجبات المركز في : اسنقرار اللجنة الحزبية للعمل النسائي، المساعدة في تنقيح دستور الاتحاد النسائي، المساعدة في اصدار وانتظام صوت المرأة.
كما صدر خطاب داخلي من سكرتارية اللجنة المركزية بتاريخ سبتمبر 1984م حول العمل وسط النساء، أشار الخطاب الي ان العمل وسط الزميلات من صميم بناء الحزب والي انه بعد ثورة اكتوبر 1964م تم حل رابطة النساء الشيوعيات كتنظيم تابع للحزب وتم استيعاب الزميلات في فروع الحزب، وكان ذلك الشكل الأرقي والمتجاوب مع تطور الحياة السياسية والاجتماعية، واصبح واجب العمل بين النساء من أجندة فروع الحي حيث تتواجد كل فئات النساء وأغلبيتهن، وكذلك في القرية والريف.
كما أشار الخطاب الي انه عندما نتحدث عن قضية تحرر المرأة كجنس وكطبقة في الثورة الاجتماعية، لانحصر التحرير في الشرائح الصغيرة للمتعلمات أو العاملات، بل نقصد المراة السودانية بكل فئاتها وحيث اغلبها تعيش في الريف، ويرتبط تحررها بالاصلاح الزراعي وحركة المزارعين ومحو المية ودخول المراة ميدان الانتاج...الخ، كما أشار الخطاب الي ضرورة دراسة ظاهرة تراجع نشاط الزميلات بعد الزواج.
كما أشار الخطاب الي أشكال الصلة: صوت المراة، دستور الاتحاد النسائي، الكتيب الذي يعالج قضايا المراة، الندوة لمخاطبة النساء في الحي، الصلة بنساء العالم.
كما أشار الخطاب الي بعض الأفكار الخاطئة التي يحملها زملاء وزميلات ومنها علي سبيل المثال: النظرة السلفية للمرأة في مجتمعنا أو النظرة الرومانسية في اوساط المتعلمين في مجتمعنا: في الحالة الأولي اهمال وعدم اهتمام بقضية تحرر المراة كجزء من قضايا الثورة الديمقراطية، وفي الحالة الثانية التعامل المثالي مع المراة كمناضلة وزوجة او مواطنة عادية، وفي الحالتين غياب للفكر الشيوعي: سواء في حالة اهمال الرجل أو في حالة سلبية المراة نفسها. من واقع الفكر الشيوعي نجند المراة الطليعية المناضلة للحزب بعد ان تكون قد برهنت عن ثوريتها خلال النشاط العملي، وليس بالانطباع الشخصي أو العلاقة الشخصية، وعندما تصبح عضوا في الحزب نتعامل معها كشيوعية عليها واجبات حزبية مثلها مثل اي عضو، نصعدها لموقع المسئولية اذا كانت جديرة ومؤهلة للمسئولية وليس لمجرد تمثيل النساء في الهيئات القيادية علي طريقة الاتحاد الاشتراكي واحزاب البورجوازية الصغيرة، وننتقدها وننزلها من المسئولية عندما تفشل في القيام بها.
كما أشار الخطاب الي خطا انعزال المتعلمات عن العمل بين جماهير النساء(الاهتمام بالعمل النقابي سريع العائد وهو عمل اكثر تقدما بالمقارنة بعمل الحي).
كما أشار الخطاب الي الظواهر الجديدة في حركة المراة مثل: اتساع صفوف المرأة العاملة وعدد الطالبات في المعاهد العليا والجامعات في الداخل والخارج، وتخلي الاجيال الجديدة من النساء المتعلمات عن العادات الذميمة المتخلفة، كما أشار الي سلبيات التفسخ، الدعارة الناتجة من ضغط الحوجة لبيع المراة لجسدها، الردة بين النساء المتعلمات لعادات بالية، البذخ في تقاليد الزواج وفي المعيشة والسلوك..الخ.
وأخيرا أشار الخطاب الي ضرورة استقامة الشيوعي في مجتمع لايفرق بين الدعوة والداعية، وضرورة تطوير طرحنا الماركسي لقضايا المراة بذاتيتها وخصائصها المحددة، وبما يجمع بينها وبين المراة في العالم.
5- وجاءت انتفاضة مارس- ابريل 1985م والتي فتحت الطريق امام النهوض الجماهيري ومن ثم تحسين عملنا بين النساء، وصدر خطاب داخلي بعنوان(ظروف مواتية لتطوير عملنا وسط النساء) بتاريخ فبراير 1986م.
أشار الخطاب الي انحسار نفوذ الحزب بصورة حادة وسط النساء خلال سنوات الردة، حيث انخفضت النسبة الي 13% في مديرية الخرطوم في مطلع الثمانينيات، وانخفضت اكثر في المناطق الأساسية، اضافة الي هامشية وضعف العلاقة، كما أشار الي تخلف معالجتنا النظرية لقضايا المرأة من منطلق الفكر الماركسي اللينيني، سواء في مستوي المعرفة الفلسفية والنظرية أو في الصراع ضد أفكار البورجوازية الصغيرة والابتذال الذي لحق بالماركسية نفسها علي يد المجموعة الانقسامية التصفوية فيما يختص بقضايا المرأة ودور الحزب في حركة النساء الديمقراطية ، كما أشار الي ظروف السرية والارهاب وأثرها في عزلنا عن التطورات والتجارب والأفكار الجديدة في الحركة الشيوعية والديمقراطية في العالم.كما أشار الخطاب الي أن مواطن القصور والضعف في اداء الحزب وسط النساء رغم أنها لاتخرج عن الاطار الذي وضعته دورة ل.م سبتمبر 1984م حول نواحي الضعف في عملنا القيادي.
كما أشار الخطاب الي أهمية الارتقاء بمستوي التعليم الحزبي للزميلات، وتشجيع الزميلات النشطات المبادرات علي تحمل المسئولية الحزبية وفقا لقواعد تصعيد الكادر دون مجاملة أو استرخاء في تطبيق القواعد ، اضافة لحملة تعليم حزبي للزميلات والاهتمام بالمرشحات، اضافة للكتابة في مجلة الشيوعي حول قضايا النساء، وتطوير الصراع الفكري والقضايا النظرية حول قضايا المراة داخل الحزب، والارتقاء بطرحنا حول قضية المرأة في صحيفة الميدان، والصراع لتطوير الاداء في جبهة قضايا المراة وفق أسس وقواعد الصراع الفكري كما حددتها اللائحة.
كما أشار الخطاب الي فرع الحزب باعتباره المسئول عن تنظيم وتوجيه مجمل النشاط في الحي أو القرية وسط الشباب والنساء والتعاونيات، الاندية، والانتخابات..الخ، وان مجال السكن هو المجال الملائم لتنظيم حركة النساء الديمقراطية، أما ادوات مجال العمل فهي: فرع الحزب والنقابة والتنظيم الديمقراطي، باعتبارها الأدوات التي تخوض بها الصراع الطبقي المباشر في مجالات العمل ويسهم فيها الرجال والنساء علي قدم المساواة، الي جانب اشكال اخري لتنظيمات ومؤسسات اجتماعية الطابع كالجمعية التعاونية، النادي وغير ذلك.
كما أشار الخطاب الي دور الاتحاد النسائي الذي يطرح مطالب المراة كجنس ، كنوع، كقوة اجتماعية فيها العاملة وربة البيت والجاهلة والمتعلمة، حق العمل والحقوق السياسية وحقوق الاحوال الشخصية، ومشاكل الامومة والطفولة ويحشد النساء علي اختلاف اصولهن الطبقية والفئوية في حركة جماهيرية متعددة الاشكال والمستويات لدفاع عن حقوق المراة.
كما أشار الخطاب الي ضرورة وجهة نظر ماركسية ناقدة للافكار والمدارس الجديدة حول قضية المراة مثل مؤلفات نوال السعداوي، سيمون دي بوفوار..الخ، ورفع المستوي الفلسفي والنظري لاعضاء الحزب زملاء وزميلات ، ومواصلة انتقاد الافكار البورجوازية القديمة والحديثة حول تحرر المرأة، ولايكفي أن يطلع الزملاء والزميلات علي اصول الماركسية في كتب ومؤلفات مثل: كتاب انجلز(أصل العائلة والدولة الملكية الفردية) أو كتابات لينين مع كلارازتكين وغيرها، هذا مهم ومفيد ولاغني عنه، لكنه وحده لايكفي، ولايقدم الاجابة علي الاسئلة المطروحة في عصرنا أو حلولا لمشاكل عصرنا، كما ان استيعاب الفلسفة والنظرية الماركسية لايكتمل بقراءة الكتب والاصول وحدها، ولابد من ان نتصدي لمواجهة الفكر البورجوازي خلال الصراع اليومي في كل الجبهات، كيما نمتلك ناصية الماركسية وجوهرها الديالكتيكي من جهة، وكيما نطورها من خلال التطبيق المستنير والخلاق علي مجتمعنا. والوجه الاخر لهذه المشكلة، هو استكمال معرفتنا ودراستنا لتيار النهضة والاصلاح الاسلامي الذي قاده عدد من المفكرين الوطنيين في مصر والشام ضد الجمود السلفي في قضية تحرير المراة، ولانكتفي فقط بالاستشهاد والمقتطفات من اعمالهم، بل نواصل ونطور في الصراع ضد الجمود السلفي في السودان، والاقتراب من الساسة ورجال الدين الاسلاميين الذين ينطلقون من تيار النهضة والتجديد، ويحاولون باخلاص أن يجدوا حلا اسلاميا لمشاكل مجتمعنا وعصرنا بما في ذلك قضية تحرر المراة، وقد ساعد نفر من هؤلاء كثيرا في بداية تنظيم حركة النساء في السودان وتصدوا بشجاعة للجمود السلفي(ص 25).
كما تمت مناقشة الورقة في اجتماع موسع للكادر النسائي وبحضور اعضاء سكرتارية اللجنة المركزية ولجنة مديرية الخرطوم وزملاء من مكتب الجامعات والمعاهد العليا، وكان عدد النساء اللائي حضرن الاجتماع 26 من مجموع الحضور البالغ 43، وتم تلخيص المناقشات ونشرها مع تقديم وتعليق من سكرتارية اللجنة المركزية ، وتم النشر في عدد الشيوعي 153 ، كما تمت اجتماعات موسعة للكادر النسائي في العاصمة والمناطق وتم نشرها حصيلتها في اعداد الشيوعي 154 ، 155 مع ملحق له.
وكان اهم المقترحات والملاحظات التي برزت علي الورقة والمناقشات تتلخص في الاتي:
1- كيف نتغلب علي نواحي الضعف في نشاط الحزب وسط النساء ونجذب طلائعهن للعضوية دون تعجل للنتائج والكم علي حساب النوع؟ وكيف نرتقي بالمستوي الفلسفي والنظري والايديولوجي لحزبنا في تفهم ومعالجة قضايا تحرير المرأة من منطلق الفكر الماركسي اللينيني ومواقع الطبقة العاملة؟ وكيف نرتقي بدور الزميلات كمناضلات شيوعيات في حياة الحزب وبمواصفات الكادر الثوري وليس تمثيل النساء شكليا؟ وكيف نرتقي بدور فرع الحزب في الحي والقرية لتوسيع نفوذه السياسي الجماهيري وسط النساء، وتنظيم حركة النساء الديمقراطية بمختلف الأشكال والمستويات في لجان الاتحاد النسائي وكتنظيم ديمقراطي جماهيري له استقلاله الذاتي ووفق دستوره؟.
2- أشارت المناقشات الي اوضاع المرأة في الدول الاشتراكية السابقة: ان الاشتراكية لاتملك عصا سحرية تقضي علي موروث القرون في اضطهاد المرأة، وأن : بعد الشقة واتساع المسافة لايعتمد علي ماسبق ذكره، بل يشمل ايضا تخلف المرأة نفسها الموروث من قرون وحقب الاضطهاد المزدوج، فمن العموميات الماركسية المعروفة ومن واقع تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية الأخري أن الثورة الاشتراكية تنجز التغييرات في القاعدة المادية في المجتمع بسرعة نسبية حسب واقع البلد، لكن تغيير المفاهيم والتصورات والعادات والسلوك والتقاليد وكل مؤسسات وعناصر التركيب الفوقي يتطلب فترة طويلة تمتد حيب واقع البلد المعين. لهذا ليس غريبا أو خارجا عن ادراك العقل البشري ما نشهد من ظواهر سلبية في المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي وبعد سبعين عاما من انتصار الثورة الاشتراكية مثل : ظاهرة الطلاق المرتفعة نسبيا، وحالات المهور الغالية في الزواج في الجمهوريات الآسيوية الاسلامية وحالات تعدد الزوجات في تلك الجمهوريات وحالات الاجهاض وسط الشابات.....الخ.( الشيوعي 154، ص 9 ).
3- كما أشارت المناقشات الي ضرورة تقوية العمل الفكري بين الزميلات وتشجيع التثقيف الذاتي وتوفير الكتاب المدرسي وتشجيع الزملاء والزميلات علي سعة الاطلاع علي الأدب الانساني العام في هذه القضية، كما أشارت المناقشات الي أن من ابرز تخلفنا في النشاط وسط النساء: الكسل الذهني الذي يكتفي بالخواطر وشتات الأفكار في معالجة القضايا الفلسفية والنظرية، والوجه الآخر لنفس الظاهرة اختزال كل القضية في تقديم عموميات الماركسية عن قضية المراة.ليس في حزبنا حجرا أو قيدا علي معالجة القضايا الفلسفية والنظرية حول قضية المرأة وبقية برنامج الحزب، طالما انطلقت المعالجة من هموم وتجارب حزبنا وحصيلة نشاطنا(ص 30).
4- كما أشارت المناقشات الي أن التعرف علي التيارات التي عالجت قضية المراة، وهذه المشكلة عانينا منها والوضوح فيها مهم، ضعف الجانب الثقافي بشكل عام هو الذي ساعد في سيادة هذا الضعف والصراع لاينتظرنا، مدارس الكادر مهمة في هذه الظروف، واذا استطعنا تثبيتها سنطور من الاطار النظري بالذات في الجانب النسوي وبالنسبة لكل الكادر، الكادر النسوي في مسألة تحرر المرأة متطور اكثر من الرجل بحكم الاضطهاد الواقع عليه، المنهج العام(الماركسية) مهم تسليمه للكادر النسائي( ص 46 الشيوعي 154).كما أن هناك اقتراح باضافة كتيب في برنامج المرشحين حول(الماركسية وقضايا المرأة). كما أشارت المناقشات الي أنه (لايكفي الرجوع الي اصل العائلة وانجلز، بل يجب أن نضع في اعتبارنا ايضا مناقشة الاسهامات المعاصرة، وعلينا ان نوضح أن قضية المرأة لها خصوصيتها ولاتحل تلقائيا فقط بحل قضايا المجتمع، وعلينا أن نبحث المسألة من حيث وضع المرأة في مكانها الصحيح، وعلينا التعمق في الدراسة حول قضية المرأة والفكر الاسلامي السلفي، كما أن الحزب الشيوعي هو الداعي الأول لحقوق المرأة ولرفع الاضطهاد عن المرأة منذ مدة طويلة، وكان من المفترض أن يكون المبادر في طرح مسألة تمثيل المرأة داخل البرلمان وتخصيص دوائر للنساء وليس الأحزاب الرجعية، فتخصيص دوائر للنساء يساعد في رفع الوعي(الشيوعي 143، ص 88).
ولكن المناقشة العامة لم تصل لنهايتها فقد قطع انقلاب يونيو 1989 سير تلك المناقشة وعاد الحزب لظروف السرية المطلقة ليواصل فيها الحزب تجميع وتنظيم حركة النساء.
الفترة: يونيو 1989- 2008م
بعد انقلاب 30 يونيو 1989م واجهت المرأة السودانية الكثير من صنوف التنكيل والاضطهاد(اعنقال، تشريد، قمع، اغتراب،..الخ) وصفها بيان التجمع النسائي الوطني الديمقراطي بتاريخ 8/مارس/2006م بأنه: اتسم بملاحقة المراة بأساليب فظة ومهينة: اما بدعاوي الحجاب أو بحرمانها من العمل الشريف في الاسواق لكسب العيش الكريم، والتمييز ضد الطالبات في الدخول للجامعات بحرمانهن من القبول في تخصصات معينة وبمحاولات تقليل الاعداد للقبول في مايسمي بكليات القمة(الهندسة والطب) بصرف النظر عن النسب المميزة التي حزن عليها. اضافة للتمييز ضد النساء في الترقي للمناصب العليا في الخدمة العامة بمختلف الدعاوي. كما تم اصدار قانون للاحوال الشخصية يجعل المرأة مفعولا بها بحرمانها من حق اختيار الزوج بحرية، كما يحرمها من السفر ولو للمهام الرسمية الا بموافقة ولي الأمر، وهذه حقوق مكفولة حتي بالدستور الحالي مما يضعها تحت رحمة الرجل مع انها انسان كلمل الأهلية عقليا وبدنيا، اضافة الي آثار الحرب الأهلية علي النساء مثل: النزوح والاغتصاب، فقدان الزوج(الأرامل).
وتابع الحزب مهام تنظيم النساء وصدر خطاب داخلي بتاريخ اغسطس 1996م بعنوان(فرع الحزب وحركة النساء الديمقراطية) أشار الخطاب الي ضرورة: عودة واجب نشاط الحزب بين النساء الي مكانه الثابت في اجندة الفروع والهيئات القيادية، كنشاط ملزم لكل اعضاء الحزب رجالا ونساءا.وأن قضية نهضة المرأة كجنس وكقوة اجتماعية ليست قضية خاصة بالمرأة أو حكرا عليها، انها قضية نهضة الرجل ايضا، قضية نهضة المجتمع بأسره علي قاعدة الديمقراطية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما أشار الخطاب الي تخلف عقلية الرجل السوداني تجاه قضية المراة السودانية: المجتمع السوداني مجتمع سيادة الرجل وتبعية المراة وتخلف الرجل والمراة علي السواء. كما ان المراة شريك أصيل في النضال من اجل حقوقها كجنس وكقوة اجتماعية ذات قدرات كامنة وماثلة هائلة في حركة الديمقراطية والتغيير الاجتماعي في الأفق التاريخي العام.
كما أشار الخطاب الي : ضرورة اصدار دراسات علمية ثقافية متخصصة تعالج ماهو أساسي في قضايا المراة السودانية.
كما اصدرت سكرتارية اللجنة المركزية بيانا جماهيريا بمناسبة 8/مارس يوم المراة العالمي، أشار البيان الي: الدفاع عن حقوق المرأة السودانية، وان المراة والطفل ضحايا التهجير الناتج من الحرب والجفاف والتصحر، اضافة الي اتساع فئة النساء الفقيرات صانعات الاطعمة والشاي وبيع الملابس المستعملة والدوات المنزلية زهيدة السعر وتشكل هذه الفئة 85% من الباعة في بعض أسواق اطراف العاصمة، وأن اغلبيتهن بين سن:20- 25 سنة، وان بناتهن الصغار حتي سن 15 سنة يساعدن ويشاركن في البيع، هاجس هؤلاء النسوة: الرسوم، الكشات ومصادرة الأواني ومافيها. كما أشار البيان الي قطاع المرأة العاملة الذي مازال سيف التشريد لصالح العام مسلطا علي الرقاب، بلغت نسبة النساء المشردات 55% من مجموع المشردين في الفترة: 1997- 2000م، أغلبهن في سن العطاء:25- 35 سنة، وفي المصانع الصغيرة في العاصمة تعمل فتيات وشابات من 18- 25 سنة بعقود عمل واجور متدنية وبلاحقوق نقابية أو تنظيم نقابي، اضافة الي ضيق فرص العمل للخريجين والشباب(53% من خريجي العام 2000 في العاصمة والأقاليم طالبات). هذا اضافة لانتشار ظاهرة الطلاق وظاهرة النساء السجينات حتي نشأ جيل جديد من المواليد في السجون.
المرأة في برامج الحزب الشيوعي السوداني:
في برامجه السابقة اهتم الحزب الشيوعي بقضية المرأة باعتبار أن تقدم وتحرر المرأة هو المقياس لتطور المجتمع، ونتابع في هذا الجزء الفقرات التي وردت في البرامج السابقة:
1- في برنامج الجبهة المعادية للاستعمار عام 1954 ورد:تحقيق الأجر المتساوي بين المرأة والرجل، حماية الأم والطفل، ايجاد الوسائل اللازمة لتأمين ذلك(دور توليد، حضانة، علاج مجاني،...الخ).
2- كما أشار برنامج المؤتمر الثالث(فبراير 1956)(سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم) الي (تجديد حياة الكادحين ورفع مستوي المعيشة وتأمين الخدمات الصحية والأجر المتساوي للعمل المتساوي دون تمييز بين الجنس والعرق).
3- أما برنامج الحزب المجاز في المؤتمر الرابع(اكتوبر 1967م) فقد أشار الي الاتي( النظام الاشتراكي يستوجب توفير الشروط اللازمة لتصبح المراة عضوا فعّالا في المجتمع ومركزا لبناء العائلة المتحررة من الخوف من المستقبل ومن الجهل، ولاتقوم هذه المساواة بين المراة والرجل في المجتمع الاشتراكي علي طريقة النفاق، بل بتهيئة فرص التعليم والرزق الشريف للمراة، وبتهيئة الظروف الملائمة لها لمواصلة نمو الجنس البشري(ص 9- 10).






#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضايا الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة: مايو ...
- موقف الحزب الشيوعي السوداني من محكمة الجنايات الدولية
- التركيب الطبقي والاجتماعي لفترة المهدية في السودان(1885- 189 ...
- المفهوم المادي للتاريخ ودراسة المجتمع السوداني
- تعقيب علي د. حيدر ابراهيم علي
- في الذكري الرابعة لتوقيع اتقافية نيفاشا
- التركيب الاجتماعي لفترة النوبة المسيحية في السودان(500م- 150 ...
- قضايا ومشاكل العمل القيادي في وثائق الحزب الشيوعي السوداني
- ضرورة تقويم تجربة مشاركة التجمع في السلطة التشريعية والتنفيذ ...
- تطور الحزب الشيوعي السوداني الفكري والسياسي بعد انقلاب 22/يو ...
- تعقيب علي د. مجدي الجزولي حول مقاله بعنوان:نحو مناقشة (شيوعي ...
- المنطلقات الفكرية والنظرية لاسم الحزب
- تطور أشكال التنظيم في السودان
- موقع الماركسية في خريطة الفكر السوداني
- تهنئة بالعيد السابع لانطلاق موقع الحوار المتمدن
- تكوينات ما قبل الرأسمالية في السودان(2) (السلطنة الزرقاء نمو ...
- الماركسية ومفهوم الحل التلقائي لقضية المرأة
- الأزمة المالية: نقطة تحول حرجة في عصر امبريالية العولمة
- مصادر تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
- الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة(3)


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - المفهوم الماركسي لتحرير المرأة