أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد صبيح - شارة النصر














المزيد.....

شارة النصر


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 09:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


خرج الجنود الإسرائيليون على ظهور دباباتهم من على أطراف غزة رافعين شارة ‏النصر. لكن شارة النصر الإسرائيلية تلك بدت، في الجو الرمادي الداكن، باهتة وكأنها ‏منفصلة عن أي سياق. فهؤلاء الجنود عادوا ( منتصرين) بعد مقاتلتهم لأشباح غير ‏مرئية، لكنهم في نفس الوقت قد خلفوا، بأسلحتهم الفولاذية، المقساة بقسوتهم، ‏ورائهم خراب هائل مشبع برائحة اسمنت مهروس وممزوج بأجساد غضة لأطفال ‏نسي العالم ان ينصفهم .‏

في حطام غزة بدت إسرائيل وكأنها طفل عابث أفسده الدلال فاخذ يعبث بكل شيء ‏يقع أمامه.‏

‏ غير ان (المنتصر) وجد ان فرحته ناقصة وسط تجهم العالم الناقد والناقم من حوله ‏فأراد ان يغطي على دعابة شارة النصر تلك بان أرسل وزيرته ليفني مباشرة، بعد ‏مهرجان التكسير العبثي ذاك ، إلى حضن الدلال، حضن ماما أمريكا. وهناك في ‏أمريكا فرضت إسرائيل على العالم، بلمحة دراماتيكية، وبدون استئذان، ان ينشغل ‏بأمنها العزيز وسبب قلقها الأزلي. حيث وقعت ليفني ورايس اتفاقية (ثنائية) نصت ‏على ان يلعب حلف الناتو ومصر والسلطة الفلسطينية دورا في مراقبة (الحدود) ومنع ‏تهريب الأسلحة إلى غزة. وهذا يعني باختصار تفريغ لفكرة حق الشعب الفلسطيني ‏في المقاومة التي تكفلها له القوانين والأعراف الدولية. وكذلك أرادت إسرائيل ‏والولايات المتحدة بهذه الاتفاقية ان تقوضا أي استثمار سياسي للفلسطينيين ‏يمكن ان يتحقق على أنقاض ما خلفته إسرائيل من دمار على الأرض. وذلك بتكريس ‏الاهتمام بهموم الأمن الإسرائيلي ألذي يتخذ ذريعة دائمة ومفتوحة لإلحاق الأذى ‏بكل أنواعه بالفلسطينيين. ‏

وأشار بعض المحللين والأكاديميين من أمريكا وأوربا وإسرائيل نفسها على ان هدف ‏إسرائيل الأول في تقويض مكانة حماس ورفع رصيد سلطة عباس قد فشل وأعطى ‏مردودا عكسيا. فقد اضعف العدوان الإسرائيلي، حسب هؤلاء المحللين، سلطة ‏عباس بعد انكشافها أمام الشارع الفلسطيني، واضعف أيضا مصر التي حاولت ان ‏تتدارك الضعف في الموقف العربي وما يظن بانه تواطؤ مكشوف منها، بطرحها مبادرة ‏كانت تريد ان تحفظ بها ماء أكثر من وجه، ومنهم وجه إسرائيل المتورطة في جرائم ‏حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.‏

‏ اذن إسرائيل خذلت أصدقائها المصريين، لا بل إنها ورطتهم بتصريحات وتسريبات ‏عن اتفاقية خطية تحدد دورا لمصر في مراقبة الحدود وقبلها عن رغبة لها في الحرب ‏ضد حماس. وهو ما نفته مصر مرارا وبإلحاح ملحوظ. ولكن يبدو ان إسرائيل مطمئنة ‏لما تقوله ولما تفعله أيضا، وهكذا تجاوزت الجميع وأدارت ظهرها لهم وذهبت لتتفق ‏مع من تعتقد انه ينوب عن العالم كله وليس عن المصريين فقط. واتفقت مع الولايات ‏المتحدة. ‏
‏ ‏
ويتوقع المحللون أيضا ان رصيد حماس السياسي، بعد عدوان غزة، سيكون في ‏ارتفاع. فهناك دعوات صريحة أعطت مؤشرات لهذا الصعود نطقت بها تركيا وردد ‏أصدائها العالم، مفادها انه لا يمكن تهميش حماس بعد الآن. وبهذا فقد نفخت ‏إسرائيل مجددا، بأساليبها الرعناء والعدوانية، في روح التشدد الإسلامي. حيث كما ‏رأى الجميع ان الشارع العربي انتفخ، أثناء العدوان، بضجيج القوى الإسلامية التي ‏منحتها وحشية العدوان، وانعدام المنافسة، والصمت والتواطؤ الرسميين الفرصة لان ‏تتصدر الفعاليات التضامنية، وتروج، في الهواء الطلق، لشعاراتها. والآن سيجيء وقت ‏قطف الثمار التي ستجنيها قوة، ومنعة، ورصيد مرتفع.‏

بعد وقف العدوان الإسرائيلي الآن عاد كل طرف من الأطراف المتصارعة إلى حيزه ‏الخاص ليراجع حساباته ويزن خياراته. الإسرائيليون سيعودون لينشغلوا في مدى ‏قدرتهم ترجمة ما فعلوه على الأرض، ان استطاعوا إعلانه نجاحا عسكريا( فحسابات ‏الانتصارات الحربية تحسب في حقل السياسة وليس فقط في الميدان) وكيفية ‏توظيفه سياسيا في معركة الانتخابات،وأيضا لتهيئة الأرض لدور محتمل للإدارة ‏الأمريكية الجديدة. والعرب عادوا بدورهم بجردة حساب متخلخلة وكبيرة في ‏انقسامها تجسدت بقمم متعثرة، وإجراءات مرتبكة وخجولة. لكن عبدا لله، ملك ‏السعودية، فاجأ الجميع بما يمكن تسميته بـ (ضربة معلم) حينما استطاع ان يحقق، ‏بحركة واحدة، ما كان يبدو انه عصي على التحريك والمعالجة. ونجح في مصالحة ‏المتخاصمين في خطوة ستضيف لرصيده كثيرا. لكن على هامش هذه الخطوة التي ‏أربكت البعض بما حملته من مفاجأة، وقعت مأساة (المحللين السياسيين) التابعين ‏للأنظمة العربية المتصارعة. فقد كان هؤلاء ولساعات قليلة قبل خطوة المصالحة ‏العربية يبادلون بعضهم البعض الهجمات والسخرية والتبخيس. وعليهم الآن ان ‏يتداركوا المأزق ألذي وقعوا فيه نتيجة هذا التحول السريع والحاد والمفاجئ، وعليهم ‏ان يخترعوا الآن زاوية خاصة تلائم انقلاب خطابهم وتحليلاتهم القادمة، فهم لا ‏يستطيعون ان ينقلبوا 180 درجة بسرعة، (مع ان ذلك ليس بمستحيل عليهم ) ‏وذلك أولا، لان الحكم على نتائج مبادرة المصالحة لا يزال مبكرا الآن، وثانيا لان ‏ألفاظ التشنيع والتبخيس ما تزال حروفها عالقة في أفواههم بعد.‏

الا يثير هؤلاء الشفقة حقا؟.‏

‏ ووجد الفلسطينيون أنفسهم الآن وجها لوجه أمام خياراتهم القدرية، فإما المصالحة ‏والحوار الوطني وموقف مسؤول إزاء ما جرى وما سيتبعه من تداعيات، ووضع أسس ‏جديدة مناسبة لطرح رؤية عقلانية مشتركة لآلية الحل الشامل لقضيتهم، وإما ‏الوقوع مجددا ومكررا في دوامة التنافس والتجاذب والصراع على ما يلقى لهم. ‏لاسيما وان مبالغ كبيرة ستقدم لهم لمعالجة كارثة غزة، وبالتاكيد ان هذا وغيره ‏سيضع الجميع على محك الوطنية الحساس.‏
لكن لا يبدو فلسطينيا ان هناك ما يشجع على التفاؤل بالوصول لعلاج مقبول ‏للخلافات، لان كل طرف، كما توحي الأجواء ووقائع الأزمة، سيزداد تشبثا بمواقفه ‏ودوافعه بعدما خرج للعلن، إبان الأزمة، عمق الخلافات وتجذرها. ‏

‏ لكن ارض غزة مازال يتصاعد منها دخان الحرائق والغضب، وسوف تحرق نيرانها، ان ‏لم يحتال الواقع على التاريخ مجددا، من يقامر بأرواح وارض أهلها. ‏



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالمية القضية الفلسطينية
- في إنصاف النقد
- إحراجات غزة
- أدوات العدوان الإسرائيلي
- غزة والعرب
- حذاء الزيدي ووجوه البعثيين
- لماذا اتحاد لكتاب الحوار المتمدن
- اتحاد كتاب الحوار المتمدن
- الحوار المتمدن رتوش في طريق التطور
- دكتاتورية مبطنة بحرير الديمقراطية
- عذرية البنادق
- صحوة اليسار
- بشتاشان بين نارين
- ورقة من شجرة الوطن
- كتّاب وكتابة الانترنيت
- الرسائل من كردستان الى الانترنت
- تمخض الجبل فولد القاضي رزكار محمد امين
- أمطار النار... عتبة مرتفعة في عالم الدراما العراقية
- في إنصاف سلمان رشدي
- نوشيروان مصطفى... سقوط ورقة التوت


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد صبيح - شارة النصر