أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - تاج السر عثمان - تطور أشكال التنظيم في السودان















المزيد.....

تطور أشكال التنظيم في السودان


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2496 - 2008 / 12 / 15 - 09:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمكن تقسيم أشكال التنظيم التي تبلورت وتطورت في الفترات التاريخية المختلفة للسودان كالآتي : -
أ – التنظيم القبلي
ب – التنظيم الديني ( طائفي ، صوفي ، ... )
ج - التنظيم السياسي الحديث ( الأحزاب السياسية ) .
د _ التنظيمات النقابية والفئوية والتطوعية ( اتحادات ، نقابات ، أندية ، جمعيات خيرية واصلاحية ، تعاونيات ، ... ) .
أي أن الحياة السياسية والاجتماعية تطورت وشهدت مع هذا التطور الأشكال التنظيمية التي تتلاءم مع كل فترة . وهذا التقسيم يعكس مراحل تطور لا أكثر .. ذلك أن هذه الأشكال يمكن أن تتواجد حاليا في المجتمع السوداني .. فنجد التنظيم القبلي ، والتنظيم الديني ، مع الأحزاب السياسية والتنظيمات الفئوية . ولكن التقسيم يعرض توضيح التسلسل والتطور في التنظيم والفكر التنظيمي في السودان ، وهذا يدل على أن السودانيين عرفوا كل الأشكال التنظيمية والدينية والمدنية التي مرت بها كل بلدان العالم المتحضر مثلما عرفوا الأديان الوثنية والمسيحية والإسلام .. وعرفوا الأفكار السياسية والاقتصادية والثقافية المختلفة ، أي نتاج الفكر الإنساني الحديث .. بحكم ارتباطهم بالعالم وتفاعلهم سلبا وإيجابا مع هذه الأفكار .. أي أن السودانيين عرفوا الفكر الإنساني بمدارسه المختلفة . أ – التنظيم القبلي :
هو الشكل البدائي للتنظيم الذي كان معروفا في السودان ، وأساس هذا التنظيم هو زعيم القبيلة والذي كان غالبا ما تكون سلطته وراثية ، وله نفوذه السياسي والاجتماعي والاقتصادي في القبيلة .. كما أن طاعته ملزمة لبقية أفراد القبيلة .. ويمتلك النفوذ المادي والروحي الذي يجعله يفرض مشيئته على رعاياه ، فإذا كانت القبيلة رعوية فشيخ القبيلة هو الذي ينظم توزيع المراعي والمراحيل .. ويحددها .. للبطون المختلفة للقبيلة . وإذا كانت زراعية فهو الذي يوزع الأرض ويكون له نصيب معلوم في خراجها . كما أن نفوذه الاقتصادي يتمثل في امتلاكه لأكبر عدد ممكن من قطعان الجمال أو الماشية أو الضأن ، ويتزوج أكبر عدد من النساء . وفي القبائل الزراعية تكون له قطعة أرض يعمل فيها أفراد القبيلة بالتطوع .. ويتصدي لمشاكل أفراد القبيلة اليومية ويحلها اعتمادا على العرف والقوانين المحلية .
كان النظام القبلي في ذروته قبل وبعد مملكة الفونج والفور . وفي مملكة الفونج نشأ الاتحاد القبلي ( الفونجي – العبدلابي ) لأسباب منها حماية أمن تجارة القوافل التي ازدهرت أيام الفونج ، وكانت تجارة القوافل من خلال طرق معلومة .. إلى خارج السودان من مصر وبلاد الحجاز والهند . وتطور اقتصاد السلعة - النقد أيام الفونج .. وظهر التعامل النقدي ، كما ظهرت الأسواق والمدن التجارية الكبرى مثل سنار ، شندي ، بربر ، سواكن ، .. الخ . وكان ذلك من العوامل التي أدت إلى ظهور علاقات وتنظيمات أرقي من تنظيم تنظيمات القبيلة . وأصبح شكل القبيلة ، رغم أنه كان طاغيا ، لا يتلاءم مع التطورات الاقتصادية خاصة بعد ظهور أنظمة جديدة لملكية الأرض الزراعية والرعوية .. وتمليك سلطان الفونج أو الفور الأرض لرعاياه بحجج معلومة وبشروط معينة . وهكذا بدأ الناس يتعاملون مع سلطة أوسع من سلة زعيم القبيلة ، وأصبحت سلطة القبيلة محصورة في الشئون المحلية ، ولكن هذه القبائل لها ارتباطاتها وعلاقاتها ومنافعها الاقتصادية مع القبائل الأخرى . وبدأت الشريعة الإسلامية تحل محل العرف .. ( نظم الميراث وفقا للمذهب المالكي .. الأحوال الشخصية ) ، وأصبحت اللغة العربية لغة المكاتبات والتمليك ولغة المخاطبة باللهجات المحلية أيام الفونج .
وهكذا أصبح النظام القبلي لا يتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت .
ب - التنظيم الصوفي :
قبل وبعد أيام الفونج ازدهرت التنظيمات الدينية الصوفية والتي كانت أرقي وأكثر تطورا من التنظيمات القبلية . وكانت تعبر عن التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأ يشهدها السودان في العهد السناري وعهد الفور . والتنظيم الصوفي بحكم أساسه الديني وفقا للطريقة المعينة أو الطائفة المعينة يضم أفراد من عدة قبائل ، وبالتالي يجسد شكلا أوسع وأرقي من التنظيم القبلي . فبعد أن كانت لكل قبيلة في شمال السودان شلوخها المعينة التي تميزها عن القبيلة لأخرى ، اصبح لكل طريقة صوفية شلوخها المعينة . وكان هذا تعبيرا عن أن المجتمع السوداني كان سائرا في شكل جنيني نحو الانصهار القومي . ولقد لعبت التجارة والتطورات الاقتصادية وتطور نظام السلعة - النقد وظهور الأسواق والمدن دورا كبيرا في ذلك . وكان ذلك هو الشكل الملائم .
والتنظيمات الصوفية نشأت مستقلة عن دولة الفونج ، وكان لزعماء الطرق الصوفية أو الدينية نفوذ كبير وسط السودانيين والحكام . كما لعبت دورا كبيرا في نشر الثقافة العربية – الإسلامية وتعليم اللغة العربية من خلال نظام الخلاوي الذي انتشر في ربوع مملكة سنار ومملكة الفور ومملكة تقلى .
والتنظيم الصوفي يقوم على أساس الشيخ والمريد .. ومحور التنظيم هو الشيخ الذي يدور حوله التنظيم . وعلاقة المريد مع الشيخ تقوم على الطاعة المطلقة ، وكما هو الحال بالنسبة لأغلب القبائل ، فإن المشيخة في التنظيم تكون بالوراثة . وهذه هي طبيعة العلاقة في التنظيمات الصوفية أو الطائفية التي يمتلك الشيخ أو زعيم الطائفة في يده مفاتيح كل شئ في الطريقة ، ويعاونه خلفاء يعينهم الشيخ أو الزعيم أو يعطيهم الراية في قبائلهم أو مناطقهم .
وكان مكوك الفونج والفور يمنحون شيوخ الطرق الصوفية اقطاعات معينة من الأرض معفية من الخراج ، ويعمل فيها المريدون أو الحيران الذين يدرسون في الخلاوي مقابل بركات ودعوات الشيخ . وكان بعض الشيوخ أصحاب غنى وثروة ، وبالتالي – ازداد نفوذ بعض زعماء الطرق الصوفية ، فجمعوا بين السلطة الروحية والنفوذ الاقتصادي من خلال الأراضي وقطعان الماشية والجمال والضأن والثروات الضخمة التي كانوا يملكونها . هذا إضافة إلى الهدايا و ( الزكاة ) التي كان يلقاها الشيوخ من المريدين في شكل نقدي أو عيني : ذرة ، أرض زراعية ، ماشية ، بلح ، عبيد ، ... الخ . ومن الطرق الصوفية التي كان لها تأثير في مشيخة العبدلاب هي الطريقة القادرية .
هكذا تطور التنظيم السياسي في السودان في تلك الفترة ، متخذا شكل الطريقة الصوفية . وكان كشكل من الأشكال أرقي من تنظيم القبيلة . وكان تعبيرا عن التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي بدأ يشهدها السودان أيام الفونج والفور .
ولكن النظام الإقطاعي أيام الفونج لم يعد الشكل الملائم لتطور الطبقة أو الفئات التجارية التي توسعت وازدادت ثروتها ودخلت في تناقض مع السلطان الذي كان يحتكر تجارة الرقيق والذهب ، وبدأ يشكل عقبة أمام تطور التجارة بجانب تقلبات العملة والنقد الذي كان يتحكم فيه السلطان . كل ذلك بدأ يؤدي إلى صراع بين السلطان والتجار .. إضافة إلى تفكك دولة الفونج في أيامها الأخيرة .. واشتدت الصدامات القبلية مما عرقل التجارة مع الخارج .. هذا إضافة . لتطور الحياة الاقتصادية .. وظهرت المدن والأسواق والنقد . وما عاد النظام الإقطاعي هو الملائم .. لاستيعاب التطورات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة . كما بدأت تظهر طرق صوفية جديدة مثل الختمية .
ولكن التطور والصراع لم يأخذ مساره الطبيعي ، بل تم دخول عامل خارجي دفع بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية إلى وضع جديد .. رغم العملية القسرية التي تمت بها .. فكان احتلال الأتراك للسودان .. وتوحيد السودان في وحدات إدارية جديدة – بعد ضم مديريات دار فور والجنوب .. وهكذا ظهر السودان بحدوده الحالية والتي هي أوسع من الحدود السابقة . وبدأت القبائل والطرق الصوفية تنصهر وتتطور بدرجة اكبر في ظروف وأوضاع جديدة نتيجة للحروب والضرائب التي فرت منها أغلب قبائل الشمال إلى مناطق أخرى في السودان ، إضافة للتهجير القسري .. وظهور المدن والأسواق .. وتطور التجارة .. وظهور أشكال اقتصادية جديدة ، أدت إلى ظهور طوائف جديدة كبيرة وعريضة تعبر عن الفترة الجديدة . وهكذا ازدهرت طريقة الختمية وتوسع نفوذها في شرق السودان ووسط السودان وشمال كردفان . وكان هذا تعبيرا عن تنظيم أكبر وأرقي من التنظيمات الصوفية السابقة الصغيرة . وكانت ملائمة للظروف الجديدة . ورغم أن الطرق الصوفية الأخرى كان لها وجودها ونفوذها إلا أن نفوذ الختمية كان كبيرا بحكم ارتباطها بشكل من الأشكال بجهاز الدولة التركي . وأصبح نفوذ الختمية الاقتصادي كبيرا : ملكية الأراضي والجنائن في الشمالية وشرق السودان ، إضافة لعمل السخرة في أراضي زعماء الطريقة والخلفاء . إضافة للزكاة .. والهدايا – التي كانت تصلهم من المريدين – بهذا الشكل توسع نفوذ الختمية الاقتصادي والروحي أيام الحكم التركي .
ولكن تناقضات الحكم التركي وصلت إلى قمتها ، وما عادت الحياة تطاق في ظل الحكم التركي .. وتوفرت عوامل موضوعية وذاتية .. أدت إلى انفجار ونجاح الثورة المهدية .. وكانت أيديولوجية المهدية هي أيديولوجية الثورة .
والثورة المهدية كانت خطوة أرقي في توحيد قبائل السودان في شماله وجنوبه ضد الاستعمار التركي .. وكانت خطوة في طريق الانصهار القومي . ورغم أن الأيديولوجية التي تم التعبير بها عن الثورة انبثقت من واقع الناس .. ومن المؤسسات والطرق الصوفية التي كانت منتشرة آنذاك .. وبالتالي كانت أيديولوجية دينية ، رغم أننا نجد أن القومية أو الوطنية السودانية عبرت عن نفسها بذاك الشكل الديني .. والذي كان تعبيرا عن واقع الناس يومئذ ، النقطة المتصلة بموضوعنا أن المهدي حاول إنشاء طريقة جديدة توحد شتات كل الطرق الصوفية ، مستندا إلى أن المهدية هي خاتمة المطاف ، ولذلك الغي المهدى الطرق الصوفية .. ووضع نفسه بديلا لكل الشيوخ .. بل الغي حتى المذاهب الأربعة . وأصبحت المهدية هي المصدر الوحيد لتعاليم الدين والإيمان ، بل ارتبط الإيمان الديني بالمهدي . واعتبر الخروج عن المهدية كفرا .
كان التعبير - رغم أنه كان قسريا – عن محاولة لخلق انصهار قومي وطني جديد – رغم شكله الديني – ونجاح الثورة في أيامها الأولي – وتوحيدها لقبائل شمال وجنوب السودان .. فنجد مثلا قبائل مثل الدينكا والشلك تتجاوب مع الثورة المهدية .. ما الذي يجمع بين قبائل الجنوب الزنجية وقبائل الشمال ، أن لم تكن الوطنية أو القومية السودانية التي حاولت أن تعبر عن نفسها في مقاومة الحكم الأجنبي أو الحكم التركي ؟ .
وبالتالي حاول المهدي إيجاد طريقة أشمل وأوسع لصهر قبائل السودان – رغم عدم واقعية ذلك الطرح – فالناس لا تتخلى عن طرقها الصوفية أو انتماءاتها السابقة بسهولة .. ولا بالقسر .. يتم الدمج والانصهار .. ولكن يتم بوسائل طبيعية سلمية – اقتصادية وسياسية واجتماعية . كانت رغبة ولكنها كانت خطوة هامة في تطور القومية السودانية . وما حدث خلال فترة الكفاح المسلح أيام المهدية الأولي .. وخلال فترة الخليفة عبد الله .. من تهجير لقبائل كاملة – بطريقة قسرية إلى أم درمان ووسط السودان .. وتكوين جيش نظامي قومي من قبائل مختلفة .. الخ ، كل ذلك اسهم في صهر ودمج النظام القبلي .. وإن كان شكله قسريا .. وفترة المهدية فتحت الطريق أمام تطورات جديدة أرقي في التنظيم السياسي .
وجاء الاحتلال الإنجليزي – المصري للسودان 1898 ليتم اندماج السودان من جديد بالسوق الرأسمالي العالمي .. وبالتيارات الفكرية والسياسية والثقافية والعلمية .. وبعد أن انفصل عنها واستقل لمدة ثلاثة عشر عاما هي عمر الثورة المهدية .
وبدأت المقاومة الدينية والقبلية الأولي للحكم الثنائي والتي استمرت حتى أواخر العشرينيات من هذا القرن . وتمكن الاستعمار الإنجليزي من القضاء على تلك المقاومة .. وتطورت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. وظهرت مؤسسات التعليم الحديث .. وقامت السكك الحديدية وميناء بور تسودان .. وظهرت المدن والأسواق .. وانتشر التعامل النقدي ( الجنية المصري ) بشكل أوسع .. وارتبطت أطراف السودان .. وازدهرت تجارة القطن والماشية والصمغ .. ونشأت المدن وتطورت . ومن جديد بدأت تنصهر القبائل بشكل أوسع ، وازدادت الهجرة من الأرياف إلى المدن .
وهكذا تطورت الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ونشأت طبقات جديدة ، عمال ، عمال زراعيين ، متعلمين ، تجار ، .. الخ . وظهرت طائفتا الختمية والأنصار في شكل جديد .. وتطورت الطائفتان في تعاون واحتكاك مع الحكم الجديد . وعدلت طائفة الأنصار من شكلها بقيادة السيد عبد الرحمن المهدى ، وسلكت تحت قيادته طرقا مرنة .. تم بها تجميع طائفة الأنصار .. وزاد نفوذها الاقتصادي نتيجة للمشاريع الزراعية التي امتلكها – بمساعدة الإدارة البريطانية – في الجزيرة أبا ومشاريع النيل الأبيض .. ومن دخلها أقام مصانع وامتلك عقارات ، ونشطت طائفة الأنصار بعد تجميعها ولعبت دورا بارزا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة الحكم الثنائي . كما برزت طائفة الختمية بعد حلها أيام المهدية .. وظهر نفوذها – وزعامتها .. السيد على الميرغني – الاقتصادي : أراضي زراعية وجنائن في الشمالية ، وشمال الخرطوم بحري وكسلا ، أملاك ، عقارات – وهدايا وزكاة تصله من المريدين . وتطورت طائفة الختمية وتلاءمت مع الظروف الجديدة وأصبحت من المؤسسات الدينية الهامة في البلاد . هذا إضافة للطرق الدينية والصوفية الأخرى في البلاد مثل الطريقة الهندية وغيرها . ولكن الطائفية كغيرها من المؤسسات الدينية الأخرى تجدد نفسها .. وتتكيف مع التطورات الجديدة .. السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن داخلها يمكن أن يصدر التجديد . وهكذا ربطت الطائفية نفسها بالمؤسسات المدنية الحديثة .. ونجحت في جذب بعض الخريجين إليها – وانعكس التنافس بين الختمية والأنصار على انتخابات لجنة نادي الخريجين ، وفي مؤتمر الخريجين – ارتبط الختمية بشعار الاتحاد مع مصر والذي ترجع جذوره منذ ارتباط الختمية بمصر خلال فترة الحكم التركي وخلال فترة المهدية – وكذلك ارتبط الأنصار بشعار السودان للسودانيين ، والذي ترجع جذوره إلى الثورة المهدية ضد الحكم الأجنبي .. والنزعة الاستقلالية .
وهكذا كانت طائفة الختمية القاعدة للأحزاب الاتحادية – التي تحالفت معها .. وبرز حزب الأمة .. والذي شكلت طائفة الأنصار قاعدته .. أي ظهر شكل سياسي ارقي للتنظيم .. الأحزاب السياسية – بعد الحرب العالمية الثانية .
وقبل ذلك ونتيجة للتطورات الحديثة في السودان ، وبعد فشل المقاومة الدينية والقبلية ظهرت تنظيمات سياسية جديدة – على أسس سياسية ، مثل جمعية الاتحاد السوداني ، وجمعية اللواء الأبيض .. التي قادت ثورة 1924 .. ومعارضة لزعماء الطوائف ورجال الإدارة الأهلية وكبار الموظفين الذين تعاونوا مع الحكم الإنجليزي .. أثناء ثورة 1924 .. ومن التنظيمات الحديثة أيضا مؤتمر الخريجين .. والأحزاب السياسية التي تفرعت منه بعد الحرب العالمية الثانية : الأمة ، الاتحادية ، كما ظهرت تنظيمات سياسية جديدة بعد الحرب العالمية الثانية مثل الحزب الشيوعي .. الأخوان المسلمين .. الحزب الجمهوري ... الخ . وظهرت النقابات واتحادات العمال والطلاب والمهنيين والمزارعين والشباب والنساء .
وهكذا تطور التنظيم السياسي والمهني في السودان من أشكال بدائية وقبلية وصوفية دينية إلى تنظيمات سياسية ومهنية جديدة .. وإن كان هناك تداخل ، ولا يمكن الفصل بين هذه الأشكال – في السودان – للتفاوت والتباين في تطور السودانيين في مختلف النواحي .
وفي صراع الإدارة البريطانية مع الحركة الوطنية استندت إلى الموروثات القديمة والبالية التي ما عادت تتمشى مع التطورات الجديدة .. وما عادت تنسجم مع إيقاعات الحياة الجديدة – لمحاربة الحركة الوطنية – وحركة الخريجين والوعي الجديد – ونجدها حاولت تكريس الانقسامات القبلية والطائفية والعرقية ، ونجد أنها حاولت إحياء النظام القبلي الذي بدأ يتخلخل نتيجة للتطورات الحديثة – وحاولت عزل قبائل الشمال عن قبائل الجنوب ، وبالتالي تجميد الانصهار والتفاعل الطبيعي بين الشمال والجنوب ، وحاربت الإدارة البريطانية التنظيمات السياسية الحديثة من خلال قانون الجمعيات غير المشروعة بعد فشل ثورة 1924 م .
وهكذا عرقلت الإدارة البريطانية التنظيم السياسي والاجتماعي والفئوي الحديث .. ولكن الحياة فرضت نفسها وتطور التنظيم السياسي الحديث وانتزع السودانيون حقهم في التنظيم ، السياسي والحزبي والنقابي بعد النهوض الواسع للحركة الوطنية والجماهيرية بعد الحرب العالمية الثانية .
هكذا تطور التنظيم السياسي والفكر التنظيمي في السودان .. وتميز بتنوعه وتراثه الغني والزاخر .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع الماركسية في خريطة الفكر السوداني
- تهنئة بالعيد السابع لانطلاق موقع الحوار المتمدن
- تكوينات ما قبل الرأسمالية في السودان(2) (السلطنة الزرقاء نمو ...
- الماركسية ومفهوم الحل التلقائي لقضية المرأة
- الأزمة المالية: نقطة تحول حرجة في عصر امبريالية العولمة
- مصادر تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
- الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة(3)
- الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة(2)
- الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة(1)
- اتفاقية نيفاشا : الحصاد ومسار التنفيذ
- صفحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
- قراءة نقدية في كتاب لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
- تقويم نقدي لتطور عملية بناء الحزب الشيوعي السوداني(1946-1989 ...
- ماهي دلالات فوز باراك اوباما؟
- الرقابة علي الصحف في السودان
- تجديد البرنامج
- الحركة النقابية السودانية وانقلابي 25/مايو 1969 و19/يوليو/19 ...
- تكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان(سلطنة دارفور نموذجا)
- الذكري ال 91 لثورة اكتوبر الاشتراكية
- تحالف الفونج والعبدلاب: الخصائص والدوافع(1504- 1821)


المزيد.....




- طيور وأزهار وأغصان.. إليكم أجمل الأزياء في حفل -ميت غالا 202 ...
- حماس تصدر بيانًا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في رفح وسيطرته ع ...
- التعليم حق ممنوع.. تحقيق استقصائي لـCNN عن أطفال ضحايا العبو ...
- القاضي شميدت يتحدث عن خطر جر بولندا إلى الصراع في أوكرانيا
- فيتنام تحتفل بمرور 70 عاماً على نهاية الاستعمار الفرنسي
- نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة
- الأردن: إسرائيل احتلت معبر رفح بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات ...
- باتروشيف: ماكرون رئيس فاشل
- روسيا.. الكشف عن موعد بدء الاختبارات على سفينة صاروخية كاسحة ...
- الإعلام العبري يتساءل: لماذا تسلح مصر نفسها عسكريا بهذا الكم ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - تاج السر عثمان - تطور أشكال التنظيم في السودان