أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان ضياء حبيب الخيالي - القصة خون /الجزء الأول















المزيد.....

القصة خون /الجزء الأول


بان ضياء حبيب الخيالي

الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 08:17
المحور: الادب والفن
    


ِتقف السيارة الفارهة بسائقها الأنيق صارخة ًأمام أحد الأزقة الضيقة لمنطقة قديمة تطل على نهر دجلة الخالد. يترجل منها شيخ مهيب أنيق وطفلة كأنها القمر تتنطط حوله مزهوة بجدها الكريم الذي قبل أخيرا ً أن يذهب بها لبيت أحلامه العتيق.
زقاق ضيق قديم يتوسطه مجرى ماء صغير متعرج وتكاد البيوت القديمة على جانبيه وهي تنحني منكفئة ًنحو فضاء الزقاق الضيق أن تتعانق لفرط اقترابها......وتلك الشناشيل الباقية لبعض البيوت تشي بعظمة حرفة النحت على الخشب عند العراقيين منذ القدم , يأخذهم زقاق ليرميهم لآخر حتى يشارف الشاطئ الخالد على تحيتهم لقربه. معظم بيوت الزقاق كانت مبنية باللبن المرصوف با لطين بعد خلط الأخير بالقش لكنها وبعد أن حُمِلت من جور السنين الكثير أعيد بناءها بالطابوق أو رممت بصورة بسيطة بساطة الزمن وأهله لتناسب أن تكون سكناً وعلى الأغلب بقيت معظم البيوت عارية من كساء إلا اللهم جلدها الطابوقي أو كساء بسيط من الكلس ،
أبواب البيوت ضيقة عالية خشبها يعاني سكرات الموت لكنه برغم ذلك ينتصب هامسا ً لكل من يراه انه كان تحفة فنية لإبداع عصره.............يتنسم الشيخ هواءً يرجعه إلى الماضي وهو يقتاد الطفلة السعيدة نحو بيته القديم .يمر ببيت الملة سعيد رحمه الله الذي كان المعلم لكل أطفال الزقاق ومنهم ابنته الوحيدة هناء وسرح خياله مستذكراً صوت الملة الجهوري وصوت فلقته الذي يخيف الكبار قبل الصغار......وهذا هو بيت أم ستوري يتبعه دكانها الصغير.....المرأة التي كافحت بعد موت زوجها لتعلم وتنشئ جيلا ً من مهندسين وأطباء هم أولادها وبناتها....وابتسم في سره لمنظر البيت التالي فهو بيت رشيد الحلاق الذي كان يمتهن الحلاقة والطب في آن واحد مدعيا ً أنه يفهم في كل شيء.....كان ما إن يستلم رأس الزبون بين يديه حتى يتحفه بكل أنواع المعلومات عن السياسة والأدب والرياضة والطب الشعبي و.....و...وكل شيء مستخدما ألفاظا رنانة ما أنزل الله بها من سلطان جلها ليس له علاقة بما يتحدث به لا من قريب ولا من بعيد ...........لكنه بالتأكيد كان من أمهر الحلاقين في ذاك الزمن ....أما البيت التالي فهو بيت أعز صديق لوالده ...بيت الأسطى فرج *(الخلفة)...ولم يستطع أن يكمل السير نحو بابه المتاخم لباب بيت الأسطى فرج فوقف أمام الباب العتيق الغارقة نقوشه في لجة القدم العذبة متحسساً خشب الباب بحنان ثم اجتازه ليصعد السلم الصغير الرابض أمام باب بيته القديم .....الباب هو...هو...رغم كل الترميمات والإضافات التي أجراها على بيته لكنه احتفظ بالباب الخشبي الثقيل كعنوان لقصة قديمة جميلة حتى مطرقة الباب النحاسية التي وشمت واجهة الباب لم يغيرها وامتدت يده المعروقة الناتئة العروق نحو المطرقة النحاسية التي تمثل رأس أسد يتوسط حلقة نحاسية كأنه يهم بطرق بابه مستأذنا ًالزمن للدخول تحسسها و............فتح أكرة الباب...............داخلا نحو عالمه الأثير إلى نفسه..............
واندفعت الطفلة بجدائلها البنية وعيونها الضاحكة العسلية مالئة الدار القديم بالفرح والضحكات بينما وقف هو احتراما ً لذاك العبق المتسلل متكسراً في شعب رئتيه أغمض عينيه وهو يقرأ سورة الفاتحة لزوجته الراحلة مسح على وجهه فاتحاً عينية اللتين هدهما الشوق فراحتا تلتهمان بنهم عجل منظر الباحة الواسعة الممتلئة بالأرائك الخشبية القديمة والتي لم ولن يبدلها .........مادام على قيد الحياة حفاظا ًعلى روح الدار التي يحس بها تبض ...بالحياة ...تمد له يدها مرحبة بمقدمة يجلس قليلا لينغرس في ذكريات عمره الأجمل.
كانت الدار نظيفة دون أتربة رغم أنه لم يعد يسكنها منذ زمن فقد مضغته السنون ...طحنته ..عجنته حتى لم تعد فيه قوة للعيش وحده دون مساعدة ، أرغمه هذا بالإضافة لتوسلات وحيدته أن يترك الدار العزيزة منتقلا ًلتلك الحديثة الباردة الممتلئة بالرياش مجاورا ًدار ابنته الوحيدة في احد الأحياء الراقية ،ولم يطاوعه قلبه في أن يؤجر الدار القديمة ويحرم من المرور والجلوس مختليا ًبالذكريات الجميلة.فاستخدم منظفا ً لتنظيفها مرتين كل أسبوع يسكن بدار قريبة في نفس الزقاق.
ارتخى العم صفاء قليلا ًعلى الأريكة القديمة مجترا إحساس الراحة العابق من حنايا البيت وانتفض قافزا ًكأنه في شاب في العشرين ممتشقا ًخرطوم الماء ناثرا ً شذراته نحو أشجار النارنج ِالمزروعة في فسحة بجانب الباحة الواسعة تركها دون بلاط....زرعها بيديه لتملئ أيامه كلها برائحة القداح الطازج وعاد يستدير نافضاً شذرات الماء على أرضية الباحة لتفوح رائحة البلاط المرشوش الغنية بالشذى مستعرة كأنها ترحب بمقدم صاحب الدار..................
نادت الطفلة الصغيرة جدها وهي ترتقي الدرج متحسسة درابزينه الحديدي بوروده ونقوشه البارزة الرائعة صاعدة مع دورات الدرج اللولبية التي ترتفع نحو سطح البيت مارة بطريقها بتلك النقوش الهندسية المصنوعة بالطابوق بشكل حصيرة تحيط كل من الجدار المحيط بالدرج والعمود*(الدنكة) التي يستند عليها الأخير.....تساءلت الطفلة المتمعنة باندهاش في جمال نقش الحصيرة المتقن : ـ
ـ أهو نقش الحصيرة الذي حدثتني عنه يا جدي.............
فابتسم الجد متأملا ًالعمود الشامخ المرتفع وهو يرتدي غطاءً من نقوش تحيله لتحفة فنية رائعة والدرج اللولبي المتكئ عليه في طريق صعوده نحو السطح كان العمود والدرج والحصيرة المرشوقة في الجدار المتاخم لهما صورة غاية في الروعة والإتقان ...هالة من الدقة الهندسية المتناغمة ملئت نفس الرجل العجوز بالسعادة والفخر وهو يقول : ـ
ـ نعم يا صغيرتي هذه معجزتي التي حدثتك عنها.
وتستمر الطفلة بإطلاق الأسئلة والشيخ المبتسم الجالس عند الدرجة الأولى من السلم يهز رأسه مبدياً موافقته أو مجيبا بملالة وهو يتحسس حديد الدرابزين المزخرف الذي صنعه بنفسه بحرفة أستاذ ....وتنزل الطفلة الملولة بعد أن استكشفت كل البيت متنططة على الدرج جالسة ً بجانب جدها المتألق العينين المرشوق في ماض ٍ أجمل من أن يحكى.....
ـ هيا يا جدي كفاك سكوتاً هلا تحكي لي قصتك التي وعدتني بها.
فأرتفع وجه الجد ناظرا ً نحو منطقة .........في باحة الدار كأنه يرى خيالات أشباح من الماضي تزداد وضوحا وتقترب ....وارتفع في الجو عبق القداح ورائحة الطين المرشوش.....وكأنها تهيئ المكان للعودة بالزمن ....لتصبح أشباح الماضي القديم شخوصا ً تتحرك بحياة أمامه تجره من حاضره لترحل به مغرقة إياه في لجة عذبة بعيدة........................................................................................................
.....................................................................................................................
نفس الباحة قبل خمسة وثلاثين عاما ً.....كان البيت نصف مهدم ...باحة كبيرة لبيت شرقي تحدها من جهة رقعة عارية من بلاط تركها العم صفاء ليزرع فيها أشجار النارنج التي كبرت وملئت الهواء المحيط برائحة القداح الذي سيتحول لقناديل برتقالية تزهو بين أوراق النارنج الخضراء الطازجة ... تقابلها من الجهة الأخرى نخلة برحيه تشمخ برأسها الممتلئ بالعثوق نحو سطح الدار. ....الوقت هو بداية الغروب وعصافير توشوش مالئة البيت ضجيجا على أشجار النارنج المرشوشة.والعم صفاء....شاب في بداية الثلاثينيات يتميز بسحنة حنطيه اللون دقيقة الملامح يكللها جبين عريض لرجل حالم وعينين سوداوين تشتعلان بالذكاء...أنفه الحاد يشي بميل الرجل للعناد وربما الطيش في سبيل تحقيق ما يصبو إليه....يجلس مرتخيا ً مهموما ًعلى أريكة في باحة الدار تضج بالأنين كلما جلس عليها أحد يحيط الباحة الواسعة فناء مرصوف ٌبالأعمدة (ألدنك) تأتي بعدها غرف الدار التي تمتاز بضيقها وعلو شبابيكها وسقفها وهي في معظم ساعات النهار مظلمة أما بعد الغروب فهي تنغمس في عتمة حالكة حتى بوجود مصباح الإنارة الضعيف فيها ..كل البيت كان يقف بصعوبة متماسكا ًبوجع يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة ليتوسد أديم الأرض براحه....تلتقط عينا العم الحزينتين درجه المتهدم والذي تخلى عن جزء جديد أمس وتلك أل*(دنكة)الكبيرة و التي يتكئ الدرج عليها هي التي أدام إصلاح أجزاءها المتداعية حتى بدت أشبه ما تكون بجسد متورم ممتلئ بالعقد والنتوءات.كان الدرج والدنكة الكبيرة هما صدر الدار (في مدخل الدار أمام الباب الرئيسي من الجهة الداخلية للبيت) وقد آن له أن يرممهما بطريقة لائقة أو على الأقل أن يطبق فيهما ما فشل في تطبيقه من دروس البناء التي لقنه إياها صديق والده الأسطى فرج*( الخلفة) الذي كان يحاول أن يلقنه الصنعة الجديدة التي راجت في تلك الفترة وهي نوع من البناء الهندسي ....الاأ ن صاحبنا كان مضياقا ًقليل الصبر ما أن يخفق حتى يرمي الفأس من يديه لاعنا حظه الأسود ورزقه الشحيح حتى ،حتى أنه عمل مرة صبيا *(للأسطى) كريم الحداد وبدأ يتقن عمله ويحبه وبدأ الحديد يطاوعه ليصنع أشكالا ًمن النقوش لدرابزين السلالم وقد حازت نقوشه المبتكرة على رضا معلمه إلا إن أحلام اليقظة التي ما فتئت تسرقه من واقعه أمسكت بتلابيبه مرّة ً فلم يفق منها إلا وقطعة الحديد التي في يديه أضحت خردة لا فائدة منها وقد كانت تخص أحد أبواب الدار الجديد لمختار المحلة ......وابتسم العم صفاء بحنق متذكرا ً تأنيب الأسطى كريم و نزقه وكرامته العالية اللذان دفعاه للعزوف عن العمل الوحيد الذي أحبه واتقنه ولم يمسك بعدها منفاخ حداد أبدا ً......كان ملل العم صفاء السريع هو أيضا أحد أسباب إخفاقه في البقاء طويلا في عمل واحد ،هو نفسه لا يعلم سببا لملله السريع قد تكون شخصيته الجامحة التي لم تنضج بعد .... ربما لجنوحه نحو عالم أحلام اليقظة التي سيطرت على سماء واقعه ...وقد تكون مثاليته الشديدة وإحساسه انه لم يتقن صنع شيء لحد الكمال الذي يتوق إليه ...و....وبينما هو يحلل في نفسه أسباب فشله قطعت سلسلة أفكاره تكتكة ملعقة شاي في قدح لتظهر زوجته من باب المطبخ المقابل للأريكة حاملة صينية الشاي الصغيرة.وأم هناء هي شابة في العشرينات مربوعة القامة بيضاء البشرة جميلة الهيئة صبورة ....تحملت كل شطحات زوجها الخيالية وكل فترات إهماله لها وللبيت ببسمتها الطيبة الحنونة ممتصة ألآمه متجرعة مرارة الفاقة دون أن تجرحه يوما ً،هو يتذكر وهو يراها أن والدها رحمه الله جاء لهما يوما بعثق تمر من حديقة دار أهلها وكانت تلك الفترة فترة فاقة مروا بها تلت بطالة دامت شهرين متتاليين ،فأنذرها بعد رحيل والدها بأنه لا يقبل مساعدة أحد حتى لو كان هذا الأحد والدها وخاله......ولم يأكلوا بعدها سوى من برحيتهم السمراء. جلست أم هناء بثوبها الأزرق المشجر وفوطتها البيضاء واضعة أقداح الشاي المهيل أمامه رافعة إليه بقدح مبتدئة الحوار التالي: ـ
ـ متى ستستلم عملك الجديد عند الفران ؟
ـ الله كريم . يرتشف الشاي بصوت وتمتد يده نحو السكر ليضيف لقدحه ...
ـ أبو هناء ...أ...أ..ألشتاء قادم نحتاج لمئونة كما تعلم سمعت أن الأسعار في ارتفاع كما أن حيطان الدار الشرقية متصدعة تحتاج لإصلاح فالمطر قادم وأخشى ...ما....أخش...
ـ مم....مم...حسنا ً....حسنا ً....صبي لي قدحا ًآخر .
وتقدم له القدح المتصاعد البخار متجرئة على الإفضاء بطلباتها المؤجلة .............
ـ حذاء هناء متهرئ وهي تحتاج لكسوة شتاء جديدة فملابس...ال.....................
ويقاطعها الرجل بشهقة هائلة ونوبة سعال حاد بسبب رشفة سريعة للشاي الحار ...تقف هي بنظرة مرتعبة رابته على ظهره مرددة (اسم الله....اسم الله) ليرفع نظره إليها متمتما دون اكتراث على غير عادته ...
ـ لم يحدث شيء اجلسي وأكملي شايك....
وطالت فترة الصمت يقطعها صوت هناء الصغيرة التي تتنطط على سطح البيت وانبرت هي بعد برهة متجرئة على فتح الحديث من جديد : ـ
ـ أراك مشغول الفكر ....ما بك ؟
ـ لا تقلقي هي همومنا المعتادة .....الرزق الشحيح ومتطلبات البيت و....الحلم الذي جعلني لا أكاد أركز في أي عمل انتوي البقاء فيه .
ـ مازال الحلم يراودك .
ـ كل ليلة ... بل بكل غفوة ....طيلة الأشهر الماضية ......اعتقده قدري ....
ـ هو حلم يا أبا هناء لا تشغل أفكارك به كلنا نحلم ,وأراهنك أنه سينتهي أذا ما أبعدته عن تفكيرك
وابتسم العم صفاء وهو يرجع قدح الشاي ويغرق في أفكاره حتى يضيع عن الواقع ويكاد صوت زوجته الآتي كبصيص من وادي بعيد يصيب منه صمما ً طارئا بسبب استغراقه في أحلام اليقظة....ماذا لو الحلم تحقق....ذهبت إلى مصر ....وكان الرزق يفتح ذراعيه لاستقبالي لأعود غنيا سأرمم بيتي المهدم ....أملأ مطبخي الخاوي بمئونة الشتاء وألبس وحيدتي أجمل كسوة لتغدو أميرة الزقاق وأغرقها بكل أصناف الحلوى بعد أن رأيتها الجمعة الماضية ترمق دكان أم ستار بحسرة .....أغرقها باللعب بدل دميتها التي خاطتها لها والدتها بهد بكاء يومين .....وانتشلته خواطره السعيدة من واقعه المؤلم فانتبهت أم هناء إلى أن زوجها رحل لوادي أحلامه مرة أخرى ....فجمعت أقداح الشاي وحملتها متجهة .....نحو المطبخ .....المظلم .
واستمر أبو هناء بالابتسام لأطيافه التي تتجسد أمامه بشكل سفينة كبيرة محملة بالهدايا هو يقهقه فرحا في مقدمتها وعند وصوله يقف في استقباله كل معارفه ناظرين إليه بتبجيل وإكبار متسائلين عن النعمة التي هبطت عليه .....تتسع ابتسامته وتلتمع نظراته بألق ودهشة حين يرى نفسه وهو الجالس في باحة الدار حين يرى الضباب يحيط بأريكته المخلخلة المفاصل وهناك من أحدى غرف الدار المغرقة في العتمة يخرج شبح ابيض لشيخ جليل مهيب بلحية بيضاء ومسبحة طويلة كأنها عقد لؤلؤ يدقق النظر مرتعش الجفون حين يجد الشيخ يخطر فوق الضباب كأنه سابح بين غيوم...يقترب الشيخ ....ويمتلئ المكان بطمأنينة عجيبة تاق لها منذ زمن الرقود في أحضان الوالدة .... يهدر صوت الشيخ العميق سائلا إياه : ـ
ـ لم أنت مهموم يا ولدي ؟
فيرد كما رد منذ شهور ....نفس الإجابة دائما ً: ـ
ـ الرزق الشحيح يا سيدي .....
ـ ألم أقل لك يا ولدي رزقك ليس في هذا البلد.....رزقك هناك ....في مصر ...فاتبع رزقك ...سريعا ولا تتماهل....
ـ مم...أين ...في مصر....أين ...؟!!!سيدي ...أين
ويفتح عينيه على منظر زوجته المندهشة وهي تهزه في مكان غفوته على الأريكة مرددة اسمه ومبسملة...فيتنهد مغمضا عينيه مبتلعا ريقه بصعوبة فتنبري زوجته بسؤاله :ـ
ـ أهو حلمك من جديد...؟
ـ نعم هو حلمي ...............
ويمر المساء وهما يتحاوران في جدل عقيم .فزوجته ترتجيه تارة أن لا يصغي للأحلام وطورا ً تبكي بحنق ويأس أما هو فهو يحاول مرة أن يقنعها بضرورة رحيله نحو رزقه المنشود شارحا لها أن الأرزاق مقادير وأن كان رزقه في مصر فإن جهده المبذول هنا مضيعة للوقت والجهد لأنه سيذهب هباء ومرة أخرى يعنفها حين يجدها مصرة على أن الأحلام تبقى صورا من بنات الخيال وأن الواقع يحتم على طالب النجاح العمل ....ويستمر الجدال متقطعا بفترات سكوت من الطرفين ليشتد مرة أخرى وهكذا.....حتى منتصف الليل لتنسحب كعادتها مسحوقة من التعب لتنام يائسة من أقناعة...محاولة على مضض تقبل مصيبتها الجديدة....... ليبقى هو تائها في عالمه الجديد عالم القناعة المطلقة بالأقدار .....والرغبة الجامحة في تحقيق الأهداف دونما تخطيط بل بالتجربة التي قد تلد الصواب أو الخطأ......
يصيح الديك مبشرا بصباح جديد تطل فيه أول خيوط الشمس الذهبية من بين سعفات النخلة لتملأ الباحة بالنور ونسيمات الصباح النادية ترشق جو البيت الشرقي بلسعة برد لذيذة تستعر معها رائحة القداح المضمخ بالندى .وهو جالس في مكانه لم ينم منذ البارحة ....تستيقظ أم هناء و متجهمة الوجه بعد نوم متقطع ملؤه الكوابيس والكوارث متقبلة رغم انفها الموضوع الشائك بغصة وسكينة..... تحضر الفطور في صينية كبيرة تدخل الباحة منحنية واضعة الصينية أمام الرجل .....وتتهيأ للانصراف فيمسك بمعصمها مبتسما ً.....فتدير إليه عينين ذابلتين بينهما شبح ابتسامة لا تلبث أن تتسع حين يقول :ـ
ـ لن أفطر حتى تجلسين معي ...............
و............يبدأ شوط التحضير للرحلة

للحكاية بقية.............


*الدنكة عمود أسطواني الشكل مبني بالطابوق
*الخلفة كبير البنائين
*الأسطى مسؤول العمل



#بان_ضياء_حبيب_الخيالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة من جليد...!
- ديرة الفرح ...موخان جغان..!
- أناجي القمر...!
- إنتخبوني
- رحيل ساندريلا
- يوميات زوجة شرقية
- كل عيد ونحن معاً
- مات في العراق
- في قاع النيجر
- نظريات عالمة جديدة/الحلقة الثالثة/وجود زنابق الماء في منطقة ...
- نتف من قصة لؤلؤة الميناء
- نظريات عالمه جديدة/الحلقة الثانية/لغز ارتفاع درجات الحرارة ف ...
- نظريات عالمة جديدة...الحلقة الأولى...لماذا لون الشفق؟


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان ضياء حبيب الخيالي - القصة خون /الجزء الأول