أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان متولي - رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى














المزيد.....

رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 760 - 2004 / 3 / 1 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أيها الراعي الطيب، لقد جئناك من وراء البحار، قطعنا المحيطات والجبال الوعرة حتى نصل إليك، وأتينا بقطيع من الذئاب الشرسة، ولكن قلبها الحنون، الذي لا تراه عيناك التي أعماها التراب وأعياها سباتك الطويل، دفعها إلى قتل ذلك الذئب الشرس الذي كان يسكن الأحراش القريبة، وينقض بين الحين والآخر عليك وعلى أغنامك البائسة.

أيها الراعي الطيب، هذه الذئاب الودودة تختلف عن ذلك الذئب اللعين الذي طالما قض مضجعك في ليالي الشتاء القارسة، وافترس آلاف النعاج والخراف، صغيرها وكبيرها، من قطيعك البائس، لا تنظر إلى مخالبها الحادة وأنيابها الطويلة البارزة، ولا يغرنك ضخامتها وولعها بالنعاج السمينة، ولا الدماء الساخنة التي تلطخ أنيابها ومخالبها، إنها ذئاب قنوعة، وتريد لك الخير، ويكفيها أن تفترس سبع نعاج فقط من قطيعك كل صباح. ربما يثير ذلك غيرة بعض الذكور، ولكن ذكور الحملان ستهرب هلعا أمام أنياب تلك الذئاب المدببة، ولا تخف أن يفنى قطيعك، لأن إناثه تمتاز بالخصوبة والنضوج، وبعض الذكور سوف تستسلم لإرادة الذئاب القوية، ألم تستسلم من قبل لذئب الأحراش قاسي القلب؟!

 وربما تخشى أن تصاب الذكور بالإحباط إذا انقضت عليها الذئاب قبل بلوغ الذروة، فلا تعشر نعاجك البضة، وربما تخشى تكرار ذلك حتى تلفظ النعاج الشبقة ذكورها، وتستسلم للعنوسة القاتلة، أو تفقد خصوبتها بمرور الزمن … لا، لا تخش شيئا من ذلك، فهذه الذئاب تتوق أيضا للجماع، ومنيها القوي يجعلها قادرة على تعشير النعاج بكفاءة أعلى من ذكورك العجاف، حقا إن طريقتها في الجماع قد تكون قاسية وغريبة، فقد تنشب أنيابها في رؤوس النعاج، وتمزق حوافرها الحادة فراءها الناعم، وربما أيضا تدمي جلودها الناصعة، ولكن لا تخف، فلن تقتل منها الكثير، وإذا توحشت بعض النعاج المتمردة، أو رفضت الإنجاب، فسوف تكون طعاما سائغا للذئاب عند الفجر.

ولكن اسمع أيها الراعي اللطيف، إن الذئاب ذات القلب الحنون لا تريد لك أن تنشغل بشيء غير توجيه القطيع، وفي الحقيقة لا تريد منك إلا إقناع قطيعك بأنك مازلت راعيه، لا تستهن بهذه المهمة الشاقة، فبعض الإناث المتمردة والذكور المحبطة الشاردة سوف تتحرش بك بين الحين والآخر لتختبر دماءك وعروقك، وإذا ما كان في عينيك بعض البريق، فعليك أن تبدو كذلك مهما أعياك الأمر، وسوف نساعدك أيضا وتساعدك الذئاب بعوائها الصاخب. ولكن عليك أن تسلم عصاك الطويلة وتلك الكلاب التي أسأت تربيتها فدربتها على مطاردة الذئاب الغريبة… اعلم أن تلك الكلاب، التي عجزت عن قتل ذئب الأحراش الرهيب، لن تستطيع مواجهة الذئاب القادمة من وراء البحار، وأن عصاك على طولها سوف تتهشم وتصبح أليافا طرية في مخالبها الحادة، فلا تقاوم حتى لا يفنى قطيعك، ولا تراهن على كلابك الوفية، ولا خرافك المتمردة ذات القرون الحادة، ولا نعاجك الغبية ذات القلب الشجاع والحوافر القاسية، عليك أن تسلم هذه الكلاب الغيورة، وسوف نعطيك بدلا منها كلابا أخرى، تدرك الفرق جيدا بينها وبين الذئاب، وتعرف أن مهمتها إرهاب القطيع بمنع الذكور المتمردة من مقاومة الذئاب الطيبة حين تغير، ومنع الإناث الغبية من فقء عيون تلك الذئاب وطعنها بحوافرها الحادة إذا أقدمت على التهامها أو تعشيرها.

واعلم أن هذه الذئاب واعية ومثقفة، إنها ذئاب ديمقراطية، تسمح لإناث النعاج بإبراز مفاتنها، والتباهي بأنوثتها، بعكس كلابك الغيورة ذات اللحى الطويلة، وكباشك الغبية المتخلفة، فهي ذئاب تحترم القانون، وتساوي بين جميع الأغنام، أو هكذا يقول دستورها، بغض النظر عن جنسها أو لونها، فهي جميعا تصلح – نظريا على الأقل – طعاما في الصباح. ولا تنس أن أغنامك المغلوبة على أمرها سوف يمكنها لأول مرة في تاريخها الثغاء بصوت أعلى، وربما بشكل جماعي في مشهد أوبرالي رائع. حقا إن صوتها لن يعلو أبدا على عواء الذئاب الصاخب، ولكن أيها الراعي العجوز لا تكن طماعا – إن الذئاب أقوى من الحملان ولذلك يكون صوتها أعلى، تلك طبيعة الأمور!

أيها الراعي اللطيف، عليك أن تنسى ماضيك، وكيف استطاع قطيعك ذات يوم أن يهزم جيوشا من الذئاب القوية، فقد تغيرت الأمور كثيرا، ولابد أن تنسى.  



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصح ...
- أوهام وحقائق مشروع الشرق الأوسط الكبير
- تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير
- أحيانا أندهش!
- متى تكون الديمقراطية من مصلحة الأمريكيين في العراق؟
- محكمة بلا ذراعين، وقادة بلا أنصار!
- طريق التغيير لا يمر عبر -مرآة أليس
- الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان متولي - رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى