أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليمان يوسف يوسف - مسيحيو العراق في ذمة المجتمع الدولي















المزيد.....

مسيحيو العراق في ذمة المجتمع الدولي


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 09:56
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


مرة أخرى، يقف العالم مذهولاً أمام فصل دموي جديد من "مآسي مسيحيي المشرق".فصل يخص هذه المرة مسيحيي العراق،معظمهم من الكلدوآشوريين السريان، سكان العراق الأوائل،حيث يتعرضون لعمليات تطهير عرقي وديني منظمة وممنهجة في مناطقهم التاريخية،تسببت حتى الآن بمقتل آلاف المسيحيين و نزوح أكثر من ربع مليون خارج العراق.كما في كل الفصول الدموية السابقة،التي بدأت منذ نحو قرن في ظل الاستعمار العثماني للمنطقة،الابطال هم من المسلمين،اتراك كانوا أم أكراد، عرباً كانوا أم عجم.كل على طريقته،تسبب في تقلص وانحسار الوجود المسيحي في المشرق حتى تلاشى من بعض دوله، مثل الجزيرة العربية وشمال افريقيا،وكاد أن يتلاشى من بعضها الآخر،مثل تركيا وايران.وما تبقى منهم مهدد بخطر التلاشي والاندثار، لأسباب كثيرة متشعبة ومتداخلة،سياسية واجتماعية ودينية وثقافية واقتصادية وتاريخية.هذه الاسباب مجتمعة تدفع بالمسيحيين لترك أوطانهم والهروب بكل الاتجاهات، بحثاً عن "ملاذ آمن" في مكان ما من العالم، بعد أن افتقدوه في أوطانهم الأم،وبعد أن تلاشت أحلامهم بـ"دولة وطنية- دولة مدنية حديثة"، تحقق لهم"المواطنة الكاملة" والمساواة التامة مع شركائهم المسلمين.
بلا ريب،أن الغزو الامريكي للعراق في آذار 2003،زاد من تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة،ولبد أجواءها بغيوم الاحتقان الطائفي والمذهبي والنزاعات العرقية.كما تنامت في ظله،بشكل لا فت ومخيف،الاتجاهات الاسلامية المتشددة والتكفيرية وانتشار المنظمات الارهابية العابرة للقارات،التي زادت من القلق الكياني والخوف على المصير لدى المسيحيين المشرقيين.ويخشى الكثيرين اليوم من أن يكون مصير مسيحيي المشرق مثل مصير يهود المنطقة الذين اختفوا منها نتيجة سياسات التمييز الديني والعرقي التي مورست ضدهم والتي تضاعفت بعد قيام دولة اسرائيل واستمرار النزاع العربي الاسرائيلي. وفي سياق محنة المسيحيين المشرقيين كانت الكاتبة الفرنسية، آني لورنت" قد تنبأت بعد أحداث ايلول 2001" أن المسيحيين في العالم الإسلامي سيكونون شهداء العقيدة المسيحية التي يؤمنون بها وضحايا العدوان الإسلاموي المتطرف عليهم".
صحيح أن ما قتل في العراق من المسلمين هم أضعاف مضاعفة ما قتل من المسحيين، لكن صحيح ايضاً أن للمسلمين( عرب،شيعة وسنة، وأكراد) ميليشيات مسلحة تتحارب لأجل امتيازات ومكاسب سياسية واقتصادية تخص طوائفهم ومذاهبهم،بينما يقتل المسيحيون من غير أن يكونوا طرفاً في حروب هؤلاء،اذ لا ميليشيات مسلحة لهم،وليسوا هم بمن جاء بالأمريكان للعراق،اذا كان البعض يبرر قتلهم انتقاماً.أنهم"المسيحيون" يقتلون لا لذنب ارتكبوه، وانما على خلفيات دينية وبسبب عقيدتهم المسيحية،في ظل صمت عربي واسلامي عام، باستثناء بعض المثقفين والكتاب اللبراليين والمتنورين.يفسر البعض هذا الصمت على أنه تغطية،عراقية وعربية واسلامية ودولية، غير معلنة لتهجير المسيحيين من المنطقة .اذ تؤكد معظم التقارير الواردة من العراق حصول عمليات القتل والتهجير الجماعي لمسيحيي الموصل وباقي المدن العراقية أمام أنظار قوات الاحتلال الامريكي والجيش العراقي وبالتواطؤ من قبل اطراف عراقية أساسية.وما يزيد الشكوك بالموقف الامريكي والأوربي من قضية مسيحيي الشرق،اقتصار ردود فعل المجتمع الدولي على قتل وتهجير مسيحيي الموصل على بيانات الشجب والاستنكار والادانة ومطالبة البعض بتقديم مساعدات انسانية للنازحين.وبالرغم من حجم الكارثة التي حلت بالمسيحيين العراقيين ومحنتهم المفتوحة لم تتحرك القوى العظمى باتجاه الدعوة لعقد "مؤتمر دولي" يبحث قضيتهم ولاتخاذ خطوات عملية تحميهم من خطر القتل والخطف والتهجير الذي يلاحقهم في كل أنحاء العراق،كتوفير "منطقة آمنة" لهم داخل العراق.مثلما فعل"المجتمع الدولي" للأكراد في الشمال العراقي في تسعينات القرن الماضي في اعقاب النزوح الكردي هرباً من هجمات جيش صدام حسين.وبفضل التدخل الأمريكي المباشر في العراق تحولت المنطقة الكردية الآمنة الى اقليم فدرالي شبه مستقل عن الحكومة المركزية تديره حكومة كردية وفق المصالح القومية للشعب الكردي.بينما ترك المسيحيون العزل في العراق بدون حصانة وطنية ومن غير حماية دولية يواجهون الارهاب المنظم الذي يستهدفهم. وقد جاء رفض بريطانيا،الحليف التقليدي لأمريكا، لمنطقة آمنة لمسيحيي العراق على لسان،بيل راميل، وزير الدولة البريطاني للشرق الاوسط،في مؤتمر صحفي مشترك اقامه مع نيجرفان برزاني، رئيس وزراء الحكومة الكردية، قال بيل: "ان المملكة المتحدة غير مقتنعة بفكرة انشاء منطقة آمنة للمسيحيين".
ازاء هذا المشهد العراقي القاتم والوضع المسيحي المؤلم يشعر المسيحيون العراقيون ومعهم معظم مسيحيي المشرق باستياء وغضب شديدين، من "المجتمع الدولي"الذي تخلى عن واجبه في حماية مسيحيي العراق وتركهم في مواجهة المخاطر الجسيمة المحدقة بهم.أليس أمراً يدعو للتساؤل والدهشة والشكوك، أن يتحدث السفير الفرنسي لدى بغداد "جان فرنسوا جيرو" عن حرص أوروبي"على عراق تعددي وديمقراطي" بعد أن كاد العراق يخلو من مسيحييه ومن جميع مكوناته الصغيرة مثل الصابئة المندائيين والشبك واليزيديين!. وقد عبرت الكثير من الشخصيات السياسية والدينية المسيحية في مختلف دول المنطقة والعالم عن استياءها الشديد مما جرى لمسيحيي العراق والموصل تحديداً وعن قلقها العميق على مصيرهم وحملت الحكومة العراقية وامريكا،باعتبارها دولة محتلة للعراق، مسؤولية ما جرى وطالبتها بتوفير الحماية اللازمة للمسيحيين ولباقي المكونات العراقية الصغيرة، ضحايا الصراع السياسي والمذهبي والعرقي المنفلت في العراق،ومن غير أن يكونوا طرفاً في هذا الصراع. فقد ذكرت بعض التقارير الصحفية نقلاً عن شهود عيان من داخل مدينة الموصل: ان مسلحين كانوا يتجولون بسياراتهم ويقتلون مسيحيين عزل ويرعبون الأهالي الآمنين وهم يمرون عبر السيطرات الامنية التابعة للجيش الحكومي وتلك الواقعة تحت سيطرة "البيشمركة الكردية" من دون ان توقفهم او تعتقلهم.كما أشارت هذه التقارير الى وقوف عناصر الاسايش "الامن الكردي" خلف رسائل التهديد المكتوبة على جدران بيوت المسيحيين تحثهم على مغادرة بيوتهم والا واجهوا مصير الموت.معلوم أن الأكراد طرف اساسي ومتنفذ في الحكومة المركزية ببغداد وفي كل مفاصل وسلطات الدولة العراقية،السياسية والأمنية والاقتصادية والقضائية.
في عالم جديد حر ومنفتح، يتصدى للارهاب الدولي و يسعى للوصول الى مجتمع انساني خال من العنف ومن كل أشكال التعصب والكراهية،من حق"الشعوب المهددة" بوجودها طلب الحماية من "الاسرة الدولية".خاصة وقد تكفل المجتمع الدولي ممثلاً بـ"الأمم المتحدة" بحماية "الشعوب" من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي، اذا فشلت حكومات،هذه الشعوب، في تحمل هذه المسؤولية. وفي هذا السياق، شكك فردريكو لومباردي، المتحدث باسم البابا بنديكت السادس عشر، بجدية الحكومة العراقية في توفير الحماية اللازمة للمسيحيين في الموصل. ودعا لومباردي في تصريحات له أدلى بها لوكالة رويترز للأنباء الثلاثاء الماضي،"الحكومة العراقية ومنظمات حقوق الإنسان لعمل المزيد لحماية المسيحيين في الموصل الذين أصبحوا عرضة ليس فقط لمخاوف الاستهداف المتكرر، وإنما أيضا لحملة ممنهجة من التهديدات".فهل ينتظر "المجتمع الدولي" مزيد من قوافل القتلى والمهجرين والنازحين من المسيحيين العراقيين ليتأكد من اخفاق وفشل وربما عدم رغبة الحكومة العراقية في توفير الحماية لهؤلاء المعذبين،حتى يتحرك بشكل جدي وفاعل لأجل توفير"رادع دولي"يحمي مسيحيي العراق، وبقية شعوبه الصغيرة العاجزة عن حماية نفسها، من خطر الارهاب الذي يستهدفها؟؟؟؟.




#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيحيو العراق ابرز ضحايا الاستبداد الديني والسياسي
- دفاعاً عن مشعل التمو ومعتقلي الراي والضمير في السجون السورية
- الحوار الاسلامي المسيحي المشرقي والأفق المسدود
- القضية الآشورية في سوريا
- المشهد السوري بين غياب الكلمة الحرة وأزمة الرغيف
- في ذكرى المذابح وقضية مسيحيي الشرق
- هل من حرب على مسيحيي المشرق؟
- الفشل الديمقراطي للمعارضة السورية
- البعث و نهاية التاريخ في سوريا
- بمناسبة الأعياد لنرفع الصليب والهلال
- راهب يتحدى خاطفيه في تركيا
- الشعوب العربية وحقوق الشعوب الأصيلة.. الآشوريون والأقباط نمو ...
- من المسؤول عن تشظي المنظمة الآثورية الديمقراطية
- دمشق: الفرع 235/5
- سوريا بين الأمن المحقق والاصلاح المؤجل
- آشوريو سوريا : فشل سياسي ونجاح فني
- الحركة الآشورية والخطأ القاتل
- مسيحية عراقية : من يحمينا أنتم أم بوش
- ماذا لو قتلت ميليشيات هيرودس المسيح وهو طفلاً
- تجاهل عربي واسلامي لمحنة المسحيين المشرقيين


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليمان يوسف يوسف - مسيحيو العراق في ذمة المجتمع الدولي