أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان يوسف يوسف - الحوار الاسلامي المسيحي المشرقي والأفق المسدود















المزيد.....

الحوار الاسلامي المسيحي المشرقي والأفق المسدود


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 04:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تمض سوى سنوات قليلة على انتهاء "الحرب الباردة" وسقوط "جدار برلين" الذي أرخ لمرحلة تاريخية عالمية جديدة،قيل أنها ستكون مرحلة "سلام كوني"،حتى ظهرت نظرية "صدام الحضارات" لصموئيل هنتنيغتون،التي بشرت العالم بحروب وصراعات من نوع آخر،على أرضية الاختلافات والتصادمات الثقافية والدينية بين الشعوب والأمم،ستكون أكثر خطورة ودموية من حروب الايديولوجيات والمصالح التي عانت منه البشرية في الماضي.والمفارقة،أن حروب هنتنيغتون تفجرت في "يوغسلافيا" السابقة،في قلب القارة الأوربية الآمنة.وكما هو معلوم، تشهد اليوم العديد من الدول العربية والاسلامية، حروب أهلية، ودول مشرقية أخرى مرشحة لتفجر أوضاعها الداخلية، لأسباب تتعلق بالتناقضات والاختلافات الثقافية،وكذلك بالهويات القاتلة (طائفية،مذهبية ،عرقية).هذه الأوضاع الخطيرة دفعت بالعديد من المرجعيات الدينية،اسلامية ومسيحية ومن ديانات وعقائد أخرى، وبزعماء وشخصيات سياسية ومؤسسات مدنية من الشرق والغرب على حد سواء،لاطلاق دعوات لحوار جدي بين اتباع مختلف الأديان والعقائد. وذلك لأجل التواصل بين شعوب وأمم الأرض،والتفاهم فيما بينها على صيغ وأسس تحول دون اندلاع مزيد من الحروب والقلاقل،ولتدارس سبل تعزيز وترسيخ "السلام الديني" في العالم، وكيفية تطويق مضاعفات نظرية "صدام الحضارات".وقد أقيمت العديد من المؤتمرات واللقاءات الحوارية،الاقليمية والدولية،جمعت قيادات ومرجعيات دينية، مسيحية واسلامية ويهودية ومن ديانات أخرى، الى جانب شخصيات ومفكرين من مختلف أنحاء العالم.وجاءت زيارة العاهل السعودي،الملك عبدالله بن عبد العزيز، الى "حاضرة الفاتيكان" ولقاءه البابا بنديكتوس السادس عشر في السادس من تشرين الثاني 2007، لتشكل محطة بارزة ومهمة في تاريخ العلاقات بين الاسلام والمسيحية.هذه الزيارة التاريخية، من دون شك،ستعطي دفعاً معنوياً كبيراً لعملية الحوار"الاسلامي المسيحي"،وذلك نظراً لأهمية وثقل المملكة العربية السعودية ومكانتها الدينية والتاريخية في العالم العربي والاسلامي من جهة،ولأهمية ومكانة الفاتيكان والبابا في العالم المسيحي من جهة أخرى.وتأكيداً لرغبة المملكة في تفعيل حوار الحضارات والاديان،ترأس الملك عبد الله المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان الذي نظمته "رابطة العالم الإسلامي"ما بين 16 و18 يوليو/ تموز الماضي في العاصمة الإسبانية مدريد.وقد صدر عن المؤتمر"اعلان مدريد" الذي أكد على ضرورة مكافحة استخدام الدين لإثارة التمييز العنصري.واتفق المشاركون على تكوين فريق عمل لدراسة الإشكالات التي تعيق "الحوار الديني" وتحول دون بلوغه النتائج المرجوة منه.وإدراج قضايا الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات في النشاطات الشبابية والثقافية والإعلامية والتربوية.ودعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تأييد النتائج التي توصل إليها هذا المؤتمر والاستفادة منها في دفع الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات من خلال عقد دورة خاصة للحوار.
صحيح، لا قيمة قانونية لما يصدر من قرارات وتوصيات عن مؤتمرات الحوار بين الأديان ، ولا من جهة تمتلك سلطة مادية مخولة لالزام الحكومات والمعنيين بتطبيقها، لكن هذا لا يقلل من أهمية هذه الحوارات على صعيد التواصل بين الحضارات وتعزيز التعايش بين الشعوب والأمم في عالمنا المضطرب.وتكتسب الحوارات الدينية أهمية خاصة وكبيرة في منطقة الشرق الأوسط،أكثر مناطق العالم توتراً واحتقاناً حيث يترعرع مختلف أنواع الأقليات الدينية والقومية والاثنية والثقافية واللغوية والمذهبية.فضلاً عن أن الدين،وبشكل أكثر الدين الاسلامي، بصورته التقليدية المعروفة والمتوارثة لا يزال الفاعل الأساسي والرئيسي في حياة شعوب المنطقة وله الدور الكبير في صياغة حياتها ومفاهيمها السياسية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية.الذي يهمنا ، نحن شعوب المنطقة، بالدرجة الأولى هو الحوار "الاسلامي المسيحي المشرقي"أي الحوار الذي يعنى بمستقبل العلاقة والعيش المشترك بين مسلمين ومسيحيين جمعهما المشرق بحكم التاريخ والجغرافيا. طبعاً، ليس المطلوب أن يفضي هذا الحوار الى اقرار المسلمون بإلوهية المسيحي، ولا أن يأخذ المسيحيون بأركان الاسلام، فالعقائد الثابتة والمقدسة لدى كل دين يفترض أن تكون خارج دائرة النقاش وبعيدة عن طاولة الحوار. وانما المطلوب حواراً يقوم على قاعدة الاعتراف بالآخر والقبول به شريكاً بكامل حقوق وواجبات المواطنة.حواراً يتطرق الى عمق المشكلات الحياتية التي تهدد بنسف أسس وقيم العيش المشترك.حواراً يفضي في النهاية الى انهاء سياسة التمييز الديني السائدة في المجتمعات العربية والاسلامية. فلم يعد مقبولاً أبداً، صمت وسكوت المرجعيات الاسلامية، حيال تصاعد عمليات استهداف المسيحيين وتفجير كنائسهم ومراكزهم الدينية لأسباب عقائدية في أكثر من دولة عربية واسلامية- العراق ومصر نموذجاً-من قبل منظمات اسلامية متطرفة تعادي المسيحيين و ترفع شعارات خطيرة ضدهم "لا مسيحيين بيننا".بكل تأكيد،صمت الحكومات والمرجعيات الاسلامية عن محنة مسيحيي المشرق لا يخدم عملية الحوار الاسلامي المسيحي.كما أنه يزيد من شكوك المسيحيين ويزعزع ثقتهم بموقف المجتمعات والحكومات العربية والاسلامية من قضية الوجود المسيحي في المشرق. فحتى يستقيم ويتقدم أي حوار ويؤتي ثماراً، يفترض أن تسوده الثقة المتبادلة والشفافية في المواقف والصراحة في طرح مختلف القضايا والمسائل.وهنا اعتقد بأن عدم جدية الطرف الاسلامي في طرح ومعالجة المشكلات الحياتية والقضايا الملحة والمقلقة لمسيحيي المشرق، جعل عملية الحوار الاسلامي المسيحي المشرقي تدور في حلقة مفرغة وتحوم حول العموميات والقضايا اللاهوتية والمسائل الأخلاقية.والسؤال الذي يطرح نفسه في سياق قضية الحوار الاسلامي المسيحي،هو:أي أفق أو مستقبل لهذا الحوار وكل المعطيات تشير الى أن المشرق، مهد المسيحية الأولى، بعد عقود سيبقى من غير مسيحيين،اذا ما استمرت أوضاعهم المأساوية على حالها، وما لم تتخذ خطوات عملية من شأنها تضع حداً لمحنة المسيحيين وتعزز حضورهم ووجودهم في أوطانهم؟.واذا ما خلا المشرق من المسيحيين حينها سيفقد الحوار الاسلامي المسيحي المشرقي ليس أهميته فحسب، وانما كل مبرراته وأسباب استمراره أيضاً.طبعاً،أكثر من يتحمل المسؤولية في هذه القضية هو الطرف الاسلامي، لأن الحوار يتم في بيئة اسلامية ولأن الطرف الاسلامي هو الحاكم والمتحكم بمصير مسيحيي المشرق بالمطلق.
ومن العقبات الأخرى،التي تبقي "الحوار المسيحي الاسلامي المشرقي" يراوح مكانه ويدور في حلقة مفرغة، تمثيل الطرف المسيحي بشخصيات ومرجعيات موالية للسلطات القائمة، وغالباً يتم اختيارها وتسميها من قبل السلطات نفسها.طبعاً،لا يمكن لمثل هؤلاء أن يكونوا أحراراً في نقاشاتهم أو أن يتحلوا بالجرأة المطلوبة لطرح جميع التحديات والمخاطر الحقيقية التي تقلق مسيحيي المشرق،خاصة تلك المرتبطة بطبيعة أنظمة الحكم والاستبداد القائمة في بلدانهم وبنهجها الطائفي.والأنكى من هذا التمثيل المشوه للمسيحيين، وحتى لا يتهم رؤساء الكنائس والمرجعيات المسيحية بالطائفية وباللاوطنية،تتهرب هذه المرجعيات من طرح محنة المسيحيين المشرقيين، بكل أبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية. ففي الوقت الذي يعاني أقباط مصر من سياسية تمييز ديني وقومي وارتفاع وتيرة الاعتداءات الارهابية المنظمة عليهم وعلى املاكهم وكنائسهم، تقوم بها مجموعات اسلامية متطرفة ترفع شعارات معادية لهم"لا مسيحيين بيننا"في ظل صمت المجتمع وتواطؤ السلطة أو على الأقل بعض أجهزنها،نرى بابا الأقباط"شنودة" يرفض ويعترض على حضور ممثلين عن أقباط مصر مؤتمرات، اقليمية ودولية، خاصة ببحث وتدارس مشكلة الأقليات.ورغم هذه الوطنية العالية للبابا شنودة،لم يسلم من هجوم الصحافة المصرية ومن التشكيك بوطنيته، كلما ألمح الى بعض معانات الأقباط المصريين والى تهميشهم السياسي.وفي ذات المنحى،بدلاً من أن يطرح بطريرك السريان الأرثوذكس"زكا عواص الأول"،في مؤتمر الدوحة للحوار الاسلامي المسيحي لعام 2004،هواجس المسيحيين السوريين من "سريان/آشوريين" وغيرهم، وكيفية تعزيز وجودهم ودعم حضورهم في وطنهم للحد من هجرتهم،نجد أن مداخلة البطريرك اقتصرت على تمجيد التاريخ العربي الإسلامي وحث الجميع على العمل لأجل رفع راية العروبة والإسلام عالياً.
أخيراً:أعتقد بأن من المهمات الأساسية والملحة التي يجب أن يحسمها "الحوار الاسلامي – المسيحي المشرقي" في المرحلة الراهنة،هي مسألة طبيعة الدولة والنظام السياسي والاجتماعي اللذين يجب أن يسودا دول المشرق العربي الاسلامي.اذ لم يعد يخفى على أحد بأن العودة الى "دولة الخلافة الإسلامية" تحت شعار "الاسلام هو الحل"، كما تطالب وتدعو غالبية تيارات الاسلام السياسي،تثير نوع من القلق الكياني لدى عموم مسيحيي المشرق (خوف على الوجود والمصير).لأن الدولة الاسلامية اذا ما قامت ستعيد المسيحيين من جديد الى "نظام الذمية" الذي سيعجل في انهاء الوجود المسيحي من المشرق.لهذا، وحتى لا يرى أبناءنا أو أحفادنا شرقاً من غير مسيحيين وكنائس من دون مصلين ونواقيس يأكلها الصدأ،المطلوب من الدول والحكومات الاسلامية تقديم مبادرات واتخاذ قرارات جريئة وسريعة من شأنها تعزيز الوجود المسيحي في المشرق وطمأنة المسيحيين الى مستقبلهم في المنطقة.



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الآشورية في سوريا
- المشهد السوري بين غياب الكلمة الحرة وأزمة الرغيف
- في ذكرى المذابح وقضية مسيحيي الشرق
- هل من حرب على مسيحيي المشرق؟
- الفشل الديمقراطي للمعارضة السورية
- البعث و نهاية التاريخ في سوريا
- بمناسبة الأعياد لنرفع الصليب والهلال
- راهب يتحدى خاطفيه في تركيا
- الشعوب العربية وحقوق الشعوب الأصيلة.. الآشوريون والأقباط نمو ...
- من المسؤول عن تشظي المنظمة الآثورية الديمقراطية
- دمشق: الفرع 235/5
- سوريا بين الأمن المحقق والاصلاح المؤجل
- آشوريو سوريا : فشل سياسي ونجاح فني
- الحركة الآشورية والخطأ القاتل
- مسيحية عراقية : من يحمينا أنتم أم بوش
- ماذا لو قتلت ميليشيات هيرودس المسيح وهو طفلاً
- تجاهل عربي واسلامي لمحنة المسحيين المشرقيين
- سوريا: التغير الديمقراطي يمر عبر رئيس مسيحي ..والمرشح ميشيل ...
- من المسؤول عن جٌرح المالكية السورية ؟
- 1500000+1شهيد أرمني


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تتبنى قصف مستوطنة كرمئيل بالجليل ...
- منتدى كوالالمبور: طوفان الأقصى شرارة نهضة للأمة الإسلامية
- فينكلشتاين للمقابلة: معركتي ضد إسرائيل من أجل العدالة ولا عل ...
- بابا الفاتيكان يجدد مناشدته من أجل السلام.. ويتحدث عن - قربه ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن استهداف مدينة صفد المحتلة ب ...
- خضرنة النظم عبر خضرنة الدين : القيم البيئية الإسلامية وسياسا ...
- هيئة العامة للشؤون الإسلامية تفتح باب التسجيل للحج 2025 في ا ...
- “رفه عن ولادك في الاجازة” نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد لم ...
- السيد الحوثي: وقفة ايران هي وقفة إسلامية مع العرب ضد العدو ا ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة هائلة على الاقمار ا ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان يوسف يوسف - الحوار الاسلامي المسيحي المشرقي والأفق المسدود