أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد المجيد - النرويجيون و .. جنون السفر!














المزيد.....

النرويجيون و .. جنون السفر!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2458 - 2008 / 11 / 7 - 09:34
المحور: المجتمع المدني
    


هنا في النرويج إذا التقيت جارك أو شخصا لم تره منذ فترة أو صديقا بعد عطلة أو صاحبا ولم تتحدثا عن المناخ والجو والمطر وشعاع الشمس الذي يطل على استحياء أو كثافة الجليد فلابد أن يسأل أحدكما الآخر عن السفر!

إذا تصادف وشاهدت جارتك تركن سيارتها بجانب سيارتك ولم تكن قد رأيتها لعدة أيام فستقفا معا تتحدثان عن آخر رحلة لك أو لها، ثم ينتقل الحديث إلى الخطة المستقبلية للسفر في العطلات الثلاث القادمة!

ستقول لك بأنها قضت أسبوعين في أثينا، واستمتعت بأشعة الشمس ورحلة بحرية وتناولت الطعام اليوناني في جزيرة جميلة، ثم تردف قائلة: أما اليومان الأخيران الرحلة فقد هبت عاصفة خفيفة، فمكثنا في الفندق حتى موعد العودة.

تنتظر حتى تكمل حديثها لتقول لها بأنك قضيت ويك إند في لندن لأنك عثرت مصادفة على تذكرة سفر على الخطوط الجوية الإيرلندية ( رايان إير) بثمن بخس كأنها بطاقة سفر مجانا.

لكنك تفكر في العطلة الخريفية للمدارس في جزيرة مايوركا الإسبانية.

تبتسم جارتك وتقول لك بأنها قضت أسبوعا هناك وقد أصبح المنتجع السياحي الإسباني مستعمرة ألمانية حتى أنك تشتري في الصباح الباكر صحيفة فرانكفورتر تسايتونج في نفس موعد بيعها في أكشاك المدن الألمانية!

تذهب إلى عملك وتسأل عن زميلك في المكتب المجاور فتعرف أنه في رحلة إلى سوسة التونسية أو نيويورك أو يقضي مع أسرته أسبوعين في نيس.

تفتح صحيفة آفتين بوسطن فتطارد الإعلانات عن السفر عينيك بكل الأشكال والألوان والخطوط والأسعار مع صور وضعها متخصصون في فن الإعلان الذي يداعب خيالك ويتسلل إلى جيبك وحسابك ليقنعك بأن ميزانيتك التي أرهقتها ثلاث رحلات هذا العام قادرة على الرابعة والخامسة قبل عطلة الكريسماس!

تتصل بشركة أو مطبعة أو مصنع أو مكتب في الثلث الثاني من يوليو فيقال لك بأن ( العطلة الجماعية بدأت)، وكل العاملين قد سافروا بحثا عن الشمس، ويمكنك إعادة الاتصال في أوائل أغسطس.

ويتعجب محدثك من أنك لست على سفر!

يبدأ اليوم الدراسي الأول في منتصف أغسطس، ومن الصف الأول الابتدائي إلى طلاب الثانوية العامة يكون الحديث كله عن السفر، والعطلة والأماكن الساحرة في العالم.

تدخل المُعَلّمة وقد أشرق وجهها بلمعان لا تخطيء العيون أنه من شمس الجنوب، وبعد دقائق تكون قد بدأت في توجيه الأسئلة للتلاميذ عن الأماكن التي قضوا فيها عطلاتهم، وتختلط الأصوات والمدن والأسماء فتسمع جزيرة كريت اليونانية، إزمير التركية، أغادير المغربية، فينيسيا الايطالية، كوستا دي سول الاسبانية، ولكن هناك من سافر مع والديه، أو مع والدته وصديقها الجديد وأولاد الاثنين إلى تايلاند وجزر الكاريبي ودزني لاند ونيو مكسيكو!

وتقول المُدَرّسة بأنها قضت نصف عطلة الصيف في شاليه فوق الجبال بغرب النرويج أو شمالها، وقامت برحلة صيد، لكنها ستسافر في الخريف لزيارة صديقة لها تقيم في دبي.

الحياة في النرويج لا تستقيم بدون السفر، والطاقة يستمدها النرويجي من رحلتي الصيف والشتاء، لكن الخريف أيضا له عطلته المدرسية التي تستبق عطلة نهاية العام قبل الاستعداد لعطلة الشتاء، ناهيك عن عطلة عيد الفصح والعيد الوطني.

كانت الأسبقية منذ عشر سنوات لليونان وجزرها، كريت ورودس وقبرص وآيا نابا ثم سبقتها إسبانيا وبعض المدن الساحلية الفرنسية وجنوب إيطاليا.

لا يزال الأجانب في النرويج يفضلون عطلاتهم إلى بلادهم مع استثناء طالبي اللجوء السياسي من العراقيين والايرانيين والسوريين والأفغان.

بوجه عام رغم أن الأجنبي الذي يحمل الجنسية النرويجية ولا يقل مستوى معيشته عن نظيره النرويجي يرى في السفر رفاهية أكثر من متعة وراحة وفترة التقاط الأنفاس .

تسير في شوارع منطقة جرنلاند فتظن أن العرب والأفارقة والفيتناميين والأتراك والإيرانيين والهنود والبنغال والسريلانكيين قد احتلوا القسم الشرقي من أوسلو، لكنك تستقل طائرة شارتر متوجهة من أي مدينة نرويجية إلى منتجع سياحي فلا ترى إلا وجوها بيضاء عليها عيون زرقاء ويزين رؤوسها شعر أصفر ذهبي، فالمغتربون السمر يبني الأثرياء منهم بيوتا في بلادهم ويشترون عقارات، أما الفقراء فيعيشون على الضمان الاجتماعي.

فلسفة السفر قائمة على تحسن مستوى معيشة النرويجي في العقدين الأخيرين، واعتبار شدّ الرحال إلى الخارج تقليدا جديدا يتبارى في الحديث عنه كل الناس في كل الأوقات وتحت أي ظروف!

أما متعة التفكير في هدوء ما بعد التقاعد والمعاش والمرحلة الأخيرة من الحياة فغالبا لا تخرج عن تخيل سكن لائق قريب من البحر في جزر الكناري أو يوريت دي مار الإسبانية فالعظام التي أرهقتها فصول الشتاء القارص الطويلة تحتاج إلى ترميم بدفء الشمس، وراحة على الشاطيء مع كتاب انتظر طويلا من يقرأه!

والمعاش الذي يحصل عليه النرويجي من عمله يسمح بمعيشة كريمة في جنوب أوروبا، فهو لا يتأخر يوما واحدا عن حسابك في البنك، ويزداد في كل عام مع زيادة الأسعار وارتفاع مستوى الدخل لدى الذين لم يتقاعدوا بعد.

عندما تسأل طفلا نرويجيا لم يبلغ العاشرة من عمره عن الأماكن التي قام بزيارتها فربما ينتهي العدُّ على أصابع يديه الصغيرتين قبل أن يسرد عليك أسماء المدن والمنتجعات السياحية التي قام بزيارتها مع أسرته، فضلا عن مدن الملاهي والألعاب المائية وسيارات الرالي!

يأتي موزع الصحيفة اليومية ويقذف بها أمام شقة كل مشترك في بيوت المنطقة كلها، ثم يعود في اليوم التالي ومعه صحيفة الصباح فيكتشف أن صحف الأيام السابقة لم تتحرك من مكانها، فالمشترك عثر على تذكرة سفر بثمن زهيد تشمل الاقامة في فندق فاخر على شاطيء البحر في الجنوب!

والنرويجي يحدثك عن أسماء منتجعات سياحية لم تعلمك إياها كتب الجغرافيا وخرائطها، لكن شركات السفر والسياحة اكتشفتها كما اكتشف كولومبوس العالم الجديد!




#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيرة الصائمين مع شمس منتصف الليل!
- الحقيقة .. أن الكبار صغار!
- الفتاوى في السعودية .. تجارة الحرام!
- المَلَكان والرئيسُ الأمريكيُّ يُدَوّنون أعمالَك!
- التبكيت والتنكيت والتسكيت و .. التفتيت
- حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي!
- كان يجب الحكم باعدام ابراهيم عيسى!
- عدالة محاكمة البشير
- معركتنا ليست مع رجال الرئيس مبارك
- متى يقطع خليجُنا الدعمَ عن الطغاةِ؟
- الرئيس التونسي يجدد للشعب ولاية خامسة!
- تسعون عاماً على مولد رسول أفريقيا
- هل يحرقنا مبارك قبل أن نحرقه؟
- هل تحرق إيران الأصدقاء قبل الأعداء؟
- ساركوزي .. أمين عام الأزرق الكبير
- الأقباط .. محامون فاشلون عن قضايا عادلة
- لكن صدام حسين لا يزال حيّاً
- حوار بين الرئيسين بشار الأسد و ... جمال مبارك
- تحرير المصريين .. فضائية مصرية معارضة
- في المطارات .. كُلّنا بن لادن!


المزيد.....




- مصدر لـCNN: إسرائيل تطلع منظمات الإغاثة على خطط لإجلاء المدن ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين الأفارقة من مخيمات في العاصمة الت ...
- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد المجيد - النرويجيون و .. جنون السفر!