أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد الثامن: تشرين الثاني 2008















المزيد.....



طريق اليسار - العدد الثامن: تشرين الثاني 2008


تجمع اليسار الماركسي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 2455 - 2008 / 11 / 4 - 09:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


افتتاحية
الأزمة المالية العالمية ومصير السياسات الليبرالية الجديدة
ما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وضربت هوروشيما وناغازاكي بالقنبلة الذرية الأميركية حتى بدأ ما يسمى بالحرب الباردة عام 1947التي سخنتها الحرب الكورية بداية الخمسينيات من القرن العشرين.
كان النظام الإمبريالي يعمل بين الحربين على أساس الصراع والتنافس بين الدول الإمبريالية الرئيسية حول اقتسام العالم ، لكن نهاية الحرب العالمية الثانية وما تركته من دمار أوربا واستسلام اليابان وظهور القنبلة الذرية وسيطرة مالية وعسكرية وسياسية للولايات المتحدة الأميركية ، خلق معادلة جديدة بين الدول الإمبريالية الرئيسية تعمل وفق ديالكتيك الاندماج/ المنافسة مع هيمنة الاندماج تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى أدت أزمة النظام الرأسمالي ، البادئة ملامحها مع انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 حتى تفجرها في 1929 والناجمة أساساً عن الصراع بين مركزين رأسماليين عالميين واحد قديم في لندن خرج مضعضعاً ومديوناً من الحرب العالمية الأولى وآخر جديد صاعد في نيويورك، إلى انتصار الفاشية عام 1922بإيطاليا والنازية الألمانية عام1933، بما تعنيه الاثنتان من لجوء الرأسمالية لحلولها القصووية أمام المد الاشتراكي العالمي بعد ثورة أوكتوبر عام1917 ولحل المشاكل الاقتصادية والسياسية بوسائل عنيفة وتحت شعارات قومية شوفينية، ما أدى للميل نحو الاتجاه الرأسمالي الجديد عبر وصفات جون مينارد كينز بالثلاثينيات عند ضفتي الأطلسي للتخلي عن النموذج الليبرالي التقليدي لصالح تدخليّة الدولة في العملية الاقتصادية.
في سنة 1979 وعلى أثر ارتفاع أسعار النفط العالمية بفعل الحرب العربية الإسرائيلية 1973 وبفعل ضغط الحرب الباردة المستمر وبفعل "رعاية" الرأسمالية لجميع الطبقات في الدول الرئيسية وما تبع ذلك من دورة كساد عالمي أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا سياسات جديدة عرفت لا حقاً بالنيوليبرالية أو السياسات الليبرالية الجديدة والتي اكتملت أبعادها خلال عشر سنوات تزامناً مع انهيار جدار برلين. كان الهدف من السياسات الجديدة الخروج من الكساد العالمي عبر كف يد الدولة عن التدخل في حركة رؤوس الأموال وحركة الأسواق وإطلاق موجة مهووسة من المضاربات المالية و الخصخصة مرفقة مع أيديولوجيا ليبرالية جديدة محملة بخرق بالية من الوعظ الديني المسيحي المهوّد واليهودي الرث والرجعي ، لا بل العنصري.
تزامن كل ما سبق مع حدثين بارزين على المستوى الدولي ، الأول: بداية توقف نمو الاقتصاد السوفييتي الذي وصل إلى الصفر عام 1981 ، والثاني : انتصار الثورة الشعبية الإيرانية سنة 1979 تحت قيادة طبقة "البازار" ممثلة برجال الدين الشيعة أو "آيات الله" . وحدث لاحقاً انهيار الاشتراكية السوفييتية وتفكك الدولة السوفييتية وظهور ما سمي لاحقاً بالإسلام السياسي بكل أشكاله المقاوم للاحتلال و السلفي و الجهادي وتراجع دور الحزب السياسي الحديث بكل تياراته الوطنية الديمقراطية القومية والشيوعية والماركسية .
كان من نتائج هذين الحدثين تحويل الولايات المتحدة سياستها من سياسة التوكيل إلى سياسة التدخل المباشر في المناطق الإستراتيجية والحيوية .
وجاءت أزمة الرهن العقاري الأخيرة وما نتج عنها من أزمة سيولة مالية ومصرفية عالمية لتظهر مرة أخرى خطورة المضاربة وخطورة إطلاق يد رأس المال المضارب ليتلاعب بمصير ملايين البشر في البلدان المركزية والطرفية .
إن السياسات الليبرالية الجديدة التي أطلقت سنة 1979 التي قادت النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة لشن سلسلة من الحروب على كل من أفغانستان ويوغسلافيا والعراق هي نفسها السياسة الليبرالية الجديدة التي أطلقت يد رأس المال المضارب ليعبث بمصائر ملايين البشر. وكان من أولى ضحاياه انهيار أسواق المال في جنوب شرق آسيا وانهيار ما سمي بالنمور الآسيوية تايلند وماليزيا وكوريا الجنوبية وأندونيسيا سنغافورا وهونغ كونغ وتايوان ، الخ .. سنة 1997 وقبل ذلك أزمة المكسيك ولاحقاً انهيار العملة في الأرجنتين.
والحقيقة أن التزايد الهائل الذي حدث في حركة رأس المال الدولي المضارب في السنين الأخيرة إنما يعود إلى عولمة أسواق النقد من خلال تحرير المعاملات المالية وسرعة حركة وانتقال رؤوس الأموال في لمح البصر عبر وسائل الربط والاتصالات الالكترونية بين مختلف أصقاع العالم وصعوبة مراقبة هذه الحركة من قبل البنوك المركزية . كما عضد نمو هذه الحركة تطور الابتكارات المالية التي وفرت أشكالاً مختلفة ومتعددة من الاستثمار المضارب. كما عكست هذه الحركة النشاط الواسع الذي قامت به الشركات عابرة القوميات في هذا المجال وكذلك نشاط ما سمي بصناديق الاستثمار التي يصل عددها الآن على صعيد العالم حوالي 770 صندوقاً استثمارياً ضخماً ، تم حشد الموارد المالية لها من شركات التأمين وصناديق التأمين والمعاشات وكبريات الشركات الصناعية . وهذه الصناديق تتعامل الآن في أصول مالية تتجاوز بكثير حجم الاحتياطات الدولية التي تملكها البنوك المركزية في مختلف دول العالم.
هذا النشاط المضارب الهائل الذي أصبحت تتسم به الحركة الدولية لرؤوس الأموال وعلى نحو يتجاوز بكثير حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، أصبح يشير إلى حقيقة خطيرة جداً، وهي أن الشطر الأكبر من الأرباح التي أصبحت تحققها كبريات الشركات الصناعية في العالم لم يعد يتحقق في مجال الإنتاج الحقيقي ، بل في الاستثمار في حافظة الأوراق المالية. كما أن هذا النشاط المضارب يقف وراء كثير من الأزمات النقدية والمالية التي حدثت لبلاد كثيرة كالمكسيك عام 1994 ودول النمور الآسيوية 1997 وارتفاع أسعار النفط غير المبرر فعلياً وأزمة الغذاء العالمي التي انفجرت منذ أشهر. كل ذلك بسبب ما تسببه المضاربة من نشاط جنوني في ارتفاع الأسعار دون مبرر حقيقي ، ثم هبوطها مرة واحدة، تماماً مثل بالون ينتفخ أكثر من اللازم ولا بد أن تأتي لحظة انفجاره.
وتأتي الأزمة المصرفية والمالية الراهنة لتشير إلى أن هناك حدوداً للمضاربة المالية ولتشير إلى خطر المضاربة والعقل المضارب على البشرية وعلى النظام الرأسمالي ذاته.
لقد شملت المضاربة سوق الرهن العقاري وعقود النفط وبعض المواد الغذائية الإستراتيجية والحيوية كالأرز والقمح وغيرهما . وما أزمة الغذاء العالمي التي مازالت أفاعيلها قائمة إلا أحد وجوه لعنة المضاربة ورأس المال المضارب الذي وصل إلى أرقام فلكية ومخيفة.
المضاربة في قطاع العقارات في الولايات المتحدة وتخصص بنوك لتمويل الاستثمار في هذا القطاع أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني وتحقيق أرباح فاحشة ، وحين أرادت البنوك الاستثمارية استعادة جزء من السيولة المالية وجدت نفسها عاجزة وانهارت وأفلست ما انعكس أزمة ثقة في الإقراض بين البنوك الدولية وأزمة سيولة عالمية واستنزاف مالي للنظام الرأسمالي لم يشهد لها مثيلاً. وما الهبوط الحاد في أسعار النفط إلا علامة على انهيار المضاربة في قطاع النفط مما يشير إلى أن ارتفاع سعره كان مفتعلاً ومبالغاً فيه تحت ضغط المضاربة المالية
إن الأزمة المالية والمصرفية التي ولدتها أزمة الرهن العقاري والمضاربات المهووسة تشير إلى التالي:
1-حدود المضاربة وخطرها الشديد على البشرية وعلى النظام الرأسمالي ذاته
2-تأكيد طبيعة الدولة الرأسمالية الاحتكارية كلجنة في خدمة الشركة الاحتكارية وفي خدمة رأس المال المضارب والمجرم ، وأنها بخطتها للإنقاذ / الموافق عليها من الكونغرس الأميركي/ عبر تخصيص 700 مليار دولار تؤكد هذه الطبيعة المنحازة لصالح كبار الأثرياء
والمضاربين وتجار الحروب ودعاة العسكرة من الإمبرياليين الرأسماليين. إن الحكومة الأميركية بخطتها الإنقاذية من أموال الميزانية العامة إنما تنقذ المضاربين المجرمين على حساب عامة الشعب الأميركي ، تنقذهم كي يعيدوا الكرة مرات عديدة.
3-بداية نهاية أيديولوجيا الليبرالية الجديدة ونهاية نفوذها على مثقفي المراكز والأطراف الرأسمالية وتراجع تأثيرها على السياسات الاقتصادية الحكومية في البلدان المتخلفة. وبداية نهاية "أيديولوجيا العولمة" والخصخصة.
4-الطابع الطفيلي الذي تتسم به الرأسمالية المعاصرة
أخيراً نريد القول أن الدرس المهم الذي يجب تعلمه من تاريخ الرأسمالية هو أن المشاكل الكبرى (الاقتصادية والمالية) لا تؤدي إلى انهيارها انهياراً أتوماتيكياً [اقتصادياً].. إن مصير الرأسمالية في النهاية سوف تحدده فقط الطبقات الناشطة داخل المجتمع والأحزاب القائمة على هذه الطبقات والتي لديها الإرادة والقدرة على استبدال آلية النظام القائم.
هيئة التحرير


الأزمة المالية العالمية الراهنة
نذير جزماتي

الامبريالية هي عهد الرأسمال المالي، والاحتكارات التي تحمل في كل مكان النزعة إلى السيطرة، لا إلى الحرية. ونتائج هذه النزعة هو الرجعية على طول الخط "
(لينين، الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية)

كتب المفكر اليساري الفرنسي روجيه غارودي قبل أكثر من عقد في كتاب بعنوان"الولايات المتحدة طليعة الانحطاط": أن الأميركيين تحولوا من دائن إلى مدين رئيسي ، كجبار بقدمين من صلصال بسبب هشاشة الاقتصاد المموه لبعض الزمن، بالمضاربات المالية التي حولت المصارف إلى كازينوهات، وحيث تضاعف إفلاسها"(1) ويتمثل أحد القدمين من الصلصال بالمبالغ الهائلة التي كانت تصرف من أجل إظهار رفاهية تنعم بها جماهير عريضة من العاملين في ألمانيا وغيرها من الدول المجاورة لما كان يسمى الاتحاد السوفياتي وباقي دول المنظومة الاشتراكية في أوربا الشرقية خصوصاً . ولم يكن ذلك كله، "سوى تنازل اقتضته ظروف الحرب الباردة ، وحتمته الرغبة في عدم تمكين الدعاية الشيوعية من كسب موطئ قدم (2)
أما القدم الأخرى من الصلصال فتتمثل بالامبريالية الإعلامية الأميركية التي تكلم عنها بالتفصيل الكاتب الأميركي هيربرت أ. شيللر في كتابه بعنوان "المتلاعبون بالعقول" الذي بدأه بالقول: "أن مديري أجهزة الإعلام يقومون في أميركا بوضع أسس عملية التداول ويشرفون على معالجتها وتنقيحها وإحكام السيطرة عليها، تلك الصور والمعلومات التي تحدد معتقداتنا نحن الأميركيين ومواقفنا، بل تحدد سلوكنا في النهاية. فتضليل عقول البشر.."أداة للقهر" تسعى إلى "تطويع الجماهير لأهدافـــــها (أهداف النخبة الخاصة)...وحيث يكون التضليل الإعلامي هو الأداة الأساسية للهيمنة الاجتماعية ، كما هو الحال في الولايات المتحدة. وينتهي الأمر بالدارسين الموهوبين من حاملي الدكتوراه في الأدب الانكليزي إلى وظيفة محرر إعلانات لأن شارع ماديسون يدفع أضعاف ما تدفعه أقسام اللغة الانكليزية في الجامعات."(3) وهكذا بلغــــت ميزانية الدعاية والإعلان (في تسعينات القرن الفائت) 250مليار دولار، وهي الآن لا تقل عن 500 مليار دولار، و الشمس لا تغيب عن إمبراطوريات شركات الإعلام العظيمة"(4)
ولاحظ موريس ألياس الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد أن الرصيد المالي يرتفع في المتوسط إلى ألف ومائة مليار دولار في اليوم ( في الفترة نفسها)، أي أربعين مرة أكبر من التدفق المالي المتصل بالقواعد التجارية أي بالقوى المنتجة والإنتاج. في حين يبلغ حجم التداول بالمخدرات في الولايات المتحدة وقتئذٍ من الضخامة ما يعادل أرقام التعامل مع صناعة السيارات، أو صناعة الفولاذ (5)
وهكذا دخلت مسرح القوى العالمية طبقة سياسية جديدة من خلال البورصات وشركات التأمين وصناديق الاستثمار المالي وصناديق معاشات التقاعد.و لم يعد بوسع أحد أن يردعها، مثل الحكومة أو المجالس النيابية التي انتزعت الطبقة المذكورة منهما كل سلطة وكل مراقبة، وراحت تسرح وتمرح بوحشية في غابة رؤوس الأموال. وتستطيع هذه الطبقة التي تشكل الخمس الثري في المجتمع، التحكم في رفاهية أو فقر أمم برمتها ، لا بل تستطيع أن تغير حدود الدول فتزيل عن وجه الأرض دولاً بكاملها وتقيم دولاً غيرها.
وقبل أن يشتد خطر وحوش الغابةً قال رئيس الوزراء البريطاني جون ميجر في نيسان عام 1995أنه لا يجوز ترك العمليات في أسواق المال "تتم بسرعة وبحجم كبير، بحيث لم تعد تخضع لرقابة الحكومات أو المؤسسات الدولية". وقال رئيس الوزراء الايطالي لامبرتو ديني: انه " يجب منع الأسواق من تقويض السياسة الاقتصادية لبلد بأكمله".وقال الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في الفترة نفسها: "إن القطاع المالي بأجمعه مدعاة للاستنكار "، و سمّى المضاربين"وباء الايدز في الاقتصاد العالمي" (6)
و يجب أن لا يغيب عن البال أن انفلات وانفلاش أسواق المال هو الحصيلة المنطقية للسياسة التي انتهجتها حكومات الدول الصناعية التي أطلقت المارد من القمقم، قمقم الالتزام بقرارات الحكومات، أو برلماناتها. وقد بدأ كل ذلك مع إلغاء أسعار الصرف الثابتة لعملات البلدان الصناعية الكبرى في عام 1973. وقبل ذلك كانت قواعد نظام بريتون وودز لعام1944 هي السائدة. وقد دعت هذه القواعد لتحرير العملة الأميركية من الأرصدة الذهبية. ووعد البنك المركزي الأميركي بتحويل الدولار إلى ذهب عند الطلب. وكانت رقابة الحكومات صارمة على مبادلة مبالغ كبيرة أو تحويلها ، رداً على حالة الفوضى التي سادت في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، وما رافقها من سياسات اقتصادية تهدف إلى الحصول على حصة الأسد في التجارة الخارجية. ولم تنقذ الرأسمالية من ورطتها وقتئذٍ إلا الحرب العالمية الثانية .
وتم تحرير أسواق المال من الرقابة الحكومية في عام 1970في كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وكندا وسويسرا.وألغت بريطانيا آخر ما لديها من قيود عام 1979 ولحقتها اليابان بعد عام. ولحقت فرنسا وايطاليا بالأولين عام 1990 ثم لحقت بالركب كل من اسبانيا والبرتغال عام 1992، وبدأ العزف الجماعي على وتر استقلال سوق المال الذي تحول شيئاً فشيئاً إلى وحش لا قدرة للبشر على مواجهته. وشيئاً فشيئاً خسرت الجماهير العاملة أعمالها (شغلها) في صالح من يأخذ أجراً أقل في الهند مثلا. وتنامت يوماً بعد يوم صفوف العاطلين عن العمل. وخسرت أوسع أوساط الجماهير كل الضمانات بدءاً من التعليم وانتهاء بالضمانات الصحية، بسبب عجز الحكومات التي عانت أيضاً من نقل أموال الرأسماليين من بلدانهم إلى بلدان صغيرة هنا وهناك تعفي الرأسماليين من الضرائب التي تأخذها المصارف. ولم يعد يربط مختلف أنحاء العالم ببعض غير أموال المصارف، وشركات التأمين، وصناديق الاستثمار المالي وما تستخدم من شبكات الربط الالكترونية..حتى بلغت الأزمة الذروة في إعلان الإفلاسات في أكبر المصارف الأميركية ، مثل مصرف ليمان برذرز الذي أشهر إفلاسه بعد 158سنة على تأسيسه. ثم تم الإعلان عن الصعوبات التي تواجه شركة التأمين العملاقة (أيه آي جي) أكبر مجموعة تأمين في العالم.. وبقدر ما كانت الإعلانات عن الإفلاس تكثر بقدر ما أخذت الحكومات تهرع لاستخدام أموال ميزانية الدولة في حفظ ما يمكن حفظه إن كان في تقديم

المساعدات المالية التي تبلغ مئات مليارات الدولارات، في أميركا وأوربا واليابان، أو في اللجوء إلى التأميم الذي استخدم قبل فترة في بريطانيا لإنقاذ أصحاب مؤسسات صناعية من الإفلاس.
ويدعو الآن رئيس جمهورية فرنسا نيقولا ساركوزي إلى إقامة أسس جديدة للرأسمالية، أي إلى إقامة نظام مالي جديد يتمثل في العودة إلى أيام زمان حين كانت الحكومات التي فرضها الرأسماليون خدمة لمصالحهم الأنانية الخاصة، تتدخل وتراقب أيضاً لصالحهم..حتى إذا ما قوي عظم الرأسماليين في الدول الصناعية الكبرى السبع أو الثمانية، عاد الرأسماليون إلى التحرر من أية رقابة حكومية، و بلغت الأمور حد الإعلان عن إفلاس أكبر المصارف مثلما جرى في 9/15/ 2008.
ولو كانت الأحزاب اليسارية ومن ضمنها الأحزاب الشيوعية في البلدان الصناعية الكبرى بصحة جيدة ولا تعاني من الأمراض لكانت انتزعت زمام المبادرة من الرأسمالية المهترئة، ووفرت على البشرية الكثير من الآلام، ليس شرطاً بإسقاط أنظمة الحكم القائمة وإقامة الأنظمة الاشتراكية، بل في النضال على الأقل، من أجل فرض الحلول المناسبة للمشاكل التي تواجهها البشرية هنا وهناك.

*********************
*******************
**************
*********
الشواهد
1-روجيه غارودي،الولايات المتحدة طليعة الانحطاط،،ت مروان حموي، دارالكاتب دمشق 1998، ص 3
2-هانس بيترمارتين وهارالد شومان، فخ العولمة:الاعتداء على الديموقراطية والرفاهية، عالم المعرفة، الكويت،8 199 ، ص 45.
3-هربرت أ. شيللر، المتلاعبون بالعقول، عالم المعرفة، الكويت/ 1999، ص 57
4-المصدر رقم 2، ص 46.
5- المصدر رقم 1، ص 48،
6- المصدر رقم 2، ص

تشخيص أزمة الرهن العقاري الأميركية
جلال المسدّي


وأنا أكتب هذه السطور تتعرض الأسواق المالية في وول ستريت، ونيويورك ولندن وفي أنحاء العالم للاضطراب، فخلال 24ساعة اختفى مصرفان من أكبر أربعة مصارف في الولايات المتحدة وأعلن "ليمن برذرز" الذي بقي في السوق لمدة 158 سنة إفلاسه وهو أحد مصرفين اثنين نجيا من الكساد الكبير عام 1929، فخسر 25000 عامل أجير حول العالم وظائفهم . كما استولى "بنك أوف أميركا" وهو من أكبر المصارف الأميركية على أهم المصارف العقارية في العالم وهو "ميريل لينش" بأمر من الحكومة الأمريكية ودفعت 5 مليار دولار في المقابل.
ولو لم يحصل ذلك، لأفلس هذا المصرف أيضاً. وكان حصل الأسوأ للرأسمالية وهو قصور "ليمان" و"ميريل لنش" عن تطبيق عقودهما والتزاماتهما، ما كان سيؤدي إلى إفلاس عدد آخر من المصارف.
إضافة إلى ذلك أعلنت أكبر شركة تأمين أميركية AIG حاجتها لمبلغ 40 مليار دولار خلال ساعات وتحت طائلة الإخلال بالتزاماتها، وطلبت قرضاً من الاحتياط الفيدرالي قبل فوات الأوان!.
حدث كل ذلك بعد أسبوع فقط من تأميم أكبر شركة شبه حكومية في العالم للقروض العقارية "فاي ماي" و"فريدي ماك" لحماية مالكي العقارات الأمريكية وقطاع القروض العقارية من الإفلاس. وكان هذان الدائنان يملكان أكثر من 40% من القروض العقارية في الولايات المتحدة و85% من القروض الجديدة. وهذا يعني أن عدم تمكنهما من العمل كان سيؤدي إلى الانهيار التام للسوق العقارية. ولذلك اضطرت الإدارة الأمريكية إلى تأميمهما.
ولكي ندرك فداحة الخسارة فإن صندوق النقد الدولي حدد الخسارة الإجمالية في دفاتر الموازنة نتيجة الديون المعدومة بحوالي تريليون دولار على مستوى العالم ، وبطبيعة الحال

سوف تتحمل المؤسسات المالية في الولايات المتحدة نصيب الأسد من هذه الخسائر. وإذا ما علمنا أن مجموع سندات رأس المال لدى كل المؤسسات المالية في الولايات المتحدة يبلغ 1.2 تريليون دولار، فإننا إذا لم نكن شهوداً على انهيار النظام الرأسمالي إلا أننا نعيش، على الأقل مرحلة الارتجاف.
وحدث ما حدث....ويكمن الخوف جراء أزمة الائتمان العالمية من عدم رغبة المصارف في إعطاء القروض وبنسب فائدة معقولة أو بشروط ميسرة للشركات، لذلك تدفع المؤسسات التي تعاني من الصعوبات المالية إلى الإفلاس، فتوقعوا المزيد منها خلال العام المقبل. ولماذا لا تستطيع المصارف إعطاء المزيد من القروض؟ لأنها خسرت الكثير من المال جراء انخفاض قيمة الأصول التي اشترتها خلال السنوات الخمس والست السابقة، لذلك عليها أن تقتصد وتكف عن إعطاء القروض. كما يجب أن تبحث عن رؤوس أموال ومستثمرين جدد قبل معاودة الإدانة (هذا يفسر لماذا لم يعط أي مصرف القروض لـ: بيرستيرنس وليمن ونورثن روك، وآخرين). لكن ما هي هذه الأصول التي خسرت كل هذه القيمة؟ نسمي في الأساس ضمانات مدعومة من القروض العقارية سابقاً في السوق العقارية كانت المصارف ومؤسسات البناء تجذب الإيداعات من المدخرين، وتعطيها قروضاً لأشخاص يريدون شراء منزل. إذاً من الإيداع إلى القرض السكني، المعادلة سهلة.
إنما بدأ بعض المصرفيين في الابتكار من أجل زيادة الأرباح، فاستدانوا من مصارف أخرى من أجل تقديم القروض العقارية. وأصبح هذا "التمويل الشمولي" رائجاً في المصارف الأميركية، مثل "نورثرن روك" التي كانت أشبه بالمؤسسات العقارية النائمة حتى أواسط التسعينيات، وتحولت إلى مصرف مع حملة أسهم وإدارة شرسة من أجل جلب المال لمستثمريها (لا مودعي المال فيها).
لكن القصة لم تنته عند هذا الحد، بل أتت المصارف بمّوال جديد يقضي بتجميع القروض السكنية في سلة تضم قروشاً ذات نوعية مختلفة تستطيع بيعها كسندات أمانة لمصارف أخرى أو لمستثمرين ماليين. وأدى ذلك إلى "تنويع" مخاطرهم. إضافة إلى ذلك قامت شركات أخذت كل هذه المسؤوليات على عاتقها. وهذا أتاح للمصارف الاستدانة أكثر وإعطاء قروض سكنية. وأدى ذلك إلى انخفاض السيولة لدى البنوك من 10% من قيمة القروض إلى 5% أو أقل، أو حتى 2% في ما خص المصارف الأمريكية الكبرى.
لكن المشكلة لم تكن موجودة. إذ كانت السوق العقارية الأمريكية تزدهر وكانت المصارف تستعيد المال الذي تقرضه من خلال ارتفاع أسعار العقارات. كما كان أصحاب المنازل يتحملون تسديد ديونهم وأيضاً أخذ قروض أكبر. إضافة لذلك، كانت المصارف تستطيع إدانة أناس لا مدخول لهم لأنها كانت تعتمد على ارتفاع أسعار البيوت من أجل تغطية قروضها. بعد ذلك فشل كل شيء. فمنذ عام 2006، بدأ ارتفاع أسعار العقارات يتباطأ قبل أن يهبط وعندما أثر انخفاض العقارات على قدرة المستدينين في تسوية ديونهم، انخفضت رغبتهم في الاستدانة. فهبط سوق القروض العقارية وتلا ذلك خسارة دائني القروض العقارية لأموالهم، واكتشف أصحاب الضمانات المدعومة من القروض العقارية أن عقاراتهم لم تكن تستحق ما دفعوه، وأن الجميع في العالم المالي كان لديه هذه الضمانات.
لماذا انهارت السوق العقارية؟ لماذا لم تبق على خطها المستقيم صعوداً كما حصل لمدة 18عاماً؟ أغامر بجواب: أولاً: هناك دورات حركية تعمل في ظل الرأسمالية الحديثة. وأهم قوانين هذه الدورات هي الربحية. وكما أوضح ماركس، تعتبر نسبة الربح مفتاح الاستثمار والنمو في النظام الرأسمالي، وفي المقابل، عدم الربح يعني لا استثمار، ولا مردود، ولا وظائف، لكن دورات الربح تتحرك من خلال حلقات، فيرتفع
لفترة قبل أن يبدأ بالهبوط.
ومثّل هذا الارتفاع الهائل في أسعار المنازل، انحرافاً كبيراً في مدار الرأسمالية في اتجاه قطاعات غير منتجة، لم تؤدّ إلى أي ربح جديد، من خلال الاستثمارات في التكنولوجيا والقوة العاملة. ففي مقال منشور حالياً في مجلة مونثلي ريفيو تحت عنوان "أربعة أزمات في نظام الرأسمالية العالمية الراهن" يحدد الكاتب حصة القطاع المالي من الاقتصاد الأمريكي في العام 2004 بـ300مليار دولار، مقارنة بـ534 مليار لباقي الصناعات المحلية، وهذا يمثل 40% من كامل الناتج القومي، وقارن ذلك مع نسبة القطاع المالي منذ 40 سنة والتي لم تتجاوز 2%.
هذا التحول البنيوي في الاقتصاد الأمريكي والذي يعتمد على قيمة الدولار التبادلية الغير مدعومة بأخرى استعمالية لا يوضح أن الاقتصاد الأمريكي جريح فحسب بل يوضح عمق الجرح النازف.
ويأتي الإنقاذ:
هنا يتوجب السؤال: ما معنى كلمة إنقاذ في الخطة الأمريكية العملاقة، والتي تنفذها دول رأسمالية أخرى- كل على قدر تفاقم الأزمة فيها- خططاً مشابهة، وإن تجنبت إعطاء العنوان ذاته؟ هل المقصود إنقاذ الطبقة المتوسطة عصب الصناعة والاستهلاك. والتي يحرص النظام الرأسمالي عموماً على أن تحصل على قدر مدروس من الدخل بما يكفي لمتابعة الحياة الاقتصادية من خلالها، أم إنقاذ الاقتصاد الوطني...إنقاذ حركة الإنتاج والاستهلاك؟
إن الخطة الموضوعة وما سبقها من خطوات مبدئية ليست ابتكاراً جديداً، فكثيراً ما جرى إنقاذ مصرف مالي أو مؤسسة أو شركة كبرى بالأسلوب نفسه. إنما لم يكن ذلك في يوم من الأيام بحجم ما بلغه الآن دفعة واحدة.
تقول الخطة المعنية بوضوح ما محوره: قيام الدولة بتخليص المصارف المالية من الصفقات الخاسرة، وترك المضمونة الرابحة منها للمصارف نفسها ويعني هذا واقعياً:
1- تتحمل الدولة الخسائر
فتعفى المصارف المالية من نتائج عملها وأخطائها الجسيمة بتأثير الرغبة في حصد قدر من الأرباح والعائدات السنوية بأسرع وقت، ويتحمل تلك النتائج دافعوا الضرائب، فالدولة ليست مالكة ذاتية للثروة.
2- تعني كلمة تعفى هنا إعفاء أصحاب الثروات المالية الحقيقيين من المحاسبة أيضاً، فهؤلاء لا تحاول الدولة أصلاً تحميلهم المسؤولية وبالتالي لا تصل إليهم أيدي المحاسبة "الجزئية" التي تصل إلى مدراء الأعمال التنفيذيين-أي الموظفين واقعياً- فهم يخسرون أمكنة عملهم، فيعين أصحاب الثروات سواهم، سواء كان ذلك في المنشآت المالية نفسها بعد إنقاذها أو من خلال إقامة بدائل عنها؟.
3- حجم الخسائر التي تتحملها الدولة أكبر بكثير من أن تكفي الضرائب السنوية لتغطيتها ويعني هذا أن تقترض الدول لتغطي خسائر أصحاب رؤوس الأموال.
4-الدولة تقترض من أصحاب رؤوس الأموال أنفسهم (المصارف).
5-الحصيلة: الدولة تأخذ من أصحاب رؤوس الأموال عقود القروض الخاسرة، وتوقع معهم عقود قروض مضمونة وضمانها قائم في أن الدولة في النظام الرأسمالي تسدد ما عليها دوماً، مع الزيادات الربوية المضاعفة!.
6-عندما تتخلص المصارف من العقود الفاسدة تتجدد الثقة بها...والمقصود هو الثقة المتبادلة بين أصحابها، فعلاقتها قائمة على إقراض بعضها بعضاً، كلما نشأت حاجة لتنفيذ مشروع ضخم سواء داخل البلاد أو خارجها الأمر الذي تحول لسفاح قربى في المرحلة الماضية.
7- تسديد القروض الضخمة المترتبة على الدولة مع مضاعفتها ربوياً يحتاج إلى عشرات السنين، ولا يتحقق دون جباية المزيد من الضرائب السنوية من كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وليس من أرباح الشركات وهذا بالذات يحمل على خنق الأجيال القادمة لصالح من يعطي القروض...أي لصالح أصحاب المال.؟ إنه تأميم للديون والخسائر يذكرنا بملاحظة ماركس النافذة حول الاصطلاحين الإنكليزيين "الأسطول ملكي أما الدَين فدَين عام".
ونشهد اليوم أزمة نقص في السيولة، سوف تنعكس على القطاعات الإنتاجية مضاعفة. أي أزمة فائض إنتاج وتتبعها أزمة نقص في العرض (المال) ناتج عن ضعف الإقراض.
لقد شجع إنفاق المستهلك الأمريكي نمو الناتج الداخلي العام. لكن هذا تم على حساب معدل ادخار شخصي سلبي. ونسبة متصاعدة للديون المنزلية وعجز هائل في الحساب الجاري. حتى مع تباطؤ أسواق العقارات استمر الأمريكيون ينفقون، الشيء الذي لا يمكن تحمله.
صحيح أننا نرى الزلزال اليوم في وول ستريت إلا أن موجاته ستطال الشطآن البعيدة قريباً
الوضع العالمي لا يقدم صورة ظريفة هادئة. بل على العكس من ذلك هناك وضع جد متفجر في كل مكان "الأول سيصير الأخير والأخير سيصير الأول" . إمكانيات عظيمة ستنفتح أمام التيار الماركسي عالمياً. يمكننا أن نسير إلى الأمام بثقة تامة على أساس الفكر الذي قدم الدليل المرة تلو المرة على صحته. يجب علينا أن نتقدم إلى الأمام بحس من الاستنفار والثقة التامة في أفكار الماركسيين وفي الطبقة العاملة، في ديمقراطيتها ، في أمميتها وفي أنفسنا.
نوبل في الفيزياء لنظرية «كسر التناسق»
نايف سلّوم


كتب خضر سلامة إلى جريدة الأخبار التالي:
"منحت لجنة نوبل في استوكهولم في السويد جائزتها السنوية في الفيزياء لثلاثة علماء، فحصل الأميركي من أصل ياباني يوشيرو نامبو من معهد “انريكو فيرمي” في جامعة “شيكاغو” على نصف الجائزة، وذلك عن اكتشافه لميكانيكية "كسر التناسق" في الفيزياء ما دون الذرية، بينما تقاسم النصف الآخر العالمان اليابانيان ماكوتو كوباياشي من منظمة أبحاث تسريع الطاقة العالية في “تسوكوبا”، وتوشيهيدي ماسوكاوا من معهد يوكاوا للفيزياء النظرية في جامعة “كيوتو”، وذلك عن اكتشافهما لأصل عملية "كسر التناسق"، وهو الاكتشاف الذي تنبّأ بوجود ثلاث عائلات على الأقل من الكواركس في الطبيعة. والكواركس هو العنصر الأصغر المشحون في الذرة. ولطالما شغلت نظرية التناسـق (symmetry) العلم البشري، منذ أيام الإغريق. وتقوم نظرية ”كسر التناسق“ أساساً على علاقة المادة بالمادة المضادة في الكون، علاقة قد تكون مدمرة نظرياً إذا التقى عالم ما بعالمه المضاد. إذ إن التقاء المادة بمادتها المضادة، يؤدي إلى فناء الطرفين وتحولهما إلى أشعة “غاما” وطاقة.
وبعدما وضع نامبو شرحه الرياضي لكسر تناسق جزيئات الذرة في فيزياء الجسيمات عام 1960، سمحت هذه النظرية برسم تصميم جَمَع أصغر مكوّنات المادة، وثلاث مجموعات من القوى الأربع في الطبيعة، في رسم واحد. بعد هذا، وفي عام 1972، قام باحثان شابان من جامعة كيوتو، كوباياشي وماسكاوا، بالإجابة عن سؤال “لماذا كسرت عمليات التناسق؟”، حيث أثبتا أن كل كاون kaon يحتوي على جسيمات الكواركس والكواركس المضادة سوية، ويقوم الطرفان بتبادل الطاقة، فيتحول الكواركس إلى أنتي- كواركس، ويتحول الكاون تالياً إلى أنتي- كاون، في عملية تناسق سريعة. إلا أنه إذا توافرت الشروط الملائمة، فإن التناسق والتوازن بين المادة والمادة المضادة سينكسران في أي لحظة. " انتهى كلام خضر.
نلفت الانتباه هنا إلى أن نظرية "كسر التناسق" تؤكد من جديد مقولات الديالكتيك المادي ، وذلك على النحو التالي:
1- احتواء الكاون على النقيضين الكواركس والكواركس المضاد والكاون والكاون المضاد او أنتي- كاون وهو ما يسمى ديالكتيكياً بوحدة الأضداد
2- إمكانية تحول النقيض إلى نقيضه الآخر ضمن شروط معينة (تحول الكواركس إلى أنتي- كواركس. وأنتي: تعني ضد)
3- أن هذه الوحدة ممكن كسرها كحالة توازن ضمن شروط معينة . إن وحدة النقيضين المسماة فيزيائياً بالتناسق أو التوازن ضمن الكاون يمكن أن تنهار ضمن شروط يمكن رصدها.
4- يمكن لصراع النقيضين أن يكون منهكاً أو مدمراً للطرفين دون أن يتم الانتقال إلى مستوى جديد من الصراع وإلى نقيضين جديدين وهكذا نرى أن الطبيعة الفيزيائية تعمل ديالكتيكياً كما أشار كل من ماركس وإنكلز في أعمالهما الكلاسيكية، خاصة انجلز في كتابه "ديالكتيك الطبيعة " . "ففي هذا المؤلف يتصدى انجلز للأيديولوجية البورجوازية التي حاول ممثلوها استخدام معطيات العلوم الطبيعية لـ"دحض" الماركسية و "جبرها " (أساسها الفلسفي) "الديالكتيك المادي" وعملوا لإشاعة الأمزجة المثالية واللاأدرية والذاتية في أوساط العلماء .. ويبين أن الديالكتيك المادي هو الرؤية الفلسفية الوحيدة التي تقوم على نتائج العلوم الجزئية (الدقيقة) ، وأن معطيات العلوم الطبيعية بدورلا يمكن أن تلقى التفسير والتعميم النظري الصحيح إلا في ضوء الديالكتيك المادي. وقد ترجم كتاب إنجلز إلى العربية وقدم له د. توفيق سلّوم ونشرته دار الفارابي بيروت في طبعته الأولى 1988 . يكتب مترجم الكتاب في مقدمته: "منذ أيار 1873 وحتى أيار 1876 انهمك إنجلز في الإعداد لمؤلفه ، فجمع المواد اللازمة ، وبدأ بكتابة الفصول الأولى ("مقدمة تاريخية") . ولكنه انصرف نهائياً لوضع كتابه "أنتي دوهرنغ" وبذلك انقطع عامين كاملين عن العمل في "ديالكتيك الطبيعة" . ومنذ الانتهاء من "أنتي دوهرنغ وحتى وفاة ماركس (تموز 1878- آذار 1883 ) عاد انجلز للاشتغال بمؤلفه المنتظر ولكن وفاة ماركس جعلته يتوقف عن العمل المنتظم فيه ، ويوجه معظم قواه وجل وقته لانجاز المجلدين الثاني والثالث من "رأس المال" الذين تركهما ماركس غير مكتملين. بيد أنه حتى بعد آذار 1873 كان انجلز يعود إلى مؤلفه بين الحين والآخر . ولكنه لم يكتب له فصولاً أو نبذات جديدة ، خاصة به بل راح يضم إليه ما بقي دون نشر من أعماله الأخرى . فقد أضاف إليه المقدمة القديمة لـ "أنتي دوهرنغ" المكتوبة عام 1878 وملاحظات ثلاث ، كانت معدة أصلاً للطبعة الثانية من "أنتي- دوهرنغ" (التوافق بين الوجود والفكر – اللامتناهي في الرياضيات)، "الأشكال المختلفة للحركة والعلوم التي تدرسها"، والمحذوف من فيورباخ" ، ومقالة "دور العمل في تحول القرد إلى إنسان" .. ويبدو أن إنجلز لم يفقد الأمل في أنه سيعود إلى كتابه بعد الفروغ من إعداد المجلدين الثاني والثالث من "رأس المال" للطبع، مستخدماً في ذلك بعض المواد من أبحاثه الأخرى.
وعلى مشارف التسعينات ، عندما كان العمل في المجلد الثالث من "رأس المال" يشارف على نهايته ، بدأ انجلز يحضر لنشر مخطوطة "ديالكتيك الطبيعة " فقد فصل المواد ،الجاهزة إلى حد ما ، عن باقي المواد غير الجاهزة ، وعن الملاحظات الصغيرة التي قارب عددها المائتين . ووزع انجلز هذه المواد إلى أربع مجموعات ، كل منها في مصنف مستقل..
يمكن القول أن انجلز كان يستعد لاختتام عمله في "ديالكتيك الطبيعة" ولكن عزمه هذا بقي دون تحقيق ، إذ عاجلته المنية في الخامس من آب / أغسطس 1895 "
عنوان مصدر الخبر:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/95651

جاء في الوثيقة التأسيسية لـ تجمع اليسار الماركسي في سوريا /تيم/
أولاً في المستوى النظري:
”1- يتبنى التجمع النظرية الماركسية منهجاً في التحليل والممارسة، ويعتبر إسهامات جميع الماركسيين وفي الحركة الاشتراكية العالمية تراث إلهام وتعلم ، ويتعامل مع جميع هذه الإسهامات بطريقة نقدية.
2- يقر التجمع بوجود خلافات بين أطرافه، وبمشروعية هذه الخلافات على قاعدة حرية الاجتهاد، ويكون حل الخلافات عن طريق الحوار الديمقراطي.“
صدرت الوثيقة التأسيسية للتجمع في 20 نيسان 2007
المحرّر


تداعيات الأزمة العالميّة: 210 ملايين عاطل عن العمل
حسن شقراني

ماذا تخبّئ الرأسماليّة لعمّال العالم؟
(فينسنت يو ـــ أ ب)
خلال مرحلة ما قبل انهيار مصرف «LEHMAN BROTHERS»، حذّر المراقبون مراراً من أنّ الأسوأ من أزمة الائتمان لم يأت بعد. وبالفعل فقد ظهر ذلك مع تراجعات حادّة في بورصات العالم أدّت إلى خسائر قياسيّة. أمّا المرحلة الحاليّة، فتفترض بحث الخسائر الحقيقيّة التي ستولّدها الأزمة، وعلى رأسها ارتفاع معدّلات البطالة: 210 ملايين عاطل من العمل عام 2009
حسن شقراني
كان للأزمات الماليّة الضخمة عبر التاريخ ارتدادات على الاقتصاديات التي مسّتها. فالانهيار في البورصة يؤدّي حتمياً إلى انعكاسات على معدّلات التشغيل والإنتاج وبالتالي البطالة. والأزمة الحاليّة التي يشهدها العالم، والتي انبثقت (مثلما هي العادة في التاريخ) من مركز الرأسماليّة، الولايات المتّحدة، ستؤدّي إلى نتائج اقتصاديّة مأساويّة أيضاً، قد يختلف المراقبون على توقيتها، ولكّنهم لا يختلفون على حدّتها، وخصوصاً أنّ آثارها بدأت تظهر منذ الآن.
فبحسب الأرقام الأخيرة التي توصّلت إليها «منظّمة العمل الدوليّة»، سترفع الأزمة الماليّة العالميّة عدد العاطلين عن العمل حول العالم بواقع 20 مليون عامل خلال العام المقبل. وهو تطوّر حذّر منه رئيس المنظّمة، خوان سومافيا أمس، موضحاً أنّ عدد العاطلين عن العمل سيرتفع من 190 مليون شخص في العام الماضي إلى 210 ملايين شخص في نهاية العام المقبل، ويمكن أن يكون الرقم أكبر إذا كان للأزمة تأثير أقسى في الاقتصاد العالمي.
هذه التوقّعات تظهر فيما يزداد اليقين من أنّ نموّ الاقتصاد الكوني سيتقلّص بشكل كبير. فخلال العام الحالي ظهرت بوادر الانكماش في أوروبا والولايات المتّحدة على حدّ سواء. وفي البلدان النامية يتّضح أنّ نسب النموّ الخارقة ستتقلّص أيضاً. فبحسب الأرقام التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزي في الصين أمس، سجّل نموّ الناتج المحلّي الإجمالي في البلد الآسيوي، نسبة 9 % خلال الربع الثالث من العام الجاري. وهي الفترة الوحيدة منذ أربع سنوات التي تُسجَّل خلالها نسبة نموّ تقلّ عن 10 %. وجاء الإعلان عن هذا الرقم بعدما أوضحت البيانات الاقتصاديّة الأميركيّة أنّ حجم الإنشاءات الجديدة للمنازل في أكبر اقتصاد في العالم هبط في أيلول الماضي إلى أدنى مستوياته منذ الركود الذي سيطر على اقتصاد البلاد عام 1991، إثر أزمة القروض والمدّخرات التي انفجرت عام 1987.
إذاً فالتطوّرات السلبيّة اقتصادياً بدأت تظهر ملامحها. وحكومات العالم، في إطار الترويج أمام الرأي العام ودافعي الضرائب، لخطط الإنقاذ المصرفي التي ستكلّف 3.3 تريليون دولار (مبلغ يساوي حجم الناتج المحلّي الإجمالي الألماني) استخدمت حجّة أساسيّة: رغم أنّ المبالغ المطروحة ستُنفق لإنقاذ مصارف ومؤسّسات ماليّة لم يأخذ بعضها الاحتياطات اللازمة لاحتواء أيّ طارئ، فإنّ هذا الإنقاذ ضروري لأنّ انهيار البورصات (أدّى في الولايات المتّحدة وحدها إلى خسائر سنويّة بلغت
8.4 تريليون دولار أي أكثر من 60 % من
الناتج المحلّي الأميركي) سيدفع نحو انهيارات اقتصاديّة متلاحقة، لأنّ فقدان الثقة بين المصارف (ما يعبّر عنه بأزمة الائتمان) سيؤدّي
إلى تضاؤل حجم الإقراض للمؤسّسات والمصانع والأفراد، وبالتالي ستنشأ حلقة أزمة اقتصاديّة تعرف بالركود.
وبالعودة إلى أرقام منظّمة العمل الدوليّة. فهي تعتبر صارخة جداً، وخصوصاً إذا ظلّلت بالأرقام التي أضاء عليها التقرير الأخير للمنظّمة، المعنون «عدم المساواة في المداخيل في عصر العولمة الماليّة»، الذي نشر في منتصف الشهر الجاري.
فالتقرير يشير إلى أنّه على الرغم من زيادة التوظيفات بين عامي 1991 و2007 بنسبة 30 % فإنّ فجوة المداخيل بين الأغنياء والفقراء اتسعت بشكل كبير خلال الفترة نفسها.
وعلى سبيل المثال، بلغت مداخيل المديرين التنفيذيّين في الشركات الـ15 الأكبر في الولايات المتّحدة، 520 مرّة مداخيل الموظّفين العاديّين. ما يمثّل ارتفاعاً حجمه 360 ضعفاً مقارنةً بالمداخيل المسجّلة عام 2003. وهذا النمط سُجّل أيضاً (وإن بمستويات أدنى) في أوستراليا وألمانيا وهونغ كونغ وهولندا وجنوب أفريقيا.
إذاً فالانعكاسات المباشرة للأزمة الماليّة على القطاعات الحقيقيّة من اقتصاديات العالم تتبلور بخطورة شيئاً فشيئاً، في ظلّ هذه التفاوتات النوعيّة الخطيرة التي تعتبر من المحصّلات الطبيعيّة للرأسماليّة المعولمة. والمثير هو أنّه فيما للأزمة مصدر محدّد فإنّ انتشارها غير محدّد.
فبعد إغلاق المصنع الصيني «SMART UNION»، الذي دفع نحو فقدان 7 آلاف موظّف عملهم، أعلن صانع الأدوات الكهربائيّة الصيني «BAILINGDA INDUSTRIAL CO» أمس، أنّه سيغلق مصنعه في محافظة شين زين، تاركاً 1500 عامل عاطلين من العمل. وهو ما يعتبر نتيجة مباشرة للأزمة الماليّة القائمة، التي أدّت إلى فقدان 159 ألف أميركي وظائفهم خلال أيلول الماضي.
وظائف لائقة
بسبب أزمة الائتمان انهارت مصارف عديدة في الولايات المتّحدة وسائر العالم الرأسمالي، وأجبرت أخرى على الاندماج للنفاذ، في بيئة يزداد فيها عدم اليقين. ولكن بحسب منظّمة العمل العالميّة، فإنّ هذه الأزمة ستسبب فقدان وظائف ليس فقط في «وول ستريت» وشبيهاتها، بل في القطاعات الاقتصاديّة الأخرى كالبناء والسياحة والعقارات وصناعة السيّارات. وفي هذا الصدد يقول مدير المنظّمة، خوان سومافيا، «نحتاج إلى خطّة إنقاذ اقتصادي للعائلات العاملة، وبالتالي، للاقتصاد الحقيقي، مع بلورة قوانين وسياسات تؤدّي إلى تأمين وظائف لائقة».
عنوان المصدر:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/97852

أزمات المسؤولين/ حمص نموذجاً /
سعيد عبد القادر


تتطور وتظهر في الحياة العامة اختناقات وأزمات عديدة0 تظهر هذه الأزمات بسبب مجرى التطور العام أو بسبب صدور قرارات وأنظمة لم يكن ملحوظ عند من أصدرها وجود صعوبات محددة, تأتي الحياة لتظهرها0 ويعمل المسؤولون على تجاوزها بالأشكال المتاحة والفعالة0
هذا في الحياة الطبيعية أما في الظروف الشاذة يحصل العكس تكون الأمور هادئة ولا يوجد أي مشاكل, وفجأة يصدر المسؤول قراراً يؤزّم الأوضاع ويربك حياة الناس0
ففي حمص:
كانت الأمور تسير بشكل طبيعي عندما عرض السيد محافظ حمص مشروعه المسمّى بـ ( حلم حمص ) فتحول هذا (( الحلم )) إلى كابوس مرعب أقلق حياة عشرات ألوف البشر بعد أن تأكدوا أن منازلهم وبساتينهم ومخازنهم سيبتلعها هذا الحلم.. وشكلوا الوفود إلى العاصمة دمشق وكتبوا المقالات العديدة ليمنعوا هذه الكارثة....وعلى نفس المنوال لم تكن توجد أية صعوبة في الحصول على موافقة لجر المياه أو الكهرباء للمنازل الجديدة في حمص بكافة أحيائها المخالفة منها والغير مخالفة لأن مناطق المخالفات في حمص أكبر من حيث المساحة من المناطق المنظمة. وفجأة صدر قرار عن السيد محافظ حمص طلب بموجبه من الراغبين بإيصال المياه والكهرباء للمنازل الغير منظمة أو غير المفروزة بدفع مبلغ /25/ ألف ليرة سوري كسلفة للفرز اللاحق حتى يتم تغذية المنازل بالماء والكهرباء. احتج الأهالي وخصوصا في المناطق الفقيرة الواقعة في أقصى المدينة وطالبوا بإلغاء هذا المبلغ والعودة إلى الشكل السابق حتى تتم المساومة بين من سدد قبل القرار ومن طالب بإيصال المياه بعد هذا القرار. فما كان من السيد محافظ حمص إلا أن أصدر قراراً منع بموجبه إيصال الماء والكهرباء إلى المنازل قبل أن تتم تسوية هذه المنازل أصولاً. وهكذا منعت ألوف المنازل من الاستثمار وظهرت السوق السوداء حيث دفع بعض المواطنين المحتاجين مبلغ /75/ ألف ليرة سورية رشوة للموظفين المسؤولين عن تمديد المياه.. بينما بقى أكثر من /2000/ ألفي منزل محرومين من هذه الخدمات. ويبتسم السيد محافظ حمص ويقول للتعساء احتجوا إذا أردتم..ويبتسم المرتشون ويدعون الله أن يلهم السيد المحافظ الفطنة لإصدار العديد من هذه القرارات ليزيد من رزقهم. وينتظر أصحاب المنازل بلهفة أن تصل إليها الخدمات. وفي حمص أيضا عمل مجلس المدينة الأسبق على تحسين بعض الشوارع الرئيسية فأمرت رئيسة مجلس المدينة السابقة بقطع كافة الأشجار الموجودة في هذه الشوارع, وهذه الأشجار وغالبيتها هي أشجار(الأكاسيا) وهي ميزة مدينة حمص وميزة شوارعها حيث تعبق حمص في كل ربيع برائحة أزهارها الرائعة والخاصة. احتج الأهالي والمختصون بتخطيط المدن وأنصار البيئة على قطع الأشجار قبل قطعها ولاحظوا أنه يمكن أن يعاد تنظيم الشوارع المعنية بدون قطع هذا العدد الهائل من الأشجار... وحاول بعض رجالات المدينة أن يقاضوا مجلس المدينة أمام المحاكم المختصة. وكان الحل من المحافظ أن يطلب إلى الوزارات المعنية في دمشق السماح بقطع الأشجار خدمة لتنظيم المدينة وتجديدها.... وهكذا نفذ مجلس المدينة الجديد أكبر مجزرة في تاريخ حمص فقطع حوالي /25/ ألف شجرة عمر أصغرها /25 عام وأكبرها أكثر من مئة عام. وبسبب التنظيم قام مجلس المدينة بزرع أشجار جديدة مكان الأشجار التي كان قد قطعها مما يؤكد إمكانية عدم قطعها. ولكن من أنواع أخرى لا تنثر العطر في الربيع. إلا أن السيد محافظ حمص ابتسم للمحتجين كأنه يقول لهم احتجوا إذا أردتم , بينما حمص لا تزال ترزخ تحت هول المجزرة. وبدأت تتغير معالمها بشكل غير مفهوم كما قال أحد الصحفيين في جريدة حكومية. وفي حمص أيضا أصدر السيد المحافظ قرارا بإبعاد الأبقار عن بساتين حمص. والمعروف للجميع أن البقر قد وجد في حوض العاصي، أي في بساتين حمص قبل الألف الثالثة قبل الميلاد واستمر يعيش في البساتين حتى صدور قرار السيد المحافظ الذي أبعده وهو يعيش لاجئا في حظائر خارج موطنه الأصلي, وقبل صدور هذا القرار كان الأهالي يطالبون المسؤولين بزيادة كميات الحليب الواردة للمدينة و بأن تتدخل الدولة في تأمين أعلاف رخيصة للحد من ارتفاع أسعار الحليب وكان يصل للمدينة من البساتين عشرات الأطنان من الحليب يوميا. حيث يعتبر مالك البقرة رابحا بسبب إمكانية تأمين وجبة مجانية لأبقاره من إنتاج أرضه الخصبة. احتج كل من يهمه الأمر على قرار السيد المحافظ من اتحاد الفلاحين إلى اقتصاديين وكتبت العديد من المقالات تطالب بالعودة عن هذا القرار .
وفي حمص أيضا صدر قرار بمنع بناء الأبراج بعد أن تم السماح ببنائها على مساحات محددة. وبدأ الأهالي والتجار يبنون عشرات الأبراج ولكن فجأة أوقف القرار وبدأت تشاهد في المدينة مناظر غريبة برج باسق في وسط حي بطابق أو طابقين .
وبسبب القانون القاضي بتعيين المحافظين بدلا من انتخابهم مما يجلب أحيانا محافظين غير قادرين على فهم نسيج المدينة وميزاتها. وبسبب عدم قدرة المواطنين على انتخاب ممثليهم الحقيقيين إلى مجالس الإدارة المحلية . والناجم عن عدم إطلاق الحريات, وبسبب عدم تقديم المرشحين برامجهم للناخبين ليتم انتخابهم على أساسها وليتقيدوا بها. جرت قطيعة بين المواطن والسلطة المحلية . هذه القطيعة تسهل في صدور مثل هذه القرارات الشاذة. وحتى يستطيع المواطنون اختيار مندوبيهم بحرية وانطلاقا من التعهد بتنفيذ برامج محددة قادرة على التعامل مع مطالب المواطنين العادلة فإن أهالي حمص يدعون لتغيير وزاري سريع ينقل السيد المحافظ إلى دمشق ليكون وزيرا أو رئيس مجلس وزراء لا فرق. بعد أن عرفوا أنه لا يمكن تبديله إلا بهذا الإجراء.

عن انهيار الامبريالية
هاري ماجدوف*

إن إحدى الأفكار المقرونة بادعاء أن الإمبريالية هي مخرج من كساد، لهي فكرة أن الرأسمالية سوف تنهار كلما تقلصت المساحة المتاحة للتوسع الإمبريالي. هذه الفرضية مقامة على وجهة نظر غير واقعية وجامدة بالنسبة لأداء الرأسمالية . إن عزل الأسواق ومصادر المواد الخام يخلق مشاكل خطيرة للنظام الرأسمالي ، ولكنه لا يؤدي بالضرورة إلى الانهيار ...
إنه بالكاد يكون ضرورياً إيضاح هذا بعد سنوات التجربة الطويلة التي استقلت خلالها قطاعات واسعة من العالم عن الدائرة الإمبريالية . ومع ذلك يبدو أن للصيغ الآلية (الميكانيكية) المبالغ في تبسيطها قدرة خاصة على الحياة . إنه لمن الضروري فهم مستويات المرونة المتوفرة في المجتمع الرأسمالي والتي تطيل عمر النظام أكثر مما اعتقد خصومه.
إن الكائنات الحية تظهر صفة مماثلة ، فانسداد أحد شرايين القلب يمكن أن يعوض بتوسيع شريان آخر ليعوض أداء الأول . ومن المؤكد أن هذه التكيفات العضوية ، ليست أبدية ، وهي غالباً ما تؤدي إلى تعقيدات أخرى وربما أكبر . ولكن الدرس المهم الذي نستخلصه من تاريخ الرأسمالية هو أن المشاكل الكبرى لا تقود آلياً إلى الانهيار...
وتقدم تجربة ما بعد الحرب العالمية الثانية مثالاً جيداً على هذه المرونة ؛ فقد أصبح تكبير الآلة العسكرية الأميركية دعامة قوية لاقتصاد الولايات المتحدة . وبالمقابل فإن النجاح الذي حققته الولايات المتحدة كقائد للنظام الإمبريالي ، عندما كان على حافة الانهيار ، قد وفر للدول الرأسمالية المتقدمة الأخرى دفعاً مهماً ، كما وفر أسواقاً جديدة ووسع التجارة الدولية .غير أن المرونة هذه ليست مطلقة. فالتصدع في الترتيبات الإمبريالية الأكثر حداثة منظورة بوضوح في التوترات التي تسود الأسواق المالية الدولية وفي الصعوبات المتزايدة في الاقتصاد الأميركي نفسه. كما أن المزيد من تقلص الرقعة الإمبريالية سيؤدي إلى مزيد من المشاكل ، فهو قد يؤدي إلى تضييق دورة العمل ، ويطيل حالة الكساد وازدياد البطالة إلى حد كبير ومع ذلك، وكما نعرف من التجربة التاريخية فإن هذه (المشاكل)لا تؤدي بالضرورة إلى سقوط النظام. إن مصير الرأسمالية ، في التحليل الأخير، سيتقرر فقط على أيدي الطبقات النشطة والأحزاب التي تتخذ من هذه الطبقات قاعدتها ، والتي تملك الإرادة والقدرة على الحلول محل النظام القائم... و(هذا القول) يختلف عن تفاؤل زيمانسكي بخصوص السهولة التي يستطيع بها النظام الرأسمالي التكيف مع التحولات الجذرية في عالم الشبكة الإمبريالية.."
*هاري ماجدوف : مقتطف من كتابه "الإمبريالية: من عصر الاستعمار حتى اليوم " ترجمة مؤسسة الأبحاث العربية ، الطبعة العربية الأولى 1981 الطبعة الإنكليزية 1978 ص 272-273

تداعيات الضعف المستجدّ للقطب الواحد

محمد سيد رصاص
عاشت واشنطن، كـ«قطب واحد» إثر انتصارها على السوفيات في الحرب الباردة، زمناً تجاوز عقداً ونصف من النجاحات المتواصلة التي لم تقطعها أية انتكاسة. وقد تصرفت الدول العالمية الكبرى باستسلامية حتى عندما امتدت واشنطن إلى «حدائقها الخلفية» أو المجاورة (روسيا)، وبحثت دولة أخرى عن مقايضة تكيفها مع الأجندات الأميركية في مناطق عديدة من العالم بمكاسب في مجالي الاقتصاد والتكنولوجيا أو في مواضيع إقليمية تخصها مثل تايوان ومينمار (الصين)، فيما اختارت أخرى سياسة التحاقية بأميركا (بريطانية)، بينما البعض الآخر اختار السياسة الأخيرة مقتدياً بلندن بعد فشل «ممانعاته» ابتداءً من عام 2004 (فرنسا)
كان الشرق الأوسط هو ميدان التركيز الأكبر لجهد القطب الواحد خلال عقد ونصف، هو والبلقان. وقد أوحت العملية العراقية بأنها ستكون شبيهة بمعركة أكتيوم في عام 31ق.م، لمّا انتصر الرومان على المصريين بقيادة أنطونيوس وكليوباترا، مكرّسين بعدها تدشين واستقرار أحادية قطبية عالمية لهم، من خلال السيطرة على الشرق الأوسط، امتدت لقرون لاحقة. ولم يكن هذا انتصاراً عسكرياً محضاً، يحققه غازٍ «ما»، بل كان مربوطاً بثقافة ورؤية للعالم، الشيء الذي حاول تكراره «المحافظون الجدد» خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لـ«بناء القرن الجديد بما يتفق والمبادئ والمصالح الأميركية».
لم توحِ الثلاث سنوات الأولى من مرحلة ما بعد سقوط بغداد بأن المصاعب الأميركية كبيرة، وإن كانت أعطت إشارات إلى أن الاحتلال كان مساراً أصعب من مرحلتي الغزو والإعداد له. إلا أن آليات القضم والهضم وترتيب بلاد الرافدين، ومحاولة ذلك بالترافق للإقليم المحيط، كانت جارية وفق مسارات كانت غير معيقة بشكل كافٍ لعرقلة أو قلب الطاولة على الأميركي.
خلال تلك السنوات: بدأ المسار التراجعي للقطب الواحد منذ صباح 14 آب 2006 لما انتهت حرب تموز مع فشل تلك ”القابلة“ الإسرائيلية التي استدعتها واشنطن لكي تخوض تلك الحرب التي اعتبرتها كوندوليزا رايس «آلام مخاض ضرورية من أجل ولادة شرق أوسط جديد»، الذي بدأ الحبل به في ذلك اليوم الذي سقطت فيه بغداد.
مع فشل ذلك الوكيل الإسرائيلي في مهمته الأميركية تلك، بعد تهميش من واشنطن له، بدأ في حرب1991 لمّا مُنعت تل أبيب أميركياً من الرد على الصواريخ العراقية. وجاء الأميركي مباشرة للمنطقة لترتيبها بيديه، ثمّ بدأت الولايات المتحدة في الاتجاه نحو سياسة جديدة تخلت فيها عن حلفائها و وقامت على عدم مراعاة مصالحهم، كما جرى يوم غزو العراق تجاه الرياض والقاهرة وأنقرة، مكرّسة سياسة أصبحت تقوم على تلخيص المشهد الشرق الأوسطي من خلال عبارة «معتدلين ضد متطرفين»، فيما كانت سياسة واشنطن تقوم عقب 11 أيلول على «نشر الديموقراطية» و«مكافحة الإرهاب» الذي رأت الكثير من الأدبيات الفكرية والسياسية القريبة من الإدارة الأميركية بعد ضرب البرجين أنه ينبع من الديكتاتورية ونوع معين من الثقافة الإسلامية له صلة بالوهابية. بدورها، أدت نتائج حرب تموز إلى تنامي دور الدول الإقليمية المصادمة أو الممانعة للمشروع الأميركي، مثل طهران ودمشق، بعدما كانت العاصمة السورية في حالة دفاعية تراجعية بين عامي2003والنصف الأول من 2006، وإلى إضعاف أجندات قوى داخلية كانت صاعدة بالخريطة السياسية لبلدان عربية عديدة بين سقوط بغداد والخسارة الإسرائيلية في لبنان، لينفتح المشهد الشرق الأوسطي على وضع تراجعي لواشنطن في المنطقة، كانت أولى ترجماته في 14حزيران 2007 بغزة مع انقلاب «حماس»، ثم في أيار 2008 بلبنان، لينشأ من خلال ذلك كله وضع جديد في المنطقة انفكت من خلاله عزلة السلطة السورية على الصعيد الدولي، وتعثرت عبره مسارات الولايات المتحدة نحو تفكيك المشروع النووي الإيراني أو ضربه.

هذا الوضع الجديد في الشرق الأوسط عَكس نفسه في ميل التوازنات لغير مصلحة واشنطن خلال النصف الثاني من 2008، إلى درجة أنها لم تستطع تثمير تحسن الوضع الأمني ـــ السياسي بالنسبة لها في العراق بعام 2008، فيما كانت تستطيع استيعاب عواصفه لما كان الوضع الإقليمي لمصلحتها بين عامي 2004 و2006.
بالمقابل، فإن تعثر واشنطن في المنطقة، قد عكس نفسه على مجمل اللوحة الدولية: أصبحت حركة الدول العالمية الكبرى أكثر حرية تجاه القطب الواحد، وإلا بدون هذا فلا يمكن تفسير حرية الحركة الفرنسية باتجاه دمشق، مع أن تلك الحركة تحوي الكثير من التنسيق والتمثيل لواشنطن. كما طرح فكرة الاتحاد المتوسطي من جانب الفرنسيين في الفترة نفسها، وبدون ذلك أيضاً لا يمكن تفسير تشجيع الصين الخفي لكوريا الشمالية في صيف 2008 على نقض أو الحيدان عن اتفاقاتها مع الولايات المتحدة لتفكيك منشآتها النووية، ما ولّد رداً قوياً من الأميركيين تمثل في صفقات أسلحة كبرى لتايوان وفي اتفاقية تعاون نووي ذات طابع استراتيجي بين واشنطن ونيودلهي. كما أنّ هذا الوضع الأميركي التراجعي بالشرق الأوسط، هو الذي سمح بالذات لروسيا لكي تقوم بحركة غير مسبوقة في جورجيا في آب الماضي على الصعيد العسكري، في حرب كان واضحاً أن تبليسي تخوضها بالوكالة عن واشنطن ضد موسكو، فيما رأينا سابقاً استسلاماً روسياً أمام «الأقدار» حتى عندما ضمت دول البلطيق للحلف الأطلسي، وهي التي لا تبعد إحداها (إستونيا) سوى عشرات الكيلومترات عن سانت بطرسبورغ. أيضاً، بدون هذا، لا يمكن فهم أبعاد واقع أن (القرار 1835)، الصادر عن مجلس الأمن بخصوص الملف النووي الإيراني، لا يحوي مكاسب أميركية جديدة بخلاف سابقيه.
هنا، حصل، وبعد شهر من الحرب الجورجية ـــ الروسية، بداية تفجر للأزمة المالية الأميركية، ما انعكس في وضع جديد أتاح لوزير المالية الألماني لكي يقول في أيلول الماضي أمام البوندستاغ إن «القطب الواحد الاقتصادي للعالم ربما هو على وشك الأفول»، من دون أن ينبس ببنت شفة عن «القطب الواحد» في المجالين السياسي والعسكري.
هل وصل «القطب الواحد للعالم» إلى حالة الأزمة، أم إن الأمر أمامه لا يعدو مجرد مصاعب وتعثرات هنا أو هناك؟ ثم، إذا كان الوضع هو وضع أزمة فعلاً عند واشنطن تجاه محاولتها قيادة العالم أو «إعادة صياغته»، فهل هذا سيؤدي إلى لوحة دولية جديدة تتسم بتعدد الأقطاب عبر دفع بعض الدول العالمية الكبرى للأوضاع نحو مسارات تجبر الأميركي على التسليم بذلك أو الانكفاء، أم إن واشنطن ستلجأ ـــ سواء أتى أوباما أو ماكاين ـــ من أجل منع حصول ذلك إلى افتعال أزمات، ربما تقود إلى حروب هنا أو هناك بالوكالة أو بالأصالة منها، لقلب التوازنات العالمية من جديد لمصلحتها، وخاصة بعد الأزمة المالية الأميركية التي من المحتمل أن تتحول إلى أزمة اقتصادية كبرى؟
عنوان المصدر:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/97386
في الذكرى الستين لاغتصاب فلسطين
منصور الأتاسي
هل يستطيع الوطنيون ومنهم الشيوعيون التعامل بنجاح مع نتائج المقاومة. أم يفشلوا كما فشلوا في التعامل مع الهزيمة ؟
أنتجت هزيمة /1948/ نتائج جديدة في مجمل المنطقة العربية بعد رفض الشعوب العربية وقواتها المسلحة نتائجها0
وتفاعلت الأحداث لتدفع ضباط بعض الجيوش العربية للإطاحة بالأنظمة/ الفاسدة والمهزومة / وهذا طبيعي لعدة أسباب:
1"- أن الجيوش العربية هي الأكثر تضررا وتأثرا بالهزيمة والأكثر تنظيما في ذلك الوقت وأن الضباط أنفسهم عانوا من فساد الأنظمة التي أوصلتهم إلى الهزيمة وليس ضعف القدرات القتالية فقط، فخرج عبد الناصر من حصار الفلوجة وهو ناقم على نظامه...وهكذا
2"- أن الدول العربية كانت لا تزال حديثة الاستقلال وأحزابها السياسية كانت لا تزال جنينية لذلك لم تستطع التأثير السياسي فسبقها العسكر. وبدأت المنطقة العربية تعيش حالة جديدة منها:
أ- انقلابات عسكرية متتالية في سورية- مصر- والعراق, ثم السودان واليمن وليبيا...الخ قتلت الحياة السياسية وأنتجت أنظمة سنعاني منها طويلا .
ب- نمو تيار قومي واسع يطالب بتحرير فلسطين ويرفض معاهدة سايكس- بيكو ويعمل من أجل الوحدة العربية
ج- نمو إلى جانب التيار القومي الذي كان سائدا في الجيش تيارات أخرى ماركسية واشتراكية هي انعكاس لانتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب العالمية الثانية ولمواقفة المساندة لنضال شعوبنا العربية بالإضافة لتيارات دينية يمثلها الأخوان المسلمين كتعبير عن إعادة بناء الحركة السياسية الإسلامية. وبشكل عام فإن التيارات التي كانت أكثر تأثيرا من غيرها هي التيارات الوطنية المقاومة للامبريالية. وبالمقابل تراجع دور البرجوازيات العربية وتلاشت أفكارها لأن الطبقة البرجوازية كانت لا تزال ناشئة هي وأحزابها, وتم تحميلها مسؤولية الهزيمة.بسبب تحالفها مع السلطات القائمة، الخ...
واستطاع التيار القومي المتمثل بالعسكر من النجاح في مصر /انقلاب 1952/ وسيطر العسكر على السلطة وطرحوا برنامجهم القومي التحريري. وبسبب رد الفعل السلبي من قبل الدول الاستعمارية وهي فرنسا وانكلترا آنذاك اندفعوا باتجاه تطوير العلاقة المتعددة الأوجه مع الاتحاد السوفييتي من كسر احتكار السلاح – صفقة الأسلحة التشيكية - إلى المساهمة في التنمية – بناء السد العالي- سد الفرات بسورية.
ووقعت الحكومة السورية على عقود لبناء /60/ مشروع مع الاتحاد السوفييتي و تشيكوسلوفاكيا وجاء رد فعل الغرب قاسيا على التمرد وخصوصا بعد تأميم قناة السويس وشنت ثلاث دول هي فرنسا وانكلترا وإسرائيل عدوانا واسعا على مصر بهدف إركاعها سمي العدوان الثلاثي
أجبرت المقاومة الشعبية خصوصا و التضامن بين الجيش والشعب و الإنذار السوفييتي الشهير و الرأي العالمي الرافض للعدوان الوحشي, أجبرت المعتدين على إيقاف عدوانهم و ساهم نجاح المقاومة وفشل العدوان في دفع حركة التحرر و التيار القومي و الأفكار الاشتراكية إلى الأمام فكان المطلوب أن يستفيد الجميع من درس النصر ويعتمدوا المقاومة الشعبية أساسا في الصراع العربي الإسرائيلي , و يعملوا على استمرار تحالف الجيش مع الشعب عن طريق إطلاق الحريات السياسية للشعب وقواه السياسية والتأكيد على أهمية التعاون و التنسيق مع قوى الحرية في العالم, ورفع الشعارات القابلة للتحقيق و التي تؤمن أكبر إجماع دولي, ويعملوا على تحقيق تنمية متوازنة قادرة على دفع المجتمع إلى الأمام إلا أن الأمور لم تفهم في ذلك الحين فاستغل العسكر الانتصار وعززوا مواقفهم وعزلوا الحركة السياسية وأخضعوا الحركة الشعبية. وهكذا لم تستطع السلطات آنذاك الاستفادة من عناصر الصمود أمام هجمة /1956/ وانتهت الأمور ببعض الأغاني الوطنية واستمرت هذه القوى ترفع شعارات لا معنى لها مثل العزة والكرامة- لا شرقية ولا غربية.. .. وبسبب سيادة العقلية العسكرية تحول الجيش من قوة متضررة من فساد السلطة إلى سلطة مستبدة.
في هذه الظروف شنت إسرائيل حرب /1967/ التي أدت إلى هزيمة خطيرة أخرى والتي هي هزيمة للمشروع القومي والمشروع التحرري العربي. بسبب عدم الاستفادة من دروس 1956 وعدم استخدام المقاومة الشعبية وقمع الحريات السياسية وبداية تشكل أنظمة استبدادية
لم تدرس القوى المهزومة أسباب الهزيمة.. من النواحي العسكرية ,والاقتصادية والسياسية والديمقراطية. ولم توافق أن تسمي الهزيمة باسمها فاعتبرتها نكسة مؤقتة. وبعضها اعتبرها انتصار لأن الهدف كان إسقاط الأنظمة التقدمية. ولم يتحقق الهدف وبقيت الأنظمة التقدمية وانتصرت, وهكذا بقيت أسباب الأزمة تفعل فعلها داخل المجتمع وتفتك بالمجتمع وتحول النظام العسكري إلى نظام أمني قهر وحطم أي تحرك أو احتجاج شعبي رافض للواقع المهزوم وفي ظل النظام الأمني نمت برجوازية طفيلية حققت في النهاية الخيانة الوطنية.
وتراجعت قدرة التيار القومي على التأثير في الوسط الجماهيري. ولما لم تكن هناك قوى أخرى وبسبب المتابعة الأمنية والضغط الشديدين على جميع القوى السياسية نما التيار الديني المتعدد الاتجاهات في الوسط الشعبي العربي. وكان نموه دليل ضعف تأثير التيارات الوطنية التقدمية والقومية بسبب استمرار تأثرها بالهزيمة وعدم القدرة على الخروج منها وتشرذمت القوى الوطنية من قومية وشيوعية وديمقراطية وتبعثرت بشكل مرعب. أفقدها التماسك والتأثير. وهكذا دفعت القوى الوطنية والديمقراطية جميعها ثمن هزيمتها وثمن وهو الأهم عدم قدرتها على الخروج من الهزيمة. بعد ذلك وبسبب انتشار وسيادة النظام الأمني. وبسبب التغيير في التركيب الطبقي في القيادات العسكرية والسياسية الناتجة عن النظام الأمني الذي ذكرناه لم تستطع أو لم ترغب بعض السلطات الاستفادة من حرب تشرين التي أرادها أنور السادات / حرب تحريك / والذي أعقبها بزيارته للقدس ثم التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد لتسجل بداية الانهيار والتراجع في مقاومة الاحتلال وبداية الاندفاع نحو السياسة الأمريكية والاحتماء بمظلتها وخصوصا وأن الحكومات العربية استنفذت كل إمكانيات استمرارها ولم يبق لها سوى الاستقواء بالولايات المتحدة لاستقرار سلطتها. وهذا ما كان, فقد شهدت حكومات المنطقة العربية وخصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية حالة من التبعية للولايات المتحدة لم تعشها تاريخيا 0000
وهكذا فقد دفع التيار القومي والماركسي غاليا ثمن عدم قدرته على فهم أسباب الهزيمة وعمله على تجاوزها ومعه دفعت الشعوب العربية غاليا أيضا ويمكن أن نستثني أمراء النفط الذي راكموا ثروات أسطورية بسبب الثروة النفطية الناجمة عن قطع النفط عن الدول الغربية في حرب 1973
وكبديل عن الحكومات العسكرية المهزومة0 بدأت التيارات الشعبية المختلفة الأشكال التحرك ولعبت دورا متزايد التأثير
من حصار بيروت إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى ثم الثانية إلى انتصارات المقاومة في لبنان في عام 2005 إلى انتصارها في حرب تموز 2006 إلى صمودها في مناطق الحكم الذاتي بفلسطين0 ولم يتم كل ذلك بدون تقديم تضحيات كبيرة وواسعة أثبتت شعوبنا العربية أنها قادرة على دفعها0
وفرضت هذه الانتصارات واقعا جديدا في منطقتنا ألزمت العديد من القوى الدولية ولا سيما في أوربا للاعتراف بهذا الواقع وبدور المقاومة المؤثر في مجمل التطورات في المنطقة العربية وخصوصا مناطق الاحتكاك الرئيسية – لبنان – العراق وفلسطين0 إلا أن الأعلام والدعاية الأمريكية والعربية التابعة تستمر في شن هجومها على المقاومة عبر عدة محاور منها: دفع بتعبئة وتصادم مذهبي – شيعي – سني ومنها هجومها على إيران كونها مركز للنشاط الشعبي0 وعبر مساندة أجهزة إعلام عربية تابعة لها في ترويج هذه الدعاية0 وبعد أن أثبتت المقاومة حضورها وأفشلت السياسة الأمريكية القائمة على العدوان والاحتلال تحاول أمريكا الآن تغيير تكتيكها القديم الفاشل واعتماد تكتيك جديد عنوانه حل قضايا المنطقة بالوسائل السلمية وبما ينسجم مع رؤيتها ومصالحها وهذا ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية بقولها ( تغير بالتكتيك دون تغير بالأهداف)0
محاربتها للقوى التي تدعم المقاومة خصوصا إيران والآن روسيا0000 والمشكلة أن العديد من التيارات الوطنية القومية والتقدمية قد تأثرت بالدعاية الأمريكية. وبدأت تدفع باتجاه اصطفاف شيعي سني- أو كردي عربي...الخ وانطلاقا من كل ذلك بدأت تنتقد حزب الله علنا بصفته شيعي تابع لولاية الفقيه أي تابع لإيران وأيضا حماس باعتبارها عميلة لإيران. ولم تعد تقرأ في وثائق القوى التابعة لأمريكا أي عداء ٌلإسرائيل أو أي تضامن مع الشعب الفلسطيني أو أي استنكار للاحتلال الأمريكي. وبدأ تقيم الحكومات العربية على أساس الموقف من إيران والشيعة والمقاومة – مصر- السعودية-وهكذا
فإن بعض القوى الوطنية القومية والماركسية والديمقراطية قد أضاعت نتائج الانتصارات ولم تستفد منها كما لم تستطع أن تخرج من الهزيمة وأثبتت تأخرها التاريخي
لا شك أن هناك ثغرات في نشاط المقاومة منها تمركز المقاومة بفئة أو مذهب- حزب الله في لبنان – حركة حماس فلسطين- تيارات إسلامية في العراق. ورغم معرفتنا بأسباب هذا التركيب أو بالأسباب الموضوعية لحركة المقاومة. إلا أنها بحد ذاتها إدانة للقوى السياسية التي ساهمت في هذه التركيبة بسبب عدم مشاركتها بوعي أو بدون وعي في عملية المقاومة المسلحة أو السياسية للاحتلال.والمطلوب من القوى الوطنية العمل على اتساع المقاومة لتشمل كل الفئات والمذاهب والقوى السياسية لا أن تتدمر كما يراد لها بوعي أو بدون وعي ونحن نعتقد أن المقاومة أول من تنبه إلى خطورة عزلتها في فئة أو قومية معينة وهكذا اتسعت المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي لتشمل أقسام من السنة والشيعة والأكراد. وقوى سياسية جديدة ولتتطور إلى مقاومة متعددة الأشكال سياسية وعسكرية واقتصادية، الخ... وهذا التطور ساعد في زيادة فعالية المقاومة العراقية التي رفضت معاهدة الإذعان الأمريكية وحطمت أو بدأت تحطم محاولات تقسيم العراق التي قررها الكونغرس الأمريكي. وفي لبنان دعا حزب الله كل القوى والطوائف إلى المشاركة في المقاومة لتتحول إلى مقاومة وطنية ومن ثم إلى مجتمع مقاوم. وتعمل حماس على تأمين شروط للحوار مع فتح وأصدقائها من المنظمات الأخرى على أساس الحفاظ على المقاومة والانطلاق منها لتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بعد أن أثبتت الحياة السياسية فشل سياسة الحوار مع الإسرائيليين التي اعتمدها أبو مازن وحققت كوارث إنسانية وسياسية كبيرة. إذا فإن قوى المقاومة قد تنبهت إلى خطورة انعزالها في فئة معينة وعلينا بعد أن نثبت فعالية المقاومة وساهمت في تهديم النظام العالمي القائم على أحادية القطب وأوقفت الاندفاعة الهمجية الأمريكية التي كانت تريد تفتيت وتقسيم المنطقة عبر شرق أوسطها الجديد ....الخ علينا أن ندفع المقاومة لتصبح مقاومة وطنية شاملة وليس من الممكن الوصول إلى هذه الأهداف إلا عبر تحقيق البيئة السياسية الحاضنة للمقاومة والراعية لها ونعني انتشار وإطلاق الحريات السياسية.
وهكذا فإن شعار الوطنية يجب أن يرتبط بإطلاق الحريات السياسية وإلا فإنه سيحقق كوارث اجتماعية كما تم في العراق. وكما يراد أن يجري في لبنان عندما يحاول البعض نزع أسلحة حزب الله بأشكال شتى. وكما يجري في فلسطين عندما تحاول بعض القوى التعاون مع إسرائيل لشل إرادة الشعب الفلسطيني عبر اعتقال أكثر من نصف المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب ديمقراطيا وعبر فرض رئيس وزراء جديد لا ينسجم مع إرادة المجلس التشريعي بكامله. ولا مع إرادة الشعب الفلسطيني الذي انتخب المجلس إن علاقة الديمقراطية بالقضية الوطنية علاقة لا تنفصل مطلقا. وبكلمة فإنه في بلاد ضعيفة وفقيرة مثل بلادنا لا يمكن الوصول إلى نجاحات دون إطلاق المقاومة بسبب التفاوت الكبير في التسليح بين الجيوش العربية واسرائيل0 ولا يمكن إطلاق مقاومة فعالة إلا بإطلاق الحريات السياسية التي هي شرطها الأساسي0 وبالابتعاد عن الصراعات المذهبية والطائفية والقومية ، الخ.. وبتأمين وحدة وطنية فعالة تكون أساسها الوحدة الوطنية واعتماد ثوابت وطنية غير مقبول التنازل عنها0
والعودة للسؤال الأساسي هل تستطيع القوى الوطنية والتقدمية والقومية والديمقراطية الاستفادة من كل هذه الدروس0 والجواب تقدمه الأحزاب والتيارات المختلفة0

عودة الرأسمال إلى الدولة
عبد الإله بلقزيز*

تستقر موجة الذعر التي تجتاح المجتمعات الرأسمالية هذه الأيام، في أعقاب الأزمة المالية التي تعصف بها وبالعالم المرتبط بها على السواء، على سياسة تجهر بحاجة أي معالجة لما يجري إلى التسليم بالدور التدخلّي المركزي للدولة فيها. تقول كل دولة من العالم الرأسمالي ذلك على طريقتها. أميركا بوش متمنعة ضد أية مقاربة للأزمة على صعيد دولي يتجاوز نطاق سيادة قرارها. تريد من العالم أن يجاريها في ما تفعله: أن تُملي هي وحدها وأن ينفذ هو ما تمليه عليه، مطمئنة إياه إلى سلامة السياسات العلاجية التي تقررها. أما الأوروبيون، وبعد أن شخّصوا الأزمة في نطاقهم الاتحادي واتخذوا حيالها ما اتخذوه من إجراءات إسعافية أولية، فقد تبينوا أن السيطرة عليها تفيض عن نطاق قدرتهم وحدهم. ولما أعيتهم الحيلة لإقناع صناع الأزمة في أميركا بالتداعي لإجراء مقاربة علاجية علامية، يمموا وجوههم شطر الشرق الآسيوي كي يجمعوا إلى إرادتهم إرادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها عسى ذلك يفتح أفقاً في هذا النفق الحالك الذي حشرتهم سياسات أميركا فيه.
الأزمة تعني العالم كله لا مراكزه الرأسمالية فحسب. فعلاقات الاقتصاد والمال اليوم في أشد حالات الترابط والتداخل بحيث لا مجال لينأى الواحد من المجتمعات عما يصيب غيره في ضرّائه. لكن قدراتها على احتواء الأزمات متفاوتة. لكن التفاوت مضاعَف في حالة الرأسماليات التابعة في بلدان الجنوب ونحن منها. يكفي أن تعطس وول ستريت حتى تصاب بورصات هذه البلدان بالحمى وبما هو أعظم! وقد يكون الأسوأ في الأمر أن يُدعى قسم من دول الجنوب - في جملته دول عربية غنية - إلى أن يقدم ضريبته في إنقاذ النظام المصرفي المترنح في الولايات المتحدة الأميركية. وهو يفعل ذلك مضطراً بمعنيين: لأنه لا يملك رد إملاء من دولة كبرى ما تعوَّد رد طلبها، ولأنه يخشى من أن يقود تفاقم الأزمة في أميركا إلى انهيار شامل يأتي عليه. وقد تتعزز مخاوفه أكثر حين يعاين درجة التدهور المروع لأسعار النفط إلى نصف قيمتها في أسابيع معدودات، فيحتسب ذلك علامة فصيحة على اطراد العلاقة بين ما يصيب أميركا وما سيصيب شركاءها بالتبعة.
غير أن هذا الترابط الموضوعي على صعيد العلاقات الرأسمالية الدولية وأزماتها الدورية، في المراكز والأطراف وفي ما بينها، لا يُترجم نفسه شراكة متوازنة - ولا حتى مختلة - في القرار السياسي الدولي المتصل بإدارة المنافع أو بعلاج ما يعتور النظام الاقتصادي العالمي من مشكلات. وأظهر آية لذلك ما يجري اليوم من تفرّد بمعالجة أزمة يكتوي الجميع بحرائقها. ومع أن نيران الأزمة اندلعت في الداخل الأميركي حيث النظام المصرفي هناك مهدها، إلا أن حرائقها امتدت على مدى العالم في الأعمّ الأغلب منه، ومن لم يُصب بشواظها مباشرة، لفحه لهيبها الحارق ومع ذلك، لا تني الإدارة الأميركية تُمعن في تجاهل الدعوات المتكررة لمقاربة عالمية موحدة للأزمة، فكأنما ترى في الدعوة محاولة لزعزعة أوحدية قرارها الاقتصادي في العالم، السياسية - الاقتصادية التي طبقتها وأمسكت بها مصير العالم منذ عقدين من الزمان على الأقل.
أو طريقة أخرى لإجبارها على مناقشة مسلماتها السؤال الأكبر هنا عربيّ أو قُل على صلة بدول العرب: ما الذي عساها تفعله هذه الدول حتى تحمي البقية الباقية من مصالحها. كيف تعيد الاستقرار النسبي إلى أسواقها الحالية؟ كي تحمي ودائعها في البنوك الدولية؟ كيف تعيد مصارفها الثقة إلى المساهمين وأصحاب الودائع؟ كيف تواجه صدمة انهيار أسعار الطاقة؟ الأهم من ذلك: كيف تتعامل مع خيارات عدة تتداولها القوى الإقليمية في العالم حول إصلاح النظام الاقتصادي والمالي العالمي: مثلاً، أي موقف سيكون لها حيال دعوة أوروبية - آسيوية متزايدة إلى إقامة نظام مالي عالمي جديد؟ هل ستنضم إلى الدعوة، وبأية رؤية، أم ستراهن على المراهم السحرية الأميركية لعلاج الحريق المالي؟
الوجه الثاني للمسألة شديد الصلة بدور الدولة الاقتصادي. استقر يقين لدى المراكز الرأسمالية الكبرى، بعد لأي، بأن لا سبيل إلى مواجهة موجة الأزمات التي تعصف بالنظام الرأسمالي العالمي إلا بسياسة اقتصادية يكون للدولة فيها سهم ونصيب يفوق بكثير ما حسبته الحقبة الليبرالية الجديدة. تبخّر وهم خال أن الاقتصاد الرأسمالي يكون أكثر عافية وتعظُم فتوحاته كلما كان حراً، أي متحرراً من قيود الدولة. تبيَّن أن الحرية هذه تأخذ الرأسمالية والأسواق إلى الفوضى والاضطراب ومنهما إلى الإفلاس على نحو ما يجري اليوم للقطاع المصرفي. تعود الرأسمالية عن عقيدة مغامرة، انتحارية، إلى أخرى سابقة أكثر عقلانية وأدعى إلى الطمأنينة (جربتها بين الحربين)، أو هكذا على الأقل يبدو الأمر في أوروبا وآسيا حيث الشعور بالمغامرة الليبرالية الأميركية عال وحاد، وحيث تصريحات جورج بوش ولوكه يقينياته عن «الاقتصاد الحر» تزيد العالم شعوراً بأن قوى المغامرة والفوضى في الرأسمالية ما زالت تركب أوهامها حتى «بعد خراب البصرة»!
عودة النظام الرأسمالي إلى رشده تكون بالدولة: بمساعدتها، بتدخلها، بمراقبة الاقتصاد والمال وإخضاع حركتهما لتشريعات تلحظ الحقوق العامة التي تدوسها قوى الليبرالية الوحشية. هل تدرك «الرأسماليات» العربية ونخبها الحاكمة هذه الحقيقة الجديدة؟ هل تتعظ بالدرس العالمي وتُصغي قليلاً لما بات يقال جهرة في الغرب عن حيوية دور الدولة في الاقتصاد؟ هل في وسعها أن تفهم أن الخوصصة واقتصاد السوق وإقالة الدولة من وظائفها الاقتصادية والاجتماعية لن تجرّ على البلاد العربية غير الخراب كما جرّت الخراب على العمران الرأسمالي العالمي؟
لا بأس هنا من ملاحظة يدعو إليها السياق. يتزايد الحديث في أوروبا وأميركا عن دور الدولة الاقتصادي الذي لم يعد يقبل الإنكار. يشير الخبراء والمستشارون الاقتصاديون على صنّاع القرار بمراجعة الخيارات وإعادة تفعيل دور الدولة وإعادة النظر في حاكمية قوانين السوق ويتزايد تفاعل السياسيين مع هذه التوصيات. لكن هؤلاء ما برحوا يشيرون على دولنا بانتهاج طريق «الاقتصاد الحر» و «تحرير» التجارة والمال والاستثمار من قيود الدولة وتخفيف تدخل هذه الأخيرة في الميدان الاجتماعي! نفاق؟ ازدواجية في المعايير؟ ربما. المهم أن لا يأبه المرء كثيراً لما يُقال على سبيل التوصية النظرية في حضرة واقع فاقع يُفصح عن كل شيء، فالقول ما قال الواقع لا ما لهجت به الألسن.
كاتب مغربي
عن جريدة الحياة 31-10-2008

بعدما «التهمت» الأزمة العالمية230 بليون دولار من ثرواتهم ... «حيتان» روسيا يستجدون الكرملين
موسكو - رائد جبر الحياة 15/10/2008
لم يعد بوسع الناقمين على قبضة الكرملين المرفوعة في وجه حيتان المال الروس أن يلقوا باللوم على غريمهم السياسي وحده، لأن طوفان الأزمة العالمية اجتاح إمبراطوريات الأوليغارشية الضخمة، وبدأ يهدد بطرد غالبية أصحابها من نادي الأثرياء. وبعدما فاخر «الحيتان» حتى سنوات قليلة ماضية بقدرتهم على رفع رئيس وعزل آخر، حشرتهم الأزمة في طابور طويل يقف على أبواب الكرملين طالبا عون خطة الإنقاذ الحكومية. ويبدو أن الفقراء الذين تصل نسبتهم في روسيا إلى نحو 30 في المئة، هم المرتاحون بالاً على رغم ضجيج الأزمة الاقتصادية وضحاياها الذين يزداد عددهم كل يوم، فليس لديهم ما يخسرونه. أما أصحاب الملايين الكثيرة في روسيا فمنشغلون هذه الأيام بحساب ما خسروه. أكثر من 230 بليون دولار، هي مجموع خسائر أغنى 25 رجلاً في روسيا كانت مجلة «فوربس» صنّفتهم ضمن أصحاب البلايين في العالم. هذه هي الحصيلة الأولى للإعصار المتواصل، والباقي قادم كما يبدو من حال الاضطراب التي تسيطر على أصحاب الملايين. والرقم يكفي ليتحدث عن نفسه، فهو يعادل أربعة أضعاف ثروة أغنى رجل في العالم وارن بافيت، كما يعادل موازنات بلدان عدة مجتمعة. ويتربع على رأس هؤلاء «إمبراطور التعدين» فلاديمير ليسين الذي فقد نحو 22 بليون دولار، يليه الثري المعروف رومان أبراموفيتش بخسارة بلغت عشرين بليونا، أما أوليغ ديريباسكا، أغنى أغنياء روسيا بحسب تصنيف «فوربس»، فكان وقع الخسارة أقل عليه وفقد نحو 16 بليوناً فقط! وبين ضحايا الأزمة العالمية أصحاب مصارف ومؤسسات عملاقة بينهم واحد أليكبيروف، أكبر مساهمي «لوك أويل»، وخسارته 12.3 بليون دولار. وهو المقدار نفسه لخسارة للمحافظة على مواقعهم في نادي الأثرياء إلى إعادة النظر في مصروألكسندر أبراموف، مؤسس مجمع التعدين «يفراس»، يليهما ميخائيل فريدمان وغيرمان خانا، صاحبا «ألفا بنك»، بخسارة بلغت 12 بليوناً، واللائحة تطول. ويرى الخبراء أن تحديد أكبر الخاسرين

أمر بالغ الصعوبة، فخسارة الشريك الأساسي في مؤسسة «إيرفلوت» ألكسندر ليبيديف لا تزيد على 1.5 بليون دولار، لكن هذا الرقم يعادل نصف ثروة الرجل الذي شكا بمرارة من أنه «ربما حان الوقت لشطب أسمائنا من لوائح فوربس»، معتبرا أن «متاعبنا الحقيقية بدأت بالفعل». ودفعت المصيبة الكبرى بعض الأثرياء الذي يسعون فقط.
فاتهم والشروع في خطط تقتير، إذ أعلن أبراموفيتش تأجيل حفل زواجه الذي كان مقررا هذا الخريف، وتدور أحاديث عن رغبته في التخلي عن عدد من نجوم نادي «تشيلسي» الذي يملكه لتخفيف الأعباء المالية، فيما قرر البعض بيع شركات ومؤسسات فقدت أكثر من قيمة نصف أسهمها.
وفي هذه الظروف اتجهت الأنظار إلى الكرملين باعتباره المنقذ الوحيد الذي يمكن التعويل عليه، خصوصا بعدما أقرت الحكومة الروسية خطة إنقاذ رصدت لها نحو خمسين بليون دولار، لكن المشكلة أن لائحة الواقفين على طابور معونة الكرملين طويلة جدا، وفيها 35 شركة كبرى وعشرون مصرفا ومؤسسات كثيرة أخرى، تفوق متطلباتها لتتجنب الإفلاس حجم الموازنة الحكومية المخصصة بكثير، ما يعني أن الكرملين سيكون قادرا على إنقاذ البعض انقلبت آية السحر في روسيا، بحسب تعبير محلل مالي، فـ «الحيتان» الذين تفاخر بعضهم ذات يوم في عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن بالقدرة على تنصيب رئيس وعزل آخر، تغيّر وضعهم الآن. ويذكر البعض في روسيا أن «طواغيت المال» في العام 1996، اشترطوا على يلتسن فتح مجالات أوسع أمامهم لنهب البلاد في مقابل مساعدته على مواجهة خصمه القوي آنذاك الشيوعي غينادي زيوغانوف. وفي العام 1998 عندما انهار الاقتصاد الروسي وفقد الروبل قيمته طلبت الدولة مساعدة كبار رجال المال والأعمال، لكن غالبيتهم لم تكتف بالرفض بل هرّب كثيرون أموالهم من روسيا، ما أثار غضب الكرملين الذي رفع بعد سنوات قليلة هراوة قوية في وجه حيتان المال، يبدو أنها ستكون الحكم أيضا عند الاختيار الآن، لأن رئيس الوزراء فلاديمير بوتين أعلن أمس شروطا عدة لتقديم المعونة الحكومية للشركات بينها أن يكون نشاط المؤسسات داخل روسيا وأن يشمل نشاطها قطاعات إستراتيجية حيوية، وأيضا أن تكون قادرة على تقاسم المخاطر مع السلطة وهذا يعني بعبارات أخرى أن أبرز المستفيدين من برنامج الإنقاذ شركات الطاقة الكبرى وليس الأثرياء الذين راكموا ثرواتهم الخرافية بعد نهب ثروات البلاد. والسبب الأخير ربما يكون وراء «شماتة» البعض بأحوال كبار الأثرياء، إذ ألمح البعض إلى أن الكرملين فعل خيرا بميخائيل خودوركوفسكي، الرئيس السابق للعملاق النفطي «يوكوس» وأغنى رجل في روسيا قبل سنوات، فخسارة بلايين الدولارات في البورصة وأسواق المال أسوأ من إعادتها إلى الدولة.


بيان
من القيادة المركزية لـ "تجمع اليسار الماركسي في سوريا" /تيم/

أقدمت قوات الاحتلال الأميركية للعراق على عمل عدواني تجاه الأرض والسيادة السوريتين، وسفكت دماء مواطنين سوريين أبرياء ، بحجتها الممجوجة ، التي باتت تبرر بها في السنوات الأخيرة كل أعمالها العدوانية في الكثير من بقاع العالم.
إن هذا العدوان الإجرامي يؤكد أن الإدارة الأميركية مازالت تتصرف بعقلية الكاوبوي الذي لا يعير اعتباراً لقانون دولي أو لمبدأ السيادة الوطنية أو لقدسية حياة البشر .
إننا في (تجمع اليسار الماركسي في سوريا) ندين هذا العمل الإجرامي على بلادنا وشعبنا، وندعو شعبنا العراقي الباسل لتعزيز كل أشكال المقاومة ضد الاحتلال الغاشم، كما ندعو شعبنا السوري إلى دعم واحتضان شقيقه العراقي بكل السبل المتاحة، وصولاً إلى طرد جيوش الاحتلال وتحقيق الاستقلال والسيادة الفعلية للشعب العراقي على أرضه ومقدراته،وندعو كل المواطنين لمقاطعة البضائع الأميركية ،وللوقوف ضد وجود المصالح الاقتصادية الأميركية في سوريا.
فليسقط العدوان الأميركي الغاشم ..
فليسقط الاحتلال الأميركي للعراق....
و الحرية للشعوب ...
ولتعاد الحياة لثقافة المقاومة عند السوريين وقواهم الوطنية والديموقراطية
1112008
القيادة المركزية لـ /تيم/

بيان
من القيادة المركزية لـ (تجمع اليسار الماركسي في سوريا)/ تيم/

بتاريخ 29102008 أصدرت السلطة التنفيذية أحكاماً بالسجن على ناشطين سياسيين وشخصيات معروفة من أبناء شعبنا السوري بسبب ممارستهم لقناعاتهم وطرحهم لآرائهم السياسية.
وبصرف النظر عن الخلاف مع قناعات وآراء الشخصيات والمواطنين الذين حكم عليهم بتلك الأحكام- فإننا في(تجمع اليسار الماركسي في سوريا) نعلن تضامننا معهم ومع كل سجناء الرأي والضمير في بلادنا، وفي كل مكان، ونؤكد تمسكنا بحقهم وحق كل مواطن في التعبير العلني والصريح عن آرائه وقناعاته السياسية والفكرية وفي كافة الحقول العامة، وفي ممارسة هذا الحق بالطرق التي يراها مناسبة والتي تكفلها شرعة حقوق الإنسان و ينصّ عليها الدستور السوري .
كما نطالب بالإفراج الفوري عنهم جميعاً وعن كافة سجناء الرأي ، وبرد الاعتبار المعنوي والمادي كاملاً عن كل الإساءات التي لحقت بهم والضرر الذي أصاب عائلاتهم.
كل الحرية للشعب السوري
كل الحرية لسجناء الرأي والضمير
فلترفع الأحكام العرفية وحالة الطوارئ
فلترفع السلطة التنفيذية يدها عن القضاء السوري

1112008
القيادة المركزية لـ /تيم/


الموقع الفرعي في الحوار المتمدن:
htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715







#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق اليسار - العدد السابع- سبتمبر/ أيلول2008
- جدل - مجلة فكرية سياسية ثقافية العدد 3 : آب 2008
- طريق اليسار - العدد السادس:أغسطس/آب/2008
- طريق اليسار - العدد الخامس: حزيران 2008
- طريق اليسار - العدد الرابع: أيار 2008
- جدل مجلة فكرية- سياسية – ثقافية العدد 2 : نيسان 2008
- طريق اليسار - العدد الثالث: نيسان 2008
- طريق اليسار العدد 2 : شباط 2008
- طريق اليسار جريدة سياسية - العدد الأول : أواسط كانون الأول 2 ...
- جدل - مجلة فكرية- ثقافية- سياسية : العدد الأول: أواسط كانون ...
- بيان عن أعمال اجتماع القيادة المركزية لتجمع اليسار الماركسي ...
- بيان
- الوثيقة التأسيسية
- بيان اعلان تجمع اليسار الماركسي في سوريا - تيم


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد الثامن: تشرين الثاني 2008