أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - الحقيقة .. أن الكبار صغار!














المزيد.....

الحقيقة .. أن الكبار صغار!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2454 - 2008 / 11 / 3 - 08:43
المحور: كتابات ساخرة
    


أحياناً أمنع نفسي من مشاهدةِ برنامج تلفزيوني حواري خشية أن يصدمني الكبار وهم يتقزمون أمام السلطة، ويحاولون توطيد العلاقة بمزيد من الأغلال في أعناقهم أو في ألسنتهم!
في السنوات العشر المنصرمة تملّكني حزنٌ شديدٌ علىَ كبارٍ ما تمنيت أنْ أراهم بمثل هذه الصورة، ووددت أن يعود الزمن بي قبل اللقاء لعلي احتفظ بهم في مكان لا يقترب منه أحد ولا يرتفع فوقه إلا القليل.

شاهدت فيلم (هي فوضى) في سينما أوديون اللندنية بمنطقة ماربل آرش. وكانت القاعة مكتظة بوجوه عربية وإعلاميين ومثقفين وعاشقي الفن السابع.
بعد انتهاء العرض تقدم الفنان خالد صالح الذي لعب دور الصول حاتم، وشكر الحاضرين ثم انصرف.
على بوابة الخروج تجمع حوله عدد من المعجبين، وأخرجت من حقيبتي كتابي الثامن ( وقائع محاكمة سيد القصر ) لأهديه إياه، ففيه مقالات كثيرة عن الشرطة والأمن والسجون والمعتقلات والفساد.
انتظرت دوري، فسألني منْ كان واقفا بجواري: هل تريد أن تهديه هذا الكتاب الذي بين يديك؟
أجبت بالايجاب، فسألني عن عنوانه: قلت ستراه بعد قليل في يد الفنان خالد صالح. قال لي: هل هو كتاب في السياسة؟ قلت: نعم، فرَدَّ ناصحاً: مادام في السياسة، فأرجو أن لا تقدمه هدية له. سألته : من أنت؟ قال: مدير أمن الفنان!
قلت له: وماذا لو كانت رواية؟: قال: في هذه الحالة يمكنك أن تقدمها له.
غضبت غضبا شديدا، وعاتبته قائلا بأن هذه النصائح تصلح لو كنا خارجين من دار عرض سينمائية في بلد عربي، أما في لندن فأزعم أن الأمر مخجل جدا.
تقدمت من الفنان الذي لعب بمهارة شديدة دورا يجسد تجاوز رجال الأمن، وأهديته الكتاب قائلا: ستجد فيه ما جسدته في الفيلم رغم أن مدير أمنك رفض أن تقرأ في السياسة!
شكرني مع ابتسامة باهتة، وقبل أن أتركه قام بتسليم الكتاب لمدير أمنه أمامي، وكأنه أراد أن يقول لي بأن ما رأيته على الشاشة يتناقض مع الواقع!

منذ سنوات استعنت بواحدة من أكبر رموز الإعلام المصري لحل مشكلة، حتى أنها قالت لي بأنها تستطيع أن تقلب البلد رأسا على عقب لقناعتها بعدالة القضية.
في المكالمة الثانية مع طرف يمثلني هناك، في مصر، سألته الإعلامية عن أوضاعي المادية في النرويج وعن امكانية دفع مبلغ كبير لكي تثير القضية في وسائل الإعلام.
ولما علمتْ أنني لن أدفع شيئا، بدأتْ في التهرب، ورفضتْ أن تتسلم مني رسائل بالفاكس، وطلبت مني أن لا أرسل إليها ( طائر الشمال ) فهي لا تقرأ إلا قليلا!
قلت لها هاتفياً: لكنني فهت أنكِ تناقشين ضيوفك أحيانا في كتب صدرت لهم!
وهنا كانت الصدمة لي فقد نفت نفيا قاطعا وقالت لي بأنها تتفق مسبقا مع الضيف وتقول بأنها قرأت الكتاب، لكن الحقيقة أن الضيف الكاتب هو الذي يلخص لها قبل البرنامج فحوى كتابه!

تقدمتُ بأدب جم إلى نقيب الصحفيين المصريين في بهو فندق عاصمة خليجية، وسألته إنْ كان قد تسلم الكتابين اللذين أرسلتهما إلى غرفته؟
قال لي: لقد أرسلتَ إلي قنبلتين!
سألته مازحا: إنها كتابان أحسب أنك الإعلامي القدير ستسعد بهما!
قال لي: أنا لا أقرأ هذه الأشياء الخطيرة، ولا أحملها معي في أي مكان، ولن أعود بالكتابين لمطار القاهرة!
قلت له: ولكنك إعلامي ومثقف وقاريء ونقيب الصحفيين المصريين، فكيف تخشى قراءة كتابين لصحفي مثلك؟
قال لي بحسم وكأنه يريد أن يهرب خشية أن يراه الاعلاميون الآخرون معي: قلت لك بأنني لا أقرأ هذه القنابل التي أرسلتها إلى!

في عاصمة خليجية أخرى قالت الزميلة مها طه، الاعلامية اللبنانية موجهةً حديثها إلى بعض رؤساء ومحرري الصحف المصرية: لماذا تديرون ظهوركم لزميلكم محمد عبد المجيد كلما رأيتموه قادما؟
رَدَّ أحدهم وقد أحمر وجهه خجلا: لأنه ينتقد بشدة السيد الرئيس!
على الغداء كنت أجلس مع مدير تحرير صحيفة نصف معارضة، فحكيت له ما حدث، فكان صريحا جدا معي، وقال بأن كثيرا مِنّا، نحن الصحفيين، يكتبون تقارير أمنية ضد كل من يناهض السلطة، فالصحفي رجلُ أمن قبل أن يكون حاملَ قلم!

اقتربت منها فهي رمز للإعلام الملتزم العتيق، وسلمت عليها، وامتدحت لغتها العربية الرصينة التي أسعدتنا سنوات طويلة.
كان وجهها يوشي بطيبة رغم تجاعيد رَسَمَها العمرُ الطويل على وجهها المشرق!
بعد أقل من ساعتين كانت قد التقت مجموعة من الاعلاميين، ورفضت بعد ذلك طوال يومين أن تتحدث معي، فقد همسوا في أذنيها، وظهر إثرها شبح السلطة أمامها!

تعجبني الفنانة يسرا في أدوار كثيرة قامت بها، لذا ترددت قبل أن استمع لحوار تلفزيوني معها، ومع ذلك فقد جلست أمام الشاشة الصغيرة.
فجأة سمعتها تقول بأن السيد الرئيس هو الوالد العطوف الرحيم المنشغل بنا جميعا، وامتدحتْ فيه حتى ظننتها ستؤمن برسالته كأنه نبي العصر.تخيلت نفسي بُعَيّد حديثها في المعتقل وقد مرت خمس عشرة سنة وأنا خلف القضبان دون محاكمة، وقد كبر أولادي من وراء ظهري دون أن أحتضن أيا منهم ولو لبرهة!

مثقفون وإعلاميون ووطنيون وقضاة ومستشارون ووجوه وطنية شرّفت مصر بأدوارها الرائعة يرفضون جمال مبارك وريثا لعرش مصر، لكن الفنان القدير عادل إمام والزعيم على الشاشة والذي أسعدنا لثلاثة عقود، وأدخل البهجة في نفوسنا، يقف منتصبا ويتحدى مصر كلها مؤيدا ابن الرئيس ليكون الرئيس الابن!

في ذهني عشرات الحكايات عن كبار الكبار وقد تسببوا في صدمات متلاحقة لي، وكلها تقريبا كانت بسبب التقرب من السلطة، والتزلف لسيد القصر، والوقوف مع خصوم الشعب.

تذكرت رئيس تحرير أهم صحيفة مصرية وهو يستفسر من صدام حسين عن حب المصريين له واعتباره محاميهم، وتناسى الاعلامي الكبير جثث 4800 مصري قام رجال طاغية بغداد بتصفيتهم، دون أن يحتج الكبار الصغار خشية الأكبر.. ولعلنا نكتشف أنه الأصغر، وحينئذٍ لن تكون الصدمة كبيرة!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتاوى في السعودية .. تجارة الحرام!
- المَلَكان والرئيسُ الأمريكيُّ يُدَوّنون أعمالَك!
- التبكيت والتنكيت والتسكيت و .. التفتيت
- حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي!
- كان يجب الحكم باعدام ابراهيم عيسى!
- عدالة محاكمة البشير
- معركتنا ليست مع رجال الرئيس مبارك
- متى يقطع خليجُنا الدعمَ عن الطغاةِ؟
- الرئيس التونسي يجدد للشعب ولاية خامسة!
- تسعون عاماً على مولد رسول أفريقيا
- هل يحرقنا مبارك قبل أن نحرقه؟
- هل تحرق إيران الأصدقاء قبل الأعداء؟
- ساركوزي .. أمين عام الأزرق الكبير
- الأقباط .. محامون فاشلون عن قضايا عادلة
- لكن صدام حسين لا يزال حيّاً
- حوار بين الرئيسين بشار الأسد و ... جمال مبارك
- تحرير المصريين .. فضائية مصرية معارضة
- في المطارات .. كُلّنا بن لادن!
- متى ينسحب العراقيون من العراق؟
- القات في اليمن ... العبودية المختارة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - الحقيقة .. أن الكبار صغار!