أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - الرجل الذي لم...














المزيد.....

الرجل الذي لم...


محمد إبراهيم محروس

الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 04:29
المحور: الادب والفن
    



لا أعرف لماذا خرجت مبكرا ..
شيء ما دفعني أن أترك شقتي اليوم قبل موعدي بساعات ، استقر بي الحال في تلك الحديقة التي أدمن الجلوس بها في أوقات الراحة والاستجمام ، راحت عيناي تجوبان الأفق وكأنها تبحث عن استقرار آخر خارج حدود روحي ، أخذت أتطلع من مجلسي إلى إشارة المرور بألوانها المميزة ، وأضع ترتيبا لحياة مع تغير ضوء الإشارة ..الأحمر ، نزقي وغروري بالحياة ، الأصفر لون أحبه ولا أعرفه جيدا ، الأخضر الحديقة حولي واخضرارها ، لعبة أن تلعبها.. لمتى ستظل الإشارة أمامي حمراء ؟!..
بعد مدة لاحقني فيها الشرود بإصرار ، تركت مكاني ، ورحت أسير على غير هدى ، لا أعرف لماذا ، أو إلى أين أمضي ، لتسوقني قدماي حيث تبغيان ..
كنت أعبر الشارع شاردًا، وفجأة اصطدمت كتفي به، تمتمت بصوت هامس:" لا مؤاخذة "
كان يسير بصحبة زوجته، وطفلين..
وتحركت قدماي عندما جذبتني يده بعنف ،وهو يحدق في قائلا : - غير معقول ..أنت َ .. أين أنت يا رجل؟!.
حاولت أن أتذكر من هو، وأنا أرسم ابتسامة بلهاء على شفتي، فلم أفلح وأنا أقول: - موجود
تركت له دفة الحديث وهو يقول: - زوجتي سهى..
قلت بهدوء وأنا أتطلع للون الإشارة:- أهلا وسهلا..
ابتلعت ريقي بصعوبة عندما أصدمت عيناي بها ،وهي تمد يدها بالسلام ،قبل أن تخفض بصرها للأرض ، وهو يقول : عندي مريم ومحمد ..تزوجت؟.
بلعت سؤاله، وأنا أهزّ رأسي ولا أعرف هل فهم من هزة الرأس أنني متزوج أم لا..
قال وكأنه يعطيني تقريرًا مفصلا عن حياته:- عندي شركة في شرم الشيخ.. مقاولات ، سافرت سنتين ورجعت ، قابلت سهى ، وتزوجنا ..
لم أعرف بما أجيب أيضا ؛فاكتفيت بهزة الرأس ،وأنا ألمح بطرف عيني سهى زوجته ، كانت تختلف بالكامل عن سهى التي عرفتها زمان ، والتي ذقت من بين يديها أول معرفتي بالحب , كيف كانت علاقتنا أنا وهي ، ما زالت مطرقة الرأس ، وما زلتُ أنا شبه شارد خلف الطفلين والإشارة التي تتبدل كل دقيقتين ، أشعر أن الوقت قد توقف بي؛ لأتذكر ذلك الوهم اللذيذ ، والخدر الناعم للحب ، قبل أن أتصادم بواقع الحياة ، ربما وصلت مع سهى لأروع ما يكون الحب والعطاء ، لأغلى لحظات التمني والعشق ،إلى أجزاء في جسدها لم يصل إليها زوجها .. شيء من الجنون أن أخرج مبكرا..
قال وهو يلاحظ نظراتي: مستعجل ؟..ما أخبار الشلة..
لم أعرف ما هي الشلة المقصودة بالضبط، فأنا دوما لم تكن لي صحبة ثابتة، دوما حياتي مجموعة من المتغيرات
قلتُ هامسا:- لا أرى الكثير منهم..
قال في انتشاء وكأنه يريد أن أنقل حدثًا هامًا: سلم لي عليهم.. أرجوك ..
قلت محاولا الخروج من مأزق الوقوف: ضروري..
قال وهو يلمح زوجته تحاول بهز قدميها أن تقول له، كفي هذا: العربي فين حاليا..
قلت مسرعا دون تفكير : هاجر ..
- خسارة.. معك تليفون ..
- سرق مني كالعادة ..
- ها ها ها .. هذه نمرتي اكتبها..
رحت أفتش في جيبي بحثا عن ورقة وهو يناولني قلمًا ، وأنا أبتعد بعيني عن سهى قد الإمكان وبداخلي يرتجف ..
وأخيرا لم أجد سوى علبة سجائري لأدون عليها رقمه، وهو يقول: ضروري تتصل.. منتظرك ..
هززت رأسي، وتقابلت يدي بيده في سلام، ثم بالمثل مع سهى، وداعبت شعر الصغيرين بيدي، وهما يسيران، وقتلني إحساس بالوحشة لا أدري من أين أتى, إحساس قاتل..
انتبهت له وهو يركب سيارته الواقفة، وسهى تخفض من نظرها ساحبة الطفلين خلفها، لمحت أشارة المرور وهي تفتح.. أشعلت سيجارة ورحت أنفثها، والذكريات تمزق ملامح حياتي لذرات غبار..
الضوء الأخضر، والسيجارة المشتعلة بين أصابعي، وعلبة السجائر التي بين يدي، والتي انتبهت أنها أصبحت فارغة؛ فرميتها على الأرض، وأنا أحاول جاهدًا أن أتذكر من هو..



#محمد_إبراهيم_محروس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاة الشيكولاتة
- حدود مملكته
- في انتظار المهدي ..
- حادثة
- دير العاشق ..
- أتوبيس (6)


المزيد.....




- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - الرجل الذي لم...