|
هل نحن قادرون على تحقيق انطلاقة ثقافية ؟
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 2415 - 2008 / 9 / 25 - 10:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الصرخة المدوية التي أطلقها الناقد والمحاضر الجامعي الدكتور حبيب بولس في مقالته " ظاهرة أدبية مقلقة " الذي نشر على هذا الموقع http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=0&aid=147921 ، يجب ان تلفت أنظار المبدعين والنقاد الى حقائق مؤلمة في ثقافتنا المحلية. تعيق تطور ثقافتنا وانطلاقتها. من أبرز هذه المعوقات زرع الوهم بالاكتمال الأدبي لدى المبتدئين . . ان الثقافة ، أو الابداع الثقافي بالتحديد يحتل حيزا واسعا من تفكيرنا كمبدعين . هل واقع مجتمعنا يتماثل مع أحلامنا الابداعية ؟ وهل استطعنا كمبدعين ان نتحول الى الصوت المعبر عن واقعنا ، والمؤثر على صيرورتنا الفكرية ؟ وما هو دور النقد في دفع العملية الابداعية ورصدها؟ وكيف يتخلص نقدنا المحلي من سباته العميق ونهجه المدائحي المدمر ، والذي يزرع الوهم لدى الشباب ... وغير الشباب ؟!
للاذاعات برامج ثقافية ، للتلفزيونات أيضا برامج ثقافية ، مواقع الانترنت ملأى بالزوايا الثقافية ، وللصحافة المكتوبة توجد صفحات ثقافية ، وصدقوا أو لا تصدقوا ، حتى لصحافتنا العربية في اسرائيل توجد زوايا ثقافية ، أحيانا مع تسمية محرر ثقافي وعلى الأغلب بلا تسمية محرر ثقافي ، ورغم ذلك بالكاد يقع القارئ العاشق للأدب على ما يستحق جهد القراءة. فهل يستهجن أحد ان صحافتنا لم تعد تشد جمهور الأدباء والمثقفين ؟ تابعت في الأشهر الأخيرة نشاطات ثقافية عدة ، لم تزدني تفاؤلا بقدر ما أشعرتني بعمق أزمتنا . وعلى رأس هذه الأزمة اندماج العديدين من أصحاب القلم والرأي الثقافي والفكري ، بالتحايل الثقافي بعيدا عن النقد الثقافي ، أو ببساطة جارحة ، بالتزوير الثقافي ، متناسين أن صفة المثقف التي يلتصقون بها ،لا تكتمل بدون الاستقامة الشخصية والمصداقية الثقافية. ان غياب المصداقية من فعلنا الثقافي له اسقاطات سلبية ، آنية وعلى المدى البعيد ، على تطور حركتنا الثقافية وجعلها حركة فكرية أجتماعية لها صوتها المسموع والمؤثر . هل سرا أن بعض الحركات الثقافية أوصلت ممثليها لقمة القرار السياسي – الرئيس هافل ، الشاعر والمسرحي ، في التشيك مثلا ؟ وهل سرا ان موقف المثقفين من قضايا مجتمعهم وعالمهم يشكل حاجزا امام الكثير من القرارات الخرقاء لدول عديدة في العالم ؟ وهل نتجاهل ان صوت المثقف في مجتمع حضاري أقوى من البنادق في التأثير على الرأي العام؟ رؤيتي لواقع أزمة ثقافتنا العربية في اسرائيل ، بانه توجد قطيعة شبه كاملة في العلاقات بين حياتنا الثقافية والفكرية من جهة ، وبين القارئ ، والمجتمع الذي يدعي الكثيرون انهم يمثلوه في ابداعهم ونصوصهم المختلفة. وما يزيد أزمتنا غياب واسع للثقافة النقدية . ولكن من تجربتني أعرف ان مجتمعنا متعطش للصدق مهما كان مؤلما .. ومتعطش للنقد بكل مجالاته وامتداداته . نحن مجتمع متهم أيضا انه لا يعطي للمثقفين دورا ، ومعروف ان أصحاب الأدوار وصلوا بدون وجه حق ، وفي غفلة من الزمن . من المؤسف أن الثقافة في حياتنا لا تشكل الا بندا غير قابل للتنفيذ ، ان تكتب قصيدة جميلة ، قصيدة حب مثلا ، هذا أمر جيد ورائع ... والسؤال ، عدا جمالية اللغة والموسيقى والمشاعر ، هل أوصلت ، ايها الشاعر أو القصصي ، في حالة النص القصصي ، هل أوصلت رسالة حضارية ؟ فكرة انسانية ما ؟ تجربة حياتية تستحق جهد القراءة ؟ نقدا ما حول واقع يجب ان نتجاوزه ؟ الابداع هو فعل هادف منظم ومسؤول نحو هدف . ادوات المبدع هنا هي اللغة والفكر ، ولكن اللغة لوحدها ليست هي الهدف ، كما لاحظت في كتابات كثيرة . لا شك ان استعمال اللغة ومفرداتها ، هو فن بحد ذاته ، ويضفي على الأبداع الحقيقي جماليات خاصة تعمق قيمة الابداع وأثره. الانسان الذي لا يملك هدفا في الحياة ، هو بنفس الوقت لا يملك مشروعا ثقافيا ، حتى لو كان استاذا في علم اللغويات. يقتضي ان يكون للأديب أو المثقف ، مشروع حياة يرتبط بقضايا مجتمعه وعالمه. للأسف هذا ما أفتقده في الأكثرية المطلقة مما ينشر من ابداعات شعرية أو قصصية ، ومن نقد أدبي ومحاورات فكرية وثقافية. لنا تجربة غنية . حققنا انجازات ثقافية في مسيرتنا غير السهلة. ونحن قادرون على مواصلة المسيرة .. والصعود من جديد!!
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرب طيبون .. حتى متى ؟!
-
اشكاليات الجبهة في الناصرة كما طرحها منشورها الأول
-
شاعر من بلادي
-
ثقافة حوار .. ام غابة حوار ؟!
-
قضايا الشرق الأوسط المتفجرة.. هل من حل سحري في الأفق ؟
-
لفتة هامة لتكريم الأديب والمناضل الكبير حنا ابراهيم
-
احبسوا انفاسكم : وزير العلوم والثقافة والرياضة هدد بالاستقال
...
-
الفنون أنتجت روائع والسياسة أنتجت مسوخا
-
قصيدة لم يكتبها محمود درويش
-
محمود درويش كما عرفته
-
حين صار عدد -المفكرين- أكبر من عدد الحمير !!
-
بهاء بكري - مغن جديد في اوركسترا مفلسة
-
من بدع الجاهلين !!
-
قانون سحب المواطنة .. عقاب جماعي للعرب في اسرائيل !!
-
لا تزايدوا على المطران شقور
-
حتى يجيء عصر التنوير
-
مهرجان للحضارة .. مهرجان للمستقبل !!
-
بروفيسور كلثوم عودة من الناصرة الى سانت بطرسبورغ
-
العجوز والفوطة !!
-
اورفيوس- تبني جمهورية للموسيقى في الناصرة
المزيد.....
-
أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي
...
-
كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير
...
-
جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
-
الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
-
الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
-
احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
-
شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي
...
-
نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
-
تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
-
الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|