محمد عراقي
الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 00:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يمر العالم بالكثير من الضيقات و الشدائد كل يوم , و بعضها يكون من القسوة و الألم حتى أنه يوصف بأنه ضد الإنسانية , ضد حق الحياة الطبيعي الذي يكتسب بالولادة , فالعالم مليء في كل أنحاءه بالجوع و المجاعات و العوز و الحروب و الاضطهادات و المذابح و الأمراض و الأسقام و الجروح و كل شيء شرير , انه مليء بالظلم و الكراهية و الأنانية و كل شيء مرير . في أي مكان و كل مكان على سطح هذا الكوكب سنجد من الألم و العذاب أشكال و أنواع متنوعة , و لا يحد هذا أي علم أو جهل أو فقر أو غنى , قد يحده فقط بعض التحضر و لكن حتى الحضارة تصبح شيء نادر جدا إذا بحثنا عنها في خارطة العالم السياسية , سنجد ببساطة الدول و الحكومات و الهيئات العالمية و مختلف أشكال السلطة , و أيضا سنجد المال و الأعمال و الاستثمارات . لكن لن نجد بسهولة الحضارة الحقيقية التي تحترم الإنسان . أنا لا أجدها حتى لو أختلف معي الكثيرين , قد أجد دول تحكمها شعوبها و بها بعض العدالة الاجتماعية و بعض القيم الإنسانية الأخرى , و لكني سأدعي أن حتى تلك الدول لا تخلو من الألم و القسوة التي قد يدعوها البعض خطأ أمراض الحضارة . و لكني بالفعل أري أنهم يدركون ما يواجهونه و يعملون بجدية على هزيمته ولكني أراهم لا ينجحون .
و نسأل أنفسنا هل هناك من يقبل كل هذه الشرور ؟ يعيش على الأرض ست بلايين بشري , فإذا سألناهم أجمعهم أعتقد أنهم جميعهم سيقولون لا لا نريد كل هذه الشرور و الآلام . فإذا كان الجميع بمختلف مللهم و أعراقهم يرفضون , إذن فمن يفعل ؟؟
أنا أظن أن البشر بالفعل يريدون خلاصا من كل هذه المعاناة و لكنهم ببساطة لا يقدرون , ليس باستطاعتهم ..
هذا ما توصلت أنا أليه بعد النظر إلى تاريخ البشر على سطح هذا الكوكب البادئ منذ عشرة آلاف سنة , عشرة آلاف سنة لم يتوقف فيها الشر لحظة واحدة , بل دائما في تعاظم , و كلما زادت إمكانية البشر في التحكم بما يحيط بهم زادت معاناتهم و آلامهم , كلما تخطى البشر حاجز يضعوا على أنفسهم آلاف الحواجز .
و تأتي الأديان و الفلسفات المختلفة , و تنظر بأنه هناك تعاليم و إرشادات و نظريات لو أتبعوها البشر لكفوا عن المعاناة , الأديان تدعي أن حقيبة الإسعاف أتت من الله و الفلاسفة يرون أنها أتت من كمال إبداع الطبيعة حولهم .
تدعي الأديان أن الله خلق العالم و أنه كلي القدرة و أنه دائما مثل الرجل الطيب في الأفلام الأمريكية الذي يفعل الخير دائما .
فإذا لم نخض في التفاصيل المتشابه لكل الأديان عن من هو هذا الله و كيف بدأ الخليقة و من هم رسله و ما هي كتبه المقدسة و و و ...
سنجدهم جميعا يتفقون على شيء أنا أعتقده في منتهى الخطأ و يمثل جزء كبير من الشرور التي يواجهها البشر .
سنجدهم جميعا يريدون من البشر أن يقوموا هم بالالتزام بالتعاليم و الشعائر و السياسات و الأوامر و النواهي التي تخبر عنها الكتب المقدسة , و أن البشر هم من جنوا على أنفسهم ببعدهم عن هذه التعاليم , و أنه دائما هناك طريق للخلاص من كل الآلام واضح كالشمس و يجب على البشر أن يعملوا على سلوكه و المرور فيه . فإن لم يفعلون يكون ليس لله على الناس حجة بعد الرسل و يكون الله قد فعل ما يقدر عليه و ليس عليه المزيد و يجب عليه أن يتفرغ الآن للانتقام و حرق كل من رفض هذه التعاليم و فخفخة و إمتاع من سلك فيها و صدقها .
و نسأل أنفسنا ..
هل من رفضوا تلك التعاليم يريدون الشر و الألم لأنفسهم و للجميع ؟؟
هل من رفضوا تلك التعاليم يستطيعون وحدهم مجابهة الشرور ولا يحتاجون مساعدة ؟؟
هل من رفضوا تلك التعاليم لم يخلقهم الله و ليس له سلطان عليهم ؟؟
هل من رفضوا تلك التعاليم اختاروا آبائهم و أمهاتهم و أجناسهم و أعراقهم و مجتمعاتهم و موقعهم من الكرة الأرضية ؟؟
هل من رفضوا تلك التعاليم يملكون عقول صنعوها هم لأنفسهم و لم يولدوا بها ؟؟
ذنب من أنهم رفضوا تلك التعاليم و الإرشادات ؟؟ و في ظل كل هذا الشر و الألم و الظلم الذي يمرون به كل لحظة هل لو وجدت لهم طريقة ناجحة للخلاص أيرفضونها ؟؟ لا يخفى على أحد تكالب البشر دائما على كل شيء خارق للطبيعة أمل منهم في حل لمشاكلهم و لخوفهم الدائم من المستقبل. فهل يعقل هذا ؟؟
أليس الله كلي القدرة ؟؟ و كلي الخير ؟؟ لماذا لا يصلح من ذات خليقته حتى تصبح دليل عليه و على كماله ؟؟ لماذا يتركها تعاني و تتألم و تموت جوعا و جهلا ؟؟
البشر لم يخلقوا هذا العالم و لم يخلقوا أنفسهم . هم لا يستطيعون لأنفسهم فكاك مما هم فيه على مر العصور مهما اختلفت طرق حكمهم أو التحكم فيهم و مهما غيروا من أديان و أنبياء و رسل و كتب مقدسة و شعائر و تعاليم , بل و مهما تقدموا و غزوا الفضاء و اخترعوا الكومبيوتر و القطارات التي تسير على قضيب واحد ..
هم لم يخلقوا أنفسهم و ليس ذبهم ما هم فيه و ليس في استطاعتهم الخلاص منه و لو كانت وجدت الطريقة لذهبوا إليها بكل قوتهم..
هذه أسئلة أوجهها للمتدينين من أصحاب الديانات المختلفة .. فهل من مجيب ؟؟
#محمد_عراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟