أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاصم بدرالدين - إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك














المزيد.....

إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 09:45
المحور: الادب والفن
    



لن ينتهي الليل على وقع قصيدة هذه المرة، سيأتي الموت ويأخذنا معك.
الحكاية تنتهي، وتبدأ كما تنتهي.. والرقص الشعري يسرقنا مساءً، ونحن نسير في حزن سريع. وتتربع قصيدتك الأخيرة على كنبة كتاب، كانت تصلي، رأيناها تصلي سلاماً فلسطينياً لإله مجهول. حيفا اليوم، رام الله، وغزة والبروة -وأراضي الوطن المسروقة- سيكتبون قصيدة الرثاء، مطلعها حروف من إسمك منكسة الملامح وخاتمتها دموع علقت بأطراف المسيح المشرد من بحيرة طبريا حين سار عليها، ومتنها غصن زيتون جمع من أسماء الشهداء. وستحزن أقلاماك خجلاً من دموع أمك. وسنأكل من خبز عيونها حتى نثمل للمرة الأخيرة.

ستقول الأيدي، وهي تغرسك في الظل، جرة زيتون أخرى: أنا محمود يا أبي، وتسقط بعدها دموع هذه القصيدة وتنوح تلك كالثكلى أو اليتيمة.. فلماذا تركتني وحيدةً؟
كن أيها الماء وتراً لقصيدته الأخيرة، كن وتراً لحزننا المشبع بالكلمات. أهو القدر؟ وهل بدءنا نؤمن بالقدر؟! هل موتك قدرنا؟ أم موت فلسطين قدرك وحدك-قدرها وحدها-قدرنا وحدنا؟ أحسب أن جسدك لن يبكي حين يرقد في قريتك الأم، أو في الضفة، بل سيلعنهم جميعاً.

أنت منذ الآن غيرك، لكنك غيرهم. وفلسطين لا تشبه أحداً.. إلا ريتا وعيناها العسليتين هكذا نراها ونحبها، وهكذا نحضنها ونقبلها. والسؤال الفصيح البليغ والفارغ الثقيل، في الآن معاً: هل سيبكيك أنبياء غزة الجدد؟ هل سيكون بيت أبي سفيان الجديد، وأهله، متشح بالسواد حين تمر روحك لإلقاء تحية الوداع وأنت تشعر بالخجل لما جاء في مقدمة ابن خلدون؟ أما زلت؟
حاصر حصارك لا مفر.. بالجنون وبالجنون.. ستبكي غزة، لكنهم سيقتلونها ويحرقونها وبرجمونها بالنار لأنها زانية! وإلا فكيف ستمتلأ جهنم ربهم؟

كم وددت أن أخنق الموت، وأشرده، وأطرده.. ونسكر بعدها لأننا هزمناه، ونقول في سرنا: ربحنا لأول مرة. ونتذكر ساعتئذ كم خسرنا وفقدنا، فتهرب سكرتنا وتتوه نشوتنا منا في دائرة الهزيمة الكبرى... بحنق وغضب وجزع نقول: خسرنا كل شيء، خسرناك، أتدري؟ لم نكن نعرف أنك تموت، لم نكن نحسبك تموت مثلنا! لما تموتون فجأة؟ لتدخلون الحيرة إلى نفوسنا كأن موتكم قصيدة طويلة مبطنة المعاني؟ موتك قصيدة انكسار.

لن نكون في فلسطين، لن نبكي مع الأسماء، ولن نضع وردة على قبرك، ولن نقرأ القصيدة الأخيرة إلا صوراً جامدة.. لكننا سننظر إلى السماء ونقول له، هو الجالس على عرش قدرنا(!): لا تعتذر عما فعلت! بلى إعتذر.. لا لا تفعل.. هل قرأت القصيدة؟.. لماذا لا تجيب؟!

تموت حياً؟.. ام تحيا ميتاً؟.. سؤال القصيدة يمزق جلدنا ويخرق ذاتنا.. لكن، مع ذلك، فهذا أفضل.. لأن الشك وحده، فإسمعوا يا أبناء اليقين، الشك وحده سيعيد إلينا حرية الوطن والقصيدة والشعر. وهو نفسه سيأخذك قصيدة بشرية إلى جنة طفولتك في بيتك القديم لتلهو في حقول البرتقال... حتى ذلك الوقت، ذلك اليوم، ونخاله حلماً مستحلاً كعودتك من الموت: سنعيد قراءتك، فأنت منذ الآن غيرك، ووقع أخر للكلماتك سيأسرنا.

السؤال الأخير، في ليلة الأسئلة الكبرى، لك وحدك لتجيب عليه أو كما تشاء افعل: إذا كنت شاعر القضية ومت وخسرناك، فماذا عن القضية وشعبها وأرضها؟!
لن ينتهي الليل على وقع قصيدة هذه المرة، سيأتي الموت ويأخذنا معك.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض مفارقات التعامل اللبناني مع الذاكرة
- في نهرها: فلسطين حقاً عربية!
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق
- وماذا عن الجيش؟
- صراع أبدي
- الإنتفاخ الطائفي
- متى الحرية؟ متى السيادة؟
- في ذكرى سمير قصير: أسئلة دائمة


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاصم بدرالدين - إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك