أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل الخياط - على خلفية القرار 137 المجتمع السليم نتاج لدولة القانون والحرية















المزيد.....

على خلفية القرار 137 المجتمع السليم نتاج لدولة القانون والحرية


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 724 - 2004 / 1 / 25 - 04:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


             في خضم العاصفة التي أثارها القرار 137 - والذي الغى القانون المدني
العراقي المطبق منذ أكثر من خمسين عاما , تذكرت تساؤلا وحديثا دار
بيني وبين شخص من هؤلاء القوم الذين أعيش بينهم منذ سنوات ..
التساؤل ليس غريبا , فأنت غالبا ما تسمعه في الغربة : كيف وجدت الفرق
بين  هنا وهناك .. بين بلدك وهذا البلد ؟ .. لكن ذلك الشخص أردف بعد ذلك
: لا تقل لي " الحرية " فهذه دائما ما تتردد على أذني من كثير من الذين
أسألهم عن الفارق .. كذلك إستطردَ : ولا تقل نوعية العادات الثقاقية , ولا
طريقة العيش , ولا الطعام أو الملابس .. وغيرها .. إنما ما أريده هو
الفارق الجوهري بين هنا وهناك .." .. إذ ذاك قلت في ذاتي : ان هذا الشخص اما أن يكون بسيط جدا , أو ذكي جدا .. لكني رجحت الإفتراض الأول , فقد تجاوز الحرية أو مرَ عليها بسذاجة واضحة - بالمناسبة ,انه خريج أحد الفروع الإجتماعية ويسمى - social worker -... قلت له:
ولماذا هذا الإصرار على أشياء لا تخصك , فأنت ليس باحث أو مؤرخ
أو صحفي .. أنت إنسان تعمل في وظيفة جيدة ومضمونة وتمتلك كل
مقومات الحياة المثالية .." ..............  فقال : أريد أن أعرف , ربما
فضول فقط , أو أريد أن أعرف لأن ذلك يرتبط بطبيعة عملي , فأحيانا تواجهني حالات عن مهاجرين لا أعرف كيفية التعامل معها ."...
فقلت له : أقول لك , لكني أتمنى أن تفهم ما أقول , أو ينفعك فيما تطمح إليه
مع التأكيد عدم جزمي لك بأني سوف أضع يدي على كل ما تريده لكني أحاول مع رجائي بعدم مقاطعتي أثناء الحديث . " .. وعلى اي حال حين
إتفقنا قلت له : الذي أظنه أن طبيعة عملك هي التي دفعتك إلى تجاوز هذه
الأشياء التي ذكرتها .. أو طبيعة هذا البلد بإعتباره بلد هجرة من الدرجة الأولى,  فأنت ترى هذا الإختلاف في كل مكان : في الشارع وفي محل العمل وعلى شاشة التلفاز , بل حتى تجد أُناسا من جنسيات مختلفه ممثَلون في البرلمان وأحيانا يرتدون زيهم : الهندي والأفريقي والآسيوي .... لذلك فأنت لاتستغرب .. بل ان تلك المظاهر حتى لا تستثير الوافد الجديد بعد تفهمه طبيعة هذا المجتمع ... لكن الغرابة تكمن في عدم ربطك لهذا الواقع بمفهوم الحرية , الجميع يمارسون طقوسهم بدون أي تحفظ من السلطات .. وفي ذات الوقت لم تفهم جوهر الحرية حين وضعتها في نفس مستوى بعض الشكليات مثل الأكل والملابس .. أنت لا تفهم معنى الحرية لأنك لم تعتاد على وضع مختلف , بالضبط مثل أية حالة مزمنة أو متأقلم عليها حين تزول
ترى وضعك إنقلب رأسا على عقب .. أنت تولد على وضع مُسَلم به لا تحتاج إلى جهد لترسيخه , بل حتى عدم التفكير فيه , لذلك لا يمكنك أن تدرك بُعدها العظيم الذي يُكون كيانك .. وعندنا قول يقول انك لا تعرف قيمة الشيء إلا حين تفقده .. هذا الفقدان يا صديقي هو الفارق الجوهري - الهوة السحيقة
بين هنا وهناك .. لكن الذي أرجو أن تفهمه ان الحرية لا تعني باي حال من الأحوال إطلاقا بلا حدود في السلوك لأنها سوف تتحول في هذه الحالة إلى
قانون غابة وحشي .. الذي أعنيه بالمعنى العظيم هو دولة القانون التي تحمي حريتك من وحشية الغاب .. لا يستطيع لا مسؤولك في العمل , ولا
ضابط شرطتك . ولا رئيس وزراؤك , ولا البلطجي .. ان يمارس عليك جبروته أو سطوته .. القانون يحكم الجميع بنفس المعيار ولا سطوة لأحد على آخر ... ووفقا لذلك تنمو الناس بشكل طبيعي , بشكل سوي من دون فايروسات تسمم حياتهم .. فايروسات الهدم الإجتماعي والنفسي التي
تقوض بلا شك مسيرة المجتمع نحو التقدم والإزدهار ... أما هناك فتتشكل عُقد نفسية رهيبه في أحشاء مجتمعات بكاملها فتجرفها نحو هاويات سحيقه
لتكون عائقا مخيفا على تطور الجنس الإنساني الذي خلقه الله في أحسن تكوين .. بين هنا وهناك صراع الإنسان منذ الأزل ضد أي تجبر سواء كان صادرا من الطبيعة أو من طغاة البشر .. لكنك ربما لا تفهم هذه الألغاز ,
فأنت وجدت حريتك - كما قلت لك - كواقع مُسَلم به , ولم تدرك ان تلك المسلمة لم تأتي
بقدرة قادر , إنها نتاج كفاح طويل عبر حقب التاريخ .. كفاح ملايين البشر
بالدم والفكر وكل شيء لأجل تشييد هذا البناء الشامخ !!!!  هل تفهم ؟
هل تعي حجم الخراب داخلك كإنسان وإزاء مجتمعك حين يُمارَس عليك
الإضطهاد من كل حدب وصوب : من والدك وأمك وأخيك وأختك وقريبك
وجارك ومعلمك في المدرسة وضابطك في الجيش ونظامك القمعي وتقليدك
الإجتماعي المتخلف وعرفك الديني الجائر و.. و .. و .... كل واحد من هؤلاء يريدك أن تمشي وفق هواه لأجل أن يُرضي غروره أو دونيته أو
ساديته , لأن هؤلاء أيضا نتاجا للسلف المتخلف والجائر .. وهكذا تتناوب
الأجيال على هذا المنوال وبتضخم أكبر حتى يصل حدا من الصعب تصوره
.. هوة سحيقه,قانون حريتك يقول لك ماهي إمكانياتك - إعمل وفقها , لكن
قانوننا يقول : يجب أن تعمل ما يفرضه عليك الآخرون بدون أية مراعاة
لإمكانياتك , فأنت ليس مُلك نفسك , أنت مُلك لهذه الطامة الكُبرى التي
تُسمى دولة القمع ومجتمع التخلف !!!!!!
وهل تعرف ما معنى أن تكون شاذا في المجتمع , معناه أن تمارس كل الجرائم ضد بني جلدتك وضد الإنسانية : تصبح شرطيا ومنافقا وعميلا ..
تعمل كل الأشياء الوضيعة لتسد تلك العقد التي تحتويك .... الشرطي عندنا
يا صديقي ليس مثلكم , إنه لا ينتمي إلى القانون ولا يدافع عنه , إنه ينتمي
لعقد الكبت والتخلف التي هي خلاصة ضياع الحرية ودولة المؤسسات
القانونية !!!!
والمرأة أيضا ضمن هذا الواقع المأساوي , بل أكثر مأساوية .. فهي في حالات كثيره يُفرض عليها الزواج فرضا وليس حسب رغبتها .. الزواج ونوع الزوج والطريقة التي يتم بها الإختيار .. كذلك في حالات كثيرة تُعامل
ككائن أقل مرتبة من جنس البشر , لذلك فهي حين يُمارس عليها كل صنوف القهر يجب أن تتحمل وعن قناعة قدسية وليس كواقع مفروض , لأنها بدون ذلك ستكون وصمة عار على أهلها وعشيرتها ودينها , وقد تتعرض للقتل
كحالة من حالات غسل العار .. وغسل العار هذا له قصص أغرب من الخيال
.. أما المرأة التي يموت زوجها في حالة طارئة أو يقتل أو يُفقد في الحرب
وهي لم تزل في عز شبابها , فهي أيضا غالبا ما يُفرض عليها العرف الإجتماعي والديني بعدم الزواج والإلتفات إلى تربية أبنائها .. أما إذا فعلت
وهذا بلا شك حقها الطبيعي , فستكون نكرة وسط واقع الجهل الكارثي هذا
.. ولأنه جهل - وجهل بهذا المستوى - فهو ليس بمقدوره تفهم أن هذه
المرأة من الممكن أن تنحرف عن الطريق السوي , وإذا لم تفعل فسوف
تتحطم نفسيا , فتأتي حصيلة تربيتها لأبنائها بمستوى إنهيارها النفسي ..
وبخصوص العمل فإن هذا سوف يكون تلقائيا بمستوى وعي المجتمع والعائلة التي هي إحدى مكوناته , وإذا إستثنينا الحالات التي أشرنا إليها
بإعتبارها طبقات مسحوقة إجتماعيا وثقافيا , فالطبقة الوسطى أيضا ثمة تفاوت بين فئاتها , فمن الممكن أن نجد البعض قد حققن إنجازات ملحوظة
والبعض الآخر وهو الأغلبية بالطبع ظلت مربوطة إلى المفاهيم العشائرية
والدينية في سلوكها عموما .. ومن هنا تظل المرأة العراقية عنصرا من
الدرجة الأقل مرتبة - وسط القمع الديني والعشائري- بالمفهوم الحضاري ..
ربما أتفق معك ان بعض الفئات في مجتمعك قبل خمسين عاما كانت لا تحبذ
العمل للمرأة , لكن ليس ثمة نسبة من المقارنة !!!
هل فهمت الآن يا صديقي كيف تصنع دولة القانون والحرية مجتمعا سليما
مع ان الذي قلته نزر من يسر؟؟؟ !!!!

 



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب .... نظرة تاريخية موجزة
- أُسطورة بلاد الثلج
- حكاية رجل الأنترنت الذي فقد عقله
- شجرة السلطان


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل الخياط - على خلفية القرار 137 المجتمع السليم نتاج لدولة القانون والحرية