بلادالصقيع تمتلك قوة سحرية رهيبه ... ليلها طويل .. طويل جدا .. أيام .. شهور .. ساعات ...
زمن جميل ... رومانسي ... حالم تحت قبب زهريه , وأضواء ملونه , وفضاءات دافئه .. ربما يُحسد عليها من هم في جحيم الصقيع الآن .
بلاد الثلج شتاء طويل .. شتاء يقتحم افق التاريخ .. تاريخ الأدب:النقد والمأساة والملهاة والكوميديا الفكر والديانات والسايكولجي والبنيوي .. وكل شيء ... يلد قرائح جديدة , ويُفجر تراكمات كونية كونتها سنين الويل والضيم والحروب ...
في ذلك الليل الطويل تكتشف كل شيء , ويرحل عقلك نحو فضاءات بلا قرار: الذكرى والتذكر والإكتشاف والوصم والنعت والخيال اللامنتهي ... إنك تصبح الأديب والفيلسوف والعالم والمبتكر والأكروباتيكي ولاعب الغولف وكرة القدم والقفز بالزانه .. وكل الألعاب ... كل الأشياء تصير في متناول يديك .... وعيك يغدو له قدرة خارقة على الترابط والربط والإستشفاف والتحليل والتمحيص وصناعة الدمى والأفكار , وإرتباط الدمى بالأفكار وبالفلسفات والفنون والديانات والأعراف والتتقاليد الإجتماعيه والمبادئ والثوريات والذي سقط من كل ذلك والذي لم يزل منتصبا رغم ويلات الزمن وهبوب العولمه والشوه البشري ..والى آخر المصطلحات ..
زمن الثلج غريب عجيب .. التابوات تصبح مُباحة والنواميس والشرائع تُبرمج حسب الإسترخاء , تحت وطأة النشوات السحريه ...
قبضة مُهولة مثل , بل أكثر هولا من سكلوب الخرافه .. قبضة تعتصر العُملاء والأصنام والمنافقين والمرائين والمُلحدين والمارقين والمُرتزقة والخونه .. وكل من تسول له نفسه الخروج من بوتقة الفكر الجليدي.. وفي ذات الوقت ترفع نحو ألق السماء الوطنيين والشرفاء والمناضلين والمقاومين ومن يزهقون الأرواح في المساجد والكنائس والمقاهي والأسواق والمدارس وعلى قارعة الطريق .....
ليل خيالي القدرة على المسك بزمام كل الموجودات - جمادية كانت أم نابضه- بأسد بابل او هيكل أرطميس أو برج لندن .......... بكونفشيوس أو الرسام فان كوخ وبيكاسو ودالي , أو المشترع حمورابي والفارابي وطاغور وربما [ شلاكه ابو الباجله أوعزت ابو الثلج..الخ ] ...
وبلاد الثلج تصيغ الأشياء حسب مفاهيمها النابعة من إلهامها السماوي الذي لا يُخطئ : من هو المستعمر ومن هو الفدائي
ومن يريد خيرا بالبلاد والعباد وبالطبع من يريد شرا , ونصف خير ونصف شر وما الى ذلك ... ومن يقول ان الحزب الفلاني عميل لدولة " بيرو " والحزب العلاني تابع لدولة " كازاخستان " , وفلان غير صالح , وذلك تكنوقراطي , والآخر يقول نريدها اسلاميه , والثالث بين بين , والرابع ملكيه , وقمريه ومريخيه ...
وفي دول الجليد تولد الإنشقاقات والتحالفات وإعادة التحالفات , وتصبح النقائض محتملة التلاقي , والمتماثلات قد تتعارض : أنت عميل , أنت صهيوني .. أنت .. أنت .... فليحيا كهنوت الثورة الجديد .. وليحيا كتبة التقارير الجُدد وشعراء الأمس المخضرمين.. ولتحيا مواقع التنوير الألكترونيه .. وليسقط مجلس الحكم العميل ..ومجلس الحكم هذا ترادفت عليه اللعنات من كل حدب وصوب , كأنه لعنة الله على أرضه , وبعضهم يُفكر أن يعمل عليه إنقلابا بمساعدة دبابات الدول العربانيه وبمساعدة الإعلام العرباني - العربية والجزيرة والقدس العربي وإبن عطوان وصحف البدو اليمنية والأردنيه ....
ومنهم من يقول ان " نيكولاس جايلس " محلل البي بي سي " انه مجرد مراسل شبكة أخبار وليس مُفكر .. ومن يضع التحليلات الجهنمية لخطاب " بلير " في الكونغرس الأمريكي .. وآخر يضع المسببات الرئيسيه - وليس ما نقلته وسائل الإعلام - التي دعت " بوش" لعدم إلقاء كلمته في مجلس العموم البريطاني ......
كل شيء محتمل وغير محتمل وقابل لوضع الإعتبارات والتفسيرات البنويه والفلسفيه والإقتصاديه .....
وفي بلاد الجليد تصير ثورة الفلوجة أم الثورات , على وزن ام العرايك .. ويستحيل القول المعروف عن " الأسد " انه سيد الحيوانات الى القول - بل ليس قولا انها الحقيقه الموضوعيه - ان " الحمار " هو النموذج المنقذ .... ويرسل أحدهم قصيدة غزل - لحمار المعجزة هذا - صاحب العملية الفدائيه ... وسوف تُعلق هذه القصيدة على بوابات
" العوجه " .. وسوف يتسابق الشعراء على مديح هذا الحمار المعجزه.. حتى تصير هذه القصائد مُعلقات القرن الواحد والعشرين على بوابات العوجه , وبديهي انها سوف تتخطى بمراحل المعلقات على جدار الكعبه .........
وثالث يقول انتم ساهون عن الواقع الموضوعي على أرض السواد .. فهذه ليست المرة الإولى ولا الثانيه وتتعدد المرات عن صنوف الحيوانات التي شاركت ولم تزل تشارك في المقاومة الملحمية العراقيه ضد أُولئك الغزاة القادمين من وراء الأغوار البعيده.. فهناك الخرفان والديكه والقطط " والهوش والجاموس وحتى القوارض .... لكن الأكثر أهمية هي ثورة الكلاب التي أخذت تطيح بجحافل المحتلين , وقد أثارت تلك الثورة وسائل الإعلام العالمية الى حد العجب , فلقد ساندت الكلاب التي جلبها الجيش الأمريكي معه بني جنسها مما زاد في خسائر الجيوش الغازيه .. الى ذلك فقد أخذ هذا الواقع المأساوي يُثير الهلع في قلوب منظري مؤسسة المال العسكرية الأمريكيه , فلقد وُضعوا بين خيارين - أما إرسال كلاب جديدة , وهذا يُؤدي الى تضامن جديد وخسائر أكثر , وأما جلب أجهرة تصنت من شركات أخرى غير تابعة للمؤسسة العسكريه , مما يُؤدي الى رفع تلك الشركات لأسعار تلك الأجهزه فيُزيد في خسائر البنتاكون ...لأجل كل ذلك جاءت زيارة " بوش " الخاطفة " لرفع المعنويات المنهارة ولجم الألسن المعارضة للحرب في الكونغرس وبقية دول حلف الناتو , وعلى أثر ذلك جاء الإكتشاف العظيم لقبو الدكتاتور الإسطوره .. اسطورة السخرية أم المأساة أم الصمت المطبق - وهو التعبير الأنسب لتلك الرحله الهزيله !!!!!!!!!!!
كل تلك المخاضات والتحليلات والتكهنات ووضع الدساتير والقوانين .. الخ ... كل ذلك يجري تحت قبب الجليد الحالمة ... لكننا لا ندري ماذا يدور خلف كل ذلك ... وعلى قول ذاك :
- و لا ندري ماذا يدور في خلد الإله -
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
