أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الجبار منديل - الدكتور علي الوردي















المزيد.....

الدكتور علي الوردي


عبد الجبار منديل

الحوار المتمدن-العدد: 2330 - 2008 / 7 / 2 - 10:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا اتذكر متى على وجه التحقيق سمعت لاؤل مرة بأسم الدكتور علي الوردي او قرأته . ربما كان ذلك بين سنتي 1955 -1956 وكنت في حينه طالبا في
متوسطة الديوانية يتملكني شغف جنوني بالقراءة والكتب. وكانت المعرفة في تلك السنين من الامور الثمينة التي يصعب الحصول عليها وليس كما هو الحال في الوقت الحاضر حيث المعرفة مبذولة ومنتشرة وكان من يعثر على كتاب كمن عثر على كنز.

وكان اسم الوردي قد بدأ يتردد على الالسنة وعلى صفحات الجرائد بأعتباره كاتبا مثيرا للجدل وانه قد صدر له كتاب بعنوان (وعاظ السلاطين) اثار صخبا واسعا على مستوى المجتمع العراقي.

وكما هي العادة دائما فأن هنالك فئة من البشر الذين يخطفون العناوين ورؤوس الاقلام خطفا دون ان يعرفوا المحتوى الحقيقي للكتب لذلك كان الحديث عن الكتاب كثيرا ومتناقضا. وقد كان من الصعب ان اعثر على الكتاب في مدينة ريفية صغيرة مثل الديوانية في ذلك الوقت فالمكتبة العامة في المدينة لم تكن تشتري مثل هذه الكتب ومكتبة المدرسة هي الاخرى ابعد ماتكون عن ذلك وخاصة لمؤلف مشاكس ولكتاب يطرح اراء خارجة عن المألوف والمتعارف عليه في حينه كما ان ميزانيتي المتواضعة لم تكن تسمح لي بشرائه.

لااتذكر اي صدفة سعيدة جعلتني اعثر على الكتاب واستعيره ولكن الذي اتذكره جيدا ان ارائه العلمية الجريئة احدثت صدمة مذهلة وزلزالا فكريا بالنسبة لفتى صغير مثلي. والغريب انني فهمت مضمون الكتاب بدون صعوبة تذكر فاسلوب الكتاب ليس مما تعود النقاد ان يصفوا به اسلوب الجاحظ او ابن المقفع او طه حسين بانه السهل الممتنع ولكنه كان الاسلوب السهل غير الممتنع ولم يكن يهتم بالسبك اللغوي او جمال الديباجة فلغته كانت اقرب ماتكون الى اللغة الدارجة فهي كانت خالية من الزخرف اللفظي او عذوبة الصياغة فهو لايهتم بذلك وقد عبر عن هذا في كتابه الذي صدر بعدئذ بعنوان (اسطورة الادب الرفيع).

يبدا الكاتب مقدمته الصادمة على الشكل التالي (اقدم بين يدي القاري العربي بحثا صريحا لا نفاق فيه حول طبيعة الانسان وهو بحث كنت قد اعددت بعض فصوله منذ مدة غير قصيرة لالقاءه من دار الاذاعة العراقية فرفضه جلاوزة الاذاعة) ثم يضيف في هامش (حق على المذيع انذاك ان ينادي " هنا بلد الجلاوزة هنا بغداد") ثم يقول في مكان اخر ناعيا على الوعاظ الذين يتسترون بستار الدين وينصبون انفسهم اوصياء على الناس نفاقهم وتناقض سلوكهم (والغريب ان الواعظين انفسهم لا يتبعون النصائح التي ينادون بها فهم يقولون للناس نظفوا قلوبكم من ادران الحسد والشهوة والانانية بينما نجدهم احيانا من اكثر الناس حسدا وشهوة وانانية).

ويتحدث في مكان اخر عن قصة الشيخ الازهري المتزمت الذي سافر الى فرنسا عام 1826 والذي كتب في مذكراته وهو في غاية الدهشة حينما رأى سفور المرأة الفرنسية وتبرجها واختلاطها بالرجل ذلك انه يعيب هذا ويعتبره من الفواحش والبدع غير انه ينوه بعد ذلك بأستقامتهم وابتعادهم عن الشذوذ قائلا (انهم لايميلون الى اللواط او التعشق بالصبيان) ثم يعلق الدكتور الوردي على كلام الشيخ الازهري وعلى التناقض في كلامه (وقد دلت القرائن على ان المجتمع الذي يشتد فيه حجاب المرأة يكثر في نفس الوقت الانحراف الجنسي من لواط وسحاق وما أشبه).

وبنفس هذا المستوى من الاراء الجريئة استمر الكتاب ليناقش كل المشكلات الاجتماعية في العراق والعالم العربي وهكذا حدث لي نوع من اللخبطة الفكرية او التلبك الذهني الذي قلب افكاري رأسا على عقب.

وبالطبع لم يسكت عنه ادعياء الدين بل كالوا له الصاع صاعين. ونشرت مئات المقالات بالاضافة الى 12 كتابا والتي تتهمه بتشجيع الفسق والفجور والالحاد والشيوعية. ولكنه كعادته دائما لا يرد على مقالات النقاد الا لماما وفي حالات استثنائية جدا.

وتمضي السنون وانا مستمر بمتابعة مؤلفات وكتابات الدكتور الوردي اقراها حيث ما عثرت عليها وابحث عنها في كل مكان يمكن ان تكون فيه. ثم سافرت للخارج للدراسة وعدت واصبح بأمكاني شراء كتبه دون ان اضطر الى استعارتها من الاخرين.

في سنة 1969 صدر الجزء الثالث من كتابه الموسوعي (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق) وفيه يستعرض تاريخ العراق منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين. وفي سرد ومناقشة تلك المرحلة التاريخية المهمة. وقد نجح في تسليط الاضواء على كثير من الجوانب المظلمة والغامضة في تلك المرحلة. ولكن ما اثار دهشتي واستغرابي هو ما احتواه الملف الخاص بالماسونية والذي وضعه كملحق في نهاية الكتاب. وقد كشف في ذلك الملف ان الكثير من القيادات السياسية والدينية والعسكرية المرموقة في العالم هي من اعضاء الجمعيات الماسونية ففي هذه الجمعيات مثلا الكثير من ملوك اوروبا مثل بعض ملوك بريطانيا والسويد والدنمارك وروسيا والمانيا وغيرها اضافة الى القادة السياسيين في العالم مثل جورج واشنطن وروسفيلد وترومان ونابليون وكذلك الكتاب والمفكرين مثل فولتير واوسكار وايلد ومارك توين وغيرهم وغيرهم. وكانت الماسونية في تلك السنين مثار خلاف شديد فالبعض يقول ان الماسونية هي حركة غير سياسية تحاول التقريب بين الاديان وخدمة الانسانية من خلال ازالة عوامل الخلاف والشقاق بين الشعوب والبعض يقول انها منظمة رجعية تخدم القوى الاستعمارية او تخدم الصهيونية وغير ذلك من التهم.

وقد شجع على ذتك غموض اهداف هذه المنظمة وعدم اعتمادها الشفافية في عملها والميل الى العمل السري ومنعها اعضائها من الافصاح عن نشاطها. ولكن الاغرب من ذلك والاكثر اثارة للدهشة هو ان اغلب رجالات النهضة العربية والاسلامية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هم من اعضاء هذه الجمعية فكيف يمكن التوفيق بين هذه الامور المتناقضة والمتضادة. فمن اعضائها مثلا الشيخ جمال الدين الافغاني والشيخ محمد عبده ومدحت باشا وسعد زغلول وغيرهم كثيرون كما يقال ان الكثير من افراد العوائل الحاكمة في العالم العربي والاسلامي هم اعضاء في هذه الجمعية.

وقد كتبت مقالا في حينه ( 1969) في جريدة النور التي كان يصدرها في بغداد الجناح الكردي الذي يتزعمه الاستاذ جلال الطالباني قبل ان تلغيها الحكومة بعد بيان 11 اذار 1970 لتصدر بدلا منها جريدة التاخي التي تعود لجناح الاستاذ البرزاني.

كانت جريدة النور جريدة ليبرالية معتدلة تنشر مختلف الاراء ولشتى الاتجاهات. وقد نشرت فيها مقالتي عن الدكتور الوردي. وكنت اتساءل في المقالة بعد مناقشة الجوانب التاريخية والفكرية في الكتاب عن ان المؤلف لم يقل لنا ما هو السر وراء انضمام هذه القيادات النهضوية المتنورة الى هذه الجمعية ذات المرامي الغامضة واتمنى عليه ان يقول رايه في ذلك. ولكن الدكتور الوردي كعادته دائما لم يجب على مقالتي ولم يعقب. وافسر ذلك الان بأنه ربما كان هو الاخر لايعرف سبب ذلك والا لكتبه بجراته المعهودة.

وفي بداية السبعينات صدر ذلك الجزء من كتابه والذي يناقش فيه مسألة الشيعة والتشيع وهل ان اصول التشيع عراقية ام ايرانية؟ وكان رأيه جازما بأن التشيع هو تيار سياسي وديني عراقي انتقل الى ايران كما كان البعض يؤكد. وقد ضهرت بعض المقالات التي تتهمه بالطائفية وكان ذلك اتهاما خطيرا في ذلك الوقت لا سيما وانه من عائلة شيعية في الكاظمية. وقد طاله اثر ذلك بعض المضايقات كما علمت فيما بعد.

وفي بداية الثمانينات وكنت استاذا في الجامعة المستنصرية في بغداد التقيت الدكتور الوردي في احد المنتديات ووجدت فيه انسانا طيبا جم التواضع. وحاولت ان اثير معه بعض الاسئلة التي عنت لي من قرائة كتبه طيلة 30 عاما. ولكنه كان يبتعد عن الموضوع وعن النقاش ويحاول مداراة الموضوع بنكتة او كلمة اعتذار خجولة. ولاشك ان الجو الارهابي المخيف الذي كان يخيم على عالم الفكر والسياسة وعلى الجامعات بشكل خاص لجم لسانه.





#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور التخلف في نشوء الحركات السلفية
- قضاة ومتهمون ..على الطريقة العراقية
- هل السياسيون العراقيون مع المحاصصة ام ضد المحاصصة ؟
- مقتل عبد السلام عارف - ذكريات شخصية
- تنامي روح القطيع في بعض الكيانات السياسية العراقية
- تفجيرات الجامعة المستنصرية ومحاولة اغتيال طارق عزيز - ذكريات ...
- مدينة الصدر ..مدينة البؤس والغضب
- محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم - ذكريات شخصية
- تأسيس وتوحيد الدول وتفتيتها - العراق نموذجا
- المحاكمات السياسية في العراق - محكمة المهداوي نموذجا
- البحث عن المدينة الفاضلة
- البحث عن البطل المنقذ
- دور الشائعات في حياة المجتمع العراقي
- العولمة بين انصارها وخصومها
- الفساد في العراق... الوباء القديم الجديد
- الجامعه المفتوحه


المزيد.....




- طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول.. ...
- يساهم في الأمن الغذائي.. لماذا أنشأت السعودية وحدة مختصة للا ...
- الإمارات تعلن وفاة الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان
- داخلية العراق توضح سبب قتل أب لعائلته بالكامل 12 فردا ثم انت ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية في حي الزيتون وسط غزة (فيديو ...
- روبرت كينيدي: دودة طفيلية أكلت جزءا من دماغي
- وفاة شيخ إماراتي من آل نهيان
- انطلاق العرض العسكري.. روسيا تحيي الذكرى الـ79 للنصر على الن ...
- إسرائيل تستهدف أحد الأبنية في ريف دمشق الليلة الماضية
- السلطات السعودية تعلن عقوبة من يضبط دون تصريح للحج


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الجبار منديل - الدكتور علي الوردي