أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مصطفى عنترة - الباحث والناشط الأمازيغي خالد المنصوري يتحدث عن واقع الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب















المزيد.....



الباحث والناشط الأمازيغي خالد المنصوري يتحدث عن واقع الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 07:59
المحور: مقابلات و حوارات
    


كيف تنظر الحركة الثقافية الأمازيغية إلى التطورات الأخيرة التي عرفتها المسألة الأمازيغية في عهد الملك محمد السادس، بدءا بخطابي العرش وأجدير 2001وانتهاء بإقرار تدريس اللغة الأمازيغية  ومرورا بمسألتي إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية  واختيارالأبجدية الرسمية لكتابة اللغة الأمازيغية ؟و ماهي حيثيات وسياق ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية؟ وما هي أسس المرجعية عند الحركة الثقافية الأمازيغية، وما هي أهم مميزات الخطاب الذي تتبناه هذه الحركة  ?وهل النظام السياسي المغربي يتوفر على رؤية واضحة لمعالجة مسألة التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب؟ هذه الأسئلة وغيرها موضوع اللقاء الذي أجريناه مع المنصوري عضو التنسيقية الوطنية للحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب:

ـ ماهي حيثيات وسياق ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية؟

إن الحركة الثقافية الأمازيغية ظهرت في بداية التسعينيات داخل الجامعة المغربية لتساهم في تأطير الطالب المغربي وتوعيته بحقوقه المشروعة وحملت على عاتقها مهمة الدفاع عن القضية الأمازيغية في مختلف تجلياتها، والعمل على إشاعة ثقافة الاختلاف البناء، والتعدد اللغوي والثقافي بالمغرب كمدخل من أجل خلق شروط أفضل للحوار والتواصل بين المكونات الطلابية في الساحة الجامعية، في أفق إخراج الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من أزمته الخانقة.
والحركة الثقافية الأمازيغية مكون من مكونات "أوطم"? تلتزم بأعراف، وقوانينه، ومبادئه، لكنها في المقابل تحمل تصورا شاملا لمختلف القضايا المطروحة على الطالب المغربي، ومن بينها نقد الحركة الثقافية الأمازيغية  للتوجه الإيديولوجي العروبي الذي انخرطت فيه "أوطم" في شخص المكونات الطلابية التي كانت سائدة، والتي عملت على استصدار مقررات"أوطمية"  تنسجم مع توجهاتها، وتخضع لرؤيتها وتجسد مواقفها المختلفة. لذلك نرفض تبني هذه المواقف المجحفة في حق الهوية المغربية والشخصية الوطنية. وندعو إلى إعادة النظر في هذا الإرث الفكري والإيديولوجي الذي يكرس الوهم العروبي، ويعتبر المغرب مجرد ملحقة لدول الشرق الأوسط، ونسخة رديئة للمجتمعات الشرقية.
لقد ظهرت الحركة الثقافية الأمازيغية  عبر سيرورة تاريخية ونضالية أنضجت هذه الفكرة، ووفرت لها شروط الوجود وميكانيزمات الاستمرار، وأيضا في سياق تصاعد الوعي الأمازيغي وتعدد التنظيمات المعبرة عنه، مما وفر ظروفا ملائمة إلى حد ما لإنبثاق هذا الإطار المتميز.
وبإرادة مناضلينا في مختلف الجامعات المغربية، استطعنا أن نؤسس "الحركة الثقافية الأمازيغية" كتنظيم وطني منظم ومهيكل، وعبر مراحل متعددة، فقد انطلقنا من مواقع جامعية محددة في بداية التسعينات، إلى ما يناهز 11 موقع جامعي، تكاد تغطي كل الجامعات المغربية، وهذا تأتى لنا عبر سيرورة نضالية متواصلة ومستمرة رغم العراقيل والمعوقات التي ظلت تطاردنا. إذ كان ظهورنا في الساحة الجامعية عصيا، واستدعى منا رفع  تحديات كبرى، وفي مقدمتها مواجهة مختلف الاستفزازات والمضايقات من طرف بعض المكونات الطلابية الأخرى، بل إن بعض التيارات القاعدية استقبلتنا بالهروات والسيوف والأسلحة البيضاء، حيث سالت دماء مناضلينا في عدد من المواقع الجامعية، وتعرضنا للضرب والشتم، ولشتى أنواع العنف سواء أكان ماديا أو معنويا. وبفعل يقظة مناضلينا وبعد نظرهم، استطعنا ربح المعركة جماهيريا، بعد التجاوب الكبير الذي لاقيناه من لدن الجماهير الطلابية التي سارعت إلى مناصرتنا والوقوف إلى جانبنا. وبذلك تأكد لخصومنا أننا قادمون بقوة مشروعنا، وجدية نضالاتنا، وإرادتنا في إنقاذ الطالب المغربي والعمل على حل أزمة "أوطم" المتفاقمة.
والحركة الثقافية الأمازيغية ليست اصطلاحا مجانيا، ولا عبارة اعتباطية، وإنما اخترنا هذا الاسم ووقعنا به بياناتنا رسميا، ونحن أول من استعمل هذا المصطلح قبل أن يتم تداوله على نطاق واسع، وبمدلولات مختلفة. لذلك، ومراعاة للوضوح المفاهيمي، وحتى لا يقع المتلقي في سوء الفهم، أو ضبابية الإدراك، وضعنا مصطلحات محددة لوصف مختلف الفاعلين في الحقل الأمازيغي حتى لا تختلط الأسماء، وتتداخل المفاهيم. وهكذا أسمينا الفاعلين في الحقل الجمعوي بـ"الحركة الجمعوية الأمازيغية"? والفاعلين في الحقل الأكاديمي بـ"الحركة الأكاديمية الأمازيغية"? وأطلقنا على أنفسنا اسم "الحركة الثقافية الأمازيغية". وعندما نريد التعبير بضمير الجمع عن كل المكونات الفاعلة في الحقل الأمازيغي، نستعمل مصطلح "الحركة الأمازيغية" كمصطلح إجرائي وليس تحديدي، أي لا يحدد تنظيما قائما بذاته، وإنما نقصد به تعبيرات متعددة، ذات أهداف مشتركة وموحدة، لكنها تختلف من حيث الموقع وآليات النضال، وفي مقاربة الإشكالات المطروحة.
أما مصطلح "الحركة الثقافية الأمازيغية" فنقصد به حركة محددة ومنظمة ومهيكلة وذات مواقف موحدة، وتنظيم وطني وموقعي، ولها أدبيات واضحة وتصور شامل، وليس مجرد تجميع لمناضلين من مختلف المشارب كما هو الحال في الحركة الجمعوية الأمازيعية.
لذلك طالما وضحنا الأمر للفاعلين الأمازيغيين حتى لا تتداخل المسميات، وبدأوا يتفهمون المسألة وأقنعتهم حججنا، لكن هناك بعض الأطراف لازالت تصر على تسمية الحركة الجمعوية الأمازيغية باسم "الحركة الأمازيغية"? وهذا ما يستغله البعض لإسقاط مواقف الأشخاص والجمعيات على إطارنا وتنظيمنا العامل داخل الساحة الجامعية. وإذا كانت هذه الأطراف حرة في ذلك، فإنها من جانب آخر قد تعرقل تطور الخطاب الأمازيغي وتساهم من حيث لا تدري في تعويم المفاهيم، وفي شحنها بذرات سالبة قد لا تتناسب مع التراكمات النوعية التي حققناها في سبيل تدقيق جهازنا المفاهيمي وتدعيم مناعتنا الفكرية وترسيخ تصورنا المتقدم للقضية الأمازيغية.
وانطلاقا من هذه المعطيات، فإن الحركة الثقافية الأمازيغية هي مكون من مكونات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وطرف فاعل في الساحة الجامعية، وفي نفس الوقت جزء لا يتجزأ من الحركة الأمازيغية في شموليتها، ورافد من روافد الحركة الديمقراطية والمجتمع المدني المغربي.

ـ ماهي أهم التحولات التي عرفتها الحركة الثقافية الأمازيغية من المؤتمر الأول إلى مؤتمرها الأخير (الثالث)?
بداية لابد من التذكير بمجموعة من المحطات التي أغنت تجربتنا، وبمجموعة من المعطيات التي لا بد من معرفتها من أجل فهم أفضل لسيرورة التحولات التي عرفتها الحركة الثقافية الأمازيغية على امتداد عقد من الزمن.
إن الحركة الثقافية الأمازيغية عرفت مجموعة من المراحل قبل أن تتبلور كتنظيم وطني قائم بذاته، إذ ظهرت في البداية على شكل مواقع جامعية في بعض الجامعات المغربية (فاس، مكناس، وجدة، أكادير، الراشيدية..الخ)? وفي فترات متقاربة نسبيا وكان كل موقع يحتفظ بخصوصياته ويمارس نضالاته بمعزل عن المواقع الأخرى للحركة وبأشكال تنظيمية بسيطة، خاصة وأن صعوبة التأسيس راجعة إلى صعوبة تجميع المناضلين وتأطيرهم في غياب التجربة الكافية في العمل الميداني في الساحة الجامعية، ونقص في التكوين السياسي والمعرفي، مادام أغلب المناضلين لم يمروا بإطارات قد تساهم في توفير الحد الأدنى من التأطير. وبعد تكاثر هذه المواقع وازدياد وتيرة تبادل التجارب والمعلومات، ونظرا لكون بعض المواقع الجامعية، كانت تبادر بتنظيم أيام ثقافية وإشعاعية، فقد كانت الفرصة مناسبة للالتقاء بين مناضلي المواقع الجامعية التي كانت موجودة آنذاك. وهكذا تسنى لنا تنظيم لقاءات تنسيقية جهوية، وخاصة بين المواقع المتقاربة جغرافيا. وعن طريق تكثيف هذه اللقاءات بعد منتصف التسعينيات، استطعنا تطوير قدراتنا التنظيمية، وخلق الحد الأدنى من الانسجام في خطابنا، وتدعيم آليات التواصل بيننا، وهذا ما أتاح لنا خلق أرضية مناسبة للتفكير في توحيد هذه المواقع الجامعية على المستوى الوطني، وفرز هياكل تنظيمية مسؤولة، والعمل على ترقية نضالاتنا، وتحصين إطارنا الموحد.
وقد مهدنا لذلك ببيان وطني في نونبر 2000 حددنا فيه أولوياتنا ومواقفنا وأهدافنا. وهذا البيان التاريخي وقعته ثمانية مواقع جامعية تابعة للحركة عقد لقاءات وطنية موسعة ومنتظمة بعد أن اتفقنا على مجموعة من المعايير والشروط والقوانين والإجراءات الكفيلة بإنجاح هذه الخطوة المتميزة، وفي مقدمتها تحديد مكان وزمان انعقاد أول لقاء وطني، والاتفاق على الأوراق التنظيمية، واللجن التحضيرية، وجدول الأعمال، وغيرها من المواضيع المتصلة بهذا المؤتمر أو اللقاء. وهكذا انعقد اللقاء الأول بمدينة الراشيدية سنة 2001? بحضور مندوبي المواقع التابعة للحركة الثقافية الأمازيغية،  وحيث تم تدارس العديد من القضايا على امتداد أربعة أيام، وكانت الحصيلة هي صياغة تصور وطني أولي، وتوحيد نسبي للخطاب، وتدقيق للجهاز المفاهيمي، ووضع إجراءات تنظيمية ملزمة، وتعميق النقاش في بعض المواقف والتصورات، وتشكيل لجنة وطنية للحركة الثقافية الأمازيغية، والاتفاق على عقد مؤتمر وطني كل سنة لتجديد الهياكل وتعميق النقاش، وتطوير الأداء النضالي وتجديد أسس الخطاب، كما أصدر المؤتمرون بيانا ختاميا ضمنوه مواقف ومطالب الحركة ? وقراءتها للوضع الراهن داخل الساحة الجامعية، وأيضا التطرق إلى واقع ومستقبل الحركة الأمازيغية عامة، وتقييم مستجدات الساحة السياسية في بلادنا، إضافة إلى عدة توصيات موجهة إلى مناضلينا في المواقع الجامعية. أما اللقاء الثاني فقد انعقد بمدينة وجدة في مارس 2002? وذلك بحضور تسع مواقع جامعية هي (أكادير، مكناس، وجدة، مكناس، تيطاون، طنجة، الراشيدية، مراكش والرباط) وعلى امتداد خمسة أيام ناقش مندوبو المواقع الجامعية للـحركة العديد من القضايا المدرجة في جدول الأعمال، وتم تقييم أهم إنجازات الحركة في الفترة الممتدة بين اللقاء الأول واللقاء الثاني وتداولنا في المستجدات على الساحة الجامعية، وتلك المتعلقة بالحركة الأمازيغية وطنيا ودوليا، كما تبادلنا الآراء والتجارب والخبرات.. وعمقنا النقاش في مجموعة من المحاور المتعلقة بتطوير آلياتنا التنظيمية، وبتحديد الخطاب الأمازيغي، وبلورة رؤية مشتركة تجاه القضايا المطروحة للنقاش، بما فيها توحيد المفاهيم والمواقف المستجدة والتأكيد على المبادئ المؤطرة لنضالاتنا، والحسم في بعض المواضيع العالقة.. كما قرر المندوبون اعتماد مشروع ورقة موحدة بشكل رسمي لتقدم إلى اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي عقدته الحركة الأمازيغية في أواخر يوليوز من سنة 2002 بمدينة الرباط. وهذه الأطروحة تهدف إلى خلق تنظيم وطني مستقل وموحد وفعال وديمقراطي يستجيب للتحديات الراهنة وآفاق المستقبل المنظور. وهذا التنظيم عبارة عن حركة سياسية تحمل اسم: "حركة إمغناس من أجل الحرية والديمقراطية" ومن جانب آخر تم انتخاب أعضاء التنسيقية الوطنية للحركة الثقافية الأمازيغية، والتي كانت تعرف منذ اللقاء الوطني الأول بـ"اللجنة الوطنية" وتم تحديد صلاحيتها ومهامها وذلك لتوحيد المبادرات وتفعيل العمل المشترك.
وهذه المعطيات وغيرها، أوردناها في البيان الختامي، إضافة إلى أننا نددنا بكل المحاولات الرامية إلى احتواء القضية الأمازيغية والالتفاف على المطالب المشروعة للحركة الأمازيغية، واعتبرنا أن مطالبنا غير قابلة للتجزيء ولا للمساومة، وما الشعارات التي ترفع من قبيل "العهد الجديد" والانتقال الديمقراطي" ?"دولة الحق والقانون".. الخ، إلا واجهة لإخفاء الحقائق والتهرب من الاستجابة لتطلعات الشعب المغربي في التقدم والحرية والعيش الكريم، لذا يجب المزيد من النضال من أجل إقرار ديمقراطية حقيقية بالمغرب.
أما في ما يتعلق بالساحة الجامعية، فقد جددنا المطالبة بضرورة وضع ميثاق وطني طلابي ضد الإقصاء والعنف، وذلك بمشاركة مختلف المكونات "الأوطمية" وكذا الجماهير الطلابية، وسجلنا تنامي سلوكات لا حضارية وغير مسؤولة داخل الحرم الجامعي في ظل الإجهاز المخزني على مكتسبات وحقوق الطالب المغربي. كما ألححنا على ضرورة فتح حوار وطني جدي بين المكونات الطلابية من أجل البحث عن سبل عقد مؤتمر "أوطمي" لتوحيد صفوف الحركة الطلابية في أفق خوض معارك نقابية موحدة بعيدة عن الانفرادية وعن كافة أشكال الاستغلال السياسوي للملف النقابي، إضافة إلى تأكيد رفضنا لكل الخطوات الهادفة إلى خوصصة أوطم والانفراد بها.
وفي أبريل سنة 2003 انعقد اللقاء الوطني الثالث بمدينة أكادير ليستكمل ويرسخ العمل الوحدوي المنظم، ويبحث في المواضيع المدرجة للنقاش، ومنها آليات تطوير التنظيم الداخلي، وكيفية التعامل مع الشق النقابي والساحة الجامعية وتقييم مختلف المستجدات، واتخاذ المواقف المناسبة من بعض الأمور والقضايا المستجدة، وكذا تحديد آليات تفعيل "حركة إمغناس" والهيئة الوطنية للمتابعة، وانتخاب تنسيقية وطنية جديدة، ومتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين المواقع الجامعية للحركة الثقافية الأمازيغية، وغيرها من المواضيع التي تطرقنا إليها بالتفصيل في البيان الختامي، الصادر عن هذا اللقاء الوطني الثالث، ومن هنا فاللقاء الأخير اعتبر مهما للغاية لكونه أعطى نفسا جديدا للحركة وبدأنا نقطف ثمار العمل الجدي الذي بدأناه منذ سنوات، وذلك رغم العراقيل التي اعترضتنا، والظروف غير الملائمة.
وانطلاقا من هذه المعطيات والوقائع يمكن تحديد أهم التحولات التي عرفتها الحركة الثقافية الامازيغية  من المؤتمر الأول أو اللقاء الوطني الأول إلى اللقاء الثالث في مايلي:
-تطوير الآليات التنظيمية وتجديدها، وخلق عدد مهم من الورشات في هذا الميدان،
-توحيد الخطاب والمواقف، وتعميق النقاش في المفاهيم والمجالات المغربية المختلفة، ووضع تصور شامل لمختلف القضايا المطروحة للتداول والنقاش،
-تنسيق الجهود للدفع بحركتنا إلى آفاق أوسع ومستقبل أفضل،
-تطوير الأداء الإعلامي وتوفير الشروط من أجل خلق منابر إعلامية مكتوبة وإلكترونية، وهناك لجن تعمل في هذا الإطار،
-ظهور مواقع جامعية جديدة للحركة الثقافية الامازيغية، وصلت إلى حدود 11 موقعا جامعيا، وتكاد تغطي الخريطة الجامعية المغربية (مكناس، فاس، الرباط، الدارالبيضاء، وجدة، أكادير، الراشيدية، طنجة، تيطاوين، مراكش والقنيطرة)? زيادة على بعض اللجن التحضيرية في بعض الجامعات الأخرى،
-تكريس ديمقراطية داخلية عن طريق انتخاب اللجن المسؤولة والتنسيقية الوطنية،
-حضور قوى ومستمر في الساحة الجامعية، وتجاوب جماهيري كثيف ومنقطع النظير، وتظاهرات بآلاف الجماهير الطلابية في بعض المواقع الجامعية، واكتساب احترام معظم المكونات الطلابية،
-تنظيم أيام الطالب الجديد في بداية الموسم الجامعي وكذا أنشطة ثقافية منتظمة،
-جعل استقلالية الإطار في مقدمة اهتماماتنا، ودفعنا من أجل ذلك ثمنا غاليا عبر سيرورة نضالية شاقة.
هذا، إضافة إلى العديد من الإنجازات والتحولات التي عرفتها الحركة الثقافية الامازيغية منذ نشوئها إلى الآن، والتي تؤكد نجاح السيرورة النضالية للحركة، رغم أنها حديثة العهد بالساحة الجامعية إذا ما قارنها بالمكونات الأخرى، ولكن هذا لا يعني أننا ربحنا المعركة، وإنما يشير فقط إلى المجهود الذي بذلناه من أجل تطوير إطارنا وتجديده باستمرار في ظل أوضاع غير مواتية، وعراقيل كثيرة حالت دون تحقيق كل أهدافنا ومتمنياتنا.

ـ ماهي الإضافة التي قدمتها الحركة الثقافية الامازيغية على المستوى النضالي في الساحة الجامعية،  وأيضا في مجال العمل الجمعوي الأمازيغي؟
إن الحديث عن الإضافة أو الإضافات التي قدمتها الحركة الثقافية الامازيغية على المستويين الجامعي والجمعوي يتطلب معرفة تصور هذه الحركة للعمل النقابي ونوعية الخطابات السائدة داخل الجامعة المغربية وكذا يقتضي منا الوقوف عند دور الحركة في تنشيط وتكثيف العمل الجمعوي الجاد في مختلف المناطق المغربية.
إن الحركة في حد ذاتها إضافة نوعية للساحة الجامعية، وليست مجرد رقم ينضاف إلى المكونات الطلابية الأخرى، ومن هنا حملت مشروعا مهما من أجل تجاوز الأزمات التي تحف بأوطم والمشاكل التي تعيشها الساحة الطلابية، رغم صعوبة هذه المهمة، إذ لابد من التذكير بأن إرث الماضي لازال شبحا يخيم على مستقبل الطالب المغربي، ولا تزال العقلية الإقصائية سائدة عن بعض الأطراف، وكذا الفكر الإطلاقي الذي يؤمن بالعنف بمختلف تمظهراته إضافة إلى ظهور قطاع واسع من الطلبة الذين لايهتمون بالسياسة ولا بالنضال، وتم تمييع النقاشات بين المكونات، إذ يتم التركيز على الفرجة عوض الإفادة، بل هناك ما هو أخطر، والمتمثل في بعض الأطراف التي تحاول احتكار "أوطم" بإسم التاريخ أو خوصصته عن طريق عقد مؤتمر يضم طلبة مكون واحد وفقط، أو ظهور من يدعو إلى تعددية نقابية لتفتيت الوحدة الطلابية وإقبار "أوطم".
أمام هذه الأوضاع المزرية، عمدت الحركة إلى تصحيح الاختلالات وإعادة الحيوية إلى الساحة الجامعية عن طريق توعية الطالب المغربي، وتنويره بثقافة الالتزام بقضايا الشعب والاهتمام بكافة مجالات الحياة اليومية، والتركيز على التأطير والتكوين المعرفي والسياسي الذي يؤهل الطالب المغربي للانخراط في قضايا وطنه ومجتمعه، وكذا تشجيع الاجتهاد والإبداع ومحاربة الفكر المتطرف بشتى تمظهراته عن طريق فضح أسسه وتعرية مرجعيته، كما نقوم بتنظيم أنشطة ثقافية وتوعوية لحث الطالب على نبد ثقافة الخضوع وعقلية القطيع، ومن ثم التأسيس لحوار مفتوح مع الجميع وبدون استثناء أي طرف فاعل داخل الساحة الجامعية، والعمل على إعادة الاعتبار إلى مبادئ "أوطم" التي تم تحوير مضامينها من طرف بعض المكونات الإقصائية لتكون على مقاسها وفقط، وهذا ما رفضناه لأن المبادئ واضحة ولا يمكن التلاعب بها، خاصة في ظل ظهور تروعات أو اتجاهات تحاول فرض الوصاية على الجماهير الطلابية وتزرع الرعب في صفوفها من أجل جرها بالقوة للانخراط في بعض المعارك الوهمية ذات الطابع الاستعراضي والسياسوي. ولذلك نناضل من أجل الالتزام بمبادئ "أوطم" (الجماهيرية، التقدمية، الديمقراطية، والاستقلالية) وأعرافها، وذلك حتى لا تصبح المنظمة مجرد دمية تتلاعب بها القوى السياسية في خارج الجامعة وغياب الاستقلالية عند بعض الأطراف تجعلهم قطيعا طلابيا ينفذ أوامر القيادة الحزبية دون أن يشارك الطلبة في بلورتها، وهذا ما جعل "أوطم" منذ نشأته مجالا لحسم الصراعات الحزبية والسياسية. فبعد أن كان قطاعا موازيا لحزب الاستقلال منذ البداية، تحول منذ أواخر الخمسينات وبداية الستينيات، إلى ذيل تابع للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم صار في السبعينيات، وبالخصوص إبان المؤتمر 15? نواة لحزب ثوري يهدف إلى القيام بالثورة من أجل حسم السلطة السياسية، وذلك في ظل سيطرة القوى المتمركسة على هذه المنظمة الطلابية في تلك الفترة، وعاد "أوطم" في المؤتمر 16 إلى حظيرة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بل إن الضربات التي تلقاها إطارنا (أوطم) من طرف النظام المغربي كانت قاتلة، إضافة إلى المشاكل الداخلية والمنازعات بين المكونات الطلابية، وهذا ما جعله يدخل في مأزق حقيقي مباشرة بعد 1981.
إن استحضار هذه المعطيات ضروري لفهم تصورنا، لأننا نعتبر "أوطم" تم استغلاله سياسيا، وكذلك تحريفه عن مساره الحقيقي الذي هو خدمة الطالب المغربي وقضاياه المصيرية، وهذا ما فتح الباب أمام التدخل المخزني للإجهاز على ما تبقى من مكتسبات الجماهير الطلابية وآخرها تطبيق بنود الميثاق اللاوطني للتربية والتكوين، والذي رفضته الحركة الثقافية الأمازيغية وأغلب المكونات الفاعلة في الساحة الجامعية.
ومن جانب آخر، استطعنا بنقاشاتنا، وحججنا وبخطابنا العلمي أن نحاصر الخطاب القوي العروبي الذي طالما حارب أصحابه الأمازيغية، واتهموا المناضلين الأمازيغيين بشتى الاتهامات المجانبة، والنعوت القدحية، من قبيل: عملاء الاستعماء، أنصار "الظهير البربري"? فاشيين، عنصريين وشوفينيين، خونة ورجعيين..الخ ووظفوا مختلف الأساليب الحقيرة من أجل التهجم علينا، وثنينا عن مواقفنا إلى حد استعمال الأسلحة البيضاء، والتهديد بتحويل الساحة الجامعية إلى برك من الدماء. لكن إرادتنا كانت قوية واستطعنا أن نفضح هذا الخطاب العروبي الإقصائي الذي يظهر متشحا بالماركسية تارة وبالإسلام تارة أخرى عند المكونات الإسلامية في الساحة الجامعية. وقد عملنا على نقد أسس هذا الخطاب الإقصائي، والكشف عن خباياه وأخطاره، وبذلك جعلنا هذا الخطاب يعيش أنفاسه الأخيرة، وبدأت المكونات الأخرى تتخلى شيئا فشيئا عن الملامح القومية في خطابها، وإن كان ذلك تقية سياسية ربما ذات طابع مرحلي وفقط. لكن حدث الأهم بالنسبة إلينا، فبعد أن كان من يتحدث عن موضوع الامازيغية منبودا، ويرمى به إلى خارج حلقات النقاش، أصبحت القضية الأمازيغية هي الموضوع الأساسي في جل النقاشات الأوطمية، وتتجنب معظم المكونات الطلابية المس بالأمازيغية أو الإنكار الواضح للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، كما أن الحركة تخلد ذكريات الشعب الأمازيغي في كل مكان، وتركز على بطولات الشعب المغربي (ذكرى استشهاد محمد بن عبد الكريم الخطابي، إعادة الاعتبار إلى رموز المقاومة وجيش التحرير (موح وحمو الزياني، عسو ؤباسلام، عباس لمساعدي.. الخ)? ذكرى اغتيال الشهيد معتوب لوناس، التضامن مع مختلف الشعوب المضطهدة كواجب إنساني، وتبني قضية شعب الطوارق الأمازيغي، وغيرها من المحطات التاريخية والنضالية.
إن الوقوف عند هذه المحطات هو إعادة للاعتبار إلى التاريخ المغربي الذي تم تزويره، ودعوة إلى إعادة كتابته بطريقة علمية وموضوعية. وقد استحضرنا هذه المعطيات لنؤكد أن مثل هذه المحطات كان مغيبة في الساحة الجامعية، إذ كانت المكونات الطلابية الأخرى تركز على رجالات وتاريخ الشرق الأوسط على حساب التاريخ المغربي، والأبطال الذين استشهدوا من أجل حرية وطنهم، وهكذا كانوا يحتفلون بذكريات ترتبط ببعض تجار "إيكس ليبان"? ويجدون كل ما يتعلق بالعراق وفلسطين إلى درجة أنهم استوردوا حتى الشعارات الجاهزة التي يرفعونها في ملتقياتهم وتظاهراتهم. أما الهدف بالنسبة إلينا فهو التركيز على قضايا الشعب المغربي بالدرجة الأولى، والاهتمام بتاريخنا وأبطالنا عوض تقديس الشرق الأوسط واحتقار الذات المغربية.
ومن جانب آخر، دعونا مرارا إلى وضع ميثاق وطني طلابي ضد العنف والإقصاء، وتسييد ثقافة الحوار المسؤول، وتبني قيم الاختلاف البناء، والمرجعية النسبية، والاعتراف المتبادل بين جميع الأطراف الفاعلة في الساحة الجامعية، وخوض معارك نقابية موحدة ومشتركة للدفاع عن مصالح الطالب المغربي، وتجنب الانفرادية والأنانية، كما يجب التعاون من أجل التصدي للمخططات التخريبية المحدقة بالجامعة المغربية، والتمسك بإطارنا العتيد "أوطم" والدفاع عنه والبحث عن الكيفية المناسبة لإعادة منظمتنا إلى سكتها الحقيقية، وذلك دون أي محاولة من أي طرف كان لاحتكار هذه النقابة الطلابية، أو لجعلها قطاعا خاصا به مهما كانت المبررات لأن "أوطم" منظمة نقابية مفتوحة أمام جميع المكونات والجماهير الطلابية، وبطبيعتها قائمة على تعدد وجهات النظر والتصورات، وهذا ما يضمن فعاليتها وحيويتها المستمرة.
أما، فيما يخص دور الحركة الثقافية الأمازيغية في تفعيل العمل الجمعوي الأمازيغي، فهو واضح للجميع، إذ استطاع مناضلونا ضخ دماء جديدة في شرايين العمل الجمعوي، واستثمار التجربة التي راكموها في الساحة الجامعية من أجل تطوير العمل الثقافي الأمازيغي، والدفع به إلى مستقبل أفضل. هكذا، فبعد أن كان هذا العمل محصورا في نخبة معينة أو مناطق محددة، وكان بعض المتحزبين يستثمرون تواجدهم في الجمعيات الأمازيغية من أجل احتوائها أو توجيهها لخدمة المصالح الحزبية الضيقة، ونظرا لقلة عدد الأطر في المجال الثقافي الأمازيغي فإن مناضلينا سواء منهم الذين أنهوا دراساتهم الجامعية، أو أولئك الذين لا زالوا يتابعون الدراسة، ساهموا بشكل فعال في تطهير بعض الجمعيات من بعض الانتهازيين والمنتفعين، ووقفوا صمام أمان في وجه أي انحراف وأي محاولة لاحتواء هذه الجمعيات، كما أسسوا العشرات من الجمعيات، ويترأسون العديد منها، إضافة إلى انخراطهم في معظم الجمعيات الأمازيغية الفاعلة، إذ لا تكاد توجد جمعية، إلا ويتواجد فيها مناضلونا وكذلك باقي المتعاطفين مع تصورنا وتوجهنا المتميز. كما أن هناك تنسيق وتشاور مستمر بيننا وبين العديد من الجمعيات الأمازيغية. ونعمل من أجل حث الشباب والمهتمين على ضرورة الانخراط في العمل الجمعوي الأمازيغي لاكتساب التجارب والمهارات وتحمل المسؤوليات المختلفة.
زد على ذلك، مساهمتنا في تطوير الأدب الأمازيغي بكتاباتنا المختلفة، وفي احتضان المواهب الفنية الملتزمة وتشجيعها عبر فتح أبواب المشاركة أمامها في مختلف أنشطتنا، كما نشجع كل مبادرات التنسيق بين الجمعيات الأمازيغية إقليما وجهويا ووطنيا. وذلك من أجل توحيد الصفوف والتعاون مع باقي الفاعلين الحقيقيين في مجال خدمة القضية الأمازيغية والثقافية الوطنية، وبناء مجتمع ديمقراطي في صالح مختلف فئات ومكونات الشعب المغربي.
إن هذا المجهود الذي نبذله لتطوير العمل الجمعوي بالتشارك مع المكونات الأخرى للحركة الأمازيغية، يهدف إلى تحسين علاقاتنا المتميزة مع المحيط الخارجي، ومد جسور التعاون بيننا وبين المناضلين الأمازيغيين الذين سبقونا في هذا الميدان. وهذا كله في ظل احترام مبدأ استقلالية الحركة الثقافية الأمازيغية الذي لا يقبل النقاش، لأننا نرفض أن نكون قطيعا يساق، أو دمية يتلاعب بها، فهذا المبدأ نجسده عمليا، وكل من يحاول التدخل في شؤوننا الداخلية سنقف في وجه أطماعه، ونوقفه عند حده، لأن الاستقلالية خط أحمر لا يمكن تجاوزه مهما كانت الظروف.

ـ سجلت مجموعة من الأحداث والوقائع اختلافا في المواقف بين الحركة الثقافية الأمازيغية  والحركة الأمازيغية، مما يفيد غياب التنسيق بين الطرفين خلافا للفصائل الطلابية التاريخية التي كانت مواقفها تعكس في غالب الأحيان مواقف الأحزاب التابعة لها، ما رأيكم في هذا الكلام؟
بداية،  وقبل الإجابة عن هذا السؤال، لابد من توضيح بعض المفاهيم التي قد تثير تشويشا عند المتلقي، لأنها تكرس واقعا غير منطقي وغير عقلاني، وهي مسألة مرفوضة من جانبنا. كما أن خطابنا يحاول نقد إرث الماضي في جانبه المتعلق بالتمويه الإ يديولوجي الهادف إلى احتكار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب باسم التاريخ، ومن جهة أخرى توظف هذه المصطلحات لشرعنة الإقصاء، ومحاربة المكونات الجديدة في "أوطم".
إن مصطلح "الفصائل التاريخية" ننظر إليه على أنه مصادرة قبلية لحق الاختلاف ولدينامية الممارسة النضالية في الساحة الجامعية. لذا فنحن في الحركة الثقافية الأمازيغية نرفض الفكر الإقصائي والإطلاقي مهما كانت مبرراته ودوافعه، وهذا ما جعلنا نستعمل في خطابنا مصطلحات محددة وعلمية تصف الشيء كما هو، وبشكل لا يصادر حق الآخر في الوجود. فلوصف فسيفساء الساحة الجامعية لنوظف مصطلحا محايدا هو "المكونات الطلابية". ولا نلجأ إلى ذلك لدواعي شكلية، وإنما يرتبط ذلك بتصورنا الشامل، وبخطابنا المتميز. فمصطلح "الفصائل التاريخية" يجمع أهم مسببات الأزمة التي تتخبط فيها "أوطم".
فهو من جهة يتحدث عن الفصائل السياسية وليس النقابية، أي يشرعن لتغليب ما هو سياسي على ما هو نقابي، وأيضا يحيل على تجربة مستعارة من الشرق الأوسط، وبالضبط استعارة مصطلحات من تجربة الثورة الفلسطينية، حيث توجد عدة فصائل سياسية تتشكل منها منظمة التحرير الفلسطينية، وتم استيراد هذا المفهوم لإسقاطه على "أوطم"? أي أن هذه الأخيرة منظمة طلابية تتكون من فصائل سياسية، وكأن دورها هو القيام بالثورة لحسم السلطة السياسية بالمغرب. زد على ذلك أن مصطلح "الفصيل" يحيل بكثرة على غياب الاستقلالية عند  مكوناتها،  والتي هي حسب هذا الفهم مجرد قطاع طلابي لقوى سياسية خارج الجامعة. كما أن مصطلح "الفصائل التاريخية" يحيل على ما يسمى بالشرعية التاريخية التي تتذرع بها بعض الأنظمة الاستبدادية التي ترفض الشرعية الجماهيرية والديمقراطية وكأننا إزاء واقع توقف وتجمد فيه التاريخ منذ أزيد من عشرين سنة أي منذ المؤتمر السابع عشر المنعقد سنة 1981? وبالتالي فهذا المنظور يريد أن يدعي حق امتلاك أو إعطاء الشرعية للآخرين باسم التاريخ، وهذا من وجهة نظرنا منطق استبدادي وتسلطي، وقد لجأت بعض مكونات "أوطم" اليسارية إلى هذا التحايل لرفض تواجد مكونات طلابية جديدة استطاعت أن تفرض نفسها في الساحة الجامعية، وأن تنال شرعية جماهيرية ونضالية في الميدان، بينما تلك المكونات اليسارية المتركسة بدأت تندثر وتتلاشى في العديد من المواقع الجامعية، وذلك نظرا لبكائها المستمر على الأطلال وعلى الماضي، ولسلوكاتها التي زجت بالمنظمة المذكورة في أزمات قاتلة، ولفكرها المطلق والجامد الذي يرفض الآخر، ويحاول القضاء عليه بممارسات غير حضارية. والغريب في الأمر هو  أن تدعي هذه القوى المتمركسة أنها تقدمية بينما هي تعود إلى الماضي من أجل البحث عن الشرعية. وقد انتقلت العدوى إلى المكونات الإسلاموية، وبالأخص على طلبة العدل والإحسان الذين يعتبرون أنفسهم هم الممثلون الحقيقيون والوحيدون للطلبة المغاربة، وأن "أوطم" هي ملكهم الخاص، وقد حاولوا مرارا فرض الأمر الواقع، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، وبالتالي تم تأجيل ما سمي بالمؤتمر الاستثنائي إلى أجل غير مسمى بعد أن وصلوا إلى الباب المسدود، وشعروا بخطورة الوضع.
وما وضحناه في هذا المدخل، هو ما أكدتموه في سؤالكم بالقول إن هذه "الفصائل التاريخية" كما أسميتموها، تعكس في غالب الأحيان مواقف الأحزاب التابعة لها، بمعنى أنها مجرد قطاعات حزبية موازية لا تملك سلطة اتخاذ القرارات خارج الخطوط الحمراء التي يسطرها الحزب وهياكله القيادية المتحكمة في زمام الأمور.
وعودة إلى جوهر سؤالكم، أقول إن الحركة الثقافية الأمازيغية ليست ذيلا لأي طرف في الساحة السياسية أو في المجتمع المدني، وإنما هي حركة مستقلة عن كل الأطراف بما فيها الجمعيات الثقافية الأمازيغية، وهي حرة في اتخاذ قراراتها، وتحديد مواقفها وفق تصوراتها ورؤيتها للأمور. وربما نكاد كون الطرف الوحيد في الساحة الجامعية الذي يطبق هذه الاستقلالية ويحافظ عليها، وهذا ما جر علينا نقمة بعض الأطراف، وفرض علينا حصارا شاملا من تجلياته البارزة الحصار الإعلامي المضروب علينا من أغلب الجهات، بل وأحيانا، ويا للأسف، حتى من طرف بعض المنابر الإعلامية المحسوبة على الحركة الأمازيغية. ولكن هذا لا يعني أننا نعيش في جزيرة معزولة، وإنما لدينا علاقات طيبة مع الفاعلين الأمازيغيين، وكل الذين يؤمنون بالحرية، والديمقراطية والحداثة والنسبية والاختلاف البناء، كما نرحب باختلاف الاجتهادات، والمقاربات مادمنا بشرا قد نصيب وقد نخطئ.
وتأسيسا على هذه المعطيات والحقائق، فإن كانت هناك وقائع وأحداث ومواقف اختلفنا فيها مع تلك الرؤى والمواقف الصادرة عن بعض مكونات الحركة الجمعوية الأمازيغية فهي مسألة عادية وطبيعية.
وكذلك نظرا لتعدد مكونات الحركة الأمازيغية في الشارع، كما يؤكد هذا المنحى أن الحركة الثقافية الأمازيغية هي فعلا حركة مستقلة وديمقراطية. لكن اختلافنا مع الأطراف المذكورة آنفا، لا يمس ثوابت القضية الأمازيغية، ولا يعني أن هناك فجوة بيننا أو اختلافا جوهريا في الأهداف المرسومة، وإنما هو اختلاف في المقاربة وفي التاكتيك والأولويات، وأيضا في طبيعة فهمنا وتقييمنا للأمور، كما أننا كحركة تعمل من داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لدينا مجموعة من الخصوصيات التي لا توجد عند باقي مكونات الحركة الأمازيغية، إضافة إلى أننا أن ننسى أن بعض التيارات السياسية قد سيطرت على بعض الجمعيات الأمازيغية، ولحسن الحظ هي قليلة جدا، وحاولت أن تجعلها في خدمة تصوراتها، ومصالحها الحزبية والسياسية، وهذا قد يكون أحد الأسباب في اختلاف طبيعة مقاربتنا لبعض القضايا الخلافية. أما باقي مكونات الحركة الأمازيغية غير المتحزبة فتجمعنا بها علاقات متميزة، ونتفق معها في العديد من الأمور والقضايا. وقد سبق لنا أن شاركنا معها في عدة لقاءات ومنتديات، وبالخصوص ما يتعلق ما تمخض عن لجنة البيان الأمازيغي وأيضا في اللجنة الوطنية لـ "تاودا"? والندوة الوطنية حول إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية، إذ كان لنا ممثلون داخل هذه الملتقيات وهذه اللجن المختلفة وساهمنا في أعمالها بشكل واضح وجلي.99999
 ـ ما هي أسس المرجعية عند الحركة الثقافية الأمازيغية، وما هي أهم مميزات الخطاب الذي تتبناه هذه الحركة  ?

إن الحديث عن أسس المرجعية الفكرية عند الحركة الثقافية الأمازيغية، هو حديث عن خصوصية الخطاب، ومدى تمايز خطابنا عن باقي الخطابات الرائجة في الساحة الجامعية، وهذه الأسس هي التي تضمن انسجام الخطاب وتماسكه، وتمنحه القوة والمناعة والفعالية، بمعنى أن المرجعية هي إطار شامل لتحديد رؤيتنا للعالم بالمنظور أو بالمفهوم الذي حدده " لوسيان غولدمان" لهذا المصطلح، ولهذا لابد من توضيح ما المقصود بالمرجعية من وجهة نظرنا حتى لا ننساق مع بعض المفاهيم الجاهزة التي تعيق التواصل الأمثل.
إن بعض الخطابات المتناولة في الساحة السياسية تربط المرجعية بأصنام مقدسة، أو بنص محدد وتقدمه على أنه لا يقبل النقاش، وهذا من خصوصيات الفكر الإطلاقي الذي يؤمن بمقولة :"أنا ومن بعدي الطوفان"? أو يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، والفهم الصحيح، وما عداه مجرد أساطير الأولين وهذيان المحمومين. ولهذا وجب الاحتياط من السقوط في منطق القوالب الجاهزة والتوجهات الاحتكارية لمفاهيم بشرية تخضع للتطور والتغير باستمرار. فالمرجعية لا تعني بتاتا نصا بعينه أو فكرة مطلقة جاهزة، بقدرما تعني مجموعة من الأسس والمبادئ والتصورات والمفاهيم التي تحدد الرؤية الاستراتيجية وسبل تجسيدها في الواقع عبر سيرورة زمكانية متحركة ومتغيرة، أو بعبارة أخرى هي اجتهاد بشري مفتوح يهدف إلى إسعاد المجتمع، وتطوير قدراته، وتنظيم أموره، وتسهيل سبل التعايش ? التواصل من أجل بناء صرح مجتمع متقدم، وحضارة متميزة في خدمة الإنسانية جمعاء، والمرجعية كذلك هي منبع متجدد لصياغة المواقف واتخاذ القرارات وبلورة رؤية شاملة للإشكالات والقضايا المطروحة على المجتمع، وعلى المؤسسات التي تنظم شؤون المواطنين في شتى مجالات الحياة.
وانطلاقا من هذا المفهوم، فإن الحركة الثقافية الأمازيغية حددت مجموعة من العناصر والمبادئ التي تؤطر تصورها للواقع ولمظاهر الحياة العامة. ولهذا، فإننا في الحركة الثقافية الأمازيغية  نتبنى مرجعية ديناميكية، وهي حصيلة نضال البشرية من أجل مجتمع أفضل، وهو ما نعبر عنه بعصارة الفكر البشري المتنور، وهذا يعني الاستفادة من هذه العصارة من الناحية المفاهيمية والمنهجية والفكرية لاستيعاب آليات اشتغال المنظومات الفكرية المختلفة، وذلك لاستثمار هذا المخزون الإنساني من أجل صياغة تصور متميز، ينسجم مع تاريخنا وواقعنا المغربيين. وبمعنى آخر، نتبنى القيم الإيجابية للحداثة والتي ساهمت في الرقي بمجتمعنا البشري إلى ما هو أفضل، ونؤمن بالعقلانية، والعقل كآلية لفرز التراكمات المختلفة، وتحليل الواقع ودراسته للوصول إلى اقتراح الحلول المناسبة بعيدا عن الإسقاطات المتسرعة لمنظومات فكرية جاهزة. ولهذا نعتمد على آليات علمية ومناهج فعالة لبلورة خطاب مؤسس على معطيات علمية واضحة، وذلك لتأكيد الوقائع والبرهنة على مدى صحتها أو خطئها. وهذا ما أتاح لنا مجابهة ومقارعة الخطابات الديماغوجية بكل سهولة، وكذا فضح الإيديولوجيات الشمولية التي تعتمد على التضليل والمراوغة وعلى تأجيج العواطف لاستمالة الجماهير. ولصياغة مرجعيتنا المتميزة اعتمدنا على مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية والسياسية وعلى شتى مجالات المعرفة (الانتروبولوجيا، اللسانيات، القانون، التاريخ، المنطق، السوسيولوجيا، علم الحفريات، الفكر الفلسفي...إلخ).
ومن هنا، فإن الحركة الثقافية الأمازيغية لا تؤمن بقدسية الإفكار البشرية والمنظومات الفلسفية، وبالمقابل تؤمن بدينامية الفكر، وحركية التاريخ، وتعدد أوجه الحقيقة، إذ ليس هناك حقيقة بشرية مطلقة أي إننا نتبنى النسبية في التفكير، ونؤمن بتعدد الاجتهادات والتصورات والرؤى، ولذلك ندافع باستمرار عن حق الاختلاف وعن التعدد الفكري واللغوي والثقافي والسياسي كمدخل لإشاعة ثقافة حقوق الإنسان، وفتح أبواب الحوار أمام جميع مكونات المجتمع من أجل تفاهم أفضل. كما نؤكد على أن الديمقراطية، كآلية وكقيم، ضرورية لإفراز مؤسسات وهياكل ومنظمات مسؤولة أمام الجماهير والقواعد الشعبية وتكون قابلة للمراقبة والمتابعة والمحاسبة، وذلك من أجل دمقرطة المجتمع ودمقرطة السلطة السياسية وكافة التنظيمات والقوى الفاعلة في المجتمع. وفي هذا الإطار، تناضل الحركة الثقافية الأمازيغية من أجل أن تسود الديمقراطية قيما وممارسة داخل الحرم الجامعي وخارجه، وتلح على ضرورة احترام إرادة الجماهير في صياغة القرارات وتنفيذها، وكذا الالتزام باستقلالية منظمتنا النقابية "أوطم" عن الدولة وعن مختلف القوى السياسية وذلك لتدبير شؤونها بشكل حر وديمقراطي، وبعيدا عن كل أشكال التبعية والوصاية.
وفي جانب آخر، أقرت الحركة مبدأ التضامن مع جميع الشعوب المضطهدة في العالم، وذلك انطلاقا من كون هذه القضايا ذات طابع إنساني. وفي هذا السياق، ننتقد المكونات الطلابية الأخرى التي تقدس قضايا الشرق الأوسط، وتغض الطرف عن قضايا شعوب أخرى مضطهدة، وأقربها إلينا شعب الطوارق الأمازيغي الذي يناضل من أجل البقاء، ويكافح ضد أنظمة عسكرية توتاليتارية جنوب منطقة "تامزغا". وهكذا، تجد بياناتنا المختلفة تسجل تضامننا مع كل الشعوب التواقة إلى التحرر والانعتاق ومنها (الطوارق، الأكراد، فلسطين، الشيشان، أفغانستان... الخ)
وعلى صعيد آخر نعتبر الوعي بالذات هو المدخل لفهم مختلف الصراعات الحاصلة في المجتمع، والإنسان الذي يعيش استلابا فكريا وحضاريا لا يمكن له أن يرى الأمور على حقيقتها، مادام عقله في الشرق الأوسط أو في مكان آخر، بينما كيانه يتواجد بأرض المغرب. ولهذا نرى أن الهوية الأمازيغية للشعب المغربي يجب أن تتجسد في المجتمع وفي مختلف مؤسسات الدولة، وذلك عن طريق دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، وإدخالها إلى كل الإدارات والمؤسسات ومجالات الحياة العامة والخاصة.. ويجب أن تحظى بتكافؤ الفرص أمام اللغة العربية، وكذا يجب إعادة قراءة وكتابة التاريخ المغربي المؤدلج، وذلك انطلاقا من رؤية وطنية وبمناهج علمية، واستثمار القيم الأمازيغية والتراث المغربي النير والمشرق، من أجل الرفع من وتيرة التطور والتنمية.
إن هذه الإجراءات وغيرها سوف تحصن الذات المغربية ? تمنعها من الانسياق وراء الوهم العروبي الذي يحتقر هذه الذات، ويمجد كل ماهو آت من الشرق الأوسط. بمعنى أن المواطن المغربي يجب أن يحس بوطنيته ويتمتع بمواطنته وحقوقه المشروعة. وهذا يتطلب بناء ثقافة وطنية جادة وملتزمة بقضايا الإنسان، وكذا يجب العمل على تشجيع ثقافة الحوار والتسامح والانفتاح، وبالمقابل مناهضة كل أشكال التطرف والتزمت، ومظاهر العنف التي تنخر جسد المجتمع المغربي، وذلك لأننا نعتبر أن الخواء الفكري والعقلية التكفيرية التي توظف الدين الإسلامي الحنيف من أجل تحقيق أغراض ومصالح سياسية ضيقة، هذه المعطيات هي التي أنتجت وغذت التطرف الأعمى الذي أزهق أرواح المغاربة والأجانب في الأحداث الإجرامية المؤلمة التي هزت مدينة الدارالبيضاء يوم 16 ماي 2003? والتي استنكرناها كحركة ثقافية أمازيغية في البيان الوطني الصادر عن التنسيقية الوطنية، ونددنا بهذا المسلك أو الفعل الشنيع الذي رفضته مختلف القوى الحية للمجتمع المغربي.
لذا، فنحن في الحركة الثقافية الأمازيغية نعتبر الدين الإسلامي ? الذي هو دين الغالبية العظمى للشعب المغربي ? دينا يدعو إلى الحوار والتسامح وليس إلى القتل والتكفير، ونؤكد على وجوب احترام الشعور الديني للمغاربة، ونؤمن بحرية المعتقد الديني، وبحق المغاربة الذين يدينون بديانات سماوية أخرى، في ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية.
لذا، ليس من حق أي طرف فرض الوصاية على الدين الإسلامي أو احتكاره، أو استغلاله لأغراض سياسية أو لمصالح شخصية. فللحقل السياسي مجاله وشروطه وآلياته وقوانينه، والتي تخض لمعايير دنيوية يتفق عليها أهل السياسة من أجل ضبط الممارسة وخدمة المجتمع والأفراد.
أما الدين فهو مجال مقدس لا يجب تدنيسه بممارسات سياسوية تستعمل فيها كل الأسلحة المشروعة منها وغير المشروعة من أجل كسب الرهان وربح المعارك الانتخابية والفوز بالمناصب والمقاعد المريحة، وذلك لأن الدين معطى مشترك بين المواطنين المغاربة بينما البرنامج السياسي يختلف من حزب لآخر، وادعاء المشروعية الإلهية لممارسة السلطة معناه إلغاء إرادة الشعب وضرب اختياراته والتمهيد لتكريس سلطة استبدادية باسم الدين. ولعل التجارب في هذا الميدان أثبتت أن هذا التوجه التيوقراطي جر على المجتمعات البشرية ويلات وكوارث ومعاناة وقهر لا مثيل له في التاريخ، لذا يجب عدم السماح بتكرار التجارب الفاشلة، التي لن نجني منها سوى المزيد من التخلف والدمار الشامل لمختلف المكتسبات والإنجازات التي حققتها البشرية بعد كفاح طويل ضد الاستبداد والتسلط.
وهكذا، فمرجعية الحركة الثقافية الأمازيغية تتسم بالانفتاح والعقلانية والدينامية والتسامح والنسبية والديمقراطية، وخطابنا خطاب علمي مؤسس على مجموعة من المعطيات والحقائق، وهذا كفيل بضمان انسجامه وقوته وفعاليته.

ـ كيف تنظر الحركة الثقافية الأمازيغية إلى التطورات الأخيرة التي عرفتها المسألة الأمازيغية في عهد الملك محمد السادس، بدءا بخطابي العرش ? أجدير 2001? وانتهاء بإقرار تدريس اللغة الأمازيغية (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ? مسألة الحرف،  التدريس...إلخ).?
بداية، لا بد من التأكيد على أننا في الحركة الثقافية الأمازيغية نعتبر الأمازيغية قضية وطنية تهم جميع المغاربة، وهي قضية مصيرية وليست مجرد مسألة بسيطة أو سؤال يحتاج إلى جواب معين. إنها قبل كل شيء قضية وجود، وتتفرع عنها أبعاد وتجليات متعددة (لغة، ثقافة، هوية، حضارة...) وهذا ما يعطي لها زخمها الحقيقي، وترابط أجزائها ومكوناتها، ولذلك، فنحن في الحركة الثقافية الأمازيغية  نرفض الحلول التجزيئية والترقيعية الناتجة عن غياب إرادة سياسية حقيقية للاستجابة الفعلية لمطالب الحركة الأمازيغية. ومن هنا نرى أن الخطاب الرسمي لا يتطرق إلى جوهر القضية، ولا يهدف إلا إلى تدبير هذا الملف وفق توازنات معينة، وهذه المقاربة تتحكم فيها هواجس أمنية بالأساس نظرا لتصاعد نضالات الحركة الأمازيغية سواء هنا بالمغرب أو بالجزائر وباقي دول شمال إفريقيا وأيضا في المهجر. ولعل القرارات المتعلقة بإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبتدريس الأمازيغية في القسم الأول ابتدائي، وفي مدارس محدودة، تعبر عن مدى التسرع في إنجاز مشاريع تحتاج إلى الوقت الكافي، وإلى الإعداد المحكم، والرؤية الاستراتيجية لتدبيرها تدبيرا ناجحا وراقيا. فمشروع تدريس الأمازيغية يبدو وكأنه مخطط موجه لإفشال مسلسل إدراج الأمازيغية في المنظومة التعليمية، إن لم يكن هدفه غير المباشر هو توفير الشروط الملائمة لإبعاد اللغة الأمازيغية بشكل نهائي عن هذه المنظومة، إذ أن تكوين المدرسين لمدة زمنية قصيرة لا تتعدى شهرا واحدا، بما يتطلبه ذلك من معرفة اللغة الأمازيغية والأبجدية والديداكتيك والبيداغوجيا والتاريخ والثقافة..الخ، هو بمثابة دليل واضح على التسرع والاعتباطية، كما أن تدريس هذه اللغة في المدة التجريبية على شكل لهجات محلية سيضر بالأمازيغية كثيرا في المستقبل المنظور، وذلك رغم تأكيد وثيقة "منهاج اللغة الأمازيغية" الصادرة عن المعهد الملكي على ضرورة تدريس أمازيغية موحدة ولجميع المغاربة.
أما ما يتعلق بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ووفق الصلاحيات المخولة له، والظهير المنظم لأشغاله، فهو مجرد مؤسسة رسمية استشارية لا تملك حق التقرير في القضايا المطروحة للتداول والنقاش، إذ لا بد أن يرفع المعهد قراراته إلى السلطات العليا للنظر فيها والتصديق على محتوياتها.
وانطلاقا من هذه المعطيات، اعتبرنا إنشاء المعهد محاولة من المخزن لتكسير نضالات الحركة الأمازيغية، واستنزاف طاقاتها باحتواء العديد من الفاعلين الأمازيغيين في الحقلين الجمعوي والأكاديمي وهذا ما جعلنا نطالب بضرورة خلق معاهد للدراسات والأبحاث الأمازيغية تستجيب لمطالب وطموحات الحركة الثقافية الأمازيغية، ويجب أن تكون مستقلة وتمتلك سلطة حقيقية، كما طالبنا بإنشاء أكاديمية اللغة الأمازيغية للسهر على توحيد اللغة الأمازيغية وتطويرها وتشجيع البحث في المجال اللغوي الأمازيغي. وهذا ما يضمن خدمة اللغة الأمازيغية بالشكل الصحيح، وإدخال هذه اللغة إلى مختلف المؤسسات والإدارات يرتبط بضرورة دسترتها كلغة وطنية ورسمية في إطار دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا.
أما ما يتعلق بمسألة الحرف، فنحن في الحركة الثقافية الأمازيغية نطالب بتدريس اللغة الأمازيغية والتدريس بها، وذلك بحرفها الأصلي "تيفيناغ"، إذ أن الحركة المذكورة حسمت مسألة الحرف منذ ظهورها في الساحة الجامعية، وتبنت حرف "تيفيناغ" رسميا، وعبرت عن ذلك في مختلف بياناتها الوطنية منها والموقعية ومنذ سنوات عديدة تقارب عقد من الزمن.
أما الضجة التي أثيرت أخيرا حول الحرف المناسب لكتابة اللغة الامازيغية فقد اعتبرناها ضجة مفتعلة، وتهدف إلى التغطية عن مطلب جوهري هو الدسترة. بل حاولت القوى الإسلاموية خصوصا، وحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح بشكل أخص، حاولت استغلال هذه المعمعة لخلق الفتنة في المجتمع المغربي، وذلك بالتهديد بالنزول إلى الشارع، واللجوء إلى التعبئة العامة لفرض الحرف الآرامي الذي رفضته كل مكونات الحركة الأمازيغية، وهذا السلوك سبق لنا أن نددنا ورفضناه في مختلف بياناتنا.
وفي جانب آخر، نحترم اختيارات إخواننا الذين يدافعون عن ترسيم الحرف اللاتيني، لكننا نرى أن حرف "تيفيناغ" لا يجب أن يوضع في المتحف، وإنما وجد لكي يؤدي دوره في نقل الأمازيغية من الشفوية إلى الكتابة، كما أنه حرف يرمز إلى الهوية الأمازيغية ويحيل على الذات المغربية، زد على ذلك سهولة تعلمه، وأهميته المتمثلة في ربط الماضي بالحاضر من أجل استشراف المستقبل، إذ لو وجدت إرادة حقيقية لتنمية وتطوير هذا الخط، لاستطاع أن يصبح متقدما ومواكبا لتطورات العصر. وقد نجحت عدة تجارب في العالم توفرت لها شروط النجاح، وأصبحت حالات يقتدى بها في هذا المجال، إذ كانت هناك بعض الأبجديات شبه منقرضة، لكن تبنيها من طرف دول ومكونات و جهات رسمية جعلها تغزو العالم وتتمكن من إيجاد مكانتها في أجهزة الكومبيوتر وأنظمة المعلوميات الدقيقة، وتستفيد من مختلف التقنيات الحديثة (نموذج الحرف العبري).
أما الإدعاء بأن تبني الحرف اللاتيني هو وحده الكفيل بتطوير اللغة الأمازيغية دون سواه، فمسألة غير مؤكدة، وقد تشوبها بعض المبالغة، وذلك لأن الحرف وحده لا يطور ولا يقدم، وإنما إرادة الشعوب هي التي تحقق هذا الهدف. ولو كان الأمر بهذا الشكل وهذه السهولة، لما بقيت العديد من الدول الإفريقية متخلفة للغاية رغم تبنيها ليس للحرف اللاتيني وفقط، وإنما تبنت اللغة الإنجليزية أو الفرنسية رسميا في دساتيرها الوطنية، ولكن لم تصل إلى مبتغاها في بناء مجتمع متقدم ومتطور. ولهذا، وبعيدا عن التعصب الأعمى، نرى أننا صائبون في اختيارنا للحرف الأمازيغي، ولم تكن قضية الحرف مطروحة بالنسبة إلينا، لأننا اعتبرنا أن مسألة اختيار الحرف محسوبة مادام للغة الأمازيغية مسبقا أبجديتها الخاصة والمتميزة، وأن الاختيار يكون صائبا عندما تنتفي هذه المعطيات، بمعنى لو لم يكن للأمازيغية حرفها، آنذاك قد نلجأ إلى اختيار الحروف أو الأبجديات المناسبة لكتابتها، وبما أن الأمر ليس كذلك، فإن موقفنا واضح ومعقول ومنطقي جدا.
وربما، مسألة الحرف من أهم نقط اختلافنا مع بعض مكونات الحركة الجمعوية الأمازيغية التي تدافع عن الحرف اللاتيني، رغم أنها نقطة شكلية إذا ما استحضرنا الشيء الكثير الذي يجمعنا بباقي مكونات الحركة الأمازيغية. لذا فنحن نحترم اخيتاراتها، كما أنه من واجبها احترام حرية اختيارنا. والإيمان بالاختلاف البناء من أهم مبادئ الحركة. أما اختيار المعهد  لحرف "تيفيناغ" فلم يكن قناعة مبدئية لأغلب أعضائه، وإنما جاء لإرضاء رغبات سياسية معينة، وكان بمثابة حل وسط لتجنب ما قد يترتب عن اختيار الأبجديات المتنازع عليها، بينما لم يكن حرف "تيفيناغ" موضوعا للاختلاف المبدئي، إذ أنه حتى دعاة الحرف اللاتيني في لقاء مكناس لم يستبعدوا الحرف الأمازيغي نهائيا، وإنما وضعوه في القائمة وطالبوا بتوفير مجموعة من الشروط كي يتم تبني هذا الحرف من طرفهم..
وبهذا، فهناك اختلاف كبير بين الحركة الثقافية الأمازيغية التي تبنت حرف "تيفيناغ" رسميا وكقناعة راسخة منذ نشوئها وظهورها في الساحة الجامعية، وبين المعهد  الذي كان مضطرا إلى ترسيم هذا الحرف بعد تصاعد الضغوط المتعددة، التي مارستها القوى السياسية العروبية، والسلطات العليا في البلاد للحيلولة دون اختيار الحرف اللاتيني.
وبعد ترسيم هذا الحرف (الأمازيغي) قام المعهد بإدخال عدة تغييرات في شكل الحروف الأمازيغية إلا أنها لم ترق إلى المستوى المطلوب، وفيها عدة نواقص واختلالات تتطلب الاجتهاد مجددا لتطويرها وإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل إدخال هذه الأبجدية إلى المدرسة المغربية.
وخلاصة القول في هذا المجال، يمكن التأكيد على أن هذه الإجراءات والقرارات تظل مجرد محاولات أولية وخجولة للغاية، وبالتالي ضرورة تجذير النضال من أجل تحقيق كل مطالبنا المشروعة، وعدم السقوط في فخ الاحتواء الممنهج الذي يسلكه المخزن كوسيلة للتخلص من جوهر المطالب التي نرفعها، وخاصة في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية، وواضحة من طرف المسؤولين لمعالجة هذه القضية المصيرية.

ـ هل تعتقدون أن النظام السياسي المغربي يتوفر على رؤية واضحة لمعالجة مسألة التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب؟
إن مقاربة النظام السياسي المغربي بمختلف مؤسساته لموضوع التعدد اللغوي والثقافي في المغرب لا تخضع لمقومات محددة وواضحة، وإنما هي مجرد مسألة تدخل في إطار الضبط والتحكم الأمنيين، وكذا ضمان بعض التوازنات السياسية الهشة. وغالبا ما تتخذ بعض القرارات الظرفية تحت شروط وظروف معينة من أجل لجم المسيرة النضالية للحركة الأمازيغية، والتحايل على الضغوط التي تمارسها بعض المنظمات الحقوقية الدولية بالخصوص، وفي مقدمتها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان. وهذا يعني أن النظام السياسي المغربي يتعامل مع قضية التعدد اللغوي والثقافي بمنطق التهدئة والاحتواء، مادام لا يعترف دستوريا بهذا التعدد، ولا يقره في أسمى قانون للدولة المغربية وحتى إن اعترف بهذا التعدد شفويا ولفظيا، فإنه لا يمارس على مستوى التطبيق، إذ إن التوجه العروبي واضح في السياسة الرسمية، حيث يتحدث كل المسؤولين عن كون المغرب دولة عربية، وأن الشعب المغربي شعب عربي، وذلك في لقاءاتهم الرسمية والدبلوماسية، بينما يلجأون إلى التقية عند مخاطبة الرأي العام المحلي. بمعنى أن ادعاءات الحكومة المغربية بكونها تعترف بالتعدد اللغوي والثقافي مجرد خطاب دسم للاستهلاك الداخلي، وليس مسألة مبدئية وملموسة.
إن المقاربة الرسمية عموما تنطلق من مجموعة من الثوابت والمعطيات، "ومرجعية" الدولة في هذا الإطار تستند على الخطب الرسمية والتصريحات الحكومية وعلى الدستور، وعلى اختيارات المغرب الإيديولوجية والسياسية، وأيضا على ما ورد في ميثاق التربية والتكوين، وما تضمنه الظهير المنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. هذه، إذن هي أهم العناصر "المرجعية" التي تعتمد عليها المؤسسات الرسمية في معالجة موضوع التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب. فمؤسسات الدولة تعاملت مع موضوع الأمازيغية بكثير من الحذر المبني على هواجس غير مبررة، بل دائما تحاول الدولة تسييج كل ما يتعلق بالحقوق اللغوية والثقافية، وتضع عراقيل مستمرة أمام مكونات الحركة الأمازيغية.
وإذا استقرأنا بعض المحطات التاريخية، نجد أن مشروع المعهد الوطني للدراسات والأبحاث الأمازيغية الذي كان مطروحا للمناقشة في مجلس النواب منذ أواخر السبعينيات لم يخرج إلى حيز الوجود، والدستور يكرس التوجه العروبي للمغرب، وميثاق التربية والتكوين يحتقر اللغة الأمازيغية ويجعلها خادمة للغة الرسمية، بل ويتعامل معها على أساس أنها مجرد لهجات متفرقة يمكن للسلطات التربوية الجهوية أن تدرجها في التعليم المحلي بشكل اختياري. كما أن هذا الميثاق يتحدث عن الانفتاح على الأمازيغية وكأنها لغة أجنبية في المغرب. والظهير المنظم للمعهد الملكي يحدد عمله في إطار هذا الميثاق اللاوطني الذي رفضته كل مكونات الحركة الأمازيغية، كما أن هذا المعهد مجرد مؤسسة استشارية لا تمتلك سلطات حقيقية وفعلية تمكنها من فرض توجهاتها وإقرار مشاريع في المستوى، وذلك لأن هامش الحرية عند أعضائه محدود جدا، وغير كاف لبلورة قرارات جريئة وتاريخية، والنية الطيبة وحدها لا تفي بالغرض في غياب محيط ملائم لتجسيد آمال الحركة الأمازيغية. أما ما يتعلق بالكتاب الأبيض فيتحدث عن ما أسماه بـ "التعامل الإيجابي مع الثقافة الشعبية والموروث الثقافي  والحضاري المغربي"، ويركز على ضرورة "إتقان اللغة العربية وتخصيص الحيز المناسب للغة الأمازيغية، والتمكن من اللغات الأجنبية". وواضح من هذه العبارت والمفاهيم أن الكتاب الأبيض يتلاعب بالمصطلحات الفضفاضة للتهرب من تحديد ما المقصود بـ" الحيز المناسب"، هذا الحيز الذي يتناقص باستمرار على مستوى البرنامج الدراسي لوحدة اللغة الأمازيغية. وبالمقابل يتحدث بوضوح عن إتقان اللغة العربية والتمكن من اللغات الأجنبية، لذا فالتعدد الذي يقصده الكتاب الأبيض غير واضح وغير متوازن.
أما بالنسبة للتصريح الحكومي فإنه يتحدث عن ما أسماه بـ "إنعاش الأمازيغية" وتعدد أبعاد الهوية الوطنية وذلك بطريقة غير دقيقة وغير واضحة المعالم، ولا يحدد إجراءات محددة وملموسة، ولا يقدم التزامات مضبوطة، والواقع أكد لنا زيف ادعاءات الحكومات المغربية المتعاقبة.
وهكذا، يتبين لنا أن النظام السياسي المغربي بمختلف مؤسساته لا يعترف فعليا وبوضوح بقضية التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب، وإن فعل ذلك بشكل محتشم، فإنه يوجز الأمر في كون الأمازيغية مجرد لهجات محلية وثقافة فلكلورية موجهة للسياح الأجانب وللمتعة فقط. وإدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية هو فقط محاولة لربح الوقت وامتصاص غضب الجماهير المغربية، واحتواء نضالات الحركة الأمازيغية والمجتمع المدني. وأغلب عناصر ومكونات "المرجعية" الرسمية تتحاشى الحديث عن كون الأمازيغية لغة كباقي لغات العالم، بل وتذكرنا باستمرار بما ورد في ديباجة الدستور المغربي من كون اللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة للبلاد، وأيضا بكونها لغة القرآن الكريم ولغة الدين الإسلامي، والأكثر من ذلك فإن ثنائية العروبة والإسلام لا تنفصل وتكون بمثابة شيء واحد في الخطابات الرسمية.
وانطلاقا من هذه المعطيات نستنتج أن الدولة المغربية لازالت تتردد في الاعتراف بواقع التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب، و تلجأ عوض ذلك إلى المراوغة وإلى العبارات الفضفاضة والمرنة التي تتيح هامشا كبيرا من المناورة. لكن بفعل نضالات الحركة الأمازيغية وكل الديمقراطيين الحقيقيين، سوف يكون النظام السياسي المغربي مجبرا على تغيير سياسته والاعتراف بالأمر الواقع بعيدا عن الشعارات المستهلكة والوعود الفارغة من المحتوى. فما دامت المطالب تنتزع ولا تعطى كصدقة، فإننا مدعوين إلى الاستمرار في نضالنا الطويل من أجل تحقيق كل مطالبنا المشروعة والعادلة.

ـ ما هي قراءتكم للبيان  الشهير للأستاذ محمد شفيق( العميد السابق للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ) الداعي إلى  ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب ؟
إن البيان الأمازيغي لا ننظر إليه كوثيقة أو كنص جامد، وإنما نقيمه وفق السيرورة والنتائج التي ترتبت عنه، وإلى أي حد هي في مصلحة الحركة الأمازيغية، ومن هذا المنطلق فإن الحركة الثقافية الأمازيغية اعتبرت البيان الأمازيغي بمثابة فرصة مهمة لتجميع المناضلين الأمازيغيين للتفكير بعمق في الإجابة عن سؤال ما العمل؟ أي أننا لم ننظر إليه على أساس أنه هدف في حد ذاته، وإنما اعتبرناه مجرد وسيلة لتوحيد شتات الحركة الأمازيغية من أجل فرز إطار تنظيمي موحد قادر على تطوير الأداء النضالي وربح الرهانات والتحديات التي تنتظر الحركة الأمازيغية، وهذا ما كان سيحصل لو أن سيرورة اللجن الوطنية والجهوية للبيان الأمازيغي أدت دورها كما ينبغي، وبدون أن تسقط في بعض الأخطاء الجسيمة التي تسببت في توقف دينامية المشاريع المهمة التي كانت مطروحة للنقاش، ومن بينها الأطروحة التي قدمتها الحركة المذكورة من أجل خلق تنظيم أو حركة سياسية مستقلة وجماهيرية تستطيع قيادة النضال الأمازيغي بشكل أرقى وأفضل، لكن إصرار بعض المتحزبين الذين انخرطوا صدفة في سيرورة البيان الأمازيغي واكتسبوا صفة مناضل بمجرد التوقيع على البيان، ةو وإصرارهم على إفشال اللقاء الرابع للجنة البيان الأمازيغي نظرا لرغبتهم الجامحة في جعل الإطار المنتظر تأسيسه مجرد دمية في يد بعض القوى السياسية المغربية المعروفة بمواقفها الانتهازية من القضية الأمازيغية، ولهذا قاموا بإنزالات في المؤتمر، وبعقد تحالفات من أجل فرض إرادتهم على المؤتمرين، هذا الإصرار دفع مناضلينا وعدد كبير من المؤتمرين غير المتحزبين إلى الانسحاب من المؤتمر مادامت شروط نجاحه غير متوفرة خاصة وأن بعض الجهات التي تخشى من الديمقراطية ومن الجماهير لجأت إلى أساليب  غير نظيفة لحسم بعض الأمور وإلى التلويح بسلاح القرارات الجاهزة والمعدة سلفا.
وقد أصدر المنسحبون بيانا وطنيا وضحوا فيه كل الملابسات ونددوا بالسلوكات غير المسؤولة الصادرة عن بعض الجهات التي كانت تهدف إلى جر المؤتمر إلى متاهات وحسابات سياسوية ضيقة، وبعد فشل مخططاتها لجأت إلى اتهام مناضلي الحركة الثقافية المذكورة  بأنهم لم يحضروا إلى المؤتمر إلا لإفشاله، وهذا اتهام مردود ومرفوض ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، إذ إننا كنا حريصين على إنجاح المؤتمر، والمساهمة في تجاوز العثرات التي عرفها، وقدمنا في هذا الإطار عدة اقتراحات لكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار، وتنازلنا أكثر من مرة في بعض المسائل والمواضيع رغبة منا في الوصول إلى الحد الأدنى، لكن يبدو أن مخططات الطرف الآخر كانت تهدف إما إلى السيطرة بشكل غير ديمقراطي وإما إلى التهديد بنسف جلسات المؤتمر. وهذا ما تأسفنا له لأننا ضيعنا جهدا كبيرا في مواكبة وحضور مختلف لقاءات ومؤتمرات اللجن الوطنية والجهوية للبيان الأمازيغي، وكلفنا ذلك وقتا طويلا وصعوبات كثيرة، ولكن النتائج كانت مخيبة للآمال.
ورغم ذلك، فقد تولدت لدينا رغبة ملحة وعزيمة قوية لإنجاح المشروع الذي قدمناه إلى المؤتمر الرابع للجنة البيان الأمازيغي والذي أسميناه "حركة يمغناسن من أجل الحرية والديمقراطية"، ونعمل على إنضاج الشروط الكفيلة بتجسيده على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن.
أما ما يتعلق بالبيان الأمازيغي كوثيقة فقد سجلنا عليه بعض التحفظات، وكانت لنا ملاحظات نقدية على السياق العام الذي أتى فيه البيان، وطريقة صياغته، وبعض العبارات الواردة فيه، لهذا لم يوقع مناضلو الحركة الثقافية الأمازيغية على البيان الأمازيغي، لكن أغلب نقط البيان هي مطالب يكاد يجمع عليها كل مكونات الحركة الأمازيغية بما فيها الحركة المذكورة، وهذا ما شجعنا على التعامل الإيجابي مع ما تمخض عن البيان من نتائج سبق لنا أن تطرقنا إليها.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب الحقوقي في طريقه نحو المصالحة مع نفسه
- وهم القضاء على الرشوة بالمغرب!!
- اليسار المغربي في رحلة جديدة لبحث عن جمع شتاته
- الباحث أحمد بوكوس يتحدث عن تأهيل و دسترة الأمازيغية، المعهد ...
- الصحافي والمحلل السياسي خالد الجامعي يتحدث عن التغييرات التي ...
- مستشارو الملك محمد السادس وسؤال حدود الاختصاص
- السوسيون- يكتسحون المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب ! ...
- اتساع دائرة القلق من جراء هيمنة الحكم على القرارت السياسية ا ...
- بعد أربع سنوات على إقالة ادريس البصري- الرجل القوي زمن الحسن ...
- بعد مرورسنتين على الخطاب التاريخي لأجدير بخنيفرة إدماج الأما ...


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مصطفى عنترة - الباحث والناشط الأمازيغي خالد المنصوري يتحدث عن واقع الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب