أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - التجاني بولعوالي - كتاب الانترنت الجدد ومثقفيه هم خوارج الثقافة العربية/حوار















المزيد.....


كتاب الانترنت الجدد ومثقفيه هم خوارج الثقافة العربية/حوار


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 2280 - 2008 / 5 / 13 - 03:20
المحور: مقابلات و حوارات
    


حوار مع الشاعر والأديب المغربي التجاني بولعوالي
تمكنت من تجاوز عقدة النشر التى كانت تمارس علينا قبـل بداية الالفية

حاوره :صابر الفيتوري
ارصد لنا أهم المراحل التي مررت بها في تجربتك وكيف تكونت إبداعيا؟
التجاني بولعوالي شاعر مغربي، ولد بقرية الدريوش/إقليم الناظور في شمال المغرب (منطقة الريف)، وذلك في أول يناير 1973، وقد تلقى طوال حياته تكوينات متنوعة، جمع فيها بين الأدب والفكر والإعلام، وتتوزع رحلته الدراسية والعلمية والثقافية عبر مرحلتين:
المرحلة الأولى: وهي ترتبط باستقراره في الوطن، أي قبل أن يختار الهجرة إلى الشمال، وقد تلقى أثناء هذه المرحلة تعليمه الأولي بمسجد القرية، ثم بمدرستها الابتدائية، وبعد ذلك انتقل إلى ميضار حيث تابع دراسته الإعدادية فالثانوية، ومنها ارتحل إلى مدينة وجدة، حيث سوف يدرس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، اللغة العربية وآدابها، ليحصل على الإجازة في هذا التخصص، ثم يضيف إليها سنة واحدة في الدراسات العليا، ليغادر الوطن بعد ذلك إلى هولندا.
وكان الشاعر في هذه المرحلة أكثر ميلا إلى كتابة الشعر وبعض الأجناس الأدبية، وقد أثر ذلك على أغلب الأنشطة الثقافية والإعلامية التي كان يساهم بها، سواء أكان ذلك بمدينة وجدة، أم بقريته. ويفضل أن يطلق على هذه المرحلة: المرحلة الذاتية، لأن الشاعر كان أثناءها أكثر التصاقا بالقضايا الذاتية، وأكثر انطواء على النفس، وقد كتب خلالها مجموعات شعرية (إرهاصات، في مهب اليتم، الطين يعشب حزنا في وطني، قصائد متمردة، أسنان/الشوك)، وسردية (البرتقال الصامت، من السماء إلى الأرض).
المرحلة الثانية: وهي مرحلة الاستقرار في المهجر/هولندا، حيث سوف يدرس الشاعر اللغة الهولندية في جامعة أمستردام، ثم بعد ذلك سوف يتلقى تكوينا خاصا بأساتذة الأديان (المرحلة الثانوية) في كلية التربية بأمستردام، وموازاة مع ذلك كان الشاعر مشغولا باستكمال ما قد بدأه بالمغرب، حيث سوف يتوجه بنيل شهادة الماجيستر في النقد الأدبي من الجامعة الحرة بمدينة لاهاي الهولندية، وعقب ذلك سوف يساهم الشاعر مع ثلة من الأكاديميين في تأسيس جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، التي يشغل الآن منصب نائب رئيسها.
هكذا يبدو الشاعر التجاني بولعوالي، في المرحلة الثانية، أنه ارتاد عوالم معرفية جديدة، وفق فيها بين مختلف الانشغالات الفكرية والأدبية والإعلامية والأكاديمية، وهي انشغالات محكومة دوما بسؤال الهوية، في عالم تظل فيه هوية الإنسان الجنوبي المسلم محاصرة ومهددة، ولا يتأتى حمايتها واستمراريتها أمام تيارات الإدماج القسري، والعولمة الشرسة، بالتقوقع والانعزال والتطرف، وإنما بالمناعة الفكرية التي يستقيها المرء من تعاليم دينه، وخصوصيات ثقافته، ليستثمرها من خلال تواصله الدائم مع مكونات المجتمع الذي ينتظم فيه، عن طريق الإسهام الإيجابي، والتعامل الحسن، فكانت نتيجة هذا المخاض الفكري أن ألف كتاب (المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل)، ثم إنه إلى جانب سؤال الهوية الإسلامية في الغرب، كان يحضر في ذهن الشاعر وحياته، سؤال الهوية الأمازيغية، الذي غالبا ما يفسر بأجوبة وتأويلات ناقصة أو شاذة أو مؤدلجة، فما كان عليه إلا أن يساهم بقلمه في التناول الوسطي لمختلف جوانب القضية الأمازيغية، وهو تناول يراعي جميع مكونات المجتمع المغربي؛ الإسلامية والأمازيغية والعربية، وقد كتب عن ذلك كتابين، أولهما (الإسلام والأمازيغية؛ نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغة)، وثانيهما (دفاعا عن الأمازيغية؛ رؤية واقعية تستشرف المستقبل).
كما أن الشاعر يدرك أنه في زمن الإنترنت والعولمة والنظام العالمي الجديد... لا يستمر إلا من يملك إعلاما قويا، يؤهله لأن يتحدث بحرية مطلقة وهيمنة ممتدة عن نفسه، مسوقا أفكاره ومنتوجاته، ولو كانت شاذة ومهددة للإنسانية، وما دامت الأمة الإسلامية تشهد عجزا مذهلا في ميدان الإعلام، ليس على المستوى الكمي فحسب، وإنما على الصعيد الكيفي والمنهجي والتقني وغير ذلك، من هذا المنطلق كان التفكير في تأسيس جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، التي تعتبر أول جامعة بكفاءات أمازيغية وعربية وإسلامية، تتخصص في علوم الإعلام وتقنيات الصحافة، مما سوف يجعل الشاعر ينخرط في مجال الإعلام، مؤسسا وأستاذا ومؤلفا، حيث كتب أطروحته حول تاريخ الصحافة الأمازيغية المكتوبة بالمغرب، وساهم في مقرر الجامعة، في مواد فن الإعلان، والإعلام الفضائي والإلكتروني، والصحافة المكتوبة وغير ذلك.
والجدير بالذكر كذلك، أن اهتمام الشاعر بما هو فكري وإعلامي، لا يعني أنه تخلى عن ذلك الشاعر الخجول الذي يسكنه، فهو يساهم من فينة لأخرى بنصوصه الشعرية، التي وإن كانت قليلة، فإنها تحمل بين طياتها إضافة ما إلى الشعر العربي أو الأمازيغي المعاصر، كما أنه لا يعني أنه تخلى عن ذائقته النقدية، فهو يفتخر برئاسة تحرير مجلة الفوانيس المتميزة، وإسهامه فيها بعمود ثابت، يتجدد كل نصف شهر، يحمل عنوان (بقلم رئيس التحرير)، ويتناول النصوص الشعرية والسردية التي تنشر في المجلة.

هل يستطيع الفن أن يؤثر في الحياة؟
أكيد أنه بإمكان الفن التأثير في الحياة، كما أن الحياة التي يتناولها هذا الفن تؤثر فيه بشكل جلي، فينطبع بها، ويأخذ منها طبيعتها وأشكالها وألوانها وخواصها وغير ذلك، على هذا الأساس نستطيع الحديث عن جدلية ما تنشأ بين الفن والحياة، تنبني على الأخذ والعطاء، التأثر والتأثير، ثم إن هذه العلاقة تتطور، في أحايين كثيرة، ليتحد الفن بالحياة، ويصبح ملمحا ثابتا فيها، لا يمكن الاستغناء عنه، أو فصله عن حياة الإنسان، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على أن الفن ليس شيئا إضافيا أو تكميليا في الحياة، وإنما شيء أساسي وضروري للحياة، لا سيما في أبعاده العفوية، حيث الإنسان يمارس الفن تلقائيا وجبليا، وليس تصنعا أو تكلفا.
أما فيما يتعلق بتأثير الفن في الحياة، فهذا أمر وارد، بل ولازم، وإلا صارت الحياة جوفاء خالية من أي قيمة، لذلك فإن أهم المنعطفات أو التغيرات التي شهدها تاريخ الإنسانية، كان يحضر فيها الفن بقوة، سواء أكان شعرا كما نجد في العصر اليوناني من خلال أشعار هوميروس، وفي العصر الجاهلي من خلال شعر المعلقات، وغيرهما، أم كان معارف علمية حقة كما كان عندما بلغت الدولة الإسلامية أوجها، أم معارف إنسانية واجتماعية كما سبق الثورات التي شهدتها المجتمعات الغربية عامة، والفرنسي خاصة، في أواخر القرن الثامن عشر (1789)، أم غير ذلك مما اخترعه الإنسان من أدوات، وابتكره من آليات، وصاغه من أفكار.

هناك من يشدد على أنه عصامي التكوين رغم أني لا اعتقد أن هناك فرق فالأمر سيان؟
العصامية تعني أنك تحقق نجاحا ما في بعض جوانب الحياة، أو جانب معين منها، سواء أكان الأمر يتعلق بالفن والأدب والعلم، أم بالدراسة والتلقي، أم بالعمل، أم بغير ذلك، دون لجوء إلى المدرسة أو المعلم، وإنما اعتمادا على النفس، وما يتأتى للشخص من إمكانيات ذاتية ومهارات يكتشفها وينميها مع مرور الوقت وانشحاذ التجربة. وقد ورد في معجم الغني أن العصامي هو من "تعلم من تلقاء نفسه وكسب علما باعتماده على قدراته الذاتية". ولنا في التاريخ، كما في الواقع، نماذج كثيرة ذات تكوين عصامي، حيث استطاعت أن تحقق نجاحا باهرا وخارقا في مجال من مجالات العلم والأدب والفن وغير ذلك، رغم أنها لم تسمح لها الظروف، إما الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو الصحية، بدراسة التخصص الذي نبغت فيه. ثم إن قضية العصامية ليست جديدة، بقدرما هي معروفة في التاريخ الإنساني عامة، والعربي خاصة، وقد جاء في لسان العرب أن "العِصَاميُّ نسبة إلى عِصَام. ومنهُ المثل كن عِصَاميًّا ولا تكن عظاميًّا يريدون بهِ قول النابغة:
نفسُ عصامٍ سوَّدت عِصَاما /// وعلَّمتهُ الكـرَّ والإقـداما
وصـيَّرتهُ مـلكًا هـمَّامـا //// حتى علا وجاوز الأقواما
ونفسُ عصامٍ مثَلٌ في من شرف بنفسهِ لا بآبائهِ".

كيف ترى مستقبل الأدب والثقافة العربية؟
في حقيقة الواقع، يبدو أن مستقبل الأدب والثقافة العربية في ظل المنظومة التقليدية، التي ما فتئت تهيمن على الكثير من أنساق الثقافة العربية والإسلامية، يظل محفوفا بالتردي والتقهقر، وذلك نتيجة مختلف الأزمات، كأزمة قراءة الكتاب، وأزمة الكتابة الجيدة، وأزمة توصيل الإنتاج الفكري والثقافي، وأزمة التنظيم الممنهج والعادل لشؤون الثقافة والأدب، وغير ذلك من الأزمات.
بيد أنه ثمة معطى جديدا من شأنه أن يمنح نفسا قويا للأدب والثقافة العربية، فيراهنا على مستقبل ولو مُرضي بشكل ما، وهذا المعطى هو توظيف الشبكة العنكبوتية لخدمة هذا الأدب وتلك الثقافة، ليس نشرا فحسب، وإنما خلقا لأنواع أدبية وثقافية جديدة تستجيب لحاجة القاريء الجديد، وهو قاريء الإنترنت، الذي يختلف كثيرا عن القاريء التقليدي؛ قاريء الكتاب أو قاريء الجريدة، وقد بدأت ملامح كتابة جديدة، يطلق عليها الكتابة التفاعلية، تظهر في أفق الثقافة العربية، إلا أنها تتشكل بوتيرة محتشمة وبطيئة، في حين يشهد عالم الإنترنت والمعلوميات تطورا خارقا، لا يمكن استيعاب مستجداته وإضافاته، فهل الأدب والثقافة العربية مهيآن، لمسايرة ولو بعض جوانب الثورة الإنترنيتية الجديدة، وإن كان الأمر كذلك، فيمكن عندئذ الحديث عن مستقبل ما لهذا الأدب وتلك الثقافة، أما أن تسود الهيمنة للمنظومة التقليدية، التي ترى كتاب الإنترنت الجدد ومثقفيه بمثابة خوارج الثقافة العربية، الذين يشقون عصا طاعتها! فهذا يعني أن التعاطي لعلوم الإنترنت ومعارفه في العالم العربي، يظل رهن الاستخدام الشخصي والهواية، في الوقت الذي يقتضي هذا التعاطي المهنية والحرفية والمؤسسية، حتى ينتقل بالأدب والثقافة إلى نطاق التفاعلية، ليس تعميما ونشرا فحسب، وإنما إبداعا وابتكارا.

وصلت بنا عجلة التطور التقني لكتابة القصيدة الرقمية واختزال التعبير في حركية الصورة هل تجد نفسا قابلا لها؟
إن القصيدة الرقمية تعتبر نتيجة منطقية للثورة الإلكترونية التي شهدتها حياة الإنسان المعاصر، وهي ثورة تسللت إلى مختلف جوانب الحياة وحيثياتها، بما في ذلك منهجيات القراءة وتلقي المعلومات، وما دام أن الإنسان أصبح يمارس أشكالا قرائية جديدة، كمشاهدة الفيلم/الصورة، والقراءة الإلكترونية، وغيرهما، فكان من الطبيعي التفكير فيما يلبي هذه الحاجيات الطارئة، مما تولد عن ذلك ظهور أجناس ثقافية جديدة، تهيمن فيها الصورة، ثم يليها الصوت، ويمكن إدراج القصيدة الرقمية في هذا الصدد.
أما بخصوص الاستجابة لهذا النوع الأدبي الجديد أو عدمها، فهذا مرهون أساسا بقيمة هذا النوع الدلالية والجمالية، فكلما كان ينطوي على حمولات معنوية ومعرفية مستجدة وبالغة الأهمية، ويوظف آليات جمالية وتوصيلية متميزة لا تقل قيمة عما نلفاه في القصيدة التقليدية، كلما تلقت القصيدة الرقمية قبولا حسنا، واستجابة مستمرة.

أرصد لنا علاقتك بالانترنت وماذا قدم لك؟
مما لا شك فيه، أنني استفدت كثيرا من عالم الإنترنت، ويتحدد ذلك من خلال النقاط الآتية:
 تمكنت من تجاوز عقدة النشر التي كانت تمارسها علينا، قبل بداية الألفية الثالثة، الصحافة المغربية والعربية، حيث كانت نصوص العديد من الكتاب، وأنا منهم، تلقى في سلة المهملات، من قبل بعض الجرائد والمجلات والدوريات..! لا لشيء إلا لأنني كنت غير متحزب، كما أنني كنت لا أومن بالوساطة في النشر، أما بظهور الإنترنت وتكاثر الجرائد والمجلات والمدونات الرقمية، فأصبح الكاتب والمثقف في غنى عن سؤال المنابر الإعلامية التقليدية، لا سيما وأنه من خلال بناء موقع خاص به، يمكن أن ينفتح على عالم القراءة والمتابعة والإعلام.
 ثم إن الإنترنت يوفر للقاريء مختلف مصادر القراءة ومواردها، من أمهات الكتب والمعاجم والمؤلفات والجرائد والمجلات، في حين كانت لا تتوفر هذه الموارد في الماضي، إلا للقاريء الميسور الحال، الذي يسكن في المدينة، أو للطالب الذي يتابع دراسته الجامعية، حيث توجد المكتبات، كما تجدر الإشارة إلى أن الإنسان الباحث أصبح، في كثير من الأحيان، في غنى عن السفر أو الخروج من المنزل للبحث عن الكتب والمراجع، فالإنترنت يزوده بالعديد من الموارد التي تجنبه تعب البحث عن المكتبات العمومية أو الخاصة.
 كما أن الإنترنت حفز الكثير من المثقفين والكتاب على طرح مشاريع رقمية متميزة، اغتنت بها الثقافة والأدب والفكر عموما، وفي هذا الصدد يلاحظ ظهور مختلف الجرائد والمجلات الثقافية والأدبية والفكرية والإعلامية والفنية وغيرها، التي تمكنت في زمن قياسي من استقطاب عشرات الآلاف من الكتاب والقراء، لم تستقطبه المنابر العربية والمغربية التقليدية طوال أكثر من نصف قرن! وفي هذا الصدد أشير إلى مجلة (الفوانيس) http://www.alfawanis.com، التي يديرها الصديق فؤاد زويريق، وقد أنيطت لي مهمة رئاسة التحرير، حيث أكتب عمودا ثابتا عنوانه: بقلم رئيس التحرير، أحاول من خلاله تناول بعض النصوص الشعرية والسردية التي تنشر في المجلة، وهي مبادرة أولى من نوعها في عالم المجلات الأدبية والفكرية الرقمية الصادرة باللغة العربية، حيث قلما نجد مجلات تهتم بما ينشره كتابها، عن طريق القراءة النقدية والعلمية المتأنية.
 وحقيق بالذكر كذلك، أنه بفضل الثورة الإنترنيتية، ظهر مجال أكاديمي جديد، يتحدد في الدراسة عن بعد، وقد أدى عالم الإنترنت دورا رياديا في تفعيل وتنمية هذا التعليم، حيث يستطيع الطالب أن يقرأ في أي جامعة في العالم دون السفر إلى المكان الذي توجد فيه، بل وأصبح ذلك في الغرب مدعوما بمختلف الأجهزة العلمية والإعلامية والقانونية، لأن نمط الحياة المعاصرة يحتم على الطالب أن يوفق بين العمل والدراسة، وعلى الموظف أن يطور خبراته العلمية، ولا يتأتى ذلك إلا بالانتظام في دائرة التعليم عن بعد، وإلا فيحرم الطالب من العمل، ولا يؤهل الموظف خبراته! وقد قمت شخصيا برفقة بعض الأكاديميين، وعلى رأسهم الأستاذ د. جمال مصطفى السامرائي، بتأسيس جامعة متخصصة في علوم الإعلام وتقنيات الصحافة، تعتمد آلية التعليم عن بعد، وهي جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، المسجلة قانونيا بالمملكة الهولندية، وقد لقي المشروع تقبلا حسنا، واستجابة منقطعة النظير، رغم أنه في نعومة أظفاره. وهذا هو موقع الجامعة للاطلاع أكثر: http://www.globallahayeuniversity.com

كتابك (المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل) وجد صدى أكثر مما يناله شعرك هل ذلك لحساسية الموضوع؟
هذا صحيح، لآنه كتاب يتناول مجموعة من قضايا الساعة المصيرية للمسلمين في الغرب، لذلك فكان من الطبيعي أن يتلق الاستجابة الحسنة، لا سيما وأنه قد استقطب اهتمام الكثير من المثقفين والمهتمين، كما كتبت عنه الكثير من المقالات والعروض، وأقتصر في هذا الشأن بذكر عرض الأستاذ د. يحيى اليحياوي، ومقال الأستاذ مصطفى عبد الرزاق، وعرض الأستاذ السيد رشاد في جريدة الأهرام، وعرض مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وغير ذلك من الحوارات والمقالات وقصاصات الأنباء، كما تجدر الإشارة إلى أن ثمة كتبا في نفس مستوى هذا الكتاب، غير أنها لم يتأت لها النشر والتعميم اللازم حتى تصل إلى يد القاريء والناقد والمهتم، فيقول فيها كلمته، وقد نشرت في الأسبوع الأخير دار أفريقيا الشرق بالمغرب كتابي (الإسلام والأمازيغية؛ نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغية)، وأتوقع أن ينال اهتماما كبيرا في الأوساط الثقافية المغربية عامة، والأمازيغية خاصة.
أما فيما يرتبط بشعري، فأعتقد أنني استطعت كشاعر أن أصل إلى شريحة معتبرة من قراء العربية والأمازيغية، وحتى الهولندية، رغم أنني إلى حد الآن لم أصدر أي مجموعة شعرية ورقية، فكل أشعاري مخطوطة، ومهيأة للنشر في خمس مجموعات مكتملة.

هل ترى أن الأقليات في الوطن العربي حالها أسوأ من حالة المواطن العربي؟
إن مصطلح الأقليات يظل مبهما، يحتاج إلى مزيد من الإيضاح، لا سيما عندما نتحدث عن العرقيات الإثنية، كالأمازيغية مثلا في شمال أفريقيا، والكردية في الشرق الأوسط، فهذه ليست أقليات وإنما أغلبيات؛ عددا ووجودا وإسهاما.
وما دمت أمازيغيا مسلما، أقتصر على حالة الإثنية التي أنحدر منها، حيث يشكل الأمازيغ ما يربو على 50% من ساكنة المغرب الأقصى، ومع ذلك ظل المخزن/السلطة يعتبرهم كأقلية في جسد الأغلبية العربية، وعندما نتصفح التاريخ الحديث، المحدد بمرحلة ما بعد استقلال المغرب في منتصف القرن الماضي، نجد أن الدولة سادت البلاد والعباد، بعقلية ذات بعد أحادي، يختزل مكونات الشعب المغربي في البعد القومي العربي، إقصاء للأبعاد الأخرى كالأمازيغي مثلا! بل وثمة من السياسيين المتشبعين بأفكار القومية العربية من سعى إلى طمس معالم الشخصية الأمازيغية وصهرها، بترويج شتى المغالطات والمزايدات على أن الأمازيغ عرب، وأن اللغة الأمازيغية لهجة عربية، وأن البعد الأمازيغي يشكل خطرا على وحدة المغرب، وما إلى ذلك، غير أنه مع مرور الأيام سوف تتراجع كل تلك الطروح، ويدرك الجميع أن ذلك التهميش الذي مورس على الأمازيغية؛ تاريخا ولغة وواقعا، زادها قوة ومتانة وصمودا، وأن لا قيمة أو وزن للمغرب أو شمال أفريقيا من غير البعد الأمازيغي، حيث يشكل المقوم الأمازيغي عضد الحضارة المغربية القديمة والحديثة، في شتى جوانبها التاريخية والاجتماعية والأدبية والفكرية والتراثية والواقعية...
ثم إننا عندما نتحدث عن معاناة الشعوب داخل العالم العربي، ينبغي ألا نقتصر على شعب أو شريحة دون أخرى، فالكل على سواء، يعاني مرارة الاستبداد وهول الظلم وآفة الإقصاء، سواء أكان عربيا أم أمازيغيا أم كرديا أم مسيحيا أم مسلما أم غير ذلك، حيث الحاكم العربي لا تهمه هوية رعيته، بقدرما يلهث وراء مصالحه من ثروات البلاد وخيراتها، إلا أن التهميش الذي اعترى الإنسان الأمازيغي مركب ومتعدد، لم يقتصر على الجانب الاقتصادي والسياسي فحسب، كما عند المواطن العربي، وإنما تجاوز ذلك إلى مقومات هويته من لغة وتاريخ وثقافة وغير ذلك.

هل أحد إشكاليات الكاتب في واقعنا الثقافي انه لا يسعى لتأهيل نفسه أكاديميا؟
إن المعارف صارت في متناول أي شخص، كأنما قول الجاحظ المشهور: "المعاني مطروحة على قارعة الطريق"، يكرر نفسه. على هذا الأساس، فالمهم ليس أن تعرف الشيء، وإنما كيف تعرفه، وكيف توجه تلك المعرفة، وكيف توظفها... على هذا النحو يلفى الإنسان عامة، والكاتب خاصة، نفسه في حاجة إلى آلية ينظم بها أفكاره وسلوكاته وعلائقه، وكلما كان الشخص قد تلقى تكوينا، لا نقول أكاديميا، وإنما علمي أو منهجي، كلما تأتت له إمكانية التعامل الواقعي والعملي مع القضايا التي يتناولها، وأصبح أكثر تأهيلا وتنظيما ودقة.

كلمة أخيرة؟
أود أن أشكر الأستاذ صابر الفيتوري على هذا الحوار الشيق، الذي أتاح لي فرصة الحديث عن جملة من القضايا الأدبية والفكرية والإعلامية، التي تعتبر محل انشغالي، وهاجس تفكيري.

رابط الحوار في موقع جريدة الجماهيرية:
http://www.aljamahiria.com/pages/takafi/takafi.htm






#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والأمازيغية؛ نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغية
- انتصار الحق في مواجهة نبي الشر!
- رسم كاريكاتوري يشعل غضب مسيحيين هولنديين
- قطار التحول لم يقلع بعد في المغرب!
- طقوس الهزيمة
- وثيقة اعتراف في حضرتك
- ثنائية الأسطوري والواقعي في أنطولوجيا الحب
- الشباب الهولندي ذو الأصل المغربي على قمة هرم الإجرام!
- زْزْزْزْزْزْزْزْ...
- عندما يصبح الشعب مجرد قطيع ضال!
- عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية ج2
- عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية
- التعليم عن بعد.. الإعلام عن بعد؛ رهان المستقبل الواعد
- إلى متى يستمر إقصاء الإسم الأمازيغي؟
- افتتاح جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام
- استراحة على الطريق بين باريس وأمستردام
- المسلمون في أوروبا.. بين الغرب الأيديولوجي والغرب الإنساني
- الهجرة المعاكسة؛ حلم العودة الذي يأتي ولا يأتي
- الريف في مواجهة الحرب الكيماوية الأولى
- ازدواجية الجنسية في هولندا بين الثابت القانوني والمتحول السي ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - التجاني بولعوالي - كتاب الانترنت الجدد ومثقفيه هم خوارج الثقافة العربية/حوار