أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود جلبوط - هل من مهمات العلماني العربي شتم الإسلام ومن متطلبات التغيير تهزيء نبيه؟!















المزيد.....

هل من مهمات العلماني العربي شتم الإسلام ومن متطلبات التغيير تهزيء نبيه؟!


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن دواعي الكتابة حول هذا الموضوع من قبل علمانيّ هو محاولة لاستيضاح الخلط الحاصل حول مفهوم العلمانيّة في طرح بعض اللبراليين العرب المحدثين في سياق الدعوة إلى إنشاء شرق متوسط جديد تقوم القوات الأمريكية وبوارجها ووكلائها في المنطقة لاستيلاده وذلك منذ أن حملته جنينا قوى المحافظون الجدد في رؤوسها بعد أن حطت الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين رحالها وبدأت فترة المخاض له في عهد جورج بوش الابن الذي جهز لاستقباله عندما بشّر بمجيئ بوارجه إلى شواطئنا بإعلانه عن نيته التجهيز لحرب صليبية جديدة باتجاه المنطقة أمره بها الله حسب ادعائه عندما تجلى له المسيح رؤيا في أحد مناماته المرمزة بكلمة : النفط النفط النفط , ثلاث مرات , ثم إسرائيل إسرائيل إسراءيل وأمنها , ثلاثا أيضا .
تقدمة1

إن سعة حاجة الإنسان للدين والتدين التاريخية(نقيض فطرية أو أبدية)ترتبط ارتباطا عضويا وجدليا بسعة العلاقة التاريخية المتضمنة في المساحة الناشئة بين قانون الضرورة وحرية ونشاط الناس الواعي , ويتكفل الجدل بتنظيم العلاقة فيما بينهما أيضا .
وبقدر ما يعاني الإنسان من شعور القهر والخوف أمام ظواهر الطبيعة وكوارثها وعجزه عن السيطرة عليها , هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى عجزه عن تغيير الأوضاع التي تحاصره وتحاصر لقمته كإنسان ولد حرا منذ انطلاق الصراع الطبقي على إثر ظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج لتستبيح أمنه وجهده وإنتاجه وكرامته بل مجمل آدميته , بقدر ما يلجأ إلى الماورائيات للتعويض عن هذا العجز وللشعور بالرضا والتوازن النفسي لمعالجة الإنخلاع الروحي الذي يسببه اغترابه وعجزه . هذا وبسعي من الأقلية التي استولت على قوة عمله ومقاليد السلطة لإعادة إنتاج هذه العلاقة القهرية عبر تاريخية الصراع لتأكيد هذا العجز وتأكيد لجوئه هو إلى الماورائيات للتعويض النفسي , سعى هذا الطرف القاهر لإنتاج كل ما يؤكد هذا العجز عبر تأكيد ما تكوّن لدى هذا المسكين وإنتاج المزيد منه , من نظريات وأيديولوجيات .

حقا أن الناس يصنعون تاريخهم بأنفسهم , ولكن نشاطهم هذا تحدده قوانين موضوعية لواقعهم المعاش . إن الناس يصنعون التاريخ نعم , ولكنهم لا يصنعونه لأنهم أرادوا ذلك بل لأن الظروف الماديّة الموضوعية لحياتهم ذاتها هي التي أملت عليهم ذلك . إن الرغبات وحدها لا تكفي لتحقيق الأهداف , فمن أجل تحقيقها لا بد من ظروف مادية مهيأة .
إن نشاط الناس موجه نحو تجديد الشروط القائمة من جهة , وإلى تبديلها من جهة أخرى , وإن تجديد تلك الشروط وتغييرها يتم وفقا لقوانين موضوعية تعبر عن الجانب الأساسي للعلاقات .
كيف نوفق بين الطابع القانوني للتطور الاجتماعي وبين الاعتراف بدور الناس الخلاق في التأثير على هذه القوانين وإنجاز التغيير المرتجى؟!
1- إن نشاط الناس يدخل في جملة الأحداث الضرورية الموضوعية التي تنشأ عنها العملية التاريخية , ولا يمكن الحديث عن قوانين التطور الاجتماعي خارج حدود النشاط العملي للناس , إن جدلية التاريخ هي أن الناس يغيرون ظروفهم تحت ضغطها هي نفسها .
2- إن القوانين تحدد فقط الإتجاه العام للعملية التاريخية , أما المسيرة المجسدة للتاريخ وتفاصيلها ووتيرتها وأشكالها تحددها مبادرات الناس الخلاقة , ولا ينبغي فهم تقريرية سلوك الناس فهما ميكانيكيا لأن الناس بالأصل ليسوا وحدة ميكانيكية , وسلوكهم لا يتطابق مع حركة الجسم الميكانيكي .
ومن هنا فإن لكل شعب في بنية اجتماعية محددة تاريخه الخاص بالرغم من واحدية القانون التي تخضع لها بلدان من نفس درجة التطور .
إن نشاط الناس هو القوة المحركة لتطور المجتمع وهي التي تصنع التاريخ .

إن العلاقة ما بين دفتي مبدأي الضرورة والحرية هو الذي يحدد درجة تطور الإنسان في المكان والزمان المحددان وفي البنية الاجتماعية المحددة , وهو الذي يوجه وعي الإنسان للإيمان بالماورائيات ويحدد حجم تأثيرها على حياتها وفي إدارة شؤونه وعلاقاته مع شركائه في البنية الاجتماعية المحددة والعلاقة مع محيطها , مع الطبيعة ومع البنيات الاجتماعية الأخرى .
إن نمط الإنتاج(قوى إنتاج , علاقات اجتماعية مبنية على قاعدة هذه القوى الإنتاجية)هو الذي يشترط ويحدد تشكيلات الوعي الاجتماعية ومنظومة الأخلاق السائدة فيها والتي تحكم العلاقات فيما بينها وبين البنيات الأخرى وبينها وبين عوامل الطبيعة .
فإذا كان وجود الإنسان فعالية إيجابية أي حرية اختيارية فهي انفعالية سلبية كذلك , لأن الناس وبالرغم من صناعتهم لحيواتهم وتقريرهم لأشكالها بشكل حر لكنها تأتي ضمن شروط لم يختاروها اختيارا حرا(شروط طبيعية أو شروط اجتماعية)وبالتالي توجد تبعية طبيعية لنتاجات الوعي بالنسبة للبنية التحتية التي يتكون الوعي في أحشائها .
فلا يمكن للبنيات الفوقية , مهما كانت فعالة , أن تقوّض لوحدها كيفما اتفق وفي أي وقت الاشتراطات المادية التي ولدتها , أي أن الإنسان حر نعم , ولكنها حرية مشروطة , وصحيح أن الوعي عامل فعال في نمو التاريخ ولكنه لا يتضمن بحد ذاته هذا النمو .
إن الأخلاق والوعي ترتبط ارتباطا صميميا بجدل الواقع , وجدل الواقع لا يحذف احتيازهما بأخرى ولا يجعلهما غير مجديان , بل يفرض عليهما الحدود الموضوعية التي يمكن أن يكونا في داخلها واقعيا وعملياّ .



تقدمة2

حول تعريف مفهوم العلمانية ومنشأه و دواعيه .

إن البحث في القواميس الأوربية عن كلمة علمانية(بفتح العين) يدل على أنها كلمة مشتقة من Secularism وهي تعني الدنيوية أو بمعنى أصح ودون مواربة ولا نفاق اللاّدينية , ولكن العلمانية كمفهوم مثلها مثل معظم الكلمات التي تشعبت في استخداماتها فأصبح مدلولها المتفق عليه يعني فيما يعنيه عزل الدين عن الدولة ومؤسساتها والحكم بين الناس على أساسه وحصره كمسألة فردية لا تتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه . إنه الدعوة لبناء دولة يحكمها قانونا وضعيا لا ديني يراعي تفسير الظواهر على أساس العلم ويعبر عن المصالح المشتركة ما بين أفراد المجتمع بعيدا عن الدين , أي بمعنى ما يفسر الحياة البشرية على أساس المصالح الدنيوية .
ويتفق المؤرخون على أنه جرى تداوله لأول مرة إلى القرن السابع عشر في ظروف وحيثيات الثورة الفرنسية التي أدت إليها ظروف ودوافع كثيرة على رأسها تحكّم الكنيسة برقاب الناس ومصائرهم من خلال كونها المالك الأكبر للأرض كوسيلة إنتاج رئيسية ووجودها على رأس السلطة وتغولها وتحولها إلى طاغوت تحكم في دخول أو عدم دخول الناس إلى الجنة من خلال توزيع صكوك الغفران على من تحابيهم , وذلك من خلال تشكيلها لمحاكم التفتيش التي استباحت حيوات الناس ونشرت الجهل وحرمت تداول العلم ونظرياته واتهمت العلماء بالهرطقة , وغير ذلك من المظالم فكانت الثورة الفرنسية , وقد شكلت أول حكومة لا دينية في التاريخ حكمت باسم الشعب , وانتشرت بعد ذلك في كل أنحاء أوربا بالترافق مع النزعة اللبرالية ممهدة للثورة الصناعية والتقدم العلمي الهائل . وبظهور العلمانية يكون قد تم تدشين انطلاق عصر النهضة والتنوير في أوربا و تدشين نهاية الدولة الدينية التي وسمت العصر الوسيط برمته.

انتقلت العلمانية إلى دعاة التقدم في بلادنا بشكل فردي أولا عن طريق دراستهم في الدول الأوربية وتوسعت عن طريق أول احتكاك لنا مع الغرب في الحقبة الاستعمارية التي دشنتها حملة نابليون .

لم يتعرض مفهوم في تاريخنا الحديث لظلم ولغط وخلط عن جهل أم عمد كما تعرض له مفهوم العلمانية , وأصبحت تهمة علماني لدى العامة من الناس وصمة عار لكل من يؤمن بها توازيها بهذا لفظة بلشفي , فعلى أساس الانتماء إليها يكفر صاحبها ويصبح هدفا لتطبيق حد الردة عليه , كيف لا وهي قد عرّت الدولة الدينية وإدارتها للصراع الاجتماعي على أساس الدين من ثوب القداسة ودعت إلى حوار الأفكار على أسس عقلية دنيوية وأسست لتداول مقاليد السلطة في دولة دنيوية يخطيء حاكموها ويصيبون .
وبعيدا عن الخوض في الفترة التاريخية التي يعود إليها انطلاق استعمال هذا المفهوم , فإنها قد انبثقت عن حاجة اجتماعية تاريخية ملحة للخلاص من مظالم ومعوقات سبقتها .

إن العلمانية مفهوم تاريخي خال من الإطلاقية فهو إلى جانب دلالاته السياسية والفلسفية فإنه تعبير عن حاجة بشرية تاريخية أنتجته عبر تطورها , وبعيدا عن الخلافات والاختلافات التي ألمت وأحاطت بمفهومها وتفاديا لكل الحوارات الطويلة والمكررة للمؤيدين لها والمعارضين والمعادين إن كانت معادية للدين أم لا فثمة هناك واقع أن أفراد ومجموعات من الناس قد آمنوا بها وثمة تجارب عديدة اعتمدتها نهجا لسلوكها في الحكم أو خارجه , كيف لا وهي المبدأ الوحيد الذي يعيش في ظل دولتها كل أنواع التعدد الفكري والسياسي والعقائدي دون إقصاء ودون تمييز عرقي أو عنصري أو ديني .

تقدمة3

لقد ظهر الإسلام في العصر الوسيط الذي تميز بأن اتخذت صراع المصالح محليا وعالميا شكل الصراعات الدينية التي استبطنت ضمن ما استبطنت الصراع على السلطة إن كان للسيطرة على الخراج المحلي أو توسيعه من خلال حروب الفتوحات من قبل هذه الامبراطورية أو تلك . وبعيدا عن الشكل الديني التي قامت عليه الدعوة والذي وسم العصر الوسيط برمته فقد مثلت الدعوة الإسلامية في حينه ثورة على البنية الاجتماعية التي سبقتها أسلوبا للإنتاج ومنظومة قيم , فقد كان يسيطر في الجزيرة العربية آنذاك أسلوب الإنتاج الرعوي المترهل عن مواكبة طموح الفئات الاجتماعية الفتية المعتمدة على التجارة , ودون الخوض في التفاصيل التاريخية وتحليل البنية البدوية آنذاك فقد استطاع قائد هذه الدعوة وأصحابه أن يبنوا من شرذمات بدوية وعلى أنقاض منظومة أخلاقية بدائية نواة دولة بدأت بالمدينة ومجتمعها يجمعها قانونا واحدا جديدا أخذ على عاتقه تطوير البنية عبر عن نفسه من خلال الدين الإسلامي في مواجهة فئة قديمة مسيطرة ومنظومة من القيم ارتبطت بتعدد الأديان الوثنية المتعددة والتي كانت تؤدي دائما إلى الفرقة ما بين أبناء الصحراء العربية , وتوسعت هذه الدولة لتصبح امبراطورية مترامية الأطراف على حساب امبراطوريتين مثلتا في حينه العالم عندما كانت أوربا غارقة في بحر ظلماتها .

ولا نرى أن الركود قد ساد بنية هذه الامبراطورية دائما , فالأمور لم تصفو دائما لأصحاب الشأن و القوى المسيطرة حيذاك في الدولة ولا ولأيديولوجيتها المسيطرة منذ عهد الدعوة الأولى ومرورا بالامبراطورية المترامية الأطراف ووصولا إلى تفتتها إلى دول متعددة دون منغصات فلقد توزع تاريخها ومنطقة سيطرتها الجغرافية العديد من حركات التمرد من الشرائح المظلومة والمقهورة كان بعضها واسعا وعنيفا أقام بعضها دولا قائمة بحد ذاتها دامت عشرات السنين(المعتزلة , القرامطة , ثورة الزنج , الدولة الفاطمية , الإثنى عشرية , الإسماعيلية إلخ) .

والقصد من وراء كل ما سبق هو أن المعرفة المجمعة في وعي الإنسان وبالتالي عقله وطريقة تفكيره هي دائما وأبدا انعكاس للواقع وتعقيداته ولا تأتي عبر رغبة إرادية ميكانيكية, بل هي عملية جدلية معقدة ينفذ فيها العقل إلى جوهر الأشياء , فتصبح منظومة من الأفكار في وعي الناس من خلال نشوء التناقضات وحلّها , وهي بذلك تحمل طابعا خلاّقا , فهي إذ تكشف قانونيات العالم الموضوعي تدل على تكوينه وتبديله .
إن للمعرفة هذه طابعا اجتماعيا تاريخيا وتتطور تبعا لتطور المجتمع . ولكي نعرف الشيء علينا الإحاطة بجميع جوانبه , ومع ذلك فنحن لن نحيط بالشيء إحاطة تامة , ولكن النظرة الشاملة للأشياء يحمينا من الأخطاء ومن الجمود عند المعرفة المعينة , هذا أولا , وثانيا إن النظر للأشياء نظرة جدلية يتطلب منا تناول الشيء في تطوره , في حركته الذاتية المتغيرة , وثالثا يجب أن يدخل في حساب المعرفة كل التطبيق العملي الذي مارسته الإنسانية بأجمعه لتحديد الشيء كمقياس للحقيقة وكمحدد عملي لصلة الشيء بما هو لازم للإنسان , ورابعا فإن المنطق الجدلي ينص على أن ليس هناك حقيقة مجردة فالحقيقة دائما حسية .
إن هذه المعرفة تتجمع بشكل جدلي لتشكل منظومة القيم الاجتماعية التي تنظم حياة أعضاء البنية المجتمعية المحددة , والتي هي شيئ ليس فوق طبيعي أو متعالي أو شيئ جامد أو سرمدي , فمنظومة القيم لاتوجد قبل التجربة الإنسانية , بل هي تطورت بتطور البشرية , وتحولت بتحول المجتمع , كما أنها مكونات للبنية الاجتماعية الفوقية وتخضع لمصيرها العام , وهي لاتوجد مافوق أو ماوراء العالم المادي وإنما تمتد جذورها إلى الواقع الموضوعي .

إن التاريخ الإنساني ومنذ انقسام المجتمع إلى طبقات وحتى الآن هو تاريخ ضياع الإنسان في منتجاته وترافق هذا مع تاريخ استلابها منه ومن حيازته في ظل انقسام اجتماعي , مالك وسائل إنتاج وغير مالك لوسائل الإنتاج , عبر ثنائية الصراع الطبقي التاريخية . والضياع هو النتيجة المؤلمة للانفصال الذي يحدث في مرحلة معينة من نمو الإنسان بين وجوده الواقعي ومنتجاته (ولذلك ينبغي إزالته لأنه مؤلم) , والضياع يظهر ابتداءا من العلاقة بين الإنسان ونتاجه وتاريخيته تؤكد أنه في ظل التمايز الطبقي والتموضع بالنسبة لملكية وسائل الإنتاج في ظل علاقات استغلالية كان محتوما . والضياع مصدره ما يجري في الحياة الاقتصادية وليس ما يجري بالمفاهيم الدينية , فعندما يضيع من الإنسان إنتاجه الذي بذل عليه نشاطه الذهني وقوته العضلية ويذهب إلى الآخر يشعر عندها بالضياع والغربة والغضب والقهر , وسيحيا حياة شبحية وهمية يخلق لها أوهامها الخاصة , وأفكارا أخلاقية ومفاهيم دينية , ومن هنا تنتج كل الأوهام القدرية(القضاء والقدر) وكل النزعات الإرهابية.
وينبري الآخر الذي حاز على معظم الإنتاج الإنساني بسبب امتلاكه لوسائل الإنتاج والسلطة والقوة ليؤكد هذه الحالة من الأوهام بل يسعى جاهدا لينتج أيديولوجيات تثبّت هذا الوضع الواقعي القائم الذي شكل الحاضنة والمولدة لهذه الأوهام والمفاهيم الدينية ثم يسعى لبذل كل الجهود لخلق آليات تعيد إنتاج هذا الوضع لتأبيده , ويصير العالم زائفا بكليته ومنتجا لكل أنواع الإرهاب , بالرغم من ضرورته لصياغة السيرورة التاريخية للصراع الطبقي. لذا فإن الإنسان يوجد بصورة دائمة خارج ذاته متجسدا في أشياء أو مواضيع(علاقات إنتاج) , وأن هذا التموضع هو الشرط الذي يتيح للإنسان أن يكتسب مضمونا جديدا وإيجابيا لا أن ندعوه لكي يبدل دينه , علينا وضع الحصان أمام العربة وليس العكس.

لذا فإن إحداث ثورة في المنطقة العربية والإسلامية لا يتم بشتم الإسلام والتهزيء بنبيه كصدمة نفسية كما يدعي بعض اللبراليين العرب أو غير العرب المحدثين , وإنما بالتحريض لاحتياز وعي ثوري هو بأوسع مضامين الكلمة لضمان الإنتقال من منظومة إنتاج إجتماعية متخلفة وتابعة يدير إعادة إنتاجها الامبريالية الغربية ووكلائها المحليين وتنعكس في منظومة قيم قائمة في وعي البشر إلى منظومة إنتاج إجتماعي جديدة تقطع مع التبعية وتبني منظومة عقائد ثورية ليست فقط للتعبير عن عادات حياتية وفكرية جديدة بل تتحكم أيضا بتوجيه عادات فكرية وحياتية مستقبلية , وذلك عبر السعي لامتلاك الوعي بتحولات البنية الاجتماعية من قبل الفئات الفاعلة لهذه التحولات والتي هي صاحبة المصلحة الحقيقية بإنهاء تاريخ الضياع الإنساني المؤلم في المنطقة الإسلامية والعالم , وبالتأكيد يجب على أبناء المنطقة السعي لحيازة هذا الوعي الضروري لكي تكتمل مقومات النهوض الثوري .

فالثورة الوطنية التحررية ضد الغرب الامبريالي الصهيوني الغازي لمنطقتنا جذورها اجتماعية , وبالتأكيد هي ليست دينية ولا يمكن أن تكون , وما حدث في أفغانستان سابقا أيام غزو الإتحاد السوفييتي السابق لها , وما قام ويقوم من علاقات استراتيجية بين هذه الامبريالية الغربية والأنظمة ذات الانتماء الإسلامي , وما سعى إليه الغرب من تفتيت يوغسلافيا والإتحاد السوفييتي السابقين بمساندة الأنظمة الإسلامية الانفصالية آنذاك , وحيثيات إعلان البوسنة لاستقلالها ليؤكد ما ننحو إليه من تقرير أن الإدارة الأمريكية والغرب الامبريالي يريد ثرواتنا وفضل قيمتنا والتحكم بمنطقتنا كعقدة مواصلات.

ولا تستوي الثورة ضمن هذا التوصيف إلاّ أن تكون من صنع قوى ثورية لا علاقة لها مع القوى الامبريالية وتبعيتها , ينبني موقفها الأساسي على نزع تام لكل شروط وأسباب الاستغلال والاضطهاد الوطني والطبقي .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول شعار تحرير المرأة وأخواته
- أحجية القصة القصيرة
- لا تندهي ما في حدا فقد تأسرلنا
- وجهة نظر في أسباب تخلفنا
- قصة قصيرة ...ألاعيب الذاكرة
- غادر الحكيم السديم العربي
- معطيات مفزعة عن واقع البناء في القدس الشرقية
- قصة قصيرة جدا
- قصص قصيرة جدا من مجموع ندى الذاكرة
- قصة قصيرة جدا ....من مجموعة - ندى الذاكرة-
- قصص قصيرة جدا من مجموعة - ندى الذاكرة-
- (موضوع مؤجل)....قراءة في كتاب منشور باللغة الألمانية يتناول ...
- في المشهد الأوربي
- الكلمة القذرة
- ماذا يحصل للفلسطينيين في لبنان؟
- رأي حول محاكمة رجالات النظام العراقي السابق
- ترجمة مقال من اللغة الألمانية للعربية لداعية السلام المناضل ...
- أسئلة ولدي الصغير الصعبة
- في المشهد الفلسطيني
- سقوط الورقة الأخيرة


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود جلبوط - هل من مهمات العلماني العربي شتم الإسلام ومن متطلبات التغيير تهزيء نبيه؟!