أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سهر العامري - هبة فقراء العراق















المزيد.....

هبة فقراء العراق


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2233 - 2008 / 3 / 27 - 11:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يخطىء من يقول إن انفجار الوضع في العراق خلال الساعات الأخيرة كان بسبب من ردة الفعل التي قام بها جيش المهدي والتيار الصدري بصورة عامة للظلم الذي وقع على أعضائه ومناصريه ، ذلك الظلم الذي شمل حتى نساء هؤلاء وأطفالهم ، والصور التي عرضتها شاشات القنوات الفضائية لهذه الجرائم الوحشية في محافظة كربلاء على وجه التحديد ذكرت العراقيين ثانية بتلك الجرائم التي اقترفها صدام ضد العراقيين من قبل ، وتأكيدا فقد فاقت تلك الجرائم في صور منها صورها جرائم صدام نفسه .
نعم . لقد كانت ردة الفعل هذه هي الشرارة التي أوقدت هذا الحريق الذي ظلت ناره مختبئة تحت أكوام من رماد تراكم خلال سنوات الاحتلال الأمريكي للعراق ، وخلال العبث بمقدرات العراق والعراقيين من قبل جهاز المخابرات الإيرانية وعملائه في العراق ، ويأتي في المقدمة من هؤلاء جماعة المجلس الأسفل (الأعلى ) وهي التسمية الأخيرة التي يطلقها أبناء محافظتي : السماوة والناصرية عليه .
الرماد ذاك تجلى بصور سأأتي على بعضها وليس كلها ، فهي كثيرة يعرفها كل من يعيش الوضع المتهالك في العراق اليوم .
* تردي الحالة المعشية للناس في عموم العراق وخاصة في الجنوب منه ، وقد تجسد هذا التردي في الصحة والتعليم وقلة الدخل وانقطاع التيار الكهربائي ورداءة طرق المواصلات وتهدم شوارع المدن وشبه انعدام المياه الصالحة للشرب وانهيار البنى التحتية ، والكثير مما يتصل بحياة المواطنين.
اتصل بي من العراق صديق من الشيوعيين القدامى قائلا : لا توجد في العراق معارضة اليوم ، فرددت عليه قائلا ودون تردد : المعارضة موجودة في العراق ولكن لا توجد قوى سياسة تستثمرها . قال دلني عليها : قلت : ماكو كهرباء ، ماكو ماء ، ماكو دواء ، ماكو عمل ألخ . ضحك صديقي بصوت عال ٍ ولم يجب بعدها .
*شيوع الفساد وتفشيه حتى أصبح قانونا معترفا به ، ولا يمكن للمواطن الفقير التخلص من حد سيفه في كل أمر يخص شأنا من شؤون حياته ، فمثلا : إذا أراد المواطن المتعب أن يحصل على جواز سفر وجب عليه أن يدفع 700 سبعمئة دولار رشوة للحصول عليه وفقا لقانون الفساد الذي صار شرعة .
احتجت مواطنة عراقية على طلب أحد الضباط العاملين في إصدار الجوازات منها بدفع 700 دولار من أجل انجاز معاملة جوازها في غضون أسبوع واحد وفي حالة عدم دفع هذا المبلغ فأن معاملة استخراج الجواز ستستغرق أشهرا ، لكن هذه المواطنة رفضت طلب الضابط لعدم وجود المال لديها قائلة له : لماذا تريدني أن أعطيك مالا على شيء هو حق لي ، فما كان من الضابط إلا أن يثور بوجهها قائلا: أنتم تحاسبوننا على هذا المبلغ الزهيد ، بينما يسرق المسؤولون الكبار في الدولة منكم ومنها الملايين من الدولارات !
وفي هذا الصدد يقول مواطن عراقي : إنه لا توجد دائرة في العراق الآن ليس فيها رجل بوظيفة تدعى : ( مُخلص معاملات ) وأفضل المخلصين هو من لبس العمامة من المحسوبين على بعض الأحزاب الدينية . ولدي في هذا المجال عشرات الأمثلة على حالة الفساد هذه التي مست حياة المواطنين العراقيين بالشر والضر .
* تنصيب حكاما في المحافظات الجنوبية لا يحملون شهادة الجنسية العراقية ، ولا يمتلكون الكفاءة الوظيفية ، ومن أولئك الذين ولدوا في إيران ، وتسلطوا اليوم على فقراء العراقيين وراحوا ينظرون إليهم باحتقار وازدراء ، فتارة ينعتونهم بالمعدان وأخرى ينعتونهم بالدهاتية وهي كلمة فارسية تعني القرويين ، وأكثر هذه الأوصاف تطلق على أعضاء التيار الصدري وبعض الحركات الشيعية التي ترفض هيمنة المجلس وزعيمه عبد العزيز الحكيم ، وكذلك جماعة الدعوة ممن يغنون لإيران ، فمثلا صار هذا الاحتقار يصل الى أنه لا يمكن لابن الناصرية أن يشتري قطعة أرض في محافظة النجف بحجة أنه ليس من سكان المحافظة ، وما يقال على النجف يقال على كربلاء كذلك ، هذا في الوقت الذي وزعت مئات القطع السكنية في هاتين المحافظتين على الأشخاص المنحدرين من أصول إيرانية ، والذين يعرفون بالعراق بالتبعية الإيرانية ، كما إن بعض هؤلاء القادمين من إيران قد تمّ تعينهم في الجيش وفي الشرطة وبرتب عالية ومن دون أن تكون لديهم المؤهلات المطلوبة التي تمكنهم من الحصول على هذه المراكز الوظيفية إلا بمؤهل واحد هو تزكية من المجلس الأعلى أو من حزب الدعوة ، والتزكية هذه لعمري مذهب سار عليه صدام من قبل ، وذلك حين حرم العراقي من الحصول على وظيفة ما حتى ولو كانت لديه شهادة تؤهله لشغل هذه الوظيفة إلا بعد أن يوقع استمارة طلب انتماء لحزب البعث .
حدثني موظف من أهل السماوة قائلا : كنت أعمل مصورا في تلفزيون السماوة ، وحين حكمنا المجلس الأسفل ويعني بهم جماعة الحكيم ، طردت من وظيفتي وآخرين ، وأصبح كل موظفي تلفزيون السماوة من الذين أتى بهم الحكيم من إيران . قلت : وما أنت فاعل الآن ؟ قال: أنا لا أملك أن أشترى علبة دخان الآن ، فماذا تريدني أن افعل ؟ ولكنه استدرك فقال: لدي قريبة من أقربائي تعيش في السويد ، وهي موجودة في السماوة حاليا ، وأنا بصدد خطبتها ومن ثم الزواج منها ، فالرحيل عن العراق الى بلد الله الواسعة . قلت له : عليك أن تعجل بالأمر . قال : ليس لدي مال الآن . ولهذا تراني أبحث عن سرقة ما مثل الآخرين ، وبالحرف الواحد قال لي : ( خليني أدور لي على بوكة ) والبوكة بلغة أهل الجنوب تعني السرقة . ثم أضاف: حين أحصل على هذه السرقة سآخذها وأذهب الى سورية لإجراء معاملة سفري معها هناك في السفارة السويدية .
* في مقالة لي تحت عنوان : علاوي وأحلام العصافير ! كتبتها بعد أن خرج الدكتور أياد علاوي من الحكم ، ليستلم رئاسة الوزارة العراقية إبراهيم الإشيقر ، كتبت : إن علاوي ( لم يقدر تقديرا صحيحا النفوذ الإيراني القوي ، والأطراف التي تمثله في المعترك السياسي العراقي الحالي ، حيث أن هذا النفوذ وطد أقدامه في العراق ، ولن يعترف منذ الآن بديمقراطية انتخابية على النمط الذي يحلم به الرئيس علاوي . فهؤلاء لا يعترفون بديمقراطية ، وحجتهم هي أن لا ديمقراطية في الاسلام ، وهي في عرفهم بدعة من بدع الدول الغربية الكافرة ! حتى ولو كانت هذه الدول هي التي أوصلتهم الى الحكم في العراق ، وفي سياسة نفاق واضحة باتت الناس في العراق تتلمسها عن كثب. )
وها هو علاوي وغيره يتلمس كيف أن عبد العزيز الحكيم ومجلسه يريدان أن يستبدا بحكم العراق والعراقيين وبدعم إيراني واضح مع ذيلية واضحة من قيادات في أحزاب أخرى ، مستغلا لصالحه ، وبتخطيط إيراني ، الغباء الأمريكي الذي تجلى في معالجة الأوضاع في العراق ، هذا الغباء الذي استغله الحكيم ومجلسه في استغفال الأمريكان في الساعة التي تفجرت بها أحداث قرية الزركة من النجف ، وذلك حين خرج عربها متظاهرين رافضين النفوذ الإيراني في مدينتهم وذلك حين أخبر بعض من قادة المجلس الجيش الأمريكي بأن عرب قرية الزركة ما هم إلا ارهابيون من جماعة القاعدة ، فما كان من الأمريكيين إلا أن بطشوا بسكان تلك القرية بقصف جوي رهيب أسقط الآلاف من سكانها بين شهيد وجريح ولا فرق في ذلك بين رجل وامرأة أو طفل وشيخ ، ومن السخرية في هذا الصدد أن أحداث الزركة هذه ألصقت بعلاوي في آخر فصل من فصولها .
ملخص القول هو أن الشرارة التي فجرت الأوضاع في العراق الآن مردها لسياسة الاستبداد في الحكم ، تلك السياسة التي يرد منها عبد العزيز الاستئثار بحكم العراق وخاصة في الجنوب منه ، وبناء دويلة هزيلة ترتبط بإيران وتستمد القوة منها ، ولكنها على إية حال دويلة تطفح على بحر نفط لجي . ولهذا السبب يسعى عبد العزيز الحكيم الى حرمان أي طرف عراقي من مشاركته في حكم المحافظات الجنوبية حتى لو كانوا شيعة مثل التيار الصدري أو غيره من التيارات الشيعية الأخرى كحزب الولاء الإسلامي بقيادة محمود الحسني أو الحركة المهدوية ، هذا الحزبان اللذان يخوضان المعارك الآن في البصرة وغيرها ضد المجلس والدعوة في مدن جنوب العراق الى جانب التيار الصدري وجيش المهدي ، مثلما نقلت ذلك بعض وكالات الأنباء .
يفترض بالحكيم وأتباعه من الذيول أن يتعظوا بالمصير الذي لاقاه قادة شرطة المجلس وقوات تدخله السريع في محافظة الناصرية ، أولئك القادة الذين قتلهم العراقيون في الناصرية في غضون ساعات قلائل ، وعليه أن يدرك أن العراقيين واغلب شيعة العراق يرفضون تدخل إيران الفظيع في شؤون بلدهم ، والعبث بمقدراته ، وقتل رجالاتهم ورؤساء عشائرهم ، وحرمان أبنائهم من الوظيفة والمنصب . ليدرك الحكيم : إن الصدريين وغير صدريين هم عراقيون في نهاية الأمر ، ولا يمكن له أن يلغي أي عراقي من الخارطة السياسية العراقية ، وعليه أن يدرك كذلك أن سبب دمار العراق وخرابه هم الأمريكان الذين جاءوا به ، جلس معهم ، وشرب من مائهم . فهم الذين قتلوا الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم وأبادوا الكثير من الشيعة في مدن الكاظمية والشاكرية وغيرهما ، وهم الذين جاءوا بصدام فيما بعد وحل ما حل بالعراق ، وها هم يأتون اليوم به الى العراق ليس لمصلحة الناس فيه وإنما لمصلحتهم هم وحدهم ، وثانية لمصلحتهم هم وحدهم .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة في السياسة والأدب (2)
- في الذكرى الخامسة للحرب على العراق : مجزرة ويأس
- رحلة في السياسة والأدب(1)
- من نوادر التراث (3)
- من نوادر التراث (2)
- من نوادر التراث ( 1 )
- الجواهري وسقط المتاع !
- سيد هادي
- مدن وشعراء
- رحلة الغزال الى الدنمارك
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 15
- عن المعارك الدائرة في مدينة الناصرية !
- العراق فی تقرير للمخابرات العسكرية الدنماركية !
- الكلب المسعور يطوف في المنطقة العربية !
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 14
- عرب الأهوار الضيف والشاهد 13
- الفشل يلاحق المشروع الأمريكي في العراق!
- الغزال 3
- العلم العراقي وهج الوطنية ، وجامع القلوب !
- غوار الطوشي في النجف !


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سهر العامري - هبة فقراء العراق