أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل الشيخة - ماوراء أعياد الربيع....سانت باتريك - النيروز - الفصح















المزيد.....

ماوراء أعياد الربيع....سانت باتريك - النيروز - الفصح


خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 2234 - 2008 / 3 / 28 - 09:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تتشابه هذه الاعياد بأنها تلتقي في شهر مارس (آذار) أو بداية الربيع , وبعضها يتأخر حسب مجيء عيد الفصح حيث تتفتح فيها الأزهار وتخضَر الأرض بالحشائش وتبدو الطبيعة في حلة جديدة تسر الناظرين . ومنذ أن قررت المجموعات البشرية أن تكََون قرية وأن تفلح أرضا، لاحظت تغيرات الطبيعة وولادتها من جديد . فبدأت تحيا بعد موت وتخضر بعد جفاف . ولأن العلاقة كانت قوية بين الانسان الذي قرر أن يكون مزارعا وبين الارض، أخذ يشبه الأرض بالمرأة أو العكس . فكما المرأة تولد فالطبيعة تولد أيضا لهذا السبب انتشرت في الثقافات الزراعية القديمة آلهة نسائية أعظمها على الاطلاق "عشتار" الرافدية ومن ثم إيزيس الفرعونية وإفروديت الاغريقية. ولم تأتي القداسة للمرأة الأنثى من ولادتها البشرية فقط بل من تشبيهها للأرض المنتجة السخية. وبما أن المرأة في المجتمعات القديمة بدأت الزراعة وارتبطت الأرض بها. أصبح من الضروري أن تحمل هي سر الحياة . وبعد انشاء الممالك والامبرطوريات تحدرت المرأة في االسلم الاجتماعي ولكن حافظت البشرية على أهمية الطقس القديم في التعبد والاساطير. وفي كل مرة ترتقي البشرية إلى سلم أرقى تندحر أساطير وتسقط معتقدات . إلا أنه ولسبب ما لم يستطع الانسان التخلي عن المعتقد القديم والطقس الديني العتيق فكانت الاديان السابقة تأمم المعرفة وتحتفظ بالطقس وتحوًر المعتقد ليخدم أحيانا الواقع المتغير. وبما أن المجتمعات القديمة احتفلت بشكل دائم بالربيع والولادة وانبعاث الحياة بعد موت مؤقت، دخل كل ذلك في صلب معتقداتها وطقوسها ثم بعد التأميم استمرت الاحتفالات لكن تحت مسميات وتبريرات مختلفة، ولذلك تشابهت الاعياد في الزمن والاحداث.

- عيد القديس باتريك : (St. Patrick Day)

تحتفل الولايات المتحدة كل سنة في عيد يدعى عيد القديس باتريك الايرلندي . حيث يقع في 17 مارس . وباترك هذا كما تروي القصص هو صبي بريطاني خطفه بعض القراصنة الايرلندين وعاش في المنفي كعبد يرعى الاغنام (ولاحظوا مسألة الرعي هنا وأهميتها في القصة) وحدث هذا في القرن الخامس عندما اصبحت المسيحية تزحف إلى أوروبا بخطاها الحثيثة . وبعد ست سنوات من الأسر هرب إلى موطنه الأصلي ثم أتته الرؤية الالهية تطلب منه العودة إلى إيرلندا وتنصيرها أو تمسيحها ولم يكن حتى ذاك التاريخ أسمه باتريك وهذا حسب مذكرات يقال أنه تركها وراءه. بعد تلك الرؤية الالهية أصبح أسمه باتريك ( وهذا يشبه قصة بولس الرسول وتغير أسمه من شاؤول إلى بولس بعد الرؤية في طريقه إلى دمشق ) وحدث هذا في عام 432 م أصبح باتريك في هذا المعنى رسولا للهِداية والصلاح . فرجع إلى إيرلندا الوثنية وفتح المدارس وبدأ تعليم أهلها المسيحية كما تقول الرواية . وتضيف الرواية أيضا بأنه طرد كل الثعابين من أيرلندا رغم عدم وجود ثعابين فيها. وهذا يذكرنا بالقصص العتيقة على دور الثعبان أو الحية في الغواية والخطيئة وهي حليفة الشيطان أو الشيطان ذاته الذي ناول حواء التفاحة. فالثعابين هنا رمز مسيحي على طرد الوثنية من ايرلند وبداية ديانة جديدة في الجزيرة. وحسب الرواية يقال أنه مات في 17 مارس من عام 461 م . واصبح الاحتفال من كل سنة ليس بمولده بل برحيله، والموت في ديانات الانبعاث ليس إلا موتا موقتا يأتي بعده بعث ونشور، وهي عقيدة فرعونية رافدية قديمة تمركزت في الضمير البشري منذ 5 الالاف سنة لاتتزحزح . أما سبب الاحتفال بهذا العيد في الولايات المتحدة فيرجع إلى هجرة الايرلندين بأعداد هائلة بعد التلف الذي أصاب موسم البطاطا هناك فتقاطر الناس في القرن الثامن عشر وبدأ الاحتفال بهذا العيد في بداية القرن التاسع عشر خاصة في بوسطن التي تحتوي على جالية ايرلندية كبيرة ومنهم الرئيس السابق جون كنيدي . أما الطقوس التي تمارس فهي تقوي الاعتقاد بأن هذا العيد أعمق من مجرد وفاة قديس بل يتصل بكل ما في حركة الطبيعة من معاني فيرتدي المحتفولون اللون الاخضر دلالة على اخضرار الطبيعة ومنهم من يحمل عروق من نبتة النًفل الخضراء ويشربون الجعة الخضراء ويسيرون في جموع هائلة تكللها الألوان الخضراء الجميلة.
- عيد النيروز- أو النوروز:

عيد النيروز (النوروز) هو عيد فارسي وفرعوني قديم يبدأ بسنة جديدة فهو أول يوم في السنة وأول شهر. وكان الاكاسرة يحتفلون به ومازال الايرانيون يحتفلون بهدا اليوم الذي تشعل النار فيه ويقفز الشباب من فوقها وهي طقس وثني قديم يرجع إلى الديانة الزردشتية التي تشكل النار والشمس فيها رمزا لإله النور (أهورا مازدا) ويحاولون من خلال هذا الطقس التغلب على إله الظلام والشر أهريمان . ويتبادل فيه الناس الزيارات والهدايا ويصادف عندهم في 15 مارس. إلا أنه لم يعجب رجال الدين الايرانيين ذلك فطلبوا من الناس الاحتفال بعاشراء فقط وترك هذه الطقوس الوثنية القديمة. ويحتفل الاكراد في هذا العيد بحمل الشموع المشتعلة في الليل لتعطي ذات المعنى في الضياء في 21 مارس . ويكثر تبادل الزهور والورود دلالة رمزية على انتعاش الطبيعة بعد موتها في الخريف والشتاء. ويحتفل في هذا العيد أيضا البهائيون الذي يمثل بالنسبة لهم رأس السنة الجديدة والشهر الأول ويأتي بعد ختام الصيام عندهم والذي يتألف من 19 يوما يتوج في نهايته عيد النوروز ويرتبط معه لوح مقدس يدعى بلوح النوروز.
ويحتفل فيه الأقباط وهو يمثل أيضا أول يوم في السنة القبطية وهو يأتي بعد إكتمال فيضان النيل ويسمونه بعيد الشهداء. والاحتفاء به يرجع لايقل عن خمس الالاف سنة في مصر الفرعونية. وهناك عيد شم النسيم وهو ربيعي بامتياز ويدخل ضمن الاعياد الزراعية ويعتمد على دوران الارض حول الشمس وتغير الفصول. وهناك أيضا بعض الطوائف الاسلامية من يحتفل بعيد الزهورية بداية الشهر للتعبير عن الربيع والاحتفال به .
إذا أهم مظاهر النيروز أو النوروز الزهور والنار وهو إرتباط قد يبدو ضعيفاً إلا أنه يساوي بعضه بعضا. فالزهور رمز لولادة الطبيعة وجمالها والتغلب على الموت الذي هو في الموروث الديني القديم إله رغم مسمياته المختلفة في الديانات الغابرة . والربيع رمز الحياة وتكمن فيه دورة طبيعية تنتجها فصول السنة ومخيلة بشرية مبدعة خلاًقة.
- عيد الفصح:

تحتفل الولايات المتحدة في 23 مارس بالعيد الشرقي(استر) وهو (الفصح) أو عيد القيامة وفيه تتكرر مسألة البعث بعد الموت. ويرافق هذا العيد طقوس أخرى مثل السلة المصنوعة من النبات والارنب والبيض أو (الشوكولا على شكل بيض) وبالطبع تختلف الفرق المسيحية في اليوم . فمن يصوم منهم الصيام الكبير وهم الشرقيون لايؤكل فيها اللحوم أو الاسماك بكل أنواعها وماتنتجه أي الحليب والبيض والجبنة وتظل الخضراوات هي المادة الرئيسية في الأطعمة. وهو عيد أصله زراعي أيضا اذ أن أكل الخضراوات هو إعادة اعتبار للطبيعة والاحتفاء بها . والفصح في الأصل عيد يهودي (بيساح) استوردوه من الفراعنة عند خروجهم من مصر وهو عيد (البعث والخلق) ثم أممًوه. ويتم الاحتفال به بتناول الخبز الذي يدعوه اليهود الفطير - لاحظ أهمية العامل النباتي هنا- وحتى عادة حرق النخيل عند بعض الفرق المسيحية أو جذوع الاشجار في (اربعاء الرماد) قبل العيد بمدة، لهو دليل آخر على الاحتفاء بالطبيعة والمساهمة باعلان الموت المؤقت كي يتسنى فيما بعد المشاركة في الانبعاث .
وهناك شبه أعياد اخرى لذات الغاية فهناك خميس البيض التي تحتفل فيه بعض المدن السورية وخاصة حمص وهو في الغالب يأتي في بداية الربيع لما تمثله البيضة من سر في الخلق والولادة . أما عن تلوين البيض باللون الاحمر بطريقة غليه في قشور البصل فهو رمز واضح على الدم وما يمثله في الذاكرة الجمعية من سر الحياة ، بل هو مساهمة لاواعية في الخلق وهذا يجمع بين عنصرين مكونين للحياة - البيضة والدم . والبعض يقول هو رمز لدم المسيح وحتى في هذا الرأي نظل في خانة أهمية الدم للحياة وسره في تنشيط الروح.

وعودة إلى الطقس الامريكي في الإستر وتجلي الارنب والبيض والسلة ، يجيبنا أصحاب الاختصاص في التاريخ بأن إستر هي إلهة الخصب والربيع عند الالمان وكان يجري الاحتفاء بإستر باحضار الارنب أو أكله لما يمثل من رمز للخصب وأما البيضة فقد جرى الحديث عنها سابقا، والألوان الزاهية للبيض فهي دليل قاطع على الاشراق وضوء الشمس الذي يصبح قويا في فصل الربيع. والسلة التي تصنع من النخيل أو عروق النبات فهي دليل أخر على الاتحاد بالدروة الطبيعية وما تمثله من رموز بشرية قديمة . ومن أجل التوسع في الموضوع راجع الموسوعة العالمية (إنكارتا).
وختاما لا ننسى الاعياد الاخرى مثل عيد المرأة العالمي ، وعيد ثورة أحد الاحزاب العربية . وبذلك نرى أن العقائد تندحر لما تمثله من اخلاقيات بائدة سواء كانت هذه الاخلاقيات سياسية ام إجتماعية لكن الأهم من كل ذلك يبقى الطقس مسيطراً رغم الاندحار، لأنه باختصار من الصعب التخلص من العادة المتبعة لما تمثله في اللاوع الجمعي من رموز عند البشرية .
الولايات المتحدة - مارس 25-2008



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية -عمارة يعقوبيان- لعلاء الاسواني
- تركيز الثروة العالمية بين أفراد
- تركها زوجها وفر مع صاحبته الامريكية
- الذات العربية والكيان الاسرائيلي
- قراءة في مجموعة (الكلاب) من الكاتبة ريما فتوح
- مشكلات التنمية في الوطن العربي
- الثقافة العربية ومرحلة الضياع
- الأصولية والغطاء الديني
- الابعاد الفنية للشخصية السياسية عند شارلي شابلن
- المجتمع والثورة
- الانسان والتاريخ
- السيطرة الاقتصادية في المجتمع الامريكي
- العنصرية ضد الزنوج في الولايات المتحدة
- الفكر الثوري
- معانات الطابة العرب في امريكا
- أنور رجا والصافرات
- سقوط المثقف في هوة التطبيع
- سياسة العصا الغليظة
- من طرزان إلى رامبو
- كبف تصرفت هيئة الأمم مع أزمةالخليخ الأولى


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد ما فعلته دببة عندما شاهدت دمى تطفو في مسب ...
- شاهد: خامنئي يدلي بصوته في الجولة الثانية من انتخابات مجلس ا ...
- علاج جيني ينجح في إعادة السمع لطفلة مصابة بـ-صمم وراثي عميق- ...
- رحيل الكاتب العراقي باسم عبد الحميد حمودي
- حجب الأسلحة الذي فرضه بايدن على إسرائيل -قرار لا يمكن تفسيره ...
- أكسيوس: تقرير بلينكن إلى الكونغرس لن يتهم إسرائيل بانتهاك شر ...
- احتجاجات جامعات ألمانيا ضد حرب غزة.. نقد الاعتصامات وتحذير م ...
- ما حقيقة انتشار عصابات لتجارة الأعضاء تضم أطباء في مصر؟
- فوائد ومضار التعرض للشمس
- -نتائج ساحرة-.. -كوكب مدفون- في أعماق الأرض يكشف أسرار القمر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل الشيخة - ماوراء أعياد الربيع....سانت باتريك - النيروز - الفصح