أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - إرادة المختلف والمتحول غي ديوان ( لعلك) للشاعر الفلسطيني الشاب يوسف القدرة ( 1 )















المزيد.....

إرادة المختلف والمتحول غي ديوان ( لعلك) للشاعر الفلسطيني الشاب يوسف القدرة ( 1 )


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 05:57
المحور: الادب والفن
    


" رائحة التأمل تحاصرني بأقنعة لا تجدي كوني وحيد وغائبة ( هي ) في أسئلة الحضور " ص 46

نتساءل الفاجعة ونفترض افتراضا مساحة من الكشف تعتري نفوسنا وتبقى القراءة مراوغة تتحاور ذاتها .. ويصبح التأويل مسألة ضرورة ذات أبعاد إنسانية .. في غزة يصبح للكشف معنى آخر .. حيث النار والنور .. حيث المصالحة والخصام .. حيث الاقبال والادبار .. حيث التاريخ يستقر .. وحيث القيمة تصبح مراهنة دائمة .. ويداوم الصراع حضوره والغياب .. وبالرغم من أطياف الألم يصبح للحراك مراهنة جديدة .. حراك الوعي قلب الحدث .. تفكيكا واستراحة يتحول معها الوعي إدراكا .. وتتعفف النفس سوءاتها ليعلو صوتها في خفاء .. محاولة هي يتوخاها الشاعر عبر نسيج من الصور أو هو جدل يمنطق من خلاله وعيا وإدراكا حاضرا بالفعل .. يستقرؤه عبر آلية اختارها بفطرة شديدة تنساب اللقطات والمداخلة بين الذات / الأنا وبين هي / النفس / الحقيقة من خلال لغة انسيابية يعتورها بعض المراوغة وبعض من التلميح وكذلك بعض من الغموض في أحيانا كثيرة .. وقد جاءتني هذه القصائد التي تشبه موج البحر يأخذنا ليمنينا بالنجاة لنجد أنفسنا غرقى في متاهات الكشف وهذه المداخلات الغائبة / الحاضرة في ذواتنا دونما أن تكشف عن كشوفاتها إلا من خلال لفتة ما أو من خلال شبه ضبابية تحتل وعينا تجبرنا على الغوص بلا ممانعة ..

بداية يـأرجحنا الشاعر بين اربعة نصوص أو مداخلا هي يحتل النثر منها اللغة بشكل واضح دون فقد لموسيقى الشعر وهي ما تشكل الديوان جملة وتفصيلا .. من ناحية أخرى يشكل الديوان أربعة عناوين فرعية تمثل مناطق للحوار .. هي العناوين المتفرقة التي اجتمعت تحت عنوان " لعلك " والتي يربطها في ذات الوقت مغزى هذا المداخلة التي أتخذت لها شكل النثر الشعري أو الشعر النثري ولنا أن نبدأ من حيث اتخذ النفس وحوارها كحالة مباغتة شعرية اقتصدها الشاعر على نحو لقطات أو فواصل هي تساؤلات وعلامات قراءة أو مفاتيح انتقال على صفحة الشعور والشاعر يقف موقف الرائي او الراوي لنستمع صوت الضمائر تتأرجح بين الأنا / الآخر , بين الغائب والمتكلم , بين الراوي والرائي .. يقول في بداية القصيدة المعنونة بـ " بدا لها أنه اثنان " وهي التي سوف افرد لها أو أخصص لها القراءة الأولى :

" .. وجلست تضغط بكفها على حلم لم يستيقظ بعد , كانت خدرة , مايزال صوته موسيقى حزينة في أذنيها , شبقا كقوس من ألوان غامقة رأته , كان إناء من زجاج رقيق وشفاف , يلبس عريه وندى مرشوشا بدقة على جسده ويفيض "

يدخلنا الشاعر بطريقة المفاجأة بما ابتدأ به السطر الشعري النقط التي توحي بأن هناك ما قبل هذا وما أن يبدأ السرد حتى يبدأ الحكي بضمير الغائب وهو ما يماثل القص ويبتعد بنا عن الشعر التقليدي .. هي آلية الشعر النثري الذي يجيز لنا استخدام ادوات القص والحكي .. وما لنا ان ندخل في تفاصيل آلية الكتابة للقصيدة الشعرية إلا ما يسمح لنا بتفهم أدوار الضمائر هنا في جسد هذه القصائد التي تشكل كلية الديوان المتصل / المنفصل في آن .. الشاعر هنا يمثل الراوي العالم بكل شيء والذي يتحسس حركة الوعي للنفس / الأنا / الذات .. وكأنها أصبحت في لحظة منفصلة عن عالم الشاعر والتي من خلالها انفصل الشاعر ذاته عن ذاته ليراها كما هي .. حتى تختلط الإحساسات على نحو يتيح قراءات كثيرة وتأويل ينضج ببذور إدراكات مغايرة .. ومن ثم تأتي اللقطات متلاحقة الصدى والتأثير والمناوبة في تحديد زوايا الرؤيا ..
هنا نرى في هذه اللقطة بالتحديد انتباهة من نوع خاص هي مساءلة تكشف الباطن والظاهر فالإنسان مجرد حلم يتأهب للاستيقاظ من سباته وهو في حالة استمرارية لتحقيق هذه اليقظة ومراهنة تبقى قيد التحقيق .. فما تراه النفس من ذاتها يتحققه الشاعر بصوتها ويدليه لنا بصوته المتعين في ضمير الغائب .. فما النفس الغائرة فينا تبغي التيه دائما إنما يجب علينا ان نتحقق من جانب الوعي المطمئن فينا وهو الحق المضمر وهو ما نسمع ظلاله في خفوت بلا ضجيج .. يأتينا في لحظات غير مهيمنة .. فتصف كلماتها كينونة الإنسان بأنه شبق كقوس من ألوان غامقة كما تراه .. هو كالزجاج رغم ظلمته ينعكس لها بشفافيته ورقاقته وليس رقته .. يتلبس عريه والندى ما هو إلا ظاهر إلتباساته ووجوده الذي يفيض .. هي البداية التي تدخلنا عالم له خصوصيته لينتقل بنا الشاعر إلى لقطة أخرى فيقول :

" رأت نارا تتراقص وكتابا يقرأ سره , الوحدة تتسلق سلالم زمن يندلق كعصير على سرير مصنوع من نعناع , كان يعصر صمته بكلام من دمه , حاول الاسترخاء على صدرها , بدا لها أن تاريخا من جمال قد اختفى , باغتتها روح ارتقت بياضا على وجه مراياه , تدلى متكورا ودنا , قطفته برتقالة , خبأته بين صمتين , بكت كحلا , رسمت مركبا وبحر . "

تفاتحنا الرؤيا التي تبادئنا الكلام ما بين نار وكتاب مسطور يستقرئ سره المخبوء .. هو سر وجوده .. وكأن الإشارة هنا عن الحياة وهي الوجود المقابل لوجود الإنسان .. فالإنسان يتردد الصدى بين نشوى وألم وبين إرادة وتسيير .. ويحمل بين خطاه كتابه يتحسس سره ولكن تعترف لنا السر رغم حضورها وبما تعج به من ألوان تتحسس تلك المساحة من الوحدة .. فالإنسان يأتي وحيدا ويغيب وحيدا .. ويستشعر وحدته كزمن يمر به الى نهايته .. ورغم محاولاته الخلاص بملازمتها - أي النفس / الحياة الدنيا - تبدو لنا تلك المساحة التي تفصل بين الذات والنفس والحياة بما فيها والتي في ذات الوقت لها روحها التي ترتقي بياضا فيعجز الإنسان ليتكور ويدنو .. ليصبح قاب قوسين أو أدنى من صمتين .. صمت السؤال وصمت النهاية .. هذه المقابلة بين الصمتين .. أو ضرورتهما يتيح لنا أن نستوحي منهما بلاغة السؤال عن الكينونة فيما هو يحقق مركب نجاة في بحر الحياة حتى النهاية .. ويستمر الصوت / الضمير حاضرا في تصوير حالة الكشف هذه :

" ليلا غامضاً كان , الصباح خلا من بنُ يبني بيوتاً وتوابيت , صرعتها فكرة أن يأتي الضحى بدون تفسير لما رأت .
قالت : إن ما رأته ليس حلما , ولا حقيقة , بدا لها أنه الإثنان معاً , وسرحت . "

ينتقل بنا الوعي إلى صوت النفس التي تتساءل ليل الإنسان وتردده بين حياة وموت .. لتصرعها فكرة النهاية فالصباح هو النور وهو في ذات الوقت الحقيقة .. عند النهاية لا يبقى معنى للبداية ولا النهاية .. حيث ينتهي التردد بين العمار والدمار .. أو بين الحياة والموت .. للتيه في تفسيرات أو محاولة إيجاد تفسير لما مر .. حتى تستهلكها النتيجة النهائية بين بين .. بين الحلم والحقيقة .. فما بقي منه ليس سوى بقايا حلم وسؤال الحقيقة .. ولأنها لا تقبل فكرة التلاشي الكلي تندمج في وعيها الفكرتين معا .. هو حلم .. وهو حقيقة .. وما الحياة في النهاية إلا خيط من وهم أو حلم يتبدد عند الحق ..
وما مر بنا ما هو إلا مقدمة تفتح لنا أبواب الكشف فتلك كانت البداية وهذه هي النهاية .. فالنص هنا يستدرجنا إلى سنياريوهات من الأدوار دون أن يفقدنا الحس الشعري عند القراءة .. يقول الشاعر :

" حصانا أحمر جاء لها , يعزف ناياً ويرقص , تشابه عليها الأمر , رقصت , دغدغ قلبها لحن تحفظه , رددته مع وجع ملحوظ وتجلت . برد منضبط تسلل إلى أصابعها . نفضته بشقاوة قط يداعب بمخالبه الوقت , جرحت رسغها , كتبت بدمها على لهفتها جملة تقول : لا , لم يحرك صمت ساكن هنا , تناست حاجتها لتفسير لما رأت , ارتأت أن تنام مرة أخرى "

" معطرا بالارتجاف كان السرير , رأته مسلوقاً بزيت يسيل من جبل مصلوب , كانت أسنانه تصطك كأسئلة مصفوفة على باب الإجابة . حبت إليه , مست جنونه الذي جناه , جنت دفئاً مغايراً , تكهرب فيها صمتاً مكتوباً بحبر مكتوم , تعالى صراخ أطبق كشهقة على قهقة متعبة . تلوث ثم انفرج انقباضها على اتساع أخضر , أحسته يمسد عنقها . يلتقي بأوردتها فيما شفتاه منقاران حادان "

مازال الشاعر يتوسل ضمير الغائب في سرد تفاصيله الشعورية .. يرصد بعين الرقيب الرشيد مراوغة الغواية .. أصبحت اللغة أكثر قربا والتحاما بخصوصية أعماق تستجدي القراءة .. لنستشعر المسافة التي تقع بين هذه وذاك .. وتعلن النفس / الحياة / الدنيا محاولات الغواية والتعليل والتصوير بلغة حسية أكثر منها معنوية .. وتضارب الاستجابة بين السكون والحركة .. وهو حال الإنسان بين إدبار واقبال على الحياة / النفس .. راضيا/ ساخطا .. ورغم هذا تتشابه الحان العزف انسجاما بين الاثنين ليتحقق معادلة نشوة من نوع خاص .. هي كمياء الذهنية والكون .. ورغم اصطفاف الاسئلة تنتظر الإجابة .. نجد أن الحياة / النفس - بما فيها -يتحرك سكنها وسكونها ويتكهرب فيها الصمت مكتوبا بحبر مكتوم .. ذلك أنها تتآلف وضعيتها باختلاف انفراجها وانقباضها .. تـتأرجح ما بين صراخ وقهقهة .. يقول الشاعر :

" قلبه كان أوسع من بحر رسمته , ركبت مركبا , هامت في متاهات تسكن عمقها , تعلقت بيقظة أصابها بها عصفور يزقزق , حدقت في الشباك بحدة تحدى كسرها بلل خجل من ذاته , ارتقت الشمس , دخلت إليها , نشفت "

" دق باب البيت فبكت وانكبت على بانيو مفروش بفل وياسمين , محاط بشموع حمر وخضر , كان الماء فاتراً فغطست به وغطس بها , شعرت أن جلدها يتبدل بجلد , احتكت بصوت تراتيل كنائسية , كانت تحضرها برهبة خائنة , اغمضت عينيها , جاءها بجناحين أبيضين , يرفرف , فرت من نصاعة صدره الذي من حنطة وسحر , صفرت ترتب شعرها المنكوش على مرآة من زيت . "

" زينت وجهها بحدس , خمنت أن في قلبها دربا مغلقا فانفتحت تحت سطوة فضول لا يضل , استرخت على تخت تخاذلت عليه أحلام ملونة , ركزت في بقعة ضوء خافت , خافت من ذاكرتها التي من سينما وأنهار تركض , ركضت على ساحله الطري , طارت نحو جلال انجلى , تجمدت كتمثال , سال منها سؤالان وتعب : أرادت أن تعرف لون عينيه وما تحملان من خرق رخو . "

لازلنا نرى ظلال لغة الغواية المبطنة التي تحمل أكثر من معنى فالحياة تتجمل وتتزين ترغيبا .. ورغم ما تحمله الحياة من تصورات يبقى الإنسان محلا ومرصدا للغواية .. هي الحياة في ثوبها الباهي .. ولربما في دعوتها الصريحة .. ومحاكاة تعلنها من خلال دورانها وتبديل جلدها بجلد وصبر .. لا يخونها في الحضور سوى تراتيل كنائسية .. لتغمض عينيها .. ويسكنها الفرار .. هذا التقابل اللغوي / الحسي المباشر بين الغواية / ونصاعة الصدر / البراءة .. يمنحنا حضورا لمعنى السمو والتسامي .. فما كانت تعلم أن قلبه كان أوسع من مجرد بحر رسمته .. وبدلا من يهيم هو بها .. هامت هي في متاهات تسكن عمقها .. تخذلها التوقعات في لحظة مكاشفة تزيد الحدة تحدياً لا تنقشع إلا بارتقاء الشمس .. وما أن تتزين بحدوسها .. وتصبح تحت سطوة الفضول الذي لا يضل .. تطير ركضا نحو جلال انجلى .. للتتجمد كتمثال .. ويحاصرها سؤال سر الإنسان ومكمن ثغراته وضعفه .. وما تفترضه من خرق رخو .. ليكمل الشاعر بعد ذلك مسار هذه المكاشفات بقوله :

" كان نهارا لا يهجر مراياه , يدخل متاهات الصراخ الذي يرادف صمته , كان جسده نار الشعر , كلما مرت ريح عليه تحملت بعطور أنواعها شتى , لكن صمت المدى سكن روحه , بين بياض يغريه وسواد ينفعل , كانت المسافة التي تكمن فيها حريته , تحرت عن قوة يتباهى بها , حين يرقص صمته على صراخ في البياض . "

" رأت أن اللغة اتجاهه , تجاهلت معرفة أن يومه ممر يمدد ناره في حديقة لا تعشق إلا ذاتها , رأت أن يدها الغجرية تصافح ضوء يديه الخشبيتين وتنقبض خارجة من الماء على انفراج غريب , تركت قدميها تخرج مشبعة بالملح الجامح نحو أمواج كمنجات حزينة كما تعرف , عرفت أن الماء يحن إلى سكون فيما كائنات أسطورية تزن في سمائه , انسابت لصدفة لا تجيد البوح للأشياء بعشق مفتوح على كل الاحتمالات . "

ما يحقق معادلة هذه الازدواجية النفسية بين الحياة والإنسان ما جاء من صور ووصف في الاسطر الأولى رغم ضبابية الرؤية وما نستشعره من ظلامية يبقى النهار منعكسا على مرايا الروح .. ولربما المقصود هنا بالنهار هو الإنسان .. فهو الذي يعمل على كشف النور وتأكيده وتحقيقه وهي مسؤوليته وضرورته التاريخية التي من أجلها كان له إرادة .. فهذا النهار - في التفسير الثاني - لا يهجر مراياه .. دائما في ينعكس في ظلاله التي تلازمه ومن ثم هو دائما في حالة توتر بين متاهات الصراخ والصمت .. وهما علامات على الوعي والتأثر .. أو هو الصراخ المرادف للصمت والذي كثيرا ما يكون ظاهر الشيء عكس باطنه .. والإنسان مخلوق الكلمة وخالقها .. ابداع من كلمة ومبدعها .. وهو صانع الشعر على اعتبار ان الشعر ارقى مستوى من التعبير .. تلازمه الموسيقى وانعكاسات الشعور الباطنية .. فهو مرايا النفس وطمأنينتها وتوترها .. وكلما مرت عليه ريح .. تعود محملة بعطور النفحات والمعاني .. إنما ورغم هذا كثيرا ما يسكن الإنسان صمت المدى وذلك تفكرا وتفكيرا وتساؤلا .. فتصمت الروح وتتأرجح الذوات بين بياض مغري على اتساع مساحته وسواد هو منفعل جاذب .. فنحن ننفعل باللون الابيض .. والأسود ينفعل بنا .. ولو أمكننا أن نؤل هذه المنطقة فسوف نقول أن الخير مجملا هو مساحة البياض في الحياة ننفعل به وتغرينا أما السوادات فهي تنتظر تغيرنا وتغييرنا .. فهو قابل دائما للانفعال .. هي الحياة الآن في هذا الموضع تقف موقف المتسائل أو المتأمل حال الإنسان ووضعيته في مثل هذا تتحرى قوته وسر تحكمه .. وعدم انقياده .. بينما هو يرقص صمته على صراخ في البياض .. يقول الشاعر مكملا :

" بدأت تفقد هدوء حزنها , ورطتها السجائر في فراغات أكثر من تحمل أضلعها لنيكوتين غياب وبعد أزلي , للحظة كانت قرون , رأت أن السكينة تتنازل وتمنحها وردا أكثر , رأته صلبا على صليب الروح , يبعث نوراً من نبض قلب دمعه مجروح . لم يتسع عرشاً لخطيئة ليله بأنفاسها يبوح , مكثت في عزلتها تغزل خلاصا قرب حياة بلا معنى "

" جالت في مجرات دوامة فيها أخذتها نحو أعماق تتوه آهة حافية غارقة في غروب فيه مساءين مرتبكين لغياب تسيل مياهه غسق , صفقت عند باب اللحن ناسجة ما يرسمه بكاء , رأته يتعالى بعينيه عن شارع فقد شعوره , كان يتألم ويلملم شظايا حلمه فيما قصور روحه تنهار في نهار جسده ."

"جسدت ما اختارته من انهزام , أغلقت النوافذ , اسدلت الستائر , تنازلت للموت عن آخر وردة تفتحت في صباحها , رأت في سكرتها أن لغته انشلت , تلاشت صوره , ترقى بصمته . "

تبدأ النهايات تعلن عن نفسها في هذه الاسطر المتلاحقة في الحركة والانتقال وما أن تأخذنا الصور الشعرية البالغة في حضورها / غيابها في آن .. وما السجائر في حضورها سوى أنفاس لا جدوى منها .. تثير سؤال الغياب والفراغ الممتد بعد الوجود .. فمنطوق الكلام يحمل من الحصار بأكثر من معنى .. فهاهي النفس / الحياة تأخذ في التلاشي .. تلاشي المعنى والحضور .. فهي ذاتها تكشف عن وجهها الآخر المذبوح على مقصلة صلبه .. ليمنحها هذا الصلب ورودا .. كما أن السطر الشعري هنا لا ينسى أن يستحضر معنى الخطيئة الأولى .. والتي في ذات الوقت دافع له لأن يبوح وتصبح الصورة الشعرية " يبعث نوراًُ من نبض قلب دمعه مجروح " منتهى التسامي والتفاني في الخلاص من شباك الفكرة الأولى / الخطيئة فتأخذ النفس / الحياة الدنيا / لنفسها العزلة لتغزل خلاصاً لها قرب حياة لا معنى لها .. ولكنها لا تعجزها مثل هذه النهاية .. لتجول في متاهات لتصبح أكثر عريا .. ولتغرق في غروب فيه مساءين .. لقد تنازلت عن الغواية لتصرعها هي ذاتها ما تكشف لها من حقيقة هو الغياب / الفناء .. فذاك الذي أخذ في التلاشي والغياب .. تراه كما " كان يتألم ويلملم شظايا حلمه فيما قصور روحه تنهار في نهار جسده " لتبدأ في تجسيد ما اختارته من انهزام .. ها هي الحياة / الدنيا تغلق النوافذ .. وتسدل الستائر .. وما يجبرها على ذلك ما للموت من حضور وسطوة .. وبدا لها أن في سكرتها قد انشلت اللغة .. لغة الإنسان .. وما اللغة هنا سوى مجمل الحركة والحياة .. حتى تتلاشى الصور ويرقى الصمت حيث الصمت الأبدي ..

" كل شيء ينتهي "
هذا آخر ما قد قيل ..



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كريمة الدعاء ..
- تمرد ..
- قراءة نقدية لنموذج إنساني مغاير - تجليات تراتبية في رحلة الس ...
- الولد ..
- المطر ..
- دراية ..
- خوف .. يتردى
- متاع .. الردى
- في انتظار ..
- برق ..
- موعد ..
- بوح القصيدة في - أخر سفن الغربة - للشاعر صلاح عليوة
- قراءة تشريحية للقصيدة الدائرية .. أنا خطأ العالم واعتذاره لل ...
- مفاعيل الذاكرة واستنطاق الكلمات في نص - ترمل ذاكرة - للكاتبة ...
- بين انغلاق النص وانفتاح المعنى في - الخطايا العشر - للكاتب إ ...
- شفافية 3
- شفافية 4
- شفافية 5
- شفافية 6
- وسيم ..


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - إرادة المختلف والمتحول غي ديوان ( لعلك) للشاعر الفلسطيني الشاب يوسف القدرة ( 1 )