أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر رزيج فرج - نقد مجموعة علي السباعي















المزيد.....

نقد مجموعة علي السباعي


شاكر رزيج فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2206 - 2008 / 2 / 29 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


توصيف الحدث في “إيقاعات الزمن الراقص”

احدى وعشرون قصة قصيرة هي كامل مجموعة علي السباعي (إيقاعات الزمن الراقص) والصادرة في دمشق عام 2002 – منشورات اتحاد الكتاب العرب- وبقراءة متأنية يمكن التوصل الى استنتاج مؤداه: ارتكان نصوصها الى فواصل زمنية مختلفة لا تفترض التتابع وانها في المجموع لا تنتمي الى مكان واحد وثالثا لا تتجه الى طبقة او شريحة مخصوصة، بل يتمتع كل نص منفرد باستقلالية وحدانية وان وضعها بين دفتي غلاف واحد هو لاعتبارات فنية بحته ويبدو ان تموضع عنوان المجموعة يظهر قاصرا على اقصوصته الاولى وليس قاسما مشتركا لها، ووحدانية – القص- ككيانات مستقلة تحتسب لصالح- الحكاء- مع تكامل- الصور- لترسيمها كعمل ابداعي، (انتاج مادي وروحي ) وتطابق ومجريات المتغيرات التي تحدث داخل المشاهد التصويرية سواء كانت فاعلة او هامشية، حقيقة كانت او مفتعلة بينما يخضع الزمن فيها الى معيار نسبي ليس له ملامح او تأثير فاعل- بل هاجس وجودي يقع على هامش القص- رغم ان حكايته الاولى توحي بان للزمن قسطا وافرا من مساحة القص لان (الاستاذ) كان يتحدث عن التاريخ، والتاريخ يفترض وجود زخم زمني، متحرك، مؤطر، منفلت.. ووفق متطلبات الحدث ، وان له خواتم ونهايات وامتدادات ايضا (هكذا هو التاريخ كديناميكية للحركة التي تتولد من السكون ص6) لكننا نرى ان استاذ التاريخ وهو يتحدث عن النظام الدولي الجديد (العولمة!) والحرب والصراع الايديولوجي ونابليون... الخ يشير الى تلامذته هاتفا بهم: انتم التاريخ، وبهذه الكيفية، لحظات التأويل، يتحول الزمن من غائيته الى متجسد (بضم الميم وفتح السين) في الانسان- ليس كمفهوم بايلوجي ينقطع عند الموت_ بل كحالة تتوالد دون توقف، وتلك بحق توصيف دقيق ورؤية علمية لا جدال فيها.
وهكذا الامر عند مجموع قصصه الاخرى، ويبدو ان المكان يأخذ حظه الاوفر في المجموعة- كعنصر رئيس يعزز- الجمالي- مبيحا للشخوص حرية الاتساع والحركة دون موانع، مشددا من كينونته بين ثنايا المسرودات على شكل لقطات تحاكي آلة تصوير سيميه تتناوب (وفق سيناريو معد بشكل جيد) ما بين / لقطة كبيرة/ بعيدة/ جامعة/لقطة الطائر..) محتوية للمشاهد التصويرية بتفاصيل متنوعة.
ففي قصته – عرس في مقبرة- نجد ان المرأة التي تلتقي بالحارس تخبره: انها تبحث عن بناتها اللواتي باعهن والدهن الى بيوت الدعارة بينما يقاتل الرجل في (بندقية الحاج مغني) ابناءه ليسترجع زوجته التي خطفوها، كونها امرأة تحوم حولها الشبهات وانها لا تنتمي للعائلة والعشيرة بأي وشيجة.
والقصتان تقفان على شرفة واحدة وهما تنظران الى أفق واحد، فالاب الذي باع بناته لا يستهول ما اقدم عليه، كذلك زوج الغانية، والاثنان يعتقدان انهما على صواب.
وفي قصتيه - رجل انيق - و - قطار اسمه غاندي - والى حد ما في اقصوصته الصغيرة جدا قلب، تفوح مرارة الخيبة والخذلان من اعماق ابطالها لعجزهم على مواصلة الصراع ضد قوى غشوم، ففي الاول، تحاصر الكلاب رجلا اعزل عندما يهم بالتقاط حجر من الارض يكتشف ان الذي التقطه هو رأس قلب.. يتركه ليعاود الكرة فيكتشف انه رأس قلب ثانٍ وهكذا للمرة الثالثة والرابعة..الخ حتى يصبح الامر منتهيا وغير مجديا، وفي القصة الثانية يثأر رجل من نفسه فيضرب رأسه بقنينة – الجن- بعد ان يثمل ليدخل المستشفى مشرعا للمتلقي نافذة آلامه(.. لان ألمك على شكل قطار ممتلئ بالالم يجر وراءه مقطورات من الوجع الزمن فوق سكة الخيبة بداخلك، عندما تعمل على اخراج ألمك بتنهيدة متقطعة فانك تعمل على اخراج وجعك عربة.. عربة ص 40).
ولعل السباعي وجد في مفردة – القطار- مقتربا من افكاره وما يريد الافصاح عنه لما لهذه المفردة من ايحاءات تتماهى على جنبات بالغة التنوع (استثمرها العديد من كتاب القص) لتؤسس في مخيال المتلقي غورا من التأملات والرؤى، كحركة القطار التي تستقيم على متوازيين ولها بداية ونهاية ومحطات يتبادل فيها الناس المواقع بين صاعد تواق او مجبر على السفر ونازل متعب انهى رحلته وإيقاع على السكة يتباطأ ويتسارع وفقا للضرورة.
وفي قصته الثالثة- الكلب- المقطوع الساق والذي يصارع من اجل البقاء حيا وهو يحاول ان يقضم عظمة لمرات عديدة دون ان يستطيع فيتوقف منكسرا خائبا امام عجزه، وكم كان بودي لو انه – السباعي- وضع كلمات البيركامو : (ان ما يمنعني من التفكير في الموت، ان في داخلي قدرا كبيرا من الحياة) في مقدمة قصته هذه بدل- بندقية الحاج مغني.
وباعتقادي، ان اربع قصص ضمتها المجموعة، لها رائحة واحدة بوتقة واحدة- دون ان تفتقد أي منها جنسها المعرفي، فالأولى (دم اخضر) يقتل الشيخ رجلا ببرودة دم امام اطفاله وزوجته.. (ادعت زوجة الشيخ الصغرى انه نظر اليها باشتهاء ص45)، اما الثانية- آخر رغيف- رجل يضرب طفله فتتمزق طبلة الاذن لأنه اكل رغيف اخيه.. وهو آخر رغيف تصدق به احد الميسورين!!
والثالثة - مظلومة رجل يطلب من امرأة رفع نقابها بعد ان شاهد وشما على يدها ولكنها تخبره (انا امرأة خرقتها اصابع آثمة ص 51)، وبإشارة جلية للعهد الدكتاتوري يستظهر- السباعي- الرعب الذي ينتاب رجلاً كلما سمع طرقا على الباب مما يضطره اخيراً الى الفرار (اقصوصته رياح) لان (.. كبش ضخم يصارع الباب بقرنية الكبيرين فدخل الى باحة المنزل وبدا بالثغاء ص 55).
ومن هذا نرى ان – علي السباعي- اراد ان يرفع يافطة الاحتجاج المرير على الاضطهاد بكل اشكاله وألوانه.
وعلي السباعي كقاص واع، اراد ان يهيكل لمنحاه مثالا مميزا ينأى عن سواه، وحتى لا يقال عنه، انه حكاء يخرج منجزة الادبي من معطف ما، وانه لم يأت بشيء جديد فقد ضم لمجموعته نماذجاً مقتنصه من ومضات حياتية باداء اسلوبي غرائبي- عوالم فنتازية- دون ان يترك هدفه – ثيمته- ضائعا بين ثنايا مسروده.
فالدخول الى – نص- هكذا وجدت نفسي، حمار يسأل رجلا: يا سيدي عم تتحدث؟ وهل في عالمكم شيء حقيقي اسمه الحب؟ ص 29- لكن الرجل الذي يجيبه بالايجاب ينتهي به الامر الى النهيق كحماره لاخراج اوجاعه..
وفي اقصوصته الاخرى، الخيول المتعبة لم تصل بعد / شحاذ يتحدث مع الجارية (دموع) دون ان يعير ادنى اهتمام الى اسئلة – الرشيد- الذي كان واقفا بينهما حيث ينتهي به الامر الى القتل- النهاية المحتومة التي توقعها بل وعجل في انهاء فصولها، اذان الانتماء الى المحرومين والمضطهدين تتيح لهم حرية الحديث عن مظلوميتهم على الضد من مضطهديهم الذين لا يروق لهم سماع صوتهم او الحديث معهم- انه الصراع- الذي لا مناص منه وان اختلفت اوزانه وأوقاته ودرجاته.
ان علي السباعي- هذا القاص القادم من الجنوب، والذي بدأ الكتابة في سن مبكرة وترجمت العديد من اعماله الى الانكليزية والالمانية لهو جدير بالالتحاق بكوكبة كتاب القص العراقي المبدعين وكل اولئك الذين ينظرون الى قضية شعبهم على انها قضيتهم اولا واخيرا.



#شاكر_رزيج_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد المجموعة القصصية حارس المزرعة
- نقد / مسرح يحيى صاحب
- اذكر ..... اني
- نقد الغرائبية
- نقد مجموعة نجمة الظهر
- نقد قصصي
- نقد مجموعة قصصية
- نقد لمجموعة قصصية


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر رزيج فرج - نقد مجموعة علي السباعي