أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر رزيج فرج - نقد لمجموعة قصصية















المزيد.....

نقد لمجموعة قصصية


شاكر رزيج فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 08:13
المحور: الادب والفن
    


المجموعة القصصية ـ عزف منفرد ـ لـ ( حسن كريم عاتي ) .
حكايات من الذاكرة الشعبية على اسكفة التجربة
قد تتماثل المرويات الشعبية وقد تتداخل في تناص يقترب من النقل الحرفي النصي للأنساق دون تدخل قسري من قبل كاتبها ، إلا إن ألتوق إلى التفردوالخصوصية تتدارك كعوامل لصياغة انمودج متميز،حتى وان كان في حدود ضيقة ، ليشار اليه على انه حالة جديدة تضاف الى كوم التجربة الإبداعية الإنسانية ، والقاص ـ حسن كريم عاتي ـ كحقوقي وناقد أيضا ، على وعي تام بان تجربة القصة القصيرة في بلادنا لازالت في المخاض ، إلا أنها تواصل إخراج رأسها من بين
أكداس من المؤثرات الطارئة إلى جانب العوامل الموضوعية والذاتية التي تتصل بمجمل التغيرات الاجتماعية والتي تفعل فعلها بقوة قد يصعب القفز من فوقها دون إن تحفر مطباتها وعثراتها في الطريق ، وهذا ما حاول من خلاله ( مبدعنا ) إن ينجزه بشكل لائق وعقلاني .
في أقصوصته الأولى ـ ليل الذئاب ـ يحتدم الصراع من اجل البقاء حيا
وتحت حراب الرعب والفزع والخوف من الموت ، فقتل ـ الذئب ـ كان عملا ضروريا ، لا لأنه حيوان متوحش ، بل لكونه عدوانيا ، قد صمم على الإجهاز دون رحمة على قطيع الأنعام ، ولم تفلح معه كافة الحيل لاصطياده إلا بعد إن نصب له فخا ، إلا إن الرجل الذي استطاع ان يحقق هدفه ، لم تكن حساباته دقيقة، اذ اكتشف إن أنثى الذئب ماكانت لتسمح له بالتلذذ بقتل قرينها ، فحاصرته داخل علبة الصفيح ( الفخ)، وأخذت تحفر تحت الباب للوصول اليه فما كان له إلا إن ينفذ إلى جسدها آخر رصاصة كانت لديه ، هذه الرصاصة التي بدت آخر ما كان يمتلكه من سلاح استطاع ان يدرأ عنه موت محقق .
وفي قصته المتميزة ـ الرتيمة !ـ تعصف وقائع وحوادث في قرية ـ ما ـ
بشكل قاس ومرير.... عوائل تختفي فجأة دون معرفة مصيرها ، وحيوانات تنفق
ـ والقحط قد ضرب إطنابه في كل إرجاء الأرض .... النص ـ والبيوت تغلق أبوابها ونوافذها بالطين وبعضها يردم ... حتى الكلاب والقطط قد أخذت تهجر القرية ـ أنها سنة زويحيرـ
ويبدو إن القاص ـ حسن كريم عاتي ـ أراد إن يؤثث مسروده عبربنية تلامس تخوم ـ الغرائبية!ـ نازعا الى اذهال المتلقي بتخليق / اجواء / وعوالم واوضاع
غير مألوفة او متوقعة ، فالشاب الذي كاد ان يجن لان عمه اراد ردم البيت والذهاب بمحبوبته بعيدا ، يهاجم دون حياء الدار وينزع عن ابوابها وشبابيكها الطين ، ثم يكتشف ان العائلة تنام هناك بانتظار الموت ،حينئذ يكتشف الاخرون
ان العوائل لم تكن تهاجر ، بل كانت تؤسس مدافنا لهم داخل بيوتهم ، هذه الثيمة التي تشكل الهاجس الاكبرللقاص والرمز الدلالي الذي يرتبط أساسا بالانتماء الحميم للارض والتأريخ / من لا ارض له لاتأريخ لديه / لذا فان هذا الشاب (العاشق) والذي يتولى بعد ـ اكتشافه ! ـ جمع ودفن الجثث من البيوت ، هو الجد الأكبر للقرية .
في أقصوصته ـ تخوم الماء ـ تستأثر الحكايات الشعبية المتوارثة شفاها بمساحة مناسبة من القص / الروي / لحيوات متخيلة أو طوطمية مما يتصل
ببقايا مواريث ـ القبليات السابقة ـ والميثيولوجيا بكل ما حصدته من أفكار ورؤى ، هو نتاج طبيعي وموضوعي للتطور ألتأريخي للبشرية ، حيث يؤدي المكان دور عتبة المسرح التي تستظهرالاحداث ، فالسعلاة وعروس النهر والطنطل وسبع الماء وجنية البحر. وما علق في الذاكرة الجمعية / المختزنة / إنما تستعيد بعضا من خوارقها على نحو ما ، مفضية إلى تشكل هيكلية جديدة في بناء درامي له ابهاره الخاص و ميزته المتفردة وكيانه المستقل ، لذا نجد مبدعينا يلجأون إلى شحذ أدواتهم في تخليق مواضيع غير متناولة بشكل مبتذل وطارئ، فالصحراء لها ذلك العالم الذي يتصل
بالضياع والتيه والجدب وكذلك الحياة بما فيها من شح وفاقة ، فكان هناك ـ إبراهيم كوني ـ في الشمال الإفريقي وـ حامد فاضل ـ عند تخوم الصحراء الغربية لبلادنا ... وقد اتخذ الماء كترميز دلالي للحياة أولا ، كما هوللموت أيضا ، لعل آخرها رواية جاسم عاصي ـ المتميزة ( مستعمرة المياه ) ، ولا غرابة إن نرى لـ ـ حسن كريم عاتي ـ تلك الرؤية التي قد تلتقي بملامحها مع
ـ كوت حفيظ ـ وبؤرة الهور، لجاسم عاصي،و التي ظلت المدفن لكل المغامرين والابطال الذين حاولوا الوصول اليها ، لاسيما من السادة ـ المكاصيص ـ وكما انتهت مفتوحة!! على يد الوريث ( الحكاء) سامح .
وحفيظ ـ حسن كريم عاتي ـ جزيرة تظهر وتختفي ، استأمنها ملوك وسلاطين على كنوزهم ..قصورها ،ذهبية ، أعنابها لها رائحة النعناع وزيتونها حلو الطعم كالتين ، لها ثلاث بحيرات متصلة .. ما كان على احد اقتحامها .. ولأن أبيه قد قتل ، فانه يشد عزمه بمهاجمة ـ حفيظ ـ مناديا :ـ ( الفظ جثة أبي ها قد أتيت
.... النص ) .
ان المقاربة الشديدة بين كوت حفيظ ( جاسم عاصي) وحفيظ ـ جزيرة مجنون ـ
( حسن كريم عاتي ) ، تدفعنا للتساؤل : ـ الى أي مدى يمكن ان يتوقف توق الانسان لأن يكون منتجا ، مبدعا بشكل استثنائي ؟؟ ذلك لايمكن الاجابة عليه ، او من السابق للاوآن ان نتحدث عن امر شائك كهذا ...
في ( تبادل الأشلاء) يتواصل ـ القاص ـ مع غرائبيته ليقدم متنا إبداعيا متميزا ، تكمن ثيمته من النظرة الوجودية لحالة الموت ،(لا يستبعد ان يكون حالة فيزياوية ايضا) ، فهو حادث واحد متماثل وان تعددت الأسباب والظروف ـ الزمكانية ـ والشئ الذي توافر له ، هو إن كريم حسن عاتي قد استثمر واقعة الحرب / كسبب رئيس للموت / لطرح وجهة نظره ( لقد نفذ من باب واسع ، مقنع ) الفلسفية له ، فالجثث التي تتوافد على مركزهم / ربما الصحي / في جبهة جزيرة مجنون ، كانت مجرد أشلاء ، يجري تجميعها ، ولا يهم بقدمين أو ثلاثة ويد واحدة ، المهم ـ الرأس !! ـ فهو ( الموحد ! ) والذي لايقبل التجزئة ... وإذا كان الجميع ـ باعتبارهم من الشهداء ـ سيتبادلون الأعضاء بينهم ، فلا يهم إن يذهب احدهم بأشلاء غيره .. فما كان على القتيل إن يحتج على أخيه وهو يحس بانه قد وزع أشلائه ( فأحسست أخي قد وزع أشلائي إلى أكوام متعددة فأغمضت عيني على صدره وأسدل السواد ستاره ... النص ) .
في نصوصه ، مناهل الضمأ وبكتريا المتاحف والتنقيب في غرفة / المنشورة على موقع ـ الحوار المتمدن ـ والتنافذ ،يتكرر مشهد الموت بشكل مُلح على صورة من الجثث ، ففي( الأولى) نشهد إن الجد يحتضر وهو يتذكر ابنه الذي أتوا به وهو كومة من اللحم ، والبدوي رغم ممارسته لمهمة تعذيب الناقة ، بذبح الفصيل إمامها ، مكررا هذا المشهد الدموي لأكثر من مرة واحدة ، فهو الآخر يحتضر، فقد أكل الحزن كبده !! بينما تجرف جثث الأجداد والكلاب والقطط دون حرمة في سنة طاعون ـ بكتريا المتاحف ـ وبلغ تعفن جثة الوالي إن اجتازت رائحته المدينة إلى الحقول ( التنافذ) .
وهكذا يختط القاص أسلوبية لها مجسسات تتلاقح والحيز النفسي للمتلقي ما دام الوقت لم يتقادم بما يكفي لنسيان آثار حروب الدكتاتورية ومشاهدها التي مرت لعقد من الزمن بكل ما حملته من صور مشوهة ومروعة ، لذا كان ـ مبدعنا ـ
يطرق بقوة على هذا الحيز لتأجيج مشاعر الكره للحروب ومشعليها، وجثة الوالي المتعفنة، هي الوجه البشع لسلوكياته في ممارسة الاضطهاد والقتل ،حيث تصل اخباره الى القرى المجاورة .
في ( التنقيب في غرفة ) يحاول ـ القاص ـ إيجاد نوعا من التوازن الضمني!
مابين داخل وخارج النص فالبيوت كما هي الحال عرضة للدفن لاضطرار الناس إلى دفنها بين فترة وأخرى نتيجة لارتفاع مستويات الأزقة والمياه الجوفية وهو إشارة ذكية لمسألة تتصل بحضارتنا أساسا... فدوارس المدن الأثرية إنما تتشكل على هيئة طبقات، لكل طبقة تأريخ.. والبيوت التي ترتفع أبواب غرفها تخلق تأريخها هي الأخرى مجسدا بنوع المواد الخام وأشكال البناء في الفترة الزمنية المحددة.
في أقصوصة ـ اثر القص ـ لن نجد أي ثبات حركي ( نزار مروة) لتتابع الأنساق أو إن تبدواحداثها وكأنها تتجه نحو الذروة بإيقاع متناغم، فالبطل قد انتقل
من الأرشيف إلى شعبة الأشرطة التالفة، وهنا استطاع إن يمتلك حرية اكبر في ممارسة غواياته بعيدا عن مبدأ العقاب أو المسائلة، فهو يعيد ويغير ويركب ويحذف من الأشرطة وكذلك يضيف.... على هواه وبما يلائم ورغبات ـ ألام ـ
التي كانت تتابع غناء الابن، ولعل القاص ـ حسن كريم عاتي ـ أرد إن يستظهر عن ـ قصد ـ سوءات الابن ونشازصوته باحاطة ( حدثه المركزي) والمتمثل بمحاولة الاغتيال الفاشلة .. بفيض من الوقائع والبنى / صوت أمه على الشريط لايطابق حركة الشفاه / النركيلة ـ الاركيلة ـ غطت الشاشة(..) لقطة كبيرة، حتى وصلت كف المرآة / يهجم الجمهور حبا وهياما بولدي ليمزقوا ملابسه .. النص / أراحت ظهرها ـ خفضت السوط / معذور يدخل المسرح بقميص مضاد للرصاص /هذا .. القصد الذي يتجه على ما يبدو بعيدا عن العالم الداخلي للنص إلى العلاقات الاجتماعية( الخارجية ) التي تقع خلفه/ بعده / أي التوحد بين الوظيفتين الجمالية والاجتماعية لتفادي السقوط في أي تصور مثالي
(فيصل دراج) .
في ( دائرة الرمل ) المنشورة أيضا على موقع الحوار المتمدن ـ على ما أظن ـ يعود بنا القاص إلى عالم المواريث الشعبية وبودقة التراث ، رغم انه لم يكشف بشكل سافر عن ذلك / وتلك ميزة القص الناجح / فالكفن الذي يجلب من ـ مكةـ أيام الحج ... هو خلاصة لما يبذله ـ الحاج ـ من جهد ومال طوال حياته ، وهو أمنية تراود الكثير من الناس وتحقيقها هو غاية بحد ذاتها ، إما ما الذي أراد ـ القاص ـ الوصول إليه فهذا كما اعتقد يتصل بالجوانب الروحية!! لمنتج القص والتي تشكل بالتأكيد احد الأركان الأساسية لحياتنا المادية/ الصورانعكاسية اللازمة
لها/.. نجد هذا الميل الشديد في النص الذي يحمل ـ اسم المجموعة ـ أيضا ( عزف منفرد ) حيث تتوحد الأحاسيس الوجدانية ويصبح مثلا: ( الدخول في الليل للخروج منه بلذة الاستمتاع ...) أمرا في غاية المرامي لما تحمله مفردة ( الليل!!) من معان وتصورات اختزنت في الذاكرة الجمعية حيث تختلط وتتصارع مختلف الرؤى والتصورات ابتداءا من السكينة والسلام الى الخوف والظلام والرعب .
إن تحليل الطابع التركيبي ـ المونتاجي ـ(محمد دكروب) لبنى نصوص حسن كريم عاتي في هذه المجموعة ، يجد إمامه خطا بينا وواضحا لمحاولة تجريبية
حداثوية لاتتناص بالضرورة مع تجارب الآخرين بقدر كونها تمتلك خصوصية تتصل أساسا باسلوبية القاص ومحاولاته الحثيثة لترصين منهج يشار اليه كقاص
متمايز عن أقرانه، ذو منهجية فردية ، لكنها أمينة لكل التراث القصصي العراقي والعربي ، نتمنى لها إن تأخذ لها مكانا لائقا في مكتبتنا الفقيرة أصلا لهذا الجنس الأدبي الراقي .

30/12/2007



#شاكر_رزيج_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر رزيج فرج - نقد لمجموعة قصصية