بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء في العالم .. عاملات المنازل في الخليج يتعرضن للعنف والعبودية

جهاد عقل
(Jhad Akel)

الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 12:00
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

• المرأة العاملة ضحية العنف والإستغلال
• عاملات المنازل في الخليج يتعرضن للعنف والإهانة والعبودية بشكل فظيع.

يصادف يوم 25 تشرين ثاني من كل عام "اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المراة" حيث تقوم مختلف الهيئات الناشطة في هذا المجال، بتنظيم النشاطات الهادفة الى تعميق الوعي ، بخصوص مناهضة العنف ضد المرأة في عالمنا .وتستمر هذه النشاطات حتى العاشر من شهر كانون اول من كل عام . . فيما يلي ما جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الخصوص" يعني تعبير العُنف ضد المراة - اي فعل عنيف تدفع إليه عصبية
الجنس ويترتب عليه اذى أو معاناة للمرأة ،سواء من الناحية الجسمانية او الجنسية أو النفسية ،بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية ،سواء أحدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة." (إعلان القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة،المادة 1 قرار الجمعية العمومية 48-104)


رغم ما جاء في إعلان هيئة الأمم هذا إلا أن العالم يشهد في السنوات الأخيرة تنامي مظاهر العنف ضد النساء .الذي يشمل مختلف المجالات مثل العنف الجسدي والنفسي والعمل القسري والتحرش الجنسي والإتجار بالنساء للخدمات الجنسية والقتل على خلفية شرف العائلة ، وغير ذلك من الممارسات العنيفة بحق الفتيات والنساء.

التصدير ..ثم الإساءة...
عشية هذه الذكرى أصدرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" لحقوق الإنسان تقريرها بخصوص ظروف عمل العاملات في المنازل في دول عربية تحت عنوان :"التصدير ثم الإساءة: الانتهاكات بحق الخادمات المنزليات السريلانكيات في السعودية والكويت ولبنان والإمارات العربية المتحدة"، والذي تكشف من خلاله المنظمة عن حالات عُنف وإستغلال نستطيع ان نقول عنها إنها من ابشع ما يُمارس بحق المرأة العاملة خاصة والنساء عامة .

موضوع التقرير هو العاملات – الخادمات – في المنازل من دولة سريلانكا ، ويكفي ان نذكر هنا البعض من الشهادات التي أدلت بها عدد من هؤلاء العاملات لطاقم التحقيق التابع للمنظمة ، كي نطّلع على فظاعة الإستغلال وبشاعة ما يقوم به أرباب العمل ضد هؤلا العاملات :
"أَنتِ كحذائي ..."

"حتى لو خلدت إلى النوم في الثالثة والنصف صباحاً، يجب أن أستيقظ في الخامسة والنصف صباحاً... يجب أن أستمر في العمل حتى الواحدة صباحاً، وأحياناً حتى الثالثة صباحاً... ذات مرة قلت لربة عملي: "أنا بشرية مثلك وأحتاج لساعة راحة". فقالت لي: "لقد جئت لتعملين، وأنت كحذائي، يجب أن تعملي بلا كلل".
كوماري إندونيل (اسمها الحقيقي مستخدم بناء على طلبها)، 23 عاماً، خادمة منزلية سابقة في الكويت، 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.
حرقوا جسدي ..ضربوني بالسكين

"لم [أتقاض] راتبي لعام [و] وخمسة أشهر. وحين كنت أطلب النقود كانوا يضربونني ويضربونني بالسكين، أو يحرقون جلدي. وحرقوا أحد ذراعيّ وأصابوه بسكين. وأصابوني بعلامات على ظهري. وجسدي كله يؤلمني. جسدي كله تعرض للضرب. كانوا يمسكون برأسي ويضربون به الحائط. كلما طالبت براتبي يقع شجارٌ".
بونّامّا س. (ليس اسمها الحقيقي)، 52 عاماً، خادمة منزلية في السعودية، 14 ديسمبر/كانون الأول 2006.
فقدت إبنتها..ومنعت من العودة الى بلادها

"ماتت ابنتي في حادث التسونامي. وليس لدي أبناء غيرها. كانت في الثالثة عشرة من عمرها. وكنت في أبو ظبي حين أصاب التسونامي البلاد.... طلبت من [أصحاب العمل] الذهاب إلى سريلانكا ورفضت السيدة وقالت: إذا كانت طفلتك ماتت فيجب وضعها في قبر... مما يعني أن جثمانها أصبح تحت الأرض، وقالت: لماذا تريدين الذهاب؟ وحين قلت إنني أريد العودة لدياري، قالت لي سيدتي: طفلتك ماتت، لماذا تريدين العودة الآن؟ هل أنت طبيبة؟"
كورمادي ن. (ليس اسمها الحقيقي)، 38 عاماً، خادمة منزلية سابقة في الإمارات العربية المتحدة، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.
660 الف عاملة ..مع هذا العذاب
هذه بعض الحالات التي تكشف عن فظاعة العنف الذي تتعرض له العاملات في المنازل لدى عائلات عربية في دول الخليج والسعودية ولبنان ، وهن من أصل مئات آلاف العاملات السريلانكيات اللاتي يعملن خادمات في المنازل في الشرق الأوسط ، وبالتحديد في الدول العربية ويصل العدد الكلي للنساء السريلانكيات العاملات خارج سريلانكا نفسها 660 الف عاملة 90 بالمائة منهن يعملن في المنازل بمنطقة الشرق الأوسط. وقد جاء في تقرير المنظمة أن هذا العنف الفظيع يتم تحت سمع وبصر الحكومات التي تعمل في إطارها هؤلاء العاملات وأيضاً تحت سمع وبصر حكومة سريلانكا ، التي ترى في قضية العمالة المهاجرة ، قضية إقتصادية تؤدي الى دخل مالي يُعتبر ثاني اكبر مصدر لخزينة الدولة بعد ما تُصدره من الأقمشة لدول العالم . وتؤدي العمالة المهاجرة في سريلانكا الى إدخال 2.33 مليار دولار أمريكي دخلت البلاد بواسطة حوالات رسمية عام 2006، هذا غير المداخيل الغير مُسجلة رسمياً وما يتبعها من سلع أخرى تقوم العاملات والعمال بإرسالها لعائلاتهم على مدار سنوات عملهم في الخارج .
من لبنان ..الى عجمان ..
وتؤكد جينيفر تيرنر باحثة حقوق المرأة في "هيومن رايتس ووتش" ان العاملات يتعرضن في عملهن هذا الى ضروف عمل قاسية ، وحتى يوم راحة أسبوعية لا يحصلن عليه وتقول: "تُعرض الحكومات في منطقة الخليج الخادمات المنزليات السريلانكيات للإساءة برفضها ضمان يوم راحة أسبوعية لهن، وكذلك الحد من ساعات العمل وحرية التنقل وغيرها من الحقوق التي يتمتع بها غالبية العمال باعتبارها من الأمور المُسَلم بها". لكن الأبشع من ذلك ان المخالفين لا يتعرضون لأي عقاب من قبل الحكومات وتقول جنيفير بهذا الخصوص : "ويفلت الكثير من أرباب العمل المسيئين وسماسرة التوظيف الفاسدين دون عواقب جراء استغلال الخادمات ودونما أي عقاب حقيقي". مما يؤدي الى توجس العاملات من تقديم الشكاوى ضد أصحاب العمل او ضد تصرفاتهم والتي تشمل في كثير من الأحيان الإعتداءات الجنسية والإكراه على ممارسة علاقات جنسية مع صاحب البيت ومنها يجري بمعرفة ربة البيت . وروت بعض الخادمات المنزليات لـممثلة المنظمة نفسها :"كيف تعرضن لتقييد الإقامة القسرية والحرمان من الطعام والإساءة البدنية واللفظية والعمل الجبري والمضايقات الجنسية والاغتصاب على أيدي أرباب عملهن." فعن أية اخلاق يتحدث عالمنا العربي من لبنان الى عجمان ؟؟.
فقر مُدقع .. وهجرة قسرية
تبدأ مسيرة المعاناة والتعرض للإستغلال والعنف عندما تقرر العاملة وبسبب الفقر المُدقع الذي تعيش فيه هي وعائلتها الهجرة للخارج والبحث عن فرصة عمل كخادمة منزلية ، البداية تكون عندما تقوم بالتسجيل لدى ما يُعرف بِ "مكتب توظيف" ووكلاء هذا المكتب ، عندها تكون قد اودعت جسدها وحياتها في أيدي هؤلاء السماسرة ، الذين بتر حبهم وجشعهم للمال، أية علاقة كانت لهم مع الإنسانية ، وتضطر العاملة الى الموافقة على كافة الشروط التي يطلبها السمسار في مكتب التوظيف هذا ويكون إلتزامها المالي اعلى عندما تتم العملية عن طريق "مكتب توظيف " غير مرخص من قبل الحكومة (توجد مكاتب ترخيص رسمية فيها يكون إستغلال العاملة أقل وطأة). في هذه الحالة كل ما يجري هو عُنف فظيع بحقوق العاملة. ليس فقط التزاماتها المالية ، بل أيضا شروط عملها في الدولة التي ستسافر اليها .
عن هذا الإستغلال يؤكد معدو التقرير ذلك بقولهم :"إلى أن سماسرة ووكلاء التوظيف في سريلانكا يتقاضون رسوماً مُبالغ في تقديرها تتسبب في استدانة المهاجرات بديون ثقيلة وكثيراً ما يضللونهن بشأن وظائفهن. وما إن تصبح الخادمات المنزليات بالخارج، حتى يعملن في أغلب الأحوال من 16 إلى 21 ساعة يومياً، دون ساعات راحة أو أيام عطلة، وهذا مقابل أجور زهيدة للغاية تتراوح من 15 إلى 30 سنتاً أمريكياً في الساعة." وهكذا تبدأ عملية "التضليل" – بل الإستغلال والعبودية في اللحظة التي تقوم العاملة بالتوجه الى هذه المكاتب .
مصادرة جواز السفر وعملية الأسر
فور وصول العاملات الى مكان العمل ، الدولة ومن ثم البيت الذي ستعمل لدى صاحبه يقوم هذا بمصادرة جواز السفر والوثائق التي تُعرّف على هوية العاملة ، مما يؤدي الى تحويل العاملة الى سجينة في مكان العمل ، الأمر الذي يتعارض والمواثيق الدولية . من جانب آخر تتم عملية السجن هذه من خلال عدم دفع الراتب للعاملة مما يبقيها بدون إمكانيات مالية وهوأيضا امر مخالف للقانون ولإتفاقيات العمل الدولية .
عن هذه الظواهر جاء في التقرير:" وقد وجدت -هيومن رايتس ووتش- أن أرباب العمل يصادرون بشكل منهجي جوازات سفر الخادمات المنزليات، ويقومون بتحديد إقامتهن في مقر العمل، وفي الكثير من الحالات يقومون بالحد من اتصالاتهن، حتى بسفاراتهن. كما أن بعض أرباب العمل يتحفظون على الأجور لشهور وسنوات. وفي أسوأ الحالات يتسبب هذا المزيج من الممارسات في حصار الخادمات المنزليات السريلانكيات وقيامهن بالعمل جبراً. فمثلاً رفض أرباب عمل كثيرون السماح للخادمات المنزليات بالعودة إلى بلدهن أثناء حرب يوليو/تموز 2006 في لبنان. وقابلت هيومن رايتس ووتش خادمات منزليات كثيرات رفض أرباب عملهن إعادة جوازات السفر إليهن ومنعوا عنهن الأجور التي يدينون لهن بها حتى لا يتمكنّ من العودة إلى سريلانكا. "
في هذه المناسبة الدولية الكفاحية "مناهضة العنف ضد المرأة" نرفع صوتنا – صوت الإحتجاج ضد ما يُمارسه أصحاب العمل في دول السعودية والكويت والإمارات العربية ولبنان بحق العاملات في المنازل من سريلانكا ومن دول أخرى . مؤكدين ان ما يقوم به هؤلاء المُشغِلين من ممارسات قمعية بحق العاملات تحت رعاية وحماية القوانين التي تحمي تصرفاتهم العنيفة هذه ، وتقمع كل صوت إحتجاجي تقوم به العاملات ضد هذا الإستغلال البشع هوالعبودية بعينها بل وفي أبشع صورها ... هل تناسى خادم الحرمين وبقية قادة الخليج أن ما يقومون به مناف للأخلاق والأعراف والأسس الإنسانية السامية ؟؟ هل نُذكرهم بِ "بلال" وغيره .
لا للعنف .. ضد النساء
ونضم صوتنا أيضاً الى صوت الباحثة جينيفر تيرنر التي قامت بإعداد هذا التقرير حيث دعت الحكومات في الخليج الى وقف هذا الإستغلال وهذه الإساءة للعاملات في المنازل ووضع قوانين تضمن الحماية لهن والمحافظة على حقوقهن بقولها : "على دول الخليج أن تبذل مزيداً من الجهد لإيقاف الإساءات بحق الخادمات المنزليات". وأضافت: "وعلى حكومات كل من السعودية والكويت والإمارات مد مظلة قوانين العمل لكي تصل إلى الخادمات المنزليات وتضمن لهن تقديم الشكاوى التي تجد من يستمع إليها، فضلاً عن إصلاح قوانين الهجرة حتى لا يتم ربط العمال بأرباب العمل".
هذا النداء يضع أمام الهيئات الدولية المُختلفة مهام كبيرة ، وان عليها القيام بحملة للضغط على السعودية ودول الخليج وغيرها من الدول التي تقوم بالبطش بهؤلاء العاملات ، إننا ندعو كل من منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية والإتحادات النقابية العالمية والعربية الى تنظيم حملة عالمية ضد هذه الممارسات البشعة ، والى إلزام هذه الدول وضع وإقرار قوانين وتشريعات، تضمن الحماية لعاملات المنازل خاصة ،وللعاملين الوافدين عامة. تضمن العمل اللائق والحقوق ..وتؤدي الى معاقبة المخالفين ممن يقومون بفرض هذا العنف ضد النساء العاملات ونصرخ مجدداً أن لا للعنف ضد النساء ..لا للعنف ضد العاملات ...فهل من مُستجيب ؟.

#جهاد_عقل (هاشتاغ)       Jhad_Akel#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات