أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد المنعم عبد العظيم - باحث يكشف الأكذوبة التى عاشت فى ضمير الشعب المصرى عبر مئات السنين















المزيد.....

باحث يكشف الأكذوبة التى عاشت فى ضمير الشعب المصرى عبر مئات السنين


عبد المنعم عبد العظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2013 - 2007 / 8 / 20 - 06:53
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ارتبط الاحتفال بوفاء النيل بعروس النيل التى كانت تزف اليه كل عام عذراء حلوة من أجمل فتيات مصر فى ابهى زينتها قربانا للوفاء فيأخذها النيل بين أحضانه فى مهرجان شعبى حافل تنشد فيه الاغانى وتعزف الموسيقى وتدق الدفوف وتعـم البهجة والأفراح بطول مصر وعرضها 0 تعالوا معى الى كرمة بن هانىء دار أمير الشعراء احمد شوقى التى تطل على النيل لنشاهد صورة حية لعروس النيل فى الشوقيات :
ونجيبة بين الطفولة والصبا عذراء تشربها القلوب وتعلق
كان الزفاف اليك غاية حظها والحظ ان بلغ النهاية موبق
نعم كان الزفاف الى النيل غاية تتمناها كل فتاة فى مصر تعبيرا عن قداسة هذا النهر العظيم الذى تصوره المصرى القديم إنسانا وجعلوه الها وسموه حابى 0نتابع شاعرنا شوقى وهو يخاطبه
لاقيت أعراسا ولاقت مأتما كالشيخ ينعم بالفـتاة وتزهق
فى كل عام درة تلقى بلا ثمن إليك وحــرة لا تصدق
حول تسائل فيه كل نجيبة سبقت إليك متى يحول وتلحق
ثم يعزى شوقى شغف نجيبات مصر الى الزفاف الى النيل الى سلطان العقيدة وتأصل الإيمان يقول :
إن زوجوك بهن فهى عقيدة ومن العقائد مايلب ويحمق
ماأجمل الإيمان لولا ضلة فى كل دين بالهداية تلصق
زفت الى ملك الملوك يحثها دين ويدفعها هوى وتشدق
ولربما حسد ت عليك ترب تمسح بالـعروس وتحدق
ويتجلى خيال أمير الشعراء فى تصوير الاحتفال المهيب بوفاء النيل
مجلوة فى الفلك يحدو فلكها بالشاطئين مزغرد ومصفق
فى مهرجان هزت الدنيا به أعطافها واختال فيها المشرق
فرعون تحت لوائه وبناته يجرى بهن على السفين الزورق
حتى إذا بلغت مواكبه المدى وجرى لغايته القضاء الأسبق
وكسا سماء المهرجان جلاله سيف المنية وهو صلف يبرق
وتلفتت فى اليوم كل سفينة وانشال بالوادى الجموع وصدق
ألقت إليك بنفسها ونفيسها وافتك شيقة هــــواها شيق
خلعت عليك حيائها وحياتها ااعـــز من هذين شىء ينفق
وإذا تناهى الحب واتفق الفدا فالروح فى باب الضحية اليق
وهذ الشاعر عزت سندى يخاطب النيل :
وسارت على مجراك دهرا مواكب تزف بها عذراء فى ريعانها
عروس تبدت فى جمال وزينة تموج على شطــيك يوم زفافها
لقد كان النيل ملهم الشعراء منذ ألاف السنين وموضع الاحترام والتقدير والتقديس وعروس النيل قصة حب حية تعيش فى وجدان المصريين
يقول الفقيه والمؤرخ ابوالقاسم عبدالرحمن بن عبدالحكم فى كتابه فتوح مصر والمغرب
لما فتح عمر بن العاص مصر أتى أهلها الى عمر حين دخل شهر بؤونة
فقالوا له : أيها الأمير ان لنيلنا هذا سنة لا يجرى الا بها
فقال لهم وماذاك ؟ قالوا : كلما جاءت الثالثة عشر من هذا الشهر عمدنا الى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليه من الحلى والثياب أفضل مايكون ثم ألقيناها فى النيل 0
فقال لهم عمر: هذا لا يكون فى الإسلام وان الإسلام يهدم ما قبله 0
فأقاموا شهور بؤنة وابيب ومسرى والنيل لا يجرى كثيرا ولا قليلا حتى هموا بالجلاء 0
فلما رأى عمر بن العاص ذلك كتب الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه بذلك فكتب اليه عمر بن الخطاب أن قد أصبت ان الإسلام يهدم ماقبله وقد بعثت اليك ببطاقة فالقها فى النيل إذا أتاك كتابى فلما قدم الكتاب على عمر بن العاص فتح البطاقة فإذا فيها :
من عبد الله أمير المؤمنين الى نيل مصر اما بعد فان كنت تجرى من قبلك فلا تجر وان كان الواحد القهار هو الذى يجريك فنسال الله الواحد الجبار ان يجريك 0
فالقى ابن العاص البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بشهر وكان أهل مصر قد تهياوا للخروج منها والجلاء لأنه لا يقوم بمصلحتهم إلا النيل وأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا فى ليلة واحدة واستراحوا من ضحاياه هذا العام وما بعده من أعوام
وظل المؤرخون بعد ابن الحكم يتناقلون هذه الرواية فيما كتبوه مثل المقريزى والكندى وابن تغرى بردى والقطاعى وابن دقماق والسيوطى وياقوت الحموى وابن اياس 0
وظلت حكاية إهداء عروس للنبل كل عام فى عيد وفاء النيل راسخة فى الأذهان واستمرت عادة إلقاء دمية خشبية على شكل فتاه أدمية بدلا من الفتاة الآدمية التى كانت تزف الى النيل جزء من مراسم الاحتفال حتى ألان ومازال كتاب محدثون وكتاب وشعراء يرددون الحكاية حتى السينما أخذت من حكاية عروس النيل موضوعا لأفلامها 0
ولقد بالغ الناس فى تجسيد الاسطورة فقالوا إن الفتاه تظهر مرة اخرى وقد تحول نصفها الأسفل الى سمكة لان النهر لا يلتهم عرائسه بل يجعلها تعيش فى فى أعماقه كالأسماك 0
ومنذ كشف شامبليون أسرار اللغة المصرية القديمة بعد اكتشاف ظابط الحملة الفرنسية بوشارد لحجر رشيد أثناء الحملة الفرنسية على مصر بدء الباحثون دراسة جادة للتاريخ المصرى القديم من هؤلاء الباحث الفرنسى بول لانجيه الذى تفرغ لدراسة حكاية عروس النيل وخرج الباحث من دراسته بان المصريون القدماء كانوا لا يلقون بفتاه فى النيل ولكنهم كانوا يحتفلون بإلقاء سمكة من نوع الاطم وهذا النوع من السمك قريب الشبه بالإنسان ويصفه بعض العلماء بإنسان البحر تتميز انثاه بان لها شعر كثبف فوق ظهرها ولها مايشبه أرداف المرآة اما وجهها فاقرب الى كلب البحر وحين تسبح فوق الماء تتمايل كأنها راقصة0
وكان المصريون القدماء يزينون سمكة الاطم بالوان زاهية ويتوجون رأسها بعقود الورد والزهور ثم يزفونها الى النيل فى عيد وفائه0
ومنذ أعوام تم كشف سمكة من هذا النوع فى بحيرة قارون بالفيوم 0
اما القاء عروس حقيقية فى النيل فلم تعرفه مصر الا فى عهد المماليك حيث جاءوا بالفتيات المدربات على السباحة تدريبا جيدا والقوا بهن فى النهر ثم يتركن ليسبحن حتى الشاطىء فى كرنفال الاحتفال
إن إلقاء عروس حية فى النيل ليس الا خرافة فجميع من أرخوا لمصر قبل ابن عبدا لحكم مثل هيكاه وهيرودوت وتيودور الصقلى وبلوتراك وكليمان السكندرى الذين كتبو عن الحياة والعادات الفرعونية والغرائب والتقاليد فى مصر القديمة لم يتناولوا من قريب او بعيد حكاية عروس النيل
كما ان عبدا لحكم كتب هذه الحكاية بعد فتح عمر بن العاص لمصر بمئتان وثلاثون عاما ولم يكن من معاصريها وربما رويت له
وواضح من متن الرواية ان النيل استمر ثلاثة شهور لم يجر فيه كثير ولا قليل ولو حدث هذا لهلك كل من فى مصر كما انه من المستحيل علميا ارتفاع النيل سته عشر ذراعا فى ليلة واحدة
ويؤكد الباحث مختار السويفى ان الحضارة المصرية حضارة راقية لم تعرف على مر العصور الضحايا البشرية لاى اله او معبود مهما علا شانه ويقول السويفى اذا كان للنيل عروس فهى ارض مصر التى يدخل عليها النيل فى موسم الفيضان كما يدخل الرجل على عروس فى ليلة زفافها 0
كما ان نقوش المعابد المصرية والبرديات التى عددت مظاهر الحياة والتقاليد والعبادات لم تذكر حكاية عروس النيل ولو كانت هذه حكاية حقيقية لما اغفلتها النقوش
وتذكر الدكتورة نعمات احمد فؤاد إحدى عاشقات الحضارة المصرية فى كتابها القاهرة فى حياتى ان حكاية عروس النيل ليس لها أساس تاريخى ولم ترد غير القصة التى ذكرها بلوتراك والتى تقول ان ايجيبتوس ملك مصر أراد اتقاء كوارث نزلت بالبلاد فأشار اليه الكهنة بإلقاء ابنته فى النيل ففعل ثم الم به ندم شديد فالقى بنفسه فى النيل فهلك مثل ما هلكت ويقول الأستاذ عباس محمود العقاد فى كتابه عبقرية عمر إن رواية عروس النيل على علاتها قابلة للشك فى غير موضع فيها عند مضاهاتها على التاريخ وقد يكون الواقع منها دون مارواه الرواة بكثير
ورغم ذلك عاشت الاسطورة فى وجدان مصر وتناولها الأدباء والشعراء والفنانون والسينما ومازالت كتب كثيرة ترددها كواقع 0
لكن الحضارة المصرية باصالتها وعمقها تؤكد كل يوم وعيها وتحضرها 0 لقد قدست مصر النيل العظيم شريان الحب والنماء نبع الخير والخضرة والازدهار
واحتفت به وظلت تناجيه فى اناشيها المقدسة وصاغت الملاحم فى عشقه ولكنها أيضا قدست الإنسانية والإنسان ولم تضح بروح إنسان من اجل فيض النهر الخالد وهذه شهادة لمصر لاضدها



#عبد_المنعم_عبد_العظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آمنا الغولة والآلهة سخمت
- جمهوريتنا الملكية
- ختان الإناث في مصر يبدأ في الانحسار
- صور من تاريخ الحركة العمالية بمصانع السكر فى مصر
- عشق الخس
- السنة القبطية والأمثال الشعبية
- أمل دنقل شاعرا عاطفيا
- أمونوفيس الضائع بين شامة وطامة وممنون
- قدم المومياء بين رسام وقصاص
- رؤية حول مجالس الأمناء والآباء فى تطوير العملية التعليمية لل ...
- أدريس أفندى ينقذ بوابة معبد الكرنك
- الأمير والحلم
- الطفل الأنجلو مصرى فى بيت فرنسا بالأقصر
- مجذ وب سيدى توت


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد المنعم عبد العظيم - باحث يكشف الأكذوبة التى عاشت فى ضمير الشعب المصرى عبر مئات السنين