أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - في بيتنا رجل















المزيد.....

في بيتنا رجل


ابراهيم محمد عياش

الحوار المتمدن-العدد: 2007 - 2007 / 8 / 14 - 11:24
المحور: الادب والفن
    



عندما يطرح الفنان المبدع سؤالا من خلال عمله الفني فهو لا يفعل ذلك لمجرد التساؤل فقط بل ليثير التفكير في المتلقي وبالتالي يثير التفاعل مع العمل الفني ومن ثم ليتفاعل مع الواقع والحياة.
وصناع العمل السينمائي يحولون هذا الواقع إلى استعراض بصري على الشاشة بالتلاعب بالأضواء والحركات بأنواعها في سبيل استثارة الحالات الروحانية والوصول بالعمل السينمائي إلى ذروة التفاعل معه وبالتالي التفاعل مع الحياة.
والفيلم الذي أخرجه المخرج الراحل هنري بركات عام1961 يطرح اكثر من سؤال بعضها يرتبط بزمان هذا الفيلم والبعض الأخر يرتبط بزماننا نحن إنه فيلم *في بيتنا رجل* دليل على فهم صناع الفيلم لعملهم ونفاذ رؤيتهم حيث تجاوزت حدود زمان إنتاج الفيلم .
اقتبس من رواية الأديب الراحل إحسان عبد القدوس وكتب له السيناريو السيناريست يوسف عيسى وبركات ،أما الموسيقى التصويرية في لفؤاد الظاهري والمونتاج لفتحي قاسم ومن بطولة عمر شريف ، حسن يوسف،رشدي اباضة يعتبر هذا الفيلم من أهم الأفلام التي قدمها الفنان المبدع ميشال شهلوب سابقا عمر الشريف إذ بلغ قمة التقمص وغاص في الشخصية حتى نكاد نحس انه حقا إبراهيم صبري الذي رسمه الروائي إحسان عبد القدوس في روايته واستطاع عمر الشريف بفضل أدائه المتميز نقل الصورة المكتوبة في الرواية (إبراهيم صبري) إلى شخصية ثورية حقيقية لا تخلو من الواقعية والصدق وعمر الشريف هو الفنان العربي الوحيد الذي استطاع أن يجد لنفسه مكان في السينما العالمية لقد قدمه لاول مرة السيد يوسف جاهين عام1953 في فيلم (صراع في الوادي) مع فاتن حمامة ثم شارك في العديد من الأفلام ففي عام 1955 قدم *أيامنا الحلوة** وصراع في المينى * وفي عام 1957 *ارض السلام* *ولا أنام* وفي سنة1958 *سيدة القصر*عام1959 *صراع في النيل *أما عام 1960 قدم * لوعة الحب* و*بداية ونهاية**ونهر الحب* ثم1961 قدم *في بيتنا رجل* حتى عام 1965 قدم *المماليك * وبعدها انتقل إلى السينما العالمية *لورنس العرب*مع(بيتر اوتريل) ثم *الدكتور جيفاجو* مع ديفد ليفي وبعد غياب طويل عن السينما العربية عاد اليها سنة 1982 بفيلم تليفزيوني عرض سينمائيا *أيوب* مع محمود المليجي وفؤاد المهندس و عام 1989 قدم فيلم*الأراجوز* الذي اظهر فيه قدراته العالية في الأداء و التمثيل ثم عام 1991 قدم قضية حساسة للغاية في فيلم ( المواطن مصري) و عام 1993 قدم فيلم (ضحك و لعب جد وحب .(
نعود إلى فيلم في بيتنا رجل هو ليس بمثابة تقديم واقع سياسي لفترة من التاريخ مصر قبل ثورة الأحرار بل يقدم أيضا واقعا اجتماعيا من خلال صورة اجتماعية لعائلة بسيطة بادق تفاصيل حياتها ويتعرض لقيم وعادات وعلاقات الأفراد ببعضهم البعض انه يعرض رصدا وتاريخا مرئيا لزمن مضى وانقضى مفعم بأحاسيس والقيم والتقاليد .
يعتبر المخرج الراحل بركات من أعلام و رواد السينما الرومانسية في السينما العربية و تتجللي هذه المعاني ( الرومانسية ) في أعماله من خلال كل تفصيلة من تفاصيل العمل السينمائي بدأ بحركة الكاميرا وحركة الممثل داخل اللقطة وانتهاء بالإيقاع العام للفيلم الأداء التمثيلي ومرور بالموسيقى والإضاءة والضلال فتتجسد بها ملامح الرؤية الرومانسية للفيلم ولا تختلف هذه الرؤية حتى ولو كان الفيلم اجتماعيا أو وطنيا .
ربما يبدو هذا الفيلم لبعض المشاهدين مجرد حكاية أو قصة شاب مغمور بحب الوطن أراد أن يقدم عمل فدائيا لوطنه المحتل في حدود وعيه ونضجه السياسي فاقدم على اغتيال عميل من عملاء الاستعمار رغم رفضه الداخلي للاغتيال والتقتيل ولكن الفيلم يقدم ما هو ابعد واعمق من ذلك انه يجسد بالصوت والصورة نضرة فكرية لمفاهيم انتماء والتضحية والوفاء وهي مفاهيم لا تتغير في الزمان والمكان بل طرق وأساليب الإفصاح عنها هي التي تتغير .
يتجلى وعي المخرج الفنان صاحب الرؤية حين يعبر عن وجهة نظره من خلال عناصر الصورة السينمائية وتفاصيلها وقد تظهر هذه التفاصيل للكثير من المشاهدين العادين غير مقصودة و دون دلالة و لكن عندما ندركها كمشاهدين واعين ندرك مدى وعي هذا الفنان و ماذا يريد أن يقوله لنا :و على سبيل المثال نلاحظ باب غرفة ليلى في جميع المشاهد أثناء وجود إبراهيم ( عمر الشريف( في البيت نلاحظها مغلقة تماما أو شبه مفتوحة و في مشهد أخر نراه مفتوحا رغم
وجود حمدي في البيت و هذه دلالة على تغير الموقف و انه لم يعد غريب و طرأ هذا الانقلاب قبل مغادرة إبراهيم البيت و بعد أن صرح إبراهيم لليلى بحبه لها فكانة ذلك الباب المغلق هو قلبها ,لقد تمكن المخرج أن يحي لنا الكثير من الأفكار و أبعاد الشخصيات و مكوناتها الداخلية من خلال التوظيف المتقن للإضاءة و الضلال .لكي يلفت انتباه المشاهد ويركز نظراته على عيني إبراهيم حمدي في المشهد الذي يظهر جثة الشهيد في الغرفة عمد المخرج إلى إظهار إبراهيم وهو يقف عند عتبت باب الحجرة فنلاحظ تقاطع الإضاءة على وجه إبراهيم وظله يرتمي داخل الحجرة فبهذه الكيفية أراد أن يقول لنا أن إبراهيم يقف الحد الفاصل بين الحياة المضيئة من خلفه والموت داخل الحجرة المظلمة ثم في زووم في لقطة حتى لقطة كبيرة لعيني إبراهيم حيث يسقط عليهما الضوء لكي نركز على مسقط الضوء لندرك حجم مشاعر الإصرار والتحدي الكامنة في نفس إبراهيم حمدي الثائرة .
أراد المخرج أيضا أن يوضح لنا أن وطنية الأب واضحة وثابتة ووطنية محيي عاتمة مظلمة استعمل الإضاءة والتلاعب بالنور والظل ففي المشهد يبدو محي معتما جالسا في مكان مظلم داخل حجرته ثم يدخل إليه الأب فنلاحظ سقوط الإضاءة على الأب فيتقدم إلى محي فيجلس معه وتطل الإضاءة الأب مضيئة ومحي عاتمة رغم جلوسهما في مكان واحد.
وقي المشهد الذي كان فيه البوليس السياسي يستنطق في إبراهيم حمدي كانت الإضاءة خافتة نوعا ما تعبير عن توتر الجو والغموض كذالك زاوية التقاط المشاهد كانت صاعدةcontre plongé من الأسفل إلى الأعلى حيث نظهر الضبط في أعلى الكادر إيحاءا من المخرج على البطش و السلطوية التي تكتم أنفاس إبراهيم حمدي .
إن لهنري بركات القدرة الكافية لاستغلال تفاصيل الصورة السينمائية لتوصيل المعنى للمشاهد ودليل أيضا على قدرته في توظيف حركة الممثل داخل الصورة السينمائية في حركته تعبيرية محي الكثير من المعاني والإيحاءات وفي نفس الوقت تعبيرا على دراية المخرج بذكاء المشاهد وارتقاء وعيه وكانة يعلم جيدا أن المشاهد سوف يفهم ويدرك معنى هذه الحركة أو تلك.
واثناء الحوار نشاهده يصغي إلى أبيه بكل اهتمام في المشهد الأخير من باب دلالة على اختلاف وجهة نظرهما عندما يخرج إبراهيم مغادر البيت نرى محي يخرج وراء إبراهيم دليل على تغير في موقفه و إماتة بالقضية .
كما وظف المخرج وضعية الممثل في الكادر للإيحاء والتعبير عن عدة أفكار جمالية ذات دلالة إبداعية ففي المشهد الذي سبق مشهد استشهاد إبراهيم ، نجد إبراهيم في أعلى الكادر-shot – و هو يطلق النار على الجندي االانجليزي في اسفل الكادر ونفس الجندي المجروح يطلق النار على إبراهيم وهو في قمة التل دون أن يسقط إلى السفح فهذه
الإلتفاتة دليل على المواطن والمستعمر في اختلاف المواقع و دلالة على اختلاف القيمة ، فذاك المواطن يقتل وهو في القمة وذاك المعتدي يقتل وهو في الأسفل.
إن مشاهده هذا الفيلم في الزمن الحاضر يطرح في الأذهان والعقول تساؤلات ذات أهمية قصوى خاصة أن في هذه الأيام اختلفت فيه الأوضاع واختلطت فيه الأوراق وشوهت فيه الكثير من القيم والمبادئ.
حتى أصبحنا لا نستطيع التفريق بين الانتماء والتخريب و بين الفدائي والإرهابي، إن مقاومة الخيانة والعمالة والفساد انتماء، والتخريب والقتل إرهاب.
وهناك فرق كبير بين ما قام به إبراهيم حمدي وما يقوم به هؤلاء أو اولائك مرة باسم الدين و أخرى باسم الوطنية و ثالثة باسم التاريخ أو الإديولوجية، ان هذا الفرق يشبه الفرق بين الليل والنهار وبين الأسود والأبيض و هو مثل الفرق بين الفدائي والإرهابي بل انه الفرق بين الصواب والخطأ .

المراجع:
- مواقف سينمائية .



#ابراهيم_محمد_عياش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطور من المنظور الأنثروبولوجي
- حكاية السينما 3
- مراحل اكتساب اللغة
- الشائعات
- حكاية السينما 2
- على من نطلق الرصاص
- حكاية السينما
- شيء من الخوف


المزيد.....




- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب
- تردد قناة سبونج بوب على النايل سات …. أجدد الأفلام وأغاني ال ...
- الكشف عن القائمة القصيرة لجائزة -PublisHer-


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - في بيتنا رجل