أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - شيء من الخوف















المزيد.....

شيء من الخوف


ابراهيم محمد عياش

الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 05:30
المحور: الادب والفن
    



الخوف هو واحد من الغرائز العديدة التي خلقها الله في كل إنسان بل حتى في الحيوان ولكنها قد تضمر عند البعض وقد تطغى على البعض حسب ظروف حياتهم إلا أن الخوف شعور سيئ يجعل الإنسان سجين فيشل إرادته و يعيق تفكيره.
والفيلم *شيء من الخوف*طرح هذه القضية و هو ثالث أفلام المخرج المرحوم حسين كمال بعد *المستحيل*عام 1965 ثم *البوستجي* عام 1968 ثم* شيء من الخوف* الذي أنتج عام 1969 عن قصة لثورة أباظة وكتب له السينايرو صبري عزت و الحوار عبد الرحمان الأبنودي والموسيقى التصويرية بليغ حمدي لقد ارتبط هذا المخرج بسينما الإنسان، الباحث عن الحق والعدل والحرية سينما تتجاوز الموضوع إلى أغوار الإنسان الفكرية والوجدانية والنفسية.

أن مضمون هذا الفيلم هو مضمون إنساني عام لأنه مضمون عالمي يرتبط بالإنســـــان في أحاسيسه وتفاعلات مشاعر هذا الكائن, دون تحديد الزمان والمكان، انه يتحدث عن الخوف من أي شيء وربما من كل شيء، هذا الخوف الذي زرعناه في انفسا وقلوبنا يخلـق في داخلنا أشباح ترعبنا و ترتعد منها فرائسنا رغم انهم من صنعنا وهم بشر مثلنا، يخافون مثل ما نخاف بل ربما أكثر.

إن هذا الخوف المعنوي أو النفسي هو الذي خلق حولنا الباطشين والعابثين بحقوقنا، وهو الذي يخلق المستبد والديكتاتور في أي زمان أو في أي مكان، لذلك فحكاية هذا الفيلم ليست قاصرة على زمان محدد أو شخوص بعينهم، فرغم التجسيد والتشخيص فهي حكاية صالحة للحدوث في أي مكان وفي أي زمان.
لقد انتج هذا الفيلم سنة 1969 ومازالت مشاهدته تشعرنا وكأنه يعالج قضية معاصرة نعيشها الآن مع العلم أن البعد الزمني الشاسع ما بين كتابة العمل روائيا ثم معالجته وتنفيذه سينمائيا يعطي للمشاهد إحساس بأن الفيلم يعالج مشكلة نعيشها الآن وقد نعيشها في المستقبل, ما دام شي من الخوف لا يزال يعيش في قلوب بعض الأهالي فنحن في حاجة إلى مشاهدة هذا الفيلم عدة مرات لعلنا نتعظ ونعتبر مثل تلك الفلاحة التي جسدت دورها الممثلة المعتزلة شادية*فؤاده*.
عمد عبد الرحمان الأبنودي إلى استعمال الأغاني في هذا الفيلم لكي تلعب دور الراوي الذي يكمل العمل الدرامي و لا يسرد الأحداث, و هذه الأغاني برقتها ورومانسيتها تطرح وجهة نظر كاتب السيناريو و المخرج في ذات الوقت, استعملت هذه المقطوعات الغنائية وبالتحديد الأمزورات أو الموتيفات كالإطار أو البرواز الذي يغلف الموضوع و الأحداث لتجسيد المعنى والمضمون العام للفيلم و خاصة مقطوعة * عيني على الولد*. أن هذه المقطوعات الغنائية استطاعت إن تغوص في البنية الدرامية للفيلم ودفعت بالعمل السينمائي قدما نحو الأمام في تصاعد مستمر فزادته الكثير من المصداقية. كما دخلت أيضا في تركيبة الشخصيات إذ عبرت عما يدور في خواطرها و ما يجول في أفكار المشاهد الذي يقف مجذوبا إلى ما يدور على الشاشة .
إن هذا الفيلم رغم انه ابيض واسود أي من كلاسيكيات السينما العربية، غير أن الظلال والأضواء و الديكور و الملابس تقوم مقام الألوان في هذا الفيلم فتساعد على تجسيد المعنى المطلوب من اللقطة بصفة خاصة و المشهد بصفة عامة.
فعلى سبيل المثال في مشهد يظهر الطفل *عتريس * من خلال قضبان النافذة يوحي إلينا أن الطفل سجين مقيد كما نلاحظ أيضا أن إضاءته واضحة رمزا للمستقبل والأمل والبراءة بينما إضاءة الجد *عتريس* الذي يمثل الظلم و الماضي إضاءته قاتمة تعبيرا عن سواد قلبه المملوء بالحقد رغم وجوده في مقدمة الكادر أو الشاشة.
و في مشهد آخر لفؤادة مع عتريس قبل أين يتحول إلى شرير نلاحظ رقرقة ماء البركة وانعكاس أشعة الشمس على وجه فؤاده دلالة على نقائها و صفائها و إيحاءا من المخرج لنا بأن هذه الشخصية في صفاء الماء وفي توهج وتوقد الشمس.
و نلاحظ على مدار الفصول التكنيكية للفيلم التي يرمي من خلالها المخرج للتعبير عن شخصية عتريس الحفيد نجد ملابسه بيضاء وباقي افرد العصابة ملابسهم سوداء و بعد مقتل *عتريس الجد* تتحول ملابسه إلي اللون الأسود مثل باقي أفراد العصابة و كأن الملابس تترجم مكنون الشخصية أو كأنها التعبير الخارجي عن أحاسيس الشخصية و أخلاقها الداخلية، فتلاحم هذه المتناقضات البصرية مع الملامح الشخصية لشخوص الممثلين وألوان الملابس وحركة الكاميرا أعطى للفيلم جمالية رائعة أوحت للمشاهد عن مكنون ذاتية الشخصيات في هذا الفيلم ألقت بنا في فضاء الفيلم لنتخذ موقفا منها وبالتالي من موضوع الفيلم، كما أكدت لنا على مقدرة المخرج من استعمال عناصر الصورة السينمائية لإيصال المعنى المقصود من اللقطة أو المشهد.
كما أضفى التوليف (المونتاج) على أحداث الفيلم الكثير من المصداقية والمنطق في فهم مواقف الشخصيات.فاستعمال التوليف المتناقض لإظهار مراحل تنشئة و تربية *فؤاده* و *عتريس* الشخصيتين المحوريتين في الفيلم كان موفقا إلى أقصي درجة وزاد في كثافة المعنى و أوصل مفهوم هام إلى المشاهد فمن ارتوى بأفكار الظلم والجبروت لا يمكن ان يكون إلا باطشا و عابثا بحقوق الناس و لن يفعل الخير أبدا لأن من شب على الشيء شاب عليه، فبلقطات عامة سريعة تارة ومقربة تارة أخرى تجلى فيها ذاك التناقض بين الشخصيتين.
في الوقت الذي كان فيه *عتريس* يتعلم ركوب الخيل كانت *فؤادة* تحفظ القرآن،و لما كان جده يعلمه الرمي بالسلاح (البندقية ) كانت هي تسقي الزرع ولما كان هو يحرق في الزرع كانت *فؤادة *تطفئ النار مع الفلاحين.
فهذا الفيلم بصفة عامة يتناول قضية الخوف كقضية أساسية إلا أن المشهد الذي يحمل هذا المضمون بشكل صارخ هو الفصل الذي تتحدى فيه *فؤادة* *عتريس* يمكن اعتباره نقطة الانقلاب في أحداث الفيلم والوصول إلى ذروة الصراع القائم بين الحق والباطل والتمرد ضد الظلم.
يبدأ هذا المشهد بلقطة بانورامية عامة تبين حالة البؤس التي يعشها السكان بعد أن منع عنهم عتريس ماء السقي: الأهالي جالسين في مجرى البركة ثم تنتقل الكاميرا إلى وجه فؤاده في لقطة ذاتية( سبجكتيف شوت) الوجوه خائفة, الأرض جافة والضرع جاف, النساء حيارى فتتابع هذه اللقطات التحريضية يهيئنا للتفاعل مع اللقطة المتوسطة* لفؤاده* وهي تفتح الهويس ( الحنفية) فيتدفق الماء وتعلو الزغاريد وتعم الفرحة وتروى الأرض فتعود الحياة لكل شيء وخاصة القلوب الخائفة لتتخلص من ذاك الشبح القاتل للإرادة.
فهذا الفيلم أحد علامات السينما العربية لأنه طرح قضية تلقي بظلالها على الإنسان في الماضي, الحاضر والمستقبل وفي كل مكان. أن هذا الفيلم يصنف ضمن الأعمال السينمائية الجادة لأنه استطاع خلق واقع مماثل و موازي للواقع المعاش ولأنه تناول هذه القضية التي تركت في أنفسنا العديد من التساؤلات وبهذا يبقى في الوجدان و الأذهان.
والجدير بالذكر في هذا المقام أن هذا الفيلم الملحمي الطابع الذي أصبح من كلاسيكيات السينما المصرية تعرض إلى عدة متاعب رقابية من قبل البوليس السياسي الذي اسقط بعض أحداث الفيلم على رموز الحكم و على شخص الزعيم ذو القوة المطلقة القاتلة لأرواح الناس.



#ابراهيم_محمد_عياش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - شيء من الخوف