أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - نبيل حاجي نائف - كيف يعامل الدماغ مؤثرات الاختيار والمفاضلة (3)















المزيد.....

كيف يعامل الدماغ مؤثرات الاختيار والمفاضلة (3)


نبيل حاجي نائف

الحوار المتمدن-العدد: 2005 - 2007 / 8 / 12 - 08:51
المحور: الطب , والعلوم
    


فموضوع مفهوم الحرية من أعقد المواضيع وقد بحث على مستويات كثيرة، فلسفية، واجتماعية، وقانونية، وسياسية، ومنطقية، و فزيولوجية عصبية..، وهذا رأى فزيولوجى عصبى يتحدث سلفادور لوريا الحائز على جائزة نوبل فى الفيزياء فى كتابه "الحياة تجربة غير مكتملة" عن عملية الاختيار وحرية الاختيار وعلاقتهما بالوعى وعمل الدماغ فيقول كلاماً هاماً: "لدى الإنسان يسمح الوعى بإمكانية الاختيار، فى أغلب تصرفاته. فالإنسان دائماً فى وضع يختار فيه. وهو فى الواقع مجبر على الاختيار، لأن لديه معرفة بالبدائل- الامكانات والاحتمالات-. هل يعنى ذلك أن التصرف الواعى تصرف حر، أو بالأحرى، هل وعى الاختيار يتضمن حرية الاختيار بين الامكانات. أم حرية الاختيار وهم، لكون الأفعال الفردية معينة بطريقة صارمة بالتجارب الماضية وبالبنية البيولوجية للجملة العصبية "الموروثة". لا شيء فى البيولوجيا يبيح أن يجاب على هذا السؤال الفلسفى الجوهري. لكن لا شيء يحول دون التفكير بأن حرية الاختيار موجودة، لأننا نستطيع أن نوجه أفعالنا عندما تسنح، فى ظروف معينة، عدة احتمالات يكون المقصود القيام بعملية اختيار بينها، بتنفيذ مجموعة أفعال معينة من خلال لعبة إثارة للخلايا العصبية الملائمة.
ما هو دور الدماغ فى عملية الاختيار؟ وكيف يتم الاختيار؟
هل يتم بناءً على قواعد سجلت فى الدماغ بالوراثة وبالتجربة، وتجبر حرية الاختيار على إتباع طرق معينة مسبقاً بالرغم من وجود وهم الحرية؟ أم الأمر غير ذلك. لا يوجد تناقض بين الادعاء بوجود حرية اختيار بين ملكية إجراء اختيارات متعمدة، وبين دوافع متناوبة، ومجموعة توصيلات محددة بيولوجياً فى الفكر، والتوكيد بأن القيم الواصلة بين الاختيارات هى محددة بالخصائص البيولوجية للشبكة الدماغية. إن كل أوجه نشاطات الإنسان الواعية تبرز ثنائية للعقل لا مفر منها، أداة خلقها التطور البيولوجى وتحسنت فى كل فرد من خلال التعلم والتجربة والعلاقات الاجتماعية.
إن التعامل مع الخيارات الواعية بواسطة التنبيه والتثبيط يتم بشكل أساسى فى التشكيل الشبكي، بالإضافة إلى باقى بنيات الدماغ. والتشكيل الشبكى مركب فى معظمه من عصبونات متراكبة فوق بعضها ذات محاور وتغصنات شديدة القصر.
وبفضل هذه الهندسة يكون التشكيل الشبكى حسن التلاؤم مع التغير التدريجى المتقدم، لمستواه من النشاط عن طريق التعديلات البطيئة والمتدرجة للكمون الكهربائى للتغصنات "تغصنات المحاوير" ويجعل هذا التراكب الشديد للألياف العصبية، هذه البنية قادرة على تكميل إثارة تنبيه مصادر متعددة. فالتشكيل الشبكى يتلقى السيالات الصادرة عن الطرق الحسية "واردات الحواس" فى اللحظة التى تصعد فيها نحو القشرة. وعندما تعبر العصبونات الحسية الجزع الدماغى فإنها تتعشق على التشكيل الشبكى وتمده هكذا بمحاوير إضافية. والنتيجة تكون أنه فى كل مرة تصعد فيها رسالة حسية، دغدغة أم رنينا..... فى السبل العصبية حتى باحتها المتلقية الحسية فى القشرة، فإنها تنبه فى نفس الوقت التشكيل الشبكى الذى ينقل عندها حالته الخاصة من التنشيط أو التثبيط إلى القشرة، وعلى عكس السبل الحسية التى تتجه نحو باحات التلقى الحسية "فى القشرة"، فإن التشكل الحسى يسقط بشكل مختلف على مناطق متسعة من القشرة. فهذه الميزة المتنوعة لتساقطاته هى التى تسمح للجهاز الشبكى المنشط إن يعمل بشكل غير نوعي، أى أن إشاراته العصبية الصادرة مهما كان مصدرها تصيب ليس فقط باحة من التلقى النوعي، ولكنها يمكن بواسطة تأثير الجهاز الشبكى المنشط أن تنشط كل الباحات الأخرى من القشرة "وهناك اتصالات راجعة بين القشرة والتكوين الشبكى وهى التى تنشئ التفكير والجدل الفكري، ولها دور كبير فى الأحلام".
بناءً على ما ذكر يظهر أن الإشراط الواعى أو التعلم الواعى يقوم به بشكل أساسى التشكيل الشبكى وتساعده فى ذلك القشرة "اللحاء" فى التفاصيل وباقى بنيات الدماغ، وإن التشكيل الشبكى المنشط يسيطر ليس فقط على دخول المؤثرات، بل كذلك على الإرتكاس ضد "أو على" هذه المؤثرات. وبالواقع إن التشكيل الشبكى المنشط يتحكم بالإشارات المحركة الصادرة متعددة الأنواع، بما فيها وابل التحريضات التى تصون "الحظربة العضلية"، وكذلك، إن أجزاء القشرة المنذرة بواسطة التشكيل الشبكى يمكنها أن تمارس بدورها فى الاتجاه المعاكس نفوذاً على التشكيل الشبكي. فالقشرة قادرة جزئياً على تنظيم درجة نشاطها الخاص."
ويقول تشارلز فيرست فى كتابه "الدماغ والفكر": "لقد اعتبر اكتشاف التشكيل الشبكى بمثابة خطوة عظيمة فى سبيل تفهم الأسس المادية للوعى والإرادة. فوجود مثل هذا الجهاز الدماغى يبرهن بوضوح على أن الوعى "الخاص بحالة اليقظة أو أثناء الحلم" لا ينشأ عن حالة فزيولوجية وحيدة بل يتصف فزيولوجياً على الأقل بمجموعة اتصالية من الشدة المتدرجة. فالنشاط الدماغى الذى يديره الجهاز الشبكى يمكن أن يتغير تدريجياً متنقلاً من التنبيه الناشئ عن الخطر أو الاكتشاف إلى الذهول التعب، وبعض علماء الأعصاب ذهلوا بشمولية وظيفة التشكيل الشبكى فى عملية تنشيط القشرة وتنسيق الأجهزة العضلية. فكأنه برج مراقبة لا يقتصر فى عمله على تنظيم اليقظة، بل يبدو إن تأثيره أكثر حذاقة، فهو يتحكم بسياق الانتباه والتفكير والتذكر."
ومن كتاب "الفيزيولوجيا العامة: وظائف الاتصال": "يعتبر التشكيل الشبكى من أقدم الأنسجة العصبية المؤلفة للمحور الدماغى الشوكي، ويتألف من شبكة عصبونية قصيرة المحاور تملأ الفراغات الكائنة بين الحزم الصاعدة والنازلة من جهة وبين أشفاع نوى الأعصاب القحفية الإثنى عشر من جهة أخرى، وتمتاز العصبونات المكوٌنة لهذه البنية بامتداداتها الطولانية "الأمامية - الخلفية" والأفقية على حد سواء والتى تحصر بين عيون شبكتها كتلاً من مادة سنجابية تعرف باسم النوى الشبكية، ويمتد التشكيل الشبكى بين النخاع الشوكى الرقبى فى الأسفل وبين الدماغ المهادى فى الأعلى بحيث يمتد على كل ساحة جذع الدماغ. ولا يكون توزع العصبونات متجانساً فى جميع أرجاء هذه الساحة فنجد بؤراً "نوى" تختلف فى مقدار اتساعها وفى الوظائف التى تؤديها وتصل إلى كل منها سيالات عصبية تؤهلها للقيام بهذا الدور. وهكذا يستقبل بعضها سيالات عصبية متعددة المصادر تحقيقاً للوظيفة المنوط بها بينما يقتصر بعضها الآخر على استلام منبهات نوعية فقط. وتمتلك كل بؤرة "مكمن" أو نواة شبكة خاصة متعددة المشابك ترتبط مع غيرها من البؤر والبنى بمسالك ترابطية تطول أو تقصر، تسير أفقياً أو طولانياً كما يمكن لبعضها أن يشكل مسالك شبكية محددة.
وتتمتع هذه البنية بقدرة هائلة على متكاملة المعلومات المتعددة المصادر الواردة إليها وإجراء تركيب اجمالى جديد لها يمكٌنها من تحقيق استجابة كيفية وكمية محددة تصلح لأن تكوٌن الرد المناسب والنوعى على مجموع الرسائل الواردة إليها".
إن عمل التشكيل الشبكى - كما نلاحظ- هو التعامل مع الخيارات والتحكم بها، والقيام بالاختيار حسب أوضاعه وأوضاع البنيات المتفاعل معها. وكذلك يحدث الجدل بين التشكيل الشبكى واللحاء والدماغ القديم المتضمن النتوء اللوزى وقرن آمون وتنتج التأثيرات المتبادلة بين الاستجابات أو الكف، أو بين الاختيار والتقرير أو عدمه، وذلك نتيجة التأثير المتبادل بين هذه البنيات. وهذه الدارات من التغذية العكسية أو التأثير المتبادل هى التى تكون وتظهر الإرادة.



#نبيل_حاجي_نائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألم مشكلة الإنسان الأولى (2)
- الألم مشكلة الإنسان الأولى (1)
- لمحة عن بنية الجهازالعصبي
- قوة الأفكار . كيف يؤثرفينا المستقبل (3)
- قوة الأفكار . كيف يؤثرفينا المستقبل (4)
- قوة الأفكار . كيف يؤثرفينا المستقبل (2)
- قوة الأفكار . كيف يؤثر في المستقبل (1)
- الكذب . لماذا يكذب الإنسان (2)
- الكذب . لماذا يكذب الإنسان (1)
- ملاحظات على آليات عمل دماغنا
- بحث في السببية (3)
- بحث في السببية (2 )
- بحث في السببية (1 )
- تشريح المشاعر
- التنويم المغناطيسي ليس مجرد دجل
- الدماغ .. كيف يفكر
- الأستاذ الجامعي العربي في قفص الاتهام
- النمو وخصائصه
- الدوافع والغايات أولاً
- أسس العنصرية


المزيد.....




- دراسة: زيت الزيتون يقلل من خطر الوفاة بسبب الخرف
- غمرته المياه.. فيديو صادم يظهر غرق مطار بجنوب البرازيل جراء ...
- -لماذا نأتي إلى غزة؟-.. الطبيب العماني الشموسي الذي رفض الخر ...
- ثبتها حالًا.. تردد قناة الفجر El Fadjr على الأقمار الصناعية ...
- الاميرات الصغار.. تردد قناة تنة ورنة Tana W Rana‎ 2024 على ج ...
- -لماذا نأتي إلى غزة؟-.. الطبيب العماني الشموسي الذي رفض الخر ...
- الصحة العالمية: الوقود في مستشفيات جنوب قطاع غزة يكفي لثلاثة ...
- مدير الصحة العالمية: كمية الوقود في مستشفيات جنوب غزة تكفي 3 ...
- -نزييف عميق وانتشر على الانترنت-.. بيسكوف يعلق على تداول تسج ...
- أسترازينيكا تسحب لقاحها المضاد لفيروس كورونا من جميع أنحاء ا ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - نبيل حاجي نائف - كيف يعامل الدماغ مؤثرات الاختيار والمفاضلة (3)